- الأحد مايو 05, 2013 4:17 pm
#62475
حقوق الانسان فى السياسة الدولية والعربية: رؤية لحقوق الإنسان كمدخل لإدارة معركة التحرر الفلسطينى المصدر: السياسة الدولية بقلم: وحيد عبدالمجيد
أصبح الحديث عن حقوق الإنسان الفلسطينى فى الأراضى المحتلة، وخاصة منذ تفجر الانتفاضة الكبرى الحالية، موضع اهتمام عالمى
غير مسبوق على مستويات رسمية وغير رسمية فقد وجد هذا الموضوع طريقه إلى أجهزة الأعلام الغربية بمختلف أنواعها، وإلى الأجهزة
الرسمية المعنية بحقوق الإنسان فى العديد من الدول الغربية، وإلى منظمات حقوق الإنسان المتباينة التوجهات والتى كان بعضها
يتجاهل الحقوق الفلسطينية كلية أو يوليها اهتماما روتينيا فأخذت هذه المنظمات فى تطوير معالجاتها للانتهاكات الإسرائيلية فى
الأراضى المحتلة بشكل ملموس
لكن الملاحظ أن هذا الاهتمام ينصب عل حقوق الإنسان الفردية بالأساس، سواء السياسية والمدنية أو الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية أكثر مما ينصرف إلى الحقوق الجماعية للشعب الفلسطينى والتى تتمحور حول حق تقرير المصير والاستصلاح والعيش فى سلام
وتثير هذه الظاهرة التساؤل حول مدى صلاحية استخدام هذا المدخل، أى حقوق الإنسان الفردية، ومدى ما يحققه من فائدة فى المعركة
التى يخوضها الشعب الفلسطينى فى سبيل التحرر
حدود الصلاحية:ـ
ربما لا يكون ثمة خلاف على صلاحية وفاعلية مدخل حقوق الإنسان الفردية فى مواجهة أنظمة الحكم الاستبدادية بأشكالها المختلفة
لكن الذى يستحق التأمل هو مدى صلاحية هذا المدخل فى مواجهة احتلال عسكرى بل واستعمار استيطانى كما هو الأمر فى الحالة
الفلسطينية فالنضال من أجل حقوق الإنسان فى هذه الحالة يتجاوز مجرد السعى إلى تحسين ظروف حياة الناس وتحقيق أدميتهم، لأنه
يرتبط بكفاح تحررى يستهدف الاستقلال بالأساس
كما أن مدخل حقوق الإنسان الفردية يصطدم بالضرورة بواقع أن إسرائيل ليست الدولة الوحيدة فى هذا العالم التى تنتهك حقوق
الإنسان الفردية، ولا هى الدولة الأكثر انتهاكا لتلك الحقوق ولذلك نجد أن العديد من التقارير التى تتناول الانتهاكات
الإسرائيلية تشير إلى هذا المعنى بشكل أو بآخر وبعضها يبدأ بالإشادة بالديمقراطية الإسرائيلية كما هو حال تقرير الخارجية
الأمريكية الأخير عن حقوق الإنسان، والذى يبدأ معالجته لهذه الحقوق فى الأراضى المحتلة بالإشارة إلى ـ(ديمقراطية الدولة
الإسرائيلية التى أتاحت الفرصة لإعداد هذا القسم الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان فى الضفة الغربية، وقطاع غزة)ـ ودلالة ذلك
أن التقرير يضع تلك الانتهاكات من البداية فى إطار أخطاء وتجاوزات يدعو إلى الحد منها، وليس فى إطار الصراع بين سلطة محتلة
وشعب خاضع للاحتلال
لكن هذا لا يعنى أن مدخل حقوق الإنسان الفردية مجرد من أية فائدة فهو صالح فى حدود تبصير الرأى العام الغربى بحقيقة
ممارسات سلطة الاحتلال الإسرائيلية، وتقديم المعرفة له والتى غابت طويلا بفضل نجاح آلة الدعاية الصهيونية فى طمس الكثير من
الحقائق ولذلك فإن تقديم المعرفة عن انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطينى فى الأراضى المحتلة أمر لا يمكن إنكار أهميته، خاصة
وأن الكثير من منظمات حقوق الإنسان فى الغرب حاولت التهوين من هذه الانتهاكات لفترة طويلة فهذا المدخل إذن يمكن توظيفه فى
