- الأحد مايو 05, 2013 12:58 am
#62195
مثّل الربيع العربي فرصة تاريخية لإعادة تشكيل المنطقة، سواء من وجهة نظر الشعوب أو من وجهة نظر القوى العالمية؛ فالشعوب أرادت تغيير الأنظمة من أجل إصلاح أوضاعها الداخلية وكذلك السياسات الخارجية لدولها، بعد أن رأت مدى عجز تلك الأنظمة عن حل أي معضلات إقليمية أو ممارسة أي ثقل على مستوى السياسات الإقليمية أو الدولية، فالنظام الإقليمي العربي كله ـ ممثلاً في الجامعة العربية ـ كان مهترئًا وأثبت عجزه عن التأثير في محيطه، وطغت الشخصنة على المصلحة في السياسات البينية بين الدول العربية.
كما رأت القوى الدولية في الربيع العربي أيضًا فرصة لتغيير وجه المنطقة، بتغيير الأنظمة الاستبدادية التي فقدت صلاحيتها بعد أن أثبتت أنها جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل؛ فالأنظمة الاستبدادية زرعت القهر فحصدت العنف بسياساتها القمعية كما أن الغرب كان يأمل في تحول ديموقراطي سلمي للمنطقة بعد أن فشل احتلال العراق في أن يجعلها نموذجًا يحتذى للديموقراطية في العالم العربي، وثبت فشل فرض النموذج السياسي الغربي ـ الديموقراطية ـ بالقوة دون اعتبار لخصوصيات الدول الثقافية والدينية والعرقية والمذهبية، لذا مثل الربيع العربي أيضًا إغراء للقوى الدولية بأن الثورات ستقوم بتحويل المنطقة إلى الديموقراطية الغربية وإلى مزيد من التعاون العربي الغربي.
ولكن بعد مجيء الإسلاميين إلى الحكم في المغرب وتونس ومصر وهيمنتهم على المشهد الليبي واليمني، وانهزام التيار الليبرالي أمام قوى الإسلام السياسي التي استغلت بنجاح حالة الاستقطاب الديني ـ والذي وصل إلى محاربة الدين في بعض الدول ـ واستفادت منه في تجييش الناخبين، فإن الولايات المتحدة أصبحت تعيد النظر في المحددات الحاكمة للعبة السياسية في المنطقة وأصبحت تتردد في دعم الديموقراطية خاصة بعد إغلاق مصر لعدد من منظمات المجتمع المدني الأمريكية والأوروبية، في ظل تنامي خوف الدولة العبرية من أن تصبح البيئة المحيطة بها كلها معادية، لذا فإن الولايات المتحدة تعيد رسم سياساتها للأمن القومي في المنطقة تماشيًا مع ذلك الوضع الجديد، لا سيما مع ما تمثله الثورة السورية من مخاطر بزوغ الإسلاميين في السلطة في ذلك البلد المتاخم لإسرائيل التي تحتل أرضه الجولان.
ويأتي في خضم ذلك كله تصاعد التوتر حول البرنامج النووي الإيراني وإعطاء طهران فرصة أخيرة لوقف برنامجها النووي وعقد محادثات معها، مع التهديد باللجوء إلى الخيار العسكري سواء من الولايات المتحدة أو من إسرائيل منفردة؛ حيث ترى تل أبيب أنها لا تمتلك رفاهية الانتظار التي تمتلكها الولايات المتحدة، فترى واشنطن في النهاية أنها يمكن أن تتعايش مع النووي الإيراني كما تعايشت مع النووي الكوري الشمالي، في حين أن إسرائيل تقع في مدى صواريخ إيران وفي مدى تهديدها النووي، لذا تفكر في اتخاذ قرار منفرد قبل أن يصبح الوقت متأخرًا للغاية، وحينئذ لن تستطيع شن ضربة عسكرية ضد إيران.
والتحول الأهم في الربيع العربي هو التحول على الجبهة السورية؛ فسوريا تحولت إلى صراع طائفي مذهبي يهدد بجر المنطقة كلها إلى حرب إقليمية، فنظام الأسد يهدد بتحويل المنطقة إلى جحيم واستدراج كل من إسرائيل وتركيا وحزب الله وحماس إلى المستنقع السوري بقصفه لكل من إسرائيل وتركيا، ودخول التنظيمات الجهادية القادمة من العراق إلى الجبهة السورية، وكذلك تفاقم المشكلة الكردية العالقة على الحدود التركية السورية، وهو ما يهدد بتغيير خريطة الشرق الأوسط كلية، لا سيما مع وجود الدورين الروسي والصيني في المنطقة وأن موسكو لن تفرط بسهولة في قاعدة طرطوس السورية على البحر المتوسط، التي تعد آخر موطئ قدم لها في المياه الدافئة.
لذا فإن الشرق الأوسط مرشح لأن يتحول إلى ساحة صراع كبرى بين القوى العالمية والإقليمية، وستبدأ الشروخ من سوريا المذهبية والطائفية، لتنذر تلك الشروخ بتصدع النظام الإقليمي بكامله، لا سيما في ظل خوف إسرائيل من تنامي النفوذ التركي أيضًا، بالإضافة إلى وجود النفوذ الإيراني في العراق والخليج العربي.
