- الأحد مايو 05, 2013 2:37 am
#62238
تونس
تقع تونس في أقصى شمال القارة الأفريقية، على ساحل البحر المتوسط، وتبعد مسافة 140 كلم عن مضيق صقلية.
يحدها البحر المتوسط من الشمال والشرق إذ يبلغ طول شاطئها عليه نحو 1200 كلم. وتحدها ليبيا من الجنوب الشرقي (وطول حدودها معها 480 كلم). والجزائر من الغرب (بطول حدود 1050 كم).
تبلغ مساحة تونس 163,610كم2. أما عدد السكان فحوالي 10 ملايين نسمة. عاصمة البلاد مدينة تونس التي تحتل مع ضاحيتها المركز الصناعي والتجاري الأول في البلاد، وتتصل بالبحر المتوسط بواسطة قناة تجعلها مرفأ مهماً. وهناك أيضاً صفاقس وسوسة وبنزرت وقابس.
نبذة تاريخية:
قبل وصول الفينيقيين، في القرن الرابع عشر ق.م. إلى شواطىء تونس الحالية، كان داخل البلاد مأهولاً بشعب أطلق العرب عليه فيما بعد أسم «البربر» ولم يتوصل المؤرخون حتى اليوم إلى تحديد أصل البربر المنتشرين في شمال أفريقيا.
أقام الفينيقيون مرافىء تجارية لهم على شواطىء أفريقيا الشمالية حتى وصلوا إلى حدود روما. وخلال القرن الخامس ق.م. أصبحت مدينة قرطاجة مركز الامبراطورية الفينيقية التجاري الأهم.
استطاع الرومان بعد عدة حروب استمرت نحو قرن كامل (2640 ـ 146 ق.م) من إخضاع قرطاجة وهدمها، ثم أعادوا بناءها تحت اسم «جونونيا» بعد أن وسعوها حتى أصبحت تضم كامل المناطق التي تتشكل منها تونس الحالية.
استطاع الرومان بعد عدة حروب استمرت نحو قرن كامل (2640 ـ 146 ق.م) من إخضاع قرطاجة وهدمها، ثم أعادوا بناءها تحت اسم «جونونيا» بعد أن وسعوها حتى أصبحت تضم كامل المناطق التي تتشكل منها تونس الحالية.
الفتح الإسلامي:
في عام 647 توجه الفتح الإسلامي باتجاه بلاد المغرب العربي بقيادة موسى بن نصير وعقبة بن نافع، ولم يجد المسلمون صعوبات كبيرة في السيطرة على تلك البلاد وعلى سكانها البربر الذين سرعان ما دخلوا في الدين الجديد وأصبحوا عماد جيشه، وفي عام 670 أسس عقبة بن نافع القائد الإسلامي مدينة القيروان بالقرب من قلعة بيزنطية، فكانت أول عاصمة للمغرب العربي، وقد نالت القيروان شهرة كبيرة بفضل موقعها الاستراتيجي حتى أصبحت من المدن الإسلامية الأشهر. وعرفت القيروان عصرها الذهبي في عهد الأغالبة الذين أسسوا دولتهم على عهد هارون الرشيد الخليفة العباسي. وقد اشتهر الأغالبة برعايتهم للعلوم والفنون ومن أشهر آثارهم الجامع الكبير في القيروان وبيت الحكمة. وهكذا فقد ساهمت القيروان بصورة أساسية في نشر الدين الإسلامي واللغة العربية في أفريقيا. بعدما أصبحت من أهم مراكز الإشعاع الديني والعلمي في العالم الإسلامي.
وعندما قامت الدولة الفاطمية العبيدية في تونس، بنوا مدينة المهدية لتكون عاصمتهم الجديدة بدلاً من القيروان. قبل أن ينقلوا عاصمتهم إلى القاهرة في مصر.