مخاطبة الرأى العام الغربى الذى تزايد اهتمامه بالأوضاع فى الأراضى المحتلة بتأثير الانتفاضة التى أظهرت الانتهاك
الإسرائيلى لحقوق الإنسان بشكل غير مسبوق فخلال العام الأول لهذه الانتفاضة سقط عدد من الشهداء والجرحى وقيدت حرية عدد من
المعتقلين يتجاوز مجموع الشهداء والجرحى والمعتقلين خلال السنوات العشرين السابقة على تفجرها
ويبدو أن تأثير هذا المدخل يزداد كلما كان الاعتماد على شهادات ووثائق صادرة عن جهات غربية، مثل تصريحات وزير الدولة
البريطانى للشؤون الخارجية ومع ذلك يظل مدخل الحقوق الفردية للإنسان صالحا جزئيا فى إدارة الصراع على الصعيد الدولى بما
يحققه من قائدة فى تبصير الرأى العام الغربى بالانتهاكات التى تتعرض لها هذه الحقوق فى الأراضى المحتلة كتوطئة للحديث عن
الحقوق الجماعية كما يفيد هذا المدخل أيضا على صعيد البيئة الداخلية للصراح، أى ساحة المواجهة فى الأراضى المحتلة وتتمثلى
هذه الفائدة فيما يمكن أن يؤدى إليه استخدام هذا الدخل من ضغوط على السلطة المحتلة للالتزام ـ جزئيا على الأقل
بالاتفاقيات الدولية النى تنظم الأوضاع القانونية للسكان فى أى إقليم محتل، وأهمها اتفاقيات عام 1949 وخاصة الاتفاقية
الرابعة المتعلقة بحماية السكان المدنيين إزاء السلطات المحتلة ولعل اضطرار السلطات الإسرائيلية للالتزام ـ حتى الجزئى ـ
بهذه الاتفاقيات يوفر مناخا أفضل للنضال الوطنى فى الأراضى المحتلة، الأمر الذى قد يتيح إمكانات أكبر لتطوير الانتفاضة إلى
مرحلة أرقى فى الاتجاه صوب العصيان الشامل أو شبه الشامل
فتطبيق هذه الاتفاقيات سيتيح للسكان الفلسطينيين مجموعة من الحقوق التى يمكن أن تؤثر إيجابيا على مسار النضال الوطنى وهى:ـ
ـ ـ حق التعبير المنتهك بفرض القيود المشددة على الصحف والمجلات التى يصل عددها الآن إلى 30 فى الضفة الغربية
ـ ـ حق التجمع السلمى الذى تستخدمه قوات الاحتلال فى مواجهة أساليب مختلفة ومتباينة من العنف ـ حق التنظيم السياسى
والنقابى المحروم منه أبناء الأراضى المحتلة
ـ ـ حق الحرية الذى ينتهك يوميا بفعلى أنظمة الطوارئ البريطانية التى تعود إلى عهد الانتداب، والتى تجير الاعتقال دون
محاكمة لمدة ستة شهور قابلة للتجديد
ـ ـ حق السلامة من الأذى البدنى والمعنوى، وهو الأذى الذى تمارسه السلطة المحتلة يوميا تقريبا داخل المعتقلات وخارجها على
السواء
ـ ـ حق المحاكمة العادلة المفتقد كلية
ـ ـ حق الملكية المنتهك على صعيد الأراضى بصفة خاصة
ـ ـ حق التعليم الذى يتعرض للإهدار بفضل القيود المفروضة على المؤسسات التعليمية والإغلاق المتكرر فهذه المؤسسات للحد من
دورها الوطنى
ـ ـ حق العمل والأجر العادل
شرطان ضروريان:ـ
وعلى هذا النحو يبدو مدخل حقوق الإنسان الفردية صالحا فى إدارة معركة التحرر الفلسطينى سواء على الصعيد الدولى أو على
مستوى ساحة الصراع داخل الأراضى المحتلة لكن هذه الصلاحية تظل جزئية ما لم يتوافر شرطان رئيسيان هما ربط هذه الحقوق الفردية
بالحقوق الجماعية للشعب الفلسطينى، وتحسين أوضاع حقوق الإنسان العربى صفة عامة
فعلى صعيد الحقوق الجماعية، أدى نضال الشعوب المستعمرة من أجل التحرر إلى فرض حق تقرير المصير بصفة تدريجية حتى تم إقراره
كمبدأ من مبادئ القانون الدولى بعد الحرب العالمية الأخيرة، حيث نص عليه ميثاق الأمم المتحدة باعتباره هدفا من أهدافها
