- الأحد مايو 05, 2013 3:18 pm
#62431
الملك و الخلافة عند ابن تيمية :
وأثار ابن تيمية جدلاً عند محاولته التفريق بين معاني الملك ، والخلافة وغيرها من الألفاظ التي تطلق على الحاكم من الناحية الشرعية ، وقد أثبتنا أنه لا يوجد هناك خلاف شرعي في هذه الألفاظ التي تطلق على الرجل الأول في الدولة ، وقد ثبت أن أكثر الألفاظ التي استخدمها القرآن للدلالة على الرجل الأول في الدولة هو لفظ : الملك . كما ظهر لنا أن لفظ الملك أو غيره من الألفاظ التي تحدثنا عنها لا يذم لذاته أو يُمدح . وإنما المدح والذم يترتب على السياسات والأعمال المترتبة عليه ، وظهر من خلال تصور ابن تيمية للإمامة ، والاهتمام بأمر الحكم ، ووجود الحاكم ، والدولة ، أنه أمر لا يمكن اعتباره من الفرعيات التي يمكن التخلي عنها أو إقامة الدين على وجهه الصحيح دونها ، وذلك لترتب ممارسة الدين الفعلية على ذلك الوجود .
ثم قسم ابن تيمية الحكم الإسلامي إلى : خلافة نبوة ، وملك رحمة ، وملك عضوض ، وملك جبري ، وكان يمكن قبول هذا التقسيم لو قدم لنا ابن تيمية – أو من ذهب إلى هذا التقسيم من العلماء – دراسة استقرائي ، وفق ضوابط محددة لكل منها، وبالتالي يقدم على أنه اجتهاد قابل للنقاش العلمي ، ولكنا رفضنا أن يكون هذا هو التبشير الإسلامي، وأنه حتمية تاريخية لابد من التسليم بها ، وذلك لأن المستند الشرعي الذيث اعتمدوا عليه لا يثبت وفقاً لقواعد علم الحديث : دراية ورواية . بل ونرى أن هذا الحديث قد ساهم مساهمة فعالة في تكريس الاستبداد السياسي ، لما يوجب من الاستسلام لمعناه بناءً على أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ويتعدى الأمر عند بعضهم فيعده من علامات النبوة التي تحققت ، وأنه أمر قدري لا يمكن معارضته أو تغييره .
ومن الإسهامات الهامة لابن تيمية اعتباره أن الشروط التي يجب أن تتوفر في الحاكم بعد الشروط المجمع عليها ، هي : الأمانة والقدرة ، والكفاءة ، واستمدت هذه الشروط أهميتها من ضرورة الحكم العادل والراشد إليها ، وأما شروط القرشية فقد استطعنا أن نقدم له تعليلاً أو تفسيراً جديداً رأيناه يتوافق مع روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها يخالف تعليل وتفسير ابن تيمية ، وابن خلدون .
رأي ابن تيمية في الحاكم
وتوصلنا كذلك إلى أن الحاكم يستمد سلطته من الأغلبية ، كما استمدها الخلفاء الراشدون ، وهي التي تشكل التصور الإسلامي الصحيح ، وأما العهد وإن كان قد وجد في التاريخ الإسلامي ، ومارسه بعض الخلفاء الراشدين ، إلا أنه لم يكن سوى ترشيح يخضع لموافقة الأمة عليه أو رده ، وقد رأينا بسبب الممارسات التاريخية التي شوهت صورة العهد بالعهد إلى من لا يستحقون – غالباً – وجعلته ملزماً للأمة سواء رضيت به أو رفضته ، أن نرفض العهد من أساسه فلا نجيزه أساساً للحاكم ، وذلك وفقاً لقاعدتي : ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) و( سد باب الذرائع ) . وأما الوراثة للحكم فهي مرفوضة من أساسها في الذوق الإسلامي ، لأنها خيانة حسب تعبير ابن تيمية للأمة ، ونفاق حسب تعبير عمر – رضي الله عنه – لمن أشار عليه بتولية ابنه . وأما الاستيلاء على السلطة لا يكون بحال موجباً للإقرار بحكم المتسلط ، وذلك لعدم وجود دليل شرعي سالم من القدح فيه علمياً . وأما استمراره في الحكم فذلك يخضع لقدرة الأمة على خلعه أو إقراره .
