منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#61975
"متى ينتهي حكم الإخوان أم ستنتهي جماعة الإخوان؟!" سؤال طرح في بعض فضائيات الإعلام السياسي ، وبغض النظر عن الخلفيات السياسية لهذه القنوات إلا أن السؤال يستحق الوقوف عنده والإجابة عليه ، ومن واقع خبرتي العلمية والعملية سأجتهد الإجابة



وصف نظام الحكم الحالي بأنه حكم الإخوان وصف غير دقيق لاعتبارات الشكل والمضمون ، من حيث الشكل ، الرئيس مرسي أول رئيس مدني لمصر منذ خمسينيات القرن الماضي ، و الواقع يؤكد أن هيمنة الرئيس الحالي والقادم لم تعد هي كسابقتها لحكام مصر في الضبط والسيطرة والهيبة ، ثم تأتي حكومة الدكتور قنديل المكونة من 35 وزارة منها 9 وزارات محسوبة على الجماعة لا توجد منها وزارة واحدة سيادية ،وعلى مستوى المحافظين والإدارات المحلية فالتواجد الإخواني قليل ونادر لا يتجاوز 4 أماكن "محافظ واحد و3 نواب " ومن حيث المضمون الحكومة الحالية والحكومات القادمة سيظل دورها الأساسي هو إطفاء الحرائق المشتعلة منذ قيام ثورة 25 يناير بفعل بقايا نظام مبارك وكتائب الإعدام الداعمة في السياسة والإعلام والشارع ، الحكومة الحالية والحكومات القادمة لن تتمكن تنفيذ أي برامج حزبية والناجح فيها سيتقدم خطوات قصيرة في ملفات لقمة العيش والأمن والنظافة والمرور وهي طلبات محدودة تقع في مسئولية إدارة المحليات لا إدارة الحكومات ، أما بقاء أي حكومة أو رحيلها فتحكمه الإرادة الشعبية عبر صندوق الاقتراع والواقع يؤكد أن وصاية ما تسمى بالنخبة السياسية والإعلامية على الإرادة الشعبية ونتائج الصناديق رهان فاشل بشواهد سابقة أكدتها نتائج الاستفتاءات والانتخابات السابقة واللاحقة لثورة 25 يناير وأن المعارضة مجتمعة ومتفرقة تفتقد الزخم الشعبي والثقة التصويتية ، نعم الغبار الإعلامي الكثيف يسحب من رصيد الرئاسة والحكومة لكن المؤكد أن الرصيد المخصوم لا يذهب لأحد ويبقى معلقاً في الفراغ ثم يضاف للأكثر تواجداً وخدمة والذي هو في الأخير يصب في المربع الإسلامي بصفة عامة ، في جميع الأحوال الإخوان جزء من الحكومة الحالية والقادمة باختلاف النسبة الوزنية لحجم وكم التواجد كانعكاس طبيعي للتواجد في الشارع والبرلمان والذي من المؤكد أنه لن يزول ولكن يزيد أو ينقص

جماعة الإخوان

زوال جماعة الإخوان قد يكون أمنية بعض المعارضة غير الواعية وهي مشاعر سلبية بالمطلق ضد فصيل وطني له تاريخ ورصيد وجمهور غير متوفر لجميع الأحزاب والتيارات السياسية ، بل زوال كيان وطني بحجم الجماعة يمثل تهديداً للأمن القومي المصري والعربي والإسلامي حيث كانت الجماعة ومازالت حائط صد أمام تيارات خارجية طامحة وطامعة في مصر والمنطقة ، الجماعة كانت وما زالت صمام آمان رغم الصراع السياسي البغيض الذي يسود المشهد العام ، حين تصدت لموجات الانحلال العقدي والخلقي في نهاية الخمسينيات وبدايات الستينيات وقت توغلت الشيوعية في مصر والمنطقة وكانت حائط صد ضد التشدد والعنف في التسعينيات عندما انتشرت الجماعات الإسلامية المتحمسة وغير الواعية ، وعلى مستوى الواقع من المستحيل زوال الجماعة لاعتبارات بنيوية وفكرية توفرت لها منذ النشأة ولم تتوفر لغيرها منها، وجود القيادة والمنهج والأعضاء ، ومنها تجاوز الجماعة كل مخاطر الزوال والذوبان خاصة في عهود الاستبداد والقمع ، مخاطر الانشقاق التنظيمي والانحراف الفكري والاختراق الأمني ، بل مازالت الجماعة رغم أجواء الانفتاح والحريات مستمسكة بشروط العضوية ومواصفات التوثيق والتضعيف ، وفي الأخير إصرار الجماعة وبقوة على محاضنها التربوية التاريخية "الأسرة " التي تورث فيها الفكرة وتحرس بها التنظيم

خلاصة المسألة .. بقاء الحكومات أو زوالها مرهون بالإرادة الشعبية وهي متغيرة وهذه طبيعة النظم الديمقراطية وأجمل ما فيها ، وبقاء الكيانات وزوالها مرهون بمقومات بنيوية وعقدية ومعنوية وهو يتوفر للإخوان دون غيرهم ولا يرتبط بالحالة المزاجية أو النفسية لبعض الساسة والإعلاميين أو كسالى و نشطاء الانترنت .



للكاتب : محمد السروجي