صفحة 1 من 1

دولةاسبانيا

مرسل: الاثنين إبريل 29, 2013 10:53 am
بواسطة محمد سعيد 333
إسبانيا (بالإسبانية: España)، رسميا مملكة إسبانيا (بالإسبانية: Reino de España) هي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تقع في جنوب غرب أوروبا في شبه الجزيرة الأيبيرية. [9] يحد برها الرئيسي من الجنوب والشرق البحر الأبيض المتوسط باستثناء الحدود البرية الصغيرة مع إقليم ما وراء البحار البريطاني جبل طارق. يحدها من الشمال فرنسا وأندورا وخليج بسكاي، وإلى الشمال الغربي والغرب المحيط الأطلسي والبرتغال.
تضم الأراضي الإسبانية أيضاً جزر البليار في البحر الأبيض المتوسط وجزر الكناري في المحيط الأطلسي قبالة الساحل الأفريقي واثنتين من مدن الحكم الذاتي في شمال أفريقيا هما سبتة ومليلية. علاوة على ذلك، تقع بلدية ييفيا الإسبانية كمكتنف داخل الأراضي الفرنسية. تبلغ مساحتها 504.030 كم² وبذلك تكون ثاني أكبر بلد من حيث المساحة في أوروبا الغربية والاتحاد الأوروبي بعد فرنسا.
خضعت إسبانيا بسبب موقعها لمؤثرات خارجية كثيرة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى بزوغها كدولة. خرجت إسبانيا كبلد موحد في القرن الخامس عشر وذلك بعد توحيد الممالك الكاثوليكية والسيطرة على كامل شبه الجزيرة الأيبيرية في 1492. من ناحية أخرى، كانت إسبانيا مصدر نفوذ هام في مناطق أخرى خلال العصور الحديثة، عندما أصبحت إمبراطورية عالمية خلفت إرثاً يضم أكثر من 500 مليون ناطق بالإسبانية، مما يجعلها ثاني اللغات الأم استخداماً.
تعتبر إسبانيا دولة ديمقراطية ذات حكومة برلمانية في ظل نظام ملكي دستوري. وتعد إسبانيا من البلدان المتقدمة حيث أن اقتصادها تاسع أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، كما أن مستويات المعيشة مرتفعة جداً وتقع (في المرتبة العشرين على مؤشر التنمية البشرية)، وأيضاً في المرتبة العاشرة من حيث مشعر جودة الحياة في العالم في عام 2005. إسبانيا عضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية.

أصل التسمية

لا يزال أصل تسمية إسبانيا بهذا الاسم محط جدل، فقد يكون الاسم الروماني القديم لأيبيريا، هسبانيا، نابعاً من الاستخدام الشعري لكلمة هيسبيريا والتي تشير إلى إسبانيا، والتي بدورها تعكس التصور اليوناني لإيطاليا بأنها "الأرض الغربية" أو "أرض غروب الشمس" (هيسبيريا) وبالتالي تكون إسبانيا هسبيريا ألتيما (أرض الغروب القاصية) كونها إلى الغرب من إيطاليا.[10]
وقد تكون التسمية أيضاً اشتقاقاً من إسبانية البونيقية والتي تعني "أرض الأرانب" أو "الحافة"، في إشارة إلى موقع إسبانيا على الطرف الغربي للبحر الأبيض المتوسط؛ تظهر النقود الرومانية في المنطقة من عهد هادريان شخصية أنثى وأرنب عند قدميها.[11] هناك أيضاً مزاعم بأن كلمة إسبانيا مشتقة من الكلمة الباسكية إزبانا ومعناها "الحافة" أو "الحدود"، وهي إشارة أخرى إلى حقيقة أن شبه جزيرة أيبيريا تشكل الجنوب الغربي من القارة الأوروبية.[10]
بينما يقترح الإنساني أنطونيو دي نبريخا أن كلمة هسبانيا تطورت من كلمة هيسباليس الأيبيرية، ومعناها "مدينة العالم الغربي". وفقاً لبحث جديد قام به خيسوس لويس كونكيلوس ونشر في عام 2000 باسم غراماتيكا فينيسيا اليمينتال (القواعد الأساسية الفينيقية)، يعود جذر المصطلح -سبان إلى -سبي وهو ما يعني "صهر المعادن". ولذلك i-spn-ya تعني "الأرض التي يجري صهر المعادن فيها".[12]
[عدل]التاريخ