لذلك فإنه في خضم ذلك كله فمن الأهمية بمكان أن تعيد مصر صياغة محددات أمنها القومي في حقبة ما بعد الثورة لتواكب تلك التغيرات المحلية والإقليمية والدولية، ومن أجل ضبط بوصلتها في عالم المستقبل، ومخاطبة أهم التحديات المتعلقة بتلك التغيرات الهائلة على المستويات الثلاثة الداخلية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى استعدادها في أي وقت لنشوب حروب في المنطقة سواء في سوريا أو إيران، وحساب تداعيات ذلك على الموقف الأمني المصري؛ فالحروب عادة ما تؤدي إلى بروز فرص وتغيير للمنظومة الأمنية، لذلك تنبع أهمية الدراسة من أن مصر يجب أن تكون مستعدة لتلك التغيرات الكبرى في المنطقة، بإعادة صياغة مفهومها للأمن القومي وتعاملها مع أهم القضايا الشائكة في حقبة ما بعد الثورة المصرية.
وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول مدخل نظري لمفهوم الأمن القومي ومستوياته المتعلقة بالتوازن الداخلي والإقليمي والقالب الحضاري للدولة وكذلك الرفاهة الداخلية ثم القدرات العسكرية، كما يتحدث الكتاب عن أبعاد الأمن القومي المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والبيئية والإنسانية، ثم ركائز الأمن القومي وهي الحفاظ على المصالح والأرض والقيم، ثم دوائره التي تبدأ من الفرد ثم الوطن ثم الإقليم ثم الأمن الدولي.
ثم تحدث الكتاب عن أهمية البيئة الداخلية كأهم محددات الأمن القومي للدول، بنظامها العقائدي والقيمي والاجتماعي، وبتجاربها وخبراتها التاريخية وبقدراتها المتاحة وخصائص نظامها السياسي. ثم يتحدث الكتاب بعد ذلك عن الدور المصري قبل ثورة يناير ومرتكزات الأمن القومي في تلك الفترة، ودوائر اهتمام الأمن القومي المصري ثم التهديدات التي واجهته في العصر الحديث وأثر سياسات مبارك على الأمن القومي المصري.
ثم تطرق الكتاب بعد ذلك إلى أمن مصر القومي بعد الثورة والتوجهات الأمنية المختلفة لدول المنطقة، لكل من إسرائيل وإيران وتركيا ثم التوازن العسكري ومحدداته في الإقليم، ثم تحدث الكتاب عن أهم محددات الأمن القومي المصري بعد الثورة من إصلاحات داخلية في مجالات الصحة والاقتصاد والتعليم وكذلك منظومة أمن القيم وأمن المعلومات.ثم تطرق الكاتب بعد ذلك إلى الدائرة الإقليمية للدولة المصرية وأهمية عودة مصر إلى دورها القوي بدور واعد في حقبة ما بعد الثورة المصرية.
كما رأت القوى الدولية في الربيع العربي أيضًا فرصة لتغيير وجه المنطقة، بتغيير الأنظمة الاستبدادية التي فقدت صلاحيتها بعد أن أثبتت أنها جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل؛ فالأنظمة الاستبدادية زرعت القهر فحصدت العنف بسياساتها القمعية كما أن الغرب كان يأمل في تحول ديموقراطي سلمي للمنطقة بعد أن فشل احتلال العراق في أن يجعلها نموذجًا يحتذى للديموقراطية في العالم العربي، وثبت فشل فرض النموذج السياسي الغربي ـ الديموقراطية ـ بالقوة دون اعتبار لخصوصيات الدول الثقافية والدينية والعرقية والمذهبية، لذا مثل الربيع العربي أيضًا إغراء للقوى الدولية بأن الثورات ستقوم بتحويل المنطقة إلى الديموقراطية الغربية وإلى مزيد من التعاون العربي الغربي.
ولكن بعد مجيء الإسلاميين إلى الحكم في المغرب وتونس ومصر وهيمنتهم على المشهد الليبي واليمني، وانهزام التيار الليبرالي أمام قوى الإسلام السياسي التي استغلت بنجاح حالة الاستقطاب الديني ـ والذي وصل إلى محاربة الدين في بعض الدول ـ واستفادت منه في تجييش الناخبين، فإن الولايات المتحدة أصبحت تعيد النظر في المحددات الحاكمة للعبة السياسية في المنطقة وأصبحت تتردد في دعم الديموقراطية خاصة بعد إغلاق مصر لعدد من منظمات المجتمع المدني الأمريكية والأوروبية، في ظل تنامي خوف الدولة العبرية من أن تصبح البيئة المحيطة بها كلها معادية، لذا فإن الولايات المتحدة تعيد رسم سياساتها للأمن القومي في المنطقة تماشيًا مع ذلك الوضع الجديد، لا سيما مع ما تمثله الثورة السورية من مخاطر بزوغ الإسلاميين في السلطة في ذلك البلد المتاخم لإسرائيل التي تحتل أرضه الجولان.
