بيلاروسيا
مرسل: الأحد مايو 05, 2013 7:50 pm
روسيا البيضاء أو بيلاروسيا (بالبيلاروسية: Беларусь وتلفظ [bʲɛ.ɫa.rusʲ]) دولة داخلية في أوروبا الشرقية [8] تحدها الدول التالية باتجاه عقارب الساعة روسيا إلى الشمال الشرقي وأوكرانيا إلى الجنوب وبولندا إلى الغرب وليتوانيا ولاتفيا إلى الشمال الغربي. عاصمتها مينسك ومن المدن الرئيسية الأخرى بريست وغرودنو وغوميل وموغيلوف وفيتيبسك. تشكل الغابات 40% من مساحة البلاد البالغة 207,600 كم2.[9] أقوى قطاعاتها الاقتصادية هي الزراعة والصناعة.
حتى القرن العشرين، افتقرت بيلاروسيا الفرصة لخلق هوية وطنية مميزة لعدة قرون بسبب خضوع أراضيها الحالية لدول عدة مختلفة عرقياً، بما في ذلك إمارة بولوتسك ودوقية ليتوانيا الكبرى والإمبراطورية الروسية والكومنولث البولندي الليتواني. تشكلت الجمهورية البيلاروسية الشعبية (1918-1919) وما لبثت أن أصبحت إحدى الجمهوريات المكونة للاتحاد السوفييتي تحت اسم جمهورية بيلاروسيا الاشتراكية السوفياتية.
تم توحيد البلاد بحدودها الحالية عام 1939 عندما منحت الأراضي التي أقيمت عليها الجمهورية البولندية الثانية للاتحاد السوفياتي وفقًا لأحكام ميثاق مولوتوف ريبنتروب [10] وألحقت بروسيا البيضاء السوفياتية. تضررت البلاد بشدة جراء الحرب العالمية الثانية حيث فقدت خلالها روسيا البيضاء نحو ثلث السكان وأكثر من نصف مواردها الاقتصادية؛ [11] أعيد بناء الجمهورية في سنوات ما بعد الحرب. نظرًا لأثر الحرب العالمية الثانية، أصبحت جمهورية بيلاروسيا الاشتراكية السوفياتية عضوًا مؤسسًا للأمم المتحدة جنبًا إلى جنب مع الاتحاد السوفياتي وجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية.
أعلن برلمان الجمهورية سيادة روسيا البيضاء يوم 27 يوليو 1990، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أعلن الاستقلال في 25 أغسطس 1991. ألكسندر لوكاشينكو هو رئيس البلاد منذ عام 1994 وتحت رئاسته وعلى الرغم من اعتراض الحكومات الغربية، فقد نفذ سياسات الحقبة السوفياتية مثل ملكية الدولة للاقتصاد. منذ عام 2000، وقعت روسيا وروسيا البيضاء معاهدة للمزيد من التعاون مع بعض التلميحات لتشكيل دولة اتحادية.
يقيم معظم سكان روسيا البيضاء الـ 9.49 مليون في المناطق الحضرية المحيطة بمينسك وغيرها من عواصم الأوبلاستات (الأقاليم) المشكلة للبلاد.[12] أكثر من 80% من السكان هم من البيلاروس مع أقليات كبيرة من الروس والبولنديين والأوكرانيين. منذ إجراء استفتاء شعبي في عام 1995، أصبحت اللغتان الرسميتان في البلاد البيلاروسية والروسية. لا يعلن دستور روسيا البيضاء الدين الرسمي على الرغم من أن الدين الرئيسي في البلاد هو المسيحية الأرثوذكسية الروسية. ثاني الأديان هي المسيحية الكاثوليكية بعدد أتباع أقل بكثير ولكن يتم احترام عيدي الفصح والميلاد رسميًا وتعتبر أعيادًا رسمية.
أصل التسمية
تستمد التسمية بيلاروسيا من المصطلح "روسيا البيضاء". توجد عدة فرضيات حول أصل التسمية. يصف الاسم المنطقة المغطاة بالثلوج في شرق أوروبا والمسكونة من قبل الشعب السلافي كمنطقة جميلة وحرة كنقيض للمنطقة الليتوانية "روثينيا السوداء". قد يكون للملابس البيضاء التي كان السلافيون يرتدونها دور في التسمية وفقًا لنظرية أخرى. من الافتراضات الأخرى أن التسمية تعود للأراضي الجنوبية (بولاكاك وفيتسبك وموغيلوف) والتي لم يتمكن التتار من غزوها. حيث أنه قبل 1267 سميت الأرض التي لم يستطع التتار غزوها بروسيا البيضاء. ظهرت التسمية أولًا في الأدب الألماني واللاتيني في العصور الوسطى. في كتابات يان التشارنكوفي تحدث عن دوق ليتواني كبير يدعى يوغيلا كانت أمه مسجونة في عام 1381 في "ألبا روسيا" استخدم مصطلح "ألبا روسيا" لاحقًا من قبل البابا بيوس السادس عند تأسيس جمعية اليسوعيين في 1783. أشير إلى البلاد تاريخيًا بالانجليزية باسم "روثينيا البيضاء".[ كان أول استخدام معروف لاسم روسيا البيضاء للإشارة إلى بلاروسيا في أواخر القرن السادس عشر من قبل السير جيروم هورسي الإنكليزي.[ خلال القرن السابع عشر استخدم القياصرة الروس اسم روسيا البيضاء لوصف الأراضي التي تم الاستيلاء عليها من دوقية ليتوانيا الكبرى.
