- الأحد مايو 05, 2013 3:51 pm
#62456
يقول الصديق الصحافي سلطان السعد القحطاني في كتابه اللذيذ ''هكذا سقط الزعيم'': كان مبارك رجلا عظيما ذات يوم، ولكنه مثل معظم السياسيين في عالمنا العربي، الذين لا يعرفون متى ينزلون عن خشبة المسرح في الوقت المناسب، حفاظا على صورتهم وتاريخهم''.
الكاتب الرشيق ساق عبارته دقيقة الوصف في تحليل مشهد سياسي، وأراها تنسحب على كل من يصعد خشبة المسرح في أي مجال كان، سياسيا، اجتماعيا، إعلاميا وفنيا ورياضيا، بل إن دعاة الدين أنفسهم أولى الناس بالزهد في هذه الدنيا الفانية، لا يسقطون عن القائمة، لأن الإنسان جُبل على حب الملذات، وإبراز الذات، فإن مسه الشر جزوعا، وإن مسه الخير منوعا.
.. وتعرف صفحات الإعلام القديمة والحديثة نجوما في مجالات مختلفة، أصبحوا زوارا دائمين للعيادات النفسية، يتلقون تأهيلا جديدا عله يعيدهم إلى صفوف المجتمع متعافين من إدمان الوقوف تحت الضوء، ولفراق المسرح لوعة وأي لوعة.. لوعة لا يعرفها إلا المجربون ثم الأقربون فالأقربون.
ماجد عبد الله الأسطورة الخالدة في أذهان من يحبونه ومن لا يحبونه، اعتزل وما طاق الفراق ثم عاد وحين الوداع الأخير، وأمام الصحافة والإعلام في مؤتمر عام قال وهو يمسح دميعات تسربت: أعلم أني لن أستمر ماجدا للأبد، وأن لكل شيء نهاية، لكني لا أحتمل مشهد الفراق، والبعد عن هذا الجمهور وتلك الكرة. ثم أدنى رأسه وترك الحديث لقطرات الماء المالح تتسابق.
رونالدو الرجل الذي ولد داخل منطقة الجزاء وقلما غادرها بلا ابتسامة، أرهقته الإصابات، جمع الصحافيين والعشاق وخطب فيهم بصوت منكسر: عقلي وقلبي يريدان الاستمرار، أحب الكرة، وأتلذذ بالمدرج وهو يردد اسمي، وجسدي يقول لا أستطيع، توقف. لحظتها توقف الهداف الأول في تاريخ الأرض عن الحديث، بكى، بكى كطفل وأبكى عشاقه في كل الدُنا. ويومها كنت على موعد مع عاشقه الأول في العالم العربي فارس عوض، فوجدته يستقبلني بعينين محمرّتين، ولم أسأله ما بك، وهل يُسأل العشاق عن لوعة الفراق كيف طعمها؟.
.. في مجلس سيف الدولة الحمداني تعالت حماسة الشاعر العربي الأسطورة المتنبي في قصيدته الأشهر ''واحر قلباه'' المليئة بالحكمة والفخر والغرور، وعندما أتى على بيته القائل:
يا من يعز علينا أن نفارقهم... وجداننا كل شيء بعدكم عدم
تهدج صوته وتسرب الشجن بين حروفه كما تقول الروايات، رغم أن العزة التي تسكنه -وقتلته لاحقا- حاولت أن تتماسك في البيت الآخر:
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا... ألا تفارقهم فالراحلون هم
ما أقسى الفراق وأمَرَّه، سكين تنغرس فتفصل روحا عن روح، تشعر بها وهي تتسرب بين شغابيب القلب، ولا تستطيع لها ردا، كأنك تلفظ أنفاسا تتبعها حشرجة، زفرة موت لا تقتل، وأصعب من تلك التي تقتل.
محمد نور، ابن مكة وأسطورة اتحاد جدة، وباني قلاعه الذهبية، لن يكون آخر الأساطير التي تلوح بالوداع، وليس أول من اختنق قلبه منهم على ذكر الرحيل. أشعر بما يشعر به نور الآن وأتفهم موقفه، وسيرتكب حماقة كبيرة إن قرر الدفاع عن ألوان فريق آخر غير الاتحاد وهو يَهم بالرحيل. لحظات صعبة يا نور ومُرّة جدا، الاتحاد اختار الفراق مكرها، وأنت ما زلت تردد:
أزف الفراق فهل أودع صامتا... أم أنت مصغ للعتاب فأعتب
وليس أقسى من الوداع إلا العتاب في وداع.
