مفهومها الايديولوجيا
مرسل: الأحد مايو 05, 2013 4:52 pm
الايديولوجيا ideology أو العقيدة السياسية او الفكرية ويترجمها البعض فكرانية هي كل من مجموعة منظمة من الأفكار تشكل رؤية متماسكة comprehensive vision و طريقة لرؤية القضايا و الأمور التي تتعلق بالأمور اليومية أو تتعلق بمناحي فلسفية معينة سياسية بشكل خاص. أو قد تكون مجموعة من الأفكار تفرضها الطبقة المهيمنة في المجتمع على باقي أفراد المجتمع (تعريف كارل ماركس)
تعريفات للأيديولجيا
ومفهوم الأيديولوجيا مفهوم متعدد الاستخدامات والتعريفات؛ فمثلاً يعرّفه قاموس علم الاجتماع كمفهوم محايد باعتباره نسقاً من المعتقدات والمفاهيم (وقعية وعيارية ) يسعى إلى تفسير ظواهر اجتماعية معقدة من خلال منطق يوجه ويبسط الاختيارات السياسية / الاجتماعية للأفراد والجماعات وهي من منظار آخر نظام الأفكار المتداخلة كالمعتقدات والأساطير التي تؤمن بها جماعة معينة أو مجتمع ما وتعكس مصالحها واهتماماتها الاجتماعية والأخلاقية والدينية والسياسية والاقتصادية وتبررها في نفس الوقت.
ودراسة الأيديولوجيا السياسية هي دراسة وتحليل لطبيعة ودور هذا النسق من الأفكار والافتراضات والمبادئ السياسية التي تسعى لتقديم إجابات كلية عن الوجود الاجتماعي، وتقدم لمعتنقيها دليلاً للعمل لتحقيقها في الواقع. وبهذا المعنى هي دراسة نشأة و ديناميكية تطور واعتناق وتطبيق والنظريات والأفكار السياسية التي تقدمها أيديولوجيا معينة ويمكن من خلالها تفسير – جزئياً- السلوك السياسي للفاعل الاجتماعي.
لأيديولوجيا من أكثر المفاهيم السياسية إثارة للجدل والخلاف إن لم تكن أكثرها على الإطلاق ويمكن إرجاع هذا – جزئياً – لسببين:- - أن المفهوم يجمع جوانب نظرية وعملية ويطرح إشكالية العلاقة بين الفكر والعقيدة من ناحية والسلوك من ناحية أخرى، وكذلك العلاقة بين المعطيات المادية والإدارة السياسية. - لأن تعريف الأيديولوجيا ذاته لم ينجُ من النزاع بين الأيديولوجيات ذاتها في تعريف المفهوم وملامحه وأبعاده وتشابكاته النظرية والعملية، فقد استخدم المفهوم من جانب الأيديولوجيات المختلفة كسلاح في مواجهة خصومها، ونقد أفكارهم، إما باتهامها أنها أيدولوجيات لا صلة لها بالواقع، أو العكس: باتهامها أنها مجرد أفكار متناثرة لا تشكل أيديولوجيا متكاملة صالحة للتطبيق الشامل لتغيير الواقع أو إصلاحه بشكل كلي. بدأ استخدام كلمة أيديولوجية إبان الثورة الفرنسية على يد "أنطوان ديستوت دوتراسي" (1754 – 1836م)، واستخدمت لأول مرة بشكل علني عام 1796م، وقد عرف "دوتراسي" الأيدلوجية بأنها علم جديد للأفكار يقوم بتفسير وفهم الأفكار(آثار الوعي بالمعنى العام)، وخصائصها وقوانينها، علاقاتها بالرموز التي تمثلها وخاصة وهذا التعريف هو تعبير حرفي عن الكلمة ،فالشق الأول للكلمة هو مقابل الأفكار idea والثاني مقابل العلم Ology وقد كان دوتراسي متأثرًا بالولع السائد (آنذاك) بفكرة العقلانية التي كانت في أوجها مع صعود مذهب الحداثة، ورأى أنه من الممكن (موضوعيًّا) اكتشاف جذور الأفكار ونشأتها الأساسية للعلم ، ثم علاقة هذه الأفكار بالرموز التي تتخذها في المجتمعات، والتي تقوم