By طارق محمد 1 3 - الأربعاء مايو 01, 2013 10:49 pm
- الأربعاء مايو 01, 2013 10:49 pm
#61581
في السنوات الأخيرة، كثفت إسرائيل وأذربيجان من تعاونهما على الصعيد الأمني والعسكري. كما شهد الوقت ذاته تصاعد حدة التوترات بين أذربيجان وإيران. ومع ذلك، فإن هذه المستجدات مستقلة إلى حد بعيد عن بعضها البعض على الرغم من جهود طهران الرامية إلى تعزيز المفاهيم الخاطئة التي تعكس خلاف ذلك.
العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية
اعترفت إسرائيل باستقلال أذربيجان في عام 1991، وفتحت سفارة في العاصمة باكو في 1993. ومنذ ذلك الحين، زار البلاد العديد من الوفود الإسرائيلية: ففي عام 1997، اجتمع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع الرئيس آنذاك حيدر علييف؛ وفي عام 2009، انضم ثلاثة وزراء إسرائيليين وخمسون من رجال الأعمال إلى الرئيس شمعون بيريز في زيارته للقاء الرئيس الحالي إلهام علييف، الذي يحتفظ معه بيريز بعلاقات قريبة، كما زار وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان أذربيجان في شباط/فبراير 2010 ونيسان/أبريل 2012.
إلا أن باكو لم تقابل الخطوة الإسرائيلية بالمثل ولم تفتح سفارة في إسرائيل، مبررة ذلك بمخاوفها من إقدام الدول ذات الأغلبية المسلمة في الأمم المتحدة على التصويت ضدها بشأن صراعها مع أرمينيا حول إقليم "ناغورنو كاراباخ" المتنازع عليه. ومع ذلك، فقد قام عدة مسؤولين من أذربيجان بزيارات إلى إسرائيل، بما في ذلك وزير البيئة والموارد الطبيعية دعا حسين باغيروف (كانون الأول/ديسمبر 2002 و تشرين الثاني/نوفمبر 2006)، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي عباسوف (تشرين الثاني/نوفمبر 2003)، ووزير حالات الطوارئ كمال الدين حيدروف (آذار/مارس 2007)، ووزير النقل ضياء محمدوف (حزيران/يونيو 2007). وعلاوة على ذلك، تقوم شركة الطيران الأذربيجانية الوطنية "آزال" برحلات منتظمة إلى تل أبيب منذ عام 1993، كما أن الإسرائيليين هم من بين عدد قليل من حاملي جوازات السفر المؤهلين للحصول على تأشيرات الدخول في مطار باكو.
وعلى نطاق أوسع، تأتي إسرائيل ضمن أكبر خمس شركاء تجاريين لأذربيجان في السنوات الأخيرة. كما تُعد باكو أكبر مورد للنفط لإسرائيل، حيث تزودها بحوالي 40 بالمائة من استهلاكها السنوي، بينما تُعتبر إسرائيل سادس أكبر مستورد لصادرات النفط الأذربيجاني. ويصل النفط الأذري عن طريق خط أنابيب يمر عبر تركيا، واستمر في العمل حتى في ظل تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية في السنوات الأخيرة. وبالإضافة إلى ذلك، تشارك إحدى المؤسسات التابعة لـ "شركة النفط الحكومية لجمهورية أذربيجان" ("سوكار") في أعمال التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل إسرائيل. وهذا المشروع هو الأول من نوعه لشركة "سوكار" خارج منطقة بحر قزوين والذي من شأنه أن يسهم في تحقيق أهداف المؤسسة بأن تصبح إحدى شركات النفط الدولية.
وفي الوقت ذاته، أصبحت أذربيجان إحدى المستهلكين الرئيسيين للأسلحة والخبرة العسكرية الإسرائيلية. وفي شباط/فبراير 2012، صدّق الجانبان على اتفاقية تم توقيعها سلفاً تبلغ قيمتها 1.6 مليار دولار، وتشمل طائرات اسرائيلية بدون طيار ونظم مضادة للطائرات /الدفاع الصاروخي. كما تشارك شركات إسرائيلية في نقل المعلومات التكنولوجية كجزء من جهود أذربيجان الرامية إلى إقامة صناعة أسلحة محلية؛ وتقوم بالفعل إحدى الشركات المشتركة بإنتاج آليات عسكرية بدون متحكم بشري في باكو.
