مدرسة التبعية...
مرسل: الخميس مايو 02, 2013 12:48 am
الفصل الأول : الإطار النظري لمدرسة التبعية .
المبحث الأول: مفهوم التبعية.
المبحث الثاني: ظهور مدرسة التبعية.
المبحث الثالث : منطلقاتها الفكرية .
المبحث الأول :مفهوم التبعية
يعتبر هذا المصطلح من أهم المصطلحات المستخدمة ,العلوم السياسية و خاصة في العلاقات الدولية , فهي الكلمة المفتاحية التي تساعدنا على فهم و تحليل العلاقات بين الدول سواء كان ذلك في المجال السياسي , الاقتصادي أو الثقافي.
هي العلاقة بين اقتصادين يتوسع أحدهما على حساب الآخر و يكون تطور الثاني تابعا لتطور الأول .
التبعية هي علاقة استغلال و علاقة غير متكافئة بين دولتين أو أكثر , و هي عبارة عن نظام سياسي و اقتصادي تخضع بموجبه إحدى الدول لدولة أخرى , وهذا ما يحرم الدولة التابعة من ممارسة كافة مظاهر سيادتها في داخل إقليمها و في المجتمع الدولي.
أما بالنسبة لباقي مفكري هذا التيار يرون أن التخلف الاقتصادي للعالم الثالث ليس إلا نتيجة للتطور و القوانين و الوظائف التي تقوم بها الرأسمالية العالمية و أهمها استغلال العالم الثالث في إطار علاقة مركز مهيمن و محيط خاضع . (1)
و للتبعية عدة أشكال و أهمها التبعية الاقتصادية و السياسية:
التبعية الاقتصادية :و تتمثل في تبعية الاستثمارات للخارج و التبعية النقدية و المصرفية ،و تتخذ التبعية النقدية عدة صور منها : أن تستخدم الدولة في التداول الداخلي عملة أجنبية ( تبعية الدول لمنطقةا ليورو الإسترليني أو منطقة الفرنك ) و حينئذ تدور العملة الوطنية في فلك عملة الدولة الحاكمة و يترتب على هذا الارتباط القيمة الخارجية للعملة الوطنية بالقيمة الخارجية للعملة الأجنبية و انعكاس التطورات النقدية و الاقتصادية للبلد المسيطر على أحوال الاقتصادية في البلد التابع
يعرفها دوس سانتوز بقوله:"نعني بها تلك الحالة التي من خلالها يكون اقتصاد بعض الدول تابعا شرطيا لتطور و توسيع الدول الأخرى علاقة الاعتماد المتبادل بين اقتصادي ناو أكثر و بين هذه الاقتصاديات و التجارة العالمية يفرض شكلا ون أشكال التبعية عندما يكون بوسع الدول (المهيمنة) تبسط نفوذها بينما تكون الدول الأخرى (التابعة) خاضعة لهذا التوسع والذي سيؤثر إيجابا أو سلبا على نموها و تطورها"
أما التبعية المصرفية فتتمثل في خضوع البنوك للرأسمال و الإدارة الأجنبية أو تكون عبارة عن وكالات و فروع لبنوك أجنبية
-وهكذا نستنتج ان التبعية هي علاقة غير متكافئة بين بلدين بمعنى علاقة استغلالية بين البلدين , أو بمعنى آخر هي علاقة طبقية غير متساوية بين دول المركز و دول المحيط أو دول الشمال مع دول الجنوب .
التبعية السياسية:
فقد تكون في حالة فرض حماية من دولة استعمارية على دولة أخرى أو خضوع دولة ما لانتداب أو وصاية.
و التبعية السياسية نتيجة منطقية للتبعية الاقتصادية و التخلص من التبعية الأولى هو الشرط الأساسي للتخلص من التبعية الأخرى, و التخلص منهما شرط الانطلاق في مضمار التنمية.
و يدل أيضا هذا التعبير على مجمل العلاقات الغير متساوية مع ميل تراكمي إلى تفاقم في الأنظمة الاقتصادية و السياسية و الثقافية, و يستعمل غالبا لوصف الوضع في البلدان المتخلفة المواجهة للدول المتقدمة.أو أيضا كما يرى مفكرو أمريكا لاتينية بلدان المحيط بمواجهة دول المركز . و التبعية كمصطلح له مفهوم إيديولوجي قوي مرتبط بالإيديولوجية الغربية ( الأمريكية ) بما أنه مأخوذ غالبا كمرادف للاستغلال و الهيمنة.
إن المبادلات بين أمتين درجة تطورهما غير متساوية تختلف بداهة. إن نظرية ريكاردو حول التكاليف المقارنة تفكر كما لو أن المتبادلين حائكي الصوف المقيمين في إنجلترا و منتجي الخمر في البرتغال لهم مصلحة في تبادلهم , بما أن الحياكة في انجلترا تكلف أقل من تكلف في البرتغال أو أن الخمر لا يمكن إنتاجه في انجلترا فيصبح كلا البلدين تابعا للآخر . هذه الطريقة في التفكير استخدمت طويلا كأساس للنظرية الليبرالية في التجارة العالمية , يمكن مناقشتها بما أن كونها لم تتفحص سوى أزواج من السوق و محكومة بإهمال آثار التبادل على الاقتصاد الوطني الذي يعتبر شاملا في ظل إلزامات سياسية دقيقة نوعا ما لعدد من الأسواق المتنافرة جدا سواء في حجمها أو طبيعة منتجاتها التي يتم التبادل فيها .
عندما يعترف منظرو التجارة الخارجية أن التبادل لا يحصل بين متبادلين و انما يجد هؤلاء أنفسهم متأثرين بقوة إلى حد ما بانتمائهم إلى مجمل سياسي هو الأمة فتوصف العلاقة المتبادلة بالتبعية . (1)
المبحث الثاني: ظهور مدرسة التبعية
مدرسة التبعية هي عبارة عن استكمال للفكر الماركسي , و حاولت هذه المدرسة تفسير العلاقات و التفاعلات الدولية التي تتعلق خاصة بالتخلف, و التقدم في العالم وفقا لتقسيم دولي أكد أن الصراع موجود داخل النسق الدولي هو صراع بين الشمال و الجنوب, أي بين الدول الصناعية المتقدمة و بين الجنوب أي الدول المتخلفة و ليس الصراع بين الشرق و الغرب.
كانت بداية هذه المدرسة في أمريكا للاتينية حيث ارتبطت بأعمال اللجنة الاقتصادية وكان مقرها بمدينة سانتياغو, و ترأس هذه اللجنة" راوول بريبيش"(eclaلأمريكا اللاتينية (
و بعد عدة دراسات توصلت هذه اللجنة إلى نتيجة مفادها أن أسباب التخلف دول أمريكا اللاتينية هو اعتمادها على سياسة تصدير المواد الأولية مقابل استيراد المواد المصنعة , فهذا النمط أثر سلبا على دول أمريكا اللاتينية و جعلها تابعة للدول الصناعية و اقترح " بريبيش " اعتماد إستراتيجية استبدال أو تغيير الصادرات أي سياسة حمائية .
وفي بداية الستينات ظهرت مدرسة التبعية بقوة لاسيما بعد استقلال عدد كبير من الدول في العالم و من منظري هذه المدرسة نذكر:
Dos Santos , Raul Prebish ,Arthur Lewis , Pierre Jalet , Samir Amin , André Gunder Frank , Fernando Cardosso , Paul Baran , Merrie Bolanzaz , Paul Sweezy , Johan Galtung , Celso Furtado , Charles Bettelheim , A rghiri Emmanuel , Anzu valito , Robson
وباختصار يمكن القول أن بروز مدرسة التبعية كان في أمريكا اللاتينية لا سيما في بداية الستينيات وانتشرت فيما بعد إلى كل من آسيا و إفريقيا و قد جاءت هذه النظرية كرد فعل على النظريات الغربية التي اهتمت بمسألة تخلف البلدان , و التي أكدت بأن سبب التخلف يكمن في داخل هذه الدول و في مقابل هذا ركزت مدرسة التبعية على العامل الخارجي كعامل أساسي في تخلف البلدان و هذه هي الأطروحة الأساسية التي تعبر عنها رموز هذه المدرسة.
المبحث الثاني: ظهور مدرسة التبعية
مدرسة التبعية هي عبارة عن استكمال للفكر الماركسي , و حاولت هذه المدرسة تفسير العلاقات و التفاعلات الدولية التي تتعلق خاصة بالتخلف, و التقدم في العالم وفقا لتقسيم دولي أكد أن الصراع موجود داخل النسق الدولي هو صراع بين الشمال و الجنوب, أي بين الدول الصناعية المتقدمة و بين الجنوب أي الدول المتخلفة و ليس الصراع بين الشرق و الغرب.
كانت بداية هذه المدرسة في أمريكا للاتينية حيث ارتبطت بأعمال اللجنة الاقتصادية وكان مقرها بمدينة سانتياغو, و ترأس هذه اللجنة" راوول بريبيش"(eclaلأمريكا اللاتينية (
و بعد عدة دراسات توصلت هذه اللجنة إلى نتيجة مفادها أن أسباب التخلف دول أمريكا اللاتينية هو اعتمادها على سياسة تصدير المواد الأولية مقابل استيراد المواد المصنعة , فهذا النمط أثر سلبا على دول أمريكا اللاتينية و جعلها تابعة للدول الصناعية و اقترح " بريبيش " اعتماد إستراتيجية استبدال أو تغيير الصادرات أي سياسة حمائية .
وفي بداية الستينات ظهرت مدرسة التبعية بقوة لاسيما بعد استقلال عدد كبير من الدول في العالم و من منظري هذه المدرسة نذكر:
Dos Santos , Raul Prebish ,Arthur Lewis , Pierre Jalet , Samir Amin , André Gunder Frank , Fernando Cardosso , Paul Baran , Merrie Bolanzaz , Paul Sweezy , Johan Galtung , Celso Furtado , Charles Bettelheim , A rghiri Emmanuel , Anzu valito , Robson
وباختصار يمكن القول أن بروز مدرسة التبعية كان في أمريكا اللاتينية لا سيما في بداية الستينيات وانتشرت فيما بعد إلى كل من آسيا و إفريقيا و قد جاءت هذه النظرية كرد فعل على النظريات الغربية التي اهتمت بمسألة تخلف البلدان , و التي أكدت بأن سبب التخلف يكمن في داخل هذه الدول و في مقابل هذا ركزت مدرسة التبعية على العامل الخارجي كعامل أساسي في تخلف البلدان و هذه هي الأطروحة الأساسية التي تعبر عنها رموز هذه المدرسة.
المبحث الثالث:منطلقاتها الفكرية
ندرس أفكار مدرسة التبعية من خلال أفكار روادها و لكن عموما يشترك هؤلاء في عدة نقاط منها :
1.اعتبار التبعية كموضوع أساسي في التحليل .
2.اعتبار النظام الدولي كوحدة أساسية للتحليل .
3.الاعتماد على سياسة قوى المحيط في التحليل .
4. السياسة الخارجية يتفق أنصار التبعية على أن الدول التابعة تنتهج نموذجين أساسيين من السياسة الخارجية:
أ. نموذج السياسة الخارجية المؤيدة أو المرافقة للمركز : تظم دول المحيط التي تنتهج سياسة خارجية تتماشى و تتوافق و تعليمات المركز , كما أن الاتفاقات و المعاهدات بينهم لا تحتاج إلى إقناع أو إلى مفاوضات بل هي نتيجة تنازلات من طرف المحيط فقط و هناك على الأقل ثلاث أسباب لهذا :
1.احتواء دول المحيط على نخب و طبقات لها مصالح و هي تابعة للمركز سواء كانت مصالح سياسية اقتصادية أو غيرها .
2.تماثل إيديولوجيات و سياسات بعض دول المحيط حسب مصالح المركز بمعنى تبعية ثقافية لصناع القرار .
3.انتهاج سياسة خارجية لصالح المركز خوفا من العزلة أو العقوبات.
ب.نموذج السياسة الخارجية المعادية للمركز:
ولكن ليس معناه وجود نوع من استقلالية و إنما هو رد فعل فقط على التبعية في حد ذاتها , بمعنى أنهم يرفضون هذه العلاقة و هذا يولد نوعين من السياسة الخارجية :
1.صناع القرار في السياسة الخارجية يقومون بانتهاج سياسات مختلفة و مخالفة للغرب لضرب مصالح دول المركز في دولهم.
2.إقامة علاقات جادة مع دول ذات إيديولوجية مختلفة مع دول المركز التابعة لها .
5.العوامل الداخلية والخارجية يعتبران من العوامل الأساسية لتفسير التخلف والتبعية.
6.التركيز على العلاقات و التبعية الاقتصادية مع عدم إهمال لأنواع أخرى من التبعية.
7.الحل الوحيد للتخلص من التبعية هو التخلص من المركز.
المبحث الثالث:منطلقاتها الفكرية
ندرس أفكار مدرسة التبعية من خلال أفكار روادها و لكن عموما يشترك هؤلاء في عدة نقاط منها :
1.اعتبار التبعية كموضوع أساسي في التحليل .
2.اعتبار النظام الدولي كوحدة أساسية للتحليل .
3.الاعتماد على سياسة قوى المحيط في التحليل .
4. السياسة الخارجية يتفق أنصار التبعية على أن الدول التابعة تنتهج نموذجين أساسيين من السياسة الخارجية:
أ. نموذج السياسة الخارجية المؤيدة أو المرافقة للمركز : تظم دول المحيط التي تنتهج سياسة خارجية تتماشى و تتوافق و تعليمات المركز , كما أن الاتفاقات و المعاهدات بينهم لا تحتاج إلى إقناع أو إلى مفاوضات بل هي نتيجة تنازلات من طرف المحيط فقط و هناك على الأقل ثلاث أسباب لهذا :
1.احتواء دول المحيط على نخب و طبقات لها مصالح و هي تابعة للمركز سواء كانت مصالح سياسية اقتصادية أو غيرها .
2.تماثل إيديولوجيات و سياسات بعض دول المحيط حسب مصالح المركز بمعنى تبعية ثقافية لصناع القرار .
3.انتهاج سياسة خارجية لصالح المركز خوفا من العزلة أو العقوبات.
ب.نموذج السياسة الخارجية المعادية للمركز:
ولكن ليس معناه وجود نوع من استقلالية و إنما هو رد فعل فقط على التبعية في حد ذاتها , بمعنى أنهم يرفضون هذه العلاقة و هذا يولد نوعين من السياسة الخارجية :
1.صناع القرار في السياسة الخارجية يقومون بانتهاج سياسات مختلفة و مخالفة للغرب لضرب مصالح دول المركز في دولهم.