ومع بداية حكم الحفصيين في القرن الثالث عشر انتقلت العاصمة إلى مدينة تونس التي برزت وتفوقت على مدينتي القيروان والمهدية، وقد شهدت هذه الفترة نهضة علمية في تونس ففي زمن الحفصيين ولد ابن خلدون في تونس (1332 م) ودرس في جامع الزيتونة ثم عمل في خدمة السلطان الحفصي أبي اسحق الثاني في فترة ساد فيها القلق والاضطراب. واستمر حكم الحفصيين في تونس حتى عام 1574 حيث سيطرت الدولة العثمانية على المنطقة وتحولت أفريقيا الشمالية إلى ولاية من ولايات الدولة العثمانية.
ومنذ عام 1590 بدأ الأتراك يحكمون تونس بواسطة «الداي» وبعده «الباي» حكم الداي من 1598 إلى 1630 والباي من 1631 إلى 1702. وبعد ثلاث سنوات سيطر الباي حسين على السلطة، وأسس أسرة مالكة عرفت بالأسرة الحسينية التي ظلت تتوارث السلطة حتى استقلال تونس في عام 1957.
ولقد تميزت هذه الفترة بصراعٍ خفي في السلطة بين القوى المحلية والقوى العثمانية وبمجيء الباي حسين حاول كسب نوع من الاستقلال الذاتي فزاد من عدد الموظفين ودعم اللغة العربية ورجال الدين، وأهم ما يميز هذه الأسرة الحسينية في القرن التاسع عشر موجة الإصلاحات الكبيرة التي حدثت في حقول الإدارة والجيش وغيرها...، وذلك في عهد أحمد باشا باي (1837 ـ 1855) الذي شيد قصر باردو التاريخي الشهير. وكان من أهم رموز التغيير والإصلاح «خير الدين التونسي» المتحدر من أصول شركسية الذي كان من ألمع رجالات النهضة.
الاحتلال الفرنسي
في عام 1881 احتلت فرنسا تونس بعد احتلالها الجزائر. عقب هذا الاحتلال قامت حركة تونسية مناهضة للوجود الفرنسي في تونس. وفي عام 1907 تم إنشاء حزب «تونس الفتاة» بزعامة علي باشا، وقد حدثت عدة ثورات عسكرية ضد الفرنسيين في هذه الفترة، وفي عام 1920 تخلت تركيا عن حقوقها في تونس نتيجة ضغوطات وبسبب ضعف الدولة العثمانية في آخر عهدها. وفي عام 1934 أسس الحبيب بورقيبة حزب دستوري جديد، وقد تعرض بورقيبة لعدة حملات اعتقال بسبب قيادته لاضطرابات عدة في العاصمة وكان أهمها في 9 نيسان 1938.
وفي 8 تشرين الثاني 1942 دخلت الجيوش الألمانية تونس وقد رحب التونسيون بالألمان إلا أنه وفور خروج الألمان من تونس فرَّ معظم القادة التونسيين الذين وقفوا إلى جانب الألمان. ومع مجيء «جان مونس» إلى تونس كمقيم عام بادر إلى إجراء بعض الاصلاحات فأعاد تنظيم مجلس الوزراء من ست تونسيين وست فرنسيين، ويرأس المجلس تونسي. وفي آب 1947 جرت مواجهات عنيفة بين العمال التونسيين في مدينة صفاقس والقوات الفرنسية أدت إلى مقتل 30 شخصاً، الأمر الذي أدى إلى تزايد حدة المطالبة بالاستقلال فاعتقل الحبيب بورقيبة مجدداً في عام 1952، وكذلك المنجي سليم ورئيس الحكومة محمد شنيق وصالح بن يوسف، إلا أن عمليات الثوار التي عمت كل البلد أجبرت الحكومة الفرنسية نتيجة الضغط الخارجي من الأمم المتحدة والجامعة العربية أن تفاوض التونسيين حول نيلهم استقلالهم.
