الفكر السياسي الإسلامي... عوامل النشأة والتكوين
مرسل: الجمعة مايو 03, 2013 6:31 pm
يشكل الفكر الإسلامي السياسي أحد أبرز السياقات المهمة في المجتمعات العربية والإسلامية، خصوصاً بعيد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حيث حرص المسلمين من جهة المهاجرين على الفور بترشيح الصحابي الجليل أبو بكر الصديق ومن الأنصار على ترشيح الصحابي سعد بن عبادة أحد رموزهم المعروفة، وجرت فيما بينهم انتخابات حرة نزيهة انتهى بها المطاف إلى أن ترجح كفة أبو بكر الصديق بنسبة أكبر، ومن هذه الحادثة بدأت الانطلاقة الفعلية للفكر الإسلامي السياسي والذي تمثل أساساً وضابطاً مهماً في طريقة تعيين واختيار حاكم شرعي فعلي يمثل الشعب والبلاد على أسس صحيحة بعيدة عن الاستبداد بالرأي أو محاولة التفرد بالقرار وهذا يمثل جوهر السياسية الشرعية بالمنظور الإسلامي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويشكل القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله أحد أهم المصادر المهمة والتي ينبني من خلالها على مبادئ ومفاهيم عديدة تعتبر في أصلها داخلة في إطار الفكر السياسي بالمفهوم الإسلامي ومن ضمنها مبدأ الشورى في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والفقهية، وعلى رأسها ما يتعلق بالجانب السياسي لأنّه يختص بالمصالح العامة للمجتمع وتنظيم وإدارة شؤونها بما يحقق الاستمرارية والعمارة والنهوض للمجتمع، حتى وإن لم يعتبر كثير من المفكرين والفقهاء مبدأ الشورى بأنّه ليس نظرية سياسية بحد ذاتها وإنّما هو أحد جوانبها المهمة، وليس مقتصراً على نظام الحكم الإسلامي ولا المبادئ والأحكام السياسية العامة كما هو الحال في النظريات والرؤى الأخرى الخارجة عن الإطار الإسلامي، كالنظم الديمقراطية الحديثة والمحصورة في القضايا السياسية والقوانين الدستورية ونظم الدولة.
ومن مظاهر الفكر السياسي الإسلامي حرية الرأي وتحقيق العدالة بين مختلف أفراد المجتمع بكافة أطرهم السياسية والدينية والاجتماعية، ومكافحة الفساد والاستبداد والعلو السياسي لدى طبقة واحدة في المجتمع تسيطر على البلاد وتصادر أنفاس العباد، لكن يشدد البعض على أهمية تحقيق مبدأ حرية الرأي والتعبير من خلال إطار الثوابت والقطعيات التي أجمع عليها علماء وفقهاء الشريعة، حيث أنّ الخروج والحياد عنها يعني الانفلات وتعزيز لمفهوم الفوضى والتخبط الفكري وليس كما يزعم البعض بأنّ حرية الرأي والتعبير تكون مطلقة كما هو الحال لدى الفكر السياسي في السياق الغربي.
· شكل الدولة في الفكر السياسي الإسلامي:
ويذهب الكثير من أهل العلم وأرباب الفكر الإسلامي إلى عدم وجود نصوص شرعية من الكتاب والسنة تبيّن طريقة معينة لإقامة وإعلان الدولة أو الخلافة، ومن ضمن المؤكدين على هذا الأمر المفكر الإسلامي المعاصر الدكتور حاكم المطيري والذي يرى بأنّه لا دليل على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد طريقة معينة لإقامة الخلافة من بعده، وإنما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الخلافة، وحدد طبيعة النظام السياسي في الإسلام التي تقوم على الشورى، مشيراً إلى أنّ القول بأنّ إقامة الخلافة عبادة كإقامة الصلاة، مجرد رأي لا دليل معتبر عليه من كتاب ولا سنة، فالخلافة فرض واجب كفروض الكفايات التي لا تعبد في طريقة أدائها، والصحابة هم أول من أقام الخلافة بعد عهد النبوة، وقد اجتمعوا في السقيفة، وتشاوروا فيها، وارتفعت أصواتهم، واختلفوا فيها حتى قيل(منا أمير ومنكم أمير)، وحتى قال أبو بكر: "إن العرب لا ترضى إلا بهذا الحي من قريش". وعلى أثر ذلك لم يدع أحد بأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها عبادة لا اجتهاد فيها، أو أنّه حدد لهم طريقة للاختيار فيها.
