صفحة 1 من 1

محددات السياسة الخارجية بالتطبيق على الولايات المتحدة &المان

مرسل: الأحد مايو 05, 2013 5:30 pm
بواسطة سليمان أحمد
عندما نجد انفسنا امام حاجة الي دراسة السياسية الخارجية لدولة ما يكون امامنا مجموعة من المحددات الداخلية او الخارجية التي تلعب دورا فعال في شكل السياسية الخارجية لتلك الدولة ولعل هناك ثلاث محددات تؤثر علي شكل السياسية الخارجية :
مستوي النظام الدولي
المستوي الوطني
المستوي المؤسسي
ووسنتناول المحددين الاول والثاني وذلك طبقا لما تفرضه علينا عملية التطبيق .

اولا : مستوي النظام الدولي :
ياتي هذا المستوي متحدثا عن ترتيب وموقع الفواعل او الدول في النظام الدولي وكيفية او طبيعة توزيع القوة داخل النظام الدولي وينقسم الي :
1 / الهيكل العميق :
يتكون هذا الهيكل من عنصرين اساسيين وهما :
العنصر الناظمي :
وياتي معبرا عن ما اذا كان النظام الدولي فوضوي ام هراركي وبناء علي ذلك فان النظام الدولي الان فوضوي حيث انه لايوجد سلطة او جكومة عالمية تملك القدرة علي المحافظة على الأمن والاستقرار الدوليين، وللسهر على تطبيق القوانين والاتفاقيات الدولية. وان كان هناك مجلس الامن ولكن تتواجد الفوضوي من الناحية النظرية والواقعية وعادة ما يتم ارجاع ذلك _ فوضوي النظام _ الي عملية السيادة للدول ولكن هذا لا يعني انه بوجود فوضوي لا يوجد نظام فمفهوم الفوضوية على ارض الواقع يأخذ أشكالا يمكن للدول في إطارها أن تتعاون وان تحل العديد من النزاعات فيما بينها. فهناك قوانين و معاهدات دولية تنظم إلى حد ما العلاقات بين الدول في المجلات المختلفة السياسة والاقتصادية والأمنية-على الرغم من عدم فاعليتها أحيانا، وعدم الالتزام بها أو تطبيقها من قبل بعض الدول خاصة الكبرى، أحيانا أخرى.
العنصر الوظيفي :
ياتي هذا العنصر معبرا عن الأداء الوظيفي للوحدات داخل النظام الدولي مستخدما افتراض اساسي وهو ان الدول ذات السيادة متشابهة في اداها وعملها الوظيفي وتتباين تصرفات ووظائف الدول في حالة ما تكون غير متساوية في السيادة .

2 / الهيكل التوزيعي :
يعتبر هذا الهيكل المستوى الثاني من مستويات هيكل النظام الدولي ، و يشير إلى طبيعة توزيع القوة عبر النظام ، اي ينظر الي النظام سواء ان كان أحاديا (في حالة وجود أو سيطرة دولة عالمية واحدة على النظام الدولي) أو ثنائي (في حالة وجود قوتين عظمتين) أو متعدد الأقطاب (في حالة وجود أكثر من دولتين عظميتين) وهذا الهيكل يعد الاكثر قابلية للتغير من هياكل النظام الدولي ويؤثر هذا التغيير علي النظام الدولي وعلي الوحدات ايضا ومثال علي ذلك ما حدث في الحرب الباردة من تحول النظام من ثنائي _ اثناءها _ الي احادي بعدها . وقد اثر هذا التحول علي مكانة وترتيب العديد من القوي فهناك دول صاعدة كالاتحاد الأوروبي و الصين واليابان .

3 / الهيكل المؤسساتي :
بداية الامر ينظر العديد من المحليين الي ذلك الهيكل علي انه غير فاعل في النظم الدولية الا انه يتوجب علينا ذكره خاصة وانه كان محور اهتمام الليبرالين الجدد ويعتبرونه عامل هام من عوامل التفاعلات بين الدول بعضها البعض ، ويتناول هذا الهيكل التفاعلات الثنائية أو الجماعية بين الدول ضمن المؤسسات والاطر التي تشترك بها ومثال علي ذلك حلف شمال الاطلسي .

