صفحة 1 من 1

تسييس العلاقات المالية الدولية

مرسل: الجمعة مايو 03, 2013 5:14 pm
بواسطة عمر الشايع5
تسييس العلاقات المالية الدولية
المصدر: السياسة الدولية
بقلم: سوسن حسين

يتناول هذا المقال المفهوم الجديد للاقتصاد العالمى وكيف يمكن أن يؤثر على العلاقات الدولية أن تدويل الأسواق المالية هو أحد الجوانب الهامة فى الاقتصاد الدولى الجديد رغم انه لم يفهم بعد الفهم السليم ومن الملاحظ أن التدفقات المالية تحجب اليوم تدفق السلع وتلعب الأسواق الدولية المندمجة دورا بالغ الأهمية فى الوقت الذى تفتح فيه الأسواق الوطنية ذراعيها للمساهمات الدولية المختلفة وهناك ثلاث قوى رئيسية ساهمت فى هذا التطور أولا: اختلال التنظيم المالى الوطنى الذى سمح بالتداول الحر لنفوس الأموال وفتح الأسواق الوطنية للمساهمات الأجنبية ثانيا: الثورة التى حدثت فى وسائل الاتصال والمعلوماتية والتى ساهمت فى زيادة حجم الصفقات المالية وسرعة حركتها ثالثا: التطوير المستمر فى المؤسسات المالية وتغيير مواقف عملائها الذين أصبحوا لا يترددون فى عبور الحدود من أجل البحث عن الأموال واستثمارها لحماية أنفسهم ضد الأخطار أو للاستفادة منها أن تدويل الأسواق المالية قد وجدت ترجمتها السياسية، فبعد أن كانت الخدمات المالية هى مسئولية السلطات التنظيمية أصبحت إحدى الاهتمامات الكبرى للمفاوضين التجاريين وتنطبق مفاهيم الدخول إلى السوق وقواعد المنافسة على الخدمات المالية مثل أى قطاع تجارى وستشهد أعوام التسعينات النتائج السياسية للتدويل المالى فى مجالات ثلاثة هى: العلاقات المالية مع اليابان وبرنامج السوق الداخلية للمجموعة الأوروبية، والمفاوضات حول الخدمات التى بدأت أخيرا العلاقات المالية بين الولايات المتحدة واليابان: أن ظهور الأسواق المالية العالمية قد جاء مواكبا لبروز اليابان كقوة فاعلة على المسرح المالى، فبفضل فائضها التجارى وبفضل مدخراتها الداخلية وضعف الطلب على رؤوس الأموال، استطاعت خلال الحقبة الماضية تكديس فوائض مالية هائلة، وفى نفس الوقت أدى التحرير المالى التدريجى رغم عدم اكتماله بعد إلى إتاحة الفرصة أمام المؤسسات اليابانية لتوجيه جزء كبير من فوائضها إلى الخارج أن المؤسسات المالية اليابانية قد ظلت لوقت طويل تحت حماية الحكومة التى فرضت عليها نظاما دقيقا، وكان الهدف فى ذلك الوقت هو جمع رؤوس الأموال لاستخدامها فى إعادة بناء وتحديث الصناعة اليابانية، ولكن خلال أعوام الثمانينات وتحت الضغط المشترك من جانب الحكومة الأمريكية الشركات اليابانية التى ترغب فى تنمية نفسها فى الخارج تم إلغاء كثير من هذه التنظيمات، وتم تعديل كثير من النصوص المتعلقة بمعدلات الفائدة، وبذلك استطاعت كثير من الأسواق أن ترى النور كما كان لهذا التحرير أثر واضح على الأنشطة الدولية للشركات اليابانية، وادى إلغاء الرقابة على العملة وتخفيف القيود على الاستثمار فى الخارج وإنشاء سوق بنكية حرة فى طوكيو إلى الانتعاش الدولى للاقتصاد اليابانى وقد بلغ حجم صادرات اليابان من رؤوس الأموال فيما بين 1983 و1988 586مليار دولار، منها حوالى 232 مليار ذهبت إلى ولايات المتحدة وفى نهاية النصف الأول من عام 1988 استولت المؤسسات المالية