وتذكر مصادر عديدة بأنّ سعد بن عبادة رفض المصادقة على مبايعة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقال كلمته المشهورة :والله لا أبايعهم أبداً"، وهذا سيعكس حتماً بأنّ مبدأ الاختلاف في اختيار الحاكم موجود في عصر صدر الإسلام وهو أمر طبيعي، فكيف هو الحال بالعصر الحالي، فلا نستغرب من تعدد الأحزاب والتيارات والمشارب الإسلامية شريطة أن يكون هذا الخلاف ضمن الإطار المرجعي الإسلامي، فتاريخنا المعاصر ينبأ بأنّ الإسلام والسياسة صنوان لا ينفصلان أبداً.
وقد خلق مصطلح "الخلافة" جدلاً واسعاً بين أهل الفقه والفكر على مر التاريخ الإسلامي، واعتماداً على موقف علماء الصحابة من تفسير هذا المصطلح الوارد في القرآن الكريم بأنّه النيابة عن الله، ويمكن القول أنّ إمارة أبي بكر وعمر للجماعة ومن ثمّ للمؤمنين كانت في حقيقة الأمر خلافة لله أو نيابة عنه في تنفيذ شريعته(1).
وفي أدبيات سياق الفكر الإسلامي فإنّ مفهوم الدولة يختلف تماماً عن المفهوم الغربي حيث يركز بالدرجة الأولى على مفهوم "الجماعة" وتحقيق الترابط ومبدأ الوحدة الاجتماعية وذلك من خلال توجيه نبينا صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالجماعة فإنّ يد الله مع الجماعة" وبالتالي فإنّ العدالة في المفهوم الإسلامي هي أساس الملك والحكم، لكن مع اختلاف تطبيق مبدأ العدل نسبياً من جهة ومن حالة ومن زمان إلى آخر، ولا يكون تطبيقه مطلقاً أو كاملاً إلاّ بوجود حاكم صحيح الإيمان وراجح العقل يتمتع بقدرات يتميز فيها عن غيره من الآخرين.
أما مفهوم الدولة في السياق الغربي فإنّه كثيراً ما يركز على الفردية وتفكيك المجتمع إلى وحدات منفصلة "أفراد" يتمتع كل واحد منهم بالحرية الذي تؤهله إلى الوصول إلى الحرية المطلقة الأمر الذي جعل مفهوم الدولة في العالم الغربي يتطور ليتعامل مع الفرد فيها على أساس قانوني بحت لا على أساس أخلاقي.
ويؤكدّ الشيخ يوسف القرضاوي في نفس الإطار بأنّ مفهوم الدولة الإسلامية كما جاء بها الإسلام، وكما عرفها تاريخ المسلمين دولة مَدَنِيَّة، تقوم السلطة بها على البَيْعة والاختيار والشورى والحاكم فيها وكيل عن الأمة أو أجير لها، ومن حق الأمة ـ مُمثَّلة في أهل الحلِّ والعَقْد فيها ـ أن تُحاسبه وتُراقبه، وتأمره وتنهاه، وتُقَوِّمه إن أعوجَّ، وإلا عزلته، أما الدولة الدينية "الثيوقراطية" التي عرفها الغرب في العصور الوسطى والتي يحكمها رجال الدين، والذين يتحكَّمون في رِقاب الناس ـ وضمائرهم أيضًا ـ باسم "الحق الإلهي" فما حلُّوه في الأرض فهو محلول في السماء، وما ربطوه في الأرض فهو مربوط في السماء؟ فهي مرفوضة في الإسلام، وليس في الإسلام رجال دين بالمعنى الكهنوتي إنما فيه علماء دين، يستطيع كل واحد أن يكون منهم بالتعلُّم والدراسة، وليس لهم سلطان على ضمائر الناس (2).