استقلال تونس:
أقرت فرنسا رسمياً باستقلال تونس عام 1956، وجاء الحبيب بورقيبة رئيساً للحكومة، وفي أول حزيران 1957 طلب بورقيبة من الحكومة الفرنسية سحب الجيش الفرنسي من تونس، وفي 25 تموز 1957 قررت الجمعية التأسيسية التونسية إلغاء منصب الباي. وانتخاب بورقيبة رئيساً للجمهورية.
وبعد مجيء الجنرال ديغول إلى الحكم تم الاتفاق على سحب القوات العسكرية الفرنسية من تونس، مع إبقاء قوة صغيرة في قاعدة بنزرت، وقد تردت العلاقة بين فرنسا وتونس بخصوص قضية بنزرت، وأعلن الرئيس بورقيبة معركة الجلاء لتحرير بنزرت بعد رفض الفرنسيين الخروج منها في 17 تموز 1961.
وقد وقع ضحية هذه المعركة أكثر من ألف قتيل تونسي، وقطعت تونس علاقتها مع فرنسا.
وفي أيلول 1961 تم الاتفاق على انسحاب الجيش الفرنسي من بنزرت عام 1963، وعادت العلاقة الدبلوماسية بين البلدين بدءاً من عام 1962.
عهد الحبيب بورقيبة (1957 ـ 1987 م):
عمل الحبيب بورقيبة على تحسين الأوضاع الداخلية في البلاد، إلا إنه أحكم قبضته على الحكم بشدة، وقد انشغل كثيراً بتوجيه الانتقادات إلى أنظمة الحكم العربية حيال قضية فلسطين، فقد دعا إلى خط أكثر تساهل يقوم على التفاوض المباشر مع إسرائيل حول التقسيم الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1948. وقد أدى ذلك إلى توتر العلاقات مع بعض الدول العربية، وقد وصل الأمر إلى حد القطيعة مع الجمهورية العربية المتحدة على عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ولم تتحسن هذه العلاقة إلا عقب حرب 1967.
وفي 12 كانون الثاني 1974 أعلن أن تونس وليبيا سوف تتحدان، وأن بورقيبة سيكون رئيس الدولة والقذافي نائبه، وكان صاحب مشروع الوحدة وزير الخارجية التونسي محمد المصمودي، ولكن بعد يومين فقط فشل المشروع وأقيل المصمودي وألغي مشروع الوحدة.
عمل الحبيب بورقيبة على تغيير سياسته الداخلية عقب المؤتمر العام الذي عقده الحزب عام 1979، واستطاع تطبيع الوضع الداخلي حتى أن أهم زعماء المعارضة قد أعلنوا موافقتهم وتأييدهم لخطوات الحكم وتوجت بإطلاق سراح زعيم الحركة النقابية وبإجراء الانتخابات التشريعية.
وفي 10 آب 1982 شهدت تونس حدثاً مهماً إذ استقبلت زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وجميع عناصره الذين كانوا في بيروت إثر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها وذلك بعد الدور الدبلوماسي الذي لعبته تونس عربياً (بعد انتقال مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس عقب اتفاقية كامب دايفيد) ودولياً.
وفي 26 أيلول 1985 قامت إسرائيل بشن غارة جوية على مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في تونس.
وفي 7 تشرين الثاني عام 1987م نظراً لحالة الرئيس بورقيبة من تدهور صحي وشيخوخة طويلة ومرض مستفحل جعلته عاجزاً تماماً عن المسك بمقود الحكم والمكوث أكثر على دفة القيادة, واعتماداً على تقرير طبي أصدرته مجموعة من الأساتذة الأطباء عن عجز الرئيس بورقيبة عن القيام بالمهام المنوطة بعهدته, واعتماداً على الشرعية والقانون , وتطبيقا لنص الفصل 57 من الدستور تولى السيد زين العابدين بن علي الوزير الأول مهام رئاسة الجمهورية التونسية والقيادة العليا للقوات المسلحة ورئاسة الحزب الاشتراكي الدستوري.