ثانيا / المستوي الوطني ( المحددات الداخلية ) :
يعتبر هذا المستوي من أكثر مستويات التحليل أهمية في السياسة الخارجية ، وذلك لان الدولة هي الوحدة الرئيسية في التحليل في النظام الدولي وذلك وفقا لنظريات الواقعية حيث انها تعني او مازالت الفاعل الأول والأخير في جميع أنواع التفاعلات الدولية، وهذا لا يعني انه لا يوجد فاعلين اخرين ولكن هي الاهم اي ان الفواعل الاخري اقل أهمية وقد لا تدخل في التحليل أحيانا. ويهتم هذا الهيكل في التحليل علي العوامل الداخلية والتي تتمثل في طبيعة نظام الحكم و نوع الحكومة ، والقدرات أو الإمكانات المؤسساتية، ودرجة الاستقرار الداخلي ومدى التقدم الاقتصادي. ويركز هذا الهيكل او المستوي علي دور مؤسسات المجتمع الداخلية في التأثير علي شكل السياسية الخارجية للدولة المعنية بالدراسة ويركيز ايضا علي عوامل اخري مثل توزيع السلطات والعلاقة بين الدولة والمجتمع وقوة الدولة نفسها.
وبالتطبيق علي المانيا والولايات المتحدة الامريكية :
اولا من ناحية المستوي الدولي :
1 / الفوضوية كهيكل نظامي :
لعل ما يتسم به النظام الدولي من الفوضوية التي سبق ان اشرنا اليها تأتي بتأثيرات سلبية علي السياسة الخارجية الالمانية ، وذلك جيث ان امكانيات المانيا العسكرية والاقتصادية تدفعها إلى التركيز على العمل والانسياق في اطر جماعية من خلال أوروبا والأمم المتحدة من اجل تحقيق مصالحها والتعامل مع المسائل الدولية التي تهمها بشكل يفيدها اكثر من رفضها الانخراط في تلك السياسات والعمل طبقا لعواملها الداخلية فقط ، ولكن الوضع بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية يختلف شيئا ما وذلك لان امكانيات الولايات المتحدة فغياب السلطة المركزية يعادله لديها ما تتمتع به من سيطرة عالمية ويمنحها هذا قدرة علي التحرك في اطار السياسية الدولية بصورة اكبر من المانيا .
2 / من ناحية هيكل توزيع القوي :
" الدولة العظمى الوحيدة يجب أن تتمتع بجميع أنواع وأشكال القوة "
ويلتز
عندما نتحدث عن توزيع القوي نرجع بانفسنا الي انتهاء الحرب الباردة وظهور احادية القطبية المتمثلة في الولايات المتحدة الامريكية وتحول النظام الدولي من نظام ثنائيي الي نظام احادي حيث ان الولايات المتحدة اصبحت هي الدولة التي تمتلك جميع القوي العظمي سواء عسكرية او اقتصادية وتكنولوجة ....الخ وبناء علي ذلك فان الولايات المتحدة قادرة على ممارسة النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري على المستوى العالمي بشكل لا تتمتع به أية دولة أو قوة بما في ذلك المانيا .
3 / من ناحية الهيكل المؤسسي :
لا يمكن لدولة ان تعيش بمفردها دون الاندماج او الانخراط في مؤسسة من المؤسسات الدولية ، ونجد ان الدول تستخدم ما تملكه من قوي في التأثير علي السياسية الخارجية للدولة عن طريق تلك المؤسسات ولعل اصدق مثال علي هذا الولايات المتحدة الامريكية حيث انها _ من ناحية الامم المتحدة _ تحاول ممارسة النفوذ وتوجه العمل الجماعي لخدمة مصالحها الذاتية وتحقيق ما تسعي له في النظام الدولي من قضايا دولية مطروحة ، ولما تتمتلكة من حق فيتو داخل تلك المؤسسة فانها تتصرف بشكل منفرد حتى في القضايا الحساسة التي تهم السلم والأمن الدوليين الذين هما في الأساس من اختصاص مجلس الأمن التابع لهذه المنظمة. وهذا ما يجعل مؤسسة الامم المتحدة اقل تأثير علي شكل السياسية الخارجية الامريكية من نظيرتها الالمانية بل نستطيع القول بانها تنعدم بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية وذلك لانها لا تستطيع فرض عقوبات عليها لأنها تملك حق الفيتو ، ومن ناحية اخري لانها لا تستطيع العمل فعليا بدون الولايات المتحدة خاصة فيما عليه من شاكلة في الواقع الدولي الان الفوضوي لأنها تعتمد على دعمها سواء سياسيا وماليا وامنيا وعسكريا.
ومن ناحية حلف الناتو نري ان الامر يختلف وفقا لرؤية كلا من الولايات المتحدة الامريكية والمانيا للحلف