اليابانية على 36% من الأنشطة البنكية الدولية فى حين لم تتعد حصة المؤسسات الأمريكية من هذه الأنشطة 15% إن الاستراتيجية الدولية للمنشأت المالية اليابانية تشبه إلى حد كبير استراتيجية أخواتها الصناعية فقد بدأت الشركات اليابانية بالأنشطة البسيطة كيفا والكبيرة حجما وقدمت شروطا أفضل من شروط منافسيها لتكسب السوق ثم قامت فى المرحلة الثانية بنشر التكنولوجيا المتقدمة عن طريق إقامة مشروعات مشتركة مع شركات مستقرة وقامت أيضا بشراء المنشات المحلية التى تتمتع بموقف قوى فى السوق وهكذا مثلا استطاعت البنوك وشركات التأمين اليابانية أن تتدرب على طريقة عمل سوق الأسهم فى الولايات المتحدة وتحصل بذلك على مكاسب استراتيجية هامة وفى ذلك الوقت سعت بيوت المال اليابانية إلى التعرف على أحدث الأساليب والتقنيات التى تستخدمها المشروعات المشتركة وأخيرا قامت المنشات اليابانية بمشاركة عدد كبير من المنشات الأمريكية المتخصصة فى إدارة الاستثمارات والمعروفة بامتلاكها لأحدث الأساليب الفنية والإعلامية وهكذا استطاعت الشركات اليابانية أن تعبر من استراتيجية الاستثمار إلى استراتيجية ـ الاتجار ـ فى حين قفزت مشترواتها من السنوات الأجنبية من 3 مليار عام 0 198 إلى 86 مليار عام 1988 وقد بدأت اليابان فى فتح أسواقها الداخلية تدريجيا للأجانب وصارت سوق طوكيو التى كانت فى الماضى جزءا مبيتا كان السوق العالمية نقطة جذب للشركات الأجنبية ويعود الفضل أيضا فى هذا الاهتمام بالأسواق المالية اليابانية إلى جهود الحكومة الأمريكية التى شجعت تحرير الأسواق اليابانية للدفع قدما بتدويل السيئ واستقرار معدلات الفائدة وقد استطاعت بعض المؤسسات والبنوك أن تصبح عضوا فى بورصة طوكيو وأصبح لها الحق فى ممارسة أشكال جديدة من الأنشطة المالية وفى عام 1989 بلغ عدد البنوك الأجنبية التى تعمل فى اليابان 82 بنكا و47 شركة مساهمة وهكذا نجد أن العقبات الرسمية أمام الأنشطة الأجنبية فى اليابان تتساقط الواحدة تلو الأخرى، ولكن تظل بعض العقبات غير الرسمية تمنع هذه الأنشطة من الاقتراب من مجالات كثيرة مثل قطاع التأمين الذى تضامنت الشركات الكبرى لإبعاده عن المنافسة إن اليابان قد استثمرت مبالغ طائلة بالدولار فى شكل سندات على الخزانة الأمريكية بل أن البنوك اليابانية تمتلك ربما أكثر من ثلث هذه السندات وهكذا تلعب اليابان دورا أساسيا فى تمويل عجز الميزانية الأمريكية وتشارك بطرقى غير مباشر فى المحافظة على المعدلات المعقولة للفائدة التى تشجع الاستثمار فى الولايات المتحدة ولكن هذا الاعتماد على الأموال اليابانية قد آثار الخوف من احتمال أن تتخلى الاستثمارات اليابانية عن النقد الأمريكى وتثير بذلك تدهورا حادا فى الدولار وزيادة فى معدلات الفائدة الأمريكية وهذا الخوف له ما يبرره، فقد اتجهت الاستثمارات اليابانية أخيرا إلى تنويع أصولها المالية بالدولار، كما انخفضت حصة الولايات المتحدة من رؤوس الأموال اليابانية من 90% عام 1985 إلى 42% عام 1987 لتصعد إلى 53% عام 1988، وتعرضت الاستثمارات اليابانية فى الولايات المتحدة لتقلبات كثيرة متلاحقة خلال هذا العام ولا يوجد أى شك فى أن رؤوس الأموال اليابانية قد أصبحت قوة سياسية فى الأسواق