عهد زين العابدين بن علي 1987:
تسلم زين العابدين بن علي الحكم من الرئيس الحبيب بورقيبة (الذي تقدمت به السن وأصبح عاجزاً عن القيام بمهمات الدولة) في 7 تشرين الثاني 1987، وكانت من أولى مهام العهد الجديد العمل على تقوية الساحة الداخلية. فأصدر عفواً رئاسياً عن ما يقارب من 9700 شخص. وفي عام 1988 صدر الميثاق الوطني الذي شدد على الهوية العربية والإسلامية لتونس .
في 21 أذار 1994تم التجديد لبن علي لولاية ثانية لمدة خمس سنوات فيما فاز الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) بغالبية مقاعد البرلمان.
وفي 13 حزيران 1994 شهدت تونس انعقاد قمة أفريقية مميزة من حيث عدد الرؤساء الحاضرين فقد بلغ عددهم 42 رئيساً من أصل 53 دولة أفريقية واعتبرت هذه القمة تاريخية لجهة قرارها بحل لجنة حركات التحرير إذ لم يعد هناك أي بلد أفريقي تحت السيطرة الأجنبية.
وفي عام 1996 عادت العلاقات التونسية الليبية إلى طبيعتها اثر لقاءين للرئيس القذافي وبن علي بعد ذلك أيضاً وإثر تبادل الزيارات بين وزراء تونسيين وخليجيين بدأت العلاقات بين الجانبين تتحسن بعد أحداث حرب الخليج الثانية.
سياسة جديدة
عمل زين العابدين بن علي تغيير نظام الحكم القائم في تونس على مبدأ «الرئاسة لمدى الحياة» الذي أقره الرئيس السابق «الحبيب بورقيبة» عام 1975 عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عهده. يذكر أن بورقيبة أعيد انتخابه لأول مرة عام 1959 ثم 1964 و1969 و1974. وبمجيء الرئيس بن علي في السابع من تشرين الثاني 1987 تم إلغاء نظام الرئاسة مدى الحياة ونظمت أول انتخابات رئاسية في العهد الجديد يوم 2 نيسان 1989 ثم جرت الثانية يوم 20 أذار1994 و فاز بها الرئيس زين العابدين بن علي .
ثمار المسار الديمقراطي:
منذ انتخابات عام 1956 عملت تونس وفق نظام الاقتراع بالقائمة المحررة على أساس الأغلبية في دورة واحدة، وقد تواصل العمل في ذلك النظام حتى عام 1979 حيث أدخل نظام القوائم المضاعفة.
وفي العام 1981 أعيد العمل بالنظام السابق واستمر الأمر كذلك حتى انتخابات عام 1989، ونظراً لأن هذا النظام لم يمكن المعارضة من دخول مجلس النواب تم في العام 1993 تبني طريقة الاقتراع المزدوج، وبمقتضى هذه الطريقة أمكن للمعارضة في العام 1994 دخول مجلس النواب لأول مرة في التاريخ التونسي، وهذا من أهم نتائج المنهج الديمقراطي الذي اعتمده نظام الحكم في تونس.
الانتخابات الرئاسية عام 1999:
للمرة الأولى في التاريخ التونسي ترشح للانتخابات الرئاسية في تشرين الأول 1999 مرشحان إضافة إلى الرئيس زين العابدين بن علي هما: أمين عام حزب الوحدة الشعبية محمد بلحاج عمر، وأمين عام الاتحاد الديمقراطي الوحدوي عبد الرحمن التليلي إلا أن الفوز كان حليف الرئيس السابق زين العابدين بن علي بنسبة 99,44% وذلك بسبب الإصلاحات الكبيرة التي تم إنجازها في مدة رئاسته السابقة وعلى جميع الصعد الاقتصادية والثقافية و الاجتماعية والإدارية.
