العلاقات الدوليه ومفهوم الحرب والسلام
مرسل: الخميس مايو 02, 2013 8:06 pm
إن الإسلام دين ودولة وإن أساس الأحكام في الإسلام القرآن والسنة الشريفان والمصادر الأخرى من إجماع واجتهاد وغيرهما على أن هذه المصادر لم تتعرض للتفاصيل والجزئيات بل نصت على الأسس الثابتة وعنت بالكليات التي يبتنى عليها تنظيم الدولة، لذا لم ترد تفصيلات لشكل الحكومة أو لتنظيم سلطاتها أو لطريقة اختيار أهل الحل والعقد أو العلاقة بين الحاكم والمحكومين ولا لعلاقة الدولة بالدول الأخرى.
لقد بين الإسلام ـ بشواهد كثيرة ـ ضرورة قيام دولة ونظام حكم إسلامي بدليل قوله تعالى في آيات كثيرة: [وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين]. و[الشهر الحرام بالشهر الحرام، والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ...]. و[قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين]. وقال الذي لا ينطق عن الهوى [ص]: 'الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة'. تحض على الجهاد في سبيل الله حماية للدين ورداً للعدوان على المسلمين وأوطانهم. وبين الشارع حكم النتائج التي تترتب على الجهاد كتوزيع الغنائم وفداء الأسرى.
وتضمن القرآن العزيز أحكاماً وتوجيهات تتعلق بواجبات الحاكم كقوله تعالى: [إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل] وهذه الآية تخص ولاة الأمر، وبين سبحانه وتعالى واجبات الرعية بقوله: [يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر]. وفي الحديث النبوي: 'لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف'. هذه الأمور وغيرها كالأحكام الدستورية والمالية والجنائية لا يعقل أن تشرع وتلزم بحيث يأثم تاركها إلا إذا كان القرآن الكريم يفرض على المسلمين نظام حكم ودولة.
بقي أن نبحث في سلطان الدولة الداخلي والخارجي باعتبارهما مظهرين للسيادة.
أولاً: السلطان الداخلي للدولة
أساس هذا السلطان كتاب الله وسنة نبيه، وأن سلطة الدولة الإسلامية تقوم في الداخل على العدل، وللدولة الهيمنة التامة على جميع الأشخاص والهيئات القائمة في دار الإسلام، فتلتزم الرعية بالسمع والطاعة في حدود الشرع. أما العلاقة بين الحاكم والمحكوم فقد حكمتها الآية الكريمة: [ ... وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم] ويرى الدكتور الزحيلي أن الآية تعني خضوع الحاكم لرقابة الأمة ضمن أوامر الشرع وقيل في أولي الأمر هم الأمراء وقيل العلماء. والحقيقة أن المقصود بأولي الأمر هو من قام على أمر الأمة وتولى توجيه سياستها وإدارة دفة دولتها لأن الآية الكريمة تبين أن الإطاعة لله أولاً ثم للرسول الأمين ثانياً ثم لأولى الأمر. غير أن هذا لا يعني أن الأمة لا تستطيع مراقبة الحكام فقد وردت أحاديث تفيد هذا الحق للأمة.
إن إطاعة الحكام ليست مطلقة بل هي مشروطة بأن تتوافق مع إطاعة الله ورسوله، كما أن الحديث النبوي الشريف بين حقيقة هذا الطاعة وشروط تحققها 'لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق' 'إنما الطاعة في المعروف' و'من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد يعصي الله ومن يعصي أميري فقد عصاني'.
وطاعة الحاكم هي ضمن حدود الشرع لا لشخصه وإنما لما يتمثل فيه من تطبيق لأحكام الشريعة واحترام قواعدها وتنفيذ حدودها وتحقيق أهدافها. لأن المعول عليه في الإسلام سيادة الشريعة المستمدة من الوحي الإلهي.
وقد وضعت الضوابط لتنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، غايتها منع تجاوز الحكام خصوصاً بعد أن تحولت الخلافة إلى ملك وأصبحت السلطة العليا وراثية، لقد كرس الحديثان الشريفان مبدأ حق الأمة في مراقبة الحاكم وفي منعه من الشطط والانحراف والتجاوز، بل لقد قرر أحدهما حق الأمة في مقاومة الطغيان: 'من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان' و'لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق'.
