- السبت مايو 04, 2013 10:17 pm
#62129
سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
--------------------------------------------------------------------------------
لقد كان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذو عقل وتفكير سياسي قل نظيرة، فجزئيات سياسة عمر في الإدارة والقضاء والإقتصاد والحكم كثيرة كثيرة، لا نستطيع حصرها ولا عدَّها، وقد حاول ثلة من الباحثين والمطلعين القيام بذلك، ونال جماعات منهم أعلى الدرجات العلمية في دراسات جذرية عالجت ذلك، وها هو واحد منهم – وهو الدكتور فاروق مجدلاوي – يخص (الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب) بالبحث لنيل العالمية (الدكتوراه) من جامعة (كوست كاليفورنيا) بأمريكا، ونوقشت رسالته في 10/12/1990م إبان (أزمة الخليج)، وذدمته لجنة المناقشة – آنذاك – بسؤال خارج عن موضوعه، وهذا نصه:
لو كان عمر بن الخطاب حيا في هذا الوقت؟ فما هو موقفه من الأحداث التي قام بها صدام حسين في الكويت؟ وما هو موقفه من الإجراءات التي اتخذها المجتمع الدولي بما في ذلك جامعة الدول العربية لهذه الأحداث؟
وأجاب بقوله:
أيها السادة الكرام، أعضاء هيئة المناقشة بجامعة كوست كاليفورنيا بأمريكا:
أي عمر تقصدون؟! إن كان عمر بن الخطاب رجل الدولة العربية الإسلامية الأولى الذي يرقد في قبره مستريحا في المدينة المنورة بالقرب من صاحبيه، والذي حكم أكبر وأوسع دولة في القرون الوسطى (634 – 633) بالعدل والقسطاس بين كل رعايا الدولة آنذاك من المسلمين، ونصارى ويهود ومجوس، فإنني أعتقد – كباحث في حكم إدارة عمر – أنه سيطلب منكم أن تمهلوه عاما أو عامين على الأقل ليدرك ويفهم ماذا جرى من بعده خلال هذه السنين الطويلة!
وأعتقد أن سيكتشف أن العالم في القرن العشرين ليس له علاقة على الإطلاق بالقرن السادس ( العصور الوسطى )، وسيدرك أن العالم اليوم يسوده الظلم والفساد، وأن الحاكم والمحكوم في كافة أرجاء هذا الكون لا يمتون بصلة إلى عصره وعهده الذي ساده العدل والحرية والعدالة الإجتماعية، احترام القيم الإنسانية، وحق الإنسان الذي ولدته أمه حرا.
ولهذا سيطلب منكم أيها السادة إعادته إلى قبره في المدينة المنورة ليستريح فيه
أما إذا كان المقصود بالسؤال فكر عمر، وعدالة عمر، وحزم عمر، وهيبته في تطبيق الحق، وإزهاق الباطل، فهذا شأن آخر
وعليه، وإن سلمنا – جدلا – بأن عمر بن الخطاب – الفكر الإسلامي، والإدارة الناجحة، والعدالة، والأمن، والأمان – حيٌّ في هذا الوقت، فإن نظرته، وموقفه، وإجتهاده لما جرى من أحداث تتعلق بأزمة الخليج سيكون مبنيا على الأسس والمبادئ الرئيسية التي اعتمد عليها في حكمه، وقضائه العادل، وإدارته الناجحة للدولة والرعية، وهي:
القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وإجتهاد أهل الرأي والمشورة من الصحابة الذين عاشوا معه، وكانوا حوله لاستشارتهم في أي أمر هام يستجد لم يرد فيه نص قرآني، أو حديث نبوي، أو حادث مماثل قد وقع للقياس عليه.
ففي عهد عمر أصبحت الشورى ذات أهمية قصوى لمواجهة المستجدات بعد الفتوحات السريعة والكبيرة التي حققها المسلمون آنذاك.
وقد كان عمر يستشير في المسائل الدنيوية العامة، وفي بعض الأمور الفقهية.