· إرهاصات التغيير والتبديل:
بعد تولي الصحابي معاوية بن أبي سفيان الحكم دخلت الأمة في عصر جديد عن العصر الذهبي وما يعرف بالحكم الراشد، وبات مبدأ الشورى في اختيار الحاكم أو الإمام مغيباً في عصره، وتحوّل إلى الحكم العضوض وذلك مصداقاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه قائلاً: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"، وهذا فيه دلالة على أنّ هناك تغيير سوف سيحدث بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وبعد الخلافة الراشدة في طريقة وأسلوب الحكم، ممثلاً في الملك العضوض والذي يقصد به هو الذي يصيب الرعية فيه تعسف وظلم وعنف كالأنظمة الوراثية، أما الملك الجبري فهو الذي فيه عتو وقهر كالأنظمة القمعية والقهرية والعسكرية أما ما تسمى أيضاً بالبوليسية في العصر الحديث، ويقول ابن الأثير في النهاية: "ثم يكون ملك عضوض"، أي يصيب الرعية فيه عسْفٌ وظُلْم، كأنَّهم يُعَضُّون فيه عَضًّا. والعَضُوضُ: من أبْنية المُبالغة. وفي رواية "ثم يكون مُلك عُضُوض" وهو جمع عِضٍّ بالكسر، وهو الخَبيثُ الشَّرِسُ.
وقد انتهى عصر الخلفاء الراشدين سنة40هـ، وبدأ العصر الأموي حيث بدأ من خلاله تراجع للخطاب السياسي الممثل لتعاليم الدين المنزل، وبدأ خطاب سياسي يمثل تعاليم الدين المؤول حيث بدأ الاستدلال بالنصوص على غير الوجه الصحيح أراد الله ورسوله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أول من يغيّر سنتي رجل من بني أمية".
وقد كان يزيد بن معاوية أول خليفة يصل عن طريق الوراثة، وإن لم يكن هذا المبدأ قد ظهر جلياً في الدولة الأموية كما ظهر في الدولة العباسية والعلوية، وقد صار الواقع يفرض مفاهيمه الجديدة على الفقه الإسلامي، وبدأ التأويل يأخذ طريقه لنصوص الخطاب السياسي، وقام الفقهاء بتقبل هذا القياس فاسد الاعتبار وإضفاء الشرعية على هذه العهود التي تستلب الأمة حقها في اختيار الإمام(3).
وتعقيباً على ما سبق فقد استمرت هذه الحالة مستمرة في عهد الأمويين والعباسيين، وظلّ الحكم الوراثي مستمراً ومتداولاً بين الحاكم أو الخلفاء، فمثل هذه التغير والتطور في الخطاب السياسي قد أثرّ بطبيعة الحال سلباً على العلاقة بين السلطة السياسية والسلطة التشريعية "الفقهية" وأخذت هذه العلاقة طابعاً جديداً أخذت طابع المد والجزر بين الطرفين، فتارة تحاول السلطة السياسية الضغط على الفقهاء بكافة الأشكال لكسب رضاهم ولإضفاء الشرعية للحاكم عبر الفتاوى الفقهية المختلفة لامتصاص ضغوط الطبقة المحكومة، أو عبر إغرائهم بالهبات أو المناصب الإدارية كتولي مهنة القضاء.
ومنذ الفترة العباسية وحتى سقوط الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى لقب أمير المؤمنين بخليفة الله في أرضه وعباده وبخلفية رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته ويبدو أنّ غالبية فقهاء الأمة الذين عايشوا هاتين الدلالتين تحفزوا على دلالة خليفة الله، ولم يعترفوا بها، واعترفوا بوصف الإمارة بأنّها خلافة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو للنبوة لذا عرف أكثرهم الإمامة بأنّها وضعت لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا.
وقد كان المؤرخ والفيلسوف المسلم ابن خلدون موفقاً أكثر من الفقهاء في تعريف الخلافة عندما عرفها: بأنّها نيابة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وتنطلق مهمة الإمام في حراسة الدين وسياسة الدنيا في الأصل من النبوة "الوحي"، والبيعة "الملك" في النمط النبوي، ومن الخلافة "النيابة عن الله" والبيعة "الملك" في النمط الخلافي للحكم(4).
