صفحة 1 من 1

نوري السعيد

مرسل: الأحد مايو 05, 2013 6:42 pm
بواسطة أنس حامد السويدان3
صورة

نوري باشا السعيد (1888 - 1958)، سياسي عراقي شغل منصب رئاسة الوزراء في المملكة العراقية 14 مرة بدآ من وزارة 23 مارس 1930 إلى وزارة 1 مايو 1958. كان نوري السعيد ولم يزل شخصية سياسية كَثُر الجدل و الآراء المتضاربة عنه. اضطر إلى الهروب مرتين من العراق بسبب انقلابات حيكت ضده. ولد في بغداد وتخرج من الأكاديمية العسكرية التركية في إسطنبول، خدم في الجيش العثماني وساهم في الثورة العربية وانضم إلى الأمير فيصل في سوريا، وبعد فشل تأسيس مملكة الأمير فيصل في سوريا على يد الجيش الفرنسي، عاد إلى العراق وساهم في تأسيس المملكة العراقية والجيش العراقي.

حياته السياسيةمن أهم القرارات السياسية الذي كان لنوري السعيد دورا رئيسيا فيها وخلق ضجات عنيفة هو دوره في تشكيل حلف بغداد 1954 والأتحاد الهاشمي بين العراق والأردن 1958. كان نوري السعيد الدبلوماسي الأول والأكثر شهرة في العالم العربي.


وصف نوري السعيد بأنه رجل الغرب في العالم العربي، ولكن كانت لديه من المواقف القومية ما يعد في حسابات اليوم منتهى الراديكالية، وكان مقتنعا بأن لابد للعراق أن يعتمد على دولة كبرى ليردع أعداه. أحد عرابي تأسيس الجامعة العربية حيث تنافس مع رئيس وزراء مصر الأسبق مصطفى النحاس على تزعم واستضافة الجامعة العربية في بغداد إلا أنها أقيمت في مصر.

عمل على تعريب مدينة كركوك بتوطين الموظفين العرب فيها، مستخدما أسلوب نقل الموظفين سنويا منها وإليها، فالموظفين التركمان والأكراد وقسم من العرب كانوا ينقلون سنويا إلى المحافظات الأخرى لقضاء أربعة سنوات خدمة مدنية فيها، وينقل إلى كركوك موظفين عرب ليقضوا بقية عمرهم الوظيفي والحياتي فيها.


بعد سماع نوري باشا السعيد للتفاقم المتلاحق الأحداث بعد اعلان الجمهورية والتي لم تمنحه الوقت الكافي لا للمقاومة ولا للهرب، الا انه حاول الاختباء ولمدة يومين كاملين تمهيدا للهرب ومقاومة النظام الجديد كما فعل عند قيام حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941. عرف نوري السعيد بمقدم قوة عسكرية من المهجمين بغرض القاء القبض عليه، وتنكر بزي امرأة ليتمكن من العبور من بين المهاجمين والحشود الملتفة حولهم، استقل سيارة انطلق بها إلى إلى منطقة الكاظمية لاجئا لبيت صديقه الحاج محمود الاستربادي التاجر الكبير وعميد عائلة الاستربادي المعروفة، كما فعلها سابقا بعد ثورة 1941 حيث لجأ نوري السعيد إلى بيت الحاج محمود الاستربادي خلال حركة رشيد عالي الكيلاني التي ساعدته على الانتقال خارج بغداد إلى محافظة العمارة وانتقل من هناك إلى خارج العراق مع الوصي عبد الاله ليتدبروا إسقاط حكومة الثورة يومذاك.