2.إقامة علاقات جادة مع دول ذات إيديولوجية مختلفة مع دول المركز التابعة لها .
5.العوامل الداخلية والخارجية يعتبران من العوامل الأساسية لتفسير التخلف والتبعية.
الفصل الثاني : أهم نظريات مدرسة التبعية
المبحث الأول : نظرية المركز و المحيط
المبحث الثاني : نظرية التبادل اللامتكافىء
المبحث الأول: نظرية المركز و المحيط
المركز هو مجموعة من الدول التي تتمتع ببيئة صناعية و تكنولوجية راقية و تتميز بارتفاع الدخل الفردي و توزيع عادل إلى حد ما للثروة, و لها قدرة إنتاجية هائلة و لديها القدرات المالية اللازمة لتمويل الصناعة و المشاريع الاقتصادية.المحيط هو مقابل للمركز و هو مجموعة من الدول البعيدة من حيث المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي عن المركز, و يتميز بأنه مجتمع متخلف فنيا و صناعته ضعيفة أو منعدمة و تقديم مواده الأولية إلى المركز و هو في حالة تبعية له على كافة المستويات.يعتبر راوول بريبيش أول من استخدم تعبير المركز و المحيط و المقصود بها أن العالم يتكون من مركز النشاط الاقتصادي هو الو.م.أ و هي التي ترسم السياسات و الأهداف الاقتصادية العالمية حسب مصالحها و المحيط أما حسب بريبيش راوول الذي قام بتحليل و تفسير العلاقات بين الدول المتقدمة و الدول المتخلفة مستعملا تعابير جديدة متمثلة في المركز و المحيط, حيث يرى أن المحيط وظيفته الأساسية هي تقديم أو تصدير المواد الأولية إلى المركز, و المركز وظيفته الأساسية هي احتكار المواد المصنعة و تقديمها إلى المحيط بأسعار باهظة عن أسعار المواد الأولية , و أن هذه العملية تتم على نحو دائري متجدد و بالتالي فإن هذه العلاقات تكرس و تمدد التخلف في المحيط ليست فقط نتيجة لهذه العلاقات , و إنما أيضا نتيجة لطبيعة النظام الامبريالي و يقول بريبيش للتخلص من هذا يجب على المحيط أن يقدم بإنشاء سوق إقليمي أو محلي للتحكم في المواد الأولية , و أن تكون هذه الأسواق محمية ( فرض رسوم جمركية عالية على السلع الأجنبية للحماية من المنافسة و هذا ما يمكنها من
فتح سوق جهوي محمي و متحكم في الصادرات و الواردات أي إتباع سياسة حمائية .(1)
و يمثل التيار العربي مفكري سمير امين و سعد زهران ففي رايهما ان وجود طرفان تنمويان مختلفان جذريا كنتيجة للتبادل غير المتكافئ يدعم الابقاءعلى الوضع القائم .(3)
أما سمير أمين يشبه التبعية بالهيمنة من طرف المركز على المحيط و أن هذه التبعية تبين الهيمنة من طرف المركز على كافة المستويات ( السياسية, الاقتصادية, الثقافية )و خاصة الاقتصادية. و يقول أيضا أن هذه التبعية تبدو خاصة من خلال المجال الاقتصادي و ذلك عن طريق تقديم دول المحيط للمواد الأولية و الأساسية ( مواد قاعدية ) للمركز و بأسعار رخيصة و أحيانا مجانا وهذا ما يجعلنا نستنتج أن دول المحيط ليست إلا دولا منتجة للمواد الأولية لصالح المركز لأنها لا تتحكم في هذه المواد . ومن جهة أخرى يرى سمير أمين أن دول المركز تتمتع بقدرة على تمويل مشاريعها بمعنى أن تمويلها هو ذاتي داخلي , بينما دول المحيط فإن تمويلها مرتبط بالخارج , فأموال المواد الأولية لا تستثمر في المحيط بل في المركز .
المبحث الثاني: نظرية التبادل غير المتكافئ
يعرف التبادل على أنه السعر الأصلي أو الموحد بين الصادرات و الواردات, و عموما فإن التبادل هو تقديم خدمة أو سلعة مقابل خدمة أو سلعة متساويتان من الناحية المادية, فلا يمكن تبديل طن من الأرز الصيني مقابل برميل من البترول الليبي.و بالتالي عندما يكون التبادل يجب وجود المساواة و لكن نظرا لطبيعة النظام الاقتصادي الدولي الحالي و تقسيم العمل الدولي , ظهرت قضية التبادل اللامتكافئ بين المركز والمحيط , بمعنى استغلال المركز للمحيط أي أن المحيط يقدم مواد أولية بأسعار رخيصة للمركز و في المقابل فمفهوم العلاقات الامبريالية بين دولتين او اكثر ينحصر في عدم التكافؤ في الفرص و الامكانيات بين الدول الشمال المتقدم و دول الجنوب المتخلف فهذه الاخيرة مقيدة الحركة و التصرف الا في حدود ما تمليه عليها دولة المركز التي تهيمن عليها فالمركز يقدم مواد مصنعة و جاهزة للمحيط بأسعار باهظة . وهذا التبادل غير متكافئ
ينتج عنه عدة آثار اقتصادية و سياسية على المحيط و التي تؤدي إلى دمار الدول , وهذا ماجعل بيار جالي يقول معبرا عن هذا الوضع بتدمير العالم الثالث, و بالتالي هذه العلاقات الغير متساوية كرست استغلال المركز للمحيط أي التبادل غير متكافئ حسب إيمان وال آرغيري .(1)
أما بالنسبة لسمير أمين فيؤسس تحليله للتبعية على أساس التبادل غير متكافئ بين الدول الصناعية الرأسمالية ( المركز ) و بين دول العالم الثالث ( المحيط ) , فيرى أن هناك مجموعتين متميزتين من قوانين النمو الرأسمالي , إحداهما خاصة بالمركز و الأخرى خاصة بالمحيط , حيث أن القوانين الخاصة بالمركز تقوم على الاحتكار و الاستغلال و التقسيم الغير عادل للعمل الدولي , أما القوانين الخاصة بالمحيط فهي الخضوع للسياسة الاقتصادية الرأسمالية. و يرجع عدم التكافؤ الذي يتسم به التبادل بين المركز و المحيط إلى أن السلع المتبادلة تحوي كميات غير متكافئة من العمل , كما أنها تعكس مستويات غير متكافئة من القدرات الإنتاجية , و يضل هذا اللاتكافؤ باقيا بسبب ركود التشكيلات الاجتماعية في المحيط , و بسبب استحواذ المركز على الصناعات الأكثر تقدما من الناحية التكنولوجية بينما يترك التخصص الكلاسيكي الذي يتضمن إنتاج السلع الرأسمالية لدول المحيط مقابل تقديم دول المحيط المواد الأولية لدول المركز . و كذلك يحد هذا التبادل الغير متكافئ نتيجة سيطرة الدول الرأسمالية ( المركز ) على الأسعار الدولية للمواد الأولية و المواد المصنعة, ذلك أن دول المحيط هي مجبرة على تلبية احتياجات السوق العالمي بإنتاج المواد الأولية و توفير مخزون لليد العاملة الرخيصة. ويرى سمير أمين أن الحل هو إتباع دول المحيط سياسة الاكتفاء الذاتي و كذا إتباع سياسة اشتراكية ولكن الأسواق تبقى تابعة للمركز الرأسمالي نتيجة لميكانيزمات السيطرة.
كما تحدث راوول بريبيش عن التبادل الغير متكافئ في دراسة تحت عنوان " أسعار نسبية للصادرات و الواردات للدول النامية ", و في هذه الدراسة و ضع قضية التبادل حيث درس الفترة الممتدة من 1875-1938 و توصل إلى أن المواد الأولية سجلت انخفاضا بنسبة عندما تم تبديلها بمواد مصنعة التي ارتفعت أسعارها في مقابل انخفاض سعر المواد %43
الأولية.هذا و بالإضافة إلى تحكم دول المركز في عمليات المضاربة و كذا تحديد أسعار المواد الأولية كالبترول , فالدول الكبرى لاسيما الو.م.أ ترفع من سعر هذه المادة كما تشاء و حسب مصالحها . و يمكن القول أن التبادل الدولي هو كل العلاقات الاقتصادية بين الدول النامية ( المحيط ) و الدول المتقدمة ( المركز ) , و يترجم عادة في علاقات اقتصادية غير متكافئة أو ناقصة و يبقى التبادل الدولي الغير متكافئ أحد ميكانيزمات السيطرة لتعميق التبعية و السيطرة على المحيط. كما أن الاقتصاد الدولي نجده متمركز في أقطاب عالمية محددة : الولا يات المتحدة الأمريكية و أوروبا الغربية و اليابان , أما في بقية دول العالم فإما تكون تابعة لهذه المناطق أو مستقلة عنها بعض الشيء مثل الصين.فمثلا نلاحظ أن دول أمريكا اللاتينية تشتري و تبيع من الو.م.أ و كندا أكثر من ثلاثة أضعاف مما هو قائم من علاقات تجارية بين دول أمريكا اللاتينية نفسها.(1)
وللتوضيح نستعين بالجدول التالي الذي يوضح حركة التجارة العالمية في 1998:
نستنتج من الجداول ارتفاع المبادلات التجارية بين الشمال و ضعفها بين الجنوب و بالتالي فالعلاقات الاقتصادية بين الجنوب هي سبب التبعية.
في ضل اقتصاد عالمي متطور وجدت دول المحيط نفسها في موقع ضعف و صعب و وجدوا أنفسهم مجبرين على فتح أسواقهم و اتباع سياسات رأسمالية مما أدى إلى ضعف العلاقات الاقتصادية بين دول المحيط و عدم تحكمهم في موادهم الأولية و أسعارها .(1)
كما يعتبر إيمانوال آرغيري أول من تطرق لمصطلح أو قضية التبادل اللامتكافئ حيث يقسمه إلى نوعين :
1.في الحالة الأولى القيمة الإجمالية للقيمة المطلقة هو معروف إذا الأجر الحقيقي هو ثابت لكن الدول تتخصص في مجال إنتاجي ذي تركيبة عضوية مختلفة, وهنا تحويل القيمة ليس مختلف كما هو موجود داخل النظام الوطني.
2.في الحالة الثانية سعر القيمة المطلقة مختلفة و تحويل القيمة هو مختلف و ليس في تركيبة عضوية مختلفة , لكن تعبئة العمل مما يسمح بأجور حقيقية مختلفة . (2)
و يعيد إيمان وال آرغيري أخذ فكرة ريكاردو , أن قيمة المواد تقدر حسب عدد العمل اللازم لإنتاجها , و يضيف أن سعر العمل ليس مماثل في كل الدول حيث يقول " إذا كان العامل الإفريقي لا يتقاضى سوى 1 كغ من الفرينة حيث أن العامل الأمريكي يتقاضى بالتقريب 20 كغ , هنا نرى تبادل لامتكافئ . المواد المباعة للدول السائرة في طريق النمو بأسعار متساوية تستلزم عمل كثير حين أنه العكس بالنسبة للمواد المباعة من طرف الدول الغنية هنا يكمن اللاتكافئ , في حين نجد النقابات التي تساهم في ارتفاع أجور العمال التي تفتقر إليها الدول النامية . (1)
حسب سمير أمين يرى في النمو الغير متكافئ أن التخصص يمكن أن يكون غير عادل , ففي دول العالم الثالث مثلا نجد أن العامل الإفريقي يستغرق ساعات كثيرة من العمل على مدار السنة و الكثير من العمل الشاق لإنتاج مواد مصنعة, في مقابل ساعات قليلة من العمل السهل و البسيط للعامل الأوروبي المؤهل. فالعامل في المحيط يعمل 300 ساعة لإنتاج شيء معين و في المركز العامل في 300 ساعة ينتج 8 مرات نفس الشيء و التبادل في المحيط يبيعها ب 320 و كذلك في المركز يبيعها بنفس السعر فيكون المركز هو الرابح أي المستفيد الأول.(2)
إن هيمنة المركز ليست نتيجة فقط إلا في صادرات المحيط و المتمثلة في المواد القاعدية, ولكن لأن اقتصاديات المحيط ليست فقط منتجة للمواد القاعدية, بمعنى أن هذه الإنتاجية ليست مؤسسة على هيكلة صناعية متمركزة و بالتالي فإن المحيط هو الذي يخدم مصالح المركز و في المقابل ذلك فإن المركز يحقق مصالحه على حساب المحيط.تظهر هذه الهيمنة خاصة في المجال المالي حيث يقول سمير أمين أن المركز له رأسمال الأجنبي و هذا ما يظهر في الاستثمارات , و بالتالي فإن المركز من الطبيعي أنه سوف يقوم بتسيير العجلة المالية للمحيط على نحو معكوس , مما يؤدي إلى توقيف النمو و تصبح التنمية في المحيط تسير حسب مصالح المركز لأنه الممول الرئيسي لمشاريع المحيط و بالتالي فإن التنمية في المركز هي على حساب التخلف في المحيط .(3)
Les blocages de la croissance : توقفات النمو
يؤدي هذا التبادل اللامتكافئ إلى ما يسميه راوول بريبيش بتوقفات النمو , ويرجع توقفات النمو أمريكا اللاتينية تأتي أساسا لاندماجها السيئ في مجال العمل الدولي, و تخصصها في المواد الأولية يؤدي إلى حدوث توقفات كثيرة منها :
-جزء كبير من الدخل الوطني يتأثر بظاهرة التبادل على حساب المواد الأولية .
- الاقتصاد هو ثنائي يعتمد على الخارج في التمويل وعلى الموارد المحلية .
- التوزيع الغير عادل للمداخيل الذي يؤدي إلى استيراد المواد الكمالية لدى الطبقة الغنية على حساب الطبقة العاملة .
- في حالة التصنيع, يجب استيراد الآلات و المعدات و هنا نكون أمام تبعية تكنولوجية.