استخدم الاسم بيلوروسيا (بالروسية: Белоруссия) في أيام الإمبراطورية الروسية، ودعي القيصر الروسي بقيصر كل الروس، حيث أن روسيا أو "الإمبراطورية الروسية" تتألف من روسيا العظمى وروسيا الصغرى (أوكرانيا) وروسيا البيضاء. في ذلك الوقت، كان الاسم الوحيد المستخدم في اللغة الروسية هو بيلوروسيا، حيث اعتبرت حكومات القياصرة بيلوروسيا جزءًا من الأمة الروسية ونظروا أيضًا إلى اللغة البلاروسية على أنها من اللهجات الروسية.] خلال الحقبة الشيوعية، أصبح المصطلح "بيلوروسيا" جزءًا من الوعي الوطني. في القسم الغربي من روسيا البيضاء والذي كان تحت السيطرة البولندية أصبحت التسمية شائعة في مناطق بياليستوك وغوردنو خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين لم تستخدم التسمية بلاروسيا رسميًا حتى عام 1991، عندما أقر مجلس السوفيات الأعلى في جمهورية بيلوروسيا الاشتراكية السوفياتية مرسومًا بتسمية الجمهورية الجديدة المستقلة باسم بلاروسيا (بالروسية:Беларусь). جاء هذا التغيير ليعكس بشكل ملائم الوصف باللغة البيلاروسية للاسم. سمح باستخدام تسمية جمهورية بيلوروسيا الاشتراكية السوفياتية وأي من التسميات والاختصارات الأخرى بين عامي 1991-1993 عارضت القوى المحافظة تغيير الاسم وإدراجه في مسودة دستور بلاروسيا عام 1991.] بعد الثورة البلشفية في عام 1917، تسبب مصطلح روسيا البيضاء أيضًا ببعض الالتباس لأنه كان أيضًا اسم القوة التي عارضت "البلاشفة الحمر"
بناء عليه، تم استبدال الاسم بيلوروسيا بالتسمية بلاروس في اللغة الإنجليزية وإلى حد ما، باللغة الروسية (على الرغم من أن الاسم التقليدي لا يزال قائمًا في تلك اللغة أيضًا). الصفة بلاروسي أيضًا أقرب إلى المصطلح الروسي الأصلي بيلاروسكي. حاولت المؤسسة الفكرية في عهد ستالين تغيير الاسم من بيلوروسيا صيغة من كريفيا بسبب الصلة المفترضة بروسيا. عارض بعض القوميين الاسم لنفس السبب. ومع ذلك، فإن العديد من الصحف الشعبية المحلية أبقت على الاسم القديم للبلاد بالروسية في أسمائها، مثلًا كومسومولسكايا برافدا بيلوروسي، والتي هي فرع محلي لصحيفة روسية شعبية. أيضًا أولئك الذين يرغبون إعادة توحيد بلاروسيا مع روسيا يواصلون استخدام الاسم الروسي. رسميًا، الاسم الكامل للدولة هو جمهورية بيلاروسيا
التاريخ
طابع يحمل صليب القديس يوفراسين من عام 1992
استقرت القبائل السلافية الأولى في المنطقة التي هي الآن روسيا البيضاء في القرن السادس. كانوا على احتكاك متزايد مع الفارنجيين، وهم مجموعة من المحاربين الاسكندنافيين والسلاف من البلطيق.[24] على الرغم من هزيمة الفارنجيين ونفيهم لفترة وجيزة من قبل السكان المحليين، طلب منهم في وقت لاحق العودة، وساهموا في تشكيل كيان سياسي، يشار إليه باسم روس كييف. بدأت دولة روس كييف في نحو 862م حول مدينة كييف، أو بدلا من ذلك حول مدينة نوفوغورد الحالية.[25]
بعد وفاة حاكم روس كييف الأمير ياروسلاف الحكيم، انقسمت الدولة إلى إمارتين مستقلتين.[26] تضررت هذه الإمارات الروثينية بشدة جراء الغزو المغولي في القرن الثالث عشر، ودمجت لاحقاً في دوقية ليتوانيا الكبرى.[27]
من بين الإمارات التي خضعت للدوقية، تسعة منها سكنها أسلاف الشعب البلاروسي. خلال هذا الوقت خاضت الدوقية عدة حملات عسكرية، بما فيها القتال إلى جانب بولندا ضد الفرسان التيوتونيين في معركة جرونفالد عام 1410، سمح الانتصار المشترك للدوقية بالسيطرة على الأراضي الحدودية الشمالية الغربية لأوروبا الشرقية.[28]
خريطة لدوقية ليتوانيا الكبرى، وهي جزء من الكومنويلث البولندي الليتواني عام 1619
في 2 فبراير 1386، اتحدت دوقية ليتوانيا ومملكة بولندا في اتحاد شخصي من خلال زواج حاكميهما.[29] أطلق هذا الاتحاد تطورات أدت في النهاية إلى تشكيل الكومنويلث البولندي اللتواني الذي أنشئ عام 1569. بدأ الروس بقيادة القيصر إيفان الثالث حملات عسكرية في 1486 في محاولة للسيطرة على أراضي روس كييف، وتحديدًا الأراضي الواقعة حاليًا في أوكرانيا وبلاروسيا.[30]
على الرغم من المحاولات الروسية، صمدت أراضي بلاروسيا الحديثة كجزء من الكومنويلث البولندي الليتواني لأكثر من 400 سنة، حيث دعم التاج البولندي اللغات والتقاليد المحلية. انتفاضة كوسيوتزكو وهي انتفاضة ضد الإمبراطورية الروسية ومملكة بروسيا بقيادة تاديوش كوسيوتزكو في بولندا وبلاروسيا وليتوانيا في 1794. عدت محاولة فاشلة لتحرير بولندا وليتوانيا من النفوذ الروسي بعد التقسيم الثاني لبولندا 1793.
