المنشقون عن طالبان يستسلمون شرط تنفيذ الوعود الحكومية
مرسل: الثلاثاء إبريل 30, 2013 8:26 am
عن: واشنطن بوست
ترجمة: علاء غزالة
هيرات، افغانستان – مرّ زمن اعتبر فيه عبد الوهاب، زعيم طالبان في مقاطعة بشتي زركون غربي افغانستان، نفسه مجسدا للقانون. نعجة مسروقة؟ سوف يختار عقوبة السارق: عادة اطلاقة نارية على يده او عضلة ساقه. وكان متأنيا في ذلك لتلافي اصابة العظم.
عندما وصلت الرواتب من قيادة طالبان في الباكستان، وهي مبلغ مئة دولار لكل رجل، قام بتوزيعها بينهم. ويأتمر بامره خمس وثلاثون رجلا. يقول: "ان سألتهم ان يلقوا بانفسهم الى النهر فيغرقوا فيه، فسوف يقومون بذلك."
السلطة والاحترام، هذا هو معنى طالبان لدى عبد الوهاب. حينما وافق على القاء السلاح في شهر تشرين الثاني، كان ذلك باعتقاد انه سيحصل بالمقابل على وظيفة حكومية، وحماية من الغارات الاميركية.
تحاول الولايات المتحدة، بالتعاون مع شركائها حلف في الناتو وحلفائها الافغان، ان "تعيد دمج" رجال المليشيا امثال عبد الوهاب، من خلال تقديم الوظائف لهم على افتراض انهم يفضلون الحصول على الراتب بدلا من امضاء وقتهم في القتال. هذه الجهود هي الدعامة المركزية في ستراتيجية ادارة اوباما في افغانستان.
غير ان قادة طالبان يسخرون من هذه الثلة، قائلين ان اولياءهم يشنون حربا مقدسة، بكل عزم واصرار، ضد جيوش الكفار ضد الغرب، ولا يمكن شراؤهم.
تبين المقابلات التي اجريت مع عبد الوهاب والمقاتلين الاخرين، الذين تركوا طالبان مؤخرا كجزء من جهود الحكومة الافغانية لابعادهم عن سوح القتال، انه في الكثير من الحالات فان صانعي السياسة الاميركية ربما يكونون عازمين على امر ما. فالعديد من المقاتلين السابقين يقولون انهم التحقوا بطالبان لا عن تشدد في دينهم، بل لاسباب دنيوية بحتة: الغضب على الحكومة في كابول، الانتقام لخسارة الوظائف الحكومية، الضغط من افراد العائلة، او لانهم –ببساطة– مفلسين. يقول عبد الوهاب: "لا احد يذهب الى الجهة الاخرى من اجل التسلية. لابد ان يكون هناك الم في قلبك."
قاتل البعض مع وضد طالبان، ضمن تعقيدات عالم الولاءات الافغانية. وكان القائد الاكثر هيبة في هيرات، الذي قتل في قصف جوي اميركي، هو عمدة المدينة.
ان تنوع تكتلات التمرد يجعل من الصعب تعميم دوافع المقاتلين عبر البلاد. فالمتمردين في هيرات ربما يختلفون عن نظرائهم في اماكن اخرى، خصوصا في جنوبي افغانستان، حيث وُلد الاتباع الاصليون لقائد طالبان، محمد عمر. لكن في تلك المدينة المهمة ستراتيجيا الكائنة في الجهة الغربية من الجبهة الافغانية، في الاقل، هناك براغماتية عميقة عندما يحين الوقت لاتخاذ جانب ما.