أما بالنسبة للتشريع فإن الله تعالى هو المشرع وهو واضع الأحكام وقد أكمل الرسول [ص] هذه الوظيفة، لكن أموراً كثيرة وتفصيلية تركها الحق وتركها حبيبه المصطفى، فعلى الأمة من حكام ومحكومين أن يضعوا هذه الأحكام والتشريع في الأمور التي تستجد، والذي يتولى التشريع هم أهل الشورى أو أهل الحل والعقد لكنها يجب أن تخضع لمراقبة روحية تتمثل في القرآن والسنة.
والسلطة القضائية في الدولة الإسلامية يتولاها الفقهاء المعينون لهذا الغرض، غير أن الخليفة كان يتولى هذه المهمة وعندما أصبحت الخلافة ملكاً ولم يعد الخلفاء فقهاء أيضاً، عهد الخليفة بهذه الوظيفة لفقيه أو مجموعة فقهاء للقضاء بين الناس، بل لقد استحدث منصب صاحب المظالم ـ الذي كان يتولاه الخليفة وولاته في الأمصار ـ وتولاه أحد القضاة للفصل في منازعات الأفراد مع السلطة، وينقل لنا التاريخ أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [ع] المعروف بسعة العلم أو كل مهمة القضاء لشريح.
أما السلطة التنفيذية فكانت مؤلفة في قمتها من الحاكم خليفة أو ملك ومن وزرائه. والوزراء نوعان وزراء التفويض ووزراء التنفيذ ثم قادة الجيش وجباة الضرائب ورجال الشرطة وصاحب الحسبة أو المحتسب، ثم ولاة الأمصار ومعاونوهم. تقوم أعمالهم وفقاً لكتاب الله وسنة نبيه. غير أنه لم يكن تقسيم العمل معروفاً عندهم كما هي الحال عندنا وفقاً لقانون العمل.
ثانياً: علاقات الدولة الخارجية
تقوم الدولة الإسلامية على أساس وحدة العقيدة وأن أبناء هذه الدولة جميعاً أمة واحدة لا فرق بينهم بسبب الجنس أو اللغة أو العرف أو أي عامل آخر. فكلهم اخوة [إنما المؤمنون اخوة]، و[إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون].
أما علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول، فإنه يجب التمييز بين حالة الحرب وحالة السلم، ففي الحالة الأولى يجب المقاتلة [لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم]. أما في حالة السلم فإن الرأي أن العلاقة تقوم أصلاً على المسالمة والموادعة. ذلك أن الإسلام يجنح للسلم لا للحرب وأنه لا يجيز قتل النفس لمجرد أنه تدين بغير دين الإسلام ولا يبيح للمسلمين قتل مخالفيهم بسبب المخالفة في الدين وإنما يأذن في قتالهم بل يوجبه إذا اعتدوا على المسلمين أو وقفوا عقبة في سبيل الدعوة الإسلامية ليحولوا دون بثها، عندها يجب قتالهم دفعاً للعدوان وحماية للدعوة. أما أساس هذا الرأي فهو قوله تعالى: [لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين] وقوله تعالى في سورة البقرة: [وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، والفتنة أشد من القتل. ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه، فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين، فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم. وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين]. وقال سبحانه في سورة الأنفال: [وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير]. وقال الحق في سورة الحج: [أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله]. وقال تعالى: [ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن].
ولا يحل للمحاربين قتل النساء والصبيان والشيوخ والرهبان والعمي لأنهم ليسوا من المقاتلين. أما السياسة الخارجية للدولة الإسلامية فتقوم على:
1- دعوة غير المسلمين إلى الدين الحنيف هو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين.
2- دار الإسلام هي التي تسود فيها أحكامه ويأمن فيها المسلمون على الإطلاق،3- ودار الحرب هي دار التي تبدلت علاقتها السلمية بالدولة الإسلامية بسبب عداء أهلها للمسلمين واعتدائهم على بلاد المسلمين أو على أموالهم وأنفسهم أو على دعوتهم ودعاتهم. ويتحقق اختلاف الدارين بانقطاع العلاقة بين شعبيهما بحيث يصبح أهل البلدين لا يأمن أحد منهم في بلد الآخر.