تقع تونس في أقصى شمال القارة الأفريقية، على ساحل البحر المتوسط، وتبعد مسافة 140 كلم عن مضيق صقلية.
يحدها البحر المتوسط من الشمال والشرق إذ يبلغ طول شاطئها عليه نحو 1200 كلم. وتحدها ليبيا من الجنوب الشرقي (وطول حدودها معها 480 كلم). والجزائر من الغرب (بطول حدود 1050 كم).
تبلغ مساحة تونس 163,610كم2. أما عدد السكان فحوالي 10 ملايين نسمة. عاصمة البلاد مدينة تونس التي تحتل مع ضاحيتها المركز الصناعي والتجاري الأول في البلاد، وتتصل بالبحر المتوسط بواسطة قناة تجعلها مرفأ مهماً. وهناك أيضاً صفاقس وسوسة وبنزرت وقابس.
نبذة تاريخية:
قبل وصول الفينيقيين، في القرن الرابع عشر ق.م. إلى شواطىء تونس الحالية، كان داخل البلاد مأهولاً بشعب أطلق العرب عليه فيما بعد أسم «البربر» ولم يتوصل المؤرخون حتى اليوم إلى تحديد أصل البربر المنتشرين في شمال أفريقيا.
أقام الفينيقيون مرافىء تجارية لهم على شواطىء أفريقيا الشمالية حتى وصلوا إلى حدود روما. وخلال القرن الخامس ق.م. أصبحت مدينة قرطاجة مركز الامبراطورية الفينيقية التجاري الأهم.
استطاع الرومان بعد عدة حروب استمرت نحو قرن كامل (2640 ـ 146 ق.م) من إخضاع قرطاجة وهدمها، ثم أعادوا بناءها تحت اسم «جونونيا» بعد أن وسعوها حتى أصبحت تضم كامل المناطق التي تتشكل منها تونس الحالية.
استطاع الرومان بعد عدة حروب استمرت نحو قرن كامل (2640 ـ 146 ق.م) من إخضاع قرطاجة وهدمها، ثم أعادوا بناءها تحت اسم «جونونيا» بعد أن وسعوها حتى أصبحت تضم كامل المناطق التي تتشكل منها تونس الحالية.
الفتح الإسلامي:
في عام 647 توجه الفتح الإسلامي باتجاه بلاد المغرب العربي بقيادة موسى بن نصير وعقبة بن نافع، ولم يجد المسلمون صعوبات كبيرة في السيطرة على تلك البلاد وعلى سكانها البربر الذين سرعان ما دخلوا في الدين الجديد وأصبحوا عماد جيشه، وفي عام 670 أسس عقبة بن نافع القائد الإسلامي مدينة القيروان بالقرب من قلعة بيزنطية، فكانت أول عاصمة للمغرب العربي، وقد نالت القيروان شهرة كبيرة بفضل موقعها الاستراتيجي حتى أصبحت من المدن الإسلامية الأشهر. وعرفت القيروان عصرها الذهبي في عهد الأغالبة الذين أسسوا دولتهم على عهد هارون الرشيد الخليفة العباسي. وقد اشتهر الأغالبة برعايتهم للعلوم والفنون ومن أشهر آثارهم الجامع الكبير في القيروان وبيت الحكمة. وهكذا فقد ساهمت القيروان بصورة أساسية في نشر الدين الإسلامي واللغة العربية في أفريقيا. بعدما أصبحت من أهم مراكز الإشعاع الديني والعلمي في العالم الإسلامي.
وعندما قامت الدولة الفاطمية العبيدية في تونس، بنوا مدينة المهدية لتكون عاصمتهم الجديدة بدلاً من القيروان. قبل أن ينقلوا عاصمتهم إلى القاهرة في مصر.