انتهت الوحدة بين بولندا وليتوانيا في عام 1795 بتقسيم بولندا بين الإمبراطورية الروسية وبروسيا والنمسا.[31] خضعت أراضي بلاروسيا الحالية في ذاك الوقت للسيطرة الروسية تحت حكم كاثرين الثانية، [32] وبقيت كذلك حتى احتلالها من قبل الإمبراطورية الألمانية خلال الحرب العالمية الاولى.[33] برزت ثورة بين عامي 1863-1864 ضد الروس قادها كاستوس كالينوفسكي. ضمت هذه الانتفاضة أكثر من 80,000 من البلاروسيين من كافة طبقات الشعب. سقط قادة المتمردين في أيدي الروس في السنة الأولى من التمرد وأعدم كالينوفسكي في فيلنا (فيلنيوس) في 22 مارس 1864
السياسة
العلم الذي استخدمته المعارضة بين عامي 1991-1995
بلاروسيا جمهورية رئاسية يحكمها الرئيس والجمعية الوطنية. وفقًا لدستور عام 1994، يتم انتخاب الرئيس مرة واحدة كل خمس سنوات. ومع ذلك، بعد تصويت عام 1996 والذي كان محط جدل تغيرت مدة الرئاسة من خمس سنوات إلى سبع سنوات.[44] الجمعية الوطنية هي برلمان من مجلسين هما مجلس النواب 110 عضوًا ومجلس الجمهورية 64 عضوًا.
يمتلك مجلس النواب سلطة تعيين رئيس الوزراء وتمرير التعديلات الدستورية والدعوة للتصويت على الثقة في رئيس الوزراء وتقديم اقتراحات بشأن السياسة الخارجية والداخلية. يمتلك مجلس الجمهورية القدرة على تسمية مختلف المسؤولين الحكوميين وإجراء محاكمة إقالة الرئيس وقبول أو رفض مشاريع القوانين التي يجيزها مجلس النواب. يمتلك كلا المجلسان القدرة على الاعتراض على أي قرار يصدر عن المسؤولين المحليين إذا كان مخالفًا للدستور البلاروسي.[45]
انتخب ألكسندر لوكاشينكو رئيسًا لبيلاروسيا منذ عام 1994. تتضمن الحكومة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء وخمسة من نواب رئيس الوزراء.[46] لا يلزم في أعضاء في هذا المجلس أن يكونوا أعضاء في المجلس التشريعي بل يتم تعيينهم من قبل الرئيس. تتألف السلطة القضائية من المحكمة العليا ومحاكم متخصصة مثل المحكمة الدستورية، التي تتناول قضايا محددة تتعلق بالأحكام الدستورية والقانون التجاري. يعين قضاة المحاكم الوطنية من قبل الرئيس ويتم تأكيد التعيين من جانب مجلس الجمهورية. من النواحي الجنائية، فإن أعلى محكمة استئناف هي المحكمة العليا. يحظر الدستور البلاروسي استخدام محاكم خاصة خارج نطاق القضاء.
في عام 2007، لم ينتمي 98 من أصل 110 من أعضاء مجلس النواب إلى أي حزب سياسي وأما الأعضاء 12 المتبقون فثمانية منهم ينتمون إلى الحزب الشيوعي في بلاروسيا وثلاثة إلى الحزب الزراعي البلاروسي ومقعد وحيد إلى الحزب الليبرالي الديموقراطي البيلاروسي. ينتمي معظم المستقلون إلى طيف واسع من المنظمات الاجتماعية مثل التعاونيات العمالية والجمعيات العامة ومنظمات المجتمع المدني.
لم يحصل أي من الأحزاب الموالية للوكاشينكو مثل الحزب البلاروسي الرياضي الاشتراكي والحزب الجمهوري للعدالة والعمل أو التحالف الشعبي زائد 5 من أحزاب المعارضة مثل الجبهة الشعبية البلاروسية والحزب المدني البيلاروسي المتحد على أية مقاعد في انتخابات عام 2004. أعلنت مجموعات مثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن الانتخابات "غير حرة" بسبب نتائج أحزاب المعارضة الضعيفة وتحيز وسائل الإعلام لصالح الحكومة.[47]
في الانتخابات الرئاسية عام 2006، واجه لوكاشينكو في الانتخابات مرشحًا موحدًا للمعارضة ألكسندر ميلينكيفيتش، بالإضافة إلى ألكسندر كازولين عن الاشتراكيين الديموقراطيين. اعتقل كازولين وتعرض للضرب على أيدي الشرطة خلال احتجاجات أحاطت بمقر جمعية كل الشعب البيلاروسي. فاز لوكاشينكو في الانتخابات بنسبة 80% من الأصوات، لكن منظمة الأمن والتعاون الأوروبية وغيرها من المنظمات وصفت الانتخابات بأنها غير عادلة.[48]
وصف لوكاشينكو نفسه بأنه يمارس "أسلوب حكم استبدادي" [49] بينما وصفت دول غربية بيلاروسيا تحت حكم لوكاشينكو بأنها دكتاتورية، أما الحكومة فاتهمت القوى الغربية نفسها بأنها تحاول الإطاحة بالرئيس لوكاشينكو.[50] علق مجلس أوروبا عضوية بلاروسيا منذ عام 1997 بسبب التصويت غير الديمقراطي وارتكاب مخالفات انتخابية في استفتاء نوفمبر 1996 الدستوري وانتخابات مجلس النواب.[51] تعرضت حكومة بيلاروسيا أيضًا للانتقادات بسبب حقوق الإنسان والإجراءات التي تتخذها ضد المنظمات غير الحكومية والصحفيين المستقلين والأقليات القومية والسياسيين المعارضين.[52][53]
بيلاروسيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي تحتفظ بعقوبة الإعدام على جرائم معينة في أوقات السلم والحرب.[54] كما قام لوكاشينكو في عام 2004 بتعديل الدستور برفع سقف الدورتين الرئاسيتين.[55] دعا لوكاشينكو في عام 1996 لتصويت مثير للجدل لتمديد الولاية الرئاسية من خمس سنوات إلى سبع سنوات وصوت الناخبون لصالحه.[56] في شهادة أمام لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي للعلاقات الخارجية صنفت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس على أنها من بين الدول بؤر الطغيان الست.[57] بينما ردت الحكومة البلاروسية بالقول أن "التقييم بعيد تماماً عن الواقع." [58]
