تابع لمؤلفات افلاطون
مرسل: الجمعة مايو 03, 2013 6:10 pm
أما الحجة الثانية، فهي تستند إلى تلك الأفكار التي ندعوها بـالذكريات. لأن ما نواجهه في العالم الحسِّي إنما هو أشياء جميلة، لكنها ليست هي الجمال. لذلك ترانا نحاول تلمس هذا الأخير من خلال تلك الأشياء، التي، باستحضارها، تعيدنا حتمًا إلى لحظات من الحياة فوق الأرضية كانت روحنا فيها على تماس مباشر مع الطهارة.
أكاديمية أفلاطون في أثينا
وتقول الحجة الثالثة إنه يمكن شَمْلُ كلِّ ما في الوجود ضمن مقولتين اثنتين: المقولة الأولى تضم كلَّ ما هو مركَّب (وبالتالي ممكن التفكك) أي المادة؛ والمقولة الأخرى التي تشمل ما هو بسيط (أي لا يمكن تفكيكه)، كجزء مما هو مدرَك، أي الروح.
وعندما يلاحظ كيبيوس بأن سقراط، الذي برهن على إمكانية انتقال الروح من جسم إلى آخر، لم يبرهن على خلود هذه الأخيرة في حدِّ ذاتها، يجيبه سقراط من خلال عرض مسهب، يتطرق فيه إلى نظرية المُثُل، حيث يبيِّن في نهايته أن الروح لا تتوافق مع الموت لأنها من تلك العناصر التي ليس بوسعها تغيير طبيعتها.
وينتهي الحوار بعرض طويل لمفهومي العالم العلوي والمصير الذي يمكن أن تواجهه النفس: حيث ترتفع النفوس الأكمل نحو عالم علوي، بينما ترسب النفوس المذنبة في الأعماق السفلى. وتكون كلمات سقراط الأخيرة هي التي مفادها بأنه مدين في علمه لأسكليبيوس (إله الطب والشفاء) – من أجل تذكيرنا رمزيًّا بأنه يجب علينا شكر الإله الذي حرَّره من مرض الموت.
الجمهورية أو "في العدالة": يشكل هذا الحوار، المجموع في عشر كتيبات تمت خلال عدة سنوات (ما بين أعوام 389 و369 ق م)، العمل الرئيسي لأفلاطون المتعلِّق بـالفلسفة السياسية.
يبدأ سقراط بمحاولة تعريف العدالة استنادًا إلى ما قاله عنها سيمونيدِس، أي "قول الحقيقة وإعطاء كلِّ شخص حقه". هذا التعريف مشكوك في ملاءمته، لأنه يجعلنا نلحق الضرر بأعدائنا، مما يعني جعلهم، بالتالي، أسوأ وأظلم. كذلك أيضًا يستبعد تعريف السفسطائي ثراسيماخوس الذي قال بأن "العدل" هو ما ينفع الأقوى.
ونصل مع أفلاطون إلى التمعُّن في مفهوم الدولة العادلة – تلك التي تعني "الإنسان مكبَّرًا" – القائمة على مشاعية الأملاك والنساء، اللواتي لا يكون التزاوج معهن انطلاقًا من الرغبات الشخصية، إنما استنادًا لاعتبارات النسل – تلك المشاعية الخاضعة لمفهوم التقشف الصحي، أي المعادي للبذخ؛ تلك الدولة القائمة على التناغم والمستندة إلى فصل صارم بين طبقاتها الأساسية الثلاث التي هي: طبقة الفلاسفة أو القادة، وطبقة الجنود، وطبقة الصنَّاع – والتي هي على صورة التوازن القائم بين المكونات الثلاث للنفس الفردية. ونلاحظ هنا، من خلال العرض، أن الطبقة الدنيا (أو طبقة الصنَّاع) لا تخضع لمتطلَّبات الملكية الجماعية لأنها لن تفهمها انطلاقًا من مستوى إدراكها.
ويفترض سقراط أنه على رأس هذه الدولة يجب وضع أفضل البشر. من هنا تأتي ضرورة تأهيلهم الطويل للوصول إلى الفهم الفلسفي للخير الذي يعكس نور الحقيقة وينير النفس، كما تنير الشمس أشياء عالمنا (استعارة الكهف).
ذلك لأن الظلم يشوِّه، بشكل أو بآخر، كافة الأشكال الأخرى من الدول، التي يعدِّدها أفلاطون كما يلي: الدولة التيموقراطية (التي يسود فيها الظلم والعنف)، الدولة الأوليغارخية (حيث الطمع الدائم واشتهاء الثروات المادية)، الدولة الديموقراطية (حيث تنفلت الغرائز وتسود ديكتاتورية العوام)، وأخيرًا، دولة الاستبداد، حيث يكون الطاغية بنفسه عبدًا لغرائزه، وبالتالي غير عادل.
