- الأربعاء مايو 01, 2013 2:08 am
#61523
تعمل السياسة الأمريكية، بدعم من المجتمع الدولي، على استخدام الضغط الدبلوماسي إلى جانب العقوبات الاقتصادية والمالية لإقناع إيران بعدم بناء أسلحة نووية. وقد جاء أحدث تكرار للسياسة الأمريكية في الرابع عشر من آذار/مارس في مقابلة الرئيس أوباما مع التلفزيون الإسرائيلي قبل زيارته هذا الأسبوع: "نعتقد أن الأمر سوف يستغرق اكثر من عام أو نحو ذلك حتى تطور إيران فعلياً سلاحاً نووياً لكن من الواضح أننا لا نرغب في عدم ترك وقت كافٍ للتحرك...ولو استطعنا حل المسألة دبلوماسياً، فسوف يكون هذا خياراً أكثر ديمومة. لكن إن لم يتحقق ذلك، سوف أستمر في إبقاء جميع الخيارات على الطاولة".
وقد تم توضيح المنطق وراء هذه السياسة بمزيد من التفصيل في 12 آذار/مارس عندما قال مدير "الاستخبارات الوطنية" الأمريكية جيمس كلابر أمام "اللجنة المختارة للمخابرات" بمجلس الشيوخ إن "عملية صنع القرارات النووي في إيران يوجهها منهج الربح والخسارة، وهو ما يمنح المجتمع الدولي فرصاً للتأثير على طهران". لكنه قال أيضاً إن تقديرات الولايات المتحدة تشير إلى أن إيران تعمل على تطوير قدرات "لبناء أسلحة نووية حال اتخاذ قرار بتنفيذ ذلك" (وهو تحذير أُغفل في ملاحظات الرئيس أوباما). وأضاف كلابر أنه رغم الضغوط الدبلوماسية إلا أن "إيران حققت تقدماً أثناء السنة الأخيرة يجعلها في وضع أفضل لإنتاج يورانيوم يُستخدم في تصنيع الأسلحة باستخدام مرافقها المعلنة ومخزونها من اليورانيوم، لو أنها اختارت ذلك". واستطرد قائلاً: "رغم هذا التقدم، إلا أن تقديراتنا تشير إلى أن إيران لا تستطيع تحويل مسار المواد المُؤمَّنة وإنتاج يورانيوم يصلح للاستخدام في تصنيع سلاح نووي دون اكتشاف هذا النشاط" -- وهو كلام يشير إلى التخوف بشأن حصول إيران على مواد غير مُؤمَّنة.
السياق
تبدأ المرحلة التالية من العملية الدبلوماسية في 18 آذار/مارس في اسطنبول، وهو الموعد المقرر أن يلتقي فيه خبراء فنيون من إيران والقوى العالمية العظمى-- الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والمعروفة باسم مجموعة «دول الخمسة زائد واحد». ويُرجح أن توجه المحادثات نحو السعي إلى التوصل لتسوية لوضع حد أقصى للقدرات النووية الإيرانية المتزايدة مقابل حوافز مثل تخفيف العقوبات، وهو ما من شأنه أن يمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولية. ومن المقرر أن ينعقد الاجتماع التالي رفيع المستوى في مطلع نيسان/أبريل في مدينة ألماتي بكازاخستان التي استضافت الاجتماع الأخير.
سوف تكون الطموحات النووية الإيرانية والاستراتيجية الأمريكية للتعامل معها بنداً رئيسياً على جدول أعمال المحادثات رفيعة المستوى أثناء رحلة أوباما إلى الشرق الأوسط. وترى إسرائيل نفسها هدفاً محتملاً للسلاح النووي الإيراني، وهو أمر أقر به كلابر ضمنياً عندما قال: "تقديراتنا أن إيران سوف تختار على الأرجح صاروخاً باليستياً كوسيلة مفضلة لتوصيل سلاح نووي، في حالة نشر أحدها على الإطلاق. إن صواريخ إيران الباليستية قادرة على توصيل أسلحة دمار شامل".