مقال تفصيلي :تاريخ إسبانيا
[عدل]ما قبل التاريخ والشعوب ما قبل الرومان


لوحات كهف ألتميرا، [13] في كنتابريا.
تشير البحوث الأثرية في أتابويركا إلى أن شبه الجزيرة الأيبيرية كانت مأهولة بأسلاف البشر منذ 1.2 مليون عاماً.[14] وصل البشر الحديثون شبه الجزيرة لأول مرة من الشمال سيراً على الأقدام منذ 32.000 سنة مضت.[15] أفضل القطع الأثرية المعروفة من هذه المستوطنات البشرية ما قبل التاريخ هي اللوحات الشهيرة في كهف ألتميرا في كنتابريا في شمال أيبيريا والتي تم إنشاؤها حوالي 15.000 ق.م من قبل كرو-ماغنونس.[13] توحي الأدلة الأثرية والجينية بقوة أن شبه الجزيرة الأيبيرية كانت واحدة من الملاجئ الكبرى التي ساهمت في إعادة استيطان شمال أوروبا بعد نهاية العصر الجليدي الأخير. سكن الجزيرة شعبان رئيسيان تاريخياً هما الأيبيريون والسلتيون، حيث استوطن الشعب الأول جانب البحر الأبيض المتوسط من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، بينما سكن السلتيون جانب الأطلسي في الشمال والجزء الشمالي الغربي من شبه الجزيرة. في الجزء الداخلي من شبه الجزيرة، حيث كان كلا الفريقين على اتصال، نشأت ثقافة مختلطة مميزة تعرف باسم سلتأيبيرية. [16] استوطن الباسك المنطقة الغربية لسلسلة جبال البيرينيه والمناطق المتاخمة. ظهرت جماعات عرقية أخرى على طول المناطق الساحلية لجنوب شبه الجزيرة. برزت في جنوب شبه الجزيرة المدينة شبه الأسطورية تارتيسوس (تقريباً 1100 قبل الميلاد)، والتي عرفت بتجارة سلع مصنوعة من الذهب والفضة مع الفينيقيين واليونانيين والتي وثقها كل من سترابون وسفر نشيد الأنشاد. بين حوالي 500-300 قبل الميلاد أسس الفينيقيون والإغريق البحارة مستعمرات تجارية على طول سواحل البحر المتوسط. سيطر القرطاجيون لفترة وجيزة على جزء كبير من الساحل المتوسطي لشبه الجزيرة، حتى هزمهم الرومان في الحروب البونيقية.[17]
[عدل]الإمبراطورية الرومانية ومملكة القوط
مقالات تفصيلية :هسبانيا و مملكة القوط


المدرج الروماني في مديرا في بطليوس.
خلال الحرب البونيقية الثانية، نجحت الإمبراطورية الرومانية في السيطرة على المستوطنات القرطاجية التجارية على طول ساحل البحر المتوسط ما بين 210-205 قبل الميلاد تقريباً. استغرق الرومان قرنين لاستكمال الاستيلاء على شبه الجزيرة الأيبيرية، على الرغم من أنهم سيطروا على أغلبها لأكثر من ستة قرون. جلب الحكم الروماني للمنطقة القانون واللغة والطرق.[18]