أعلم أن الاتحاد قطعة من قلب نور، وأن نور فلذة كبد الاتحاد، لكنها المحطة الأخيرة في قطار بلغ كل المجد يا نور، ترجل عن المسرح، واحتفظ بنور مسيرتك العظيمة حتى وإن تواريت عن النور.
الكاتب الرشيق ساق عبارته دقيقة الوصف في تحليل مشهد سياسي، وأراها تنسحب على كل من يصعد خشبة المسرح في أي مجال كان، سياسيا، اجتماعيا، إعلاميا وفنيا ورياضيا، بل إن دعاة الدين أنفسهم أولى الناس بالزهد في هذه الدنيا الفانية، لا يسقطون عن القائمة، لأن الإنسان جُبل على حب الملذات، وإبراز الذات، فإن مسه الشر جزوعا، وإن مسه الخير منوعا.
.. وتعرف صفحات الإعلام القديمة والحديثة نجوما في مجالات مختلفة، أصبحوا زوارا دائمين للعيادات النفسية، يتلقون تأهيلا جديدا عله يعيدهم إلى صفوف المجتمع متعافين من إدمان الوقوف تحت الضوء، ولفراق المسرح لوعة وأي لوعة.. لوعة لا يعرفها إلا المجربون ثم الأقربون فالأقربون.
ماجد عبد الله الأسطورة الخالدة في أذهان من يحبونه ومن لا يحبونه، اعتزل وما طاق الفراق ثم عاد وحين الوداع الأخير، وأمام الصحافة والإعلام في مؤتمر عام قال وهو يمسح دميعات تسربت: أعلم أني لن أستمر ماجدا للأبد، وأن لكل شيء نهاية، لكني لا أحتمل مشهد الفراق، والبعد عن هذا الجمهور وتلك الكرة. ثم أدنى رأسه وترك الحديث لقطرات الماء المالح تتسابق.
رونالدو الرجل الذي ولد داخل منطقة الجزاء وقلما غادرها بلا ابتسامة، أرهقته الإصابات، جمع الصحافيين والعشاق وخطب فيهم بصوت منكسر: عقلي وقلبي يريدان الاستمرار، أحب الكرة، وأتلذذ بالمدرج وهو يردد اسمي، وجسدي يقول لا أستطيع، توقف. لحظتها توقف الهداف الأول في تاريخ الأرض عن الحديث، بكى، بكى كطفل وأبكى عشاقه في كل الدُنا. ويومها كنت على موعد مع عاشقه الأول في العالم العربي فارس عوض، فوجدته يستقبلني بعينين محمرّتين، ولم أسأله ما بك، وهل يُسأل العشاق عن لوعة الفراق كيف طعمها؟.
.. في مجلس سيف الدولة الحمداني تعالت حماسة الشاعر العربي الأسطورة المتنبي في قصيدته الأشهر ''واحر قلباه'' المليئة بالحكمة والفخر والغرور، وعندما أتى على بيته القائل:
يا من يعز علينا أن نفارقهم... وجداننا كل شيء بعدكم عدم
تهدج صوته وتسرب الشجن بين حروفه كما تقول الروايات، رغم أن العزة التي تسكنه -وقتلته لاحقا- حاولت أن تتماسك في البيت الآخر:
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا... ألا تفارقهم فالراحلون هم
ما أقسى الفراق وأمَرَّه، سكين تنغرس فتفصل روحا عن روح، تشعر بها وهي تتسرب بين شغابيب القلب، ولا تستطيع لها ردا، كأنك تلفظ أنفاسا تتبعها حشرجة، زفرة موت لا تقتل، وأصعب من تلك التي تقتل.
محمد نور، ابن مكة وأسطورة اتحاد جدة، وباني قلاعه الذهبية، لن يكون آخر الأساطير التي تلوح بالوداع، وليس أول من اختنق قلبه منهم على ذكر الرحيل. أشعر بما يشعر به نور الآن وأتفهم موقفه، وسيرتكب حماقة كبيرة إن قرر الدفاع عن ألوان فريق آخر غير الاتحاد وهو يَهم بالرحيل. لحظات صعبة يا نور ومُرّة جدا، الاتحاد اختار الفراق مكرها، وأنت ما زلت تردد:
أزف الفراق فهل أودع صامتا... أم أنت مصغ للعتاب فأعتب
وليس أقسى من الوداع إلا العتاب في وداع.
أعلم أن الاتحاد قطعة من قلب نور، وأن نور فلذة كبد الاتحاد، لكنها المحطة الأخيرة في قطار بلغ كل المجد يا نور، ترجل عن المسرح، واحتفظ بنور مسيرتك العظيمة حتى وإن تواريت عن النور.