امريكا.. نفاق الديمقراطية وأكذوبة الحرية
مرسل: السبت مايو 04, 2013 3:51 pm
أمريكا.. نفاق الديمقراطية وأكذوبة الحرية
شعبان عبدالرحمن
10 أبريل, 2013
لعلها كانت مفاجأة كبيرة لكثيرين، تلك الانتفاضة التي انتابت الإدارة الأمريكية والإعلام الأمريكي معاً لاستدعاء مذيع «ساقط» للتحقيق معه أمام القضاء المصري بتهمة ازدراء الدين الإسلامي وإهانة رئيس الدولة. «البيت الأبيض» أعرب عن قلقه، والخارجية الأمريكية، وأكثر من ست عشرة صحيفة أمريكية معظمها ذات ارتباط بدوائر صهيونية خرجت تستنكر الاستدعاء – مجرد استدعاء – لبطل الحرية المظفر! والشماعة هي الدفاع عن حرية الرأي والتعبير التي تعدُّ من القيم الأساسية لتقدُّم المجتمعات.. هكذا يقولون، والحقيقة أن حرية الرأي والتعبير بريئة من «باسم يوسف» ومن أصدقائه الذين دافعوا عنه؛ لأن الهدف حماية الرجل في أداء مهمته الكبرى في السبِّ والسخرية الهابطة التي يندى لها جبين كل صاحب خُلق.. هو – إذاً – أداة مفيدة للسياسة الأمريكية الصهيونية؛ ولذا وجب الدفاع عنه، بل ويقوم الإعلامي المعروف «جون ستيوارت» (يهودي)، مقدم برنامج « The Daily Show» على شبكة «CNN» حلقة كاملة على نسق حلقات «باسم» تضامناً معه.. أقصد تضامناً مع حرية الرأي والإبداع!
إنهم كاذبون، فهم قتلة حرية الرأي ومغتالو حرية التعبير، وسِجِلهم متخم ومكلل بالعار والسواد، فحرية «باسم» التي أقاموا الدنيا ولم يقعدوها دفاعاً عنها هي نفسها الحرية التي أطاحت بكبير مذيعي شبكة «CNBC» «مارك هالبيرين»؛ إذ تم وقفه عن العمل وتحويله للتحقيق لسبِّه الرئيس «أوباما»، كما تم تهديد الشبكة بقطع إرسالها.
وهي نفسها الحرية التي قامت على أساسها شبكة «CNN» الأمريكية بالتنكيل بأحد مقدمي برامجها؛ لأنه مسَّ يهودية «جون ستيوارت» بطل الدفاع عن حرية الساقط «باسم»، ففي مساء الأول من أكتوبر عام 2010م وجهت الشبكة رسالة مقتضبة للسيد «ريك سانشيز» تقول: «ريك سانشيز لم يعد مع الشركة، ونشكر «ريك» على السنوات التي أمضاها في الخدمة ونتمنى له الخير».. يومها وبهذا البيان المقتضب أعلنت «CNN» نعياً جديداً لحرية الرأي، وأعلنت في الوقت ذاته عن سقوط قناع جديد من أقنعة الديمقراطية الغربية الحديثة.
وقصة الإعلامي الشهير «ريك سانشيز» الذي كان يقدم برنامجاً ناجحاً في محطة (CNN) معروفة فقد ظهر الرجل الكوبي المولد (يوليو عام 1958) في مقابلة مع إذاعة فضائية، وساق مجموعة من الانتقادات لزميله في المحطة «جون ستيوارت»؛ حيث اتهمه بالتعصب ضد كل من يختلف عنه، وقال: إن جميع من يعملون في «CNN» وفي محطات أخرى مشابهون لـ«ستيوارت»، وعندما قيل له: إن «ستيوارت» يهودي، وإنه مثله من الأقليات، قال: لا أعتقد أن اليهود في هذا البلد من الأقليات المضطهدة.