- لتعويض تدهور ظواهر التبادل , يجب زيادة تصدير المواد الأولية و هذا ما يؤدي إلى توجه الزراعة نحو المحاصيل التصديرية .وهنا تحدث حاجة لاستيراد المواد الغذائية للعمال الذين يقطنون بالمدينة.(1)
أما في ما يخص كل من بول باران و بول سويزي أصحاب أطروحة " ديناميكية التبادلات العالمية " التي تخص الدول السائرة في طريق النمو , و يقولان أن فائض القيمة المنتحل من طرف الرأسمالية الاحتكارية , لا تستطيع تحقيقه في المركز و هذا راجع للتخصصات الداخلية,فرؤوس الأموال ستستثمر في المحيط و هذا ما سيعود بالفائدة في منطقة الرأسمالية, و الذي سيقوم بتحطيم أنماط الإنتاج السابقة للرأسمالية لدول العالم الثالث , و هذا ما يعني تبادل غير متكافئ بواسطة احتكار دول المركز لرؤوس الأموال و الاستثمارات في دول المحيط .(2)
يؤسس بول سويزي تحليله للتبعية على الإضافات التفضيلية التي قدمها على علاقة التبعية بالتبادل غبر المتكافئ بين الدول الصناعية الرأسمالية وبين الدول المتخلفة وذلك لتفسير أنماط معينة من التبادل الاقتصادي الدولي ويرى بول سويزي ان هناك قوانين تحكم كل من الدول المتقدمة وهي الاحتكار والتوسع اما الدول المتخلفة فقوانينها تحدد من المركز حسب اوضاع المركز و التناقضات التي تحدث بداخله وهذه التناقضات تنتقل في شكل معدل ربح الى الهوامش أي المحيط ا والى المستعمرات و الدول الواقعة في دائرة نفوذ الاستعمار الجديد ووفقا لهذا يتضح لنا ان بنية السوق الدولية هي التي تفرض التطور غير المتكافئ وبسبب استحواذ المركز على الصناعات الاكثر تقدما وتخصص المحيط في توفير و تامين المواد القاعدية للملاكز تزداد الفجوة بينهما وبالتالي يجبر المحيط على تلبية حاجات المركز و النظام الاقتصادي الدولي ككل وبالتالي فان المركز سيكون مسيطرا على المحيط وهذه كله نتيجة للسياسة الراسمالية العالمية1
المبحث الثالث: نموذج غالتونغ
تشكل نظرية التبعية السياسية التي طورها المفكر النرويجي يوهن غالتونغ على فرضية أساسية , أن ضعف أو غياب الديمقراطية في عدد من دول الجنوب لا يمكن أن تفسر إلا من خلال الرجوع إلى الحركيان التاريخية التي أنتجت حالات من تبعية نظام الحكم في الدول النامية اتجاه دولة مركز أو متطورة.
يعترف غالتونغ بأن التبعية هي حالة تاريخية تبعت عمليات الاستقلال في الدول التي لم تعرف حالة ثورات التحرر,بل تحصلت على استقلالها بمفاوضات التي لم تكن متوازنة بل أنتجت أملاءات و شروط قاصرة,كما تم نقل السلطة من الإدارة الاستعمارية إلى النخبة المحلية التي أنتجتها و استخدمتها .كما يرد غالتونغ التبعية السياسية إلى تبعية اقتصادية مزمنة , بحكم أن الاستعمار قد أنتج هيكلة إنتاجية ضعيفة موجهة للتصدير سواء من حيث كونها مواد زراعية ( مثل الكاكاو في الكوتيفوار و الكامرون أو المطاط في اندونيسيا ) أو التعدينية (مثل اليورانيوم في النيجر التي تستفيد منه فرنسا بصفة حصرية عن طريق شركة أريفا ) أو الطاقوية مثل النفط .
تقوم فكرة التبعية على مجموعة من الفرضيات منها :
1.استمرار النخبة الحاكمة في دول المحيط مرهون باستمرارها في دورها الداعم للتبعية.
2.علاقات التوافق و التجانس النفعي ضعيف داخل المحيط و قوي داخل المركز.
3.علاقات التجانس هي أقوى بين النخبة الحاكمة في المركز و ضعيفة في المحيط.
مثلا فرنسا مركز و النيجر محيط , نعتمد على ثلاث متغيرات :
*مشاركة سياسية , تجانس منفعي , تضارب في المصالح .
*مشاركة سياسية قوية في فرنسا أي تفاعل إيجابي و بالتالي فيه تجانس.
*مشاركة سياسية ضعيفة في النيجر أي تفاعل سلبي و بالتالي تضارب في المصالح.
و لكي تستمر النخبة الحاكمة الحاكمة في النيجر تلجأ إلى دعم خارجي لتستمر في الحكم بمعنى توطيد العلاقة مع النخبة الحاكمة في المركز.
يقوم هذا النموذج على تصوير مقاربة شبه ميكانيكية تجمع بين مسلمتين :
1.أن استمرار الأنظمة السياسية الغير ديمقراطية في دول المحيط قائمة على وجود شبكة علاقاتية بين النخبة الحاكمة غير ديمقراطية و الدولة الأجنبية ( المركز ) لها مصالح في استمرار هذا النظام .
2.استقرار الانظمة غير ديمقراطية في هذه الدول لا يمكنه أن يستمر إلا بخلق حركتين أساسيتين هما:
أ.توسيع الثقافة السياسية تضمن الانتقال التدريجي نحو نظام المشاركة السياسية.
ب.توسيع حركيات الانتقال الاقتصادي يجعل حاجات و أولويات المواطنين و الدولة أسمى من الأولويات لإستراتيجية ا.
ومن خلال هذا الشكل يمكننا فهم ان العلاقة تتم بين مركز المركز ومركز المحيط وهو ما يكرس التبعية من خلال وجود نخبة في المحيط لهل مصالح مع مركز المركز الذي بدوره له مصالح منفعية مع نخبة المحيط
و يلاحظ غالتونغ ان
هناك انسجاما للمصالح بين المركز في دولة المركز و المركز في دولة المحيط
ان هناك تناقضا او تضاربا في المصالح اكثر في دولة المحيط منه في دولة المركز
ان هناك تناقضا او تضاربا في المصالح بين الدولة المركزية و محيط الدولة المحيطية
غير ان هذا الشكل يعقد مسالة بين المركز و المحيط لان غالتينغ لا يتحدث عن مركز واحد و لا على محيط واحد و انما على مراكز و محيطات
كما أن هناك نموذج آخر لغالتونغ و المعروف بنظرية الزهرة, بمعنى أن هناك دولة مركز و تحيط بها عدة دول تابعة لها, و أن العلاقات بين المحيط و المركز تتم من خلال سيطرة المركز و أن العلاقات بين المحيط لا تتم مباشرة و انما بطريقة ضمنية غير مباشرة , أي أن علاقات المحيط تتم من خلال المركز فعلاقة مثلا بين السعودية و الجزائر لا تتم مباشرة لاسيما في المجالات السياسية و العسكرية بل تتم عن طريق المركز أي الو.م.أ أو فرنسا.
إذا علاقات رأسية مباشرة بين المركز و المحيط و غير مباشرة و ضمنية بين المحيط.كما يرى غالتونغ أنه في المركز يوجد مركز و في المحيط فيه مركز, و أن التبعية يكرسها مركز المحيط من خلال علاقاتها التوافقية مع المركز, بمعنى أن هناك نخب داخلية تتعامل مع المركز حسب مصالح المركز, وهي تقوم بدور لصالح المركز على حساب المحيط بمعنى أن كل التفاعلات التي تحدث في المحيط سببها المركز.(1)
ومن هنا يمكننا آن نستنتج ان فكرة توحيد البروليتارية العالمية غير ممكنة ذلك ان بروليتاريا المركز تستفيد من الاستغلال المفروض على المحيط فمثلا لا يمكن توحيد الطبقة العاملة في الولايات المتحدة الامريكة مع الطبقة العاملة في مصر او جيبوتي فليس هناك اية اهتمامات مشتركة بينهم
و توصل فرانك آندري في كتابه سنة 1967 ( الرأسمالية و التخلف في أمريكا اللاتينية ) إلى أن النظام الدولي ينقسم إلى قسمين أساسيين: دول المركز و تسمى الدول المتقدمة و يضم الدول المتقدمة و الصناعية , أما القسم الثاني فيضم دول المحيط أو الدول التابعة , وهي الدول المتخلفة أو السائرة في طريق النمو مثلا : العلاقة الموجودة بين القسمين بالقطعة النقدية التي لديها جانبين اثنين فسر تقدم الدول الصناعية هو تخلف الدول النامية.إلى جانب فرانك قام دوس سونتوس بنشر مقاله عام 1970 عنوانه " بنية التبعية ", الفكرة الأساسية لهذا المقال تقول أن دول العالم الثالث لم تختر طريقة دخولها في النظام الدولي بعد استقلالها , لأن معالم و بنية النظام الدولي كانت موجودة قبل ظهور العالم الثالث, و حسب دوس سونتوس فإن التحولات الاقتصادية في النظام الدولي تحركها دول معينة و هي دول الشمال, و أن أي تغيير يحدث في العالم الثالث ماهو إلا رد فعل للتحولات التي تحكمها و تحددها الدول الصناعية و المتقدمة.على عكس كل من أندري و دوس سونتوس اللذان حاولا التركيز على بنية النظام الدولي , حاول كل من فرناندو كاردوسو و آنزو فاليتو التركيز على دور الطبقات البرجوازية و الطبقة الحاكمة داخل دول المحيط في تعزيز التبعية , طرحت هذه الفكرة في كتاب فاليتو و كردوسو الذي نشر بالإنجليزية عام 1973 و كان عنوانه التبعية و التقدم في أمريكا اللاتينية أكد على فكرة أساسية هي أن الطبقات السياسية و العسكرية داخل دول العالم الثالث هي التي عززت تبعية دول المحيط للمركز, فحسبهم كان هناك مجال واسع لاختيار لدى صانعي القرار و لكنه نظرا للتبعية و عدة روابط مصلحية أخرى مع المركز , اختار هؤلاء الدخول في علاقة تبعية مع المركز و بالتالي يركز هذا الفكر على دور العوامل الداخلية في تكريس التبعية أو كما أسموه "دراسة التجربة الداخلية للتبعية ".
إلى جانب هذه الأفكار و اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية , قام البنك العالمي بإنشاء لجنة سميت بلجنة برانت التي ترأسها السياسي الألماني ويلي برانت, و درست هذه اللجنة أسباب التخلف و عن أهم ما توصلت إليه هذه اللجنة هو المعروفة بتقارير برانت ومن بينها التقرير الذي كتب سنة 1980. وهناك تقرير آخر بعنوان" أزمة مشتركة تعاون شمال جنوب من أجل الانتعاش العالمي سنة 1989.كما حاولت هذه اللجنة تدعيم التعاون شمال جنوب , و ضرورة إمضاء اتفاقيات و برامج عمل مشتركة بين الشمال و الجنوب من أجل تحقيق تقدم اقتصادي عالمي شامل.
و يؤكد سمير أمين أن دول المحيط تخضع لقانون رأس المال الدولي الذي تسيطر عليه و تحركه الطبقات البرجوازية الموجودة في دول المركز , هذه البرجوازية هي التي تقوم بمراقبة المسار الاقتصادي و المالي في العالم و لاسيما في المحيط و هي التي تحدد التوجهات و التغيرات الاقتصادية في دول المحيط , كما أكد في كتابه سنة1970 "المغرب في العالم المعاصر "على أهمية استعمال عنصر التاريخ في تحليل تبعية دول المغرب العربي للدول الأوروبية و خاصة فرنسا,من خلال دراسة الوضعية الاقتصادية و السياسية,الثقافية لدول المغرب العربي آنذاك. حاول سمير أمين إضافة عنصر التاريخ لتفسير التبعية حيث أكد أنه لا يمكن فهم التحولات الاقتصادية , السياسية و الثقافية في دول المغرب العربي بدون دراسة التجربة الاستعمارية لهذه الدول.(1)
خاتمة
برز مفهوم التبعية في عقد الستينات من القرن الماضي , وهو مفهوم محوري و مركزي في مدرسة التبعية التي قامت عليه و سميت به.و هذه المدرسة نشأت في أمريكا اللاتينية و انتشرت فيما بعد إلى كل من آسيا ة إفريقيا.قد حاولت تفسير الواقع المتخلف الذي تعاني منه معظم بلدان العالم , و خاصة في أمريكا اللاتينية.وقد جاءت مدرسة التبعية ردا على كل النظريات الغربية التي اهتمت بمسألة تخلف البلدان النامية و زعمت بأن سبب تخلف هذه البلدان يكمن في داخلها و بالتالي فإن استئصال هذا السبب يفترض تطوير علاقاتها الخارجية مع البلدان المتقدمة و طبعا بصورة العلاقة بين التابع و المتبوع.و بالنتيجة فقد ركزت مدرسة التبعية على العامل الخارجي كعامل أساسي في تخلف بلدان القارات الثلاث , و أفادت بأن العلاقات القائمة بين هذه البلدان و البلدان الغربية المتقدمة هي في الوقت نفسه سر تخلف البلدان الأولى و تطور البلدان الثانية.وهذه هي الأطروحة الأساسية لمدرسة التبعية التي يعبر عنها رموز هذه المدرسة من أمثال آندري فرنك بقوله " العملية التاريخية التي و لدت التخلف في مكان ما هي نفسها التي ولدت التطور في مكان آخر" و أوسفالد زونكل عندما يقول " التأخر هو جزء لا يتجزأ من الصيرورة التاريخية للبلدان الغربية"
و سمير أمين بتأكيده على أن " تاريخ التطور الرأسمالي ليس فقط التطور الذي أحدثه , وإنما هو كذلك التدمير الوحشي الذي بني عليه ... ".