كنيسة المخلص المقدس في أستورياس.
بدأت الثقافتان السلتية والأيبيرية بالتأثر بالحضارة الرومانية بدرجات مختلفة في مختلف أجزاء هيسبانيا. كما دخل الزعماء المحليون في الطبقة الأرستقراطية الرومانية. [19][17] خدمت هيسبانيا بمثابة مخزن الحبوب في السوق الرومانية، بينما صدرت موانئها الذهب والصوف وزيت الزيتون والنبيذ. تطور الإنتاج الزراعي مع تقديم مشاريع الري والتي لا يزال بعضها قيد الاستخدام. ولد الأباطرة تراجان وثيودوسيوس الأول والفيلسوف سنكا في هسبانيا. [20] ظهرت المسيحية في هيسبانيا في القرن الميلادي الأول وأصبحت ذات شعبية في المدن في القرن الثاني الميلادي.[17] تعود معظم لغات إسبانيا الحالية والدين وأساس القوانين إلى هذه الفترة.[18] بدأ الضعف يدب في حكم الامبراطورية الرومانية الغربية في هسبانيا في 409م، عندما عبر السويبيون والفاندال الجرمان والألان السرماتيون نهر الراين ونهبوا بلاد الغال، حتى بدأ نفوذ القوط الغربيين بدفعهم نحو أيبيريا في نفس العام. أنشأ السويبيون مملكة في ما هو اليوم غاليسيا الحديثة وشمال البرتغال. مع تفكك الإمبراطورية الغربية، أصبحت القاعدة الاجتماعية والاقتصادية مبسطة بشكل كبير ولكن حتى في صيغتها المعدلة، حافظت الأنظمة التي خلفت الرومان على العديد من المؤسسات والقوانين التي ورثتها منهم بما فيها المسيحية. أنشأ فاندال هاسدينغي حلفاء الألان مملكة في غالايسيا أيضاً، والتي ضمت المنطقة ذاتها ولكنها تمتد جنوباً إلى نهر دويرو. بينما احتل فاندال سيلينغي المنطقة التي لا تزال تسمى نوعاً ما باسمهم فاندالوسيا وهي أندلوسيا الحديثة في إسبانيا. بينما أنشأ البيزنطيون مكتنف إسبانيًا في الجنوب بقصد إحياء الإمبراطورية الرومانية في جميع أنحاء أيبيريا. في نهاية المطاف وحدت هسبانيا تحت حكم القوط الغربيين.
[عدل]أيبيريا الإسلامية
مقال تفصيلي :الأندلس


قصر الحمراء في غرناطة.
سقط أغلب شبه الجزيرة في القرن الثامن (711-718) بيد جيوش المسلمين القادمة من شمال أفريقيا. كانت هذه الفتوحات جزءاً من توسع الخلافة الإسلامية الأموية. تمكنت فقط منطقة صغيرة جبلية في الشمال الغربي من شبه جزيرة من مقاومة الغزو الأولي. بموجب الشريعة الإسلامية، جرت معاملة المسيحيين واليهود معاملة أهل الذمة. حيث يسمح هذا الوضع للمسيحيين واليهود بممارسة دياناتهم كأهل الكتاب وكان عليهم دفع الجزية.[21][22] تطور اعتناق الإسلام بوتيرة متزايدة باستمرار. يعتقد بأن المولدون (المسلمون من أصول عرقية أيبيرية) قد شكلوا غالبية سكان الأندلس في نهاية القرن العاشر.[23][24]


جيرالدا برج الأجراس في كاتدرائية إشبيلية.
كان المجتمع الإسلامي ذاته في شبه الجزيرة الأيبيرية متنوعاً وعانى من بعض التوترات الاجتماعية. اصطدم الأمازيغ من شمال أفريقيا والذين شكلوا الجزء الأكبر من الجيوش الغازية بالقيادات العربية القادمة من عاصمة الخلافة. [25] مع مرور الوقت ترسخت المجتمعات المغاربية في أيبيريا ولا سيما في وادي نهر الوادي الكبير والسهل الساحلي لفالنسيا ووادي نهر أبرة وفي المنطقة الجبلية من غرناطة بعد سقوط الإمارات الأخرى.[24] كانت قرطبة عاصمة الخلافة والأكبر والأغنى والأكثر تطوراً في أوروبا الغربية. ازدهرت التجارة المتوسطية والتبادل الثقافي. جلب المسلمون التقاليد الفكرية العريقة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بينما لعب العلماء المسلمون واليهود دوراً هاماً في إحياء وتوسيع تعلم اليونانية الكلاسيكية في أوروبا الغربية. تفاعلت الثقافة اللاتينية لشبه الجزيرة مع الثقافة الإسلامية بطرق معقدة، مما منح المنطقة ثقافة مميزة.[24] خارج المدن، حيث عاش أغلب السكان، ظل نظام ملكية الأرض كما هو منذ العصر الروماني دون تغيير حيث أن القادة المسلمين نادراً ما استبدلوا ملاك الأراضي. أدخلت محاصيل وتقنيات زراعية جديدة أدت إلى تطور الزراعة في المنطقة. في القرن الحادي عشر، دخل الحكم الإسلامي حقبة ملوك الطوائف المتناحرة مما سمح للدول المسيحية الصغيرة بالتوسع.[24] استعاد المرابطون ومن بعدهم الموحدون وحدة الأراضي الإسلامية، مع تطبيق أكثر صرامة للإسلام، تزامن ذلك مع نهضة في ثروات المسلمين. شهدت هذه الفترة عودة سلطة الدولة الإسلامية والتي شهدت أكثر من قرن من النجاحات وعكست المكاسب الجزئية التي حققتها الممالك المسيحية.
[عدل]سقوط الأندلس وتوحيد البلاد
مقال تفصيلي :سقوط الأندلس