وقال: إن «ستيوارت» أساء إليه في برنامجه أكثر من عشرين مرة خلال الشهور القليلة الماضية، واصفاً إياه بالغباء لأن أصله كوبي.
وكانت القشة التي قصمت ظهر «سانشيز»، هي المساس بيهودية «ستيوارت»، فكان مصيره كمصير من سبقه؛ الفصل من العمل، والحصار التام في الحياة الاجتماعية.. والقائمة في هذا المجال تطول.
ولعلنا لم ننسَ ما حدث مع عميدة الصحافة الأمريكية «هيلين توماس» (92 عاماً)، لمجرد قولها: «على اليهود أن يعودوا إلى بلادهم ويتركوا فلسطين لأهلها»، في معرض حديثها الودي المرتجل مع أحد الصحفيين خلال حضورها احتفالاً في «البيت الأبيض» يوم السابع من يونيو 2010م.. انهالت الانتقادات والشتائم عليها من أكثر من مليون و100 ألف شاهدوا لقطات تصريحها في الساعات الأولى بعد بثه!
قامت عليها الدنيا ولم تقعد، ولم يشفع تاريخها الطويل في عالم الصحافة، الذي غطت خلاله أخبار عشرة رؤساء أمريكيين، منذ عهد الرئيس «جون كنيدي» حتى عهد الرئيس «أوباما» (من عام 1960 – 2010م).
والسهام الطائشة نفسها من شبكة «CNN» أصابت في يوليو 2010م الإعلامية الأمريكية من أصل لبناني «أوكتافيا نصر»، رئيسة قسم الشرق الأوسط في الشبكة، بسبب رسالة إلكترونية نشرتها وضمنتها إعجابها بالمرجع الشيعي اللبناني الراحل محمد حسين فضل الله.. فكان القرار بفصلها دون نقاش.
لقد أصبح اليهود والسامية «عجلاً مقدساً» لدى الغرب، وأصبح المساس بهم – مجرد المساس – جريمة تماثل الخيانة العظمى، التي يلقى من يجرؤ على ارتكابها الإعدام المعنوي والحصار الوظيفي والتنكيل المعيشي، خاصة بعد إصدار الأمم المتحدة – بضغوط صهيونية – قراراً بالتوافق في 26 يناير 2007م، يدين دون تحفظ أي إنكار لمحرقة اليهود، وإصدار الإدارة الأمريكية قانوناً يجرم معاداة السامية، وسار عدد من الدول الأوروبية في هذا الاتجاه! وما جرى للمفكر الفرنسي «رجاء جارودي» حينما تحدث في كتابه «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» عام 1989م عن كذب الأرقام المعلنة عن ضحايا أفران الغاز من اليهود في المحرقة النازية (الهولوكست)، فتم تقديمه للمحاكمة، وتعرض لحملة إعلامية وسياسية شرسة ألقت به في غياهب النسيان داخل بلاده.. ثم ما جرى للمؤرخ البريطاني «ديفيد إيفرنج» (69 عاماً) كان مشابهاً.
ولذلك فقد أدرك كُتَّاب كبار وساسة عظام ورؤساء دول عواقب الإفصاح عن آرائهم الحقيقية في اليهود، حتى لا يتم التنكيل بهم، فكتم البعض أنفاسه دون أن ينبس ببنت شفة.
وبعد.. ألم يختطفوا مصور «الجزيرة» سامي الحاج، ويلقوا به في غياهب «جوانتانامو» ولم يفعل يومها شيئاً سوى أنه فضح وحشيتهم في أفغانستان بكاميرته؟ ألم يقتلوا مراسل «الجزيرة» طارق أيوب في العراق ولم يكن إلا معبِّراً عن رأيه وناقلاً أميناً للخبر، إنهم يصفقون للحرية عندما تتحرك رياحها في سبيل مصالحهم، أما إذا تحولت إلى عاصفة عليهم فمصيرها القتل مع سبق الإصرار والترصد.. إنهم منافقون!
