منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#61663
يعود اهتمام الصهاينة الاوائل بالموارد المائية الى ايام" ثيودور هرتزل" ، ومنذ ذلك الوقت عكفت الحركة الصهيونية وحتى قبل قيام دولة اسرائيل على تحقيق احلام هرتزل بالسعى لاحتواء تلك المصادر والسيطرة عليها بدعم من القوى العظمى المتحالفة معها آنذاك، كما طالبت الحركة الصهيونية بضم المناطق الغنية بالمياه الى مساحة الارضالتى تنوى إنشاء الوطن اليهودى عليها . ويقول بن غوريون فى أحد تصريحاتــــه ( يجب السيطرة على المنابع المائية فى فلسطين مشيرا الى جبل الشيخ باعتباره أبو المياه فى فلسطين ) . ولم تقف المطامع الصهيونية بالمياه عند فلسطين بل امتدت لتصل الى المصادر المائية الواقعة خارج حدودها والتى تشمل ( منابع نهر الاردن، الليطانى، نهر اليرموك وروافده ) ، فالسرقات مستمرة والمخططات قديمة خاصة من نهر الليطانى لقربه من الحدود مع فلسطين . وخلال الحربين العالميتين حاول اليهود التسلل الى المناطق الجنوبية فى لبنان عن طريق شراء الاراضى المحيطة بمنابع نهر الليطانى، وتحت ستار اتفاقية الحدود الفرنسية - البريطانية فى 23 /12/1920 ، عمدت سلطات الانتداب الى اجراء تعديل فى الحدود بين لبنان وفلسطين لصالح الاخيرة من اجل السيطرة على مصادر المياه . لقد أدرك قادة اسرائيل أهمية المياه وان حياة الدولة المزمع إنشاؤها مرتبط بالمياه ، فالحلم الاسرائيلى بالسيطرة على المياه العربية لم يأت من أساطير بل كان فى الحقيقة هدفا استراتيجيا فى اقامة دولة اسرائيل وفى استمرارها . فحين قامت دولة اسرائيل عام 1948، كان مجموع استهلاكها للمياه آنذاك 230م م 3 منها 50م م3 ، للاستهلاك الزراعى، لكنها واستكمالا لمشروعها التوسعى بدأت باستقبال المستوطنين الجدد وتوسيع رقعة الاراضى الزراعية وكلا الامرين يحتاج الى المياه . ولذلك وضعت فى حسابها نهب مياه نهر الاردن دون اخذ حقوق الاخرين بالاعتبار ( لبنان + سوريا + الاردن + فلسطين ) فقامت بتحويل مجراه والاستيلاء على مياهه . وفى عام 1955 ارتفع معدل استهلاكها للمياه من 230 م3 عام 1948، الى 1000 م3 . وفى عام 1983 وصل الى 1800 مم3 . وهذه الزيادة الهائلة فى استهلاك المياه جاءت على حساب الفلسطينيين ، حيث تبلغ الموازنة المائية للضفة الغربية وقطاع غزة 1000 مم3 سنويا منها 900 مم3 فى الضفة و 100م م 3 فى غزة ، وتستولى اسرائيل سنويا على 800 م م 3 من مياه الضفة والقطاع أى ما يعادل ثلث مواردها المائية الحالية لتصبح حصة الفرد فى اسرائيل اربعة اضعاف حصة المواطن الفلسطينى، حيث يبلغ حجم استهلاك فلسطينى الضفة والقطاع 175 م م3 سنويا لحوالى مليونين ونصف نسمة ، أى ما يعادل 100 م3 لكل مواطن فلسطينى . واذا قدرنا كمية المياه التى تنهبها اسرائيل من الفلسطينيين والاردنيين والسوريين واللبنانيين بثمن انتاجها ( من خلال عمليات التحلية لمياه البحر ) والتى تبلغ تكلفة انتاج الـ م3 منها بخمسة دولارات لوجدنا ان ذلك يعادل 4000 مليون دولار من مياه الضفة وغزة وهى