ففي هذا السياق نشير إلى أن عمر قد شكل هيئة استشارية عليا في المجتمع الإسلامي ضمت في عهده الصحابة: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وسُميت (أهل الشورى) عهد إليهم بأمر الخلافة من بعد
فكانت بذلك الهيئة السياسية العليا في عهد عمر حتى أواخر أيامه حين طعن.
وإن تلك الحادثة هي الوحيدة التي يمكن أن نقيس عليها رأي عمر فيما حصل في الخليج، دون أن نتطرق إلى الأسباب والمسببات التي أوجبتها هذه الأزمة!
وقبل أن نشير إلى رأي عمر في أزمة الخليج، فإنه تجدر الإشارة إلى ما شغل بال عمر وبال الصحابة (أهل الشورى)، وهو على فراش الموت؟
فقد كان رأي الصحابة أن يستخلف عمر أحداً، فقال: (إن الله تعالى حافظ الدين، سواء استخلفت، أو لم أستخلف، وأي ذلك أفعل فقد سن لي ، إن لم أستخلف فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يستخلف، وإن استخلت فقد استخلف أبو بكر).
وكان اجتهاده الكبير في جعل الخلافة من بعده شورى في ستة من الصحابة هم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، مضيفا إليهم إبنه عبد الله بن عمر لترجيح الكفة إذا تساوت الأصوات.
كذلك دعا إليه الأنصار، وقال لهم: ( أدخلوهم بيتا ثلاثة أيام، فإن استقاموا، وإلا فادخلوا واضربوا أعناقهم).
ودعا أبا طلحة الأنصاري – وكان من الشجعان المعدودين – فقال له: (قم على بابهم، فلا تدع أحدا فيدخل إليهم)، وفي رواية أخرى أنه قال: (فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت أحدهم، فقم على ذلك الباب بأصحابك، فلا تترك أحدا يدخل عليهم، ولا تتركهم يمضي يومهم الثالث حتى يؤمروا أحدهم، اللهم أنت خليفتي عليهم).
وقال للناس: (من تأمَّر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه).ففي ضوء ذلك، فإن رأي عمر بن الخطاب من أزمة الخليج سيكون كما يلي:
1- إعتماد المبادئ الأساسية في الحكم والإدارة الإسلامية، وهي: القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، واجتهاد (أهل الشورى).
2- وضع المشكلة برمتها أمام مجلس الشورى، مع التوصية بوجوب إيجاد حل لها خلال أيام معدودات.
ونعني هنا بمجلس الشورى: قادة الدول العربية والإسلامية قاطبة/ حيث إن المشكلة عربية، إسلامية)
3- التوصية لمجلس الشورى بمحاسبة الظالم، ودفع الظلم عن المظلوم، استنادا إلى قول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما) قالوا: كيف يا رسول الله ننصره ظالما؟ قال : (نردعه عن الظلم).
4- تنفيذ ما يقره أهل الرأي والمشورة (مجلس الشورى) بكل حزم، وشدة، لإحقاق الحق، وإزهاق الباطل.
هذا هو رأي عمر، وموقف عمر في أزمة الخليج دون الحاجة إلى إخراجه من قبره في المدينة المنورة، لأن عالم الأمس واليوم وغدا يعرفون جيدا أن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وقد طبقه كما أمره الله.
وإن نظرية عمر بن الخطاب في الحكم والإدارة – في رأينا – هي السبيل الوحيد لحلاص العالم بأسره مما يتخبط فيه من أنظمة لم تجلب للإنسانية إلا الظلم والفساد، والفقر، والجوع، والإغتصاب، والتشريد، والقتل، والدمار، وعدم الأمن والإستقرار".
اخترتها ودونتها لكم من كتاب السياسة التي يريدها السلفيون للشيخ مشهور بن حسن حفظه الله.