وعلى هذا النحو فقد عبر مفهوم التبعية عن سبب أو عامل رئيسي من عوامل التخلف, كانت قد تجاهلته كليا النظريات الاقتصادية- الاجتماعية السابقة, الأمر الذي أكسب نظرية التبعية رواجا كبيرا طيلة ثلاث عقود من تاريخ نشوئها, و مع تطور الأحداث التاريخية و تراكم تجارب الأمم و الشعوب في التنمية و تخطي التخلف,تبين لأصحاب المنهج الجدلي و أنصاره في مختلف مناطق العالم عجز مفهوم المختزل للتبعية عن تقديم تفسير علمي شامل و متكامل لواقع التخلف القائم في معظم بلدان العالم,يساعد على صياغة مشروع تغيير تاريخي نوعي يكفل تنمية هذه البلدان و تقدمها الاقتصادي و السياسي و الثقافي ولعل أبرز الملاحظات النقدية التي يسجلها هؤلاء حول القصور المنهجي لمفهوم التبعية المختزل هي الملاحظات الكبرى الثلاثة التالية:
أولا: لقد رمت نظرية التبعية نفسها في المطلب الذي وقعت فيه النظريات الغربية حول التنمية المزعومة في البلدان المتخلفة.فإذا كانت النظريات الأخيرة قد اختصرت عوامل التخلف بالعامل الداخلي الخاص ببلدان المتخلفة , فإن نظرة التبعية قد اختزلت تلك العوامل بالعامل الخارجي المرتبط بالعلاقات الغير متكافئة, تلك القائمة بين مجموع البلدان المتقدمة و المتخلفة, الشمال و الجنوب,المركز و المحيط, وعلى هذا النحو فان النقد الأول لنظرية أو مدرسة التبعية,أن التبعية ليست عوامل داخلية أو خارجية على حدا بل هي هذا و ذاك في اطار العلاقة الجدلية بينهما.و حسب دوس سونتوس فإن " الخارج لا يستطيع دخول الداخل إلا بإذنه أولا و سوف يكون من التبسيط استبدال الديناميكية الداخلية بالديناميكية الخارجية.
و تكتب إيليزاباث دور" أن نظرية التبعية تفترض ما ينبغي البرهان عليه مسبقا فما الذي مكن مجموعة من البلدان من أن تخلف مجموعة بلدان أخرى".وبتعبير ف.كاردوسو فإن" العلاقات الطبقية الداخلية تتيح لتحقيق علاقات التبعية و تحدد حجمها و نوعيتها".
إن الطرح الجوهري حول دور كل من العاملين الداخلي و الخارجي في تخلف البلدان, هي أن العامل الخارجي هو دوما من عوامل تخلف هذه البلدان,لكننا نرى أن العامل الداخلي هو في المحصلة العامة العامل الأساسي في هذا التخلف, و مهما يكن فإن أهمية دور كل من هاذين العاملين في التخلف ليس واحد في جميع مراحل نشوء و تطور و تخطي التخلف.فإذا كان للعامل الخارجي الدور الأساسي في مرحلة تطور أو تفاقم التخلف فإن دوره في مرحلتي النشوء و التخطي لا يتعدى دور المساعد المكمل أو المعرقل الإضافي و بالمقابل إذا كان العامل الداخلي هو أحد عوامل التخلف في مرحلة تطوره فهو عامل الأساس في مرحلتي نشوء التخلف و تجاوزه و بالتالي فالعامل الأساسي الذي يقوم عليه جدل الداخل و الخارج ليس واحد طيلة مراحل مسيرة التخلف.
و على هذا النحو فإن إرجاع التخلف للعامل الخارجي أو الداخلي أساسي في الحالتين, دون التمييز بين مقادير حضور كل منهما في هذه المرحلة أو تلك من مراحل مسيرة التخلف , يتجاهل النسبية التاريخية لدور كل هذين العاملين في تخلف البلدان النامية و في ضل العولمة الرأسمالية الجديدة فإن من الصعب التمييز بين الداخل و الخارج إذا صار الداخل خارجا و الخارج داخلا إلى حد بعيد .
ثانيا : ترجع مدرسة التبعية التخلف إلى سبب انتزاع البلدان المتقدمة للفائض المحقق في البلدان المتخلفة على أساس التبادل اللامتكافئ للمنتجات القائم على تخصص لا متكافئ بالعمل, فإنها تفسر التخلف بطريقة اقتصادية أكثر منها بصورة اقتصادية جدلية , فالتخلف مسألة أعقد بكثير من أن تفسر بآلية اقتصادية محددة أو بآليات اقتصادية متعددة لكنها معزولة عن الآليات السياسية و الثقافية التي ترتبط بالضرورة الاجتماعية العامة,
أن اقتصادية المفهوم المختزل للتبعية تعود برأينا إلى عدم الجدية في اعتبار حقيقة أن الإنتاج و ليس التبادل هو المحدد العام كلفات الدورة الاقتصادية الكلية باعتباره محتوى و مضمون هذه الدورة و بتعبير إليزاباث دور فإن "اختزال الفائض و الاستيلاء اللاحق عليه هو سيام الحلقات الدورة الاقتصادية الكلية باعتباره محتوى و مضمون هذه الدورة, و العلاقة بين الطبقات المنتجة و الطبقات المستغلة و ليس بين البلدان المتبادلة, ثم إن معرفة كيفية إنتاج الفائض هي شرط معرفة آليات تبادله و توزيعه".
ثالثا : إذا كان مفهوم التبعية قد عبر بمقدار كبير عن واقع اللاتكافؤ في العلاقات الاقتصادية و السياسية التي كانت قائمة بين الشمال و الجنوب حتى عشية الإعلان الرسمي عن ميلاد ما سمي بالنظام العالمي الجديد , أوائل العقد الأخير من القرن العشرين,فإن هذا المفهوم فقد فاعليته في الكشف عن خصوصية العلاقة بين شمال العامل و جنوبه , و غدا منذ ذلك مفهوما عاما لا يفيد كثيرا في التمييز بين بلدان من هنا و هناك على مستوى العلاقات الدولية الجديدة و الكشف عن خصوصية البلدان المختلفة على هذا المستوى.
فالقول مثلا أن كل من إنجلترا و غينيا تابع للو.م.أ لا يكشف عن الخصوصية التي تميز علاقة الو.م.أ بكل منهما على حدا.فتبعية بلدان العالم برمته للو.م.أ منذ عقد على الأقل لا تلغي الفارق النوعي القائم بين واقع العلاقة بينهما و بين باقي بلدان الشمال من جهة وواقع العلاقة بينهما و بين بلدان الجنوب, و بالتالي من الأولى و الحل هذه أن نعبر عن الواقع الأول بمفهوم التبعية و عن واقع الثاني بمفهوم الهيمنة.
و يمكننا من تلخيص إيجابيات و سلبيات هته المدرسة من خلال مايلي:
إيجابيات
1.إعطاء نوع أو عامل جديد لتفسير تخلف الدول.
2.توضيح العلاقات الاستغلالية بين المركز و المحيط.
3.تقديم حلول للخروج من التخلف.
4.الرد على النظريات السابقة التي تقول أن التخلف هو حالة طبيعية في المحيط.
5.الدعوة إلى توحيد صفوف العالم الثالث.
السلبيات
1.تعميم المشاكل التي عاشتها أمريكا اللاتينية على كل العالم المتخلف.
2.عدم إعطاء أهمية للعامل الداخلي في تفسير التخلف و التبعية.
3.نظرة مدرسة التبعية للعالم الثالث على أساس أنه كيان واحد يضم دول متشابهة اقتصاديا, ثقافيا......
4.مدرسة التبعية هي انعكاس للأنظمة الثورية في العالم الثالث و ليست فقط توجه فكري راديكالي.
5.فصل المركز من المحيط ليس فقط هو الحل.
6.لم تضع التبعية حلا للقضاء على الرأسمالية عكس المدرسة الماركسية التقليدية.
7.عدم صلاحية فكرة فصل المحيط عن المركز في الزمن الحاضر نظرا لطبيعة النظام الاقتصادي الدولي الراهن.
8.انضمام بعض الدول المتخلفة مثلا في أوروبا الشرقية إلى الإتحاد الأوروبي زاد من درجة تطور هذه الدول.
9.وصول التبعية إلى طريق مسدود أما نجاح الأفكار الليبرالية التي تعزز التكافئ الاقتصادي العالمي.
Maldeveloppmentو أكد سمير أمين سنة 1990 في كتابه
أن مدرسة التبعية تواجه أزمة سياسية و نظرية و أن الحل الوحيد لدول العالم الثالث هو مراجعة سياستها تجاه دول المركز و البحث عن تدعيم المزيد من الاندماج داخل النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي.
كما تنبأ أيضا بسقوط التجربة الإشتراكية في روسيا.(1)
وأخيرا فإن تهرب بلداننا من مسؤولية التخلف الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي بإلقاء كامل المسؤولية على عاتق العوامل الخارجية هو أبرز و أخطر أسباب دوام التخلف و تفاقمه.
الملاحق
هذه بعض النماذج الأخرى لنظرية التبعية بعد الحرب العالمية الثانية, و تعتبر هذه النماذج كامتداد للفكر المركسي أي النيوماركسي,و تعتبر أيضا تشاؤمية حيث ترى أن الدول المتخلفة محاصرة بمجموعة من العراقيل المؤسسية و الاقتصادية سواء محلية أو دولية و من بينها هناك 3 نماذج أساسية في هذا المجال وهي :
1.نموذج التبعية الاستعمارية الجديدة.
2.نموذج المثال الكاذب .
3.فرضية الثنائية التنموية.
جاءت هذه النماذج لتبرير أهم المشاكل التي تصادف الدول المتخلفة.
1.يرجع وجود العالم المتخلف و استمرار تخلفه إلى التطور الغير عادل في النظام الدولي,حيث أصبح هذا الأخير يخدم مصالح الدول الرأسمالية القوية و التي تشكل مركز هذا النظام الذي لا يخدم الدول المتخلفة التي تشكل المحيط, و هذا ما يجعل دائما قرارات السلطة في بلدان المحيط تابعة لدول المركز دائما.فمصلحة الدول المتقدمة بقاء الدول المتخلفة في تخلفها, ووجود أطراف محليين لهم مصالح مع المركز مما يجعلهم يكرسون التبعية.
2.يرجع استمرار الدول المتخلفة في تخلفها إلى النصائح المغلوطة المقدمة من طرف المنظمات الدولية الرأسمالية كابنك العالمي و المنظمة العالمية للتجارة و صندوق النقد الدولي. كما أن هذه السياسات هي ضد واقع هذه الدول مما يؤدي إلى حدوث فجوة بين النتائج المرجوة و النتائج المحققة.
-يعالج فرونسوا بيرو التبعية من خلال ثلاثة مفاهيم أساسية و يتطرق إلى مايسمى بالثنائية:
*تحول المركز: يقول أن المركز سوف يتحول من علاقاته الاستعمارية مع المحيط إلى علاقات اقتصادية استغلالية و أن التخصص الدولي هو موجه لخدمة الطلب الخارجي على حساب الطلب الداخلي للمحيط, و أن المركز سيتحول إلى استغلال الأراضي الزراعية و اليد العاملة في المحيط لصالحه.
*الثنائية:يرى أن هناك دولتين المركز و المحيط, المركز يعد المحيط بتحقيق التنمية المشتركة بمعنى أن المركز سيساعد المحيط في تحقيق التنمية مقابل اعتماد المحيط كل ما يملكه من قدرات للمركز لاسيما المواد الأولية و بعد مرور الزمن سيتقدم المركز و يتخلف المحيط.
الهيمنة: يقول أن المركز يفرض علاقات هيمنة على المحيط التي تؤدي إلى انفتاحه على الخارج و توفير أسواق للمركز.و أن هذه الهيمنة تتوسع إلى كل المجالات السياسية و الثقافية.
يقدم لنا فرانك أندري فكرة " تنمية التخلف" بمعنى تقدم المركز هو على حساب تخلف المحيط,المركز يستغل ثروات المحيط لصالحة لتحقيق تنميته الخاصة في حين أن المحيط سوف يزيد تخلفه , حيث أن المركز يتطور من تخلف المحيط بشكل سلبي عن طريق الاستغلال و التبادل الغير متكافئ و السيطرة و الهيمنة.
-التبعية الغذائية:
إذا تمكنا من معرفة تلبية حاجات السكان في الدولة نستطيع تحديد مستوى هذه الدولة لاسيما من زاوية الأمن الغذائي, و لكن هل هناك تبعية غذائية؟
عدد كبير من دول العالم الثالث يتوجب عليهم استيراد مواد غذائية مما سيظهر عجزهم عن تأمين حاجاتهم الغذائية.البرازيل مثلا تشتري مواد غذائية عن الخارج لكنها قوة زراعية,فهي تصدر القصب السكري, القهوة, الكاكاو,الصوجا.أو الصين تستورد القمح لكنها تصدر الأرز.لكن هناك دول تستورد فقط بمعنى أنها دائما تعتمد غلى الخارج في تلبية حاجاتها الغذائية و هذا مايعني تبعية غذائية.
و هذا ما يطرح في العلاقات الدولية " السلاح الغذائي" حيث أن الو.م.أ مثلا تستعمل القمح كسلاح أخضر للضغط على الدول,وبالتالي الدول التي هي بحاجة للقمح سوف لا تقوم أو تتخذ مواقف معادية للدولة المصدرة. و تلعب المساعدات الاقتصادية دورا مهما في تكريس التبعية التي تأخذ شكلين إما مساعدات مجانية أو مساعدات مشروطة, وبالتالي تتحول هذه المساعدات إلى وسيلة ضغط في يد الدولة المصدرة.(1)
ظهر مفهوم التبعية الاقتصادية في البداية في دراسات بعض باحثي أمريكا اللاتينية كتفسير لظاهرة التخلف الاقتصادي في الدول النامية التي تربطها علاقات تبعية مع الدول المتقدمة.
وينصرف مفهوم التبعية الاقتصادية إلى العلاقة غير المتكافئة بين الدول المتقدمة والدول النامية القائمة على الاستغلال والتبادل غير المتكافئ وأسلوب الاستثمارات والمعونات التي تشكل عودة للاستعمار الجديد.
والتبعية بصفة عامة هي خضوع وتأثر اقتصاد بلد ما بالتأثيرات والتغيرات في القوى الخارجية بفعل ما تملكه هذه القوى من إمكانات السيطرة على الاقتصاد التابع، بشكل يتيح للاقتصاد المسيطر من جني أكبر نفع ممكن من موارد الاقتصاد التابع دون مراعاة مصلحة الاقتصاد الأخير ، بحيث تصبح علاقات التبعية في النهاية لصالح الاقتصاد المسيطر.
وقد يقصد بها تخصص الدول النامية في تصدير المواد الأولية تلبية لاحتياجات الاقتصاديات المتقدمة، وقد يشار إليها بأنها التجزئة وربط اقتصاديات الدول كلا على حده بالسوق الرأسمالي العالمي.
ويرى فريق من الاقتصاديين أن صور التبعية المنتشرة في اقتصاديات الدول النامية ما هي إلا نتيجة لأثر تبعية سياسية سابقة في الوقت الذي لا زالت فيه العلاقات الاقتصادية الدولية لا تخرج عن كونها مجموعة من العلاقات بين المسيطرين (الدول المتقدمة) والتابعين (الدول النامية) .
