سياسة توازن القوى لدى روسو
مرسل: الأحد مايو 05, 2013 11:55 am
لقد تناول روسو قضايا قد تناولها من قبله فيما مضى Hobos, Grotius ,Barbaric, Ludendorff ، ولكن هولاء الكتاب حسب أراء روسو كانز أكثر اهتماماً " بتبرير كل ما هو كائن، انطلاقاً من الواقع، والبحث عن عما يجب أن يكون" ، ويضيف روسو " حسب رأى هوبس أنه ما دام كل واحد يُريد أمنه فلأبد من وجود سلطه قويه تمنع الإنسان من إن يكون ذئباً بالنسبة لإنسان أخر" . فالسياسة لدى روسو لا تُبررها "الطبيعة" ولا " المصلحة " ولا "القوة " ولا "الأمر الواقع" إنما هي "أخلاق تُحقق الإنسان الذي يكّون إرادة وعقلاً لا مجرد حاجه وهوى" .
يعتبر مخطوط العقد الاجتماعي، لروسو المرجع الأساسي لمعظم أفكاره وتحليلاته المختلفة والتي منها انبثقت فكرته حول مبدأ "لأراده العامة" " والقوة " في السياسة الدولية. ألدوله السيادية خُلقت لكي تمنع نشؤ الحرب في البيئة التي سادت الحالة البدائية (State Of Nature) ، وفى بيئة المجتمع المدني Civic Society تأسست قاعدة "الأراده العامه" المدعمة بحكم القانون من خلال إتحاد إرادات الموطنين ليعبروا عن مصالحهم المشتركة، وتكون القوة لهم دون سواهم، والحكومة ألمشروعه هي تلك التي تنبثق من المواطنين وبطرق ديمقراطيه وأكثريه تصويتيه .
الاتحاد بين إرادات المواطنين والأراده العامة بالنسبة لروسو لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التعاليم القومية للامه واتحاد مواطنيها مع مصالح وطنها من خلال نموذج لدوله ديمقراطيه ومن أهم وظائفها:" ترسيخ معاني لأراده العامة والقوانين التي تحتاجها، تعزيز القيم الوطنية من خلال التعليم ، وأخيراً منع نشؤ الفوارق في الثروة ما بين السكان، والأخيرة أعتبرها روسو إحدى العوامل المدمرة لوحدة المجتمع المدني " .
إن استنتاج روسو، من خلال رؤيتهِ لمبدأ "الأراده للمواطنة " ذات السيادة التي لاتتجزأ ، ينطبق تماماً على الدول القومية حيث سيادتها لا تتجزأ هي الأخرى، ومن هنا فاءن عمليات التنفيذ للأراده العامة تُقدم الحلول للاستقرار والعدل والسلم الديموقراطيه من خلال سياسات وطنيه. وهذا السيناريو الذي قدمهُ روسو لمُمارسه القوة من خلال ممارسة ألمواطنه داخل ألدوله الوطنية للأراده العامة سوف يُسهم، على حد تحليلهِ، في إيجاد "حاله أبديه وسرمدية لنشؤ الحرب والنزاعات في العلاقات الدولية. والسبب في ذلك أن مبدأ الأراده العامة الذي يُطبق داخل النظام السياسي الوطني ليس له " نسخه مماثله في العلاقات ما بين الدول وبين سياداتها "
وأن علاقات الدول تُنفذ في ظروف مختلف فقط في ظل معيار المصالح وليس الأخلاق أو الديموقراطيه، ومن هنا فاءن هذا يُسبب تهديدا لأمن بقية المجتمعات.
ومن هذه المقاربة الروسوويه يمكن أن نقول أن سلوكيات نظام العلاقات المعاصر وسياساته الدولية لا يختلف عن أخيه في عصر ما قبل المجتمع المدني، نظراً لأحكامه الخاضعة للعنف المُنظم تحت مُسميات المصلحة الوطنية العليا. يستمر روسو في تحليلهِ لمسألة ألدوله ويصفُها "بالحالة الاصطناعية البناء" ، لأن قوتها مستمده من علاقتها بدول أخرى . ألدوله " بطبيعتها الديناميكية التنافسية " دائماً تُغذى الصراع نحو اكتساب القوة وهذه القوة هي المحدد الأساسي لعلاقتها بالدول الأخرى، والقوة الوطنية للدولة تتحول إلى خصائص لنظام الدول الدولي، وتقذف بعيداً حاجة المواطن للمشاركة والأمن والسلام .