ومع بداية حكم الحفصيين في القرن الثالث عشر انتقلت العاصمة إلى مدينة تونس التي برزت وتفوقت على مدينتي القيروان والمهدية، وقد شهدت هذه الفترة نهضة علمية في تونس ففي زمن الحفصيين ولد ابن خلدون في تونس (1332 م) ودرس في جامع الزيتونة ثم عمل في خدمة السلطان الحفصي أبي اسحق الثاني في فترة ساد فيها القلق والاضطراب. واستمر حكم الحفصيين في تونس حتى عام 1574 حيث سيطرت الدولة العثمانية على المنطقة وتحولت أفريقيا الشمالية إلى ولاية من ولايات الدولة العثمانية.
ومنذ عام 1590 بدأ الأتراك يحكمون تونس بواسطة «الداي» وبعده «الباي» حكم الداي من 1598 إلى 1630 والباي من 1631 إلى 1702. وبعد ثلاث سنوات سيطر الباي حسين على السلطة، وأسس أسرة مالكة عرفت بالأسرة الحسينية التي ظلت تتوارث السلطة حتى استقلال تونس في عام 1957.
ولقد تميزت هذه الفترة بصراعٍ خفي في السلطة بين القوى المحلية والقوى العثمانية وبمجيء الباي حسين حاول كسب نوع من الاستقلال الذاتي فزاد من عدد الموظفين ودعم اللغة العربية ورجال الدين، وأهم ما يميز هذه الأسرة الحسينية في القرن التاسع عشر موجة الإصلاحات الكبيرة التي حدثت في حقول الإدارة والجيش وغيرها...، وذلك في عهد أحمد باشا باي (1837 ـ 1855) الذي شيد قصر باردو التاريخي الشهير. وكان من أهم رموز التغيير والإصلاح «خير الدين التونسي» المتحدر من أصول شركسية الذي كان من ألمع رجالات النهضة.
الاحتلال الفرنسي
في عام 1881 احتلت فرنسا تونس بعد احتلالها الجزائر. عقب هذا الاحتلال قامت حركة تونسية مناهضة للوجود الفرنسي في تونس. وفي عام 1907 تم إنشاء حزب «تونس الفتاة» بزعامة علي باشا، وقد حدثت عدة ثورات عسكرية ضد الفرنسيين في هذه الفترة، وفي عام 1920 تخلت تركيا عن حقوقها في تونس نتيجة ضغوطات وبسبب ضعف الدولة العثمانية في آخر عهدها. وفي عام 1934 أسس الحبيب بورقيبة حزب دستوري جديد، وقد تعرض بورقيبة لعدة حملات اعتقال بسبب قيادته لاضطرابات عدة في العاصمة وكان أهمها في 9 نيسان 1938.
وفي 8 تشرين الثاني 1942 دخلت الجيوش الألمانية تونس وقد رحب التونسيون بالألمان إلا أنه وفور خروج الألمان من تونس فرَّ معظم القادة التونسيين الذين وقفوا إلى جانب الألمان. ومع مجيء «جان مونس» إلى تونس كمقيم عام بادر إلى إجراء بعض الاصلاحات فأعاد تنظيم مجلس الوزراء من ست تونسيين وست فرنسيين، ويرأس المجلس تونسي. وفي آب 1947 جرت مواجهات عنيفة بين العمال التونسيين في مدينة صفاقس والقوات الفرنسية أدت إلى مقتل 30 شخصاً، الأمر الذي أدى إلى تزايد حدة المطالبة بالاستقلال فاعتقل الحبيب بورقيبة مجدداً في عام 1952، وكذلك المنجي سليم ورئيس الحكومة محمد شنيق وصالح بن يوسف، إلا أن عمليات الثوار التي عمت كل البلد أجبرت الحكومة الفرنسية نتيجة الضغط الخارجي من الأمم المتحدة والجامعة العربية أن تفاوض التونسيين حول نيلهم استقلالهم.
