ابعاد التدخل الفرنسي في مالي
مرسل: السبت مايو 04, 2013 11:16 pm
أسئلة كثيرة وأبعاد أكثر يطرحها التدخل العسكري الفرنسي في مالي، والذي يبدو أن باريس اتخذت قرارها بشأنه على عجل، خاصة مع زحف مقاتلي حركتي التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة أنصار الدين جنوبا نحو العاصمة باماكو، وما يحمله ذلك من انعكاسات خطيرة في عدة اتجاهات، أبرزها المصالح الفرنسية والغربية في هذا البلد الأفريقي الغني بالنفط والثروات المعدنية.
كذلك فإن التداعيات المحتملة لهذا التدخل قد لا يمكن حصرها داخل مالي فقط، بالنظر إلى محيطها الجغرافي وحدودها المترامية مع عدة دول أبرزها الجزائر وموريتانيا، وما قد يؤدي إليه تصاعد الاشتباكات من انعكاسات سياسية وأمنية وإنسانية على هذه الدول، لعل أبرزها تدفق آلاف اللاجئين إليها هربا من القتل والقصف. كما أن اشتداد حدة المعارك قد يدفع المتمردين في شمال مالي إلى توسيع العمليات لتشمل دول الجوار، في محاولة لتخفيف الضغط العسكري.
هذه التداعيات المحتملة طغت على الاجتماع المشترك الذي عُقد في مدينة غدامس الليبية بحضور رؤساء وزراء الجزائر وليبيا وتونس، حيث خرج البيان الختامي ليعبر عن القلق العميق من الوضع في مالي، بينما قررت الدول الثلاث إقامة نقاط مراقبة مشتركة وتنسيق دورياتها على الحدود لضمان الأمن ومكافحة تهريب الأسلحة والجريمة المنظمة والمخدرات.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر الدكتور سليم قلالة أن الهدف الأول للتدخل العسكري الفرنسي في مالي هو حماية مصالحها الاقتصادية والسياسية. وقال للجزيرة نت إن فرنسا كقوة استعمارية سابقة في أفريقيا، لم تقبل أن تفقد مناطق نفوذها السابقة لصالح قوى أخرى بدأت تتغلغل إليها كالصين وإيران، لذلك رأت أن الوقت والظروف مناسبان لتدخل يحقق لها هذه الأهداف.
وأضاف قلالة أن فرنسا والدول الغربية بشكل عام تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في منطقة الساحل الأفريقي الذي تأكد وجود احتياطي نفطي كبير فيه، ربما لتعويض أي نقص قد ينتج عن إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي الذي يمر عبره جزء كبير من بترول الخليج العربي إلى الخارج.
وحذر المحلل السياسي الجزائري من أن بلاده ستكون أكبر المتضررين من هذا التدخل، لا سيما أن حدودا طويلة جدا تربطها مع مالي تتجاوز ألف كيلومتر، مما يصعب السيطرة التامة عليها، فضلا عن أن ردود فعل الجماعات المسلحة التي تسيطر على شمال مالي لا يمكن التحكم فيها، وقد تلجأ إلى دخول أراضي الجزائر في حال اشتداد الضغوط عليها.
ويستبعد قلالة نجاح العملية الفرنسية في مالي، متوقعا أن تمنى بخسائر كبيرة قد تدفعها لطلب مساعدة من الولايات المتحدة ودول جوار مالي، مشيرا إلى أن القرار الفرنسي بالتدخل العسكري تم اتخاذه بشكل عاجل دون تنسيق مع دول المنطقة، كما أنه لم يحظ بإجماع دولي حتى وإن كانت باريس قد أجرت مشاورات مع حليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن فكرة التدخل العسكري لم تلق إجماعا دوليا كما حدث في حالة ليبيا.
لكن الخبير الإستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل يختلف مع قلالة في هذه النقطة تحديدا، مؤكدا أن القوات الفرنسية -خاصة القوة الجوية- يمكنها تحقيق النجاح في العملية التي بدأتها في مالي.
ويضيف سيف اليزل في حديث للجزيرة نت من القاهرة أن فرنسا أصابت بحصر مشاركة وحداتها البرية في عدد قليل، لأن التركيز على القوة الجوية يحد من خسائرها ويكثف من خسائر الجماعات المسلحة على الأرض.