بوظيفة تقديمها للجمهور فالأيديولوجيا عند دوتراسي "فكر نظري يعتقد أنه يتطور مجرداً عن معطياته الخاصة، لكن في الواقع هو تعبير عن وقائع اجتماعية خاصة الاقتصادية منها، والتي لم يعها من قام بها أو على الأقل لا يدرك أنـها تحدد فكره" وإن "علم الأفكار" هذا يتطور؛ ليأخذ مكانه جنبًا إلى جنب مع العلوم المنضبطة كالأحياء والطب وغيرها،وبما ان كل طرق البحث تتأسس على الأفكار؛ فإن علم الأفكار الجديد هذا سوف يصبح تاج العلوم. "في اللحظة التي صاغ فيها Institute National. عام 1706 الكلمة الفرنسية Idéologie، كان لدى دو ترسي و رفاقه ما يدعوهم إلى الأمل في أن ما أنشأوه من "علم للأفكار" كان خليقا بأن يؤدي إلى إصلاحات في المؤسسة الاجتماعية بدءا بعمل إصلاح جذري شامل في قطاع المدارس بفرنسا، ولفترة من الوقت تحقق لجماعة الأيديولوجيين وضع رئيسي فاعل في مجال صنع وتشكيل السياسة بين دوائر الصف الثاني من صفوف المعهد القومي Institute National ولسوء الحظ كان مقدراً عليهم الاصطدام بأهداف نابوليون بونابارت ونواياه الخفية، حيث شرع نابوليون في العمل على إلغاء الجماعة والقضاء عليها، وذلك أثناء العمل على إعادة تنظيم المعهد (1802-1803) فأصدر أوامره باستبعاد عناصر الجماعة بوصفهم أناسا حالمين مغرقين في الخيال بعيدين عن الواقع، وعمل على اضطهادهم والسخرية منهم بمرارة مطلقا عليهم اسم "أصحاب النظريات الواهمة" Idéologues". كان نابليون مصيبا في أن ينسب ميلاً راديكالياً هداماً إلى علم الأيديولوجية الذي اخترعه دستوت حيث أشار إلى أن أيديولوجيا "دستوت" تغفل دراسة القوانين المعروفة للقلب الإنساني ودروس التاريخ فهذا العلم يقف ضد الفكرة المثالية عن مفاهيم قبلية سابقة علىالتجربة كما يقف ضط أية إمكانية للحتمية التاريخية، فقراءة "دستوت" لتراث لوك وكوندياك ساقته إلى الاعتقاد كما يقول في كتابه "مبادئ الأيديولوجيا" بأنه لا وجود لأفكار فطرية مادام كل الفكر مستمداً من الإحساس كما أنه " لايوجد شئ بالنسبة لنا إلا بواسطة الأفكار التي نمتلكها عنه لأن أفكارنا هي كينونتنا بأكملها هي وجودنا نفسه" وعليه بدا له أن الطريق الوحيد لتجنب الموقف الارتيابي القائل بأن المعرفة الحقة مستحيلة هو تحليل العملية التي بواسطتها تترجم أذهاننا الأشياء المادية لأشكال مثالية واتخذ هذا المجال طابعاً نظامياً في قسم مجمع فرنسا الذي كان يدرس العلوم الأخلاقية والسياسية وأطلق عليه علم الأفكار. وهكذا نشأت الأيديولوجيا كعلم شارح أو كعلم للعلم فقد ذهبت إلى أنها قادرة على تفسير من أين جاءات العلوم الأخرى وعلى تقديم سلسلة أنساب علية للفكر ويؤكد هذا العلم على الحركة والعملية التي خلالها يتفاعل البشر مع محيطهم المادي وبذلك رأى "دستوت" أن "الأيدبولوجيا" تحقق فتحاً فلسفياً خطيراً بتجاوزها التضادات القديمة بين المادة والروح وبين الشياء والمفاهيم لذلك كان منساقاً للسير في اتجاهين متعاكسين نحو تصور مثالي للنزعة الخطأ وتصور إمبريقي للحقيقة (الصدق) وبالرغم من هذا التقدير للأفكار عند نشأة استخدام مصطلح الأيديولوجيا وعلو الآمال التي كانت معقودة عليه، فإن هذا الفهم والتصور للأيدولوجيا