وعلى الصعيد الثقافي، كانت أذربيجان وما زالت موطناً لجالية يهودية تتركز في باكو وشمال مدينة قباء، تعيش في البلاد فترة دامت أكثر من2,000 عام. ويبلغ عدد سكان هذه الطائفة حالياً ما يتراوح بين 20,000 - 25,000 نسمة، على غرار السكان اليهود في إيران وتركيا. ويتمتع اليهود الأذربيجانيين بالأمن وحرية العبادة والثقافة؛ ويقوم الرئيس علييف كل عام بزيارة مؤسسات الجالية في قباء ويوجه لهم برقيات التهنئة في الأعياد اليهودية، وبياناً تضامنياً في يوم ذكرى المحرقة.
العلاقات الإيرانية الأذربيجانية
قام المسؤولون الإيرانيون ووسائل الإعلام بمحاولات مضنية لوصف عداء طهران المتصاعد ضد أذربيجان كرد على علاقات باكو الوثيقة مع إسرائيل، حيث يصورون الجمهورية الإسلامية بأنها ضحية التعاون بين الدولتين. ومع ذلك، لا يدعم التاريخ هذا الادعاء -- فقد عملت طهران ضد أذربيجان المستقلة منذ إنشائها في عام 1991، قبل وقت طويل من إقامتها علاقات وثيقة مع اسرائيل.
ويُعد التفسير الأكثر قبولاً لهذا العداء هو الخوف من أن الرخاء والنزعة القومية الأذرية قد يثيران المجتمع الأذربيجاني في إيران الذين يشكل ثلث سكان البلاد. وأياً كان السبب، فقد دأبت طهران على تهديد أمن جارتها وتقدمها الاقتصادي، كما قدمت الدعم لأرمينيا في حرب "ناغورنو كاراباخ" في مطلع التسعينات فضلاً عن محاولتها إحباط مشروعات تصدير الطاقة في أذربيجان. وفي مؤتمر عقد مؤخراً في جامعة "جونز هوبكنز"، اعترف علناً دبلوماسيون أرمن بأن إيران قدمت مساعدات لبلادهم خلال الحرب.
كما تقدم طهران الرعاية للإسلاميين وغيرهم من الجماعات المناهضة للحكومة أو تحتفظ بعلاقات معهم في البلد المجاور. وقد نجحت باكو في إحباط عدد من المؤامرات الإرهابية الداخلية كادت أن تقوم بها جماعات ذات صلة بإيران كانت تستهدف السفارات الأمريكية والإسرائيلية فضلاً عن مؤسسات الطائفة اليهودية في العاصمة. ففي عام 2008، على سبيل المثال، أعلن مسؤولون عن نجاحهم في إحباط خطة لتفجير سيارات مفخخة بالقرب من السفارة الإسرائيلية؛ وفي وقت لاحق أُدانت محكمة أذربيجانية اثنين من المواطنين اللبنانيين لهما علاقات مع ايران، لتورطهما في تلك العملية الإرهابية. وفي عام 2011، حاول عملاء يرتبطون بعلاقات مع ايران اغتيال السفير الأمريكي في أذربيجان.
ومن جانبها، اتخذت باكو جوانب الحيطة والحذر إلى حد كبير في سياستها تجاه الأقلية الأذربيجانية في إيران. على سبيل المثال، يتم بشكل واضح استبعاد الوفود الايرانية من مؤتمرات الشتات التي يتم رعايتها رسمياً في باكو خلال عقدين من الزمن. ومع ذلك، فخلال فترات العداء الإيراني المكثفة كثيراً ما تستغل باكو قضية "جنوب أذربيجان"، لتذكير طهران بأن في جعبتها الوسائل التي تمكنها من تهديد استقرار إيران. ففي تموز/يوليو 2001، على سبيل المثال، هددت الزوارق الحربية الإيرانية إحدى سفن الاستكشاف التابعة لشركة "بي پي" في القطاع الخاضع للسيطرة الأذرية من بحر قزوين، كما خرقت الطائرات الحربية الإيرانية أجواء البلاد عدة مرات. وما كان من باكو إلا الرد بنشر كتب مدرسية تحتوي على خرائط لأذربيجان تضم شمال غرب إيران، بينما جددت منافذ التلفزيون بث سلسلة من البرامج حول ثقافة "جنوب أذربيجان.".