قلعة لوبار في أويسكا


أسوار مدينة آبلة.


الملكان الكاثوليكيان إيزابيلا الأولى وفرناندو الثاني.
فترة الاسترداد أو سقوط الأندلس هي حقبة دامت عدة قرون من توسع الممالك المسيحية في أيبيريا. تعتبر معركة كوفادونجا بداية هذا العهد في عام 722 وتزامنت مع فترة الحكم الإسلامي لشبه الجزيرة الأيبيرية. أدى انتصار الجيوش المسيحية على المسلمين في تلك المعركة لتشكيل مملكة أستورياس على طول الجبال الساحلية شمال غرب البلاد. انتقلت جيوش المسلمين إلى الشمال من جبال البرانس، ولكنهم هزموا على يد قوات الفرنجة في معركة بلاط الشهداء. بعد ذلك، تراجعت جيوش المسلمين إلى مواقع أكثر أمناً جنوب جبال البرانس حيث اتخذت من واديي نهري أبرة ودويرو حدوداً. سيطرت القوات المسيحية على غاليسيا في 739م والتي استضافت أحد أقدس المواقع في أوروبا في العصور الوسطى، سانتياغو دي كومبوستيلا. بعد ذلك بفترة وجيزة، أنشئت قوات الفرنجة مقاطعات مسيحية على الجانب الجنوبي من جبال البرانس، نمت هذه المقاطعات لتصبح ممالك. شملت هذه الأراضي نافار وأراغون وكاتالونيا.[26] ساعد دخول الأندلس في فترة ملوك الطوائف المتنافسة الممالك المسيحية. مثل الاستيلاء على مدينة طليطلة الاستراتيجية في 1085 تحولاً كبيراً في ميزان القوى لصالح الممالك المسيحية في أيبيريا. بعد العودة القوية للحكم الإسلامي في القرن الثاني عشر، سقطت المعاقل الإسلامية الرئيسية في الجنوب بيد الممالك المسيحية في القرن الثالث عشر - قرطبة 1236 وإشبيلية 1248 - ولم يتبقى سوى إمارة مسلمة في غرناطة في الجنوب.[27] في القرنين الثالث عشر والرابع عشر قامت الدولة المرينية التي كان مقرها شمال أفريقيا بغزو شبه الجزيرة وأنشأت بعض الجيوب على الساحل الجنوبي لكنها فشلت في إعادة تأسيس الحكم الإسلامي في أيبيريا ولم تستمر لفترة طويلة. شهد القرن الثالث عشر أيضاً توسع تاج أراغون المتمركز في شمال شرق إسبانيا إلى جزر البحر الأبيض المتوسط إلى صقلية وصولاً إلى أثينا.[28] في هذه الفترة تقريباً تأسست جامعات بلنسية (1212/1263) وسالامانكا (1218/1254). دمر الموت الأسود البلاد بين عامي 1348 و 1349.[29]