ويصل الأدب الروسووى إلى تأصيل رؤيته أنهُ بسبب عمليات توازن القوى المنتشر في الساحة عبر الأقليميه، فنظام الدول الدولي ككل سوف يعانى من إعادة النظر في استعمالات القوة وشرورها غير الأخلاقية. روسو ، هنا يُشير إلى أن " توازن القوى يُعطينا الأشاره إلى أنه لا توجد دوله أو مجموعة دول متحالفة تستطيع أو أن يمنحها بدون قوانين مكتوبة أن تكون أكثر قوة أو متفوقة عن القوة الأكثر امتلاكا لها".
ولا توجد قوة من خارج النظام أو اى مظهر للتدخل الخارجي مطلوبة لتقديم التوازن، بل على العكس ، بناءاً على تحليل روسو، إنهُ "توازن عضوي ومتناسق "واتوماتيكى" وتلقائي " ويتعزز عندما كل دوله وطنيه تحقق إنجازها الأقتصادى والاكتفاء الذاتي واستقلالها السياسي ، ونظام التوازن هذا يمكن تحقيقه لأن كل الدول لا تستطيع المجازفة بمصالحها أو استدعاء كل ما يُشكل خطراً على أمنها الوطني ومن ثم دعوة كل مظاهر التحطيم والتخلف التي ورثتها من مجتمع البدائية إلى بنيانها الوطني .
وبهذه المقاربة فاءن توازن القوى يبدو أنه يتشابه كثيراً من فكرة "لأراده العامة " في النظام الدولي ، ولكن روسو يُبدى العديد من المخاوف منها قوله " أن التوازن للقوى الهش والأحمال التي قد تُفرض على الدول الوطنية تجعلها دائماً يقظة في وجه التحديات التي تواجه قوتها الوطنية "قرقوط، مترجم ص-67( ، إلا انه وبعد مطالعته للأحداث فى أوروبا في تلك الفترة من حياته وتوقعهِ من قيام فيدراليه أوروبيه في لحظه ما تجمع دول أوروبا أو حتى قيام حكومة عالميه، رفض روسو ألفكره التي أمن بها بسبب أنها تصطدم مع وظائف نظام توازن القوى )
والسبب الذي يقف وراء رفضه لتلك ألفكره من قيام الفيدرالية أن تحول القوة ومكامِنها من دولة وطنيه، أو مجموعة دول وطنيه إلى أخرى، ينتجُ عن هذا التحول في القوة " توازن إصطناعى للقوى" وسوف لن يصمد لفترة زمنيه أطول. و تخوفات روسو من "توازن القوى الأصطناعى" بالرغم من أهميه وجوده بين الدول الوطنيه ، حسب تحليله، إنما يستند على أهمية المُثل الأخلاقيه في أداء السياسات المتعلقة بالمصلحة الوطنية، ورفضه للاندماج أو التكامل وأضح في عقيدته، بالرغم من اتفاقه مع مورغانثو الواقعي لسياسة توازن القوى في تواجدها كسلوك للدول الوطنية، ذلك يقودنا إلى معرفة المزيد لأفكار مورغانثو حول توازن القوى الواقعي..
المصدر/ شبكة ضياء.
يعتبر مخطوط العقد الاجتماعي، لروسو المرجع الأساسي لمعظم أفكاره وتحليلاته المختلفة والتي منها انبثقت فكرته حول مبدأ "لأراده العامة" " والقوة " في السياسة الدولية. ألدوله السيادية خُلقت لكي تمنع نشؤ الحرب في البيئة التي سادت الحالة البدائية (State Of Nature) ، وفى بيئة المجتمع المدني Civic Society تأسست قاعدة "الأراده العامه" المدعمة بحكم القانون من خلال إتحاد إرادات الموطنين ليعبروا عن مصالحهم المشتركة، وتكون القوة لهم دون سواهم، والحكومة ألمشروعه هي تلك التي تنبثق من المواطنين وبطرق ديمقراطيه وأكثريه تصويتيه .
الاتحاد بين إرادات المواطنين والأراده العامة بالنسبة لروسو لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التعاليم القومية للامه واتحاد مواطنيها مع مصالح وطنها من خلال نموذج لدوله ديمقراطيه ومن أهم وظائفها:" ترسيخ معاني لأراده العامة والقوانين التي تحتاجها، تعزيز القيم الوطنية من خلال التعليم ، وأخيراً منع نشؤ الفوارق في الثروة ما بين السكان، والأخيرة أعتبرها روسو إحدى العوامل المدمرة لوحدة المجتمع المدني " .