وفي الآونة الأخيرة، سمحت باكو لـ "حركة التحرير الوطني لجنوب أذربيجان" بعقد مؤتمر في العاصمة في 30 آذار/مارس، يهدف إلى تسليط الضوء على أحدث ما شهدته التوترات مع طهران. ورداً على ذلك، طالب حسين شريعتمداري -- ناشر صحيفة كيهان (أكبر صحف إيران) ومستشار مقرب من المرشد الأعلى علي خامنئي -- أذربيجان بإجراء استفتاء حول ما اذا كانت ستنضم إلى إيران.
ومع هذا، فكما هو موضح أعلاه، فإن أجواء التوتر الأخيرة على وجه التحديد ليست استثنائية على الإطلاق. وقد اصطدمت طهران مع باكو مرات عديدة على مدى العقدين الماضيين، ولم تكن طبيعة علاقتهما متأتية كنتيجة مباشرة لتعاملات أذربيجان مع إسرائيل. ومن المؤكد أن التقارب الأذري الإسرائيلي هو شكل من أشكال التحدي الاستراتيجي الأوسع نطاقاً الذي تواجهه باكو(بما في ذلك محاولات متكررة لزعزعة الاستقرار تقوم بها إيران وروسيا في محاولاتهما لاستعادة السيطرة على منطقة بحر قزوين)، ولكن طهران لا تشكل سوى جزء من هذه الحسابات.
وباختصار، لدى أذربيجان أسباب استراتيجية وجيهة ومستقلة وراء تعاونها مع إسرائيل وعلاقتها الضعيفة مع إيران. وعلى الرغم من تصريحات طهران التي تأتي على النقيض من ذلك، هناك توجهات إقليمية مشتركة تربط باكو وإسرائيل، كما يوجد تعاون استراتيجي قوي مع الولايات المتحدة، بينما تشكل إيران تهديداً أمنياً قوياً على البلاد.
بريندا شيفر هي باحثة زائرة في مركز الدراسات الأوروبية الشرقية والروسية والأوراسية في جامعة جورج تاون، وأستاذة للعلوم السياسية في جامعة حيفا. وقد عملت سابقاً أستاذة زائرة في "أكاديمية أذربيجان الدبلوماسية". وتشمل منشوراتها الكتاب "الحدود والاخوة: إيران وتحدي الهوية الأذربيجانية"، الذي صدر عام 2002.
العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية
اعترفت إسرائيل باستقلال أذربيجان في عام 1991، وفتحت سفارة في العاصمة باكو في 1993. ومنذ ذلك الحين، زار البلاد العديد من الوفود الإسرائيلية: ففي عام 1997، اجتمع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع الرئيس آنذاك حيدر علييف؛ وفي عام 2009، انضم ثلاثة وزراء إسرائيليين وخمسون من رجال الأعمال إلى الرئيس شمعون بيريز في زيارته للقاء الرئيس الحالي إلهام علييف، الذي يحتفظ معه بيريز بعلاقات قريبة، كما زار وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان أذربيجان في شباط/فبراير 2010 ونيسان/أبريل 2012.
إلا أن باكو لم تقابل الخطوة الإسرائيلية بالمثل ولم تفتح سفارة في إسرائيل، مبررة ذلك بمخاوفها من إقدام الدول ذات الأغلبية المسلمة في الأمم المتحدة على التصويت ضدها بشأن صراعها مع أرمينيا حول إقليم "ناغورنو كاراباخ" المتنازع عليه. ومع ذلك، فقد قام عدة مسؤولين من أذربيجان بزيارات إلى إسرائيل، بما في ذلك وزير البيئة والموارد الطبيعية دعا حسين باغيروف (كانون الأول/ديسمبر 2002 و تشرين الثاني/نوفمبر 2006)، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي عباسوف (تشرين الثاني/نوفمبر 2003)، ووزير حالات الطوارئ كمال الدين حيدروف (آذار/مارس 2007)، ووزير النقل ضياء محمدوف (حزيران/يونيو 2007). وعلاوة على ذلك، تقوم شركة الطيران الأذربيجانية الوطنية "آزال" برحلات منتظمة إلى تل أبيب منذ عام 1993، كما أن الإسرائيليين هم من بين عدد قليل من حاملي جوازات السفر المؤهلين للحصول على تأشيرات الدخول في مطار باكو.