المالية العالمية ولكنها حتى هذه اللحظة لا تهز استقرار هذه الأسواق أن الأسواق الأمريكية مازالت تشكل أهمية كبرى بالنسبة للمستثمرين اليابانيين بسبب حجمها وعمقها وسيولتها وربحيتها الكبيرة ومع ذلك فهذه الجاذبية ستعتمد فى المدى الطويل على استمرار ثقة المستثمرين فى الدولار، وهذه الثقة ستعتمد بدورها على قدرة الولايات المتحدة على إصلاح العجز فى ميزانيتها وتجارتها إن صانعى القرار الأمريكيين لا يشغلهم فقط التأثير المربك لرؤوس الأموال اليابانية، وإنما ظهرت فى الفترة الأخيرة اتهامك موجهة إلى اليابان بالتنافس غير الشريف، فهى تستمر فى الاستفادة من سوق داخلية محمية نسبيا، وتستفيد فى نفس الوقت بمدخل تنافسى فى الأسواق الأجنبية أن المشكلات المالية بين الدولتين يتم تناولها كقضية تجارية ثنائية، والمناقشات حول الدولار والين التى بدأت فى 1983 ليست سوى شكل من أشكال المفاوضات التجارية حول الدخول إلى السوق أن القانون التجارى الأمريكى ذاته قد تم تطويره لاستيعاب الخدمات المالية التى أدرجت لأول مرة عام 1984 فى البند 301 الذى يسمح للحكومة بإغلاق الأسواق الأمريكية فى وجه أية دولة ترفض دخول الشركات الأمريكية إلى أسواقها وبالرغم أن هذا البند لم يستخدم ضد اليابان إلا انه تم الإشارة إليه فى النزاعات المالية مع تايوان وكوريا الجنوبية الأسواق المالية الأوروبية وتجربة السوق الموحدة: أن أعوام التسعينات ستشهد ظهور محور أخر للصراعات التجارية داخل النظام المالى العالمى حول الجهود التى تبذلها السوق الأوروبية لإقامة سوق داخلية فى قطاع الخدمات المالية ومما لاشك فيه أن برنامج المجموعة الأوروبية لإنشاء سوق الخدمات المالية سيكون ناجحا لأنه يسير فى نفس اتجاه قوى السوق أن اضطراب التنظيم على المستوى الوطنى وتدويل الأسواق يفتح الطريق أمام تحرير السوق الأوروبية المشتركة من الداخل خاصة وان استراتيجيات المنشات تتوقع هذه العملية وتغذيها وقد قامت الشركات المالية الأوروبية بتنمية علاقاتها بشركات وقطاعات الدول الأخرى بشكل مثير وبذلك أظهرت تأييدها للتغيرات التنظيمية القادمة وساعدت على تغيير التنظيمات الوطنية لتسهيل العمل المشترك للسوق وفى هذه السوق الداخلية الوليدة تتعامل الشركات الأوروبية فيما بينها بعيدا عن حدودها التجارية المعتادة وانطلاقا من استراتيجيات متنوعة، فبعضها تريد أن تصبح شركات عالمية مندمجة وبعضها الآخر يركز على أهداف أخرى وقد شاهدنا خلال هذين العامين الأخيرين موجة من محاولات السيطرة والتحالفات والمشروعات المشتركة ضمت ثلثى البنوك الأوروبية المدرجة فى البورصة كما أن البنوك والمؤسسات المالية غير الأوروبية قد بدأت هى الأخرى تأخذ وضعها فى القارة العجوز أن المنشات الأمريكية تهدف أساسا إلى دخول سوق نفوس الأموال الأوروبية أما اليابانيين فيتصرفون بحذر وهدوء، يستولون على عدد كبير من الاستثمارات الصغيرة فى دول السوق دون أن يشنوا هجوما ضخما ونجد أن العملية السياسية تدفع هى الأخرى بالمجموعة الأوروبية فى اتجاه سوق موحدة فى مجال الخدمات المالية وقد بدأت المجموعة فى تبسيط عملية اتخاذ القرار ويتم أخذ معظم القرارات فى الوقت الحالى بالأغلبية المطلقة بعد أن كان