عذابات اللاجئات السوريات
مرسل: الاثنين إبريل 29, 2013 4:37 pm
الأخبار التي ترد من داخل سوريا ومن مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان وتركيا، عن أوضاع النساء والأطفال أخبار مريعة. في الداخل السوري تتعرض السوريات، حتى المسنات منهن للخطف والقتل والتعذيب، وأمور أخرى لا يكاد المرء يصدقها؛ كيف لحرائر عربيات يتعرض شرفهن للانتهاك دون أن تكون هذه القضية إحدى أهم القضايا التي تناقشها الجامعة العربية بتفاصيلها عن جرائم النظام.
في أجواء الفظائع الإنسانية التي يرتكبها نظام الأسد، تظل محنة الأمهات السوريات هي الأصعب والأكثر مرارة، فالأم تقلق بلا حول ولا قوة على بناتها وأولادها وزوجها وأهلها، وكل واحد منهم له من وجعها وهمها نصيب. إحدى الأمهات انقطع بها الجهد حتى إنها لم تقو على البكاء، تأن أنين الكهولة والعجز، تبث حزنها قائلة إنهم اختطفوا ابنتها الشابة ذات العشرين ربيعا أمام عينيها وكانوا يتلفظون بألفاظ بذيئة حول نيتهم هتك عرضها، أخذوها وخرجوا دون أن تلين قلوبهم برجاء الأم وتوسلاتها. تقول السيدة الموجوعة: ليتهم قتلوها أمامي ولم يجعلوني ضحية عذاب الأفكار والتخيلات بما قد يفعلونه بها، لقد أصبحت أتمنى أن يأتوني بها ميتة على أن تحيا بين هؤلاء الوحوش.
هذه القصص المبكية حول الفتيات المفقودات، أو المسجونات في المعتقلات تحت التعذيب، أو المغتصبات، هي واقع فعلي، ونستطيع أن نتوقع أنه لم يصل إلينا إلا القليل من الكثير لحساسية الموضوع والتزام الأهالي الصمت. النظام يستخدم النساء ليبتز أهليهن وإخوانهن وأزواجهن بهن، يتعرضون لشرفهن لتنهار معنويات الرجال، هذه الممارسات التي يمتلئ بها التاريخ ضد النساء تجلت بوضوح في سلوكيات شبيحة الأسد من السوريين والإيرانيين، وهي تعبر بالضرورة عن أخلاقيات النظام التي وصلت إلى مرحلة الحضيض كنموذج لا شبيه له في التاريخ الحديث حتى في الحروب العالمية.
إنما المحبط أكثر، أن خروج السوريات من سوريا هربا من بطش نظام الأسد لم يغير من واقعهن كثيرا، فهذا الابتزاز أخذ شكلا آخر وإن بدا منمقا، إلا أنه انتهازية ما بعدها انتهازية. فبحسب تقرير للمجلس القومي للمرأة في مصر، فقد تزوجت 12 ألف لاجئة سورية خلال عام واحد من مصريين، مقابل بضعة جنيهات، نحو 150 حالة فقط تم توثيقها رسميا، بمعنى آخر معظم هذه الزيجات أخذت شكلا غير رسمي، وفي أحسن أحوالها هي زيجات عرفية. رقم مخيف.
قد نتفهم حالات الزواج داخل المخيمات بين السوريين، لأن التقارب النفسي والعاطفي بين الجنسين قد يأتي في أسوأ الظروف، ولكن من غير المفهوم كيف تتدفق طلبات الزواج من تركيا والأردن ومصر ودول الخليج بحجة حفظ كرامة اللاجئة وإنقاذها من وضعها التعيس اقتصاديا وأمنيا.
مع الاعتبار للفتتهم الكريمة كما تبدو في ظاهرها، إلا أن شبهة الانتهازية فيها واضحة، وهناك ما يدلل على ذلك؛ أهمه على الإطلاق أن نساء من دول أخرى إسلامية وعربية مثل الصومال والسودان تعرضن لويلات الحروب والتهجير ولم يحظين بزيجات بهذه السرعة غير المسبوقة، كما أن نية تقديم المساعدة يمكن التعبير عنها بأوجه كثيرة ليس من بينها ابتزاز الأسر السورية لتزويج بناتها لحفظ شرفهن وتخفيف عبئهن الاقتصادي، أو انتشال الأسرة بكاملها من وضع اللجوء داخل المخيمات.