يختلف عن تعريفاتها وتصوراتها اللاحقة وما آلت إليه. يعتبر البعض ماركس هو مَنْ أعطى لكلمة أيديولوجية الأهمية التي تكتسيها اليوم في كل ميادين البحث ، فهو المفكر الذي أحيا –بظهور كتابه "الأيديولوجيا الألمانية"- استخدام هذا التعبير الذي امتد إلى وقتنا هذا فكان ماركس يعرف "الأيديولوجي" (في مقابل الوقائع الاقتصادية)، باعتباره "ما هو تمثل أو اعتقاد، نظام فلسفي أو ديني" وتبنى "المنحى النابوليوني في استعمال مصطلح "الأيديولوجيا" بما في ذلك من تلميحات الازدراء والاستخفاف، فقد أصبح مفهوم الأيديولوجيا معه يعني "الوعي الزائف" الذي يتحكم في إنتاجه الموقع الطبقي للأطراف الاجتماعية فحقيقة العلاقات الاجتماعية تظهر لهم مشوهة بسبب مصالحهم، وبصفة عامة بسبب وضعهم داخل نظام الإنتاج. وطبقا لما يقول به ماركس، فإن كل أيديولوجيا تحتوي على معتقدات توجه سلوك الآخذين بها، وأن كل طبقة اجتماعية معتنقة لأيديولوجيا من الأيديولوجيات، إنما تفعل ذلك لأن الأيديولوجيا التي تعتنقها تناسب أو تلائم منظومة معينة، وإن تكن مؤقتة، من النظم الاقتصادية"، وقد استخدم ماركس الأيديولوجيا "في أغلب الأحيان كوصف، فهو يتحدث عن: الأيديولوجيا الألمانية، أو أيديولوجيا الجمهور، أو الموقف الأيديولوجي، أو الأيديولوجيا البرجوازية .. ولكنه لم يحدد أو يقدم تعريفا للأيديولوجيا باستثناء أن الأيديولوجيا هي مكونات البناء الفوقي، وهي الوعي الزائف الناتج من التكوين الطبقي للمجتمع، والذي يؤدي إلى ستر التناقضات الطبقية وبالتالي يساعد على إمكانية استمرار وضع الاستغلال..ومن ثم اعتبرت الإيديولوجيا طريقة لإخفاء الواقع الاجتماعي، بل أكثر من ذلك فهي -أي الإيديولوجيا- تحاول تقديم عالم مزيف ومغشوش، وفرض وجهة نظر للطبقة المهيمنة على الطبقة الأضعف. لكن ريكور، في كتاب “الإيديولوجيا واليوتوبيا” يدعو إلى قراءة أكثر من ماركس: هناك ماركس الشاب، الإنساني، كما عبرت عنه كتبه "مخطوطات في الاقتصاد والسياسة سنة 1844م"، و"الإيديولوجيا الألمانية"، ثم ماركس الكهل، والكلاسيكي، كما قدمه "رأس المال".
تعريفات للأيديولجيا
ومفهوم الأيديولوجيا مفهوم متعدد الاستخدامات والتعريفات؛ فمثلاً يعرّفه قاموس علم الاجتماع كمفهوم محايد باعتباره نسقاً من المعتقدات والمفاهيم (وقعية وعيارية ) يسعى إلى تفسير ظواهر اجتماعية معقدة من خلال منطق يوجه ويبسط الاختيارات السياسية / الاجتماعية للأفراد والجماعات وهي من منظار آخر نظام الأفكار المتداخلة كالمعتقدات والأساطير التي تؤمن بها جماعة معينة أو مجتمع ما وتعكس مصالحها واهتماماتها الاجتماعية والأخلاقية والدينية والسياسية والاقتصادية وتبررها في نفس الوقت.
ودراسة الأيديولوجيا السياسية هي دراسة وتحليل لطبيعة ودور هذا النسق من الأفكار والافتراضات والمبادئ السياسية التي تسعى لتقديم إجابات كلية عن الوجود الاجتماعي، وتقدم لمعتنقيها دليلاً للعمل لتحقيقها في الواقع. وبهذا المعنى هي دراسة نشأة و ديناميكية تطور واعتناق وتطبيق والنظريات والأفكار السياسية التي تقدمها أيديولوجيا معينة ويمكن من خلالها تفسير – جزئياً- السلوك السياسي للفاعل الاجتماعي.