…………………………..
شعبان عبدالرحمن
10 أبريل, 2013
لعلها كانت مفاجأة كبيرة لكثيرين، تلك الانتفاضة التي انتابت الإدارة الأمريكية والإعلام الأمريكي معاً لاستدعاء مذيع «ساقط» للتحقيق معه أمام القضاء المصري بتهمة ازدراء الدين الإسلامي وإهانة رئيس الدولة. «البيت الأبيض» أعرب عن قلقه، والخارجية الأمريكية، وأكثر من ست عشرة صحيفة أمريكية معظمها ذات ارتباط بدوائر صهيونية خرجت تستنكر الاستدعاء – مجرد استدعاء – لبطل الحرية المظفر! والشماعة هي الدفاع عن حرية الرأي والتعبير التي تعدُّ من القيم الأساسية لتقدُّم المجتمعات.. هكذا يقولون، والحقيقة أن حرية الرأي والتعبير بريئة من «باسم يوسف» ومن أصدقائه الذين دافعوا عنه؛ لأن الهدف حماية الرجل في أداء مهمته الكبرى في السبِّ والسخرية الهابطة التي يندى لها جبين كل صاحب خُلق.. هو – إذاً – أداة مفيدة للسياسة الأمريكية الصهيونية؛ ولذا وجب الدفاع عنه، بل ويقوم الإعلامي المعروف «جون ستيوارت» (يهودي)، مقدم برنامج « The Daily Show» على شبكة «CNN» حلقة كاملة على نسق حلقات «باسم» تضامناً معه.. أقصد تضامناً مع حرية الرأي والإبداع!
إنهم كاذبون، فهم قتلة حرية الرأي ومغتالو حرية التعبير، وسِجِلهم متخم ومكلل بالعار والسواد، فحرية «باسم» التي أقاموا الدنيا ولم يقعدوها دفاعاً عنها هي نفسها الحرية التي أطاحت بكبير مذيعي شبكة «CNBC» «مارك هالبيرين»؛ إذ تم وقفه عن العمل وتحويله للتحقيق لسبِّه الرئيس «أوباما»، كما تم تهديد الشبكة بقطع إرسالها.
وهي نفسها الحرية التي قامت على أساسها شبكة «CNN» الأمريكية بالتنكيل بأحد مقدمي برامجها؛ لأنه مسَّ يهودية «جون ستيوارت» بطل الدفاع عن حرية الساقط «باسم»، ففي مساء الأول من أكتوبر عام 2010م وجهت الشبكة رسالة مقتضبة للسيد «ريك سانشيز» تقول: «ريك سانشيز لم يعد مع الشركة، ونشكر «ريك» على السنوات التي أمضاها في الخدمة ونتمنى له الخير».. يومها وبهذا البيان المقتضب أعلنت «CNN» نعياً جديداً لحرية الرأي، وأعلنت في الوقت ذاته عن سقوط قناع جديد من أقنعة الديمقراطية الغربية الحديثة.
وقصة الإعلامي الشهير «ريك سانشيز» الذي كان يقدم برنامجاً ناجحاً في محطة (CNN) معروفة فقد ظهر الرجل الكوبي المولد (يوليو عام 1958) في مقابلة مع إذاعة فضائية، وساق مجموعة من الانتقادات لزميله في المحطة «جون ستيوارت»؛ حيث اتهمه بالتعصب ضد كل من يختلف عنه، وقال: إن جميع من يعملون في «CNN» وفي محطات أخرى مشابهون لـ«ستيوارت»، وعندما قيل له: إن «ستيوارت» يهودي، وإنه مثله من الأقليات، قال: لا أعتقد أن اليهود في هذا البلد من الأقليات المضطهدة.
