منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمعاهدات والمواثيق الدولية
By عبدالمجيد المضيان 9
#61756
نتائج معاهدة برلين
وكان من أهم نتائج المؤتمر تكوين الهيئة الدولية لكشف أفريقيا، وادخال الحضارة فيها، وتقرر أن تقوم في كل دولة شعبة محلية تابعة لهذه الهيئة فبادرت بلجيكا بتكوين الشعبة البلجيكية، أما فرنسا فقد كانت الشعبة الفرنسية على رأسها دي برازا.
وأدى تسابق فرنسا وبلجيكا على الكونغو الى لفت أنظار الدول الاوروبية وسعى بسمارك الوزير الألماني لعقد مؤتمر في برلين لحل مشكلة الكونغو، وعقد المؤتمر في الفترة ما بين 15 نوفمبر 1884 إلى 26 فبراير 1885 وحضر المؤتمر أربعة عشر دولة منها خمس دول كانت لها النصيب الأكبر في الاهتمام بالقارة الأفريقية، والدول الخمس هي: ألمانيا، بريطانيا، البرتغال، فرنسا، وبلجيكا. ولعب بسمار دورا كبيرا في الموازنة الدولية بين الدول فقد أدرك بأنه لابد من منع تصادم الدول الاوروبية وان استعمار أفريقيا لابد وأن يتم دون صدام مسلح، ويجب أن يتم في اطار مؤتمر دولي لذلك كانت الدول الاوروبية مقتنعة الى حد كبير بجدوى هذا الأسلوب الدولي ونجحت فكرة عقد المؤتمر.
واذا كان المؤتمر قد عقد لبحث مشكلة الكونغو الا أنه ما لبث أن امتد وشمل عدة مشكلات أخرى وأخيرا تم الاتفاق على الآتي:
1.حياد اقليم الكونغو وحرية الملاحة والتجارة فيه.
2.حرية الملاحة والتجارة في حوض الكونغو والنيجر وحرية التجارة لكل الأمم.
3.عدم فرض أية دولة حمايتها أو سيطرتها على المناطق الساحلية في أفريقيا دون أن تعلن ذلك الى الدول الأخرى التي وقعت على هذا الاتفاق.
4.عدم اعلان أية دولة الحماية على منطقة من القارة الأفريقية دون أن تكون هذه الحماية مؤيدة باحتلال فعلي.
5.فيما يتعلق بالكونغو فقد تكتلت الدول الاوروبية ضد الاتفاق البريطاني البرتغالي اذ أنها ادركت أن بريطانيا تريد اعطاء الكونغو الى البرتغال كخطوة أولى في تصفية ممتلكات البرتغال واستيلاء بريطانيا عليها واضطرت بريطانيا تجاه التكتل الدولي الموافقة على قيام دولة الكونغو الحرة Congo Free State وعلى ادارة هيئة الكونغو الأعلى التي يرأسها الملك ليوبولد.
تقييم مؤتمر برلين
كان أول مؤتمر استعماري عقد بين الدول الاوروبية المعنية بالاستعمار، لاقرار الوضع القائم في افريقيا وتنظيم ما بقى من أراضي القارة، لقد كان انعقاد المؤتمر لتنظيم التجارة، في حوض الكونغو، ولاقرار حرية الملاحة في النيجر، ووضع مبادئ عامة لمنع اصطدام القوى الاستعمارية بعضها ببعض. ولذلك فهو يعتبر عملا دوليا لتنظيم السلب والنهب في القارة الأفريقية. لقد أضفى المؤتمر الشرعية الدولية لالتهام القارة، وكان معنى نصوصه أن التملك بوضع اليد جائز في الأراضي غير التابعة لدولة أخرى من الدول الموقعة على الاتفاقية سواء أكانت مسكونة بالقبائل أو الأمم، ولم يكن رؤساء القبائل يقدرون معنى المعاهدات التي وقعوها، ووضعت بلادهم تحت الحماية الاستعمارية على اعتبار أنهم لا وجود لهم في نظر القانون الدولي
وجدير بالذكر أنه عند عقد المؤتمر لم يمثل الأفارقة أي مندوب انما تركت شئون أفريقيا ومصيرها الغامض في يد الدول الاوروبية وكان تقسيم أفريقيا الى وحدات هو الأساس الذي صارت تعرف به حدود الدول الحديثة كما أن المؤتمر لم يهتم بحقوق الوطنيين ولا أملاكهم وانما عنى فقط بضمان سلامة الدول الاوروبية المستعمرة.
وقد ترتب على النص الأخير من المؤتمر بأن كل دولة أرسلت تجارتها وشركائها وجواسيسها ليجوبوا أفريقيا، وليحصلوا على توقيع، أو بصمة الزعماء أو الرؤساء الأفارقة. على معاهدات الحماية، خلال الخمسة عشر سنة التالية لعقد المؤتمر كانت أفريقيا قد تم تقسيمها بين الدول الأوروبية، وتم رسم الحدود وتعيين الفواصل السياسية بين حكم رجل ابيض وحكم رجل ابيض آخر.
وبعد المؤتمر كان مجرود وصول التجار والارساليات التبشيرية هو الخطوة الأولى عادة للاستعمار، لأنه يتبع ذلك تكوين شركات أو فرض حماية، أو فرض السيطرة السياسية، أو الاقتصادية، وكم من الحالات أدت فيها شره شركة أو اقدام فرد أو تصميم ضابط بحري، أو بري، على رفع العلم الذي أدى الى تقرير مصير أقطار وأمم.
اذا فندنا آراء الكتاب الغربيين حول المؤتمر ومدى ما حققه من نجاح نجد أن إميل باننگ Emile Banning في تقييمه للمؤتمر رأى، بأنه حقق هدفين رئيسييين:
1.أقر المؤتمر دولة حرة كبرى في قلب أفريقيا الاستوائية تكون من الناحية التجارية مفتوحة لكل الشعوب، بينما من الناحية السياسية بعيدة، عن المنافسات الدولية.
2.وضع المؤتمر اسس التنظيمات الاقتصادية المتعلقة بالمناطق الداخلية في القارة.
وثبت المؤتمر مبادئ الحرية والمنافسة بين الدول الاوروبية كما أتاح الفرصة لتقسيم القارة شمال وجنوبي خط الاستواء بطريقة سليمة دون سفك الدماء ولا خلافات طاحنة كتلك التي صاحبت استعمار الأمريكتين فتقسيم أفريقيا تم بتخطيط سليم من وجهة النظر الاوروبية.
يلاحظ مما سبق أن راي باننج فيه الكثير من المغالطات والروح الاستعمارية فبالنسبة لدولة الكونغو الحرة فلم تستمر تحمل هذه الصفة طويلاً فقد أصبحت في عام 1908 مستعمرة بلجيكية