· الفكر السياسي الإسلامي المعاصر:
ومع سقوط الخلافة الإسلامية وإعلان مصطفى كمال أتاتورك عن إلغائها في 3 مارس 1924م، وإقامة جمهورية علمانية على أنقاضها في تركيا، وإحلال قانون مدني على غرار القانون المدني السويسري، مما أدى إلى حدوث ردود أفعال مختلفة على مستوى العالم العربي والإسلامي، تمخضت بتكوين وظهور الحركات والتيارات الإسلامية بكافة توجهاتها المختلفة، مع وجود عوامل مساندة ومساعدة كاحتلال فلسطين وهزيمة العرب أمام الكيان الصهيوني في عام 1967م، وذلك إيذاناً بفشل المشروع القومي العربي في مواجهة ذلك الكيان، كما ساهم الاغتراب الفكري الثقافي في المجتمعات العربية والإسلامية في إحياء الحركات والجماعات الإسلامية، إضافة إلى عوامل الاستبداد والفساد والظلم الاقتصادي، واستئثار الطبقة الحاكمة بثروات البلد وإحكام قبضتها عليها، كلها عوامل مهمة أسهمت في بلورة معالم خطاب إسلامي معاصر تمثل في ما بات يعرف بالحركات الإسلامية "الإحيائية"، محاولة الدخول في المعترك السياسي والاجتماعي لإرجاع الأمة إلى أمجاد الخلافة الإسلامية التي كانت سائدة في العصور الذهبية الأولى للإسلام.
لكنّ البعض لا يرى بأنّ العوامل السابقة الذكر هي أسباباً كافية لنشوء وبروز الحركات والتيارات الإسلامية، فهم يعتبرونها امتداد طبيعي وقديم للرسالة المحمدية الإسلامية وليست ظاهرة أو طرقاً جديدةً لم تكن معروفة، مادام أنّ العمل الإسلامي على مر العصور السالفة كان عاملاً شمولياً على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والفكرية وهذا هو جوهر الإسلامي الحقيقي لكن الشيء المختلف يتمثل في أدوات ووسائل العمل الإسلامي التي طرأت ضمن المعطيات الجديدة على الساحة الدولية، أدت إلى إلزام هذه التيارات والحركات مراجعة الكثير من الأفكار المتغيرة والوسائل المتعددة لإحداث أكبر قدر ممكن من التغيير الجذري على مستوى المجتمعات العربية والإسلامية.
وفي مقابل هذا الوضع دارت في مصر خلال العشرينات مناقشات تتعلق بإشكالية الدين والدولة والإسلام والسياسة تمثل ذلك من خلال كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبدالرازق، وكتاب "في الشعر الجاهلي" لطه حسين، لكنّ كتاب عبدالرازق أثار ضجة أكبر من كتاب حسين، بسبب اكتسابه أهميته الفكرية من التوقيت السياسي الذي قدم فيه عام 1925م، حيث كانت مصر والعالم الإسلامي مهمومة بمسألة الخلافة وشكلها، والتصور الجديد الذي يمكن أن يحل بديلاً عن النمط السابق.
وخلاصة القول فقد ذهب علي عبدالرزاق إلى القول بتنافي العلاقة بين الإسلام والخلافة، وبأنّ الإسلام لا يعرفها كأساس من أسس الحكم قائلاً: "والحق أنّ الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة التي يتعارفها المسلمون، وبريء من كل ما هيئوا حولها من رغبة ورهبة ، ومن عزة وقوة، والخلافة ليس في شيء من الخطط الدينية، كلا، ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة، وإنّما ذلك كله خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولم ينكرها ولا أمر بها ولا نهى عنها وإنّما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة"، والكتاب بهذا المعنى يؤكدّ على حقيقة هامة مفادها نفي كون الحاكم نائباً عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بمقامه، كما أنّه ينفي وجوب الحكم الذي ارتبط تاريخياً بفكرة الخلافة وهو الحكم الفردي، وقد أدت هذه الأفكار الجديدة التي جاء بها الكتاب إلى حملة ضخمة من الهجوم على الشيخ وكتابه، وخاصة أنّ الكتب قد صدر متزامناً مع الفترة التي أعقبت إلغاء الخلافة العثمانية وتطلع الملك فؤاد إليها(5).