لأيديولوجيا من أكثر المفاهيم السياسية إثارة للجدل والخلاف إن لم تكن أكثرها على الإطلاق ويمكن إرجاع هذا – جزئياً – لسببين:- - أن المفهوم يجمع جوانب نظرية وعملية ويطرح إشكالية العلاقة بين الفكر والعقيدة من ناحية والسلوك من ناحية أخرى، وكذلك العلاقة بين المعطيات المادية والإدارة السياسية. - لأن تعريف الأيديولوجيا ذاته لم ينجُ من النزاع بين الأيديولوجيات ذاتها في تعريف المفهوم وملامحه وأبعاده وتشابكاته النظرية والعملية، فقد استخدم المفهوم من جانب الأيديولوجيات المختلفة كسلاح في مواجهة خصومها، ونقد أفكارهم، إما باتهامها أنها أيدولوجيات لا صلة لها بالواقع، أو العكس: باتهامها أنها مجرد أفكار متناثرة لا تشكل أيديولوجيا متكاملة صالحة للتطبيق الشامل لتغيير الواقع أو إصلاحه بشكل كلي. بدأ استخدام كلمة أيديولوجية إبان الثورة الفرنسية على يد "أنطوان ديستوت دوتراسي" (1754 – 1836م)، واستخدمت لأول مرة بشكل علني عام 1796م، وقد عرف "دوتراسي" الأيدلوجية بأنها علم جديد للأفكار يقوم بتفسير وفهم الأفكار(آثار الوعي بالمعنى العام)، وخصائصها وقوانينها، علاقاتها بالرموز التي تمثلها وخاصة وهذا التعريف هو تعبير حرفي عن الكلمة ،فالشق الأول للكلمة هو مقابل الأفكار idea والثاني مقابل العلم Ology وقد كان دوتراسي متأثرًا بالولع السائد (آنذاك) بفكرة العقلانية التي كانت في أوجها مع صعود مذهب الحداثة، ورأى أنه من الممكن (موضوعيًّا) اكتشاف جذور الأفكار ونشأتها الأساسية للعلم ، ثم علاقة هذه الأفكار بالرموز التي تتخذها في المجتمعات، والتي تقوم بوظيفة تقديمها للجمهور فالأيديولوجيا عند دوتراسي "فكر نظري يعتقد أنه يتطور مجرداً عن معطياته الخاصة، لكن في الواقع هو تعبير عن وقائع اجتماعية خاصة الاقتصادية منها، والتي لم يعها من قام بها أو على الأقل لا يدرك أنـها تحدد فكره" وإن "علم الأفكار" هذا يتطور؛ ليأخذ مكانه جنبًا إلى جنب مع العلوم المنضبطة كالأحياء والطب وغيرها،وبما ان كل طرق البحث تتأسس على الأفكار؛ فإن علم الأفكار الجديد هذا سوف يصبح تاج العلوم. "في اللحظة التي صاغ فيها Institute National. عام 1706 الكلمة الفرنسية Idéologie، كان لدى دو ترسي و رفاقه ما يدعوهم إلى الأمل في أن ما أنشأوه من "علم للأفكار" كان خليقا بأن يؤدي إلى إصلاحات في المؤسسة الاجتماعية بدءا بعمل إصلاح جذري شامل في قطاع المدارس بفرنسا، ولفترة من الوقت تحقق لجماعة الأيديولوجيين وضع رئيسي فاعل في مجال صنع وتشكيل السياسة بين دوائر الصف الثاني من صفوف المعهد القومي Institute National ولسوء الحظ كان مقدراً عليهم الاصطدام بأهداف نابوليون بونابارت ونواياه الخفية، حيث شرع نابوليون في العمل على إلغاء الجماعة والقضاء عليها، وذلك أثناء العمل على إعادة تنظيم المعهد (1802-1803) فأصدر أوامره باستبعاد عناصر الجماعة بوصفهم أناسا حالمين مغرقين في الخيال بعيدين عن الواقع، وعمل على اضطهادهم والسخرية منهم بمرارة مطلقا عليهم اسم "أصحاب النظريات الواهمة" Idéologues". كان نابليون مصيبا في أن ينسب ميلاً راديكالياً هداماً إلى علم الأيديولوجية الذي اخترعه دستوت حيث أشار إلى أن أيديولوجيا "دستوت" تغفل دراسة القوانين المعروفة للقلب الإنساني ودروس التاريخ فهذا العلم يقف ضد الفكرة المثالية عن مفاهيم قبلية سابقة علىالتجربة كما يقف ضط أية إمكانية للحتمية التاريخية، فقراءة "دستوت" لتراث لوك