ـ(احترام مبدأ المساواة فى الحقوق بين الشعب وأن يكون ـ لكل منها حق تقرير مصيرها)ـ
وبذلك أصبح حق تقرير المصير من الحقوق الثابتة للشعوب وقد أقرمت الأمم المتحدة وأجهزتها هذا الحق
للشعب الفلسطينى بشكل واضح ومتكرر، وخاصة منذ صدور القرارين 3236 و 3237 خلال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة سنة
ـ 1974 ومن هنا ضرورة العمل على ربط الحقوق الفردية للشعب الفلسطينى ـ التى يجرى الحديث عنها ألان عل، نطاق واسع فى المجتمع
الدولى ـ بحقوقه الجماعية الثابتة
لكن الجهد العربى فى هذا المجال يظل معرضا لافتقاد المصداقية ما لم يحدث تغير ملموس فى أوضاع حقوق الإنسان فى جميع الأقطار
العربية فالثابت من تقارير منظمات حقوق الإنسان أن جميع الأنظمة العربية لا تحترم حقوق الإنسان بدرجات متفاوتة، تبدأ من فرض
قوانين مقيدة للحريات وتصل إلى، حد التصفية الجسدية لبعض المعارضين لهذه الأنظمة، مرورا بتعطيل الفاعليات السياسية واستخدام
مستويات متباينة من أساليب القمع والتنكيل وحتى الأقطار التى تشهد تقدما نسبيا فى احترام بعفى حقوق الإنسان فى إطار الاتجاه
إلى التعددية السياسية المقيدة، فإن هذه الحقوق تظل مهددة وعرضة فى أى وقت للتراجع مكنها ولعل هذه الأوضاع تتيح فرصة للسلطة
الإسرائيلية لأن تحاول احتواء الانتقادات الدولية لممارساتها عن طريق المقارنة بين هذه الممارسات وبين ما تقوم به الأنظمة
العربية من إهدار متفاوت لحقوق مواطنيها ومن الأمثلة الحديثة البارزة فى هذا الصدد ما قامت به السلطات الإسرائيلية من
استغلال القمع اله شديد الذى استخدمته السلطات الجزائرية فى مواجهة أحداث أكتوبر 1988 فى محاولة للتغطية على القمع المتصاعد
للانتفاضة الفلسطينية
للشعب الفلسطينى بشكل واضح ومتكرر، وخاصة منذ صدور القرارين 3236 و 3237 خلال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة سنة
ـ 1974 ومن هنا ضرورة العمل على ربط الحقوق الفردية للشعب الفلسطينى ـ التى يجرى الحديث عنها ألان عل، نطاق واسع فى المجتمع
الدولى ـ بحقوقه الجماعية الثابتة
لكن الجهد العربى فى هذا المجال يظل معرضا لافتقاد المصداقية ما لم يحدث تغير ملموس فى أوضاع حقوق الإنسان فى جميع الأقطار
العربية فالثابت من تقارير منظمات حقوق الإنسان أن جميع الأنظمة العربية لا تحترم حقوق الإنسان بدرجات متفاوتة، تبدأ من فرض
قوانين مقيدة للحريات وتصل إلى، حد التصفية الجسدية لبعض المعارضين لهذه الأنظمة، مرورا بتعطيل الفاعليات السياسية واستخدام
مستويات متباينة من أساليب القمع والتنكيل وحتى الأقطار التى تشهد تقدما نسبيا فى احترام بعفى حقوق الإنسان فى إطار الاتجاه
إلى التعددية السياسية المقيدة، فإن هذه الحقوق تظل مهددة وعرضة فى أى وقت للتراجع مكنها ولعل هذه الأوضاع تتيح فرصة للسلطة
الإسرائيلية لأن تحاول احتواء الانتقادات الدولية لممارساتها عن طريق المقارنة بين هذه الممارسات وبين ما تقوم به الأنظمة
العربية من إهدار متفاوت لحقوق مواطنيها ومن الأمثلة الحديثة البارزة فى هذا الصدد ما قامت به السلطات الإسرائيلية من
استغلال القمع اله شديد الذى استخدمته السلطات الجزائرية فى مواجهة أحداث أكتوبر 1988 فى محاولة للتغطية على القمع المتصاعد
