منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

By عبدالملك الهزاع
#61910
مفهوم الدبلوماسيه


مشتقة من كلمة يونانية بمعنى (( طوى )) للدلالة على الوثائق المطوية والأوراق الرسمية الصادرة عن الملوك والأمراء، ثم تطور معناها لتشمل الوثائق التي تتضمن نصوص الاتفاقات والمعاهدات .

أما في معناها العام الحديث فيمكن تعريفها على أنها مجموعة المفاهيم والقواعد و الإجراءات والمراسم والمؤسسات والأعراف الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والممثلين الدبلوماسين ، بهدف خدمة المصالح العليا(الأمنية والاقتصادية ) والسياسات العامة وللتوفيق بين مصالح الدول بواسطة الاتصال وااتبادل و إجراء المفاوضات السياسية وعقد الاتفاقات والمعاهدات الدولية و تعتبر دبلوماسية أداة رئيسية من أدوات تحقيق أهداف السياسة الخارجية التأثير على الدول و الجماعات الخارجية بهدف استمالتها وكسب تأييدها بوسائل شتى منها ما هو إقناعي وأخلاقي ومنها ما هو ترهيبي ( مبطن ) و غير أخلاقي . وبالإضافة إلى توصيل المعلومات للحكومات والتفاوض معها تعنى الدبلوماسية بتعزيز العلاقات بين الدول وتطويرها في المجالات المختلفة و بالدفاع عن مصالح وأشخاص رعاياها في الخارج وتمثيل الحكومات فى المناسبات والأحداث إضافة إلى جمع المعلومات عن أحوال الدول والجماعات الخارجية وتقييم مواقف الحكومات والجماعات إزاء قضايا راهنة أو ردات فعل محتملة إزاء سياسات أو مواقف مستقبلية . تعود جذور الدبلوماسية إلى التاريخ البشري القديم حين نشأت استجابة لضرورة تنظيم العلاقات بين القبائل و الشعوب ( كالمصريين والبابليين و الآشوريين ) حيث مارس المبعوث دوراًَ سياسياً يعتبر في طليعة الأدوار السياسية الواضحة في المجتمعات الإنسانية. أما مهمة المبعوث فكانت إقامة التفاهم حول قضايا مختلف عليها كتقسيم المياه أو تحديد مناطق الصيد لكل من الأطراف أو إقامة التحالف ضد أطراف ثالثة او إعلان الحرب أو إبرام الصلح وتبادل الأسرى أو الوصول إلى الاتفاقيات التجارية وقد حاول اليونان و الرومان تنظيم هذه المهام بواسطة مبعوثين كانوا يسمونهم egatis ثم سارت الكنيسة المسيحية على نفس المنوال عندما أخذت مبعوثين مقيمين .

أما بالنسبة لعرب الجاهلية فكانت القبائل ترسل الوفود للتهاني والتعازي والتشاور و التفاوض و التحالف ، وقد عرفوا وظيفة (( سفارة )) وعرف عن بني عدي ، من بطون قريش ، توليهم السفارة قبل الإسلام وفي فجرالإسلام قام الرسل بمهام تبليغ الإنذار قبل البدء في القتال وتسوية المسائل المتعلقة بالهدنة و الصلح و تبادل الأسرى وتحريرهم بعد انتهاء الحرب .

وقد قام النبي العربي بإيفاد عدد من الرسل إلى كثير من رؤساء القبائل العربية التي قبل معظمهم الدعوة إلى اعتناق الإسلام . كما أوفد النبي الرسل إلى النجاشي ملك الحبشة والمقوقس ملك مصر وهرقل امبراطور الروم وكسرى ملك فارس وكانوا يحملون معهم كتباً متوجة بعبارة ((سلام على من اتبع الهدى)) يدعوهم فيها النبي إلى اعتناق الإسلام .