الحاكم و الرعية عند ابن تيمية :
ومن خلال نظرة ابن تيمية للعلاقة بين الحاكم والأمة أثبتنا بالدليل الواضح أن نظرية العقد السياسي أو ما يعبر عنه بالعقد الاجتماعي ، بين الحاكم والأمة هي نظرية إسلامية ، لها تأصيلها ، وأطرافها ، وشروطها ، وضوابطها ، وصيغها الفقهية لدى علماء القانون الدستوري الإسلامي ، سبقوا علماء الغرب في بحثها قروناً كثيرة ، هذا مع علمنا بوجود بعض الفروق بين الطرحين.
لذا فإن هناك حقوقاً وواجبات متبادلة بين الحاكم والرعية ، ينبغي على كل طرق القيام بها ، وهذه الحقوق ليست مطلقة ، بل لها ضوابط وحدود ، فالطاعة للحاكم مقيدة بطاعة الله ورسوله ، ويتنبى الراجح من الأقوال العلمية . ونصرته مقيدة بعدم العدوان . وأما نصح الحاكم فهو حق للحاكم يجب على الرعية بذله ، وهو غير محدد في أمر من الأمور ، ولا شخص من الأشخاص ، فهو يشمل جميع مجالات الحكم ، ويعم جميع الناس.
ثم عرض ابن تيمية لأسباب فساد الحكم بنظرة شمولية شملت أسباباً : إيمانية ، وأخلاقية ، واقتصادية ، وعسكرية ، وقضائية ، واجتماعية ، وإدارية ، وسياسية ، وحضارية . وعليه فإن فساد الحكم لا ينحصر في الناحية الإيمانية وحدها كما يحلو للتبسيطيين في معالجة قضية الحكم ، وعليه فإن الحكم الإسلامي يجب عليه أن يعالج جميع تلك القضايا معالجة حضارية ، ينطلق من رؤى تأريخية ومستقبلية .
ابن تيمية و أهلية المعارضة السياسية :
ومن هنا تأتي في نظر ابن تيمية أهمية المعارضة السياسية – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – ووجودها في الدولة . فالمعروف هو : كل ما هو صحيح فيما يتعلق بحياة الفرد والمجتمع والدولة – والمنكر هو : الخطأ فيها . لذا فقد رأينا أن الإسلام يهتم بهذا الركن اهتماماً كبيراً ، فقد وضع له أحكاماً شرعية ، وشروطاً ، وأولويات ، ومراتب ، وآداب وغيرها .
لذا فقد خالفنا ابن تيمية وتبنينا بأن للمعارضة أن تعزل الحاكم من منصبه ، وذلك وفقاً لضوابط ، وشروط يخالف فيها العقد السياسي المبرم معه ، وإن أدى ذلك إلى استعمال القوة ، بشرط القدرة والتمكن وهما الشرطان الدافعان لخوف الفتنة ، وقد رفضنا ربط الفتنة بقتل نفس واحدة ، وأنها شر من التغيير مطلقاً كما رأى ابن تيمية ، وذلك لما فيه من الفتن والشرور التي تجنيها الأمة ، بل وجنتها كثيراً في تأريخها السياسي . بسبب السكوت على المخلين بالعقد السياسي ، سواء بالظلم ، أو الاستبداد ، أو مصادرة مقدرات الأمة ، أو العمالة مع أعدائها.
لذا فقد قدمنا تفسيرات جديدة – غير التي ذهب إليها ابن تيمية – للنصوص التي ورد فيها إجازة الأثرة ، والإكراه من الحكم تتوافق مع روح الإسلام ، وترفض الاستبداد والظلم بكافة أشكاله ، والذي هو من المبررات الأساسية لرسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكشفنا عن ضعف الروايات التي تبيح للحاكم جلد الظهر وأخذ المال بغير حق ، والتي عملت في تكريس سلطة المستبدين من الحكم ، وتبرير المنتفعين من العلماء ، أو الذين غفلوا عن حقيقة هذه الروايات .