للانتفاضة الفلسطينية فالرقم الرسمى المعلن لإعداد القتلى فى أحداث الجزائر خلال أسبوع واحد بلغ 176 قتيلا، فى حين أكدت
مصادر غربية أن العدد يصل إلى 500قتيلأ، والى أكثر من 1000 مصابا فضلا عن حوالى 3500 معتقلا وبمقارنة هذه الأرقام التى تمثل
حصيلة أسبوع واحد مع أرقام ضحايا الانتفاضة الفلسطينية خلال عام كامل، يتضح لنا حجم المشكلة التى تواجهها عملية الدفاع عن
حقوقى الإنسان الفلسطينى فى ظل الأوضاع الراهنة فى حقوق الإنسان فى العالم العربى بصفة عامة ورغم الموقف الإيجابى الذى
اتخذه الرئيس الجزائرى الشاذلى بن جديد بإعلان انه ستتم معاقبة كل من انتهك حقوق الإنسان خلال تلك الأحداث، إلا أن جوهر
المشكلة يظل ماثلا فى البناء السلطوى للنظام السياسى، والذى ينطوى على موقع متميز للأجهزة القمعية فى مختلف الأقطار العربية
ولذلك نجد أن مؤيدى إسرائيل فى الغرب يهتمون بإبراز هذه الأوضاع كلما تعرضت الممارسات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة للنقد
فعلى سبيل المثال أثار المرشح الديمقراطى فى الحملة الأولية للانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة بروسى بابيت ممارسات
الأنظمة العربية تجاه مواطنيها فى رده على سؤال حول تقويمه لأسلوب التعامل الإسرائيلى مع الانتفاضة الفلسطينية، فأنتقد هذا
الأسلوب لكنه أكد أن ـ(الأنظمة العربية تفعل ما هو أسوأ من ذلك بكثير، ولا يوجد مجال للمقارنة لأن إسرائيل دولة ديمقراطية
يجب وضعها فى مستوى آخر تماما)ـ
وهكذا تظل أوضاع حقوق الإنسان فى العالم العربى قيدا على إمكانية الاستخدام الأفضل لمدخل الحقوق الفردية للإنسان فى
الأراضى المحتلة حتى فى حالة النجاح فى ربطها بالحقوق الجماعية وفى القلب منها حق تقرير المصير
أصبح الحديث عن حقوق الإنسان الفلسطينى فى الأراضى المحتلة، وخاصة منذ تفجر الانتفاضة الكبرى الحالية، موضع اهتمام عالمى
غير مسبوق على مستويات رسمية وغير رسمية فقد وجد هذا الموضوع طريقه إلى أجهزة الأعلام الغربية بمختلف أنواعها، وإلى الأجهزة
الرسمية المعنية بحقوق الإنسان فى العديد من الدول الغربية، وإلى منظمات حقوق الإنسان المتباينة التوجهات والتى كان بعضها
يتجاهل الحقوق الفلسطينية كلية أو يوليها اهتماما روتينيا فأخذت هذه المنظمات فى تطوير معالجاتها للانتهاكات الإسرائيلية فى
الأراضى المحتلة بشكل ملموس
لكن الملاحظ أن هذا الاهتمام ينصب عل حقوق الإنسان الفردية بالأساس، سواء السياسية والمدنية أو الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية أكثر مما ينصرف إلى الحقوق الجماعية للشعب الفلسطينى والتى تتمحور حول حق تقرير المصير والاستصلاح والعيش فى سلام
وتثير هذه الظاهرة التساؤل حول مدى صلاحية استخدام هذا المدخل، أى حقوق الإنسان الفردية، ومدى ما يحققه من فائدة فى المعركة
التى يخوضها الشعب الفلسطينى فى سبيل التحرر
حدود الصلاحية:ـ
ربما لا يكون ثمة خلاف على صلاحية وفاعلية مدخل حقوق الإنسان الفردية فى مواجهة أنظمة الحكم الاستبدادية بأشكالها المختلفة
لكن الذى يستحق التأمل هو مدى صلاحية هذا المدخل فى مواجهة احتلال عسكرى بل واستعمار استيطانى كما هو الأمر فى الحالة
الفلسطينية فالنضال من أجل حقوق الإنسان فى هذه الحالة يتجاوز مجرد السعى إلى تحسين ظروف حياة الناس وتحقيق أدميتهم، لأنه
