- الثلاثاء إبريل 30, 2013 8:27 am
#61409
عن: الغارديان
ترجمة: علاء غزالة
وجدت احدى اطول انظمة السلطة في العالم عمرا نفسها في موضع التحدي، عندما عاد محمد البرادعي، الرئيس السابق لوكالة الامم المتحدة للتسلح النووي، واستقبلته الجماهير المصرية لقاء الابطال في وطنه مصر الذي وعد ان يقاتل من اجل احداث التغيير فيها.
فقد تجمع اكثر من الف من المناصرين في مطار القاهرة الدولي لتحية هذا الرجل البالغ سبع وستين عاما من العمر، والذي استقال من منصب كرئيس للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام الماضي، واعتبر مرشحا منافسا محتملا للرئيس الحالي حسني مبارك الذي دام حكمه ثلاثة عقود، وذلك في الانتخابات الرئاسية المقررة في العام القادم.
انشدت الجماهير المحتشدة اغانٍ وطنية ولوحت بالاعلام والشعارات، تحت رقابة رجال الامن الذين حذّروا المتظاهرين ان يبقوا بعيدا، مطالبة البرادعي ان يعلن ترشيحه لرئاسة البلاد. يقول احد الاشخاص الذين كانوا يراقبون التظاهرة بدون ان يشاركوا فيها: "انه الامل الوحيد لمصر. لقد كانت تلك امة عظيمة. وسوف يعيد البرادعي اليها عظمتها من جديد."
وكان البرادعي، الذي حاز على جائزة نوبل في العام 2005، قد اشار الى انه قد يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية شريطة ان تتوافر فيها ظروف العدالة والحرية بالشكل المناسب.
انه الفصل الاخير من قصة هذا الرجل المميز الذي لا ينتمي، حتى الان، الى اي حزب سياسي، ولم يترشح لاي منصب رسمي، والذي اعرب عن رغبته في ان لا يقوم عند عودته الى الوطن باكثر من امضاء وقته مع عائلته. لكنه منذ ان استقال من منصبه مكللا بالتشريف والتكريم، بعد ان تربع عليه اثنا عشر عاما، استحال بتردد الى القائد المنتظر لدى حركة المعارضة المصرية اليائسة، حيث توحد العلمانيون والاسلاميون والليبراليون واليساريون خلف رايته.
يعتقد الكثير من المحللين ان الرئيس الحالي، البالغ واحد وثمانين عاما من العمر، يعدّ ابنه، جمال، لخلافته في السلطة، وهو مصرفي سابق كان العقل المدبر وراء سياسة التحرر الاقتصادي التي لا تحظى بشعبية واسعة في البلاد. يقول كاتب العمود الصحفي فهمي هويدي ان تدخل البرادعي غير المتوقع قد "ازعج الذين رسموا الخطط بكل تأنٍ."
اما الكاتب القصصي علاء الاسواني، والذي تلقى رواياته رواجا كبيرا، فيقول ان عودة البرادعي الى القاهرة قد فتحت "فصلا جديدا في نضال المصريين من اجل الحصول على حقوقهم في الحرية والعدالة.. لقد اضحى الدكتور البرادعي، بلا شك وبكل الطرق، الظاهرة السياسية الاكثر اهمية بمصر في الوقت الراهن."
غير ان الحكومة المصرية ترى الامر بطريقة مختلفة. فالناقدون المقربون من الحكومة وصموه والحملة التي تجمعت حوله بسرعة بالسذاجة والخيانة، و"مكافئة لانقلاب دستوري،" على حد كلمات رئيس تحرير جريدة الاهرام، وهي كبرى الصحف المصرية التي تسيطر عليها الدولة.
على ان هذا الهجوم، على كل حال، لم يوهن الا القليل من تصاعد شعبية البرادعي. يقول عبد الرحمن يوسف، الشاعر الناشط الذي اسس موقعا الكترونيا ومجموعة قوية على موقع فيسبوك تضم ستين الف عضو باسم البرادعي، والذي ساعد في تنسيق استبقاله في المطار: "انه شخص قادم من الخارج في وقت لا نستطيع فيه الاعتماد على الاشخاص في الداخل."
لم تؤدِّ تضارب مشاعر البرادعي اتجاه الدور الجديد الذي أقحم فيه الى تخريب مصادقيته على ما يبدو. يقول كريم مدحت انـّارة، وهو من بين الكثير من الذين خاطروا بالتعرض للاعتقال لمشاركتهم في التجمع عند المطار: "انه رجل دولة ذو وزن كبير، وهو يجازف بسمعته كلها من خلال الخوض في مستنقع السياسة المصرية الداخلية. كما انه يقدم تضحية شخصية كبرى من اجل اطلاق تغيير سياسي في مصر. ان هذا الامر لوحده كافٍ لاظهار التزامه بالقضية."
بيد ان هناك بعض العوائق التي تقف في طريق البرادعي ان قرر الترشح للرئاسة. فالتعديلات الكبيرة التي اجريت مؤخرا على الدستور تحظر عمليا اي مرشح من خارج اوساط الحزب الحاكم من وصول اسمه الى بطاقة الاقتراع.
