صفحة 1 من 1

تركيا وهواجس التسويه الكرديه

مرسل: الأحد مايو 05, 2013 7:47 pm
بواسطة عبدالله العجلان
محمد نور الدين يكتب :تركيا وهواجس التسوية الكردية


الجمعة , 19 أبريل 2013 15:22

محمد نور الدين
الخطوة التي بادرت اليها الحكومة التركية، عبر الاستخبارات، في فتح مفاوضات مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان المعتقل لحل المشكلة الكردية في تركيا، لم تكن متوقعة، رغم أنها لم تكن مفاجئة، ذلك بأن مفاوضات أخرى سبقت قبل ثلاث سنوات .

غير أن العودة إلى المفاوضات اليوم طرحت تساؤلات كثيرة خصوصاً أن حزب العدالة والتنمية خاض أكبر حملة على “الإرهاب” الكردي في الفترة التي سبقت عودة المفاوضات في مطلع العام الحالي .

ربط الكثيرون بين بدء المفاوضات ورغبة أردوغان في اعتماد نظام رئاسي في تركيا يتيح له أن يصبح ملكاً متوجاً على تركيا خلال السنوات العشر المقبلة . وليس ممكناً ذلك إلا بتعديل دستوري يحال إلى استفتاء شعبي ويحتاج إلى دعم النواب الأكراد في البرلمان في ظل معارضة أحزاب المعارضة الأخرى الانتقال إلى نظام رئاسي .

وربط آخرون سبب المساعي لحل المشكلة الكردية بتطورات المنطقة ورغبة الولايات المتحدة في إعادة ترتيب المشهد الإقليمي لزيادة الضغوط على القوى المعادية للسياسات الغربية . ومن تلك الخطوات تعطيل المشكلة الكردية من أن تكون عاملاً معيقاً أو مربكاً لحركة تركيا في المنطقة .

وبالطبع لم تكن جهود باراك أوباما لتطبيع العلاقات بين تركيا و”إسرائيل” خارج سياق شدّ عضد القوى الدائرة في الفلك الأمريكي، إضافة إلى السعي لفرض الهيمنة الكاملة للقوى الغربية في شرق المتوسط .

وانطلاقاً من أن المشكلة الكردية في تركيا مزمنة وعمرها من عمر الجمهورية على الأقل، أي منذ تسعين عاماً، فإن توقع أن تحل المشكلة جذرياً أو حتى بنسبة كبيرة في المرحلة المقبلة ليس واقعياً .

إن تعدد التفسيرات والاحتمالات لدوافع الجهود لحل أو تسوية المشكلة الكردية في تركيا يجعل المعوقات أمام مثل هذه التسوية قائمة ومتنوعة المصادر داخلياً وخارجياً .

أول هذه المعوقات هو حزب العدالة والتنمية نفسه الذي يخشى معارضوه والأكراد أيضاً، أن يناور كثيراً من أجل تحقيق ما يريد من المفاوضات، وهي النظام الرئاسي وتقطيع الوقت إقليمياً، من دون أن يلبي ما يكفي من مطالب كردية، بحيث يعود الأكراد من جديد إلى الثورة بعد أن يكونوا قد وقعوا في كمين التسكين المرحلي .

والمعارضة القومية التركية من أكبر العوائق الداخلية لاستكمال مسار الحل . ذلك أن غالبية الأتراك قد تربّوا على نزعة قومية متشددة تقارب العنصرية أحياناً، لم يخفها أحد منهم سواء كان علمانياً أو إسلامياً ومن بينهم رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان . وحزب العدالة والتنمية ليس حزباً منسجماً أيديولوجياً بل هو في الأساس تكتل يضم تيارات مختلفة يتغذى من كل منها بحسب شروط كل مرحلة . والتيار القومي المتشدد داخله قد يكون موافقاً على الرغبة في حل المشكلة الكردية، لكن ليس إلى درجة التضحية بمكاسب قومية خاصة بالعرق التركي في الدستور وتهديد وحدة التراب التركي .

ويبرز التيار القومي المتشدد لدى حزب الحركة القومية الذي يتزعمه دولت باهتشلي الذي هدد فعلاً بسفك الدماء لمنع التنازل للأكراد في الدستور وفي إطلاق سراح أوجلان، وفي منح الأكراد بعض المكاسب على صعيد التعلم باللغة الأم والإدارة المحلية . ويخشى التيار القومي أن يكون أردوغان يغامر في تعريض وحدة البلاد للتقسيم على المدى الطويل، خصوصاً في ظل وجود سابقة قومية كردية في العراق المجاور .

أما حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة والعلماني اليساري، فلن يفيده أي تقدم في هذه التسوية في ظل سلطة حزب العدالة والتنمية الذي سيجيّر له أي إنجاز ويطبق بالكامل على ما تبقى من نفوذ لحزب الشعب الجمهوري الذي ينال نسبة 25 في المئة من الأصوات، فيما تعطي استطلاعات الرأي حزب العدالة والتنمية تقدماً يصل إلى 52 في المئة .

وليس من شك أن لعبدالله أوجلان التأثير الأكبر في المزاج الشعبي الكردي وفي القوى السياسية الكردية . لكن تظهر من الآن ترددات واضحة وتحفظات على طريقة السير بالحل من جانب قيادة جبل قنديل في حزب العمال الكردستاني، بحيث قد يشكل ذلك عامل وقف للعملية، لاسيما إذا ما بدا أن ما تريد الحكومة التركية تقديمه للأكراد لا يلبي التطلعات التاريخية لهم مقابل أن يتركوا السلاح .

إن البحث عن تسوية للمشكلة الكردية في الداخل التركي وارتباطها بتغيير خريطة التحالفات في الشرق الأوسط، يخلق لا شك دوافع للعديد من القوى للنظر إلى ما يجري بعين الحذر، ليس على الصعيد السياسي ومعادلات القوة فقط، بل في ما يتصل بوحدة كيانات المنطقة أيضاً .

إن ما يعزز هذه التساؤلات أن الغموض لا يزال يلف ماهية المفاوضات الجارية الآن وماهية خريطة الطريق المقترحة التي لا يزال مصدر تفاصيلها وسائل الإعلام من دون أي تأكيدات رسمية تركية ولا كردية .
نقلا عن صحيفة الخليج



اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - محمد نور الدين يكتب :تركيا وهواجس التسوية الكردية