وعلى نطاق أوسع، تأتي إسرائيل ضمن أكبر خمس شركاء تجاريين لأذربيجان في السنوات الأخيرة. كما تُعد باكو أكبر مورد للنفط لإسرائيل، حيث تزودها بحوالي 40 بالمائة من استهلاكها السنوي، بينما تُعتبر إسرائيل سادس أكبر مستورد لصادرات النفط الأذربيجاني. ويصل النفط الأذري عن طريق خط أنابيب يمر عبر تركيا، واستمر في العمل حتى في ظل تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية في السنوات الأخيرة. وبالإضافة إلى ذلك، تشارك إحدى المؤسسات التابعة لـ "شركة النفط الحكومية لجمهورية أذربيجان" ("سوكار") في أعمال التنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل إسرائيل. وهذا المشروع هو الأول من نوعه لشركة "سوكار" خارج منطقة بحر قزوين والذي من شأنه أن يسهم في تحقيق أهداف المؤسسة بأن تصبح إحدى شركات النفط الدولية.
وفي الوقت ذاته، أصبحت أذربيجان إحدى المستهلكين الرئيسيين للأسلحة والخبرة العسكرية الإسرائيلية. وفي شباط/فبراير 2012، صدّق الجانبان على اتفاقية تم توقيعها سلفاً تبلغ قيمتها 1.6 مليار دولار، وتشمل طائرات اسرائيلية بدون طيار ونظم مضادة للطائرات /الدفاع الصاروخي. كما تشارك شركات إسرائيلية في نقل المعلومات التكنولوجية كجزء من جهود أذربيجان الرامية إلى إقامة صناعة أسلحة محلية؛ وتقوم بالفعل إحدى الشركات المشتركة بإنتاج آليات عسكرية بدون متحكم بشري في باكو.
وعلى الصعيد الثقافي، كانت أذربيجان وما زالت موطناً لجالية يهودية تتركز في باكو وشمال مدينة قباء، تعيش في البلاد فترة دامت أكثر من2,000 عام. ويبلغ عدد سكان هذه الطائفة حالياً ما يتراوح بين 20,000 - 25,000 نسمة، على غرار السكان اليهود في إيران وتركيا. ويتمتع اليهود الأذربيجانيين بالأمن وحرية العبادة والثقافة؛ ويقوم الرئيس علييف كل عام بزيارة مؤسسات الجالية في قباء ويوجه لهم برقيات التهنئة في الأعياد اليهودية، وبياناً تضامنياً في يوم ذكرى المحرقة.
العلاقات الإيرانية الأذربيجانية
قام المسؤولون الإيرانيون ووسائل الإعلام بمحاولات مضنية لوصف عداء طهران المتصاعد ضد أذربيجان كرد على علاقات باكو الوثيقة مع إسرائيل، حيث يصورون الجمهورية الإسلامية بأنها ضحية التعاون بين الدولتين. ومع ذلك، لا يدعم التاريخ هذا الادعاء -- فقد عملت طهران ضد أذربيجان المستقلة منذ إنشائها في عام 1991، قبل وقت طويل من إقامتها علاقات وثيقة مع اسرائيل.
ويُعد التفسير الأكثر قبولاً لهذا العداء هو الخوف من أن الرخاء والنزعة القومية الأذرية قد يثيران المجتمع الأذربيجاني في إيران الذين يشكل ثلث سكان البلاد. وأياً كان السبب، فقد دأبت طهران على تهديد أمن جارتها وتقدمها الاقتصادي، كما قدمت الدعم لأرمينيا في حرب "ناغورنو كاراباخ" في مطلع التسعينات فضلاً عن محاولتها إحباط مشروعات تصدير الطاقة في أذربيجان. وفي مؤتمر عقد مؤخراً في جامعة "جونز هوبكنز"، اعترف علناً دبلوماسيون أرمن بأن إيران قدمت مساعدات لبلادهم خلال الحرب.