يقول ديلاور شاه ديلاور، معاون قائد شرطة هيرات: "عناصر طالبان ليسوا ايديولوجيين. هؤلاء النفر فقدوا شيئا، انهم يشعورن بالخجل لعدم امتلاكهم سيارة او حراس شخصيين. كيف لهم ان يواجهوا الناس حينما يمشون في الطرقات؟"
لا يناسب هذا الوصف احد اكثر من غلام يحيى اكبري، الذي سبق وان عمل عمدة لهيرات في اوائل التسعينيات بعد الانسحاب السوفيتي. وكان في ذلك الوقت معارضا عنيدا لطالبان، ومن ثم هرب الى ايران عندما استولت تلك الحركة على مقاليد السلطة. وبعد الغزو الذي قادته الولايات، عاد ليصبح مدير الاشغال العامة في هيرات وساعد على تطوير اكثر مدن افغانستان تمدنا. ولكنه فصل من وظيفته بعد خلافات مع المحافظ السابق في العام 2006.
يقول احمد يوسف نورستاني، محافظ هيرات: "لقد كان غلام يحيى رجلا طيبا. اذا سألت اي احد فسوف يقول لك هذا. يقول معظم الناس ان الحكومة اجبرته على تبني هذا الموقف. ربما لم يكن امامه من سبيل."
وبعد طره من الوظيفة، عاد الى قريته الام التي تدعى سياووشان، والتي تقع وسط بساتين نظرة تخلب الالباب، وقام بتجنيد جيشه الخاص. ورغم انه طاجيكي، الا انه إئتلف مع حركة طالبان التي يهيمن عليها البشتون، والتي ارسلت المال والاسلحة وستة من خبراء المتفجرات من الباكستان وايران لتدريب اتباعه، حسبما افاد ضباط الشرطة.
تنامت سطوة مقاتليه في هيرات حتى صارت المليشيا الاكثر رعبا. وقاموا باطلاق الصواريخ، بانتظام، على مطار هيرات، ومقر الامم المتحدة، والقاعدة العسكرية للقوات الاميركية، حتى ان المسؤولون الاميركيون والافغان يقولون ان احدها تمكن من اختراق التحصينات الاميركية. وقام المقاتلون بقطع رؤوس معارضيهم، وموّلوا انفسهم من خلال الفدية التي يحصلون عليها من خطف رجال الاعمال.
يقول الرائد محمد رحيم بانجشيري، مدير مكافحة الارهاب في شرطة هيرات: "انضم اليه سفلة الناس. اتخذ القتلة والخاطفون ملاذا آمنا لدى غلام يحيى. وكان قد بدأ مجموعته بخمس او ست من الاتباع، حتى صار لديه ثلاثمئة او اربعمئة شخص."
وفي الثامن من تشرين الاول أدت غارة شنتها الطائرات الاميركية الى مقتل اكبري واثنين وعشرين من مقاتليه الذين عسكروا بمخيم في سياووشان. ودُفن بالقرب من المسجد الذي كان بناه، كما حضر مأتمه الالاف من الناس. يقول احد الضباط الاميركيون ان موت اكبري في هيرات هو "اكبر حدث امني في العامين الماضيين."
يبرز من بين مساعدي اكبري شخص يدعى شريف، وهو مزارع من قرية ادرسكان. وبدأ في اتخاذ الحكومة عدوا له بعد ان نفد ماء بئره. يقول ان الحكومة ساعدت في صيانة انظمة الري في اماكن اخرى، لكن لم يساعد احد قريته. ويضيف: "لم تقدم لنا الحكومة اي شيء منذ ان تأسست. لم يعرنا احد أية اهمية. لم يأتِ احد للوقوف على مشاكلنا. لقد توقفت الزراعة، لذا قررت ان التحق بطالبان."
ومن بين قادة المليشيا الاخرين شخص اسمه سليمان عامري، وهو قائد كتيبة في الجيش الافغاني طُرد من الخدمة، ومن ثم هرب الى الجبال مستعملا عجلة حكومية نوع فورد رانجر وبدأ في تشكيل مليشياه الخاصة.