وكوندياك ساقته إلى الاعتقاد كما يقول في كتابه "مبادئ الأيديولوجيا" بأنه لا وجود لأفكار فطرية مادام كل الفكر مستمداً من الإحساس كما أنه " لايوجد شئ بالنسبة لنا إلا بواسطة الأفكار التي نمتلكها عنه لأن أفكارنا هي كينونتنا بأكملها هي وجودنا نفسه" وعليه بدا له أن الطريق الوحيد لتجنب الموقف الارتيابي القائل بأن المعرفة الحقة مستحيلة هو تحليل العملية التي بواسطتها تترجم أذهاننا الأشياء المادية لأشكال مثالية واتخذ هذا المجال طابعاً نظامياً في قسم مجمع فرنسا الذي كان يدرس العلوم الأخلاقية والسياسية وأطلق عليه علم الأفكار. وهكذا نشأت الأيديولوجيا كعلم شارح أو كعلم للعلم فقد ذهبت إلى أنها قادرة على تفسير من أين جاءات العلوم الأخرى وعلى تقديم سلسلة أنساب علية للفكر ويؤكد هذا العلم على الحركة والعملية التي خلالها يتفاعل البشر مع محيطهم المادي وبذلك رأى "دستوت" أن "الأيدبولوجيا" تحقق فتحاً فلسفياً خطيراً بتجاوزها التضادات القديمة بين المادة والروح وبين الشياء والمفاهيم لذلك كان منساقاً للسير في اتجاهين متعاكسين نحو تصور مثالي للنزعة الخطأ وتصور إمبريقي للحقيقة (الصدق) وبالرغم من هذا التقدير للأفكار عند نشأة استخدام مصطلح الأيديولوجيا وعلو الآمال التي كانت معقودة عليه، فإن هذا الفهم والتصور للأيدولوجيا يختلف عن تعريفاتها وتصوراتها اللاحقة وما آلت إليه. يعتبر البعض ماركس هو مَنْ أعطى لكلمة أيديولوجية الأهمية التي تكتسيها اليوم في كل ميادين البحث ، فهو المفكر الذي أحيا –بظهور كتابه "الأيديولوجيا الألمانية"- استخدام هذا التعبير الذي امتد إلى وقتنا هذا فكان ماركس يعرف "الأيديولوجي" (في مقابل الوقائع الاقتصادية)، باعتباره "ما هو تمثل أو اعتقاد، نظام فلسفي أو ديني" وتبنى "المنحى النابوليوني في استعمال مصطلح "الأيديولوجيا" بما في ذلك من تلميحات الازدراء والاستخفاف، فقد أصبح مفهوم الأيديولوجيا معه يعني "الوعي الزائف" الذي يتحكم في إنتاجه الموقع الطبقي للأطراف الاجتماعية فحقيقة العلاقات الاجتماعية تظهر لهم مشوهة بسبب مصالحهم، وبصفة عامة بسبب وضعهم داخل نظام الإنتاج. وطبقا لما يقول به ماركس، فإن كل أيديولوجيا تحتوي على معتقدات توجه سلوك الآخذين بها، وأن كل طبقة اجتماعية معتنقة لأيديولوجيا من الأيديولوجيات، إنما تفعل ذلك لأن الأيديولوجيا التي تعتنقها تناسب أو تلائم منظومة معينة، وإن تكن مؤقتة، من النظم الاقتصادية"، وقد استخدم ماركس الأيديولوجيا "في أغلب الأحيان كوصف، فهو يتحدث عن: الأيديولوجيا الألمانية، أو أيديولوجيا الجمهور، أو الموقف الأيديولوجي، أو الأيديولوجيا البرجوازية .. ولكنه لم يحدد أو يقدم تعريفا للأيديولوجيا باستثناء أن الأيديولوجيا هي مكونات البناء الفوقي، وهي الوعي الزائف الناتج من التكوين الطبقي للمجتمع، والذي يؤدي إلى ستر التناقضات الطبقية وبالتالي يساعد على إمكانية استمرار وضع الاستغلال..ومن ثم اعتبرت الإيديولوجيا طريقة لإخفاء الواقع الاجتماعي، بل أكثر من ذلك فهي -أي الإيديولوجيا- تحاول تقديم عالم مزيف ومغشوش، وفرض وجهة نظر للطبقة المهيمنة على الطبقة الأضعف. لكن ريكور، في كتاب “الإيديولوجيا واليوتوبيا” يدعو إلى قراءة أكثر من ماركس: هناك ماركس الشاب، الإنساني، كما عبرت عنه كتبه "مخطوطات في الاقتصاد والسياسة سنة 1844م"، و"الإيديولوجيا الألمانية"، ثم ماركس الكهل، والكلاسيكي، كما قدمه "رأس المال".