وأخيرًا فإن هذا المفهوم نسبي حيث أن العدالة لن تتحقق بالكامل، كما تصف ذلك أسطورة إرْ، إلا في حياة مستقبلية أخرى: حيث النفوس، وقد حازت على ما تستحقه من ثواب أو عقاب، تعود لتتجسد من جديد، ناسية ذكرى حياتها الماضية.
أكاديمية أفلاطون في أثينا
وتقول الحجة الثالثة إنه يمكن شَمْلُ كلِّ ما في الوجود ضمن مقولتين اثنتين: المقولة الأولى تضم كلَّ ما هو مركَّب (وبالتالي ممكن التفكك) أي المادة؛ والمقولة الأخرى التي تشمل ما هو بسيط (أي لا يمكن تفكيكه)، كجزء مما هو مدرَك، أي الروح.
وعندما يلاحظ كيبيوس بأن سقراط، الذي برهن على إمكانية انتقال الروح من جسم إلى آخر، لم يبرهن على خلود هذه الأخيرة في حدِّ ذاتها، يجيبه سقراط من خلال عرض مسهب، يتطرق فيه إلى نظرية المُثُل، حيث يبيِّن في نهايته أن الروح لا تتوافق مع الموت لأنها من تلك العناصر التي ليس بوسعها تغيير طبيعتها.
وينتهي الحوار بعرض طويل لمفهومي العالم العلوي والمصير الذي يمكن أن تواجهه النفس: حيث ترتفع النفوس الأكمل نحو عالم علوي، بينما ترسب النفوس المذنبة في الأعماق السفلى. وتكون كلمات سقراط الأخيرة هي التي مفادها بأنه مدين في علمه لأسكليبيوس (إله الطب والشفاء) – من أجل تذكيرنا رمزيًّا بأنه يجب علينا شكر الإله الذي حرَّره من مرض الموت.
الجمهورية أو "في العدالة": يشكل هذا الحوار، المجموع في عشر كتيبات تمت خلال عدة سنوات (ما بين أعوام 389 و369 ق م)، العمل الرئيسي لأفلاطون المتعلِّق بـالفلسفة السياسية.
يبدأ سقراط بمحاولة تعريف العدالة استنادًا إلى ما قاله عنها سيمونيدِس، أي "قول الحقيقة وإعطاء كلِّ شخص حقه". هذا التعريف مشكوك في ملاءمته، لأنه يجعلنا نلحق الضرر بأعدائنا، مما يعني جعلهم، بالتالي، أسوأ وأظلم. كذلك أيضًا يستبعد تعريف السفسطائي ثراسيماخوس الذي قال بأن "العدل" هو ما ينفع الأقوى.
ونصل مع أفلاطون إلى التمعُّن في مفهوم الدولة العادلة – تلك التي تعني "الإنسان مكبَّرًا" – القائمة على مشاعية الأملاك والنساء، اللواتي لا يكون التزاوج معهن انطلاقًا من الرغبات الشخصية، إنما استنادًا لاعتبارات النسل – تلك المشاعية الخاضعة لمفهوم التقشف الصحي، أي المعادي للبذخ؛ تلك الدولة القائمة على التناغم والمستندة إلى فصل صارم بين طبقاتها الأساسية الثلاث التي هي: طبقة الفلاسفة أو القادة، وطبقة الجنود، وطبقة الصنَّاع – والتي هي على صورة التوازن القائم بين المكونات الثلاث للنفس الفردية. ونلاحظ هنا، من خلال العرض، أن الطبقة الدنيا (أو طبقة الصنَّاع) لا تخضع لمتطلَّبات الملكية الجماعية لأنها لن تفهمها انطلاقًا من مستوى إدراكها.
ويفترض سقراط أنه على رأس هذه الدولة يجب وضع أفضل البشر. من هنا تأتي ضرورة تأهيلهم الطويل للوصول إلى الفهم الفلسفي للخير الذي يعكس نور الحقيقة وينير النفس، كما تنير الشمس أشياء عالمنا (استعارة الكهف).
ذلك لأن الظلم يشوِّه، بشكل أو بآخر، كافة الأشكال الأخرى من الدول، التي يعدِّدها أفلاطون كما يلي: الدولة التيموقراطية (التي يسود فيها الظلم والعنف)، الدولة الأوليغارخية (حيث الطمع الدائم واشتهاء الثروات المادية)، الدولة الديموقراطية (حيث تنفلت الغرائز وتسود ديكتاتورية العوام)، وأخيرًا، دولة الاستبداد، حيث يكون الطاغية بنفسه عبدًا لغرائزه، وبالتالي غير عادل.
وأخيرًا فإن هذا المفهوم نسبي حيث أن العدالة لن تتحقق بالكامل، كما تصف ذلك أسطورة إرْ، إلا في حياة مستقبلية أخرى: حيث النفوس، وقد حازت على ما تستحقه من ثواب أو عقاب، تعود لتتجسد من جديد، ناسية ذكرى حياتها الماضية.