يرجح أن كلمات كلابر لا تريح القادة الإسرائيليين، الذين يُحتمل أن يشاركهم حلفاء الولايات المتحدة العرب في مخاوفهم، بما في ذلك الأردن (التي سيزورها أوباما أيضاً) وكذلك دول الخليج العربي المحافظة. لقد انتاب قادة الخليج القلق من تصريحات قائد "القيادة المركزية" الجنرال جيمس ماتيس أمام "لجنة الخدمات المسلحة" في الكونغرس في 5 آذار/مارس، حيث قال إن الجهود الأمريكية للحيلولة دون امتلاك إيران لسلاح نووي لا تجدي نفعاً. كما سيزيد من قلقهم تصور كلابر لنية إيران "تعزيز هيبتها الأمنية ونفوذها الإقليمي" وملاحظته الإضافية بأن إيران "تريد تعزيز قدراتها النووية والصاروخية". يرجح أن قلق دول الخليج من سياسة الولايات المتحدة بلغ ذروته في 11 آذار/مارس، عندما صرح مستشار الأمن القومي توم دونيلون أمام "الجمعية الآسيوية" في نيويورك بأن "الولايات المتحدة لن تقبل كوريا الشمالية كدولة نووية"، رغم اختبار الدولة لثلاث قنابل ذرية، كان آخرها الشهر الأخير.
التطورات الأخيرة
يجب النظر أيضاً إلى هذه الملاحظات الصادرة عن المسؤولين الأمريكيين في سياق التطورات الأخيرة. فالتقرير الأخير حول إيران والصادر عن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أثار مجموعة من التحذيرات. وقد تضمنت هذه التحذيرات الأخبار حول الزيادة الهائلة في عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها إيران لتخصيب اليورانيوم، وكذلك استخدام نوع جديد من أجهزة الطرد المركزي التي يرجح أن تقوم بتخصيب اليورانيوم بمزيد من السرعة وبكميات أكبر. وبالإضافة إلى ذلك، يجري العمل على مفاعل للمياه الثقيلة قادر على إنتاج البلوتونيوم، وهي مادة نووية انفجارية بديلة. والسؤال الذي لا يزال بلا جواب هو ذلك المتعلق بمنشأة بالقرب من طهران حيث مُنع مسؤولو "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" من التفتيش على التجارب البحثية المحتملة المتعلقة بالعمل النووي العسكري.
ليس من المعروف حتى الآن ما إذا كانت التجربة الأخيرة لكوريا الشمالية قد شملت قنبلة يورانيوم عالي التخصيب أو قنبلة بلوتونيوم. لقد واصلت بيونغ يانغ علاقاتها الوثيقة مع طهران وهناك مخاوف من احتمالية مشاركة نتائج التجارب، وهو ما سيفيد الإيرانيين كثيراً، لا سيما إن تضمنت التجربة جهاز يورانيوم. وينبغي الالتفات إلى أن كوريا الشمالية -- التي تستخدم أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم -- قد زودت طهران بصواريخ باليستية من نوع يمثل مصدر قلق لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
المنظور التاريخي
ينبغي النظر إلى هذه المستجدات في سياق تقدم إيران رغم مضي عشر سنوات على زيادة الإجراءات العقابية من قبل المجتمع الدولي. لقد كان البرنامج النووي الإيراني بدائياً منذ عقد مضى، حيث كان يشتمل فقط على تجارب للتخصيب على نطاق ضيق (لم يتم إبلاغ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" عنها بشكل كامل) ومنشأة تخصيب واحدة مشيدة جزئياً. أما الآن فقد أصبح لديها محطة تخصيب عاملة في نطنز ومحطة إضافية مدفونة تحت جبل في فوردو. وإجمالاً، هناك أكثر من 16000 جهاز طرد مركزي تم تركيبها أو قيد التشغيل حالياً، وهذا عدد ضخم؛ كما يجري تركيب جهاز طرد مركزي متقدم، فضلاً عن العمل على تصميمات محسّنة أخرى. وقد حُولت كمية كبيرة من اليورانيوم إلى مادة تغذية لأجهزة الطرد المركزي، كما يجري استعادة المزيد من مواد الخام من منجم يورانيوم في إيران.