قيمة انتاج 800 مليون م3 تنهبها من النهر ايضا . لقد رفضت اسرائيل فى جميع مراحل المباحثات الخاصة بالمياه سواء المتعددة الاطراف او الثنائية اعطاء اى معلومات عن الثروة المائية الفلسطينية فى الضفة الغربية او قطاع غزة الى السلطة الفلسطينية ، بل رفضت ايضا تشكيل لجنة خبراء لجمع المعلومات عن الموارد المائية فى هذه الاراضى ، كما ورفضت اى اتفاق حول المياه يتعلق بإدارة او التنقيب عن المياه .وقد أعلنت على لسان خبيرها المائى توماس ناف فى 1990 أن " المياه فى الاراضى العربية المحتلة باتت جزءا لايتجزأمن إسرائيل " وهو ما اكد عليه فيما بعد رئيس وزرائها الاسبق شمعون بيريز ، عندما اعتبر أن أزمة المياه فى المنطقة ستكون أهم من النفط . وفى هذا الشأن ذكر السيد باتريك ريبو - باحث المركز الوطنى للابحاث العلمية بجامهة باريس : " لايهدف الغزو الاسرائيلى السيطرة على المناطق المعروفة بالاستراتيجية من أجل أمن إسرائيل فحب ، بل السيطرة أيضا على الينابيع الرئيسية ( الحصبانى والليطانى ، وبالياس ، والدان ) فى جنوب لنان وفى الجولان السورى وفى الضفة الغربية الفلسطينية . ان موضوع المياه من القضايا الخلافية والمعقدة التى رحلت لمفاوضات الوضع النهائى والتى لا تزال محل جدل شديد بين السلطة الوطنية الفلسطينية واسرائيل خصوصا وان السلطات الصهيونية تحاول فرض الامر الواقع قبل الدخول فى مفاوضات الوضع الدائم . مقابل رفض الفلسطينيين المطلب تقاسم مياههم مع اسرائيل ، وان موضوع المياه لن يكون خاضعا للمساومة ، ولا يمكن بأى حال من الاحوال القبول بالسيادة الاسرائيلية على الاحواض المائية الفلسطينية ، حيث هناك العديد من التقارير تفيد بأن اسرائيل أعدت دراسات حول اقتسام المياه مع الفلسطينيين فى الحل النهائى . الاستراتيجية المائية الصهيونية : لقد انتهجت سلطات الاحتلال عددا من الاساليب الملتوية الى تهدف الى تهويد المياه الفلسطينية ومن هذه الاساليب : 1- وضع الموارد المائية للضفة والقطاع تحت مسؤولية ( ادارة تخصيص المياه والتصديق على استخدامها )، التابعة لمفوضية المياه الصهيونية، وهى التى ينظمها قانون المياه الاسرائيلى الصادر عام 1959، والقاضى بالاستنزاف الكامل لمياه الاراضى المحتلة، وصدر اول امر عسكرى بشأن مياه الضفة بتاريخ 7/6/1967، اى قبل انتهاء الحرب . 2- قيام سلطات الاحتلال بحفر ابار ارتوازية داخل الاراضى المحتلة عام 1948، لضخ مياه الضفة الى تلك المناطق، حيث كانت تضخ من الضفة الغربية وحدها 500 م م 3 سنويا وهو ما يشكل ثلث استهلاك اسرائيل من المياه قبل عدوان عام 1967. 3- اعطاء الحرية الكاملة للمستوطنين لضخ المياه نحو المستوطنات وبهذا الخصوص يقول الكاتب الصهيونى - مارك هيلر- ان اسرائيل سحبت 18% مـــن استهلاكهـــــا المائى مــــن حوض ( اليركون ) الذى يفصل الضفة الغربية عن الاراضى المحتلة عام 1948 ، ويبلغ مخزون هذا الحوض 460 م م 3 . 4- تركيب مضخات قوية لضخ المياه الى المستوطنات الزراعية . وقد حفرت اسرائيل حتى عام 1980 اكثر من 20 بئرا عمقها ما بين 300 و 600 متر . 