بالإجماع، وكذلك تخلت عن استراتيجية التنسيق بين القوانين الوطنية وتبنت مبدأ الاعتراف المتبادل الذى يسمح للمنشات بالعمل فى جميع الدول الأوروبية طبقا للقواعد المعمول بها فى دولها الأصلية شريطة أن تكون هذه القواعد متطابقة مع الاتجاهات العامة للمجموعة وقد تم وضع نظم وتعليمات جديدة من أجل وضع أساس سوق داخلية للخدمات المالية أهمها: ـ 1 ـ اتفاق دول المجموعة الأوروبية على الاعتراف بالرقابة التنظيمية للدولة الأصلية، وبذلك تحتاج أى منشأة مالية ترخيصا واحدا بدلا من اثنى عشر ترخيصا لممارسة نشاطاتها داخل السوق المشتركة ـ 2 ـ تستطيع أى مؤسسة مالية تابعة لأى دولة من دول السوق أن تفتح فرعا لها فى أى دولة من دول السوق الأخرى دون ترخيص من هذه الدولة وتستطيع ممارسة جميع الأنشطة التى يسمح بها تشريعها الخاص وذلك فى أى دولة من دول السوق أن المنشات وأيضا المستهلكين يمكنهم اختيار أفضل الفرص داخل أى سوق يريدونها أما المنتجون فيستطيعون الآن تقديم سلعهم فى جميع دول المجموعة وتهدف التوجهات الجديدة إلى إزالة الحواجز بين نماذج المؤسسات المالية المختلفة ومن المنتظر أن تتجه دول السوق تدريجيا إلى نظم مصرفية مماثلة لمعظم البنوك الدولية أن انفتاح السوق الداخلية سيؤدى إلى نتائج طيبة فى قطاع الخدمات المالية الأوروبية وذلك لسببين أولا إلغاء الحدود فى بنك الودائع سيؤدى إلى مكاسب ضخمة بالنسبة للمستهلكين والمنتجين على السواء وثانيا ستعطى السوق الداخلية فرصة للمؤسسات المالية لترشيد عملياتها الداخلية وزيادة فعاليتها ولكن مازالت هناك بعض العقبات مثل احتمال أن تعيش أوروبا مرحلة مضطربة قبل بلوغ نوع من التوازن النسبى، وان تتعرض لبعض المشكلات نتيجة احتدام المنافسة داخل المجموعة واحتمال أن تلجأ بعض المؤسسات لحكوماتها وتفجر بذلك ردود فعل حمائية وهناك شعور بالخوف من أن يفتح عام 1992 أبواب المجموعة الأوروبية على مصراعيها أمام اليابان وأيضا الولايات المتحدة ولكن بدرجة أقل حقا أن المنشأت التى كانت تعمل دائما فى الأسواق الوطنية المحمية تخشى منافسه الشركات الأجنبية وستقوم بلا شك برفع شعار ـ أوروبا للأوروبيين ـ ولكن معظم القلق ناتج عن خوف الأوروبيين من استفادة المؤسسات المالية اليابانية من السوق الداخلية فى الوقت الذى تفرض فيه قيودا ضخمة على أسواقها المالية الخاصة ـ ويرى الأوروبيون أن المعاملة بالمثل تشكل الحل الأمثل لإقناع اليابان بفتح أسواقها تماما أمام المؤسسات المالية الأوروبية وهذا البند يمكن تطبيقه بطبيعة الحال على دول أخرى أيضا لذلك تعرض مشروع التوجهات المصرفية الجديد لكثير من التعديلات وقد كان هذا المشروع فى البداية ينص على أن أى شركة مالية أجنبية تستطيع الحصول على حق الدخول إلى السوق الأوروبية شريطة أن تعامل جميع المؤسسات المالية للمجموعة الأوروبية نفس المعاملة ومع ذلك لم يكن تعبير ـ المعاملة بالمثل ـ واضحا، فهل يعنى أن تتمتع شركات المجموعة بنفس حقوق منشات الدول المضيفة؟ أم أن المجموعة تريد من الدول الأجنبية منح شركاتها نفس المعاملة التى تلاقيها الشركات الأجنبية داخل السوق؟ أن هذه ـ المعاملة بالمثل مفهوم خطير فى التجارة الدولية لأنه لا يأخذ فى اعتباره الاختلافات المشروعة فى القواعد التنظيمية لكل دولة لذلك فإن البند المتعلق ـ بالمعاملة بالمثل ـ غامض ويبعث على القلق فى نفس الوقت لذلك قررت اللجنة إعادة النظر فى صيغة هذا البند وذهبت إلى حد إلغاء تعبير ـ العاملة بالمثل ـ وتضمن النص فى شكله النهائى معاملة تقوم على أساس مبدأ ـ المعاملة الوطنية ـ وهو مبدأ يفترض الدخول الفعال إلى السوق بنفس الميزات التنافسية التى تتمتع بها الشركات التابعة للدولة ذاتها وتقوم المجموعة بإصدار دراسة دورية حول الطريقة التى تعامل بها مؤسساتها المالية فى الدول الأخرى، وفى حالة رفض دولة أجنبية تطبيق مبدأ ـ المعاملة الوطنية ـ على دول المجموعة الأوروبية يكون من حق المجموعة تعليق طلبات الترخيص أو التملك التى تتقدم بها الشركات التابعة لهذه الدولة الرافضة وإذا ثبت أن شركات المجموعة قد حصلت على المعاملة الوطنية ـ ولكنها منعت من المنافذ الفعلية إلى السوق فإن المجموعة تستطيع أن تجرى مفاوضات مع الدولة المعنية بهدف الحصول على مزايا مماثلة لتلك التى تقدمها هى نفسها أن الفروع الأوروبية للمؤسسات المالية الأمريكية سيكون لديها منافذ إلى السوق المصرفية للمجموعة مادامت هذه المؤسسات تستفيد من مزايا ـ العاملة الوطنية ـ ولكن الأمريكيين مازالوا قلقين إلى حد ما بشأن حقوق فروع مؤسساتهم رغم أن هذه الحقوق يكفلها البند 58 من معاهدة ربما ويريدون اعترافا صريحا وواضحا بما فى ذلك حق الحصول على مكاسب جديدة وإنشاء فروع جديدة بنفس الحرية التى تتمتع بها الشركات الأوروبية وأيا كانت نتيجة المناقشات فإن الأمر المؤكد هو أن كل شىء يسير فى اتجاه سوق مالية أوروبية موحدة وهكذا التطور سيكون له أثر كبير على العلاقات المالية الدولية لدول المجموعة أن أهم جانب من جوانب السوق الداخلية للخدمات المالية قد يكون هو القرار الذى اتخذته اللجنة بمعاملة الخدمات المالية معاملة الشئون التجارية أن أوروبا عندما تحتفظ بحق تعليق طلبات الترخيص وحق التفاوض مع الدولة التى ترفض تقديم منافذ فعلية إلى السوق تعادل ما تقوم هى بتقديمه، تضع بذلك بذرة المفاوضات التجارية المستقبلة فى الدول الأخرى حول التنظيمات المالية الداخلية الخدمات المالية: عناصر التجارة متعددة الأطرافأن العلاقات المالية بين اليابان والولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية قد أثبتت أن الشئون المالية الدولية قد اتخذت تدريجيا بعد سياسيا وبدأت تمتزج بالمشكلات التجارية التقليدية وحتى الآن أرتكز هذا التطور على المفاوضات الثنائية ولكن التدويل المتنامى للأسواق المالية يؤكد على ضرورة الإدارة متعددة الأطراف للمشكلات المالية وعلى عكس ما يحدث بالنسبة للتجارة الدولية والمسائل النقدية نجد أن التعاون متعدد الأطراف حول المشكلات المالية الدولية لا يزال محدودا ومع ذلك نشهد بداية تغيير يعبر عن نفسه كإحدى النقاط القوية على المسرح الدولى لأعوام التسعينات أن الأنشطة متعددة الأطراف تنمو بالذات فى مجال معين هو مجال التعاون الذى يهدف إلى تأكيد أمن وقوة النظام الدولى وهذا النوع من الأنشطة التعددية ظهر فى أعقاب الأزمات المصرفية الحادة عامى 74 و1975 ـ أن انهيار عدد كبير من البنوك قد دفع بالدول المالية