التحديات التقنية
ورغم أن إيران تواصل الاحتفاظ بمخزون من اليورانيوم المخصب حتى 20 بالمائة بكمية لا تكفي لتصنيع سلاح نووي، إلا أنه في حالة تخصيب ذلك اليورانيوم إلى نسبة أعلى، تكفي لجهاز نووي واحد، فإن معاملات هذا التقدير سوف تتغير. إن استخدام أوباما لمصطلح "سلاح نووي" قد يشير إلى أن طهران تطور جهازاً نووياً أولياً متفجراً قابلاً للاختبار، لكنه كبير جداً بدرجة لا تسمح بأن يكون سلاحاً قابلاً للتوصيل إلى أماكن أخرى، بل ربما لا يتجاوز الخط الأحمر للولايات المتحدة. كما أن تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي، تزيد قدراتها من ثلاثة إلى خمسة أضعاف عن قدرة الأجهزة الحالية، يمثل مصدر قلق. كما أن تحويل إيران لبعض اليورانيوم المخصب حتى 20 بالمائة إلى أكسيد أقل إثارة للجدل لا يمثل الكثير من الطمأنينة. فهذا النوع من اليورانيوم يمكن إعادة تحويله إلى مادة لتغذية أجهزة الطرد المركزي خلال أسبوع. وبالإضافة إلى ذلك، يفترض أن إيران لديها معلومات من باكستان تمكنها من إدخال تغييرات على ترتيب أجهزة الطرد المركزي، تستغرق أسبوعاً واحداً أو أسبوعين على الأقل، سوف تعزز قدراتها التخصيبية. وفي ملاحظاته أشار كلابر إلى "منشآت إيران المعلنة". ولو أن هناك محطة جديدة لأجهزة الطرد المركزي لم يُعلن عنها بعد، فسوف تتغير الحسابات مرة أخرى.
إن التركيز فقط على تقنية التخصيب قد يصبح مُضللاً بشكل كبير أيضاً. فضلاً عن أن تشغيل مفاعل المياه الثقيلة في أراك سوف يعني أن القلق من قدرات إيران على تصنيع سلاح نووي سوف يتحول من اليورانيوم عالي التخصيب إلى مادة البلوتونيوم النووية الانفجارية بنهاية عام 2014.
معدلات التقدم الحالية والبرامج المكثفة
يجب النظر إلى الآمال المنعقدة على تحقيق أفضل النتائج من المحادثات في اسطنبول وألماتي في إطار البيانات الفنية التي تشير إلى أنه إذا لم يحدث تغير سريع في أنشطة إيران، فإن قدراتها النووية سوف تتعاظم كثيراً بحلول آب/أغسطس من هذا العام، وسوف يكون ذلك نتيجة لفشل المحادثات في وقف التطور التقني المتزايد لإيران ومخزونها المتنامي من المواد المخصبة. لكن الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية قد تُرغم إيران أيضاً على تبني برنامج مكثف (كذلك الذي جرى الشروع فيه في العراق بعد غزو صدام حسين للكويت في عام 1990)، وهو ما سيمثل اختباراً لتأكيد كلابر على أن الولايات المتحدة سوف تكتشف أي تقدم، يُطلق عليه "تجاوز العتبة النووية"، في الوقت المناسب. ورغم أن مفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، الذين يزورون المنشآت الإيرانية كل أسبوع أو أسبوعين، سوف يكتشفون أي نشاط من هذا القبيل، إلا أن رفع تقارير بهذا الاكتشاف إلى مجلس "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وما يتبعها من إدانة لإيران سوف يستغرق بعض الوقت. وإيجازاً، قد تمتلك إيران مواد نووية انفجارية كافية لتصنيع قنبلتها الذرية الأولى قبل أن تتلقى واشنطن أي دعم دولي تريده قبل اتخاذ إجراء من أجل "منع إيران من الحصول على سلاح نووي" بحسب ما ورد في السياسة الأمريكية الحالية.
إن اتخاذ إيران لبعض التدابير التي توافق عليها بسرعة يمكن أن يؤخر الإطار الزمني ويمنح مساحة إضافية لإجراء مفاوضات أكثر تفصيلاً، وهذا يشمل: وقف التخصيب حتى 3.5 بالمائة؛ وإغلاق منشأة فوردو؛ ونقل مخزون إيران من اليورانيوم المخصب حتى 3.5 بالمائة (اليورانيوم منخفض التخصيب) و20 بالمائة إلى الخارج؛ ووقف إنشاء مفاعل أراك وإنتاج الوقود له؛ وتقديم تفسير أكثر اكتمالاً إلى "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" حول أنشطة إيران البحثية في إطار الطبيعة السلمية التي تدعيها لبرنامجها. إن المحادثات القادمة في اسطنبول وألماتي، أو حتى الاتصالات الدبلوماسية المباشرة بشكل أكبر، توفر فرصاً سانحة لمثل تلك الخطوات.