مثل هذه الأطروحات لم ترق رواجاً كبيراً بين مختلف الشرائح الفكرية والسياسية الإسلامية في المجتمعات العربية والإسلامية فقد كان الردّ سريعاً عبر إنشاء جماعة الإخوان المسلمين عام 1928م بقيادة الشيخ حسن البنا والذي شكلت انطلاقة حقيقية وإضافة جديدة للفكر والسياسية على الصعيدين العربي والإسلامي لكن برؤية انفتاحية وأكثر عمقاً وتميز أوسع عن سواها من الحركات الإسلامية لما تحمله هذه الجماعة من توظيف للإسلام السياسي في إطار أقرب إلى الحركة الوطنية ضد الاستعمار وتحقيق الاستقلال، مع رفض الجماعة للمضمون العلماني للوطنية، ولتحقيق العلاقة بين الإسلام والسياسية الذي يقيم علاقة الولاء بين الفرد والدولة على أساس الانتماء لرقعة من الأرض تكون إقليم الدولة، في حين لا يقيم أي اعتبار للعقيدة كأساس لهذا الولاء بحجة الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتحقيق مبدأ الوحدة الوطنية بين المسلمين وغير المسلمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويشكل القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله أحد أهم المصادر المهمة والتي ينبني من خلالها على مبادئ ومفاهيم عديدة تعتبر في أصلها داخلة في إطار الفكر السياسي بالمفهوم الإسلامي ومن ضمنها مبدأ الشورى في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والفقهية، وعلى رأسها ما يتعلق بالجانب السياسي لأنّه يختص بالمصالح العامة للمجتمع وتنظيم وإدارة شؤونها بما يحقق الاستمرارية والعمارة والنهوض للمجتمع، حتى وإن لم يعتبر كثير من المفكرين والفقهاء مبدأ الشورى بأنّه ليس نظرية سياسية بحد ذاتها وإنّما هو أحد جوانبها المهمة، وليس مقتصراً على نظام الحكم الإسلامي ولا المبادئ والأحكام السياسية العامة كما هو الحال في النظريات والرؤى الأخرى الخارجة عن الإطار الإسلامي، كالنظم الديمقراطية الحديثة والمحصورة في القضايا السياسية والقوانين الدستورية ونظم الدولة.
ومن مظاهر الفكر السياسي الإسلامي حرية الرأي وتحقيق العدالة بين مختلف أفراد المجتمع بكافة أطرهم السياسية والدينية والاجتماعية، ومكافحة الفساد والاستبداد والعلو السياسي لدى طبقة واحدة في المجتمع تسيطر على البلاد وتصادر أنفاس العباد، لكن يشدد البعض على أهمية تحقيق مبدأ حرية الرأي والتعبير من خلال إطار الثوابت والقطعيات التي أجمع عليها علماء وفقهاء الشريعة، حيث أنّ الخروج والحياد عنها يعني الانفلات وتعزيز لمفهوم الفوضى والتخبط الفكري وليس كما يزعم البعض بأنّ حرية الرأي والتعبير تكون مطلقة كما هو الحال لدى الفكر السياسي في السياق الغربي.
· شكل الدولة في الفكر السياسي الإسلامي:
ويذهب الكثير من أهل العلم وأرباب الفكر الإسلامي إلى عدم وجود نصوص شرعية من الكتاب والسنة تبيّن طريقة معينة لإقامة وإعلان الدولة أو الخلافة، ومن ضمن المؤكدين على هذا الأمر المفكر الإسلامي المعاصر الدكتور حاكم المطيري والذي يرى بأنّه لا دليل على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد طريقة معينة لإقامة الخلافة من بعده، وإنما أوجب النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الخلافة، وحدد طبيعة النظام السياسي في الإسلام التي تقوم على الشورى، مشيراً إلى أنّ القول بأنّ إقامة الخلافة عبادة كإقامة الصلاة، مجرد رأي لا دليل معتبر عليه من كتاب ولا سنة، فالخلافة فرض واجب كفروض الكفايات التي لا تعبد في طريقة أدائها، والصحابة هم أول من أقام الخلافة بعد عهد النبوة، وقد اجتمعوا في السقيفة، وتشاوروا فيها، وارتفعت أصواتهم، واختلفوا فيها حتى قيل(منا أمير ومنكم أمير)، وحتى قال أبو بكر: "إن العرب لا ترضى إلا بهذا الحي من قريش". وعلى أثر ذلك لم يدع أحد بأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها عبادة لا اجتهاد فيها، أو أنّه حدد لهم طريقة للاختيار فيها.
وتذكر مصادر عديدة بأنّ سعد بن عبادة رفض المصادقة على مبايعة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقال كلمته المشهورة :والله لا أبايعهم أبداً"، وهذا سيعكس حتماً بأنّ مبدأ الاختلاف في اختيار الحاكم موجود في عصر صدر الإسلام وهو أمر طبيعي، فكيف هو الحال بالعصر الحالي، فلا نستغرب من تعدد الأحزاب والتيارات والمشارب الإسلامية شريطة أن يكون هذا الخلاف ضمن الإطار المرجعي الإسلامي، فتاريخنا المعاصر ينبأ بأنّ الإسلام والسياسة صنوان لا ينفصلان أبداً.