ونتيجة لذلك، فان اصلاح الاطار القانوني المحيط بالانتخابات قد اصبح حجر الزاوية في رسالة البرادعي الى الشعب المصري، بالاضافة الى دعوته للتحول الشامل في القيم المصرية. وقال في حديث لصحيفة الشروق المستقلة الشهر الماضي: "لقد ظهرت طبقة جديدة، يطلق عليها محدثي النعمة. واصبحت القيم الاساسية في مصر اليوم هي السلطة والمال، وليست المعرفة."
وفي خضم التهليل الاعلامي الذي أحيط به، هناك من يجاهر بشكوكه في قدرة البرادعي على احداث اي تغيير ذي معنى في هذا النظام الذي يدعمه الغرب، والذي لا يتورع عن استخدام قواته الامنية الهائلة للقضاء على اي مصدر لقوة المعارضة. ويجادل هويدي قائلا: "ان شعبية البرادعي كبيرة بالقياس الى مبارك بنفس الطريقة التي كان فيها اوباما اكثر شعبية من بوش. سوف يحصل اي شخص على الدعم اذا اظهر نفسه على انه البديل، لكننا، مع ذلك، لن نرى البرادعي مرشحا رسميا للرئاسة. الشيء الاكثر اهمية حول ظاهرة البرادعي انها تثبت ان هناك شيء اسمع الخيار السياسي، في الوقت الذي كل ما نسمعه من النظام ان ليس هناك من خيار آخر سواهم. لكن في الوقت الحالي فان حملة البرادعي هي موقع الكتروني، والمواقع الالكترونية هنا وهناك لن تغير اي شيء."
على ان البرادعي نفسه لم يكن قادرا على التحدث الى انصاره عندما هبط في القاهرة، بعد ان نشب نزاع بين الشرطة من جهة والصحفيين والمتظاهرين من جهة اخرى ادى الى منعه من مغادرة صالة المطار. لكنه شق طريقه لاحقا، في اية حال، خلال الجموع المنتظرة في الخارج، وهي اشارة تدل انه ربما قصد ان يحرج مشاعر الذين يحاولون اعداده للوصول للقمة. وقد قال في الشهر الماضي: "ليست لدي عصا سحرية اهزها فتختفي مشاكلنا. لكن ان كان ما اقول يجد صدىً لديك ويقدم لك طريقا للخروج، فاني سوف اعمل واناضل من اجل تحقيق التغيير. سوف اكون معك في الجبهة."
ترجمة: علاء غزالة
وجدت احدى اطول انظمة السلطة في العالم عمرا نفسها في موضع التحدي، عندما عاد محمد البرادعي، الرئيس السابق لوكالة الامم المتحدة للتسلح النووي، واستقبلته الجماهير المصرية لقاء الابطال في وطنه مصر الذي وعد ان يقاتل من اجل احداث التغيير فيها.
فقد تجمع اكثر من الف من المناصرين في مطار القاهرة الدولي لتحية هذا الرجل البالغ سبع وستين عاما من العمر، والذي استقال من منصب كرئيس للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العام الماضي، واعتبر مرشحا منافسا محتملا للرئيس الحالي حسني مبارك الذي دام حكمه ثلاثة عقود، وذلك في الانتخابات الرئاسية المقررة في العام القادم.
انشدت الجماهير المحتشدة اغانٍ وطنية ولوحت بالاعلام والشعارات، تحت رقابة رجال الامن الذين حذّروا المتظاهرين ان يبقوا بعيدا، مطالبة البرادعي ان يعلن ترشيحه لرئاسة البلاد. يقول احد الاشخاص الذين كانوا يراقبون التظاهرة بدون ان يشاركوا فيها: "انه الامل الوحيد لمصر. لقد كانت تلك امة عظيمة. وسوف يعيد البرادعي اليها عظمتها من جديد."
وكان البرادعي، الذي حاز على جائزة نوبل في العام 2005، قد اشار الى انه قد يفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية شريطة ان تتوافر فيها ظروف العدالة والحرية بالشكل المناسب.
انه الفصل الاخير من قصة هذا الرجل المميز الذي لا ينتمي، حتى الان، الى اي حزب سياسي، ولم يترشح لاي منصب رسمي، والذي اعرب عن رغبته في ان لا يقوم عند عودته الى الوطن باكثر من امضاء وقته مع عائلته. لكنه منذ ان استقال من منصبه مكللا بالتشريف والتكريم، بعد ان تربع عليه اثنا عشر عاما، استحال بتردد الى القائد المنتظر لدى حركة المعارضة المصرية اليائسة، حيث توحد العلمانيون والاسلاميون والليبراليون واليساريون خلف رايته.