ضوابط الفكر السياسية عند ابن تيمية :
من خلال فكر ابن تيمية ضوابط لما يمكن تسميته بالدستور الإسلامي قائمة على : السيادة لله ، وتتمثل هذه السيادة في نصوص الوحي ، القطعية الدلالة ، والثبوت ، والأمور المجمع عليها من خلال الشورى ، والاجتهاد . وبالتالي فهي محدودة جداً يمكن أن تكون أساساً للدستور الإسلامي . وأن هناك مجالاً واسعاً للاجتهاد في قضايا الدولة ، والمجتمع تقوم على استخدام القياس ، والمصالح المرسلة ، وسد أو فتح الذرائع .
وبالتالي فإنه لا يمكن قيام نظام حكم إسلامي لا يتعامل مع الشورى ، ولا يمتثل لنتائجها . وإن عدم ممارسة الحكم الإسلامي الفعلية لها في تاريخ الأمة الإسلامية كان من أكبر علامات تلاشي النموذج الإسلامي للحكم وشيوع الاستبداد ، وعليه فإنه رغم أسس علمية ، فإنها كانت سبباً في إطلاق الحرية للحاكم في الاستبداد في أمر الأمة ، والعجيب أن هذه الآراء انتشرت ودعي إليها في العالم الإسلامي وتاريخه ، في الفترات التي استولى الحكام على الحكم بغير مشورة من المسلمين ، واستبدوا فيها بأمر الأمة ، مما يجعلها آراءً تبريرية أكثر منها شرعية .
وعليه فإننا نعتبر من أهم إسهامات ابن تيمية جعله لمسئوليات الحاكم ، ووظائف الدولة منها ما هو محدد ، ومنها ما هو خاضع للتطورات الحضارية ، واحتياجات العصر . وعدم وعي هذه الحقيقة يؤدي إلى تخلي الدولة عن مسؤولياتها التي غالباً ما تكون سبباً في زوالها.
وأثار ابن تيمية جدلاً عند محاولته التفريق بين معاني الملك ، والخلافة وغيرها من الألفاظ التي تطلق على الحاكم من الناحية الشرعية ، وقد أثبتنا أنه لا يوجد هناك خلاف شرعي في هذه الألفاظ التي تطلق على الرجل الأول في الدولة ، وقد ثبت أن أكثر الألفاظ التي استخدمها القرآن للدلالة على الرجل الأول في الدولة هو لفظ : الملك . كما ظهر لنا أن لفظ الملك أو غيره من الألفاظ التي تحدثنا عنها لا يذم لذاته أو يُمدح . وإنما المدح والذم يترتب على السياسات والأعمال المترتبة عليه ، وظهر من خلال تصور ابن تيمية للإمامة ، والاهتمام بأمر الحكم ، ووجود الحاكم ، والدولة ، أنه أمر لا يمكن اعتباره من الفرعيات التي يمكن التخلي عنها أو إقامة الدين على وجهه الصحيح دونها ، وذلك لترتب ممارسة الدين الفعلية على ذلك الوجود .
ثم قسم ابن تيمية الحكم الإسلامي إلى : خلافة نبوة ، وملك رحمة ، وملك عضوض ، وملك جبري ، وكان يمكن قبول هذا التقسيم لو قدم لنا ابن تيمية – أو من ذهب إلى هذا التقسيم من العلماء – دراسة استقرائي ، وفق ضوابط محددة لكل منها، وبالتالي يقدم على أنه اجتهاد قابل للنقاش العلمي ، ولكنا رفضنا أن يكون هذا هو التبشير الإسلامي، وأنه حتمية تاريخية لابد من التسليم بها ، وذلك لأن المستند الشرعي الذيث اعتمدوا عليه لا يثبت وفقاً لقواعد علم الحديث : دراية ورواية . بل ونرى أن هذا الحديث قد ساهم مساهمة فعالة في تكريس الاستبداد السياسي ، لما يوجب من الاستسلام لمعناه بناءً على أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ويتعدى الأمر عند بعضهم فيعده من علامات النبوة التي تحققت ، وأنه أمر قدري لا يمكن معارضته أو تغييره .