استقلال تونس:
أقرت فرنسا رسمياً باستقلال تونس عام 1956، وجاء الحبيب بورقيبة رئيساً للحكومة، وفي أول حزيران 1957 طلب بورقيبة من الحكومة الفرنسية سحب الجيش الفرنسي من تونس، وفي 25 تموز 1957 قررت الجمعية التأسيسية التونسية إلغاء منصب الباي. وانتخاب بورقيبة رئيساً للجمهورية.
وبعد مجيء الجنرال ديغول إلى الحكم تم الاتفاق على سحب القوات العسكرية الفرنسية من تونس، مع إبقاء قوة صغيرة في قاعدة بنزرت، وقد تردت العلاقة بين فرنسا وتونس بخصوص قضية بنزرت، وأعلن الرئيس بورقيبة معركة الجلاء لتحرير بنزرت بعد رفض الفرنسيين الخروج منها في 17 تموز 1961.
وقد وقع ضحية هذه المعركة أكثر من ألف قتيل تونسي، وقطعت تونس علاقتها مع فرنسا.
وفي أيلول 1961 تم الاتفاق على انسحاب الجيش الفرنسي من بنزرت عام 1963، وعادت العلاقة الدبلوماسية بين البلدين بدءاً من عام 1962.
عهد الحبيب بورقيبة (1957 ـ 1987 م):
عمل الحبيب بورقيبة على تحسين الأوضاع الداخلية في البلاد، إلا إنه أحكم قبضته على الحكم بشدة، وقد انشغل كثيراً بتوجيه الانتقادات إلى أنظمة الحكم العربية حيال قضية فلسطين، فقد دعا إلى خط أكثر تساهل يقوم على التفاوض المباشر مع إسرائيل حول التقسيم الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1948. وقد أدى ذلك إلى توتر العلاقات مع بعض الدول العربية، وقد وصل الأمر إلى حد القطيعة مع الجمهورية العربية المتحدة على عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ولم تتحسن هذه العلاقة إلا عقب حرب 1967.
وفي 12 كانون الثاني 1974 أعلن أن تونس وليبيا سوف تتحدان، وأن بورقيبة سيكون رئيس الدولة والقذافي نائبه، وكان صاحب مشروع الوحدة وزير الخارجية التونسي محمد المصمودي، ولكن بعد يومين فقط فشل المشروع وأقيل المصمودي وألغي مشروع الوحدة.
عمل الحبيب بورقيبة على تغيير سياسته الداخلية عقب المؤتمر العام الذي عقده الحزب عام 1979، واستطاع تطبيع الوضع الداخلي حتى أن أهم زعماء المعارضة قد أعلنوا موافقتهم وتأييدهم لخطوات الحكم وتوجت بإطلاق سراح زعيم الحركة النقابية وبإجراء الانتخابات التشريعية.
وفي 10 آب 1982 شهدت تونس حدثاً مهماً إذ استقبلت زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات وجميع عناصره الذين كانوا في بيروت إثر الحصار الإسرائيلي المفروض عليها وذلك بعد الدور الدبلوماسي الذي لعبته تونس عربياً (بعد انتقال مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس عقب اتفاقية كامب دايفيد) ودولياً.
وفي 26 أيلول 1985 قامت إسرائيل بشن غارة جوية على مكاتب لمنظمة التحرير الفلسطينية في تونس.
وفي 7 تشرين الثاني عام 1987م نظراً لحالة الرئيس بورقيبة من تدهور صحي وشيخوخة طويلة ومرض مستفحل جعلته عاجزاً تماماً عن المسك بمقود الحكم والمكوث أكثر على دفة القيادة, واعتماداً على تقرير طبي أصدرته مجموعة من الأساتذة الأطباء عن عجز الرئيس بورقيبة عن القيام بالمهام المنوطة بعهدته, واعتماداً على الشرعية والقانون , وتطبيقا لنص الفصل 57 من الدستور تولى السيد زين العابدين بن علي الوزير الأول مهام رئاسة الجمهورية التونسية والقيادة العليا للقوات المسلحة ورئاسة الحزب الاشتراكي الدستوري.