قلعة قصر شقوبية.
توحد تاجا مملكتي قشتالة وأراغون في عام 1469 بزواج إيزابيلا الأولى ملكة قشتالة بملك أراغون فرديناند الثاني. شهد عام 1478 السيطرة التامة على جزر الكناري وفي عام 1492 قامت القوات المشتركة من قشتالة وأراغون بالاستيلاء على إمارة غرناطة، وإنهاء 781 عاماً من الحكم الإسلامي في أيبيريا. ضمنت معاهدة غرناطة التسامح الديني تجاه المسلمين.[30] شهد عام 1492 أيضاً وصول كريستوفر كولومبس إلى العالم الجديد في الرحلة التي مولتها إيزابيلا. كانت تلك السنة نفسها التي أمر فيها اليهود في إسبانيا بالتحول إلى الكاثوليكية أو مواجهة الطرد من الأراضي الإسبانية خلال فترة محاكم التفتيش.[31] بعد سنوات قليلة وفي أعقاب الاضطرابات الاجتماعية واجه المسلمون الطرد أيضاً في ظل الظروف ذاتها. [32][33] قام فرديناند وإيزابيلا بمركزة السلطة الحاكمة على حساب النبلاء المحليين، وأصبحت كلمة إسبانيا تستخدم للدلالة على كامل المملكتين.[33] بعد التعديلات الواسعة التي قاما بها من النواحي السياسية والقانونية والدينية والعسكرية، برزت إسبانيا باعتبارها القوة العالمية الأولى.
[عدل]الإمبراطورية الإسبانية
مقال تفصيلي :الإمبراطورية الإسبانية


نفوذ الإمبراطورية الإسبانية التاريخي.
وضع توحيد عرشي أراغون وقشتالة أساس إسبانيا الحديثة والإمبراطورية الإسبانية.[34] أصبحت إسبانيا القوة الرائدة في أوروبا خلال القرن السادس عشر وأغلب القرن السابع عشر وهو موقف عززته التجارة والثروة القادمة من المستعمرات. وصلت الإمبراطورية ذروتها خلال عهدي أول ملكين من آل هابسبورغ - كارلوس الأول (1516-1556) وفيليب الثاني (1556-1598). شهدت هذه الفترة الحروب الإيطالية وتمرد العوام والثورة الهولندية وتمرد الموريسكيين واشتباكات مع العثمانيين والحرب بين إنجلترا واسبانيا والحروب مع فرنسا.[35] توسعت الإمبراطورية الإسبانية لتشمل أجزاء كبيرة من الأمريكتين وجزراً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ومناطق في إيطاليا ومدناً في شمال أفريقيا، وكذلك أجزاء مما هي الآن فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا. كانت أول إمبراطورية قيل أن الشمس لا تغيب عنها. كانت تلك الفترة عصر الاستكشاف، حيث كانت الاستكشافات جريئة بحراً وبراً وجرى الانفتاح على طرق جديدة للتجارة عبر المحيطات، مما أطلق الفتوحات وبدايات الاستعمار الأوروبي. مع وصول المعادن الثمينة والتوابل والكماليات والمحاصيل الزراعية الجديدة، جلب المستكشفون الإسبان العائدون المعرفة من العالم الجديد، ولعبوا دوراً رئيسياً في تحويل الفهم الأوروبي للعالم.[36] يشار حالياً إلى الازدهار الثقافية حينها بالعصر الذهبي الإسباني. أثار صعود النزعة الإنسانية والإصلاح البروتستانتي والاكتشافات الجغرافية الجديدة قضايا تناولتها الحركة الفكرية المؤثرة والتي تعرف الآن باسم مدرسة سالامانكا.


سفينة إسبانية
في أواخر القرن السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر، واجهت إسبانيا تحديات جمة من كل الجهات. الجهاد البحري برعاية الإمبراطورية العثمانية سريعة النمو عطل الحياة في العديد من المناطق الساحلية من خلال غارات الرقيق وتجدد التهديد بالتوسع الإسلامي.[37] أتى هذا في وقت كانت فيه إسبانيا في حالة حرب مع فرنسا في أغلب الأحيان. كما جر الاصلاح البروتستانتي المملكة الكاثوليكية إلى مستنقع الحروب الدينية. وكانت النتيجة توسيع البلاد لجهودها العسكرية أكثر من أي وقت مضى في جميع أنحاء أوروبا والبحر الأبيض المتوسط.[38] مع حلول منتصف القرن السابع عشر الذي ملأته الحروب والطاعون، كان آل هابسبورغ الإسبان قد أشركوا البلاد في الصراعات الدينية والسياسية على مستوى القارة. استنزفت هذه الصراعات موارد البلاد وقوضت الاقتصاد الأوروبي عموماً. تمكنت إسبانيا من التمسك بمعظم إمبراطورية هابسبورغ المتناثرة ومساعدة قوات الإمبراطورية الرومانية المقدسة في عكس جزء كبير من التقدم الذي أحرزته قوات الممالك البروتستانتية، لكنها اضطرت في النهاية إلى الاعتراف بانفصال البرتغال (اللتان اتحدتا باتحاد شخصي بين عامي 1580 و 1640) وهولندا، وفي النهاية عانت من بعض الانتكاسات العسكرية الخطيرة أمام فرنسا في المراحل الأخيرة من حرب الثلاثين عاما التي شملت كامل أوروبا.[39]