يرتبط بكفاح تحررى يستهدف الاستقلال بالأساس
كما أن مدخل حقوق الإنسان الفردية يصطدم بالضرورة بواقع أن إسرائيل ليست الدولة الوحيدة فى هذا العالم التى تنتهك حقوق
الإنسان الفردية، ولا هى الدولة الأكثر انتهاكا لتلك الحقوق ولذلك نجد أن العديد من التقارير التى تتناول الانتهاكات
الإسرائيلية تشير إلى هذا المعنى بشكل أو بآخر وبعضها يبدأ بالإشادة بالديمقراطية الإسرائيلية كما هو حال تقرير الخارجية
الأمريكية الأخير عن حقوق الإنسان، والذى يبدأ معالجته لهذه الحقوق فى الأراضى المحتلة بالإشارة إلى ـ(ديمقراطية الدولة
الإسرائيلية التى أتاحت الفرصة لإعداد هذا القسم الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان فى الضفة الغربية، وقطاع غزة)ـ ودلالة ذلك
أن التقرير يضع تلك الانتهاكات من البداية فى إطار أخطاء وتجاوزات يدعو إلى الحد منها، وليس فى إطار الصراع بين سلطة محتلة
وشعب خاضع للاحتلال
لكن هذا لا يعنى أن مدخل حقوق الإنسان الفردية مجرد من أية فائدة فهو صالح فى حدود تبصير الرأى العام الغربى بحقيقة
ممارسات سلطة الاحتلال الإسرائيلية، وتقديم المعرفة له والتى غابت طويلا بفضل نجاح آلة الدعاية الصهيونية فى طمس الكثير من
الحقائق ولذلك فإن تقديم المعرفة عن انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطينى فى الأراضى المحتلة أمر لا يمكن إنكار أهميته، خاصة
وأن الكثير من منظمات حقوق الإنسان فى الغرب حاولت التهوين من هذه الانتهاكات لفترة طويلة فهذا المدخل إذن يمكن توظيفه فى
مخاطبة الرأى العام الغربى الذى تزايد اهتمامه بالأوضاع فى الأراضى المحتلة بتأثير الانتفاضة التى أظهرت الانتهاك
الإسرائيلى لحقوق الإنسان بشكل غير مسبوق فخلال العام الأول لهذه الانتفاضة سقط عدد من الشهداء والجرحى وقيدت حرية عدد من
المعتقلين يتجاوز مجموع الشهداء والجرحى والمعتقلين خلال السنوات العشرين السابقة على تفجرها
ويبدو أن تأثير هذا المدخل يزداد كلما كان الاعتماد على شهادات ووثائق صادرة عن جهات غربية، مثل تصريحات وزير الدولة
البريطانى للشؤون الخارجية ومع ذلك يظل مدخل الحقوق الفردية للإنسان صالحا جزئيا فى إدارة الصراع على الصعيد الدولى بما
يحققه من قائدة فى تبصير الرأى العام الغربى بالانتهاكات التى تتعرض لها هذه الحقوق فى الأراضى المحتلة كتوطئة للحديث عن
الحقوق الجماعية كما يفيد هذا المدخل أيضا على صعيد البيئة الداخلية للصراح، أى ساحة المواجهة فى الأراضى المحتلة وتتمثلى
هذه الفائدة فيما يمكن أن يؤدى إليه استخدام هذا الدخل من ضغوط على السلطة المحتلة للالتزام ـ جزئيا على الأقل
بالاتفاقيات الدولية النى تنظم الأوضاع القانونية للسكان فى أى إقليم محتل، وأهمها اتفاقيات عام 1949 وخاصة الاتفاقية
الرابعة المتعلقة بحماية السكان المدنيين إزاء السلطات المحتلة ولعل اضطرار السلطات الإسرائيلية للالتزام ـ حتى الجزئى ـ
بهذه الاتفاقيات يوفر مناخا أفضل للنضال الوطنى فى الأراضى المحتلة، الأمر الذى قد يتيح إمكانات أكبر لتطوير الانتفاضة إلى
مرحلة أرقى فى الاتجاه صوب العصيان الشامل أو شبه الشامل
فتطبيق هذه الاتفاقيات سيتيح للسكان الفلسطينيين مجموعة من الحقوق التى يمكن أن تؤثر إيجابيا على مسار النضال الوطنى وهى:ـ