عهد زين العابدين بن علي 1987:
تسلم زين العابدين بن علي الحكم من الرئيس الحبيب بورقيبة (الذي تقدمت به السن وأصبح عاجزاً عن القيام بمهمات الدولة) في 7 تشرين الثاني 1987، وكانت من أولى مهام العهد الجديد العمل على تقوية الساحة الداخلية. فأصدر عفواً رئاسياً عن ما يقارب من 9700 شخص. وفي عام 1988 صدر الميثاق الوطني الذي شدد على الهوية العربية والإسلامية لتونس .
في 21 أذار 1994تم التجديد لبن علي لولاية ثانية لمدة خمس سنوات فيما فاز الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) بغالبية مقاعد البرلمان.
وفي 13 حزيران 1994 شهدت تونس انعقاد قمة أفريقية مميزة من حيث عدد الرؤساء الحاضرين فقد بلغ عددهم 42 رئيساً من أصل 53 دولة أفريقية واعتبرت هذه القمة تاريخية لجهة قرارها بحل لجنة حركات التحرير إذ لم يعد هناك أي بلد أفريقي تحت السيطرة الأجنبية.
وفي عام 1996 عادت العلاقات التونسية الليبية إلى طبيعتها اثر لقاءين للرئيس القذافي وبن علي بعد ذلك أيضاً وإثر تبادل الزيارات بين وزراء تونسيين وخليجيين بدأت العلاقات بين الجانبين تتحسن بعد أحداث حرب الخليج الثانية.
سياسة جديدة
عمل زين العابدين بن علي تغيير نظام الحكم القائم في تونس على مبدأ «الرئاسة لمدى الحياة» الذي أقره الرئيس السابق «الحبيب بورقيبة» عام 1975 عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في عهده. يذكر أن بورقيبة أعيد انتخابه لأول مرة عام 1959 ثم 1964 و1969 و1974. وبمجيء الرئيس بن علي في السابع من تشرين الثاني 1987 تم إلغاء نظام الرئاسة مدى الحياة ونظمت أول انتخابات رئاسية في العهد الجديد يوم 2 نيسان 1989 ثم جرت الثانية يوم 20 أذار1994 و فاز بها الرئيس زين العابدين بن علي .
ثمار المسار الديمقراطي:
منذ انتخابات عام 1956 عملت تونس وفق نظام الاقتراع بالقائمة المحررة على أساس الأغلبية في دورة واحدة، وقد تواصل العمل في ذلك النظام حتى عام 1979 حيث أدخل نظام القوائم المضاعفة.
وفي العام 1981 أعيد العمل بالنظام السابق واستمر الأمر كذلك حتى انتخابات عام 1989، ونظراً لأن هذا النظام لم يمكن المعارضة من دخول مجلس النواب تم في العام 1993 تبني طريقة الاقتراع المزدوج، وبمقتضى هذه الطريقة أمكن للمعارضة في العام 1994 دخول مجلس النواب لأول مرة في التاريخ التونسي، وهذا من أهم نتائج المنهج الديمقراطي الذي اعتمده نظام الحكم في تونس.
الانتخابات الرئاسية عام 1999:
للمرة الأولى في التاريخ التونسي ترشح للانتخابات الرئاسية في تشرين الأول 1999 مرشحان إضافة إلى الرئيس زين العابدين بن علي هما: أمين عام حزب الوحدة الشعبية محمد بلحاج عمر، وأمين عام الاتحاد الديمقراطي الوحدوي عبد الرحمن التليلي إلا أن الفوز كان حليف الرئيس السابق زين العابدين بن علي بنسبة 99,44% وذلك بسبب الإصلاحات الكبيرة التي تم إنجازها في مدة رئاسته السابقة وعلى جميع الصعد الاقتصادية والثقافية و الاجتماعية والإدارية.