المبحث الأول: مفهوم التبعية.
المبحث الثاني: ظهور مدرسة التبعية.
المبحث الثالث : منطلقاتها الفكرية .
المبحث الأول :مفهوم التبعية
يعتبر هذا المصطلح من أهم المصطلحات المستخدمة ,العلوم السياسية و خاصة في العلاقات الدولية , فهي الكلمة المفتاحية التي تساعدنا على فهم و تحليل العلاقات بين الدول سواء كان ذلك في المجال السياسي , الاقتصادي أو الثقافي.
هي العلاقة بين اقتصادين يتوسع أحدهما على حساب الآخر و يكون تطور الثاني تابعا لتطور الأول .
التبعية هي علاقة استغلال و علاقة غير متكافئة بين دولتين أو أكثر , و هي عبارة عن نظام سياسي و اقتصادي تخضع بموجبه إحدى الدول لدولة أخرى , وهذا ما يحرم الدولة التابعة من ممارسة كافة مظاهر سيادتها في داخل إقليمها و في المجتمع الدولي.
أما بالنسبة لباقي مفكري هذا التيار يرون أن التخلف الاقتصادي للعالم الثالث ليس إلا نتيجة للتطور و القوانين و الوظائف التي تقوم بها الرأسمالية العالمية و أهمها استغلال العالم الثالث في إطار علاقة مركز مهيمن و محيط خاضع . (1)
و للتبعية عدة أشكال و أهمها التبعية الاقتصادية و السياسية:
التبعية الاقتصادية :و تتمثل في تبعية الاستثمارات للخارج و التبعية النقدية و المصرفية ،و تتخذ التبعية النقدية عدة صور منها : أن تستخدم الدولة في التداول الداخلي عملة أجنبية ( تبعية الدول لمنطقةا ليورو الإسترليني أو منطقة الفرنك ) و حينئذ تدور العملة الوطنية في فلك عملة الدولة الحاكمة و يترتب على هذا الارتباط القيمة الخارجية للعملة الوطنية بالقيمة الخارجية للعملة الأجنبية و انعكاس التطورات النقدية و الاقتصادية للبلد المسيطر على أحوال الاقتصادية في البلد التابع
يعرفها دوس سانتوز بقوله:"نعني بها تلك الحالة التي من خلالها يكون اقتصاد بعض الدول تابعا شرطيا لتطور و توسيع الدول الأخرى علاقة الاعتماد المتبادل بين اقتصادي ناو أكثر و بين هذه الاقتصاديات و التجارة العالمية يفرض شكلا ون أشكال التبعية عندما يكون بوسع الدول (المهيمنة) تبسط نفوذها بينما تكون الدول الأخرى (التابعة) خاضعة لهذا التوسع والذي سيؤثر إيجابا أو سلبا على نموها و تطورها"
أما التبعية المصرفية فتتمثل في خضوع البنوك للرأسمال و الإدارة الأجنبية أو تكون عبارة عن وكالات و فروع لبنوك أجنبية
-وهكذا نستنتج ان التبعية هي علاقة غير متكافئة بين بلدين بمعنى علاقة استغلالية بين البلدين , أو بمعنى آخر هي علاقة طبقية غير متساوية بين دول المركز و دول المحيط أو دول الشمال مع دول الجنوب .
التبعية السياسية:
فقد تكون في حالة فرض حماية من دولة استعمارية على دولة أخرى أو خضوع دولة ما لانتداب أو وصاية.
و التبعية السياسية نتيجة منطقية للتبعية الاقتصادية و التخلص من التبعية الأولى هو الشرط الأساسي للتخلص من التبعية الأخرى, و التخلص منهما شرط الانطلاق في مضمار التنمية.
و يدل أيضا هذا التعبير على مجمل العلاقات الغير متساوية مع ميل تراكمي إلى تفاقم في الأنظمة الاقتصادية و السياسية و الثقافية, و يستعمل غالبا لوصف الوضع في البلدان المتخلفة المواجهة للدول المتقدمة.أو أيضا كما يرى مفكرو أمريكا لاتينية بلدان المحيط بمواجهة دول المركز . و التبعية كمصطلح له مفهوم إيديولوجي قوي مرتبط بالإيديولوجية الغربية ( الأمريكية ) بما أنه مأخوذ غالبا كمرادف للاستغلال و الهيمنة.
إن المبادلات بين أمتين درجة تطورهما غير متساوية تختلف بداهة. إن نظرية ريكاردو حول التكاليف المقارنة تفكر كما لو أن المتبادلين حائكي الصوف المقيمين في إنجلترا و منتجي الخمر في البرتغال لهم مصلحة في تبادلهم , بما أن الحياكة في انجلترا تكلف أقل من تكلف في البرتغال أو أن الخمر لا يمكن إنتاجه في انجلترا فيصبح كلا البلدين تابعا للآخر . هذه الطريقة في التفكير استخدمت طويلا كأساس للنظرية الليبرالية في التجارة العالمية , يمكن مناقشتها بما أن كونها لم تتفحص سوى أزواج من السوق و محكومة بإهمال آثار التبادل على الاقتصاد الوطني الذي يعتبر شاملا في ظل إلزامات سياسية دقيقة نوعا ما لعدد من الأسواق المتنافرة جدا سواء في حجمها أو طبيعة منتجاتها التي يتم التبادل فيها .
عندما يعترف منظرو التجارة الخارجية أن التبادل لا يحصل بين متبادلين و انما يجد هؤلاء أنفسهم متأثرين بقوة إلى حد ما بانتمائهم إلى مجمل سياسي هو الأمة فتوصف العلاقة المتبادلة بالتبعية . (1)
المبحث الثاني: ظهور مدرسة التبعية
مدرسة التبعية هي عبارة عن استكمال للفكر الماركسي , و حاولت هذه المدرسة تفسير العلاقات و التفاعلات الدولية التي تتعلق خاصة بالتخلف, و التقدم في العالم وفقا لتقسيم دولي أكد أن الصراع موجود داخل النسق الدولي هو صراع بين الشمال و الجنوب, أي بين الدول الصناعية المتقدمة و بين الجنوب أي الدول المتخلفة و ليس الصراع بين الشرق و الغرب.
كانت بداية هذه المدرسة في أمريكا للاتينية حيث ارتبطت بأعمال اللجنة الاقتصادية وكان مقرها بمدينة سانتياغو, و ترأس هذه اللجنة" راوول بريبيش"(eclaلأمريكا اللاتينية (
و بعد عدة دراسات توصلت هذه اللجنة إلى نتيجة مفادها أن أسباب التخلف دول أمريكا اللاتينية هو اعتمادها على سياسة تصدير المواد الأولية مقابل استيراد المواد المصنعة , فهذا النمط أثر سلبا على دول أمريكا اللاتينية و جعلها تابعة للدول الصناعية و اقترح " بريبيش " اعتماد إستراتيجية استبدال أو تغيير الصادرات أي سياسة حمائية .
وفي بداية الستينات ظهرت مدرسة التبعية بقوة لاسيما بعد استقلال عدد كبير من الدول في العالم و من منظري هذه المدرسة نذكر:
Dos Santos , Raul Prebish ,Arthur Lewis , Pierre Jalet , Samir Amin , André Gunder Frank , Fernando Cardosso , Paul Baran , Merrie Bolanzaz , Paul Sweezy , Johan Galtung , Celso Furtado , Charles Bettelheim , A rghiri Emmanuel , Anzu valito , Robson
وباختصار يمكن القول أن بروز مدرسة التبعية كان في أمريكا اللاتينية لا سيما في بداية الستينيات وانتشرت فيما بعد إلى كل من آسيا و إفريقيا و قد جاءت هذه النظرية كرد فعل على النظريات الغربية التي اهتمت بمسألة تخلف البلدان , و التي أكدت بأن سبب التخلف يكمن في داخل هذه الدول و في مقابل هذا ركزت مدرسة التبعية على العامل الخارجي كعامل أساسي في تخلف البلدان و هذه هي الأطروحة الأساسية التي تعبر عنها رموز هذه المدرسة.
المبحث الثاني: ظهور مدرسة التبعية
مدرسة التبعية هي عبارة عن استكمال للفكر الماركسي , و حاولت هذه المدرسة تفسير العلاقات و التفاعلات الدولية التي تتعلق خاصة بالتخلف, و التقدم في العالم وفقا لتقسيم دولي أكد أن الصراع موجود داخل النسق الدولي هو صراع بين الشمال و الجنوب, أي بين الدول الصناعية المتقدمة و بين الجنوب أي الدول المتخلفة و ليس الصراع بين الشرق و الغرب.
كانت بداية هذه المدرسة في أمريكا للاتينية حيث ارتبطت بأعمال اللجنة الاقتصادية وكان مقرها بمدينة سانتياغو, و ترأس هذه اللجنة" راوول بريبيش"(eclaلأمريكا اللاتينية (
و بعد عدة دراسات توصلت هذه اللجنة إلى نتيجة مفادها أن أسباب التخلف دول أمريكا اللاتينية هو اعتمادها على سياسة تصدير المواد الأولية مقابل استيراد المواد المصنعة , فهذا النمط أثر سلبا على دول أمريكا اللاتينية و جعلها تابعة للدول الصناعية و اقترح " بريبيش " اعتماد إستراتيجية استبدال أو تغيير الصادرات أي سياسة حمائية .
وفي بداية الستينات ظهرت مدرسة التبعية بقوة لاسيما بعد استقلال عدد كبير من الدول في العالم و من منظري هذه المدرسة نذكر:
Dos Santos , Raul Prebish ,Arthur Lewis , Pierre Jalet , Samir Amin , André Gunder Frank , Fernando Cardosso , Paul Baran , Merrie Bolanzaz , Paul Sweezy , Johan Galtung , Celso Furtado , Charles Bettelheim , A rghiri Emmanuel , Anzu valito , Robson
وباختصار يمكن القول أن بروز مدرسة التبعية كان في أمريكا اللاتينية لا سيما في بداية الستينيات وانتشرت فيما بعد إلى كل من آسيا و إفريقيا و قد جاءت هذه النظرية كرد فعل على النظريات الغربية التي اهتمت بمسألة تخلف البلدان , و التي أكدت بأن سبب التخلف يكمن في داخل هذه الدول و في مقابل هذا ركزت مدرسة التبعية على العامل الخارجي كعامل أساسي في تخلف البلدان و هذه هي الأطروحة الأساسية التي تعبر عنها رموز هذه المدرسة.
المبحث الثالث:منطلقاتها الفكرية
ندرس أفكار مدرسة التبعية من خلال أفكار روادها و لكن عموما يشترك هؤلاء في عدة نقاط منها :
1.اعتبار التبعية كموضوع أساسي في التحليل .
2.اعتبار النظام الدولي كوحدة أساسية للتحليل .
3.الاعتماد على سياسة قوى المحيط في التحليل .
4. السياسة الخارجية يتفق أنصار التبعية على أن الدول التابعة تنتهج نموذجين أساسيين من السياسة الخارجية:
أ. نموذج السياسة الخارجية المؤيدة أو المرافقة للمركز : تظم دول المحيط التي تنتهج سياسة خارجية تتماشى و تتوافق و تعليمات المركز , كما أن الاتفاقات و المعاهدات بينهم لا تحتاج إلى إقناع أو إلى مفاوضات بل هي نتيجة تنازلات من طرف المحيط فقط و هناك على الأقل ثلاث أسباب لهذا :
1.احتواء دول المحيط على نخب و طبقات لها مصالح و هي تابعة للمركز سواء كانت مصالح سياسية اقتصادية أو غيرها .
2.تماثل إيديولوجيات و سياسات بعض دول المحيط حسب مصالح المركز بمعنى تبعية ثقافية لصناع القرار .
3.انتهاج سياسة خارجية لصالح المركز خوفا من العزلة أو العقوبات.
ب.نموذج السياسة الخارجية المعادية للمركز:
ولكن ليس معناه وجود نوع من استقلالية و إنما هو رد فعل فقط على التبعية في حد ذاتها , بمعنى أنهم يرفضون هذه العلاقة و هذا يولد نوعين من السياسة الخارجية :
1.صناع القرار في السياسة الخارجية يقومون بانتهاج سياسات مختلفة و مخالفة للغرب لضرب مصالح دول المركز في دولهم.
2.إقامة علاقات جادة مع دول ذات إيديولوجية مختلفة مع دول المركز التابعة لها .
5.العوامل الداخلية والخارجية يعتبران من العوامل الأساسية لتفسير التخلف والتبعية.
6.التركيز على العلاقات و التبعية الاقتصادية مع عدم إهمال لأنواع أخرى من التبعية.
7.الحل الوحيد للتخلص من التبعية هو التخلص من المركز.
المبحث الثالث:منطلقاتها الفكرية
ندرس أفكار مدرسة التبعية من خلال أفكار روادها و لكن عموما يشترك هؤلاء في عدة نقاط منها :
1.اعتبار التبعية كموضوع أساسي في التحليل .
2.اعتبار النظام الدولي كوحدة أساسية للتحليل .
3.الاعتماد على سياسة قوى المحيط في التحليل .
4. السياسة الخارجية يتفق أنصار التبعية على أن الدول التابعة تنتهج نموذجين أساسيين من السياسة الخارجية:
أ. نموذج السياسة الخارجية المؤيدة أو المرافقة للمركز : تظم دول المحيط التي تنتهج سياسة خارجية تتماشى و تتوافق و تعليمات المركز , كما أن الاتفاقات و المعاهدات بينهم لا تحتاج إلى إقناع أو إلى مفاوضات بل هي نتيجة تنازلات من طرف المحيط فقط و هناك على الأقل ثلاث أسباب لهذا :
1.احتواء دول المحيط على نخب و طبقات لها مصالح و هي تابعة للمركز سواء كانت مصالح سياسية اقتصادية أو غيرها .
2.تماثل إيديولوجيات و سياسات بعض دول المحيط حسب مصالح المركز بمعنى تبعية ثقافية لصناع القرار .
3.انتهاج سياسة خارجية لصالح المركز خوفا من العزلة أو العقوبات.
ب.نموذج السياسة الخارجية المعادية للمركز:
ولكن ليس معناه وجود نوع من استقلالية و إنما هو رد فعل فقط على التبعية في حد ذاتها , بمعنى أنهم يرفضون هذه العلاقة و هذا يولد نوعين من السياسة الخارجية :
1.صناع القرار في السياسة الخارجية يقومون بانتهاج سياسات مختلفة و مخالفة للغرب لضرب مصالح دول المركز في دولهم.