الحقيقة حاولت أن ألتمس عذرا أو حجة صافية المقصد للذين تراكضوا للزواج من اللاجئات السوريات ولكني لم أجد. قطعا هذا ابتزاز، ورد فعل يفتقر للمروءة. كنت سأقول بأن السورية التي توافق على زيجة من هذا النوع قد تكون على درجة من الرضا والقبول، ولكني تراجعت حينما قرأت الإحصائية السابقة؛ وجود الآلاف من الزيجات غير المسجلة يعكس واقعا اجتماعيا مؤلما لا أراه بعيدا جدا عن حال السوريات تحت تهديد شبيحة النظام. وحتى الحالات المسجلة لا تشير بالتأكيد إلى رضا حقيقي من الزوجة في ظل ظروف قد يكون أفضل منها الموت.
من المؤسف حقا أن أكتب مثل هذا الرأي ولكني أعتقد أن ما تمر به اللاجئات السوريات يعكس حقيقة الفروسية العربية المزعومة، خاصة من أولئك الذين يبررون لأنفسهم سوء فعلتهم بأنها حميّة عربية لإنقاذ هؤلاء النسوة، وهم في حقيقة أمرهم منتفعون من مصائبهن، مستمتعون بزوجات اضطررن لهم هربا من امتحان يومي داخل المخيمات. بعض المتقدمين بطلبات الزواج ينشدون قلة المهور وتكاليف الزواج التي قد تصل إلى العدم، وبعضهم يطلب الجمال الشكلي الذي تشتهر به السوريات، وبعضهم وجد في اللاجئة المنكسرة المستضعفة ضالته ليمارس عليها رجولته المزيفة وانحرافاته النفسية. للأسف لكل منهم أهدافه التي لا تأتي المعونة الإنسانية في مقدمتها. هذه ليست يد مساعدة بل يد استعباد، وليست تجارة رابحة في الآخرة بل اتجار بالبشر.
يا عرب.. ما يحصل عيب، ووصمة عار.
أمل عبد العزيز الهزاني
في أجواء الفظائع الإنسانية التي يرتكبها نظام الأسد، تظل محنة الأمهات السوريات هي الأصعب والأكثر مرارة، فالأم تقلق بلا حول ولا قوة على بناتها وأولادها وزوجها وأهلها، وكل واحد منهم له من وجعها وهمها نصيب. إحدى الأمهات انقطع بها الجهد حتى إنها لم تقو على البكاء، تأن أنين الكهولة والعجز، تبث حزنها قائلة إنهم اختطفوا ابنتها الشابة ذات العشرين ربيعا أمام عينيها وكانوا يتلفظون بألفاظ بذيئة حول نيتهم هتك عرضها، أخذوها وخرجوا دون أن تلين قلوبهم برجاء الأم وتوسلاتها. تقول السيدة الموجوعة: ليتهم قتلوها أمامي ولم يجعلوني ضحية عذاب الأفكار والتخيلات بما قد يفعلونه بها، لقد أصبحت أتمنى أن يأتوني بها ميتة على أن تحيا بين هؤلاء الوحوش.
هذه القصص المبكية حول الفتيات المفقودات، أو المسجونات في المعتقلات تحت التعذيب، أو المغتصبات، هي واقع فعلي، ونستطيع أن نتوقع أنه لم يصل إلينا إلا القليل من الكثير لحساسية الموضوع والتزام الأهالي الصمت. النظام يستخدم النساء ليبتز أهليهن وإخوانهن وأزواجهن بهن، يتعرضون لشرفهن لتنهار معنويات الرجال، هذه الممارسات التي يمتلئ بها التاريخ ضد النساء تجلت بوضوح في سلوكيات شبيحة الأسد من السوريين والإيرانيين، وهي تعبر بالضرورة عن أخلاقيات النظام التي وصلت إلى مرحلة الحضيض كنموذج لا شبيه له في التاريخ الحديث حتى في الحروب العالمية.