ـ ـ حق التعبير المنتهك بفرض القيود المشددة على الصحف والمجلات التى يصل عددها الآن إلى 30 فى الضفة الغربية
ـ ـ حق التجمع السلمى الذى تستخدمه قوات الاحتلال فى مواجهة أساليب مختلفة ومتباينة من العنف ـ حق التنظيم السياسى
والنقابى المحروم منه أبناء الأراضى المحتلة
ـ ـ حق الحرية الذى ينتهك يوميا بفعلى أنظمة الطوارئ البريطانية التى تعود إلى عهد الانتداب، والتى تجير الاعتقال دون
محاكمة لمدة ستة شهور قابلة للتجديد
ـ ـ حق السلامة من الأذى البدنى والمعنوى، وهو الأذى الذى تمارسه السلطة المحتلة يوميا تقريبا داخل المعتقلات وخارجها على
السواء
ـ ـ حق المحاكمة العادلة المفتقد كلية
ـ ـ حق الملكية المنتهك على صعيد الأراضى بصفة خاصة
ـ ـ حق التعليم الذى يتعرض للإهدار بفضل القيود المفروضة على المؤسسات التعليمية والإغلاق المتكرر فهذه المؤسسات للحد من
دورها الوطنى
ـ ـ حق العمل والأجر العادل
شرطان ضروريان:ـ
وعلى هذا النحو يبدو مدخل حقوق الإنسان الفردية صالحا فى إدارة معركة التحرر الفلسطينى سواء على الصعيد الدولى أو على
مستوى ساحة الصراع داخل الأراضى المحتلة لكن هذه الصلاحية تظل جزئية ما لم يتوافر شرطان رئيسيان هما ربط هذه الحقوق الفردية
بالحقوق الجماعية للشعب الفلسطينى، وتحسين أوضاع حقوق الإنسان العربى صفة عامة
فعلى صعيد الحقوق الجماعية، أدى نضال الشعوب المستعمرة من أجل التحرر إلى فرض حق تقرير المصير بصفة تدريجية حتى تم إقراره
كمبدأ من مبادئ القانون الدولى بعد الحرب العالمية الأخيرة، حيث نص عليه ميثاق الأمم المتحدة باعتباره هدفا من أهدافها
ـ(احترام مبدأ المساواة فى الحقوق بين الشعب وأن يكون ـ لكل منها حق تقرير مصيرها)ـ
وبذلك أصبح حق تقرير المصير من الحقوق الثابتة للشعوب وقد أقرمت الأمم المتحدة وأجهزتها هذا الحق
للشعب الفلسطينى بشكل واضح ومتكرر، وخاصة منذ صدور القرارين 3236 و 3237 خلال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة سنة
ـ 1974 ومن هنا ضرورة العمل على ربط الحقوق الفردية للشعب الفلسطينى ـ التى يجرى الحديث عنها ألان عل، نطاق واسع فى المجتمع
الدولى ـ بحقوقه الجماعية الثابتة
لكن الجهد العربى فى هذا المجال يظل معرضا لافتقاد المصداقية ما لم يحدث تغير ملموس فى أوضاع حقوق الإنسان فى جميع الأقطار
العربية فالثابت من تقارير منظمات حقوق الإنسان أن جميع الأنظمة العربية لا تحترم حقوق الإنسان بدرجات متفاوتة، تبدأ من فرض
قوانين مقيدة للحريات وتصل إلى، حد التصفية الجسدية لبعض المعارضين لهذه الأنظمة، مرورا بتعطيل الفاعليات السياسية واستخدام
مستويات متباينة من أساليب القمع والتنكيل وحتى الأقطار التى تشهد تقدما نسبيا فى احترام بعفى حقوق الإنسان فى إطار الاتجاه
إلى التعددية السياسية المقيدة، فإن هذه الحقوق تظل مهددة وعرضة فى أى وقت للتراجع مكنها ولعل هذه الأوضاع تتيح فرصة للسلطة
الإسرائيلية لأن تحاول احتواء الانتقادات الدولية لممارساتها عن طريق المقارنة بين هذه الممارسات وبين ما تقوم به الأنظمة
العربية من إهدار متفاوت لحقوق مواطنيها ومن الأمثلة الحديثة البارزة فى هذا الصدد ما قامت به السلطات الإسرائيلية من
استغلال القمع اله شديد الذى استخدمته السلطات الجزائرية فى مواجهة أحداث أكتوبر 1988 فى محاولة للتغطية على القمع المتصاعد