2.إقامة علاقات جادة مع دول ذات إيديولوجية مختلفة مع دول المركز التابعة لها .
5.العوامل الداخلية والخارجية يعتبران من العوامل الأساسية لتفسير التخلف والتبعية.
الفصل الثاني : أهم نظريات مدرسة التبعية
المبحث الأول : نظرية المركز و المحيط
المبحث الثاني : نظرية التبادل اللامتكافىء
المبحث الأول: نظرية المركز و المحيط
المركز هو مجموعة من الدول التي تتمتع ببيئة صناعية و تكنولوجية راقية و تتميز بارتفاع الدخل الفردي و توزيع عادل إلى حد ما للثروة, و لها قدرة إنتاجية هائلة و لديها القدرات المالية اللازمة لتمويل الصناعة و المشاريع الاقتصادية.المحيط هو مقابل للمركز و هو مجموعة من الدول البعيدة من حيث المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي عن المركز, و يتميز بأنه مجتمع متخلف فنيا و صناعته ضعيفة أو منعدمة و تقديم مواده الأولية إلى المركز و هو في حالة تبعية له على كافة المستويات.يعتبر راوول بريبيش أول من استخدم تعبير المركز و المحيط و المقصود بها أن العالم يتكون من مركز النشاط الاقتصادي هو الو.م.أ و هي التي ترسم السياسات و الأهداف الاقتصادية العالمية حسب مصالحها و المحيط أما حسب بريبيش راوول الذي قام بتحليل و تفسير العلاقات بين الدول المتقدمة و الدول المتخلفة مستعملا تعابير جديدة متمثلة في المركز و المحيط, حيث يرى أن المحيط وظيفته الأساسية هي تقديم أو تصدير المواد الأولية إلى المركز, و المركز وظيفته الأساسية هي احتكار المواد المصنعة و تقديمها إلى المحيط بأسعار باهظة عن أسعار المواد الأولية , و أن هذه العملية تتم على نحو دائري متجدد و بالتالي فإن هذه العلاقات تكرس و تمدد التخلف في المحيط ليست فقط نتيجة لهذه العلاقات , و إنما أيضا نتيجة لطبيعة النظام الامبريالي و يقول بريبيش للتخلص من هذا يجب على المحيط أن يقدم بإنشاء سوق إقليمي أو محلي للتحكم في المواد الأولية , و أن تكون هذه الأسواق محمية ( فرض رسوم جمركية عالية على السلع الأجنبية للحماية من المنافسة و هذا ما يمكنها من
فتح سوق جهوي محمي و متحكم في الصادرات و الواردات أي إتباع سياسة حمائية .(1)
و يمثل التيار العربي مفكري سمير امين و سعد زهران ففي رايهما ان وجود طرفان تنمويان مختلفان جذريا كنتيجة للتبادل غير المتكافئ يدعم الابقاءعلى الوضع القائم .(3)
أما سمير أمين يشبه التبعية بالهيمنة من طرف المركز على المحيط و أن هذه التبعية تبين الهيمنة من طرف المركز على كافة المستويات ( السياسية, الاقتصادية, الثقافية )و خاصة الاقتصادية. و يقول أيضا أن هذه التبعية تبدو خاصة من خلال المجال الاقتصادي و ذلك عن طريق تقديم دول المحيط للمواد الأولية و الأساسية ( مواد قاعدية ) للمركز و بأسعار رخيصة و أحيانا مجانا وهذا ما يجعلنا نستنتج أن دول المحيط ليست إلا دولا منتجة للمواد الأولية لصالح المركز لأنها لا تتحكم في هذه المواد . ومن جهة أخرى يرى سمير أمين أن دول المركز تتمتع بقدرة على تمويل مشاريعها بمعنى أن تمويلها هو ذاتي داخلي , بينما دول المحيط فإن تمويلها مرتبط بالخارج , فأموال المواد الأولية لا تستثمر في المحيط بل في المركز .
المبحث الثاني: نظرية التبادل غير المتكافئ
يعرف التبادل على أنه السعر الأصلي أو الموحد بين الصادرات و الواردات, و عموما فإن التبادل هو تقديم خدمة أو سلعة مقابل خدمة أو سلعة متساويتان من الناحية المادية, فلا يمكن تبديل طن من الأرز الصيني مقابل برميل من البترول الليبي.و بالتالي عندما يكون التبادل يجب وجود المساواة و لكن نظرا لطبيعة النظام الاقتصادي الدولي الحالي و تقسيم العمل الدولي , ظهرت قضية التبادل اللامتكافئ بين المركز والمحيط , بمعنى استغلال المركز للمحيط أي أن المحيط يقدم مواد أولية بأسعار رخيصة للمركز و في المقابل فمفهوم العلاقات الامبريالية بين دولتين او اكثر ينحصر في عدم التكافؤ في الفرص و الامكانيات بين الدول الشمال المتقدم و دول الجنوب المتخلف فهذه الاخيرة مقيدة الحركة و التصرف الا في حدود ما تمليه عليها دولة المركز التي تهيمن عليها فالمركز يقدم مواد مصنعة و جاهزة للمحيط بأسعار باهظة . وهذا التبادل غير متكافئ
ينتج عنه عدة آثار اقتصادية و سياسية على المحيط و التي تؤدي إلى دمار الدول , وهذا ماجعل بيار جالي يقول معبرا عن هذا الوضع بتدمير العالم الثالث, و بالتالي هذه العلاقات الغير متساوية كرست استغلال المركز للمحيط أي التبادل غير متكافئ حسب إيمان وال آرغيري .(1)
أما بالنسبة لسمير أمين فيؤسس تحليله للتبعية على أساس التبادل غير متكافئ بين الدول الصناعية الرأسمالية ( المركز ) و بين دول العالم الثالث ( المحيط ) , فيرى أن هناك مجموعتين متميزتين من قوانين النمو الرأسمالي , إحداهما خاصة بالمركز و الأخرى خاصة بالمحيط , حيث أن القوانين الخاصة بالمركز تقوم على الاحتكار و الاستغلال و التقسيم الغير عادل للعمل الدولي , أما القوانين الخاصة بالمحيط فهي الخضوع للسياسة الاقتصادية الرأسمالية. و يرجع عدم التكافؤ الذي يتسم به التبادل بين المركز و المحيط إلى أن السلع المتبادلة تحوي كميات غير متكافئة من العمل , كما أنها تعكس مستويات غير متكافئة من القدرات الإنتاجية , و يضل هذا اللاتكافؤ باقيا بسبب ركود التشكيلات الاجتماعية في المحيط , و بسبب استحواذ المركز على الصناعات الأكثر تقدما من الناحية التكنولوجية بينما يترك التخصص الكلاسيكي الذي يتضمن إنتاج السلع الرأسمالية لدول المحيط مقابل تقديم دول المحيط المواد الأولية لدول المركز . و كذلك يحد هذا التبادل الغير متكافئ نتيجة سيطرة الدول الرأسمالية ( المركز ) على الأسعار الدولية للمواد الأولية و المواد المصنعة, ذلك أن دول المحيط هي مجبرة على تلبية احتياجات السوق العالمي بإنتاج المواد الأولية و توفير مخزون لليد العاملة الرخيصة. ويرى سمير أمين أن الحل هو إتباع دول المحيط سياسة الاكتفاء الذاتي و كذا إتباع سياسة اشتراكية ولكن الأسواق تبقى تابعة للمركز الرأسمالي نتيجة لميكانيزمات السيطرة.
كما تحدث راوول بريبيش عن التبادل الغير متكافئ في دراسة تحت عنوان " أسعار نسبية للصادرات و الواردات للدول النامية ", و في هذه الدراسة و ضع قضية التبادل حيث درس الفترة الممتدة من 1875-1938 و توصل إلى أن المواد الأولية سجلت انخفاضا بنسبة عندما تم تبديلها بمواد مصنعة التي ارتفعت أسعارها في مقابل انخفاض سعر المواد %43
الأولية.هذا و بالإضافة إلى تحكم دول المركز في عمليات المضاربة و كذا تحديد أسعار المواد الأولية كالبترول , فالدول الكبرى لاسيما الو.م.أ ترفع من سعر هذه المادة كما تشاء و حسب مصالحها . و يمكن القول أن التبادل الدولي هو كل العلاقات الاقتصادية بين الدول النامية ( المحيط ) و الدول المتقدمة ( المركز ) , و يترجم عادة في علاقات اقتصادية غير متكافئة أو ناقصة و يبقى التبادل الدولي الغير متكافئ أحد ميكانيزمات السيطرة لتعميق التبعية و السيطرة على المحيط. كما أن الاقتصاد الدولي نجده متمركز في أقطاب عالمية محددة : الولا يات المتحدة الأمريكية و أوروبا الغربية و اليابان , أما في بقية دول العالم فإما تكون تابعة لهذه المناطق أو مستقلة عنها بعض الشيء مثل الصين.فمثلا نلاحظ أن دول أمريكا اللاتينية تشتري و تبيع من الو.م.أ و كندا أكثر من ثلاثة أضعاف مما هو قائم من علاقات تجارية بين دول أمريكا اللاتينية نفسها.(1)
وللتوضيح نستعين بالجدول التالي الذي يوضح حركة التجارة العالمية في 1998:
نستنتج من الجداول ارتفاع المبادلات التجارية بين الشمال و ضعفها بين الجنوب و بالتالي فالعلاقات الاقتصادية بين الجنوب هي سبب التبعية.
في ضل اقتصاد عالمي متطور وجدت دول المحيط نفسها في موقع ضعف و صعب و وجدوا أنفسهم مجبرين على فتح أسواقهم و اتباع سياسات رأسمالية مما أدى إلى ضعف العلاقات الاقتصادية بين دول المحيط و عدم تحكمهم في موادهم الأولية و أسعارها .(1)
كما يعتبر إيمانوال آرغيري أول من تطرق لمصطلح أو قضية التبادل اللامتكافئ حيث يقسمه إلى نوعين :
1.في الحالة الأولى القيمة الإجمالية للقيمة المطلقة هو معروف إذا الأجر الحقيقي هو ثابت لكن الدول تتخصص في مجال إنتاجي ذي تركيبة عضوية مختلفة, وهنا تحويل القيمة ليس مختلف كما هو موجود داخل النظام الوطني.
2.في الحالة الثانية سعر القيمة المطلقة مختلفة و تحويل القيمة هو مختلف و ليس في تركيبة عضوية مختلفة , لكن تعبئة العمل مما يسمح بأجور حقيقية مختلفة . (2)
و يعيد إيمان وال آرغيري أخذ فكرة ريكاردو , أن قيمة المواد تقدر حسب عدد العمل اللازم لإنتاجها , و يضيف أن سعر العمل ليس مماثل في كل الدول حيث يقول " إذا كان العامل الإفريقي لا يتقاضى سوى 1 كغ من الفرينة حيث أن العامل الأمريكي يتقاضى بالتقريب 20 كغ , هنا نرى تبادل لامتكافئ . المواد المباعة للدول السائرة في طريق النمو بأسعار متساوية تستلزم عمل كثير حين أنه العكس بالنسبة للمواد المباعة من طرف الدول الغنية هنا يكمن اللاتكافئ , في حين نجد النقابات التي تساهم في ارتفاع أجور العمال التي تفتقر إليها الدول النامية . (1)
حسب سمير أمين يرى في النمو الغير متكافئ أن التخصص يمكن أن يكون غير عادل , ففي دول العالم الثالث مثلا نجد أن العامل الإفريقي يستغرق ساعات كثيرة من العمل على مدار السنة و الكثير من العمل الشاق لإنتاج مواد مصنعة, في مقابل ساعات قليلة من العمل السهل و البسيط للعامل الأوروبي المؤهل. فالعامل في المحيط يعمل 300 ساعة لإنتاج شيء معين و في المركز العامل في 300 ساعة ينتج 8 مرات نفس الشيء و التبادل في المحيط يبيعها ب 320 و كذلك في المركز يبيعها بنفس السعر فيكون المركز هو الرابح أي المستفيد الأول.(2)
إن هيمنة المركز ليست نتيجة فقط إلا في صادرات المحيط و المتمثلة في المواد القاعدية, ولكن لأن اقتصاديات المحيط ليست فقط منتجة للمواد القاعدية, بمعنى أن هذه الإنتاجية ليست مؤسسة على هيكلة صناعية متمركزة و بالتالي فإن المحيط هو الذي يخدم مصالح المركز و في المقابل ذلك فإن المركز يحقق مصالحه على حساب المحيط.تظهر هذه الهيمنة خاصة في المجال المالي حيث يقول سمير أمين أن المركز له رأسمال الأجنبي و هذا ما يظهر في الاستثمارات , و بالتالي فإن المركز من الطبيعي أنه سوف يقوم بتسيير العجلة المالية للمحيط على نحو معكوس , مما يؤدي إلى توقيف النمو و تصبح التنمية في المحيط تسير حسب مصالح المركز لأنه الممول الرئيسي لمشاريع المحيط و بالتالي فإن التنمية في المركز هي على حساب التخلف في المحيط .(3)
Les blocages de la croissance : توقفات النمو
يؤدي هذا التبادل اللامتكافئ إلى ما يسميه راوول بريبيش بتوقفات النمو , ويرجع توقفات النمو أمريكا اللاتينية تأتي أساسا لاندماجها السيئ في مجال العمل الدولي, و تخصصها في المواد الأولية يؤدي إلى حدوث توقفات كثيرة منها :
-جزء كبير من الدخل الوطني يتأثر بظاهرة التبادل على حساب المواد الأولية .
- الاقتصاد هو ثنائي يعتمد على الخارج في التمويل وعلى الموارد المحلية .
- التوزيع الغير عادل للمداخيل الذي يؤدي إلى استيراد المواد الكمالية لدى الطبقة الغنية على حساب الطبقة العاملة .
- في حالة التصنيع, يجب استيراد الآلات و المعدات و هنا نكون أمام تبعية تكنولوجية.