الإسكوريال، بني قرب مدريد في عهد فيليب الثاني.
في النصف الأخير من القرن السابع عشر دخلت إسبانيا في تراجع تدريجي نسبي. حيث سلمت خلالها عدداً من الأقاليم الصغيرة إلى فرنسا. مع ذلك حافظت على إمبراطوريتها الشاسعة عبر البحار والتي بقيت سليمة حتى بداية القرن التاسع عشر. بلغ التدهور حدته مع الجدل حول خلافة العرش الذي استهلك السنوات الأولى من القرن الثامن عشر. كانت حرب الخلافة الإسبانية صراعاً دولياً واسع النطاق زاد من حدته الحرب الأهلية. كلف ذلك المملكة ممتلكاتها الأوروبية ومكانتها كإحدى القوى الكبرى في القارة.[40] خلال هذه الحرب، برزت سلالة جديدة نشأت في فرنسا هم آل بوربون. قام الملك البوربوني الجديد فيليب الخامس بتوحيد مملكتي قشتالة وأراغون في دولة واحدة بعد أن كان الاتحاد فقط في شخص الملك. بهذا ألغى العديد من الامتيازات الإقليمية والقوانين القديمة.[41] شهد القرن الثامن عشر انتعاشاً تدريجياً وازدهاراً في أغلب الإمبراطورية. جلبت سلالة البوربون الملكية الجديدة النظام الفرنسي لتحديث الإدارة والاقتصاد. بدأت أفكار التنوير في الحصول على قاعدة لها بين بعض النخبة الملكية والنظام الملكي. كما أدت المساعدات العسكرية للمستعمرات البريطانية المتمردة في حرب الاستقلال الأمريكية إلى تحسين موقف المملكة على المستوى الدولي.[42]
[عدل]الحكم النابليوني وما تلاه