وختاماً نقول مع الدكتور الزحيلي، إن الإسلام يقرر للدولة الإسلامية العزة والحرية ورفض التسلط أي الاستقلال بمعناه الحقيقي مصداقاً لقوله تعالى: [ولن يجعل الله الكافرين على المؤمنين سبيلاً].
لقد بين الإسلام ـ بشواهد كثيرة ـ ضرورة قيام دولة ونظام حكم إسلامي بدليل قوله تعالى في آيات كثيرة: [وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين]. و[الشهر الحرام بالشهر الحرام، والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ...]. و[قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين]. وقال الذي لا ينطق عن الهوى [ص]: 'الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة'. تحض على الجهاد في سبيل الله حماية للدين ورداً للعدوان على المسلمين وأوطانهم. وبين الشارع حكم النتائج التي تترتب على الجهاد كتوزيع الغنائم وفداء الأسرى.
وتضمن القرآن العزيز أحكاماً وتوجيهات تتعلق بواجبات الحاكم كقوله تعالى: [إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل] وهذه الآية تخص ولاة الأمر، وبين سبحانه وتعالى واجبات الرعية بقوله: [يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر]. وفي الحديث النبوي: 'لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف'. هذه الأمور وغيرها كالأحكام الدستورية والمالية والجنائية لا يعقل أن تشرع وتلزم بحيث يأثم تاركها إلا إذا كان القرآن الكريم يفرض على المسلمين نظام حكم ودولة.
بقي أن نبحث في سلطان الدولة الداخلي والخارجي باعتبارهما مظهرين للسيادة.
أولاً: السلطان الداخلي للدولة
أساس هذا السلطان كتاب الله وسنة نبيه، وأن سلطة الدولة الإسلامية تقوم في الداخل على العدل، وللدولة الهيمنة التامة على جميع الأشخاص والهيئات القائمة في دار الإسلام، فتلتزم الرعية بالسمع والطاعة في حدود الشرع. أما العلاقة بين الحاكم والمحكوم فقد حكمتها الآية الكريمة: [ ... وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم] ويرى الدكتور الزحيلي أن الآية تعني خضوع الحاكم لرقابة الأمة ضمن أوامر الشرع وقيل في أولي الأمر هم الأمراء وقيل العلماء. والحقيقة أن المقصود بأولي الأمر هو من قام على أمر الأمة وتولى توجيه سياستها وإدارة دفة دولتها لأن الآية الكريمة تبين أن الإطاعة لله أولاً ثم للرسول الأمين ثانياً ثم لأولى الأمر. غير أن هذا لا يعني أن الأمة لا تستطيع مراقبة الحكام فقد وردت أحاديث تفيد هذا الحق للأمة.
إن إطاعة الحكام ليست مطلقة بل هي مشروطة بأن تتوافق مع إطاعة الله ورسوله، كما أن الحديث النبوي الشريف بين حقيقة هذا الطاعة وشروط تحققها 'لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق' 'إنما الطاعة في المعروف' و'من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد يعصي الله ومن يعصي أميري فقد عصاني'.
وطاعة الحاكم هي ضمن حدود الشرع لا لشخصه وإنما لما يتمثل فيه من تطبيق لأحكام الشريعة واحترام قواعدها وتنفيذ حدودها وتحقيق أهدافها. لأن المعول عليه في الإسلام سيادة الشريعة المستمدة من الوحي الإلهي.
وقد وضعت الضوابط لتنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، غايتها منع تجاوز الحكام خصوصاً بعد أن تحولت الخلافة إلى ملك وأصبحت السلطة العليا وراثية، لقد كرس الحديثان الشريفان مبدأ حق الأمة في مراقبة الحاكم وفي منعه من الشطط والانحراف والتجاوز، بل لقد قرر أحدهما حق الأمة في مقاومة الطغيان: 'من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان' و'لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق'.
أما بالنسبة للتشريع فإن الله تعالى هو المشرع وهو واضع الأحكام وقد أكمل الرسول [ص] هذه الوظيفة، لكن أموراً كثيرة وتفصيلية تركها الحق وتركها حبيبه المصطفى، فعلى الأمة من حكام ومحكومين أن يضعوا هذه الأحكام والتشريع في الأمور التي تستجد، والذي يتولى التشريع هم أهل الشورى أو أهل الحل والعقد لكنها يجب أن تخضع لمراقبة روحية تتمثل في القرآن والسنة.