بعد انتخابات ديسمبر 2010، انتخب لوكاشينكو لمرة رابعة على التوالي بنسبة تقارب 80% من أصوات الناخبين. أما مرشح المعارضة أندري سانيكوف فقد حصد أقل من 3% من الأصوات، كما انتقدت نتائج الانتاخابات لكونها مزورة وفقًا لمراقبين مستقلين. عندما تظاهر أنصار المعارضة في مينسك، تعرض العديدون منهم للضرب والسجن على يد مليشيات الدولة بمن فيهم المرشحون المهزومون في سباق الرئاسة.[59] حكم على العديد من المتظاهرين بمن فيهم سانيكوف بالسجن لأربع سنوات أو بالإقامة الجبرية.[60][61] بعد ستة أشهر، بدأ ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة جديدة من المظاهرات، غالبًا عبر مظاهرات صامتة مصفقة في منسك والمدن الأخرى في البلاد، في خضم أزمة اقتصادية غير مسبوقة.[62]
ألكسندر لوكاشينكو (يسار) مصافحًا ديمتري ميدفيديف رئيس روسيا.
تربط كلًا من بيلاروسيا وروسيا علاقات تجارية وثيقة كما أن البلدين حليفان دبلوماسيان منذ تفكك الاتحاد السوفياتي. تعتمد بيلاروسيا على روسيا في استيراد المواد الخام كما أنها سوق لصادراتها.[63] اتحاد روسيا وبيلاروسيا هو اتحاد كونفدرالي فوق وطني تأسس نتيجة مجموعة من المعاهدات بين عامي 1996-1999 والتي دعت للوحدة النقدية والحقوق المتساوية وتوحيد الجنسية والسياسة الخارجية والدفاع. على الرغم من أن مستقبل الاتحاد موضع شك بسبب التأخير البيلاروسي المتكرر لتفعيل الوحدة النقدية وعدم وجود موعد للاستفتاء على مسودة الدستور والنزاع حول تجارة النفط في عامي 2006-2007.
يوم 11 ديسمبر 2007، ظهرت تقارير تشير إلى مباحثات تشكل إطارًا لدولة جديدة بين البلدين.[64] في 27 مايو 2008، قال الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو أنه عين رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين رئيسًا لوزراء تحالف روسيا وبيلاروسيا. لم يتضح معنى هذه الخطورة على الفور، لكن هناك تكهنات بأن بوتين قد يصبح رئيسًا للدولة الموحدة بعد تنحيه عن رئاسة روسيا مايو 2008، رغم أن هذا الأمر لم يحدث.[65]
بيلاروسيا عضو مؤسس في رابطة الدول المستقلة إلا أن أعضاء آخرين في رابطة الدول المستقلة مؤخرًا شككوا في مدى فعالية المنظمة.[66] تقيم بيلاروسيا اتفاقات تجارية مع العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (على الرغم من حظر الدول الأعضاء الأخرى على سفر لوكاشينكو وكبار المسؤولين)، [67] كذلك مع جيرانها ليتوانيا وبولندا ولاتفيا (وجميعهم أعضاء في الاتحاد الأوروبي).[68] رفع حظر السفر من قبل الاتحاد الأوروبي في الماضي ليس فقط للسماح للوكاشينكو بحضور اجتماعات دبلوماسية ولكن أيضًا باعتبارها وسيلة لإشراك كل من الحكومة وجماعات المعارضة في الحوار.[69]
توترت العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة بسبب دعم وزارة الخارجية الأميركية لمنظمات غير حكومية مناهضة للوكاشينكو ولأن الحكومة البيلاروسية جعلت من الصعب على المنظمات التي مقرها الولايات المتحدة من العمل داخل البلاد.[70] في عام 2004 أقرت الولايات المتحدة قانون ديمقراطية بيلاروسيا، وهو ما يجيز للولايات المتحدة تمويل ما تعتبرها منظمات غير حكومية مؤيدة للديمقراطية في بيلاروسيا ومنع منح القروض إلى الحكومة البيلاروسية إلا لأغراض إنسانية.[71] على الرغم من هذا، تتعاون الدولتان في حماية الملكية الفكرية ومنع الاتجار بالبشر والجرائم التقنية والإغاثة في حالات الكوارث.[72]
يزداد التعاون بين بيلاروسيا والصين [73] الذي عززته الزيارة التي قام بها الرئيس لوكاشينكو إلى الصين في أكتوبر عام 2005. تربط بيلاروسيا علاقات قوية بسوريا [74] التي يعتبرها الرئيس لوكاشينكو شريكًا رئيسيًا في الشرق الأوسط.[75] بالإضافة إلى رابطة الدول المستقلة، بيلاروسيا عضو في الجمعية الاقتصادية الأوروبية الآسيوية ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي. بيلاروسيا عضو في حركة عدم الانحياز الدولية منذ عام 1998، [76] وعضو في الأمم المتحدة منذ تأسيسها عام 1945. بيلاروسيا أيضًا عضو في منظمة الأمن والتعاون الأوروبية. وبوصفها دولة مشاركة منظمة الأمن والتعاون، تخضع التزامات بيلاروسيا الدولية للمراقبة في إطار ولاية لجنة هلسنكي.[77]
حتى القرن العشرين، افتقرت بيلاروسيا الفرصة لخلق هوية وطنية مميزة لعدة قرون بسبب خضوع أراضيها الحالية لدول عدة مختلفة عرقياً، بما في ذلك إمارة بولوتسك ودوقية ليتوانيا الكبرى والإمبراطورية الروسية والكومنولث البولندي الليتواني. تشكلت الجمهورية البيلاروسية الشعبية (1918-1919) وما لبثت أن أصبحت إحدى الجمهوريات المكونة للاتحاد السوفييتي تحت اسم جمهورية بيلاروسيا الاشتراكية السوفياتية.
