صفحة 1 من 1

مؤتمر فرساي

مرسل: الأحد مايو 05, 2013 3:13 pm
بواسطة سلطان المرزوقي 333
عُقِدَ المؤتمر في قصر فرساي قرب باريس، وكان رئيس المؤتمر رئيس فرنسا جورج كليمنصو، ومَثَّل بريطانيا رئيس وزرائها لويد جورج، ومثّل الولايات المتحدة رئيسها وودرو ويلسون، وقد حضرت وفود أيضًا عن إيطاليا واليابان، وبلغ عدد الوفود 32 وفدًا من 29 دولة، وكان عدد الأعضاء حوالي 1000 شخص .
وتم التوقيع على المعاهدة من الحلفاء المنتصرون في الحرب العالمية الأولى من جانب اتفاقيات منفصلة مع القوى المركزية الخاسرة في الحرب ( المانيا – النمسا والمجر – الدولة العثمانية – بلغاريا ) . تم التوقيع في 28 يونيو 1919 . وتم تعديل المعاهدة في 10 يناير 1920 لتتضمّن الاعتراف الألماني بمسؤولية الحرب ويترتب على ألمانيا تعويض الأطراف المتضررّة مالياً, وسمّيت بمعاهدة فرساي تيمناً بالمكان الجغرافي الذي تمّ فيه توقيع المعاهدة وهو قصر فرساي الفرنسي .
وخلال المؤتمر حدثت خلافات، وحاولت كل دولة من الدول الكبرى المحافظة على مصالحها ، وخاصة بريطانيا وفرنسا، فبريطانيا أرادت أكبر عدد من المستعمرات، واستمرار تفوقها البحري، والمحافظة على توازن القوى في أوروبا، وفرنسا كذلك تريد نصيبها من المستعمرات، ودفع ألمانيا تعويضات لها انتقامًا منها ؛ لأن فرنسا دفعت تعويضات لألمانيا سنة 1871 م بعد هزيمتها، وكذلك لإعادة إعمار فرنسا المُهَدَّمَة، كما طالبت فرنسا بالقضاء على القوة العسكرية الألمانية؛ حتى لا تحارب فرنسا في المستقبل، أما الولايات المتحدة فقد عارضت سياسة فرنسا وبريطانيا في مجال الاستعمار، ونادت بمنح حق تقرير المصير للشعوب الصغيرة.
كما سعت الولايات المتحدة إلى إعادة إعمار الاقتصاد الأوروبي؛ لكي تستوعب أوروبا البضائع الأميركية، وتسترجع أميركا ديونها، لذلك لم تكن أمريكا مستعدة لفرض عقوبات اقتصادية كبيرة على ألمانيا؛ لأن ذلك يضعف الاقتصاد الألماني، وبهذا الموقف اقتربت بريطانيا والولايات المتحدة من بعضهما، وكذلك في الموقف العسكري، فسحق الجيش الألماني يؤدي إلى الإخلال بمبدأ توازن القوى، وتصبح فرنسا أقوى دولة في أوروبا، وتنافس بريطانيا على الاستعمار.
تمخّضت الاتفاقية عن تأسيس عصبة الأمم التي يرجع الهدف الى تأسيسها الحيلولة دون وقوع صراع مسلّح بين الدول كالذي حدث في الحرب العالمية الأولى ونزع فتيل الصراعات الدوليـة .
القيود القانونية على ألمانيا
خسائر الأراضي
اُجبرت ألمانيا على التنازل عن كل من مستعمراتها , وعن عدد من المناطق الاوروبية. أهمهم، مقاطعة غرب بروسيا لصالح الجمهورية البولندية الثانية المشـكــّـلة حديثاً , مما منح بولندا مطلاً على بحر البلطيق عبر " الممر البولندي " وفصل بروسيا الشرقية عن الكتلة الرئيسية لألمانيا .
• الألزاس – اللورين , الى فرنسـا بدون استفتاء
• شلسفيك الشمالية , اعيدت الى الدنمارك
• معظم القطاعات غرب بروسيا ، اعيدت الى بولندا
• منطقة هلوجينسكو , الى تشيكوسلوفاكيا بدون استفتاء
• الجزء الشرقي من سيلسيا , الى بولندا
• منطقة مدن اوبن ومالمدي , الى بلجيكا
• منطقة سولداو شرق بروسيا , الى بولندا
• الجزء الشمالي من شرق پروسيا المعروف باسم منطقة ممل , يصبح تحت سيطرة فرنسا
• من الجزء الشرقي في غرب پروسيا والجزء الجنوبي في شرق پروسيا, بعد استفتاء شرق بروسيا منطقة صغيرة ستذهب إلى پولندا
• مقاطعة سارلاند ستصبح تحت إدارة عصبة الامم لمدة 15 عاماً, وبعدها سيقام استفتاء لتخييرها للانضمام إلى فرنسا أو ألمانيا. وأثناء هذا الوقت, سيـُرسل الفحم منها إلى فرنسا
• ميناء دانزيك مع دلتا نهر ڤيستولا على بحر البلطيق سيصبح مدينة دانزيك الحرة تحت الحكم الدائم لعصبة الأمم بدون استفتاء
• على الحكومتين الألمانية والنمساوية الإعتراف والاحترام التام لإستقلال النمسا. توحيد البلدين, بالرغم من رغبة الغالبية العظمى من الشعبين فيه , ممنوع منعاً باتاً