أولي هاينونين هو زميل أقدم في مركز بيلفر بمدرسة كينيدي في جامعة هارفارد ونائب المدير العام السابق لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" لشؤون الضمانات. سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن. وهما مؤلفا الإصدار "إيران النووية"، صدر بصورة مشتركة من قبل معهد واشنطن ومركز بيلفر في 2012.
وقد تم توضيح المنطق وراء هذه السياسة بمزيد من التفصيل في 12 آذار/مارس عندما قال مدير "الاستخبارات الوطنية" الأمريكية جيمس كلابر أمام "اللجنة المختارة للمخابرات" بمجلس الشيوخ إن "عملية صنع القرارات النووي في إيران يوجهها منهج الربح والخسارة، وهو ما يمنح المجتمع الدولي فرصاً للتأثير على طهران". لكنه قال أيضاً إن تقديرات الولايات المتحدة تشير إلى أن إيران تعمل على تطوير قدرات "لبناء أسلحة نووية حال اتخاذ قرار بتنفيذ ذلك" (وهو تحذير أُغفل في ملاحظات الرئيس أوباما). وأضاف كلابر أنه رغم الضغوط الدبلوماسية إلا أن "إيران حققت تقدماً أثناء السنة الأخيرة يجعلها في وضع أفضل لإنتاج يورانيوم يُستخدم في تصنيع الأسلحة باستخدام مرافقها المعلنة ومخزونها من اليورانيوم، لو أنها اختارت ذلك". واستطرد قائلاً: "رغم هذا التقدم، إلا أن تقديراتنا تشير إلى أن إيران لا تستطيع تحويل مسار المواد المُؤمَّنة وإنتاج يورانيوم يصلح للاستخدام في تصنيع سلاح نووي دون اكتشاف هذا النشاط" -- وهو كلام يشير إلى التخوف بشأن حصول إيران على مواد غير مُؤمَّنة.
السياق
تبدأ المرحلة التالية من العملية الدبلوماسية في 18 آذار/مارس في اسطنبول، وهو الموعد المقرر أن يلتقي فيه خبراء فنيون من إيران والقوى العالمية العظمى-- الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والمعروفة باسم مجموعة «دول الخمسة زائد واحد». ويُرجح أن توجه المحادثات نحو السعي إلى التوصل لتسوية لوضع حد أقصى للقدرات النووية الإيرانية المتزايدة مقابل حوافز مثل تخفيف العقوبات، وهو ما من شأنه أن يمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولية. ومن المقرر أن ينعقد الاجتماع التالي رفيع المستوى في مطلع نيسان/أبريل في مدينة ألماتي بكازاخستان التي استضافت الاجتماع الأخير.
سوف تكون الطموحات النووية الإيرانية والاستراتيجية الأمريكية للتعامل معها بنداً رئيسياً على جدول أعمال المحادثات رفيعة المستوى أثناء رحلة أوباما إلى الشرق الأوسط. وترى إسرائيل نفسها هدفاً محتملاً للسلاح النووي الإيراني، وهو أمر أقر به كلابر ضمنياً عندما قال: "تقديراتنا أن إيران سوف تختار على الأرجح صاروخاً باليستياً كوسيلة مفضلة لتوصيل سلاح نووي، في حالة نشر أحدها على الإطلاق. إن صواريخ إيران الباليستية قادرة على توصيل أسلحة دمار شامل".
يرجح أن كلمات كلابر لا تريح القادة الإسرائيليين، الذين يُحتمل أن يشاركهم حلفاء الولايات المتحدة العرب في مخاوفهم، بما في ذلك الأردن (التي سيزورها أوباما أيضاً) وكذلك دول الخليج العربي المحافظة. لقد انتاب قادة الخليج القلق من تصريحات قائد "القيادة المركزية" الجنرال جيمس ماتيس أمام "لجنة الخدمات المسلحة" في الكونغرس في 5 آذار/مارس، حيث قال إن الجهود الأمريكية للحيلولة دون امتلاك إيران لسلاح نووي لا تجدي نفعاً. كما سيزيد من قلقهم تصور كلابر لنية إيران "تعزيز هيبتها الأمنية ونفوذها الإقليمي" وملاحظته الإضافية بأن إيران "تريد تعزيز قدراتها النووية والصاروخية". يرجح أن قلق دول الخليج من سياسة الولايات المتحدة بلغ ذروته في 11 آذار/مارس، عندما صرح مستشار الأمن القومي توم دونيلون أمام "الجمعية الآسيوية" في نيويورك بأن "الولايات المتحدة لن تقبل كوريا الشمالية كدولة نووية"، رغم اختبار الدولة لثلاث قنابل ذرية، كان آخرها الشهر الأخير.