تم توحيد البلاد بحدودها الحالية عام 1939 عندما منحت الأراضي التي أقيمت عليها الجمهورية البولندية الثانية للاتحاد السوفياتي وفقًا لأحكام ميثاق مولوتوف ريبنتروب [10] وألحقت بروسيا البيضاء السوفياتية. تضررت البلاد بشدة جراء الحرب العالمية الثانية حيث فقدت خلالها روسيا البيضاء نحو ثلث السكان وأكثر من نصف مواردها الاقتصادية؛ [11] أعيد بناء الجمهورية في سنوات ما بعد الحرب. نظرًا لأثر الحرب العالمية الثانية، أصبحت جمهورية بيلاروسيا الاشتراكية السوفياتية عضوًا مؤسسًا للأمم المتحدة جنبًا إلى جنب مع الاتحاد السوفياتي وجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية.
أعلن برلمان الجمهورية سيادة روسيا البيضاء يوم 27 يوليو 1990، وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أعلن الاستقلال في 25 أغسطس 1991. ألكسندر لوكاشينكو هو رئيس البلاد منذ عام 1994 وتحت رئاسته وعلى الرغم من اعتراض الحكومات الغربية، فقد نفذ سياسات الحقبة السوفياتية مثل ملكية الدولة للاقتصاد. منذ عام 2000، وقعت روسيا وروسيا البيضاء معاهدة للمزيد من التعاون مع بعض التلميحات لتشكيل دولة اتحادية.
يقيم معظم سكان روسيا البيضاء الـ 9.49 مليون في المناطق الحضرية المحيطة بمينسك وغيرها من عواصم الأوبلاستات (الأقاليم) المشكلة للبلاد.[12] أكثر من 80% من السكان هم من البيلاروس مع أقليات كبيرة من الروس والبولنديين والأوكرانيين. منذ إجراء استفتاء شعبي في عام 1995، أصبحت اللغتان الرسميتان في البلاد البيلاروسية والروسية. لا يعلن دستور روسيا البيضاء الدين الرسمي على الرغم من أن الدين الرئيسي في البلاد هو المسيحية الأرثوذكسية الروسية. ثاني الأديان هي المسيحية الكاثوليكية بعدد أتباع أقل بكثير ولكن يتم احترام عيدي الفصح والميلاد رسميًا وتعتبر أعيادًا رسمية.
أصل التسمية
تستمد التسمية بيلاروسيا من المصطلح "روسيا البيضاء". توجد عدة فرضيات حول أصل التسمية. يصف الاسم المنطقة المغطاة بالثلوج في شرق أوروبا والمسكونة من قبل الشعب السلافي كمنطقة جميلة وحرة كنقيض للمنطقة الليتوانية "روثينيا السوداء". قد يكون للملابس البيضاء التي كان السلافيون يرتدونها دور في التسمية وفقًا لنظرية أخرى. من الافتراضات الأخرى أن التسمية تعود للأراضي الجنوبية (بولاكاك وفيتسبك وموغيلوف) والتي لم يتمكن التتار من غزوها. حيث أنه قبل 1267 سميت الأرض التي لم يستطع التتار غزوها بروسيا البيضاء. ظهرت التسمية أولًا في الأدب الألماني واللاتيني في العصور الوسطى. في كتابات يان التشارنكوفي تحدث عن دوق ليتواني كبير يدعى يوغيلا كانت أمه مسجونة في عام 1381 في "ألبا روسيا" استخدم مصطلح "ألبا روسيا" لاحقًا من قبل البابا بيوس السادس عند تأسيس جمعية اليسوعيين في 1783. أشير إلى البلاد تاريخيًا بالانجليزية باسم "روثينيا البيضاء".[ كان أول استخدام معروف لاسم روسيا البيضاء للإشارة إلى بلاروسيا في أواخر القرن السادس عشر من قبل السير جيروم هورسي الإنكليزي.[ خلال القرن السابع عشر استخدم القياصرة الروس اسم روسيا البيضاء لوصف الأراضي التي تم الاستيلاء عليها من دوقية ليتوانيا الكبرى.