فالمانيا تنظر اليه علي انه وسيلة لاسترجاع دور اوروبا عالميا من جهة ومن ناحية اخري التأثير علي سياسات الولايات المتحدة الامريكية .
اما من ناحية الولايات المتحدة الامريكية فهي تتمتع بدور مميز في ذلك الحلف وتستخدمه كوسيلة لخدمة سياساتها الأمنية وتنفيذ خططها العسكرية في العالم ، وفقا لما يتثني لها من مكانة في الحلف ودور في التأثير علي الدول به .
ثانيا من ناحية المستوي الوطني :
1 / من ناحية صانع القرار رسميا " الفواعل الرسميين " :
بالنظر الي المانيا نجد ان عملية صنع القرار في السياسية الخارجية تأتي عن طريق المستشار الا انه لا يحتكر عملية صنع القرار بمفرده الا انه هناك وزير الخارجية الذي يلعب دورا هام في تشكيل القرار في السياسة الخارجية وفي كثير من الاحيان ما يكون المستشار من حزب ووزير الخارجية من حزب اخر ومن ثم فان العلاقة بين وزير الخارجية والمستشار في المانيا هي تحدد شكل السياسة الخارجية لالمانيا ، الي جانب هذا فان التكوين التاريخي او السياق التاريخي للنخب التي تقوم بعملية صنع القرار في السياسة الخارجية يؤثر علي قراراتهم في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية فالمانيا نجد بها الان اتجاه نحو انتهاج سياسة خارجية حكيمة تبتعد عن استخدام العنف او القوة او الرغبة في الهيمنة العالمية وذلك بسبب هزيمتها في الحرب العالمية وتحميلها المسؤولية الأولى عنها .
اما بالنسبة لامريكيا فالامر يختلف شيئا ما ، ففي الولايات المتحدة الامريكية رئيس الدولة هو الذي يسيطر علي عملية صنع القرار في السياسية الخارجية ، وهذا لا يعني انه يحتكرها بمفردها فهناك دور لوزير الخارجية ووزير الدفاع ، الا انه هو من يعين اعضاء الحكومة _ علي الرغم من ضرورة موافقة مجلس الشيوخ علي ذلك _ وعادة ما يكونوا من نفس الحزب ومن ثم هو من يختار وزير الخارجية ومستشار الامن القومي ووزير الدفاع ، ومن ناحية اخري فخروج الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية منتصرة وسياستها اثناء الحرب الباردة جعلت علي النخب تتجه نحو انتهاج سياسة خارجية تتسم بالرغبة في الهيمنة والسيطرة العالمية اي باختصار تنتهج سياسات تهدف الي تشكيل العالم وفقا للرؤية الامريكية .
2 / من ناحية صنع القرار غير رسميا " الفواعل غير الرسمية " :
هنا يأتي دور الرأي العام والإعلام والأحزاب السياسة وجماعات المصالح أو جماعات الضغط كفاعل غير رسمي في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية فالاعلام يلعب دور هام كوسيط بين صانع القرار والرأي العام حيث ينقل للرأي العام شكل السياسة الخارجية السائدة ويعكس لصانع القرار رد فعل الرأي العام حول انتهاجه لمثل هذه السياسة ومن ثم يهتم صانع القرار بذلك ليعرف مدي قبول او تدعيم الرأي العام لسياسته مما يكسبه الشرعية او يفقده اياهها .
فالنسبة لالمانيا نجد ان تأثير الراي العام اقل من الولايات المتحدة الامريكية وذلك لما تتميز به الثانية من تقدم وتوفر هائل في وسائل الاعلام وارتباطها بجماعات الضغط والمصالح .
اما من ناحية الاحزاب نجدها في الولايات المتحدة اقل من المانيا وذلك لان طبيعية الفصل بين السلطات في الاولي تقلل من تأثير الحزب علي الرئيس او علي حكومته ، اما في المانيا الامر يختلف شيئا ما فيكون هناك دور للاحزاب وذلك لما تحمله من مقاعد في البرلمان والحكومة .
اما من ناحية جماعات المصالح فيتوقف دورها في عملية صنع القرار بصفة عامة وفي السياسة الخارجية بصفة خاصة علي مدي انتشارها وتعبئتها وقدرتها على التكييف ومواردها البشرية والمادية فبالنسبة لالمانيا يكون دورها بسيط وذلك نظرا لافتقادها تلك المعايير اما بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فنجد لها دورا محوري وهام في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية الامريكية وذلك لارتباطها بالحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي ويدعموا مرشحينهم في الانتخابات ومن هنا يولد دورهم .