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
التوقيع :
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " كونوا ينابيع العلم، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت ، سُرُجَ الليل، جُدُد القلوب، خُلقَان الثياب، تُعرفون في السماء وتَخفون على أهل الأرض"
--------------------------------------------------------------------------------
لقد كان الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذو عقل وتفكير سياسي قل نظيرة، فجزئيات سياسة عمر في الإدارة والقضاء والإقتصاد والحكم كثيرة كثيرة، لا نستطيع حصرها ولا عدَّها، وقد حاول ثلة من الباحثين والمطلعين القيام بذلك، ونال جماعات منهم أعلى الدرجات العلمية في دراسات جذرية عالجت ذلك، وها هو واحد منهم – وهو الدكتور فاروق مجدلاوي – يخص (الإدارة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب) بالبحث لنيل العالمية (الدكتوراه) من جامعة (كوست كاليفورنيا) بأمريكا، ونوقشت رسالته في 10/12/1990م إبان (أزمة الخليج)، وذدمته لجنة المناقشة – آنذاك – بسؤال خارج عن موضوعه، وهذا نصه:
لو كان عمر بن الخطاب حيا في هذا الوقت؟ فما هو موقفه من الأحداث التي قام بها صدام حسين في الكويت؟ وما هو موقفه من الإجراءات التي اتخذها المجتمع الدولي بما في ذلك جامعة الدول العربية لهذه الأحداث؟
وأجاب بقوله:
أيها السادة الكرام، أعضاء هيئة المناقشة بجامعة كوست كاليفورنيا بأمريكا:
أي عمر تقصدون؟! إن كان عمر بن الخطاب رجل الدولة العربية الإسلامية الأولى الذي يرقد في قبره مستريحا في المدينة المنورة بالقرب من صاحبيه، والذي حكم أكبر وأوسع دولة في القرون الوسطى (634 – 633) بالعدل والقسطاس بين كل رعايا الدولة آنذاك من المسلمين، ونصارى ويهود ومجوس، فإنني أعتقد – كباحث في حكم إدارة عمر – أنه سيطلب منكم أن تمهلوه عاما أو عامين على الأقل ليدرك ويفهم ماذا جرى من بعده خلال هذه السنين الطويلة!
وأعتقد أن سيكتشف أن العالم في القرن العشرين ليس له علاقة على الإطلاق بالقرن السادس ( العصور الوسطى )، وسيدرك أن العالم اليوم يسوده الظلم والفساد، وأن الحاكم والمحكوم في كافة أرجاء هذا الكون لا يمتون بصلة إلى عصره وعهده الذي ساده العدل والحرية والعدالة الإجتماعية، احترام القيم الإنسانية، وحق الإنسان الذي ولدته أمه حرا.
ولهذا سيطلب منكم أيها السادة إعادته إلى قبره في المدينة المنورة ليستريح فيه
أما إذا كان المقصود بالسؤال فكر عمر، وعدالة عمر، وحزم عمر، وهيبته في تطبيق الحق، وإزهاق الباطل، فهذا شأن آخر
وعليه، وإن سلمنا – جدلا – بأن عمر بن الخطاب – الفكر الإسلامي، والإدارة الناجحة، والعدالة، والأمن، والأمان – حيٌّ في هذا الوقت، فإن نظرته، وموقفه، وإجتهاده لما جرى من أحداث تتعلق بأزمة الخليج سيكون مبنيا على الأسس والمبادئ الرئيسية التي اعتمد عليها في حكمه، وقضائه العادل، وإدارته الناجحة للدولة والرعية، وهي:
القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وإجتهاد أهل الرأي والمشورة من الصحابة الذين عاشوا معه، وكانوا حوله لاستشارتهم في أي أمر هام يستجد لم يرد فيه نص قرآني، أو حديث نبوي، أو حادث مماثل قد وقع للقياس عليه.
ففي عهد عمر أصبحت الشورى ذات أهمية قصوى لمواجهة المستجدات بعد الفتوحات السريعة والكبيرة التي حققها المسلمون آنذاك.
وقد كان عمر يستشير في المسائل الدنيوية العامة، وفي بعض الأمور الفقهية.