يقول عامري: "اردت ان اكسب احترام الناس، اردت ان تكون لي حياة كريمة في هذه المحافظة. لماذا لم تسألني الحكومة لمساعدتها؟ ولماذا لم يسألني الاميركيون؟ إن اعطيت اوامري، في هذه اللحظة بموت خمسين الف عائلة، فانهم سيموتون، او ان شئت احييهم، فسوف يعيشون. انهم تحت قيادتي. استطيع ان افعل ما اشاء، ولكن لا احد يأخذ رأيي."
بعد موت اكبري، وازالة بعض من كبار ضباط الشرطة والاستخبارات (الافغانية)، بدأ التمرد بالتفكك. فقد سلّم حوالي ثلاثمئة من المقاتلين انفسهم الى الحكومة المحلية، حيث طمح الكثير منهم لنيل الحوافز التي عرضها مكتب المصالحة المحلي.
وقال جميع المقاتلين السابقين الذين تم استطلاعهم انهم وُعدوا بمنحهم وظائف اذا تخلوا عن القتال، لكن الحكومة لم تفِ بهذه الالتزامات على مدى الشهور الاربعة الماضية. غير انهم حصلوا على بعض المساعدات من بينها بعض المواد الغذائية وتجهيزات محدودة من الوكالة الدولية للتنمية الدولية (وهي وكالة اميركية تابعة لوزارة الخارجية) يطلق عليها "عدة الشتاء،" هي عبارة عن حقائب تحتوي على بطانيات وفحم.
واتخذ العديد من المقاتلين السابقين من مركز مدينة هيرات مسكنا لهم خوفا من انتقام طالبان اذا عادوا الى قراهم الاصلية. وهم يمضون اياما في الجدال فيما اذا كان عليهم العودة الى طالبان، كما قام بذلك بعضهم بالفعل.
وعُرض على عامري، قائد المليشيا السابق، منصب قائد شرطة المقاطعة، لكن لم تأتِ الموافقة على ذلك من كابول بعد. وهو يشاطر السكن مع العشرات من رجاله الذين ليس لديهم عمل ويتزايد قلقهم كل يوم. يقول: "انا ادفع رواتب لثمانين شخصا من جيبي الخاص." وهو مستعد للانتظار حاليا، ويقول: "سوف لن نترك الحكومة حتى تقول لنا: (لا شيء لكم عندنا.) ان لم يكن لدي خيار فسيتوجب عليّ ان اكون عنصرا في طالبان."
لا تبدو الامور افضل من منظور عبد الوهاب، قائد طالبان المحلي السابق الذي التحق بالتمرد بعد ان طُرد من وظيفته كرائد في الشرطة. وهو يستأجر غرفة طينية متهالكة في حي فقير بضواحي هيرات. تتحول الارضية الترابية في الايام المطيرة الى وحل، وفي الايام الباردة تتجمد الارض. ويتوجب عليه ان يقترض المال لشراء الدواء لاولاده الخمسة المرضى. وهو نادرا ما يكون قادرا على تقديم وجبة طعام ساخنة لضيوفه.
اتصلت "حكومة الظل" في هيرات التابعة لطالبان بوهاب في الاسابيع الثلاثة التي تلت تخليه عن التمرد على هاتفه الخليوي. وقيل له انه خائن وكافر ولا يفترق عن الجندي الاميركي، كما اخبروه: "سوف نقتلك كما نقتلهم."
لا يعتقد عبد الوهاب انه مؤهل لوظيفة مدنية، وهو الذي قاتل معظم حياته، لكن القوات الامنية الافغانية لم تعرض عليه اي شيء. وهو يرفض ان يعود ادراجه للزراعة في قريته، ساليمي، كما انه غير قادر على تحمل سخرية جيرانه لسقوطه الى الحضيض. بل انه قد يغادر افغانستان.