وقال: إن «ستيوارت» أساء إليه في برنامجه أكثر من عشرين مرة خلال الشهور القليلة الماضية، واصفاً إياه بالغباء لأن أصله كوبي.
وكانت القشة التي قصمت ظهر «سانشيز»، هي المساس بيهودية «ستيوارت»، فكان مصيره كمصير من سبقه؛ الفصل من العمل، والحصار التام في الحياة الاجتماعية.. والقائمة في هذا المجال تطول.
ولعلنا لم ننسَ ما حدث مع عميدة الصحافة الأمريكية «هيلين توماس» (92 عاماً)، لمجرد قولها: «على اليهود أن يعودوا إلى بلادهم ويتركوا فلسطين لأهلها»، في معرض حديثها الودي المرتجل مع أحد الصحفيين خلال حضورها احتفالاً في «البيت الأبيض» يوم السابع من يونيو 2010م.. انهالت الانتقادات والشتائم عليها من أكثر من مليون و100 ألف شاهدوا لقطات تصريحها في الساعات الأولى بعد بثه!
قامت عليها الدنيا ولم تقعد، ولم يشفع تاريخها الطويل في عالم الصحافة، الذي غطت خلاله أخبار عشرة رؤساء أمريكيين، منذ عهد الرئيس «جون كنيدي» حتى عهد الرئيس «أوباما» (من عام 1960 – 2010م).
والسهام الطائشة نفسها من شبكة «CNN» أصابت في يوليو 2010م الإعلامية الأمريكية من أصل لبناني «أوكتافيا نصر»، رئيسة قسم الشرق الأوسط في الشبكة، بسبب رسالة إلكترونية نشرتها وضمنتها إعجابها بالمرجع الشيعي اللبناني الراحل محمد حسين فضل الله.. فكان القرار بفصلها دون نقاش.
لقد أصبح اليهود والسامية «عجلاً مقدساً» لدى الغرب، وأصبح المساس بهم – مجرد المساس – جريمة تماثل الخيانة العظمى، التي يلقى من يجرؤ على ارتكابها الإعدام المعنوي والحصار الوظيفي والتنكيل المعيشي، خاصة بعد إصدار الأمم المتحدة – بضغوط صهيونية – قراراً بالتوافق في 26 يناير 2007م، يدين دون تحفظ أي إنكار لمحرقة اليهود، وإصدار الإدارة الأمريكية قانوناً يجرم معاداة السامية، وسار عدد من الدول الأوروبية في هذا الاتجاه! وما جرى للمفكر الفرنسي «رجاء جارودي» حينما تحدث في كتابه «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» عام 1989م عن كذب الأرقام المعلنة عن ضحايا أفران الغاز من اليهود في المحرقة النازية (الهولوكست)، فتم تقديمه للمحاكمة، وتعرض لحملة إعلامية وسياسية شرسة ألقت به في غياهب النسيان داخل بلاده.. ثم ما جرى للمؤرخ البريطاني «ديفيد إيفرنج» (69 عاماً) كان مشابهاً.
ولذلك فقد أدرك كُتَّاب كبار وساسة عظام ورؤساء دول عواقب الإفصاح عن آرائهم الحقيقية في اليهود، حتى لا يتم التنكيل بهم، فكتم البعض أنفاسه دون أن ينبس ببنت شفة.
وبعد.. ألم يختطفوا مصور «الجزيرة» سامي الحاج، ويلقوا به في غياهب «جوانتانامو» ولم يفعل يومها شيئاً سوى أنه فضح وحشيتهم في أفغانستان بكاميرته؟ ألم يقتلوا مراسل «الجزيرة» طارق أيوب في العراق ولم يكن إلا معبِّراً عن رأيه وناقلاً أميناً للخبر، إنهم يصفقون للحرية عندما تتحرك رياحها في سبيل مصالحهم، أما إذا تحولت إلى عاصفة عليهم فمصيرها القتل مع سبق الإصرار والترصد.. إنهم منافقون!
…………………………..