ومن الإسهامات الهامة لابن تيمية اعتباره أن الشروط التي يجب أن تتوفر في الحاكم بعد الشروط المجمع عليها ، هي : الأمانة والقدرة ، والكفاءة ، واستمدت هذه الشروط أهميتها من ضرورة الحكم العادل والراشد إليها ، وأما شروط القرشية فقد استطعنا أن نقدم له تعليلاً أو تفسيراً جديداً رأيناه يتوافق مع روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها يخالف تعليل وتفسير ابن تيمية ، وابن خلدون .
رأي ابن تيمية في الحاكم
وتوصلنا كذلك إلى أن الحاكم يستمد سلطته من الأغلبية ، كما استمدها الخلفاء الراشدون ، وهي التي تشكل التصور الإسلامي الصحيح ، وأما العهد وإن كان قد وجد في التاريخ الإسلامي ، ومارسه بعض الخلفاء الراشدين ، إلا أنه لم يكن سوى ترشيح يخضع لموافقة الأمة عليه أو رده ، وقد رأينا بسبب الممارسات التاريخية التي شوهت صورة العهد بالعهد إلى من لا يستحقون – غالباً – وجعلته ملزماً للأمة سواء رضيت به أو رفضته ، أن نرفض العهد من أساسه فلا نجيزه أساساً للحاكم ، وذلك وفقاً لقاعدتي : ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) و( سد باب الذرائع ) . وأما الوراثة للحكم فهي مرفوضة من أساسها في الذوق الإسلامي ، لأنها خيانة حسب تعبير ابن تيمية للأمة ، ونفاق حسب تعبير عمر – رضي الله عنه – لمن أشار عليه بتولية ابنه . وأما الاستيلاء على السلطة لا يكون بحال موجباً للإقرار بحكم المتسلط ، وذلك لعدم وجود دليل شرعي سالم من القدح فيه علمياً . وأما استمراره في الحكم فذلك يخضع لقدرة الأمة على خلعه أو إقراره .
الحاكم و الرعية عند ابن تيمية :
ومن خلال نظرة ابن تيمية للعلاقة بين الحاكم والأمة أثبتنا بالدليل الواضح أن نظرية العقد السياسي أو ما يعبر عنه بالعقد الاجتماعي ، بين الحاكم والأمة هي نظرية إسلامية ، لها تأصيلها ، وأطرافها ، وشروطها ، وضوابطها ، وصيغها الفقهية لدى علماء القانون الدستوري الإسلامي ، سبقوا علماء الغرب في بحثها قروناً كثيرة ، هذا مع علمنا بوجود بعض الفروق بين الطرحين.
لذا فإن هناك حقوقاً وواجبات متبادلة بين الحاكم والرعية ، ينبغي على كل طرق القيام بها ، وهذه الحقوق ليست مطلقة ، بل لها ضوابط وحدود ، فالطاعة للحاكم مقيدة بطاعة الله ورسوله ، ويتنبى الراجح من الأقوال العلمية . ونصرته مقيدة بعدم العدوان . وأما نصح الحاكم فهو حق للحاكم يجب على الرعية بذله ، وهو غير محدد في أمر من الأمور ، ولا شخص من الأشخاص ، فهو يشمل جميع مجالات الحكم ، ويعم جميع الناس.
ثم عرض ابن تيمية لأسباب فساد الحكم بنظرة شمولية شملت أسباباً : إيمانية ، وأخلاقية ، واقتصادية ، وعسكرية ، وقضائية ، واجتماعية ، وإدارية ، وسياسية ، وحضارية . وعليه فإن فساد الحكم لا ينحصر في الناحية الإيمانية وحدها كما يحلو للتبسيطيين في معالجة قضية الحكم ، وعليه فإن الحكم الإسلامي يجب عليه أن يعالج جميع تلك القضايا معالجة حضارية ، ينطلق من رؤى تأريخية ومستقبلية .