استخدم الاسم بيلوروسيا (بالروسية: Белоруссия) في أيام الإمبراطورية الروسية، ودعي القيصر الروسي بقيصر كل الروس، حيث أن روسيا أو "الإمبراطورية الروسية" تتألف من روسيا العظمى وروسيا الصغرى (أوكرانيا) وروسيا البيضاء. في ذلك الوقت، كان الاسم الوحيد المستخدم في اللغة الروسية هو بيلوروسيا، حيث اعتبرت حكومات القياصرة بيلوروسيا جزءًا من الأمة الروسية ونظروا أيضًا إلى اللغة البلاروسية على أنها من اللهجات الروسية.] خلال الحقبة الشيوعية، أصبح المصطلح "بيلوروسيا" جزءًا من الوعي الوطني. في القسم الغربي من روسيا البيضاء والذي كان تحت السيطرة البولندية أصبحت التسمية شائعة في مناطق بياليستوك وغوردنو خلال الفترة ما بين الحربين العالميتين لم تستخدم التسمية بلاروسيا رسميًا حتى عام 1991، عندما أقر مجلس السوفيات الأعلى في جمهورية بيلوروسيا الاشتراكية السوفياتية مرسومًا بتسمية الجمهورية الجديدة المستقلة باسم بلاروسيا (بالروسية:Беларусь). جاء هذا التغيير ليعكس بشكل ملائم الوصف باللغة البيلاروسية للاسم. سمح باستخدام تسمية جمهورية بيلوروسيا الاشتراكية السوفياتية وأي من التسميات والاختصارات الأخرى بين عامي 1991-1993 عارضت القوى المحافظة تغيير الاسم وإدراجه في مسودة دستور بلاروسيا عام 1991.] بعد الثورة البلشفية في عام 1917، تسبب مصطلح روسيا البيضاء أيضًا ببعض الالتباس لأنه كان أيضًا اسم القوة التي عارضت "البلاشفة الحمر"
بناء عليه، تم استبدال الاسم بيلوروسيا بالتسمية بلاروس في اللغة الإنجليزية وإلى حد ما، باللغة الروسية (على الرغم من أن الاسم التقليدي لا يزال قائمًا في تلك اللغة أيضًا). الصفة بلاروسي أيضًا أقرب إلى المصطلح الروسي الأصلي بيلاروسكي. حاولت المؤسسة الفكرية في عهد ستالين تغيير الاسم من بيلوروسيا صيغة من كريفيا بسبب الصلة المفترضة بروسيا. عارض بعض القوميين الاسم لنفس السبب. ومع ذلك، فإن العديد من الصحف الشعبية المحلية أبقت على الاسم القديم للبلاد بالروسية في أسمائها، مثلًا كومسومولسكايا برافدا بيلوروسي، والتي هي فرع محلي لصحيفة روسية شعبية. أيضًا أولئك الذين يرغبون إعادة توحيد بلاروسيا مع روسيا يواصلون استخدام الاسم الروسي. رسميًا، الاسم الكامل للدولة هو جمهورية بيلاروسيا
التاريخ
طابع يحمل صليب القديس يوفراسين من عام 1992
استقرت القبائل السلافية الأولى في المنطقة التي هي الآن روسيا البيضاء في القرن السادس. كانوا على احتكاك متزايد مع الفارنجيين، وهم مجموعة من المحاربين الاسكندنافيين والسلاف من البلطيق.[24] على الرغم من هزيمة الفارنجيين ونفيهم لفترة وجيزة من قبل السكان المحليين، طلب منهم في وقت لاحق العودة، وساهموا في تشكيل كيان سياسي، يشار إليه باسم روس كييف. بدأت دولة روس كييف في نحو 862م حول مدينة كييف، أو بدلا من ذلك حول مدينة نوفوغورد الحالية.[25]
بعد وفاة حاكم روس كييف الأمير ياروسلاف الحكيم، انقسمت الدولة إلى إمارتين مستقلتين.[26] تضررت هذه الإمارات الروثينية بشدة جراء الغزو المغولي في القرن الثالث عشر، ودمجت لاحقاً في دوقية ليتوانيا الكبرى.[27]
من بين الإمارات التي خضعت للدوقية، تسعة منها سكنها أسلاف الشعب البلاروسي. خلال هذا الوقت خاضت الدوقية عدة حملات عسكرية، بما فيها القتال إلى جانب بولندا ضد الفرسان التيوتونيين في معركة جرونفالد عام 1410، سمح الانتصار المشترك للدوقية بالسيطرة على الأراضي الحدودية الشمالية الغربية لأوروبا الشرقية.[28]
خريطة لدوقية ليتوانيا الكبرى، وهي جزء من الكومنويلث البولندي الليتواني عام 1619
في 2 فبراير 1386، اتحدت دوقية ليتوانيا ومملكة بولندا في اتحاد شخصي من خلال زواج حاكميهما.[29] أطلق هذا الاتحاد تطورات أدت في النهاية إلى تشكيل الكومنويلث البولندي اللتواني الذي أنشئ عام 1569. بدأ الروس بقيادة القيصر إيفان الثالث حملات عسكرية في 1486 في محاولة للسيطرة على أراضي روس كييف، وتحديدًا الأراضي الواقعة حاليًا في أوكرانيا وبلاروسيا.[30]
على الرغم من المحاولات الروسية، صمدت أراضي بلاروسيا الحديثة كجزء من الكومنويلث البولندي الليتواني لأكثر من 400 سنة، حيث دعم التاج البولندي اللغات والتقاليد المحلية. انتفاضة كوسيوتزكو وهي انتفاضة ضد الإمبراطورية الروسية ومملكة بروسيا بقيادة تاديوش كوسيوتزكو في بولندا وبلاروسيا وليتوانيا في 1794. عدت محاولة فاشلة لتحرير بولندا وليتوانيا من النفوذ الروسي بعد التقسيم الثاني لبولندا 1793.