القيود العسكرية
• تحديد الجيش الألماني: بـِ-96 ألف جندي، و 4000 ضابط.
• إلغاء التجنيد الإجباري، وجعل الخدمة العسكرية اختيارية لمدة 12 سنة (لكي لا يكون لألمانيا جيش احتياطي ).
• منع ألمانيا من إنتاج السلاح الثقيل، مثل: الدبابات وغيرها.
• جعل منطقة غرب الراين معزولة السلاح.
• تسليم الأسطول الألماني للحلفاء، وكان الألمان قد أغرقوا بعض القطع قبل تسليمها إلى الحلفاء.
• منع فتح كليات عسكرية في ألمانيا.
• يسيطر الحلفاء على أراضي غرب الراين وعلى إقليم السار الغني بالمعادن لمدة 15 سنة، بعدها يجري فيه استفتاء لتقرير مصيره.
• تعيين لجنة من الحلفاء للإشراف على القيود العسكرية.

الشروط التأديبية
لم يستجب الحلفاء لما طلبته فرنسا من مبالغ خيالية، بأن تدفع ألمانيا نحو 16 مليار جنيه استرليني كتعويضات لفرنسا؛ حيث عارضت بريطانيا والولايات المتحدة ذلك، مع أنهما اعترفتا بحق فرنسا في الحصول على تعويضات كبيرة من ألمانيا، لكن ليس مبلغ كهذا، فاتفق الحلفاء بان تدفع ألمانيا مليار جنيه كدفعة أولى لفرنسا وبلجيكا، وقد قَبِلَ رئيس فرنسا بهذا الحل كدفعة أولى، وفي سنة 1923م دخلت قوات فرنسية وبلجيكية إلى إقليم الرور الألماني الغني بصناعاته ومناجمه، وقد احتجت بريطانيا والولايات المتحدة على هذه الخطوة، وطلبتا من فرنسا الانسحاب، لكن قامت الدول بعقد اجتماع، واتُّفِقَ على إنشاء لجنة تدعى “لجنة داوز” لتقرر المبلغ الذي سيفرض على ألمانيا، وقد أقرت اللجنة مبلغ تدفعه ألمانيا على أقساط على مدى 60 عامًا، مقابل ذلك انسحبت فرنسا من إقليم الرور، لكن الألمان شعروا بالذل.