وقد خلق مصطلح "الخلافة" جدلاً واسعاً بين أهل الفقه والفكر على مر التاريخ الإسلامي، واعتماداً على موقف علماء الصحابة من تفسير هذا المصطلح الوارد في القرآن الكريم بأنّه النيابة عن الله، ويمكن القول أنّ إمارة أبي بكر وعمر للجماعة ومن ثمّ للمؤمنين كانت في حقيقة الأمر خلافة لله أو نيابة عنه في تنفيذ شريعته(1).
وفي أدبيات سياق الفكر الإسلامي فإنّ مفهوم الدولة يختلف تماماً عن المفهوم الغربي حيث يركز بالدرجة الأولى على مفهوم "الجماعة" وتحقيق الترابط ومبدأ الوحدة الاجتماعية وذلك من خلال توجيه نبينا صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالجماعة فإنّ يد الله مع الجماعة" وبالتالي فإنّ العدالة في المفهوم الإسلامي هي أساس الملك والحكم، لكن مع اختلاف تطبيق مبدأ العدل نسبياً من جهة ومن حالة ومن زمان إلى آخر، ولا يكون تطبيقه مطلقاً أو كاملاً إلاّ بوجود حاكم صحيح الإيمان وراجح العقل يتمتع بقدرات يتميز فيها عن غيره من الآخرين.
أما مفهوم الدولة في السياق الغربي فإنّه كثيراً ما يركز على الفردية وتفكيك المجتمع إلى وحدات منفصلة "أفراد" يتمتع كل واحد منهم بالحرية الذي تؤهله إلى الوصول إلى الحرية المطلقة الأمر الذي جعل مفهوم الدولة في العالم الغربي يتطور ليتعامل مع الفرد فيها على أساس قانوني بحت لا على أساس أخلاقي.
ويؤكدّ الشيخ يوسف القرضاوي في نفس الإطار بأنّ مفهوم الدولة الإسلامية كما جاء بها الإسلام، وكما عرفها تاريخ المسلمين دولة مَدَنِيَّة، تقوم السلطة بها على البَيْعة والاختيار والشورى والحاكم فيها وكيل عن الأمة أو أجير لها، ومن حق الأمة ـ مُمثَّلة في أهل الحلِّ والعَقْد فيها ـ أن تُحاسبه وتُراقبه، وتأمره وتنهاه، وتُقَوِّمه إن أعوجَّ، وإلا عزلته، أما الدولة الدينية "الثيوقراطية" التي عرفها الغرب في العصور الوسطى والتي يحكمها رجال الدين، والذين يتحكَّمون في رِقاب الناس ـ وضمائرهم أيضًا ـ باسم "الحق الإلهي" فما حلُّوه في الأرض فهو محلول في السماء، وما ربطوه في الأرض فهو مربوط في السماء؟ فهي مرفوضة في الإسلام، وليس في الإسلام رجال دين بالمعنى الكهنوتي إنما فيه علماء دين، يستطيع كل واحد أن يكون منهم بالتعلُّم والدراسة، وليس لهم سلطان على ضمائر الناس (2).
· إرهاصات التغيير والتبديل:
بعد تولي الصحابي معاوية بن أبي سفيان الحكم دخلت الأمة في عصر جديد عن العصر الذهبي وما يعرف بالحكم الراشد، وبات مبدأ الشورى في اختيار الحاكم أو الإمام مغيباً في عصره، وتحوّل إلى الحكم العضوض وذلك مصداقاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه قائلاً: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"، وهذا فيه دلالة على أنّ هناك تغيير سوف سيحدث بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وبعد الخلافة الراشدة في طريقة وأسلوب الحكم، ممثلاً في الملك العضوض والذي يقصد به هو الذي يصيب الرعية فيه تعسف وظلم وعنف كالأنظمة الوراثية، أما الملك الجبري فهو الذي فيه عتو وقهر كالأنظمة القمعية والقهرية والعسكرية أما ما تسمى أيضاً بالبوليسية في العصر الحديث، ويقول ابن الأثير في النهاية: "ثم يكون ملك عضوض"، أي يصيب الرعية فيه عسْفٌ وظُلْم، كأنَّهم يُعَضُّون فيه عَضًّا. والعَضُوضُ: من أبْنية المُبالغة. وفي رواية "ثم يكون مُلك عُضُوض" وهو جمع عِضٍّ بالكسر، وهو الخَبيثُ الشَّرِسُ.