الكبرى إلى محاولة التنسيق بين نظمها المصرفية الوطنية المختلفة ووضع نظم لتبادل المعلومات فيما بينها ومناقشة مشكلاتها المصرفية وستمتد هذه الحاجة إلى التعاون التنظيمى إلى قطاعات مالية أخرى وخاصة أسواق الأسهم وسيتأكد الاقتناع بأن الرقابة والأنشطة التنظيمية لابد أن تتخطى الحدود ولا تقف عندها أن دولا كثيرة تعيد النظر اليوم فى سياستها التنظيمية الداخلية على ضوء حقائق السوق الجديدة وهناك مجال آخر أمام التعاون الدولى هو تحرير السوق المالية للتجارة والخدمات المالية أن منظمة التنمية والتعاون الأوروبى قد وضعت ميثاقا غير ملزم عام 1961 يهدف إلى تحرير حركة رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء وفى عام 1968 تم اتخاذ خطوة أخرى من أجل تحرير الأسواق المالية من خلال ـ جولة أوروجواى ـ ولو تم الاتفاق على هذه النقطة فإن العلاقة الوثيقة بين المالية والتجارة الدولية ستتأكد وخلال مناقشات ـ الجات ـ الأخيرة حبذت شركات كثيرة تابعة للدول المتقدمة وضع نظام متعدد الأطراف لتنظيم تبادل الخدمات ووضع القواعد التجارية التى تكفل تحرير تجارة الخدمات وحل الخلافات الدولية وقد استقبلت هذه الأفكار فى البداية بشكل كبير ورفضتها دول نامية كثيرة خوفا من قدوم شركات خدمية كبرى لتكتسح أسواقها الداخلية وتركز قلق العالم الثالث أساسا فى مجال تنظيم الخدمات المالية لان التنظيم المالى يعتبر إدارة رئيسية فى سياسة التنمية ودليلا على السيادة القومية وبالنسبة لبعض هذه الدول تعمقت مشاعر الخوف أكثر واكثر بسبب الرغبة الاستراتيجية فى ربط تحرير تجارة الخدمات بتحرير قطاعات ملك النسيج والزراعة وهى قطاعات محمية فى الدول الصناعية ورغم الخلافات بين الشمال والجنوب حول الخدمات أظهرت بعض الدول النامية استعدادا طيبا للتفاوض رغبة منها فى التوصل إلى اتفاق حول الخدمات تقبله أكبر عدد من دول العالم الثالث أن برنامج العمل الذى وضعه وزراء تجارة دول ـ الجات ـ لعامى 89 ـ ـ 1990 يفتح الطريق أمام مثل هذا الاتفاق ومن بين المبادئ التى تعتبر ضرورية بالنسبة للاتفاق النهائى نذكر: الوضوح والتحرير التدريجى والمعاملة الوطنية وعدم التفرقة والدخول إلى السوق وفى جنيف تحاول الحكومات الوطنية والمفاوضون ومجموعات مختلفة من القطاع الخاص فى الوقت الحالى مناقشة وتعريف الإطار الذى يمكن أن تعمل فيه هذه المبادئ ووضع تصور للطريقة التى يمكن من خلالها تطبيق هذه المبادئ على قطاعات معينة من الخدمات مثل الخدمات المالية ونظرا لما تم حتى الآن نرى انه من المستبعد التوصل إلى اتفاق حول الخدمات فى الوقت الحالى وفى جميع الأحوال فإن الضغط الذى تمارسه الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية لن يضعف أن تسييس العلاقات المالية الدولية سيكون أحد الجوانب الأساسية فى اقتصاد الغد الذى سيقوم على الاعتماد المتبادل أن منهج ـ التجارة الدولية ـ قد فرض نفسه تدريجيا خلال الحقبة الماضية على المناقشات المالية الثنائية وحان الوقت الآن للذهاب إلى أبعد من ذلك ووضع تنظيمات متعددة الأطراف تختص بتجارة الخدمات المالية وإلزام الدول المتقدمة بإعداد إطار متعدد الأطراف يتناسب مع تحديات التدويل المالى لأعوام التسعينات.