ثورة الثاني من مايو 1808
في عام 1793، ذهبت إسبانيا لحرب الجمهورية الفرنسية الجديدة التي كانت قد أطاحت بملكها البوربوني لويس السادس عشر وأعدمته. أدت الحرب إلى استقطاب داخل البلاد في رد فعل واضح ضد النخب المفرنسة. بعد أن هزمت إسبانيا في الميدان وقعت السلام مع فرنسا في 1795 وأصبحت في الواقع دولة عميلة لها؛ في 1807، جرى الاتفاق على معاهدة فونتينبلو السرية بين نابليون وغودوي والتي لم تحظى بأي شعبية وأدت إلى إعلان الحرب ضد بريطانيا والبرتغال. دخلت القوات الفرنسية مملكة إسبانيا دون مقاومة بغرض غزو البرتغال، ولكنها احتلت القلاع الإسبانية بدلاً من ذلك. أدى هذا الغزو الخادع لتنازل الملك الإسباني لصالح شقيق نابليون جوزيف بونابرت. اعتبر هذا الملك الأجنبي على نطاق واسع دمية خارجية وعومل باحتقار. في 2 مايو 1808 اندلعت ثورة كانت واحدة من بين العديد من الثورات القومية ضد الحكم البونابرتي.[43] كانت هذه الثورات بداية ما يعرفه الإسبان بحرب الاستقلال، بينما دعاها البريطانيون حرب شبه الجزيرة.[44] اضطر نابليون إلى التدخل شخصياً وهزم عدة جيوش إسبانية سيئة التنسيق مما اضطر الجيش البريطاني إلى التراجع. مع ذلك، تضافرت عدة عوامل أدت في النهاية إلى طرد جيوش الإمبراطورية الفرنسية من إسبانيا عام 1814 وعودة الملك فرناندو السابع. كانت هذه العوامل النشاط العسكري المتزايد للجيوش والمتمردين الإسبان والدعم الذي تلقته من القوات البرتغالية والبريطانية بقيادة ويلينغتون يضاف إلى ذلك غزو نابليون الكارثي لروسيا.[45] دمر الغزو الفرنسي اقتصاد المملكة وترك إسبانيا بلداً منقسماً بشدة وعرضة لعدم الاستقرار السياسي. أدى الصراع على السلطة في بدايات القرن التاسع عشر إلى فقدان إسبانيا لكامل مستعمراتها في الأمريكتين (التي امتدت من لاس كليفورنياس إلى باتاغونيا) باستثناء كوبا وبورتوريكو.
[عدل]الحرب الأمريكية الإسبانية
مقال تفصيلي :الحرب الأمريكية الإسبانية
في خضم الأزمة الاقتصادية وعدم الاستقرار الذي أصاب إسبانيا في القرن التاسع عشر نشأت حركات قومية في الفلبين وكوبا. تلا ذلك حروب استقلال في تلك المستعمرات، وفي النهاية أصبحت الولايات المتحدة معنية بالأمر. على الرغم من الالتزام والقدرة التي أبدتها بعض الوحدات العسكرية، فإن سوء الإدارة أتى من أعلى مستويات القيادة وهكذا فإن الحرب الأمريكية الإسبانية التي دارت في ربيع عام 1898 لم تدم طويلاً. عرفت تلك الحرب باسم "إل ديزاستري" (الكارثة) وأعطت دفعة قوية لجيل 98 الذين كانوا يقومون بالكثير من التحليل النقدي بشأن ما يجري في البلاد. كما أنها أضعفت الاستقرار الذي أنشئ في عهد ألفونسو الثاني عشر.
[عدل]القرن العشرون
مقال تفصيلي :الحرب الأهلية الإسبانية
جلب القرن العشرون بعض السلام للبلاد. لعبت إسبانيا دوراً صغيراً في التدافع على أفريقيا حيث احتلت الصحراء الغربية ومنطقة الريف المغربية وغينيا الاستوائية. ساعدت الخسائر الفادحة خلال حرب الريف في المغرب في تقويض النظام الملكي. انتهت فترة من الحكم الاستبدادي تحت حكم الجنرال ميغيل بريمو دي ريفيرا (1923-1931) بقيام الجمهورية الإسبانية الثانية. منحت الجمهورية الحكم السياسي الذاتي لأقاليم الباسك وكاتالونيا وغاليسيا وأعطت المرأة حق التصويت.


الجنرال فرانكو والرئيس الأمريكي آيزنهاور في مدريد (1959)
نشبت الحرب الأهلية الإسبانية بين عامي 1936-1939. برزت القوى القومية بقيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو منتصرة بعد ثلاث سنوات مدعومة من قبل ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية. بينما أيد حكومة الجبهة الشعبية الاتحاد السوفيتي والمكسيك والكتائب الدولية بما فيها لواء ابراهام لنكولن الأمريكي، لكنه لم يتلق الدعم الرسمي من القوى الغربية بسبب السياسة التي تقودها بريطانيا في عدم التدخل. ذهبت الحرب الأهلية بأرواح أكثر من 500.000 شخص [46] وتسببت في فرار ما يصل إلى نصف مليون مواطن.[47] يعيش معظم أحفادهم الآن في بلدان أمريكا اللاتينية منهم 300.000 شخص في الأرجنتين وحدها.[48] سميت الحرب الأهلية الإسبانية أولى معارك الحرب العالمية الثانية؛ تحت حكم فرانكو كانت البلاد على الحياد في الحرب العالمية الثانية على الرغم من تعاطفها مع المحور. الحزب الوحيد القانوني في ظل حكم نظام فرانكو بعد الحرب الأهلية الإسبانية كان فالانجي إسبانيولا تراديثيوناليستا دي لاس خونس التي تشكلت في 1937. أكد الحزب على الكاثوليكية القومية ومناهضته للشيوعية. نظراً لمعارضة فرانكو للأحزاب السياسية المتنافسة، أعاد تسمية الحزب باسم الحركة الوطنية في عام 1949. بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت إسبانيا معزولة سياسياً واقتصادياً كما لم تكن عضواً في الأمم المتحدة. تغير هذا الوضع في عام 1955، خلال فترة الحرب الباردة، عندما أصبحت ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة لإقامة وجود عسكري في شبه الجزيرة الأيبيرية باعتباره يحد من أي تحرك محتمل من قبل الاتحاد السوفييتي في حوض البحر الأبيض المتوسط. سجلت إسبانيا في الستينات نمواً اقتصادياً غير مسبوق في ما أصبح يعرف باسم المعجزة الإسبانية، والتي استأنفت التحول نحو الاقتصاد الحديث.