ابن تيمية و أهلية المعارضة السياسية :
ومن هنا تأتي في نظر ابن تيمية أهمية المعارضة السياسية – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – ووجودها في الدولة . فالمعروف هو : كل ما هو صحيح فيما يتعلق بحياة الفرد والمجتمع والدولة – والمنكر هو : الخطأ فيها . لذا فقد رأينا أن الإسلام يهتم بهذا الركن اهتماماً كبيراً ، فقد وضع له أحكاماً شرعية ، وشروطاً ، وأولويات ، ومراتب ، وآداب وغيرها .
لذا فقد خالفنا ابن تيمية وتبنينا بأن للمعارضة أن تعزل الحاكم من منصبه ، وذلك وفقاً لضوابط ، وشروط يخالف فيها العقد السياسي المبرم معه ، وإن أدى ذلك إلى استعمال القوة ، بشرط القدرة والتمكن وهما الشرطان الدافعان لخوف الفتنة ، وقد رفضنا ربط الفتنة بقتل نفس واحدة ، وأنها شر من التغيير مطلقاً كما رأى ابن تيمية ، وذلك لما فيه من الفتن والشرور التي تجنيها الأمة ، بل وجنتها كثيراً في تأريخها السياسي . بسبب السكوت على المخلين بالعقد السياسي ، سواء بالظلم ، أو الاستبداد ، أو مصادرة مقدرات الأمة ، أو العمالة مع أعدائها.
لذا فقد قدمنا تفسيرات جديدة – غير التي ذهب إليها ابن تيمية – للنصوص التي ورد فيها إجازة الأثرة ، والإكراه من الحكم تتوافق مع روح الإسلام ، وترفض الاستبداد والظلم بكافة أشكاله ، والذي هو من المبررات الأساسية لرسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكشفنا عن ضعف الروايات التي تبيح للحاكم جلد الظهر وأخذ المال بغير حق ، والتي عملت في تكريس سلطة المستبدين من الحكم ، وتبرير المنتفعين من العلماء ، أو الذين غفلوا عن حقيقة هذه الروايات .
ضوابط الفكر السياسية عند ابن تيمية :
من خلال فكر ابن تيمية ضوابط لما يمكن تسميته بالدستور الإسلامي قائمة على : السيادة لله ، وتتمثل هذه السيادة في نصوص الوحي ، القطعية الدلالة ، والثبوت ، والأمور المجمع عليها من خلال الشورى ، والاجتهاد . وبالتالي فهي محدودة جداً يمكن أن تكون أساساً للدستور الإسلامي . وأن هناك مجالاً واسعاً للاجتهاد في قضايا الدولة ، والمجتمع تقوم على استخدام القياس ، والمصالح المرسلة ، وسد أو فتح الذرائع .
وبالتالي فإنه لا يمكن قيام نظام حكم إسلامي لا يتعامل مع الشورى ، ولا يمتثل لنتائجها . وإن عدم ممارسة الحكم الإسلامي الفعلية لها في تاريخ الأمة الإسلامية كان من أكبر علامات تلاشي النموذج الإسلامي للحكم وشيوع الاستبداد ، وعليه فإنه رغم أسس علمية ، فإنها كانت سبباً في إطلاق الحرية للحاكم في الاستبداد في أمر الأمة ، والعجيب أن هذه الآراء انتشرت ودعي إليها في العالم الإسلامي وتاريخه ، في الفترات التي استولى الحكام على الحكم بغير مشورة من المسلمين ، واستبدوا فيها بأمر الأمة ، مما يجعلها آراءً تبريرية أكثر منها شرعية .
وعليه فإننا نعتبر من أهم إسهامات ابن تيمية جعله لمسئوليات الحاكم ، ووظائف الدولة منها ما هو محدد ، ومنها ما هو خاضع للتطورات الحضارية ، واحتياجات العصر . وعدم وعي هذه الحقيقة يؤدي إلى تخلي الدولة عن مسؤولياتها التي غالباً ما تكون سبباً في زوالها.