إنما المحبط أكثر، أن خروج السوريات من سوريا هربا من بطش نظام الأسد لم يغير من واقعهن كثيرا، فهذا الابتزاز أخذ شكلا آخر وإن بدا منمقا، إلا أنه انتهازية ما بعدها انتهازية. فبحسب تقرير للمجلس القومي للمرأة في مصر، فقد تزوجت 12 ألف لاجئة سورية خلال عام واحد من مصريين، مقابل بضعة جنيهات، نحو 150 حالة فقط تم توثيقها رسميا، بمعنى آخر معظم هذه الزيجات أخذت شكلا غير رسمي، وفي أحسن أحوالها هي زيجات عرفية. رقم مخيف.
قد نتفهم حالات الزواج داخل المخيمات بين السوريين، لأن التقارب النفسي والعاطفي بين الجنسين قد يأتي في أسوأ الظروف، ولكن من غير المفهوم كيف تتدفق طلبات الزواج من تركيا والأردن ومصر ودول الخليج بحجة حفظ كرامة اللاجئة وإنقاذها من وضعها التعيس اقتصاديا وأمنيا.
مع الاعتبار للفتتهم الكريمة كما تبدو في ظاهرها، إلا أن شبهة الانتهازية فيها واضحة، وهناك ما يدلل على ذلك؛ أهمه على الإطلاق أن نساء من دول أخرى إسلامية وعربية مثل الصومال والسودان تعرضن لويلات الحروب والتهجير ولم يحظين بزيجات بهذه السرعة غير المسبوقة، كما أن نية تقديم المساعدة يمكن التعبير عنها بأوجه كثيرة ليس من بينها ابتزاز الأسر السورية لتزويج بناتها لحفظ شرفهن وتخفيف عبئهن الاقتصادي، أو انتشال الأسرة بكاملها من وضع اللجوء داخل المخيمات.
الحقيقة حاولت أن ألتمس عذرا أو حجة صافية المقصد للذين تراكضوا للزواج من اللاجئات السوريات ولكني لم أجد. قطعا هذا ابتزاز، ورد فعل يفتقر للمروءة. كنت سأقول بأن السورية التي توافق على زيجة من هذا النوع قد تكون على درجة من الرضا والقبول، ولكني تراجعت حينما قرأت الإحصائية السابقة؛ وجود الآلاف من الزيجات غير المسجلة يعكس واقعا اجتماعيا مؤلما لا أراه بعيدا جدا عن حال السوريات تحت تهديد شبيحة النظام. وحتى الحالات المسجلة لا تشير بالتأكيد إلى رضا حقيقي من الزوجة في ظل ظروف قد يكون أفضل منها الموت.
من المؤسف حقا أن أكتب مثل هذا الرأي ولكني أعتقد أن ما تمر به اللاجئات السوريات يعكس حقيقة الفروسية العربية المزعومة، خاصة من أولئك الذين يبررون لأنفسهم سوء فعلتهم بأنها حميّة عربية لإنقاذ هؤلاء النسوة، وهم في حقيقة أمرهم منتفعون من مصائبهن، مستمتعون بزوجات اضطررن لهم هربا من امتحان يومي داخل المخيمات. بعض المتقدمين بطلبات الزواج ينشدون قلة المهور وتكاليف الزواج التي قد تصل إلى العدم، وبعضهم يطلب الجمال الشكلي الذي تشتهر به السوريات، وبعضهم وجد في اللاجئة المنكسرة المستضعفة ضالته ليمارس عليها رجولته المزيفة وانحرافاته النفسية. للأسف لكل منهم أهدافه التي لا تأتي المعونة الإنسانية في مقدمتها. هذه ليست يد مساعدة بل يد استعباد، وليست تجارة رابحة في الآخرة بل اتجار بالبشر.
يا عرب.. ما يحصل عيب، ووصمة عار.
أمل عبد العزيز الهزاني