منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
#62030
تشكل العولمة السياسية أكثر الأبعاد حيوية ، حركية و خطورة للعولمة ، إذ أنها لا تقوم فقط بإعادة النظر في المنطلقات الأساسية للدولة بجعلها أكثر ارتباطا بمحورية الإنسان و حقوقه و لكن أيضا بتنميط مجموعة قواعد التفاعل السياسي الداخلي و الوطني مع فرض تصورات منمذجة لأساليب الحكم .


فالعولمة السياسية، و إن كانت مرتبطة إلى حد بعيد بالمنطق الجدلي للفلسفة النيوليبرالية ، ولكنها أيضا تعكس التصورات و الطروحات التي أفرزها عالم ما بعد الحرب الباردة و التي تهدف لخلق نموذج حكم صالح لكل الأوطان والشعوب و الثقافات تماشيا مع منطق العالم الرافض للنسبية و الفارض للقيم المنمطة و الأنمطة المنمذجة .

فالعولمة السياسية تقوم على مجموعة من المحددات التأسيسية لهذا المنطق :

-- ضرورة بناء تصور موحد و إلزامي لحقوق الإنسان لا تعترف لا بالثقافة و لا بالدين و لا تعترف بالحدود، و لا بالسيادة و لا بالاختصاص الداخلي للدولة. فهنا نجد أولوية الإنسان على الدولة و أولوية منطق حاجات الإنسان على منطق أمن الدولة .

1- جعل الديمقراطية نظام الحكم الوحيد القادر على التكيف مع منطلقات العولمة.

2- جعل الديمقراطية حقا يستخدم لتغيير الأنظمة السياسية باسمه، و ترفض الأنظمة الإنقلابية باسم، و يتدخل في الشؤون الداخلية باسمه كما كان في حال تدخل الأمم المتحدة ، عن طريق تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في هايتي سنة 1994 لإرجاع نظام حكم منتخب بعد أن كان ضحية انقلاب عسكري.

3- تفعيل منطق دولة الحق و القانون .

4- بناء منطق المجتمع التعددي بخلق حراك اجتماعي و سياسي مؤثر يتمحور حول المجتمع المدني.

5- أما المحدد الأخير فيهدف إلى خلق آليات الرشادة و العقلانية السياسية عن طريق فرض فلسفة الحكم الراشد .


فمن هنا يظهر أن العولمة السياسية هي حركية تهدف لجعل العالم يحكم بنفس المنطق السياسي ، بنفس المنطلقات القيمية المرتبطة بالتصور الغربي لحقوق الإنسان ، و يهدف لجعل كل الدول تحكم بمنطق الديمقراطية المشاركاتية و الحكم الراشد في حال عدم تعارضها مع مصالح القوى المهيمنة .






مقالة الاستاذ الدكتور / امحند برقوق : أستاذ محاضر في العلوم السياسية (جامعة الجزائر) و المعهد الديبلوماسي و العلاقات الدولية (وزارة الخارجية) مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية -الجزائر- .