- لتعويض تدهور ظواهر التبادل , يجب زيادة تصدير المواد الأولية و هذا ما يؤدي إلى توجه الزراعة نحو المحاصيل التصديرية .وهنا تحدث حاجة لاستيراد المواد الغذائية للعمال الذين يقطنون بالمدينة.(1)
أما في ما يخص كل من بول باران و بول سويزي أصحاب أطروحة " ديناميكية التبادلات العالمية " التي تخص الدول السائرة في طريق النمو , و يقولان أن فائض القيمة المنتحل من طرف الرأسمالية الاحتكارية , لا تستطيع تحقيقه في المركز و هذا راجع للتخصصات الداخلية,فرؤوس الأموال ستستثمر في المحيط و هذا ما سيعود بالفائدة في منطقة الرأسمالية, و الذي سيقوم بتحطيم أنماط الإنتاج السابقة للرأسمالية لدول العالم الثالث , و هذا ما يعني تبادل غير متكافئ بواسطة احتكار دول المركز لرؤوس الأموال و الاستثمارات في دول المحيط .(2)
يؤسس بول سويزي تحليله للتبعية على الإضافات التفضيلية التي قدمها على علاقة التبعية بالتبادل غبر المتكافئ بين الدول الصناعية الرأسمالية وبين الدول المتخلفة وذلك لتفسير أنماط معينة من التبادل الاقتصادي الدولي ويرى بول سويزي ان هناك قوانين تحكم كل من الدول المتقدمة وهي الاحتكار والتوسع اما الدول المتخلفة فقوانينها تحدد من المركز حسب اوضاع المركز و التناقضات التي تحدث بداخله وهذه التناقضات تنتقل في شكل معدل ربح الى الهوامش أي المحيط ا والى المستعمرات و الدول الواقعة في دائرة نفوذ الاستعمار الجديد ووفقا لهذا يتضح لنا ان بنية السوق الدولية هي التي تفرض التطور غير المتكافئ وبسبب استحواذ المركز على الصناعات الاكثر تقدما وتخصص المحيط في توفير و تامين المواد القاعدية للملاكز تزداد الفجوة بينهما وبالتالي يجبر المحيط على تلبية حاجات المركز و النظام الاقتصادي الدولي ككل وبالتالي فان المركز سيكون مسيطرا على المحيط وهذه كله نتيجة للسياسة الراسمالية العالمية1
المبحث الثالث: نموذج غالتونغ
تشكل نظرية التبعية السياسية التي طورها المفكر النرويجي يوهن غالتونغ على فرضية أساسية , أن ضعف أو غياب الديمقراطية في عدد من دول الجنوب لا يمكن أن تفسر إلا من خلال الرجوع إلى الحركيان التاريخية التي أنتجت حالات من تبعية نظام الحكم في الدول النامية اتجاه دولة مركز أو متطورة.
يعترف غالتونغ بأن التبعية هي حالة تاريخية تبعت عمليات الاستقلال في الدول التي لم تعرف حالة ثورات التحرر,بل تحصلت على استقلالها بمفاوضات التي لم تكن متوازنة بل أنتجت أملاءات و شروط قاصرة,كما تم نقل السلطة من الإدارة الاستعمارية إلى النخبة المحلية التي أنتجتها و استخدمتها .كما يرد غالتونغ التبعية السياسية إلى تبعية اقتصادية مزمنة , بحكم أن الاستعمار قد أنتج هيكلة إنتاجية ضعيفة موجهة للتصدير سواء من حيث كونها مواد زراعية ( مثل الكاكاو في الكوتيفوار و الكامرون أو المطاط في اندونيسيا ) أو التعدينية (مثل اليورانيوم في النيجر التي تستفيد منه فرنسا بصفة حصرية عن طريق شركة أريفا ) أو الطاقوية مثل النفط .
تقوم فكرة التبعية على مجموعة من الفرضيات منها :
1.استمرار النخبة الحاكمة في دول المحيط مرهون باستمرارها في دورها الداعم للتبعية.
2.علاقات التوافق و التجانس النفعي ضعيف داخل المحيط و قوي داخل المركز.
3.علاقات التجانس هي أقوى بين النخبة الحاكمة في المركز و ضعيفة في المحيط.
مثلا فرنسا مركز و النيجر محيط , نعتمد على ثلاث متغيرات :
*مشاركة سياسية , تجانس منفعي , تضارب في المصالح .
*مشاركة سياسية قوية في فرنسا أي تفاعل إيجابي و بالتالي فيه تجانس.
*مشاركة سياسية ضعيفة في النيجر أي تفاعل سلبي و بالتالي تضارب في المصالح.
و لكي تستمر النخبة الحاكمة الحاكمة في النيجر تلجأ إلى دعم خارجي لتستمر في الحكم بمعنى توطيد العلاقة مع النخبة الحاكمة في المركز.
يقوم هذا النموذج على تصوير مقاربة شبه ميكانيكية تجمع بين مسلمتين :
1.أن استمرار الأنظمة السياسية الغير ديمقراطية في دول المحيط قائمة على وجود شبكة علاقاتية بين النخبة الحاكمة غير ديمقراطية و الدولة الأجنبية ( المركز ) لها مصالح في استمرار هذا النظام .
2.استقرار الانظمة غير ديمقراطية في هذه الدول لا يمكنه أن يستمر إلا بخلق حركتين أساسيتين هما:
أ.توسيع الثقافة السياسية تضمن الانتقال التدريجي نحو نظام المشاركة السياسية.
ب.توسيع حركيات الانتقال الاقتصادي يجعل حاجات و أولويات المواطنين و الدولة أسمى من الأولويات لإستراتيجية ا.
ومن خلال هذا الشكل يمكننا فهم ان العلاقة تتم بين مركز المركز ومركز المحيط وهو ما يكرس التبعية من خلال وجود نخبة في المحيط لهل مصالح مع مركز المركز الذي بدوره له مصالح منفعية مع نخبة المحيط
و يلاحظ غالتونغ ان
هناك انسجاما للمصالح بين المركز في دولة المركز و المركز في دولة المحيط
ان هناك تناقضا او تضاربا في المصالح اكثر في دولة المحيط منه في دولة المركز
ان هناك تناقضا او تضاربا في المصالح بين الدولة المركزية و محيط الدولة المحيطية
غير ان هذا الشكل يعقد مسالة بين المركز و المحيط لان غالتينغ لا يتحدث عن مركز واحد و لا على محيط واحد و انما على مراكز و محيطات
كما أن هناك نموذج آخر لغالتونغ و المعروف بنظرية الزهرة, بمعنى أن هناك دولة مركز و تحيط بها عدة دول تابعة لها, و أن العلاقات بين المحيط و المركز تتم من خلال سيطرة المركز و أن العلاقات بين المحيط لا تتم مباشرة و انما بطريقة ضمنية غير مباشرة , أي أن علاقات المحيط تتم من خلال المركز فعلاقة مثلا بين السعودية و الجزائر لا تتم مباشرة لاسيما في المجالات السياسية و العسكرية بل تتم عن طريق المركز أي الو.م.أ أو فرنسا.
إذا علاقات رأسية مباشرة بين المركز و المحيط و غير مباشرة و ضمنية بين المحيط.كما يرى غالتونغ أنه في المركز يوجد مركز و في المحيط فيه مركز, و أن التبعية يكرسها مركز المحيط من خلال علاقاتها التوافقية مع المركز, بمعنى أن هناك نخب داخلية تتعامل مع المركز حسب مصالح المركز, وهي تقوم بدور لصالح المركز على حساب المحيط بمعنى أن كل التفاعلات التي تحدث في المحيط سببها المركز.(1)
ومن هنا يمكننا آن نستنتج ان فكرة توحيد البروليتارية العالمية غير ممكنة ذلك ان بروليتاريا المركز تستفيد من الاستغلال المفروض على المحيط فمثلا لا يمكن توحيد الطبقة العاملة في الولايات المتحدة الامريكة مع الطبقة العاملة في مصر او جيبوتي فليس هناك اية اهتمامات مشتركة بينهم
و توصل فرانك آندري في كتابه سنة 1967 ( الرأسمالية و التخلف في أمريكا اللاتينية ) إلى أن النظام الدولي ينقسم إلى قسمين أساسيين: دول المركز و تسمى الدول المتقدمة و يضم الدول المتقدمة و الصناعية , أما القسم الثاني فيضم دول المحيط أو الدول التابعة , وهي الدول المتخلفة أو السائرة في طريق النمو مثلا : العلاقة الموجودة بين القسمين بالقطعة النقدية التي لديها جانبين اثنين فسر تقدم الدول الصناعية هو تخلف الدول النامية.إلى جانب فرانك قام دوس سونتوس بنشر مقاله عام 1970 عنوانه " بنية التبعية ", الفكرة الأساسية لهذا المقال تقول أن دول العالم الثالث لم تختر طريقة دخولها في النظام الدولي بعد استقلالها , لأن معالم و بنية النظام الدولي كانت موجودة قبل ظهور العالم الثالث, و حسب دوس سونتوس فإن التحولات الاقتصادية في النظام الدولي تحركها دول معينة و هي دول الشمال, و أن أي تغيير يحدث في العالم الثالث ماهو إلا رد فعل للتحولات التي تحكمها و تحددها الدول الصناعية و المتقدمة.على عكس كل من أندري و دوس سونتوس اللذان حاولا التركيز على بنية النظام الدولي , حاول كل من فرناندو كاردوسو و آنزو فاليتو التركيز على دور الطبقات البرجوازية و الطبقة الحاكمة داخل دول المحيط في تعزيز التبعية , طرحت هذه الفكرة في كتاب فاليتو و كردوسو الذي نشر بالإنجليزية عام 1973 و كان عنوانه التبعية و التقدم في أمريكا اللاتينية أكد على فكرة أساسية هي أن الطبقات السياسية و العسكرية داخل دول العالم الثالث هي التي عززت تبعية دول المحيط للمركز, فحسبهم كان هناك مجال واسع لاختيار لدى صانعي القرار و لكنه نظرا للتبعية و عدة روابط مصلحية أخرى مع المركز , اختار هؤلاء الدخول في علاقة تبعية مع المركز و بالتالي يركز هذا الفكر على دور العوامل الداخلية في تكريس التبعية أو كما أسموه "دراسة التجربة الداخلية للتبعية ".
إلى جانب هذه الأفكار و اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية , قام البنك العالمي بإنشاء لجنة سميت بلجنة برانت التي ترأسها السياسي الألماني ويلي برانت, و درست هذه اللجنة أسباب التخلف و عن أهم ما توصلت إليه هذه اللجنة هو المعروفة بتقارير برانت ومن بينها التقرير الذي كتب سنة 1980. وهناك تقرير آخر بعنوان" أزمة مشتركة تعاون شمال جنوب من أجل الانتعاش العالمي سنة 1989.كما حاولت هذه اللجنة تدعيم التعاون شمال جنوب , و ضرورة إمضاء اتفاقيات و برامج عمل مشتركة بين الشمال و الجنوب من أجل تحقيق تقدم اقتصادي عالمي شامل.
و يؤكد سمير أمين أن دول المحيط تخضع لقانون رأس المال الدولي الذي تسيطر عليه و تحركه الطبقات البرجوازية الموجودة في دول المركز , هذه البرجوازية هي التي تقوم بمراقبة المسار الاقتصادي و المالي في العالم و لاسيما في المحيط و هي التي تحدد التوجهات و التغيرات الاقتصادية في دول المحيط , كما أكد في كتابه سنة1970 "المغرب في العالم المعاصر "على أهمية استعمال عنصر التاريخ في تحليل تبعية دول المغرب العربي للدول الأوروبية و خاصة فرنسا,من خلال دراسة الوضعية الاقتصادية و السياسية,الثقافية لدول المغرب العربي آنذاك. حاول سمير أمين إضافة عنصر التاريخ لتفسير التبعية حيث أكد أنه لا يمكن فهم التحولات الاقتصادية , السياسية و الثقافية في دول المغرب العربي بدون دراسة التجربة الاستعمارية لهذه الدول.(1)
خاتمة
برز مفهوم التبعية في عقد الستينات من القرن الماضي , وهو مفهوم محوري و مركزي في مدرسة التبعية التي قامت عليه و سميت به.و هذه المدرسة نشأت في أمريكا اللاتينية و انتشرت فيما بعد إلى كل من آسيا ة إفريقيا.قد حاولت تفسير الواقع المتخلف الذي تعاني منه معظم بلدان العالم , و خاصة في أمريكا اللاتينية.وقد جاءت مدرسة التبعية ردا على كل النظريات الغربية التي اهتمت بمسألة تخلف البلدان النامية و زعمت بأن سبب تخلف هذه البلدان يكمن في داخلها و بالتالي فإن استئصال هذا السبب يفترض تطوير علاقاتها الخارجية مع البلدان المتقدمة و طبعا بصورة العلاقة بين التابع و المتبوع.و بالنتيجة فقد ركزت مدرسة التبعية على العامل الخارجي كعامل أساسي في تخلف بلدان القارات الثلاث , و أفادت بأن العلاقات القائمة بين هذه البلدان و البلدان الغربية المتقدمة هي في الوقت نفسه سر تخلف البلدان الأولى و تطور البلدان الثانية.وهذه هي الأطروحة الأساسية لمدرسة التبعية التي يعبر عنها رموز هذه المدرسة من أمثال آندري فرنك بقوله " العملية التاريخية التي و لدت التخلف في مكان ما هي نفسها التي ولدت التطور في مكان آخر" و أوسفالد زونكل عندما يقول " التأخر هو جزء لا يتجزأ من الصيرورة التاريخية للبلدان الغربية"
و سمير أمين بتأكيده على أن " تاريخ التطور الرأسمالي ليس فقط التطور الذي أحدثه , وإنما هو كذلك التدمير الوحشي الذي بني عليه ... ".