وقد انتهى عصر الخلفاء الراشدين سنة40هـ، وبدأ العصر الأموي حيث بدأ من خلاله تراجع للخطاب السياسي الممثل لتعاليم الدين المنزل، وبدأ خطاب سياسي يمثل تعاليم الدين المؤول حيث بدأ الاستدلال بالنصوص على غير الوجه الصحيح أراد الله ورسوله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "أول من يغيّر سنتي رجل من بني أمية".
وقد كان يزيد بن معاوية أول خليفة يصل عن طريق الوراثة، وإن لم يكن هذا المبدأ قد ظهر جلياً في الدولة الأموية كما ظهر في الدولة العباسية والعلوية، وقد صار الواقع يفرض مفاهيمه الجديدة على الفقه الإسلامي، وبدأ التأويل يأخذ طريقه لنصوص الخطاب السياسي، وقام الفقهاء بتقبل هذا القياس فاسد الاعتبار وإضفاء الشرعية على هذه العهود التي تستلب الأمة حقها في اختيار الإمام(3).
وتعقيباً على ما سبق فقد استمرت هذه الحالة مستمرة في عهد الأمويين والعباسيين، وظلّ الحكم الوراثي مستمراً ومتداولاً بين الحاكم أو الخلفاء، فمثل هذه التغير والتطور في الخطاب السياسي قد أثرّ بطبيعة الحال سلباً على العلاقة بين السلطة السياسية والسلطة التشريعية "الفقهية" وأخذت هذه العلاقة طابعاً جديداً أخذت طابع المد والجزر بين الطرفين، فتارة تحاول السلطة السياسية الضغط على الفقهاء بكافة الأشكال لكسب رضاهم ولإضفاء الشرعية للحاكم عبر الفتاوى الفقهية المختلفة لامتصاص ضغوط الطبقة المحكومة، أو عبر إغرائهم بالهبات أو المناصب الإدارية كتولي مهنة القضاء.
ومنذ الفترة العباسية وحتى سقوط الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى لقب أمير المؤمنين بخليفة الله في أرضه وعباده وبخلفية رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته ويبدو أنّ غالبية فقهاء الأمة الذين عايشوا هاتين الدلالتين تحفزوا على دلالة خليفة الله، ولم يعترفوا بها، واعترفوا بوصف الإمارة بأنّها خلافة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو للنبوة لذا عرف أكثرهم الإمامة بأنّها وضعت لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا.
وقد كان المؤرخ والفيلسوف المسلم ابن خلدون موفقاً أكثر من الفقهاء في تعريف الخلافة عندما عرفها: بأنّها نيابة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وتنطلق مهمة الإمام في حراسة الدين وسياسة الدنيا في الأصل من النبوة "الوحي"، والبيعة "الملك" في النمط النبوي، ومن الخلافة "النيابة عن الله" والبيعة "الملك" في النمط الخلافي للحكم(4).
· الفكر السياسي الإسلامي المعاصر:
ومع سقوط الخلافة الإسلامية وإعلان مصطفى كمال أتاتورك عن إلغائها في 3 مارس 1924م، وإقامة جمهورية علمانية على أنقاضها في تركيا، وإحلال قانون مدني على غرار القانون المدني السويسري، مما أدى إلى حدوث ردود أفعال مختلفة على مستوى العالم العربي والإسلامي، تمخضت بتكوين وظهور الحركات والتيارات الإسلامية بكافة توجهاتها المختلفة، مع وجود عوامل مساندة ومساعدة كاحتلال فلسطين وهزيمة العرب أمام الكيان الصهيوني في عام 1967م، وذلك إيذاناً بفشل المشروع القومي العربي في مواجهة ذلك الكيان، كما ساهم الاغتراب الفكري الثقافي في المجتمعات العربية والإسلامية في إحياء الحركات والجماعات الإسلامية، إضافة إلى عوامل الاستبداد والفساد والظلم الاقتصادي، واستئثار الطبقة الحاكمة بثروات البلد وإحكام قبضتها عليها، كلها عوامل مهمة أسهمت في بلورة معالم خطاب إسلامي معاصر تمثل في ما بات يعرف بالحركات الإسلامية "الإحيائية"، محاولة الدخول في المعترك السياسي والاجتماعي لإرجاع الأمة إلى أمجاد الخلافة الإسلامية التي كانت سائدة في العصور الذهبية الأولى للإسلام.