التطورات الأخيرة
يجب النظر أيضاً إلى هذه الملاحظات الصادرة عن المسؤولين الأمريكيين في سياق التطورات الأخيرة. فالتقرير الأخير حول إيران والصادر عن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أثار مجموعة من التحذيرات. وقد تضمنت هذه التحذيرات الأخبار حول الزيادة الهائلة في عدد أجهزة الطرد المركزي التي تستخدمها إيران لتخصيب اليورانيوم، وكذلك استخدام نوع جديد من أجهزة الطرد المركزي التي يرجح أن تقوم بتخصيب اليورانيوم بمزيد من السرعة وبكميات أكبر. وبالإضافة إلى ذلك، يجري العمل على مفاعل للمياه الثقيلة قادر على إنتاج البلوتونيوم، وهي مادة نووية انفجارية بديلة. والسؤال الذي لا يزال بلا جواب هو ذلك المتعلق بمنشأة بالقرب من طهران حيث مُنع مسؤولو "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" من التفتيش على التجارب البحثية المحتملة المتعلقة بالعمل النووي العسكري.
ليس من المعروف حتى الآن ما إذا كانت التجربة الأخيرة لكوريا الشمالية قد شملت قنبلة يورانيوم عالي التخصيب أو قنبلة بلوتونيوم. لقد واصلت بيونغ يانغ علاقاتها الوثيقة مع طهران وهناك مخاوف من احتمالية مشاركة نتائج التجارب، وهو ما سيفيد الإيرانيين كثيراً، لا سيما إن تضمنت التجربة جهاز يورانيوم. وينبغي الالتفات إلى أن كوريا الشمالية -- التي تستخدم أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم -- قد زودت طهران بصواريخ باليستية من نوع يمثل مصدر قلق لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
المنظور التاريخي
ينبغي النظر إلى هذه المستجدات في سياق تقدم إيران رغم مضي عشر سنوات على زيادة الإجراءات العقابية من قبل المجتمع الدولي. لقد كان البرنامج النووي الإيراني بدائياً منذ عقد مضى، حيث كان يشتمل فقط على تجارب للتخصيب على نطاق ضيق (لم يتم إبلاغ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" عنها بشكل كامل) ومنشأة تخصيب واحدة مشيدة جزئياً. أما الآن فقد أصبح لديها محطة تخصيب عاملة في نطنز ومحطة إضافية مدفونة تحت جبل في فوردو. وإجمالاً، هناك أكثر من 16000 جهاز طرد مركزي تم تركيبها أو قيد التشغيل حالياً، وهذا عدد ضخم؛ كما يجري تركيب جهاز طرد مركزي متقدم، فضلاً عن العمل على تصميمات محسّنة أخرى. وقد حُولت كمية كبيرة من اليورانيوم إلى مادة تغذية لأجهزة الطرد المركزي، كما يجري استعادة المزيد من مواد الخام من منجم يورانيوم في إيران.
التحديات التقنية
ورغم أن إيران تواصل الاحتفاظ بمخزون من اليورانيوم المخصب حتى 20 بالمائة بكمية لا تكفي لتصنيع سلاح نووي، إلا أنه في حالة تخصيب ذلك اليورانيوم إلى نسبة أعلى، تكفي لجهاز نووي واحد، فإن معاملات هذا التقدير سوف تتغير. إن استخدام أوباما لمصطلح "سلاح نووي" قد يشير إلى أن طهران تطور جهازاً نووياً أولياً متفجراً قابلاً للاختبار، لكنه كبير جداً بدرجة لا تسمح بأن يكون سلاحاً قابلاً للتوصيل إلى أماكن أخرى، بل ربما لا يتجاوز الخط الأحمر للولايات المتحدة. كما أن تركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي، تزيد قدراتها من ثلاثة إلى خمسة أضعاف عن قدرة الأجهزة الحالية، يمثل مصدر قلق. كما أن تحويل إيران لبعض اليورانيوم المخصب حتى 20 بالمائة إلى أكسيد أقل إثارة للجدل لا يمثل الكثير من الطمأنينة. فهذا النوع من اليورانيوم يمكن إعادة تحويله إلى مادة لتغذية أجهزة الطرد المركزي خلال أسبوع. وبالإضافة إلى ذلك، يفترض أن إيران لديها معلومات من باكستان تمكنها من إدخال تغييرات على ترتيب أجهزة الطرد المركزي، تستغرق أسبوعاً واحداً أو أسبوعين على الأقل، سوف تعزز قدراتها التخصيبية. وفي ملاحظاته أشار كلابر إلى "منشآت إيران المعلنة". ولو أن هناك محطة جديدة لأجهزة الطرد المركزي لم يُعلن عنها بعد، فسوف تتغير الحسابات مرة أخرى.