وقد استقبل الرسل من قبل الملوك والأباطرة بالتكريم عدا كسرى الفرس الذي مزق الكتاب المرسل معلناً بذلك الحرب على المسلمين . وقد حذا الخلفاء حذو الرسول في إيفاد الرسل والكتب والبعثات الدبلوماسية التي تنوعت أغراضها فعلاوة على تسوية الخلافات وعقد المعاهدات التجارية وتهنئة الحكام والملوك بتولي الحكم أو الزواج فقد شملت هذه البعثات الأغراض العلمية والثقافية إلى جانب الرغبة في معرفة أحوال الدول الأخرى لأسباب نفسية واجتماعية واقتصادية وحربية .

وقد توخى العرب انتقاء الرسل وفق توافر مواصفات معينة فيهم منها الجسامة والوسامة والثقافة والفصاحة والحصافة والعراقة والحلم . كما أن الدولة الإسلامية منحت الرسل الوافدين إليها الأمان والسلام طوال إقامتهم في ربوعها ، حتى عندما كان الفربحة يلجأون إلى الغدر برسل العرب كما حصل في عهد صلاح الدين الأيوبي إبان الحروب الصليبية ويعتبر مؤرخو الدبلوماسية أن المرحلة الثانية من مراحل الدبلوماسية نشأت مع إقدام جمهورية البندقية على إيفاد دبلوماسيين مقيمين ، وذلك إبان ازدهار تجارتها و نمو سلطانها البحري والحربي ، إلى القسطنطينية و روما ( مركز البابا الكاثوليكي ) والدول الإيطالية الرئيسية ، حيث عمدت إل نشر الفتن وحبك المؤامرات بواسطة مبعوثيها الدبلوماسيين . واستمر هذا المفهوم التآمري للدبلوماسية فترة من الزمن حتى أن بريطانيا حظرت على أعضاء البرلمان ( 1653) التحدث إلى أي ديبلوماسي أجنبي . وقد أرست معاهدة وستفاليا الموقعة عام 1648 قواعد الدبلوماسية الدائمة والمقيمة - وإن لم تحسم بوضوح نهائى مسألة امتيازاتها وحصاناتها - عندما نشيت مبدأ المساواة الحقوقية بين الدول ( وكان عددها آنذاك 12 ‏دولة أوروبية ) ورسخت فكرة التوازن الأوروبي كضرورة من ضرورات السلام والأمن في القارة الأوروبية أما المرحلة الثالثة من تطور الدبلوماسية فتؤشر بانعقاد مؤتمر فيينا عام 1815( سقوط نابليون الأول ) والتي امتدت حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، وتميزت بتأثرها بكتابات أساطين القانون الدولي ‏من أمثال غروشيوس وجنتليس ودي كاليير ، فاكتسبت العلاقات الدبلوماسية قواعد ثابتة وأسساً واضحة وترسخت مع مرور الزمن من خلال احترام لها وعملها بها .

وفي هذه المرحلة ترسخ البروتوكول الدبلوماسي كوسيلة من وسائل تمكين الدبلوماسي من شرح موقف حكومته بتعابير دقيقة ومهذبة . كما أصبح السفراء ممثلين للدولة لا لشخص الملك بالذات ومنتظمين في كادر يتمتع بكيان خاص ، وتناقض دور السفراء في التجسس والتخريب وتركزت مهامهم في إطلاع دولتهم على جميع ما يجري في البلاد المعتمدين لديها والإسهام في إيجاد الحلول اللاعنفية للمنازعات الدولية انطلاقاً من الحفاظ على موازين القوى .

أما العمل الدبلوماسي نفسه فاتسم بالسرية والكتمان وحصرت المعلومات الخاصة به بأشخاص قلائل وبالتالي تمتع السفراء بمرونة كبيرة وحرية في العمل وكانت تقاريرهم موضع ثقة واحترام من مسؤوليهم .وفي تلك الفترة تعززت فكرة الامتيازات والحصانات الدبلوماسية انطلاقاً من توفير الاطمئنان العام لتمكين الدبلوماسيين من القيام بمهامهم من التعبيرعن الاحترام للدولة الأخرى والحرص على حسن العلاقات معها وبالتالي فإن الاساءة لمبعوثيها تعني الاساءة للدولة الأخرى قد يؤدي ذلك إلى توتر العلاقات لدرجة إعلان الحرب بين الدول .