سرعة القرار الفرنسي جاءت نتيجة المعطيات الجديدة التي حاول المتمردون هناك فرضها على الأرض بالزحف جنوبا باتجاه باماكو، وهو ما يعني رغبة في السيطرة بشكل كامل على مالي، الأمر الذي يهدد مصالح فرنسا
ولا يرى الخبير الإستراتيجي وجه مقارنة بين تدخل القوات الدولية في ليبيا والتدخل الفرنسي في مالي، موضحا أن الحالة الأخيرة جاءت بطلب مباشر من الحكومة المالية التي تربطها علاقات سياسية وعسكرية وثيقة مع فرنسا، حيث وافق مجلس الأمن الشهر الماضي على نشر القوة التي شكلتها دول غرب أفريقيا، وطلب من الدول الأعضاء "مساعدة القوى الأمنية المالية للحد من التهديد الذي تمثله المجموعات الإرهابية" في الشمال.
في السياق نفسه، اعتبر الأمين العام للجمعية الأفريقية بالقاهرة السفير أحمد حجاج أن سرعة القرار الفرنسي بالتدخل العسكري في مالي جاءت نتيجة المعطيات الجديدة التي حاول المتمردون هناك فرضها على الأرض بالزحف جنوبا باتجاه العاصمة باماكو، وهو ما يعني رغبة في السيطرة بشكل كامل على مالي، الأمر الذي يهدد مصالح فرنسا.
وأوضح حجاج للجزيرة نت أن القرار الفرنسي جاء كذلك بعد ضغوط ومطالب من جانب عدد من الدول الأفريقية خاصة تلك المتحدثة بالفرنسية، فضلا عن أن المتمردين الذين استولوا على شمال البلاد فقدوا تعاطف المواطنين بسبب إجراءاتهم "القمعية" تجاه السكان وهدم أضرحة تمثل قيمة لدى الماليين.
وأضاف أن أكثر دول الجوار التي ستتضرر من العملية العسكرية في مالي هي موريتانيا، مبررا ذلك بأن عددا من المتمردين موريتانيون، كما أن نواكشوط تعاني من أوضاع أمنية واجتماعية واقتصادية هشة لن تحتمل حرب استنزاف طويلة في هذه المنطقة. وتليها في ذلك الجزائر التي ترتبط بحدود طويلة مع مالي.
ويؤكد حجاج الذي شغل في السابق منصب الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا)، أن فرنسا نسقت مع الجزائر ودول الجوار قبل بدء عمليتها العسكرية نظرا لخطورة الأوضاع في مالي، وهي بلد كبير يمكن استغلال أراضيه للتهريب والإرهاب بما يؤثر على منطقة شمال أفريقيا وغربها بالكامل.
كذلك فإن التداعيات المحتملة لهذا التدخل قد لا يمكن حصرها داخل مالي فقط، بالنظر إلى محيطها الجغرافي وحدودها المترامية مع عدة دول أبرزها الجزائر وموريتانيا، وما قد يؤدي إليه تصاعد الاشتباكات من انعكاسات سياسية وأمنية وإنسانية على هذه الدول، لعل أبرزها تدفق آلاف اللاجئين إليها هربا من القتل والقصف. كما أن اشتداد حدة المعارك قد يدفع المتمردين في شمال مالي إلى توسيع العمليات لتشمل دول الجوار، في محاولة لتخفيف الضغط العسكري.
هذه التداعيات المحتملة طغت على الاجتماع المشترك الذي عُقد في مدينة غدامس الليبية بحضور رؤساء وزراء الجزائر وليبيا وتونس، حيث خرج البيان الختامي ليعبر عن القلق العميق من الوضع في مالي، بينما قررت الدول الثلاث إقامة نقاط مراقبة مشتركة وتنسيق دورياتها على الحدود لضمان الأمن ومكافحة تهريب الأسلحة والجريمة المنظمة والمخدرات.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر الدكتور سليم قلالة أن الهدف الأول للتدخل العسكري الفرنسي في مالي هو حماية مصالحها الاقتصادية والسياسية. وقال للجزيرة نت إن فرنسا كقوة استعمارية سابقة في أفريقيا، لم تقبل أن تفقد مناطق نفوذها السابقة لصالح قوى أخرى بدأت تتغلغل إليها كالصين وإيران، لذلك رأت أن الوقت والظروف مناسبان لتدخل يحقق لها هذه الأهداف.
وأضاف قلالة أن فرنسا والدول الغربية بشكل عام تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في منطقة الساحل الأفريقي الذي تأكد وجود احتياطي نفطي كبير فيه، ربما لتعويض أي نقص قد ينتج عن إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي الذي يمر عبره جزء كبير من بترول الخليج العربي إلى الخارج.