الدستور الإسباني لعام 1978
بوفاة فرانكو في نوفمبر 1975، تولى خوان كارلوس منصب ملك إسبانيا وقائد الدولة وفقاً للقانون. مع الموافقة على الدستور الإسباني الجديد لعام 1978 والانتقال للديمقراطية، تم تحويل الكثير من سلطات الدولة إلى السلطات الإقليمية وتشكل التنظيم الداخلي على أساس الأقاليم ذاتية الحكم. في إقليم الباسك، تعايشت القومية الباسكية المعتدلة مع حركة قومية متطرفة بقيادة منظمة إيتا المسلحة. تشكلت المجموعة في 1959 خلال حكم فرانكو لكنها واصلت شن حملتها العنيفة حتى بعد استعادة الديمقراطية وعودة قدر كبير من الحكم الذاتي للإقليم. في 23 فبراير 1981، استولت عناصر من المتمردين في صفوف قوات الأمن على الكورتيس في محاولة لفرض حكومة مدعومة عسكرياً. تولى الملك خوان كارلوس قيادة الجيش شخصياً وطالب بنجاح مدبري الانقلاب عبر التلفزيون الوطني بالاستسلام. في 30 مايو 1982 انضمت إسبانيا منظمة حلف شمال الأطلسي بعد استفتاء عام. في تلك السنة وصل حزب العمال الاشتراكي الإسباني إلى السلطة وهي أول حكومة يسارية في 43 عاماً. في عام 1986 انضمت إسبانيا إلى السوق الأوروبية المشتركة التي أصبحت الاتحاد الأوروبي. استبدل الحزب الاشتراكي الإسباني في الحكومة بالحزب الشعبي بعد أن فاز الأخير في الانتخابات العامة 1996، في تلك النقطة كان الحزب الاشتراكي قد خدم ما يقرب من 14 سنة متتالية في الحكومة.
[عدل]القرن الحادي والعشرون


بدأت إسبانيا في إصدار اليورو عام 2002
في بداية عام 2002، أوقفت إسبانيا استخدام البيزيتا كعملة وطنية لستبدلها باليورو، والذي تشترك به مع دول أخرى في منطقة اليورو. كما شهدت إسبانيا أيضاً نمواً اقتصادياً قوياً كان أعلى بكثير من متوسط الاتحاد الأوروبي، ولكن روج حينها لمخاوف صدرت عن العديد من المعلقين الاقتصاديين في ذروة الطفرة أن أسعار العقارات غير العادية وارتفاع العجز في التجارة الخارجية بسبب الطفرة قد تؤدي إلى انهيار اقتصادي مؤلم، وهو الأمر الذي تأكد بانهيار شديد في سوق العقارات أدى الركود الذي ضرب البلاد في عامي 2008-2009.[49] انفجرت سلسلة من القنابل في قطارات ركاب في مدريد في 11 مارس 2004. بعد تحقيق دام خمسة أشهر في عام 2007 استنتج أن هذه التفجيرات كانت من صنع مجموعة إسلامية متشددة محلية متعاطفة مع تنظيم القاعدة.[50] ذهبت التفجيرات بحياة 191 شخصاً وإصابة أكثر من 1.800، وربما كان القصد من تلك التفجيرات التأثير على نتائج الانتخابات العامة الإسبانية، التي عقدت بعد ثلاثة أيام.[51] على الرغم من الشكوك الأولية التي ركزت على مجموعة إيتا الباسكية، ظهرت أدلة تشير إلى تورط الإسلاميين. بسبب قرب الانتخابات، سرعان ما تحولت المسألة إلى جدل سياسي، حيث تبادل الحزبان الرئيسيان الحزب الاشتراكي الإسباني وحزب الشعب الاتهامات حول التبعات.[52] في انتخابات 14 مارس، فاز الحزب الاشتراكي الأسباني بقيادة خوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو بأغلبية المقاعد بما يكفي لتشكيل حكومة جديدة ترأسها ثاباتيرو نفسه لتخلف حكومة حزب الشعب.[53]