التعويضات

ونصّت الفقرة 232 من المعاهدة على تحمّل ألمانيا مسؤولية الحرب وتقديم التعويضات للأطراف المتضرّرة وقدّرت تلك التعويضات بـ 269 بليون مارك الماني ذهبي وخفّض هذا المبلغ ليصبح 132 بليون مارك ذهبي، ويفيد الاقتصاديون انه بالرغم من تخفيض الرقم الكلي لتعويضات الأطراف المتضرّرة، الا ان المبلغ يبقى مبالغ فيه. وأثقلت الديون الملقاة على أعتاق ألمانيا من عجلة الاقتصاد الألماني مما سببت درجة عالية من الإمتعاض الذي آل إلى إشعال الحرب العالمية الثانية على يد أدولف هتلر .



ألمانيا بعد صلح فرساي
كان الألمان يأملون في صلح عادل بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى , غير أن هذا الصلح كان بمثابة قاصمة للشعب الألماني؛ إذ خسرت ألمانيا 12.5% من مساحتها، و12% من سكانها، وحوالي 15% من إنتاجها الزراعي، و10% من صناعتها، و74% من إنتاجها من خام الحديد، وتقلَّصت مساحة السواحل الألمانية على بحر البلطـيق وبحر الشمال، ونصَّ هذا الصلح أيضًا على الحيلولة دون قيام الوحدة بين ألمانيا والنمسا التي تضم أكبر مجموعة من الألمان تعيش خارج ألمانيا، ودخل نحو مليوني ألماني في حدود بولندا، ونحو ثلاثة ونصف مليون ألماني في حدود دولة تشيكوسلوفاكيا التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت هذه الأقليات الألمانية سببًا في عدم الاستقرار، وفرضت على ألمانيا تعويضات قُدِّرت بستة مليارات وستمائة مليون جنيه بخلاف فوائدها .

وحددت معاهدة "فرساي" الجيش الألماني بأن لا يزيد على مائة ألف، وحددت سفن الأسطول الألماني، وحرمته من امتلاك سلاح الجو، مع دفع تعويضات ضخمة للحلفاء. وبالإضافة إلى ذلك تقرر أن تخلي ألمانيا المناطق الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الراين بعرض ثلاثين ميلا من القوات العسكرية، وكانت فرنسا تريد فصل هذه المنطقة عن ألمانيا، وإقامة دولة مستقلة فيها تكون حاجزا بينها وبين ألمانيا التي أُجبرت على التخلي عن مستعمراتها فيما وراء البحار .
وأصبحت ألمانيا بعد هذا كله لا حول لها ولا قوة، أما فرنسا فرأت أن ألمانيا لم تتحطم بعد، فأقدمت عام (1342هـ=1923م) على احتلال إقليم "الرور" الألماني الغني بالمناجم، وعللت ذلك بأن هذا الأمر سيرغم ألمانيا على دفع التعويضات.
نصّت الاتفاقية أشد الضوابط والقيود على الآلة العسكرية الألمانية لكي لايتمكن الألمان من إشعال حرب ثانية كالحرب العالمية الأولى! فقد نصّت على احتواء الجيش الألماني على 100،000 جندي فقط والغاء نظام التجنيد الإلزامي الذي كان يعمل به في ألمانيا. ولا تستطيع ألمانيا من إنشاء قوة جوية والتقيد بـ 15،000 جندي للبحرية بالإضافة إلى حفنة من السفن الحربية بدون غواصات حربية. ولا يحق للجنود البقاء في الجيش أكثر من 12 عاماً وفيما يتعلّق بالضبّاط، فأقصى مدّة يستطيع الضباط البقاء بها في الجيش هي فترة 25 عاماً لكي يصبح الجيش الألماني خالياً من الكفاءات العسكرية المدرّبة.

إذا فإن معاهدة فرساي كانت إحدى أكثر الوثائق إجحافا وظلما.. وقد أدي هذا الظلم الذي وقع علي الشعب الألماني إلي قيام حرب عالمية أخرى ، وجعل قيام هذه الحرب أمرا لا مفر منه .