في حسابات السياسة الافغانية المعقدة، عبد الوهاب هو من بين الكثيرين الذين قاتلوا مع وضد طالبات. ولكنه، في الاقل، كان يحظى بالاحترام عندما كان قائدا لدى طالبان. اما الان فهو يقول: "ليس لدينا شيء
ترجمة: علاء غزالة
هيرات، افغانستان – مرّ زمن اعتبر فيه عبد الوهاب، زعيم طالبان في مقاطعة بشتي زركون غربي افغانستان، نفسه مجسدا للقانون. نعجة مسروقة؟ سوف يختار عقوبة السارق: عادة اطلاقة نارية على يده او عضلة ساقه. وكان متأنيا في ذلك لتلافي اصابة العظم.
عندما وصلت الرواتب من قيادة طالبان في الباكستان، وهي مبلغ مئة دولار لكل رجل، قام بتوزيعها بينهم. ويأتمر بامره خمس وثلاثون رجلا. يقول: "ان سألتهم ان يلقوا بانفسهم الى النهر فيغرقوا فيه، فسوف يقومون بذلك."
السلطة والاحترام، هذا هو معنى طالبان لدى عبد الوهاب. حينما وافق على القاء السلاح في شهر تشرين الثاني، كان ذلك باعتقاد انه سيحصل بالمقابل على وظيفة حكومية، وحماية من الغارات الاميركية.
تحاول الولايات المتحدة، بالتعاون مع شركائها حلف في الناتو وحلفائها الافغان، ان "تعيد دمج" رجال المليشيا امثال عبد الوهاب، من خلال تقديم الوظائف لهم على افتراض انهم يفضلون الحصول على الراتب بدلا من امضاء وقتهم في القتال. هذه الجهود هي الدعامة المركزية في ستراتيجية ادارة اوباما في افغانستان.
غير ان قادة طالبان يسخرون من هذه الثلة، قائلين ان اولياءهم يشنون حربا مقدسة، بكل عزم واصرار، ضد جيوش الكفار ضد الغرب، ولا يمكن شراؤهم.
تبين المقابلات التي اجريت مع عبد الوهاب والمقاتلين الاخرين، الذين تركوا طالبان مؤخرا كجزء من جهود الحكومة الافغانية لابعادهم عن سوح القتال، انه في الكثير من الحالات فان صانعي السياسة الاميركية ربما يكونون عازمين على امر ما. فالعديد من المقاتلين السابقين يقولون انهم التحقوا بطالبان لا عن تشدد في دينهم، بل لاسباب دنيوية بحتة: الغضب على الحكومة في كابول، الانتقام لخسارة الوظائف الحكومية، الضغط من افراد العائلة، او لانهم –ببساطة– مفلسين. يقول عبد الوهاب: "لا احد يذهب الى الجهة الاخرى من اجل التسلية. لابد ان يكون هناك الم في قلبك."
قاتل البعض مع وضد طالبان، ضمن تعقيدات عالم الولاءات الافغانية. وكان القائد الاكثر هيبة في هيرات، الذي قتل في قصف جوي اميركي، هو عمدة المدينة.
ان تنوع تكتلات التمرد يجعل من الصعب تعميم دوافع المقاتلين عبر البلاد. فالمتمردين في هيرات ربما يختلفون عن نظرائهم في اماكن اخرى، خصوصا في جنوبي افغانستان، حيث وُلد الاتباع الاصليون لقائد طالبان، محمد عمر. لكن في تلك المدينة المهمة ستراتيجيا الكائنة في الجهة الغربية من الجبهة الافغانية، في الاقل، هناك براغماتية عميقة عندما يحين الوقت لاتخاذ جانب ما.