انتهت الوحدة بين بولندا وليتوانيا في عام 1795 بتقسيم بولندا بين الإمبراطورية الروسية وبروسيا والنمسا.[31] خضعت أراضي بلاروسيا الحالية في ذاك الوقت للسيطرة الروسية تحت حكم كاثرين الثانية، [32] وبقيت كذلك حتى احتلالها من قبل الإمبراطورية الألمانية خلال الحرب العالمية الاولى.[33] برزت ثورة بين عامي 1863-1864 ضد الروس قادها كاستوس كالينوفسكي. ضمت هذه الانتفاضة أكثر من 80,000 من البلاروسيين من كافة طبقات الشعب. سقط قادة المتمردين في أيدي الروس في السنة الأولى من التمرد وأعدم كالينوفسكي في فيلنا (فيلنيوس) في 22 مارس 1864
السياسة
العلم الذي استخدمته المعارضة بين عامي 1991-1995
بلاروسيا جمهورية رئاسية يحكمها الرئيس والجمعية الوطنية. وفقًا لدستور عام 1994، يتم انتخاب الرئيس مرة واحدة كل خمس سنوات. ومع ذلك، بعد تصويت عام 1996 والذي كان محط جدل تغيرت مدة الرئاسة من خمس سنوات إلى سبع سنوات.[44] الجمعية الوطنية هي برلمان من مجلسين هما مجلس النواب 110 عضوًا ومجلس الجمهورية 64 عضوًا.
يمتلك مجلس النواب سلطة تعيين رئيس الوزراء وتمرير التعديلات الدستورية والدعوة للتصويت على الثقة في رئيس الوزراء وتقديم اقتراحات بشأن السياسة الخارجية والداخلية. يمتلك مجلس الجمهورية القدرة على تسمية مختلف المسؤولين الحكوميين وإجراء محاكمة إقالة الرئيس وقبول أو رفض مشاريع القوانين التي يجيزها مجلس النواب. يمتلك كلا المجلسان القدرة على الاعتراض على أي قرار يصدر عن المسؤولين المحليين إذا كان مخالفًا للدستور البلاروسي.[45]
انتخب ألكسندر لوكاشينكو رئيسًا لبيلاروسيا منذ عام 1994. تتضمن الحكومة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الوزراء وخمسة من نواب رئيس الوزراء.[46] لا يلزم في أعضاء في هذا المجلس أن يكونوا أعضاء في المجلس التشريعي بل يتم تعيينهم من قبل الرئيس. تتألف السلطة القضائية من المحكمة العليا ومحاكم متخصصة مثل المحكمة الدستورية، التي تتناول قضايا محددة تتعلق بالأحكام الدستورية والقانون التجاري. يعين قضاة المحاكم الوطنية من قبل الرئيس ويتم تأكيد التعيين من جانب مجلس الجمهورية. من النواحي الجنائية، فإن أعلى محكمة استئناف هي المحكمة العليا. يحظر الدستور البلاروسي استخدام محاكم خاصة خارج نطاق القضاء.
في عام 2007، لم ينتمي 98 من أصل 110 من أعضاء مجلس النواب إلى أي حزب سياسي وأما الأعضاء 12 المتبقون فثمانية منهم ينتمون إلى الحزب الشيوعي في بلاروسيا وثلاثة إلى الحزب الزراعي البلاروسي ومقعد وحيد إلى الحزب الليبرالي الديموقراطي البيلاروسي. ينتمي معظم المستقلون إلى طيف واسع من المنظمات الاجتماعية مثل التعاونيات العمالية والجمعيات العامة ومنظمات المجتمع المدني.
لم يحصل أي من الأحزاب الموالية للوكاشينكو مثل الحزب البلاروسي الرياضي الاشتراكي والحزب الجمهوري للعدالة والعمل أو التحالف الشعبي زائد 5 من أحزاب المعارضة مثل الجبهة الشعبية البلاروسية والحزب المدني البيلاروسي المتحد على أية مقاعد في انتخابات عام 2004. أعلنت مجموعات مثل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أن الانتخابات "غير حرة" بسبب نتائج أحزاب المعارضة الضعيفة وتحيز وسائل الإعلام لصالح الحكومة.[47]
في الانتخابات الرئاسية عام 2006، واجه لوكاشينكو في الانتخابات مرشحًا موحدًا للمعارضة ألكسندر ميلينكيفيتش، بالإضافة إلى ألكسندر كازولين عن الاشتراكيين الديموقراطيين. اعتقل كازولين وتعرض للضرب على أيدي الشرطة خلال احتجاجات أحاطت بمقر جمعية كل الشعب البيلاروسي. فاز لوكاشينكو في الانتخابات بنسبة 80% من الأصوات، لكن منظمة الأمن والتعاون الأوروبية وغيرها من المنظمات وصفت الانتخابات بأنها غير عادلة.[48]
وصف لوكاشينكو نفسه بأنه يمارس "أسلوب حكم استبدادي" [49] بينما وصفت دول غربية بيلاروسيا تحت حكم لوكاشينكو بأنها دكتاتورية، أما الحكومة فاتهمت القوى الغربية نفسها بأنها تحاول الإطاحة بالرئيس لوكاشينكو.[50] علق مجلس أوروبا عضوية بلاروسيا منذ عام 1997 بسبب التصويت غير الديمقراطي وارتكاب مخالفات انتخابية في استفتاء نوفمبر 1996 الدستوري وانتخابات مجلس النواب.[51] تعرضت حكومة بيلاروسيا أيضًا للانتقادات بسبب حقوق الإنسان والإجراءات التي تتخذها ضد المنظمات غير الحكومية والصحفيين المستقلين والأقليات القومية والسياسيين المعارضين.[52][53]
بيلاروسيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي تحتفظ بعقوبة الإعدام على جرائم معينة في أوقات السلم والحرب.[54] كما قام لوكاشينكو في عام 2004 بتعديل الدستور برفع سقف الدورتين الرئاسيتين.[55] دعا لوكاشينكو في عام 1996 لتصويت مثير للجدل لتمديد الولاية الرئاسية من خمس سنوات إلى سبع سنوات وصوت الناخبون لصالحه.[56] في شهادة أمام لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي للعلاقات الخارجية صنفت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس على أنها من بين الدول بؤر الطغيان الست.[57] بينما ردت الحكومة البلاروسية بالقول أن "التقييم بعيد تماماً عن الواقع." [58]
بعد انتخابات ديسمبر 2010، انتخب لوكاشينكو لمرة رابعة على التوالي بنسبة تقارب 80% من أصوات الناخبين. أما مرشح المعارضة أندري سانيكوف فقد حصد أقل من 3% من الأصوات، كما انتقدت نتائج الانتاخابات لكونها مزورة وفقًا لمراقبين مستقلين. عندما تظاهر أنصار المعارضة في مينسك، تعرض العديدون منهم للضرب والسجن على يد مليشيات الدولة بمن فيهم المرشحون المهزومون في سباق الرئاسة.[59] حكم على العديد من المتظاهرين بمن فيهم سانيكوف بالسجن لأربع سنوات أو بالإقامة الجبرية.[60][61] بعد ستة أشهر، بدأ ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة جديدة من المظاهرات، غالبًا عبر مظاهرات صامتة مصفقة في منسك والمدن الأخرى في البلاد، في خضم أزمة اقتصادية غير مسبوقة.[62]
ألكسندر لوكاشينكو (يسار) مصافحًا ديمتري ميدفيديف رئيس روسيا.