والسلطة القضائية في الدولة الإسلامية يتولاها الفقهاء المعينون لهذا الغرض، غير أن الخليفة كان يتولى هذه المهمة وعندما أصبحت الخلافة ملكاً ولم يعد الخلفاء فقهاء أيضاً، عهد الخليفة بهذه الوظيفة لفقيه أو مجموعة فقهاء للقضاء بين الناس، بل لقد استحدث منصب صاحب المظالم ـ الذي كان يتولاه الخليفة وولاته في الأمصار ـ وتولاه أحد القضاة للفصل في منازعات الأفراد مع السلطة، وينقل لنا التاريخ أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب [ع] المعروف بسعة العلم أو كل مهمة القضاء لشريح.
أما السلطة التنفيذية فكانت مؤلفة في قمتها من الحاكم خليفة أو ملك ومن وزرائه. والوزراء نوعان وزراء التفويض ووزراء التنفيذ ثم قادة الجيش وجباة الضرائب ورجال الشرطة وصاحب الحسبة أو المحتسب، ثم ولاة الأمصار ومعاونوهم. تقوم أعمالهم وفقاً لكتاب الله وسنة نبيه. غير أنه لم يكن تقسيم العمل معروفاً عندهم كما هي الحال عندنا وفقاً لقانون العمل.
ثانياً: علاقات الدولة الخارجية
تقوم الدولة الإسلامية على أساس وحدة العقيدة وأن أبناء هذه الدولة جميعاً أمة واحدة لا فرق بينهم بسبب الجنس أو اللغة أو العرف أو أي عامل آخر. فكلهم اخوة [إنما المؤمنون اخوة]، و[إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون].
أما علاقة الدولة الإسلامية بغيرها من الدول، فإنه يجب التمييز بين حالة الحرب وحالة السلم، ففي الحالة الأولى يجب المقاتلة [لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم]. أما في حالة السلم فإن الرأي أن العلاقة تقوم أصلاً على المسالمة والموادعة. ذلك أن الإسلام يجنح للسلم لا للحرب وأنه لا يجيز قتل النفس لمجرد أنه تدين بغير دين الإسلام ولا يبيح للمسلمين قتل مخالفيهم بسبب المخالفة في الدين وإنما يأذن في قتالهم بل يوجبه إذا اعتدوا على المسلمين أو وقفوا عقبة في سبيل الدعوة الإسلامية ليحولوا دون بثها، عندها يجب قتالهم دفعاً للعدوان وحماية للدعوة. أما أساس هذا الرأي فهو قوله تعالى: [لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين] وقوله تعالى في سورة البقرة: [وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم، والفتنة أشد من القتل. ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه، فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين، فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم. وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين]. وقال سبحانه في سورة الأنفال: [وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير]. وقال الحق في سورة الحج: [أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله]. وقال تعالى: [ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن].
ولا يحل للمحاربين قتل النساء والصبيان والشيوخ والرهبان والعمي لأنهم ليسوا من المقاتلين. أما السياسة الخارجية للدولة الإسلامية فتقوم على:
1- دعوة غير المسلمين إلى الدين الحنيف هو فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين.
2- دار الإسلام هي التي تسود فيها أحكامه ويأمن فيها المسلمون على الإطلاق،3- ودار الحرب هي دار التي تبدلت علاقتها السلمية بالدولة الإسلامية بسبب عداء أهلها للمسلمين واعتدائهم على بلاد المسلمين أو على أموالهم وأنفسهم أو على دعوتهم ودعاتهم. ويتحقق اختلاف الدارين بانقطاع العلاقة بين شعبيهما بحيث يصبح أهل البلدين لا يأمن أحد منهم في بلد الآخر.
وختاماً نقول مع الدكتور الزحيلي، إن الإسلام يقرر للدولة الإسلامية العزة والحرية ورفض التسلط أي الاستقلال بمعناه الحقيقي مصداقاً لقوله تعالى: [ولن يجعل الله الكافرين على المؤمنين سبيلاً].