يقول ديلاور شاه ديلاور، معاون قائد شرطة هيرات: "عناصر طالبان ليسوا ايديولوجيين. هؤلاء النفر فقدوا شيئا، انهم يشعورن بالخجل لعدم امتلاكهم سيارة او حراس شخصيين. كيف لهم ان يواجهوا الناس حينما يمشون في الطرقات؟"
لا يناسب هذا الوصف احد اكثر من غلام يحيى اكبري، الذي سبق وان عمل عمدة لهيرات في اوائل التسعينيات بعد الانسحاب السوفيتي. وكان في ذلك الوقت معارضا عنيدا لطالبان، ومن ثم هرب الى ايران عندما استولت تلك الحركة على مقاليد السلطة. وبعد الغزو الذي قادته الولايات، عاد ليصبح مدير الاشغال العامة في هيرات وساعد على تطوير اكثر مدن افغانستان تمدنا. ولكنه فصل من وظيفته بعد خلافات مع المحافظ السابق في العام 2006.
يقول احمد يوسف نورستاني، محافظ هيرات: "لقد كان غلام يحيى رجلا طيبا. اذا سألت اي احد فسوف يقول لك هذا. يقول معظم الناس ان الحكومة اجبرته على تبني هذا الموقف. ربما لم يكن امامه من سبيل."
وبعد طره من الوظيفة، عاد الى قريته الام التي تدعى سياووشان، والتي تقع وسط بساتين نظرة تخلب الالباب، وقام بتجنيد جيشه الخاص. ورغم انه طاجيكي، الا انه إئتلف مع حركة طالبان التي يهيمن عليها البشتون، والتي ارسلت المال والاسلحة وستة من خبراء المتفجرات من الباكستان وايران لتدريب اتباعه، حسبما افاد ضباط الشرطة.
تنامت سطوة مقاتليه في هيرات حتى صارت المليشيا الاكثر رعبا. وقاموا باطلاق الصواريخ، بانتظام، على مطار هيرات، ومقر الامم المتحدة، والقاعدة العسكرية للقوات الاميركية، حتى ان المسؤولون الاميركيون والافغان يقولون ان احدها تمكن من اختراق التحصينات الاميركية. وقام المقاتلون بقطع رؤوس معارضيهم، وموّلوا انفسهم من خلال الفدية التي يحصلون عليها من خطف رجال الاعمال.
يقول الرائد محمد رحيم بانجشيري، مدير مكافحة الارهاب في شرطة هيرات: "انضم اليه سفلة الناس. اتخذ القتلة والخاطفون ملاذا آمنا لدى غلام يحيى. وكان قد بدأ مجموعته بخمس او ست من الاتباع، حتى صار لديه ثلاثمئة او اربعمئة شخص."
وفي الثامن من تشرين الاول أدت غارة شنتها الطائرات الاميركية الى مقتل اكبري واثنين وعشرين من مقاتليه الذين عسكروا بمخيم في سياووشان. ودُفن بالقرب من المسجد الذي كان بناه، كما حضر مأتمه الالاف من الناس. يقول احد الضباط الاميركيون ان موت اكبري في هيرات هو "اكبر حدث امني في العامين الماضيين."
يبرز من بين مساعدي اكبري شخص يدعى شريف، وهو مزارع من قرية ادرسكان. وبدأ في اتخاذ الحكومة عدوا له بعد ان نفد ماء بئره. يقول ان الحكومة ساعدت في صيانة انظمة الري في اماكن اخرى، لكن لم يساعد احد قريته. ويضيف: "لم تقدم لنا الحكومة اي شيء منذ ان تأسست. لم يعرنا احد أية اهمية. لم يأتِ احد للوقوف على مشاكلنا. لقد توقفت الزراعة، لذا قررت ان التحق بطالبان."
ومن بين قادة المليشيا الاخرين شخص اسمه سليمان عامري، وهو قائد كتيبة في الجيش الافغاني طُرد من الخدمة، ومن ثم هرب الى الجبال مستعملا عجلة حكومية نوع فورد رانجر وبدأ في تشكيل مليشياه الخاصة.