5- منع الفلسطينيين من حفر الابار الا بعد مراجعة الحاكم العسكرى بالاضافة الى اصدار قرارات الغت بموجبها تراخيص المياه السابقة . 6- وضعت سلطات الاحتلال العدادات على الابار القديمة حتى لا يتجاوز استخدام الفلسطينيين الـ 35 م م 3 . 7- محاربة الزراعة الفلسطينية عن طريق فرض قيود على استخدامات المياه، فلم يسمح للفلسطينيين بحفر ابار جديدة فى اراضيهم الا فى حالات نادرة جدا . 8- رفض السماح للبلديات بحفر الابار الا فى حال تزويد المستوطنات اليهودية المجاورة بالمياه أو ان ترتبط شبكاتها البلدية بالشبكة الاسرائيلية وان هذا الربط يؤدى الى جفاف الابار العربية. ومن المعروف ان المعدات التى تستخدمها لضخ المياه قوية للغاية بحيث تصل الى عمق 500 متر مقارنة بالمعدات الفلسطينية ، الامر الذى أدى الى جفاف 50 بئرا خلال الفترة 1967 - 1980 . وكما يؤكد السيد نبيل الشريف وزير المياه والرى الفلسطينى " أن استهلاك الفرد الاسرائيلى فى مجال الاستعمال الادمى من مياه الشرب وغيرها نحو ( 105 ) أمتار مكعبة فى السنة مقابل (35) متر مكعبا للفلسطينيين حاليا ، أم بالنسبة للزراعة فإن متوسط مايحصل عليه الفرد الاسرائيلى يكفى لرى ( 370 ) مترا مربعا مقابل ( 66 ) مترا مربعا للفلسطينيين أى أن حصة الاسرائيلى سته أضعاف ما يحصل عليه الفلسطينى . اهم المشاريع المائية الصهيونية : 1- مشروع مياه جلجال : يعتبر من أهم المشاريع التى اقامتها اسرائيل لرى المستوطنات بواسطة أنابيب تصل هذه المستوطنات ومزارعها بغور الاردن . 2- مشروع إيم كنيرت : يهدف هذا المشروع الى استغلال مياه نهر اليرموك فى فصل الشتاء بواسطة جهاز ضخ من النهر الى خزانات طبريا بطاقة تصل الى 25 م م3 سنويا . 3- مشروع بيت لحم : وهو عبارة عن حفر بئر ضخمة يصل عمقه الى ما بين 900 و 1000 متر جنوب شرق بيت لحم لضخ مياه الاخيرة بمعدل 12 - 17 م م 3 سنويا الى داخل اسرائيل . 4- مشروع مياه قباطية - عرابة : وهو عبارة عن بئرين تزودان شمال الضفة بمياه الشرب . 5- مشروع مياه الزاوية - نابلس : ويشمل بئرا قرب قرية الزاوية بقدرة انتاجية تصل الى 100 م3/ الساعة لتزويد المستوطنات المجاورة . 6- مشروع مياه بيت إيبا - نابلس : يشمل بئرا بالقرب من مدينة نابلس لتزويد قرى بيت إيبا وسيلة الظهر والمستوطنات اليهودية فى المنطقة . 7- مشروع مياه عابور وشبتين - رام الله : ويزود هذا 15 قرية عربية اضافية الى المستوطنات اليهودية القريبة، ويبلغ انتاجه 35 م3/ الساعة . 8- مشروع مياه بطن الغول - بيت لحم : ويشتمل هذا المشروع على ثلاثة آبار قدرتها حوالى 800 م3/ الساعة ويزود هذا المشروع بيت جالا ، بيت ساحور، بيت لحم ، الخليل، بالاضافة الى خمس مستوطنات يهودية ومعسكرات الجيش الاسرائيلى فى المنطقة . 9- مشروع مياه دير مشعل - الخليل : ويشمل ضخ المياه الى منطقة الخليل ومستوطنة كريات أربع . 10- مشروع مياه السموع : وقدرته 55 م3 / الساعة ويزود المياه لقرى السموع ويطا وبطن الغول ومستوطنة كريات أربع .