إن استنتاج روسو، من خلال رؤيتهِ لمبدأ "الأراده للمواطنة " ذات السيادة التي لاتتجزأ ، ينطبق تماماً على الدول القومية حيث سيادتها لا تتجزأ هي الأخرى، ومن هنا فاءن عمليات التنفيذ للأراده العامة تُقدم الحلول للاستقرار والعدل والسلم الديموقراطيه من خلال سياسات وطنيه. وهذا السيناريو الذي قدمهُ روسو لمُمارسه القوة من خلال ممارسة ألمواطنه داخل ألدوله الوطنية للأراده العامة سوف يُسهم، على حد تحليلهِ، في إيجاد "حاله أبديه وسرمدية لنشؤ الحرب والنزاعات في العلاقات الدولية. والسبب في ذلك أن مبدأ الأراده العامة الذي يُطبق داخل النظام السياسي الوطني ليس له " نسخه مماثله في العلاقات ما بين الدول وبين سياداتها "
وأن علاقات الدول تُنفذ في ظروف مختلف فقط في ظل معيار المصالح وليس الأخلاق أو الديموقراطيه، ومن هنا فاءن هذا يُسبب تهديدا لأمن بقية المجتمعات.
ومن هذه المقاربة الروسوويه يمكن أن نقول أن سلوكيات نظام العلاقات المعاصر وسياساته الدولية لا يختلف عن أخيه في عصر ما قبل المجتمع المدني، نظراً لأحكامه الخاضعة للعنف المُنظم تحت مُسميات المصلحة الوطنية العليا. يستمر روسو في تحليلهِ لمسألة ألدوله ويصفُها "بالحالة الاصطناعية البناء" ، لأن قوتها مستمده من علاقتها بدول أخرى . ألدوله " بطبيعتها الديناميكية التنافسية " دائماً تُغذى الصراع نحو اكتساب القوة وهذه القوة هي المحدد الأساسي لعلاقتها بالدول الأخرى، والقوة الوطنية للدولة تتحول إلى خصائص لنظام الدول الدولي، وتقذف بعيداً حاجة المواطن للمشاركة والأمن والسلام .
ويصل الأدب الروسووى إلى تأصيل رؤيته أنهُ بسبب عمليات توازن القوى المنتشر في الساحة عبر الأقليميه، فنظام الدول الدولي ككل سوف يعانى من إعادة النظر في استعمالات القوة وشرورها غير الأخلاقية. روسو ، هنا يُشير إلى أن " توازن القوى يُعطينا الأشاره إلى أنه لا توجد دوله أو مجموعة دول متحالفة تستطيع أو أن يمنحها بدون قوانين مكتوبة أن تكون أكثر قوة أو متفوقة عن القوة الأكثر امتلاكا لها".
ولا توجد قوة من خارج النظام أو اى مظهر للتدخل الخارجي مطلوبة لتقديم التوازن، بل على العكس ، بناءاً على تحليل روسو، إنهُ "توازن عضوي ومتناسق "واتوماتيكى" وتلقائي " ويتعزز عندما كل دوله وطنيه تحقق إنجازها الأقتصادى والاكتفاء الذاتي واستقلالها السياسي ، ونظام التوازن هذا يمكن تحقيقه لأن كل الدول لا تستطيع المجازفة بمصالحها أو استدعاء كل ما يُشكل خطراً على أمنها الوطني ومن ثم دعوة كل مظاهر التحطيم والتخلف التي ورثتها من مجتمع البدائية إلى بنيانها الوطني .
وبهذه المقاربة فاءن توازن القوى يبدو أنه يتشابه كثيراً من فكرة "لأراده العامة " في النظام الدولي ، ولكن روسو يُبدى العديد من المخاوف منها قوله " أن التوازن للقوى الهش والأحمال التي قد تُفرض على الدول الوطنية تجعلها دائماً يقظة في وجه التحديات التي تواجه قوتها الوطنية "قرقوط، مترجم ص-67( ، إلا انه وبعد مطالعته للأحداث فى أوروبا في تلك الفترة من حياته وتوقعهِ من قيام فيدراليه أوروبيه في لحظه ما تجمع دول أوروبا أو حتى قيام حكومة عالميه، رفض روسو ألفكره التي أمن بها بسبب أنها تصطدم مع وظائف نظام توازن القوى )
والسبب الذي يقف وراء رفضه لتلك ألفكره من قيام الفيدرالية أن تحول القوة ومكامِنها من دولة وطنيه، أو مجموعة دول وطنيه إلى أخرى، ينتجُ عن هذا التحول في القوة " توازن إصطناعى للقوى" وسوف لن يصمد لفترة زمنيه أطول. و تخوفات روسو من "توازن القوى الأصطناعى" بالرغم من أهميه وجوده بين الدول الوطنيه ، حسب تحليله، إنما يستند على أهمية المُثل الأخلاقيه في أداء السياسات المتعلقة بالمصلحة الوطنية، ورفضه للاندماج أو التكامل وأضح في عقيدته، بالرغم من اتفاقه مع مورغانثو الواقعي لسياسة توازن القوى في تواجدها كسلوك للدول الوطنية، ذلك يقودنا إلى معرفة المزيد لأفكار مورغانثو حول توازن القوى الواقعي..
المصدر/ شبكة ضياء.