وبعد جلاء الموقف امام القادة الجدد ادركوا مخاوفهم بان هرب نوري السعيد المعروف بدهائه وحنكته سيسبب لهم مصاعب جمة وربما بأسلوبة واطلاعه على خبايا الامور سيقنع الإنجليز بالاطاحة بالحكم الجمهوري الجديد. في مساء 14 يوليو/ تموز اعلن القائد المنفذ للحركة عبد السلام عارف مكافئة مالية للقبض على السعيد، وبعد يوم من ذلك قام من جانبه عبد الكريم قاسم زعيم الحركة ورئيس وزرائها بتكرار اعلان ذلك، وتوالت اعلانات هرب نوري السعيد بشكل هستيري من خلال بيانات اذاعتها وزارة الداخلية من دار الاذاعة العراقية مما وجه اهتمام الشارع نحو البحث عن السعيد بشكل تراجيدي محموم، واسقطت من يد السعيد كل محاولات اللاختباء والهرب وبدأت تضيق الدائرة حول تحركاته، كان هدفه ان لا يبقى مختبئا بل الفرار إلى خارج العراق ليتدبر امر مقاومة النظام الجديد. ففي يوم 15 يوليو/ تموز انطلق على وجه السرعة تاركا خلفه بيت الاسترابادي في محاولة منه للتقدم بخطوة للامام نحو خارج العراق متوجها نحو بيت الشيخ محمد العريبي عضو مجلس النواب وأحد المقربين في منطقة البتاويين وسط بغداد التي كانت تأن الفوضى التي تعج بها جراء سقوط النظام الملكي وانهيار الدولة، حيث امتزجت فيها مشاعر الفرح بنجاح الحركة واعلان الجمهورية بالحزن جراء اعمال العنف والقتل العشوائي من قبل الدهماء والغوغائيين والاحزاب الشيوعية التي اخذت تمارس القتل المنظم بسحل معارضيها في الشوارع. توجه السعيد على عجل إلى البتاويين تعرف اليه أحد الشبان في منطقة الكاظمية وهو يروم الركوب في السيارة بعد أن انكشفت ملابسه التنكرية، ابلغ الشاب السلطات بتزويدها برقم السيارة المنطلقة. وبعد اجتياز عدد من الحواجز والطرقات الفرعية بصعوبة جمة، وصل إلى بيت البصام وتصحبه الحاجة زوجة الحاج محمود الاستربادي للدلاله، وبعد ترجله من السيارة تعرفت المفارز الأمنية على السيارة فتمت ملاحقته وما لبث ان تطورت المواجهة إلى اشتباك بالأسلحة الخفيفة بين نوري السعيد وعناصر القوة الأمنية حيث اصابت رصاصة طائشة أثناء تبادل إطلاق النار، السيدة الاسترابادي واردتها قتيلة، في حين حوصر السعيد ولم يتمكن من دخول البيت أو الهرب عبر الازقة المجاورة، وهنا اختلفت الروايات حول مصرع الباشا فإحدى الروايات تذكر بانه اقيب بعدد من الإطلاقات من قبل أحد عناصر القوة المهاجمة والتي ادت إلى وفاته، وتذكر رواية أخرى وردت في مذكرات الدكتور صالح البصام أحد اصدقاء نوري السعيد الشخصيين، بانه عندما وجد نفسه محاصرا وان مصيره سيكون مشابه لمصير الامير عبد الاله فانه اطلق على نفسه رصاصة الرحمة، كي لايعطي فرصة لخصومة بالامساك به واهانته وتعذيبه.

وهنالك رواية أخرى ضعيفة اوردها وصفي طاهر المرفقة الياور لنوري سعيد والذي يعد من المقربين لعبد الكريم قاسم وذو الميول الماركسية بانه وعندما وصل اسماع الحكومة بانه تم العثور على نوري السعيد ارسلت وزارة الدفاع مفرزة عسكرية بامرة العقيد وصفي طاهر للتحقق من ذلك، وعند وصول المفرزة اطلق النار عليه، وكانه كان بانتظارهم طوال فترة وصول المعلومات للقيادة ومن ثم تجهيز المفرزة والذهاب إلى البتاويين البعيدة عن وزارة الدفاع ومن ثم الاستدلال على مكان الاشتباك، ويورد بعض الشهود من المتجمهرين بانه وعندما وصل وصفي طاهر كان نوري السعيد قد مات منذ فترة وقام طاهر بإطلاق بعض الاعيرة النارية ابتهاجا بمصرع الباشا على مكان الحادث بضمنها جثة السعيد. وضعف هذه الرواية يكمن في أن وصفي طاهر كان الياور المرافق لنوري سعيد حتى قيام الجمهورية وبعد ترنح النظام الملكي وبوادر انتهائه تقرب للضباط الوطنيين وخصوصا عبد الكريم قاسم الذي عرف قبل حركة 1958 بانه كان يلف حوله مجموعة من العناصر الشيوعية من مدنيين وعسكريين. وبقي طوال حكم قاسم مقربا منه وعينه المدعي العام للمحكمة العسكرية الخاصة مع ابن خالته ذو الاتجاه الشيوعي المقدم فاضل المهداوي رئيس المحكمة, والذين اعدموا جميعاً في حركة 8 قبراير/ شباط 1963.

دفن في مقبرة الكرخ بعد جلبت جثته إلى قبو بوزارة الدفاع حيث كان يتواجد العميد عبد الكريم قاسم الذي بعد أن تأكد من وفاته أمر بأن ينقل جثمانه إلى المستشفى ثم الطب العدلي لاستكمال الإجراءات الأصولية لدفنه. مات نوري السعيد ولم يترك لأهله أي مال أو تركة وقد قامت الحكومة البريطانية بتخصيص مبلغ قليل لزوجته يكاد يكفي لسد رمقها. في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي التمست ابنته الرئيس الأسبق صدام حسين للعودة للعراق فسمح لها بالعودة وخصص لها مكافأة بسيطة إلا أنها أودعت في دار الرعاية الاجتماعية بعد فرض الحصار الاقتصادي على العراق عام 1991 على أعقاب احتلال الكويت وتردي الأوضاع الاقتصادية.