يعتقد الكثير من المحللين ان الرئيس الحالي، البالغ واحد وثمانين عاما من العمر، يعدّ ابنه، جمال، لخلافته في السلطة، وهو مصرفي سابق كان العقل المدبر وراء سياسة التحرر الاقتصادي التي لا تحظى بشعبية واسعة في البلاد. يقول كاتب العمود الصحفي فهمي هويدي ان تدخل البرادعي غير المتوقع قد "ازعج الذين رسموا الخطط بكل تأنٍ."
اما الكاتب القصصي علاء الاسواني، والذي تلقى رواياته رواجا كبيرا، فيقول ان عودة البرادعي الى القاهرة قد فتحت "فصلا جديدا في نضال المصريين من اجل الحصول على حقوقهم في الحرية والعدالة.. لقد اضحى الدكتور البرادعي، بلا شك وبكل الطرق، الظاهرة السياسية الاكثر اهمية بمصر في الوقت الراهن."
غير ان الحكومة المصرية ترى الامر بطريقة مختلفة. فالناقدون المقربون من الحكومة وصموه والحملة التي تجمعت حوله بسرعة بالسذاجة والخيانة، و"مكافئة لانقلاب دستوري،" على حد كلمات رئيس تحرير جريدة الاهرام، وهي كبرى الصحف المصرية التي تسيطر عليها الدولة.
على ان هذا الهجوم، على كل حال، لم يوهن الا القليل من تصاعد شعبية البرادعي. يقول عبد الرحمن يوسف، الشاعر الناشط الذي اسس موقعا الكترونيا ومجموعة قوية على موقع فيسبوك تضم ستين الف عضو باسم البرادعي، والذي ساعد في تنسيق استبقاله في المطار: "انه شخص قادم من الخارج في وقت لا نستطيع فيه الاعتماد على الاشخاص في الداخل."
لم تؤدِّ تضارب مشاعر البرادعي اتجاه الدور الجديد الذي أقحم فيه الى تخريب مصادقيته على ما يبدو. يقول كريم مدحت انـّارة، وهو من بين الكثير من الذين خاطروا بالتعرض للاعتقال لمشاركتهم في التجمع عند المطار: "انه رجل دولة ذو وزن كبير، وهو يجازف بسمعته كلها من خلال الخوض في مستنقع السياسة المصرية الداخلية. كما انه يقدم تضحية شخصية كبرى من اجل اطلاق تغيير سياسي في مصر. ان هذا الامر لوحده كافٍ لاظهار التزامه بالقضية."
بيد ان هناك بعض العوائق التي تقف في طريق البرادعي ان قرر الترشح للرئاسة. فالتعديلات الكبيرة التي اجريت مؤخرا على الدستور تحظر عمليا اي مرشح من خارج اوساط الحزب الحاكم من وصول اسمه الى بطاقة الاقتراع.
ونتيجة لذلك، فان اصلاح الاطار القانوني المحيط بالانتخابات قد اصبح حجر الزاوية في رسالة البرادعي الى الشعب المصري، بالاضافة الى دعوته للتحول الشامل في القيم المصرية. وقال في حديث لصحيفة الشروق المستقلة الشهر الماضي: "لقد ظهرت طبقة جديدة، يطلق عليها محدثي النعمة. واصبحت القيم الاساسية في مصر اليوم هي السلطة والمال، وليست المعرفة."
وفي خضم التهليل الاعلامي الذي أحيط به، هناك من يجاهر بشكوكه في قدرة البرادعي على احداث اي تغيير ذي معنى في هذا النظام الذي يدعمه الغرب، والذي لا يتورع عن استخدام قواته الامنية الهائلة للقضاء على اي مصدر لقوة المعارضة. ويجادل هويدي قائلا: "ان شعبية البرادعي كبيرة بالقياس الى مبارك بنفس الطريقة التي كان فيها اوباما اكثر شعبية من بوش. سوف يحصل اي شخص على الدعم اذا اظهر نفسه على انه البديل، لكننا، مع ذلك، لن نرى البرادعي مرشحا رسميا للرئاسة. الشيء الاكثر اهمية حول ظاهرة البرادعي انها تثبت ان هناك شيء اسمع الخيار السياسي، في الوقت الذي كل ما نسمعه من النظام ان ليس هناك من خيار آخر سواهم. لكن في الوقت الحالي فان حملة البرادعي هي موقع الكتروني، والمواقع الالكترونية هنا وهناك لن تغير اي شيء."
على ان البرادعي نفسه لم يكن قادرا على التحدث الى انصاره عندما هبط في القاهرة، بعد ان نشب نزاع بين الشرطة من جهة والصحفيين والمتظاهرين من جهة اخرى ادى الى منعه من مغادرة صالة المطار. لكنه شق طريقه لاحقا، في اية حال، خلال الجموع المنتظرة في الخارج، وهي اشارة تدل انه ربما قصد ان يحرج مشاعر الذين يحاولون اعداده للوصول للقمة. وقد قال في الشهر الماضي: "ليست لدي عصا سحرية اهزها فتختفي مشاكلنا. لكن ان كان ما اقول يجد صدىً لديك ويقدم لك طريقا للخروج، فاني سوف اعمل واناضل من اجل تحقيق التغيير. سوف اكون معك في الجبهة."