وعلى هذا النحو فقد عبر مفهوم التبعية عن سبب أو عامل رئيسي من عوامل التخلف, كانت قد تجاهلته كليا النظريات الاقتصادية- الاجتماعية السابقة, الأمر الذي أكسب نظرية التبعية رواجا كبيرا طيلة ثلاث عقود من تاريخ نشوئها, و مع تطور الأحداث التاريخية و تراكم تجارب الأمم و الشعوب في التنمية و تخطي التخلف,تبين لأصحاب المنهج الجدلي و أنصاره في مختلف مناطق العالم عجز مفهوم المختزل للتبعية عن تقديم تفسير علمي شامل و متكامل لواقع التخلف القائم في معظم بلدان العالم,يساعد على صياغة مشروع تغيير تاريخي نوعي يكفل تنمية هذه البلدان و تقدمها الاقتصادي و السياسي و الثقافي ولعل أبرز الملاحظات النقدية التي يسجلها هؤلاء حول القصور المنهجي لمفهوم التبعية المختزل هي الملاحظات الكبرى الثلاثة التالية:
أولا: لقد رمت نظرية التبعية نفسها في المطلب الذي وقعت فيه النظريات الغربية حول التنمية المزعومة في البلدان المتخلفة.فإذا كانت النظريات الأخيرة قد اختصرت عوامل التخلف بالعامل الداخلي الخاص ببلدان المتخلفة , فإن نظرة التبعية قد اختزلت تلك العوامل بالعامل الخارجي المرتبط بالعلاقات الغير متكافئة, تلك القائمة بين مجموع البلدان المتقدمة و المتخلفة, الشمال و الجنوب,المركز و المحيط, وعلى هذا النحو فان النقد الأول لنظرية أو مدرسة التبعية,أن التبعية ليست عوامل داخلية أو خارجية على حدا بل هي هذا و ذاك في اطار العلاقة الجدلية بينهما.و حسب دوس سونتوس فإن " الخارج لا يستطيع دخول الداخل إلا بإذنه أولا و سوف يكون من التبسيط استبدال الديناميكية الداخلية بالديناميكية الخارجية.
و تكتب إيليزاباث دور" أن نظرية التبعية تفترض ما ينبغي البرهان عليه مسبقا فما الذي مكن مجموعة من البلدان من أن تخلف مجموعة بلدان أخرى".وبتعبير ف.كاردوسو فإن" العلاقات الطبقية الداخلية تتيح لتحقيق علاقات التبعية و تحدد حجمها و نوعيتها".
إن الطرح الجوهري حول دور كل من العاملين الداخلي و الخارجي في تخلف البلدان, هي أن العامل الخارجي هو دوما من عوامل تخلف هذه البلدان,لكننا نرى أن العامل الداخلي هو في المحصلة العامة العامل الأساسي في هذا التخلف, و مهما يكن فإن أهمية دور كل من هاذين العاملين في التخلف ليس واحد في جميع مراحل نشوء و تطور و تخطي التخلف.فإذا كان للعامل الخارجي الدور الأساسي في مرحلة تطور أو تفاقم التخلف فإن دوره في مرحلتي النشوء و التخطي لا يتعدى دور المساعد المكمل أو المعرقل الإضافي و بالمقابل إذا كان العامل الداخلي هو أحد عوامل التخلف في مرحلة تطوره فهو عامل الأساس في مرحلتي نشوء التخلف و تجاوزه و بالتالي فالعامل الأساسي الذي يقوم عليه جدل الداخل و الخارج ليس واحد طيلة مراحل مسيرة التخلف.
و على هذا النحو فإن إرجاع التخلف للعامل الخارجي أو الداخلي أساسي في الحالتين, دون التمييز بين مقادير حضور كل منهما في هذه المرحلة أو تلك من مراحل مسيرة التخلف , يتجاهل النسبية التاريخية لدور كل هذين العاملين في تخلف البلدان النامية و في ضل العولمة الرأسمالية الجديدة فإن من الصعب التمييز بين الداخل و الخارج إذا صار الداخل خارجا و الخارج داخلا إلى حد بعيد .
ثانيا : ترجع مدرسة التبعية التخلف إلى سبب انتزاع البلدان المتقدمة للفائض المحقق في البلدان المتخلفة على أساس التبادل اللامتكافئ للمنتجات القائم على تخصص لا متكافئ بالعمل, فإنها تفسر التخلف بطريقة اقتصادية أكثر منها بصورة اقتصادية جدلية , فالتخلف مسألة أعقد بكثير من أن تفسر بآلية اقتصادية محددة أو بآليات اقتصادية متعددة لكنها معزولة عن الآليات السياسية و الثقافية التي ترتبط بالضرورة الاجتماعية العامة,
أن اقتصادية المفهوم المختزل للتبعية تعود برأينا إلى عدم الجدية في اعتبار حقيقة أن الإنتاج و ليس التبادل هو المحدد العام كلفات الدورة الاقتصادية الكلية باعتباره محتوى و مضمون هذه الدورة و بتعبير إليزاباث دور فإن "اختزال الفائض و الاستيلاء اللاحق عليه هو سيام الحلقات الدورة الاقتصادية الكلية باعتباره محتوى و مضمون هذه الدورة, و العلاقة بين الطبقات المنتجة و الطبقات المستغلة و ليس بين البلدان المتبادلة, ثم إن معرفة كيفية إنتاج الفائض هي شرط معرفة آليات تبادله و توزيعه".
ثالثا : إذا كان مفهوم التبعية قد عبر بمقدار كبير عن واقع اللاتكافؤ في العلاقات الاقتصادية و السياسية التي كانت قائمة بين الشمال و الجنوب حتى عشية الإعلان الرسمي عن ميلاد ما سمي بالنظام العالمي الجديد , أوائل العقد الأخير من القرن العشرين,فإن هذا المفهوم فقد فاعليته في الكشف عن خصوصية العلاقة بين شمال العامل و جنوبه , و غدا منذ ذلك مفهوما عاما لا يفيد كثيرا في التمييز بين بلدان من هنا و هناك على مستوى العلاقات الدولية الجديدة و الكشف عن خصوصية البلدان المختلفة على هذا المستوى.
فالقول مثلا أن كل من إنجلترا و غينيا تابع للو.م.أ لا يكشف عن الخصوصية التي تميز علاقة الو.م.أ بكل منهما على حدا.فتبعية بلدان العالم برمته للو.م.أ منذ عقد على الأقل لا تلغي الفارق النوعي القائم بين واقع العلاقة بينهما و بين باقي بلدان الشمال من جهة وواقع العلاقة بينهما و بين بلدان الجنوب, و بالتالي من الأولى و الحل هذه أن نعبر عن الواقع الأول بمفهوم التبعية و عن واقع الثاني بمفهوم الهيمنة.
و يمكننا من تلخيص إيجابيات و سلبيات هته المدرسة من خلال مايلي:
إيجابيات
1.إعطاء نوع أو عامل جديد لتفسير تخلف الدول.
2.توضيح العلاقات الاستغلالية بين المركز و المحيط.
3.تقديم حلول للخروج من التخلف.
4.الرد على النظريات السابقة التي تقول أن التخلف هو حالة طبيعية في المحيط.
5.الدعوة إلى توحيد صفوف العالم الثالث.
السلبيات
1.تعميم المشاكل التي عاشتها أمريكا اللاتينية على كل العالم المتخلف.
2.عدم إعطاء أهمية للعامل الداخلي في تفسير التخلف و التبعية.
3.نظرة مدرسة التبعية للعالم الثالث على أساس أنه كيان واحد يضم دول متشابهة اقتصاديا, ثقافيا......
4.مدرسة التبعية هي انعكاس للأنظمة الثورية في العالم الثالث و ليست فقط توجه فكري راديكالي.
5.فصل المركز من المحيط ليس فقط هو الحل.
6.لم تضع التبعية حلا للقضاء على الرأسمالية عكس المدرسة الماركسية التقليدية.
7.عدم صلاحية فكرة فصل المحيط عن المركز في الزمن الحاضر نظرا لطبيعة النظام الاقتصادي الدولي الراهن.
8.انضمام بعض الدول المتخلفة مثلا في أوروبا الشرقية إلى الإتحاد الأوروبي زاد من درجة تطور هذه الدول.
9.وصول التبعية إلى طريق مسدود أما نجاح الأفكار الليبرالية التي تعزز التكافئ الاقتصادي العالمي.
Maldeveloppmentو أكد سمير أمين سنة 1990 في كتابه
أن مدرسة التبعية تواجه أزمة سياسية و نظرية و أن الحل الوحيد لدول العالم الثالث هو مراجعة سياستها تجاه دول المركز و البحث عن تدعيم المزيد من الاندماج داخل النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي.
كما تنبأ أيضا بسقوط التجربة الإشتراكية في روسيا.(1)
وأخيرا فإن تهرب بلداننا من مسؤولية التخلف الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي بإلقاء كامل المسؤولية على عاتق العوامل الخارجية هو أبرز و أخطر أسباب دوام التخلف و تفاقمه.
الملاحق
هذه بعض النماذج الأخرى لنظرية التبعية بعد الحرب العالمية الثانية, و تعتبر هذه النماذج كامتداد للفكر المركسي أي النيوماركسي,و تعتبر أيضا تشاؤمية حيث ترى أن الدول المتخلفة محاصرة بمجموعة من العراقيل المؤسسية و الاقتصادية سواء محلية أو دولية و من بينها هناك 3 نماذج أساسية في هذا المجال وهي :
1.نموذج التبعية الاستعمارية الجديدة.
2.نموذج المثال الكاذب .
3.فرضية الثنائية التنموية.
جاءت هذه النماذج لتبرير أهم المشاكل التي تصادف الدول المتخلفة.
1.يرجع وجود العالم المتخلف و استمرار تخلفه إلى التطور الغير عادل في النظام الدولي,حيث أصبح هذا الأخير يخدم مصالح الدول الرأسمالية القوية و التي تشكل مركز هذا النظام الذي لا يخدم الدول المتخلفة التي تشكل المحيط, و هذا ما يجعل دائما قرارات السلطة في بلدان المحيط تابعة لدول المركز دائما.فمصلحة الدول المتقدمة بقاء الدول المتخلفة في تخلفها, ووجود أطراف محليين لهم مصالح مع المركز مما يجعلهم يكرسون التبعية.
2.يرجع استمرار الدول المتخلفة في تخلفها إلى النصائح المغلوطة المقدمة من طرف المنظمات الدولية الرأسمالية كابنك العالمي و المنظمة العالمية للتجارة و صندوق النقد الدولي. كما أن هذه السياسات هي ضد واقع هذه الدول مما يؤدي إلى حدوث فجوة بين النتائج المرجوة و النتائج المحققة.
-يعالج فرونسوا بيرو التبعية من خلال ثلاثة مفاهيم أساسية و يتطرق إلى مايسمى بالثنائية:
*تحول المركز: يقول أن المركز سوف يتحول من علاقاته الاستعمارية مع المحيط إلى علاقات اقتصادية استغلالية و أن التخصص الدولي هو موجه لخدمة الطلب الخارجي على حساب الطلب الداخلي للمحيط, و أن المركز سيتحول إلى استغلال الأراضي الزراعية و اليد العاملة في المحيط لصالحه.
*الثنائية:يرى أن هناك دولتين المركز و المحيط, المركز يعد المحيط بتحقيق التنمية المشتركة بمعنى أن المركز سيساعد المحيط في تحقيق التنمية مقابل اعتماد المحيط كل ما يملكه من قدرات للمركز لاسيما المواد الأولية و بعد مرور الزمن سيتقدم المركز و يتخلف المحيط.
الهيمنة: يقول أن المركز يفرض علاقات هيمنة على المحيط التي تؤدي إلى انفتاحه على الخارج و توفير أسواق للمركز.و أن هذه الهيمنة تتوسع إلى كل المجالات السياسية و الثقافية.
يقدم لنا فرانك أندري فكرة " تنمية التخلف" بمعنى تقدم المركز هو على حساب تخلف المحيط,المركز يستغل ثروات المحيط لصالحة لتحقيق تنميته الخاصة في حين أن المحيط سوف يزيد تخلفه , حيث أن المركز يتطور من تخلف المحيط بشكل سلبي عن طريق الاستغلال و التبادل الغير متكافئ و السيطرة و الهيمنة.
-التبعية الغذائية:
إذا تمكنا من معرفة تلبية حاجات السكان في الدولة نستطيع تحديد مستوى هذه الدولة لاسيما من زاوية الأمن الغذائي, و لكن هل هناك تبعية غذائية؟
عدد كبير من دول العالم الثالث يتوجب عليهم استيراد مواد غذائية مما سيظهر عجزهم عن تأمين حاجاتهم الغذائية.البرازيل مثلا تشتري مواد غذائية عن الخارج لكنها قوة زراعية,فهي تصدر القصب السكري, القهوة, الكاكاو,الصوجا.أو الصين تستورد القمح لكنها تصدر الأرز.لكن هناك دول تستورد فقط بمعنى أنها دائما تعتمد غلى الخارج في تلبية حاجاتها الغذائية و هذا مايعني تبعية غذائية.
و هذا ما يطرح في العلاقات الدولية " السلاح الغذائي" حيث أن الو.م.أ مثلا تستعمل القمح كسلاح أخضر للضغط على الدول,وبالتالي الدول التي هي بحاجة للقمح سوف لا تقوم أو تتخذ مواقف معادية للدولة المصدرة. و تلعب المساعدات الاقتصادية دورا مهما في تكريس التبعية التي تأخذ شكلين إما مساعدات مجانية أو مساعدات مشروطة, وبالتالي تتحول هذه المساعدات إلى وسيلة ضغط في يد الدولة المصدرة.(1)
ظهر مفهوم التبعية الاقتصادية في البداية في دراسات بعض باحثي أمريكا اللاتينية كتفسير لظاهرة التخلف الاقتصادي في الدول النامية التي تربطها علاقات تبعية مع الدول المتقدمة.
وينصرف مفهوم التبعية الاقتصادية إلى العلاقة غير المتكافئة بين الدول المتقدمة والدول النامية القائمة على الاستغلال والتبادل غير المتكافئ وأسلوب الاستثمارات والمعونات التي تشكل عودة للاستعمار الجديد.
والتبعية بصفة عامة هي خضوع وتأثر اقتصاد بلد ما بالتأثيرات والتغيرات في القوى الخارجية بفعل ما تملكه هذه القوى من إمكانات السيطرة على الاقتصاد التابع، بشكل يتيح للاقتصاد المسيطر من جني أكبر نفع ممكن من موارد الاقتصاد التابع دون مراعاة مصلحة الاقتصاد الأخير ، بحيث تصبح علاقات التبعية في النهاية لصالح الاقتصاد المسيطر.
وقد يقصد بها تخصص الدول النامية في تصدير المواد الأولية تلبية لاحتياجات الاقتصاديات المتقدمة، وقد يشار إليها بأنها التجزئة وربط اقتصاديات الدول كلا على حده بالسوق الرأسمالي العالمي.
ويرى فريق من الاقتصاديين أن صور التبعية المنتشرة في اقتصاديات الدول النامية ما هي إلا نتيجة لأثر تبعية سياسية سابقة في الوقت الذي لا زالت فيه العلاقات الاقتصادية الدولية لا تخرج عن كونها مجموعة من العلاقات بين المسيطرين (الدول المتقدمة) والتابعين (الدول النامية) .