تربط كلًا من بيلاروسيا وروسيا علاقات تجارية وثيقة كما أن البلدين حليفان دبلوماسيان منذ تفكك الاتحاد السوفياتي. تعتمد بيلاروسيا على روسيا في استيراد المواد الخام كما أنها سوق لصادراتها.[63] اتحاد روسيا وبيلاروسيا هو اتحاد كونفدرالي فوق وطني تأسس نتيجة مجموعة من المعاهدات بين عامي 1996-1999 والتي دعت للوحدة النقدية والحقوق المتساوية وتوحيد الجنسية والسياسة الخارجية والدفاع. على الرغم من أن مستقبل الاتحاد موضع شك بسبب التأخير البيلاروسي المتكرر لتفعيل الوحدة النقدية وعدم وجود موعد للاستفتاء على مسودة الدستور والنزاع حول تجارة النفط في عامي 2006-2007.
يوم 11 ديسمبر 2007، ظهرت تقارير تشير إلى مباحثات تشكل إطارًا لدولة جديدة بين البلدين.[64] في 27 مايو 2008، قال الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو أنه عين رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين رئيسًا لوزراء تحالف روسيا وبيلاروسيا. لم يتضح معنى هذه الخطورة على الفور، لكن هناك تكهنات بأن بوتين قد يصبح رئيسًا للدولة الموحدة بعد تنحيه عن رئاسة روسيا مايو 2008، رغم أن هذا الأمر لم يحدث.[65]
بيلاروسيا عضو مؤسس في رابطة الدول المستقلة إلا أن أعضاء آخرين في رابطة الدول المستقلة مؤخرًا شككوا في مدى فعالية المنظمة.[66] تقيم بيلاروسيا اتفاقات تجارية مع العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (على الرغم من حظر الدول الأعضاء الأخرى على سفر لوكاشينكو وكبار المسؤولين)، [67] كذلك مع جيرانها ليتوانيا وبولندا ولاتفيا (وجميعهم أعضاء في الاتحاد الأوروبي).[68] رفع حظر السفر من قبل الاتحاد الأوروبي في الماضي ليس فقط للسماح للوكاشينكو بحضور اجتماعات دبلوماسية ولكن أيضًا باعتبارها وسيلة لإشراك كل من الحكومة وجماعات المعارضة في الحوار.[69]
توترت العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة بسبب دعم وزارة الخارجية الأميركية لمنظمات غير حكومية مناهضة للوكاشينكو ولأن الحكومة البيلاروسية جعلت من الصعب على المنظمات التي مقرها الولايات المتحدة من العمل داخل البلاد.[70] في عام 2004 أقرت الولايات المتحدة قانون ديمقراطية بيلاروسيا، وهو ما يجيز للولايات المتحدة تمويل ما تعتبرها منظمات غير حكومية مؤيدة للديمقراطية في بيلاروسيا ومنع منح القروض إلى الحكومة البيلاروسية إلا لأغراض إنسانية.[71] على الرغم من هذا، تتعاون الدولتان في حماية الملكية الفكرية ومنع الاتجار بالبشر والجرائم التقنية والإغاثة في حالات الكوارث.[72]
يزداد التعاون بين بيلاروسيا والصين [73] الذي عززته الزيارة التي قام بها الرئيس لوكاشينكو إلى الصين في أكتوبر عام 2005. تربط بيلاروسيا علاقات قوية بسوريا [74] التي يعتبرها الرئيس لوكاشينكو شريكًا رئيسيًا في الشرق الأوسط.[75] بالإضافة إلى رابطة الدول المستقلة، بيلاروسيا عضو في الجمعية الاقتصادية الأوروبية الآسيوية ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي. بيلاروسيا عضو في حركة عدم الانحياز الدولية منذ عام 1998، [76] وعضو في الأمم المتحدة منذ تأسيسها عام 1945. بيلاروسيا أيضًا عضو في منظمة الأمن والتعاون الأوروبية. وبوصفها دولة مشاركة منظمة الأمن والتعاون، تخضع التزامات بيلاروسيا الدولية للمراقبة في إطار ولاية لجنة هلسنكي.[77]