لكنّ البعض لا يرى بأنّ العوامل السابقة الذكر هي أسباباً كافية لنشوء وبروز الحركات والتيارات الإسلامية، فهم يعتبرونها امتداد طبيعي وقديم للرسالة المحمدية الإسلامية وليست ظاهرة أو طرقاً جديدةً لم تكن معروفة، مادام أنّ العمل الإسلامي على مر العصور السالفة كان عاملاً شمولياً على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والفكرية وهذا هو جوهر الإسلامي الحقيقي لكن الشيء المختلف يتمثل في أدوات ووسائل العمل الإسلامي التي طرأت ضمن المعطيات الجديدة على الساحة الدولية، أدت إلى إلزام هذه التيارات والحركات مراجعة الكثير من الأفكار المتغيرة والوسائل المتعددة لإحداث أكبر قدر ممكن من التغيير الجذري على مستوى المجتمعات العربية والإسلامية.
وفي مقابل هذا الوضع دارت في مصر خلال العشرينات مناقشات تتعلق بإشكالية الدين والدولة والإسلام والسياسة تمثل ذلك من خلال كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبدالرازق، وكتاب "في الشعر الجاهلي" لطه حسين، لكنّ كتاب عبدالرازق أثار ضجة أكبر من كتاب حسين، بسبب اكتسابه أهميته الفكرية من التوقيت السياسي الذي قدم فيه عام 1925م، حيث كانت مصر والعالم الإسلامي مهمومة بمسألة الخلافة وشكلها، والتصور الجديد الذي يمكن أن يحل بديلاً عن النمط السابق.
وخلاصة القول فقد ذهب علي عبدالرزاق إلى القول بتنافي العلاقة بين الإسلام والخلافة، وبأنّ الإسلام لا يعرفها كأساس من أسس الحكم قائلاً: "والحق أنّ الدين الإسلامي بريء من تلك الخلافة التي يتعارفها المسلمون، وبريء من كل ما هيئوا حولها من رغبة ورهبة ، ومن عزة وقوة، والخلافة ليس في شيء من الخطط الدينية، كلا، ولا القضاء ولا غيرهما من وظائف الحكم ومراكز الدولة، وإنّما ذلك كله خطط سياسية صرفة لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولم ينكرها ولا أمر بها ولا نهى عنها وإنّما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة"، والكتاب بهذا المعنى يؤكدّ على حقيقة هامة مفادها نفي كون الحاكم نائباً عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بمقامه، كما أنّه ينفي وجوب الحكم الذي ارتبط تاريخياً بفكرة الخلافة وهو الحكم الفردي، وقد أدت هذه الأفكار الجديدة التي جاء بها الكتاب إلى حملة ضخمة من الهجوم على الشيخ وكتابه، وخاصة أنّ الكتب قد صدر متزامناً مع الفترة التي أعقبت إلغاء الخلافة العثمانية وتطلع الملك فؤاد إليها(5).
مثل هذه الأطروحات لم ترق رواجاً كبيراً بين مختلف الشرائح الفكرية والسياسية الإسلامية في المجتمعات العربية والإسلامية فقد كان الردّ سريعاً عبر إنشاء جماعة الإخوان المسلمين عام 1928م بقيادة الشيخ حسن البنا والذي شكلت انطلاقة حقيقية وإضافة جديدة للفكر والسياسية على الصعيدين العربي والإسلامي لكن برؤية انفتاحية وأكثر عمقاً وتميز أوسع عن سواها من الحركات الإسلامية لما تحمله هذه الجماعة من توظيف للإسلام السياسي في إطار أقرب إلى الحركة الوطنية ضد الاستعمار وتحقيق الاستقلال، مع رفض الجماعة للمضمون العلماني للوطنية، ولتحقيق العلاقة بين الإسلام والسياسية الذي يقيم علاقة الولاء بين الفرد والدولة على أساس الانتماء لرقعة من الأرض تكون إقليم الدولة، في حين لا يقيم أي اعتبار للعقيدة كأساس لهذا الولاء بحجة الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتحقيق مبدأ الوحدة الوطنية بين المسلمين وغير المسلمين.