إن التركيز فقط على تقنية التخصيب قد يصبح مُضللاً بشكل كبير أيضاً. فضلاً عن أن تشغيل مفاعل المياه الثقيلة في أراك سوف يعني أن القلق من قدرات إيران على تصنيع سلاح نووي سوف يتحول من اليورانيوم عالي التخصيب إلى مادة البلوتونيوم النووية الانفجارية بنهاية عام 2014.
معدلات التقدم الحالية والبرامج المكثفة
يجب النظر إلى الآمال المنعقدة على تحقيق أفضل النتائج من المحادثات في اسطنبول وألماتي في إطار البيانات الفنية التي تشير إلى أنه إذا لم يحدث تغير سريع في أنشطة إيران، فإن قدراتها النووية سوف تتعاظم كثيراً بحلول آب/أغسطس من هذا العام، وسوف يكون ذلك نتيجة لفشل المحادثات في وقف التطور التقني المتزايد لإيران ومخزونها المتنامي من المواد المخصبة. لكن الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية قد تُرغم إيران أيضاً على تبني برنامج مكثف (كذلك الذي جرى الشروع فيه في العراق بعد غزو صدام حسين للكويت في عام 1990)، وهو ما سيمثل اختباراً لتأكيد كلابر على أن الولايات المتحدة سوف تكتشف أي تقدم، يُطلق عليه "تجاوز العتبة النووية"، في الوقت المناسب. ورغم أن مفتشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، الذين يزورون المنشآت الإيرانية كل أسبوع أو أسبوعين، سوف يكتشفون أي نشاط من هذا القبيل، إلا أن رفع تقارير بهذا الاكتشاف إلى مجلس "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" وما يتبعها من إدانة لإيران سوف يستغرق بعض الوقت. وإيجازاً، قد تمتلك إيران مواد نووية انفجارية كافية لتصنيع قنبلتها الذرية الأولى قبل أن تتلقى واشنطن أي دعم دولي تريده قبل اتخاذ إجراء من أجل "منع إيران من الحصول على سلاح نووي" بحسب ما ورد في السياسة الأمريكية الحالية.
إن اتخاذ إيران لبعض التدابير التي توافق عليها بسرعة يمكن أن يؤخر الإطار الزمني ويمنح مساحة إضافية لإجراء مفاوضات أكثر تفصيلاً، وهذا يشمل: وقف التخصيب حتى 3.5 بالمائة؛ وإغلاق منشأة فوردو؛ ونقل مخزون إيران من اليورانيوم المخصب حتى 3.5 بالمائة (اليورانيوم منخفض التخصيب) و20 بالمائة إلى الخارج؛ ووقف إنشاء مفاعل أراك وإنتاج الوقود له؛ وتقديم تفسير أكثر اكتمالاً إلى "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" حول أنشطة إيران البحثية في إطار الطبيعة السلمية التي تدعيها لبرنامجها. إن المحادثات القادمة في اسطنبول وألماتي، أو حتى الاتصالات الدبلوماسية المباشرة بشكل أكبر، توفر فرصاً سانحة لمثل تلك الخطوات.
أولي هاينونين هو زميل أقدم في مركز بيلفر بمدرسة كينيدي في جامعة هارفارد ونائب المدير العام السابق لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" لشؤون الضمانات. سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن. وهما مؤلفا الإصدار "إيران النووية"، صدر بصورة مشتركة من قبل معهد واشنطن ومركز بيلفر في 2012.