وحذر المحلل السياسي الجزائري من أن بلاده ستكون أكبر المتضررين من هذا التدخل، لا سيما أن حدودا طويلة جدا تربطها مع مالي تتجاوز ألف كيلومتر، مما يصعب السيطرة التامة عليها، فضلا عن أن ردود فعل الجماعات المسلحة التي تسيطر على شمال مالي لا يمكن التحكم فيها، وقد تلجأ إلى دخول أراضي الجزائر في حال اشتداد الضغوط عليها.
ويستبعد قلالة نجاح العملية الفرنسية في مالي، متوقعا أن تمنى بخسائر كبيرة قد تدفعها لطلب مساعدة من الولايات المتحدة ودول جوار مالي، مشيرا إلى أن القرار الفرنسي بالتدخل العسكري تم اتخاذه بشكل عاجل دون تنسيق مع دول المنطقة، كما أنه لم يحظ بإجماع دولي حتى وإن كانت باريس قد أجرت مشاورات مع حليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن فكرة التدخل العسكري لم تلق إجماعا دوليا كما حدث في حالة ليبيا.
لكن الخبير الإستراتيجي اللواء سامح سيف اليزل يختلف مع قلالة في هذه النقطة تحديدا، مؤكدا أن القوات الفرنسية -خاصة القوة الجوية- يمكنها تحقيق النجاح في العملية التي بدأتها في مالي.
ويضيف سيف اليزل في حديث للجزيرة نت من القاهرة أن فرنسا أصابت بحصر مشاركة وحداتها البرية في عدد قليل، لأن التركيز على القوة الجوية يحد من خسائرها ويكثف من خسائر الجماعات المسلحة على الأرض.
سرعة القرار الفرنسي جاءت نتيجة المعطيات الجديدة التي حاول المتمردون هناك فرضها على الأرض بالزحف جنوبا باتجاه باماكو، وهو ما يعني رغبة في السيطرة بشكل كامل على مالي، الأمر الذي يهدد مصالح فرنسا
ولا يرى الخبير الإستراتيجي وجه مقارنة بين تدخل القوات الدولية في ليبيا والتدخل الفرنسي في مالي، موضحا أن الحالة الأخيرة جاءت بطلب مباشر من الحكومة المالية التي تربطها علاقات سياسية وعسكرية وثيقة مع فرنسا، حيث وافق مجلس الأمن الشهر الماضي على نشر القوة التي شكلتها دول غرب أفريقيا، وطلب من الدول الأعضاء "مساعدة القوى الأمنية المالية للحد من التهديد الذي تمثله المجموعات الإرهابية" في الشمال.
في السياق نفسه، اعتبر الأمين العام للجمعية الأفريقية بالقاهرة السفير أحمد حجاج أن سرعة القرار الفرنسي بالتدخل العسكري في مالي جاءت نتيجة المعطيات الجديدة التي حاول المتمردون هناك فرضها على الأرض بالزحف جنوبا باتجاه العاصمة باماكو، وهو ما يعني رغبة في السيطرة بشكل كامل على مالي، الأمر الذي يهدد مصالح فرنسا.
وأوضح حجاج للجزيرة نت أن القرار الفرنسي جاء كذلك بعد ضغوط ومطالب من جانب عدد من الدول الأفريقية خاصة تلك المتحدثة بالفرنسية، فضلا عن أن المتمردين الذين استولوا على شمال البلاد فقدوا تعاطف المواطنين بسبب إجراءاتهم "القمعية" تجاه السكان وهدم أضرحة تمثل قيمة لدى الماليين.
وأضاف أن أكثر دول الجوار التي ستتضرر من العملية العسكرية في مالي هي موريتانيا، مبررا ذلك بأن عددا من المتمردين موريتانيون، كما أن نواكشوط تعاني من أوضاع أمنية واجتماعية واقتصادية هشة لن تحتمل حرب استنزاف طويلة في هذه المنطقة. وتليها في ذلك الجزائر التي ترتبط بحدود طويلة مع مالي.
ويؤكد حجاج الذي شغل في السابق منصب الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا)، أن فرنسا نسقت مع الجزائر ودول الجوار قبل بدء عمليتها العسكرية نظرا لخطورة الأوضاع في مالي، وهي بلد كبير يمكن استغلال أراضيه للتهريب والإرهاب بما يؤثر على منطقة شمال أفريقيا وغربها بالكامل.