للانتفاضة الفلسطينية
للشعب الفلسطينى بشكل واضح ومتكرر، وخاصة منذ صدور القرارين 3236 و 3237 خلال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة سنة
ـ 1974 ومن هنا ضرورة العمل على ربط الحقوق الفردية للشعب الفلسطينى ـ التى يجرى الحديث عنها ألان عل، نطاق واسع فى المجتمع
الدولى ـ بحقوقه الجماعية الثابتة
لكن الجهد العربى فى هذا المجال يظل معرضا لافتقاد المصداقية ما لم يحدث تغير ملموس فى أوضاع حقوق الإنسان فى جميع الأقطار
العربية فالثابت من تقارير منظمات حقوق الإنسان أن جميع الأنظمة العربية لا تحترم حقوق الإنسان بدرجات متفاوتة، تبدأ من فرض
قوانين مقيدة للحريات وتصل إلى، حد التصفية الجسدية لبعض المعارضين لهذه الأنظمة، مرورا بتعطيل الفاعليات السياسية واستخدام
مستويات متباينة من أساليب القمع والتنكيل وحتى الأقطار التى تشهد تقدما نسبيا فى احترام بعفى حقوق الإنسان فى إطار الاتجاه
إلى التعددية السياسية المقيدة، فإن هذه الحقوق تظل مهددة وعرضة فى أى وقت للتراجع مكنها ولعل هذه الأوضاع تتيح فرصة للسلطة
الإسرائيلية لأن تحاول احتواء الانتقادات الدولية لممارساتها عن طريق المقارنة بين هذه الممارسات وبين ما تقوم به الأنظمة
العربية من إهدار متفاوت لحقوق مواطنيها ومن الأمثلة الحديثة البارزة فى هذا الصدد ما قامت به السلطات الإسرائيلية من
استغلال القمع اله شديد الذى استخدمته السلطات الجزائرية فى مواجهة أحداث أكتوبر 1988 فى محاولة للتغطية على القمع المتصاعد
للانتفاضة الفلسطينية فالرقم الرسمى المعلن لإعداد القتلى فى أحداث الجزائر خلال أسبوع واحد بلغ 176 قتيلا، فى حين أكدت
مصادر غربية أن العدد يصل إلى 500قتيلأ، والى أكثر من 1000 مصابا فضلا عن حوالى 3500 معتقلا وبمقارنة هذه الأرقام التى تمثل
حصيلة أسبوع واحد مع أرقام ضحايا الانتفاضة الفلسطينية خلال عام كامل، يتضح لنا حجم المشكلة التى تواجهها عملية الدفاع عن
حقوقى الإنسان الفلسطينى فى ظل الأوضاع الراهنة فى حقوق الإنسان فى العالم العربى بصفة عامة ورغم الموقف الإيجابى الذى
اتخذه الرئيس الجزائرى الشاذلى بن جديد بإعلان انه ستتم معاقبة كل من انتهك حقوق الإنسان خلال تلك الأحداث، إلا أن جوهر
المشكلة يظل ماثلا فى البناء السلطوى للنظام السياسى، والذى ينطوى على موقع متميز للأجهزة القمعية فى مختلف الأقطار العربية
ولذلك نجد أن مؤيدى إسرائيل فى الغرب يهتمون بإبراز هذه الأوضاع كلما تعرضت الممارسات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة للنقد
فعلى سبيل المثال أثار المرشح الديمقراطى فى الحملة الأولية للانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة بروسى بابيت ممارسات
الأنظمة العربية تجاه مواطنيها فى رده على سؤال حول تقويمه لأسلوب التعامل الإسرائيلى مع الانتفاضة الفلسطينية، فأنتقد هذا
الأسلوب لكنه أكد أن ـ(الأنظمة العربية تفعل ما هو أسوأ من ذلك بكثير، ولا يوجد مجال للمقارنة لأن إسرائيل دولة ديمقراطية
يجب وضعها فى مستوى آخر تماما)ـ
وهكذا تظل أوضاع حقوق الإنسان فى العالم العربى قيدا على إمكانية الاستخدام الأفضل لمدخل الحقوق الفردية للإنسان فى
الأراضى المحتلة حتى فى حالة النجاح فى ربطها بالحقوق الجماعية وفى القلب منها حق تقرير المصير