يقول عامري: "اردت ان اكسب احترام الناس، اردت ان تكون لي حياة كريمة في هذه المحافظة. لماذا لم تسألني الحكومة لمساعدتها؟ ولماذا لم يسألني الاميركيون؟ إن اعطيت اوامري، في هذه اللحظة بموت خمسين الف عائلة، فانهم سيموتون، او ان شئت احييهم، فسوف يعيشون. انهم تحت قيادتي. استطيع ان افعل ما اشاء، ولكن لا احد يأخذ رأيي."
بعد موت اكبري، وازالة بعض من كبار ضباط الشرطة والاستخبارات (الافغانية)، بدأ التمرد بالتفكك. فقد سلّم حوالي ثلاثمئة من المقاتلين انفسهم الى الحكومة المحلية، حيث طمح الكثير منهم لنيل الحوافز التي عرضها مكتب المصالحة المحلي.
وقال جميع المقاتلين السابقين الذين تم استطلاعهم انهم وُعدوا بمنحهم وظائف اذا تخلوا عن القتال، لكن الحكومة لم تفِ بهذه الالتزامات على مدى الشهور الاربعة الماضية. غير انهم حصلوا على بعض المساعدات من بينها بعض المواد الغذائية وتجهيزات محدودة من الوكالة الدولية للتنمية الدولية (وهي وكالة اميركية تابعة لوزارة الخارجية) يطلق عليها "عدة الشتاء،" هي عبارة عن حقائب تحتوي على بطانيات وفحم.
واتخذ العديد من المقاتلين السابقين من مركز مدينة هيرات مسكنا لهم خوفا من انتقام طالبان اذا عادوا الى قراهم الاصلية. وهم يمضون اياما في الجدال فيما اذا كان عليهم العودة الى طالبان، كما قام بذلك بعضهم بالفعل.
وعُرض على عامري، قائد المليشيا السابق، منصب قائد شرطة المقاطعة، لكن لم تأتِ الموافقة على ذلك من كابول بعد. وهو يشاطر السكن مع العشرات من رجاله الذين ليس لديهم عمل ويتزايد قلقهم كل يوم. يقول: "انا ادفع رواتب لثمانين شخصا من جيبي الخاص." وهو مستعد للانتظار حاليا، ويقول: "سوف لن نترك الحكومة حتى تقول لنا: (لا شيء لكم عندنا.) ان لم يكن لدي خيار فسيتوجب عليّ ان اكون عنصرا في طالبان."
لا تبدو الامور افضل من منظور عبد الوهاب، قائد طالبان المحلي السابق الذي التحق بالتمرد بعد ان طُرد من وظيفته كرائد في الشرطة. وهو يستأجر غرفة طينية متهالكة في حي فقير بضواحي هيرات. تتحول الارضية الترابية في الايام المطيرة الى وحل، وفي الايام الباردة تتجمد الارض. ويتوجب عليه ان يقترض المال لشراء الدواء لاولاده الخمسة المرضى. وهو نادرا ما يكون قادرا على تقديم وجبة طعام ساخنة لضيوفه.
اتصلت "حكومة الظل" في هيرات التابعة لطالبان بوهاب في الاسابيع الثلاثة التي تلت تخليه عن التمرد على هاتفه الخليوي. وقيل له انه خائن وكافر ولا يفترق عن الجندي الاميركي، كما اخبروه: "سوف نقتلك كما نقتلهم."
لا يعتقد عبد الوهاب انه مؤهل لوظيفة مدنية، وهو الذي قاتل معظم حياته، لكن القوات الامنية الافغانية لم تعرض عليه اي شيء. وهو يرفض ان يعود ادراجه للزراعة في قريته، ساليمي، كما انه غير قادر على تحمل سخرية جيرانه لسقوطه الى الحضيض. بل انه قد يغادر افغانستان.
في حسابات السياسة الافغانية المعقدة، عبد الوهاب هو من بين الكثيرين الذين قاتلوا مع وضد طالبات. ولكنه، في الاقل، كان يحظى بالاحترام عندما كان قائدا لدى طالبان. اما الان فهو يقول: "ليس لدينا شيء