ويأتي في خضم ذلك كله تصاعد التوتر حول البرنامج النووي الإيراني وإعطاء طهران فرصة أخيرة لوقف برنامجها النووي وعقد محادثات معها، مع التهديد باللجوء إلى الخيار العسكري سواء من الولايات المتحدة أو من إسرائيل منفردة؛ حيث ترى تل أبيب أنها لا تمتلك رفاهية الانتظار التي تمتلكها الولايات المتحدة، فترى واشنطن في النهاية أنها يمكن أن تتعايش مع النووي الإيراني كما تعايشت مع النووي الكوري الشمالي، في حين أن إسرائيل تقع في مدى صواريخ إيران وفي مدى تهديدها النووي، لذا تفكر في اتخاذ قرار منفرد قبل أن يصبح الوقت متأخرًا للغاية، وحينئذ لن تستطيع شن ضربة عسكرية ضد إيران.
والتحول الأهم في الربيع العربي هو التحول على الجبهة السورية؛ فسوريا تحولت إلى صراع طائفي مذهبي يهدد بجر المنطقة كلها إلى حرب إقليمية، فنظام الأسد يهدد بتحويل المنطقة إلى جحيم واستدراج كل من إسرائيل وتركيا وحزب الله وحماس إلى المستنقع السوري بقصفه لكل من إسرائيل وتركيا، ودخول التنظيمات الجهادية القادمة من العراق إلى الجبهة السورية، وكذلك تفاقم المشكلة الكردية العالقة على الحدود التركية السورية، وهو ما يهدد بتغيير خريطة الشرق الأوسط كلية، لا سيما مع وجود الدورين الروسي والصيني في المنطقة وأن موسكو لن تفرط بسهولة في قاعدة طرطوس السورية على البحر المتوسط، التي تعد آخر موطئ قدم لها في المياه الدافئة.
لذا فإن الشرق الأوسط مرشح لأن يتحول إلى ساحة صراع كبرى بين القوى العالمية والإقليمية، وستبدأ الشروخ من سوريا المذهبية والطائفية، لتنذر تلك الشروخ بتصدع النظام الإقليمي بكامله، لا سيما في ظل خوف إسرائيل من تنامي النفوذ التركي أيضًا، بالإضافة إلى وجود النفوذ الإيراني في العراق والخليج العربي.
لذلك فإنه في خضم ذلك كله فمن الأهمية بمكان أن تعيد مصر صياغة محددات أمنها القومي في حقبة ما بعد الثورة لتواكب تلك التغيرات المحلية والإقليمية والدولية، ومن أجل ضبط بوصلتها في عالم المستقبل، ومخاطبة أهم التحديات المتعلقة بتلك التغيرات الهائلة على المستويات الثلاثة الداخلية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى استعدادها في أي وقت لنشوب حروب في المنطقة سواء في سوريا أو إيران، وحساب تداعيات ذلك على الموقف الأمني المصري؛ فالحروب عادة ما تؤدي إلى بروز فرص وتغيير للمنظومة الأمنية، لذلك تنبع أهمية الدراسة من أن مصر يجب أن تكون مستعدة لتلك التغيرات الكبرى في المنطقة، بإعادة صياغة مفهومها للأمن القومي وتعاملها مع أهم القضايا الشائكة في حقبة ما بعد الثورة المصرية.
وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول مدخل نظري لمفهوم الأمن القومي ومستوياته المتعلقة بالتوازن الداخلي والإقليمي والقالب الحضاري للدولة وكذلك الرفاهة الداخلية ثم القدرات العسكرية، كما يتحدث الكتاب عن أبعاد الأمن القومي المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والبيئية والإنسانية، ثم ركائز الأمن القومي وهي الحفاظ على المصالح والأرض والقيم، ثم دوائره التي تبدأ من الفرد ثم الوطن ثم الإقليم ثم الأمن الدولي.
ثم تحدث الكتاب عن أهمية البيئة الداخلية كأهم محددات الأمن القومي للدول، بنظامها العقائدي والقيمي والاجتماعي، وبتجاربها وخبراتها التاريخية وبقدراتها المتاحة وخصائص نظامها السياسي. ثم يتحدث الكتاب بعد ذلك عن الدور المصري قبل ثورة يناير ومرتكزات الأمن القومي في تلك الفترة، ودوائر اهتمام الأمن القومي المصري ثم التهديدات التي واجهته في العصر الحديث وأثر سياسات مبارك على الأمن القومي المصري.
ثم تطرق الكتاب بعد ذلك إلى أمن مصر القومي بعد الثورة والتوجهات الأمنية المختلفة لدول المنطقة، لكل من إسرائيل وإيران وتركيا ثم التوازن العسكري ومحدداته في الإقليم، ثم تحدث الكتاب عن أهم محددات الأمن القومي المصري بعد الثورة من إصلاحات داخلية في مجالات الصحة والاقتصاد والتعليم وكذلك منظومة أمن القيم وأمن المعلومات.ثم تطرق الكاتب بعد ذلك إلى الدائرة الإقليمية للدولة المصرية وأهمية عودة مصر إلى دورها القوي بدور واعد في حقبة ما بعد الثورة المصرية.