كما تقدم طهران الرعاية للإسلاميين وغيرهم من الجماعات المناهضة للحكومة أو تحتفظ بعلاقات معهم في البلد المجاور. وقد نجحت باكو في إحباط عدد من المؤامرات الإرهابية الداخلية كادت أن تقوم بها جماعات ذات صلة بإيران كانت تستهدف السفارات الأمريكية والإسرائيلية فضلاً عن مؤسسات الطائفة اليهودية في العاصمة. ففي عام 2008، على سبيل المثال، أعلن مسؤولون عن نجاحهم في إحباط خطة لتفجير سيارات مفخخة بالقرب من السفارة الإسرائيلية؛ وفي وقت لاحق أُدانت محكمة أذربيجانية اثنين من المواطنين اللبنانيين لهما علاقات مع ايران، لتورطهما في تلك العملية الإرهابية. وفي عام 2011، حاول عملاء يرتبطون بعلاقات مع ايران اغتيال السفير الأمريكي في أذربيجان.
ومن جانبها، اتخذت باكو جوانب الحيطة والحذر إلى حد كبير في سياستها تجاه الأقلية الأذربيجانية في إيران. على سبيل المثال، يتم بشكل واضح استبعاد الوفود الايرانية من مؤتمرات الشتات التي يتم رعايتها رسمياً في باكو خلال عقدين من الزمن. ومع ذلك، فخلال فترات العداء الإيراني المكثفة كثيراً ما تستغل باكو قضية "جنوب أذربيجان"، لتذكير طهران بأن في جعبتها الوسائل التي تمكنها من تهديد استقرار إيران. ففي تموز/يوليو 2001، على سبيل المثال، هددت الزوارق الحربية الإيرانية إحدى سفن الاستكشاف التابعة لشركة "بي پي" في القطاع الخاضع للسيطرة الأذرية من بحر قزوين، كما خرقت الطائرات الحربية الإيرانية أجواء البلاد عدة مرات. وما كان من باكو إلا الرد بنشر كتب مدرسية تحتوي على خرائط لأذربيجان تضم شمال غرب إيران، بينما جددت منافذ التلفزيون بث سلسلة من البرامج حول ثقافة "جنوب أذربيجان.".
وفي الآونة الأخيرة، سمحت باكو لـ "حركة التحرير الوطني لجنوب أذربيجان" بعقد مؤتمر في العاصمة في 30 آذار/مارس، يهدف إلى تسليط الضوء على أحدث ما شهدته التوترات مع طهران. ورداً على ذلك، طالب حسين شريعتمداري -- ناشر صحيفة كيهان (أكبر صحف إيران) ومستشار مقرب من المرشد الأعلى علي خامنئي -- أذربيجان بإجراء استفتاء حول ما اذا كانت ستنضم إلى إيران.
ومع هذا، فكما هو موضح أعلاه، فإن أجواء التوتر الأخيرة على وجه التحديد ليست استثنائية على الإطلاق. وقد اصطدمت طهران مع باكو مرات عديدة على مدى العقدين الماضيين، ولم تكن طبيعة علاقتهما متأتية كنتيجة مباشرة لتعاملات أذربيجان مع إسرائيل. ومن المؤكد أن التقارب الأذري الإسرائيلي هو شكل من أشكال التحدي الاستراتيجي الأوسع نطاقاً الذي تواجهه باكو(بما في ذلك محاولات متكررة لزعزعة الاستقرار تقوم بها إيران وروسيا في محاولاتهما لاستعادة السيطرة على منطقة بحر قزوين)، ولكن طهران لا تشكل سوى جزء من هذه الحسابات.
وباختصار، لدى أذربيجان أسباب استراتيجية وجيهة ومستقلة وراء تعاونها مع إسرائيل وعلاقتها الضعيفة مع إيران. وعلى الرغم من تصريحات طهران التي تأتي على النقيض من ذلك، هناك توجهات إقليمية مشتركة تربط باكو وإسرائيل، كما يوجد تعاون استراتيجي قوي مع الولايات المتحدة، بينما تشكل إيران تهديداً أمنياً قوياً على البلاد.
بريندا شيفر هي باحثة زائرة في مركز الدراسات الأوروبية الشرقية والروسية والأوراسية في جامعة جورج تاون، وأستاذة للعلوم السياسية في جامعة حيفا. وقد عملت سابقاً أستاذة زائرة في "أكاديمية أذربيجان الدبلوماسية". وتشمل منشوراتها الكتاب "الحدود والاخوة: إيران وتحدي الهوية الأذربيجانية"، الذي صدر عام 2002.