ففي هذا السياق نشير إلى أن عمر قد شكل هيئة استشارية عليا في المجتمع الإسلامي ضمت في عهده الصحابة: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وسُميت (أهل الشورى) عهد إليهم بأمر الخلافة من بعد
فكانت بذلك الهيئة السياسية العليا في عهد عمر حتى أواخر أيامه حين طعن.
وإن تلك الحادثة هي الوحيدة التي يمكن أن نقيس عليها رأي عمر فيما حصل في الخليج، دون أن نتطرق إلى الأسباب والمسببات التي أوجبتها هذه الأزمة!
وقبل أن نشير إلى رأي عمر في أزمة الخليج، فإنه تجدر الإشارة إلى ما شغل بال عمر وبال الصحابة (أهل الشورى)، وهو على فراش الموت؟
فقد كان رأي الصحابة أن يستخلف عمر أحداً، فقال: (إن الله تعالى حافظ الدين، سواء استخلفت، أو لم أستخلف، وأي ذلك أفعل فقد سن لي ، إن لم أستخلف فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يستخلف، وإن استخلت فقد استخلف أبو بكر).
وكان اجتهاده الكبير في جعل الخلافة من بعده شورى في ستة من الصحابة هم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، مضيفا إليهم إبنه عبد الله بن عمر لترجيح الكفة إذا تساوت الأصوات.
كذلك دعا إليه الأنصار، وقال لهم: ( أدخلوهم بيتا ثلاثة أيام، فإن استقاموا، وإلا فادخلوا واضربوا أعناقهم).
ودعا أبا طلحة الأنصاري – وكان من الشجعان المعدودين – فقال له: (قم على بابهم، فلا تدع أحدا فيدخل إليهم)، وفي رواية أخرى أنه قال: (فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت أحدهم، فقم على ذلك الباب بأصحابك، فلا تترك أحدا يدخل عليهم، ولا تتركهم يمضي يومهم الثالث حتى يؤمروا أحدهم، اللهم أنت خليفتي عليهم).
وقال للناس: (من تأمَّر منكم على غير مشورة من المسلمين فاضربوا عنقه).ففي ضوء ذلك، فإن رأي عمر بن الخطاب من أزمة الخليج سيكون كما يلي:
1- إعتماد المبادئ الأساسية في الحكم والإدارة الإسلامية، وهي: القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، واجتهاد (أهل الشورى).
2- وضع المشكلة برمتها أمام مجلس الشورى، مع التوصية بوجوب إيجاد حل لها خلال أيام معدودات.
ونعني هنا بمجلس الشورى: قادة الدول العربية والإسلامية قاطبة/ حيث إن المشكلة عربية، إسلامية)
3- التوصية لمجلس الشورى بمحاسبة الظالم، ودفع الظلم عن المظلوم، استنادا إلى قول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: (أنصر أخاك ظالما أو مظلوما) قالوا: كيف يا رسول الله ننصره ظالما؟ قال : (نردعه عن الظلم).
4- تنفيذ ما يقره أهل الرأي والمشورة (مجلس الشورى) بكل حزم، وشدة، لإحقاق الحق، وإزهاق الباطل.
هذا هو رأي عمر، وموقف عمر في أزمة الخليج دون الحاجة إلى إخراجه من قبره في المدينة المنورة، لأن عالم الأمس واليوم وغدا يعرفون جيدا أن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه، وقد طبقه كما أمره الله.
وإن نظرية عمر بن الخطاب في الحكم والإدارة – في رأينا – هي السبيل الوحيد لحلاص العالم بأسره مما يتخبط فيه من أنظمة لم تجلب للإنسانية إلا الظلم والفساد، والفقر، والجوع، والإغتصاب، والتشريد، والقتل، والدمار، وعدم الأمن والإستقرار".
اخترتها ودونتها لكم من كتاب السياسة التي يريدها السلفيون للشيخ مشهور بن حسن حفظه الله.
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه
التوقيع :
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " كونوا ينابيع العلم، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت ، سُرُجَ الليل، جُدُد القلوب، خُلقَان الثياب، تُعرفون في السماء وتَخفون على أهل الأرض"