By مشاري بن سعود - الأحد مايو 05, 2013 7:54 pm
- الأحد مايو 05, 2013 7:54 pm
#62698
مقدمة
يعد التحكيم أقدم وسيلة لجأ إليها الإنسان لفض ما ينشأ بينه وبين أقرانه من نزاعات، فهو معروف منذ بدء الحضارة الإنسانية فكان اللجوء إلى الاحتكام من خلال القبائل والعشائر والأفراد طريقاً معروفاً لدى العرب في الجاهلية حيث كانوا يلجئون إلى شيخ القبيلة، وعندما جاء النظام الإسلامي أقره في القران الكريم في الآية 35 من سورة البقرة " إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ان يريد إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيرا".
وبعد أن الأمر أصبح يتغير تدريجياً ففي الوقت الحاضر أصبح التحكيم أهم وسيلة يرغب المتعاملون في التجارة الدولية اللجوء إليها لحسم منازعاتهم ، ويعود هذا التطور الهائل في نشاطات التحكيم هي رغبة المتعاملين في الأسواق الدولية في التحرر من القيود التي توجد في النظم القانونية لمختلف الدول والحرص على أن يتم حل المنازعات بأقل قدر ممكن من العلانية والنشر وإضفاء السرية عليها بحيث تتم هذه الإجراءات في أضيف نطاق والحاجة إلى التأكد من توافر تكوين مهني لدى الأشخاص الذي يناط بهم حل تلك المنازعات ذات الطابع الدولي ولهذه الأسباب لا يكاد أن يخلو عقد من عقود التجارة الدولية من شرط يصار بموجبه إتباع التحكيم عند حدوث نزاع وعمل على تنشيط التجارة الدولية.
إن اعتبارات العملية تدعو دائماً الاتفاق على التحكيم والذي يجنب أطرافه سلبيات القضاء العادي من بطء في إجراءات الدعوى وإطالة أمد التقاضي وتجنب علانية الجلسات القضاء فضلاً عن تجنب مشاكل تنازع القوانين والاقتصاد في النفقات والوقت والجهد لذا فهو يعد الوسيلة المثلى لفض ما ينشأ من منازعات.
والتحكيم باعتباره نظام لتسوية المنازعات بين الأطراف مشروع في النظام الإسلامي ومشروع كذلك في الأنظمة المعاصرة والاتفاقيات الدولية وهي تعترف بحق الأفراد في اللجوء إليه بدلاً عن قضائها العام. وفي حقيقة الأمر أن اتفاق التحكيم يشكل القاعدة التي يرتكز عليها قضاء التحكيم وأن دراسة هذا الكيان القانوني لشرط التحكيم هو مسألة أساسية تظهر جوهرة عملية التحكيم من حيث أهميته وتمييزه عن المشارطة التحكيم وتكيفه وطبيعته ومدى استقلاله عن العقد الأصلي ويعود إلى التساؤل حول إمكانية إعتبار شرط التحكيم عقد كامل قادر بذاته على تحريك إجراءات التحكيم أو حول مصير العقد الذي علق على شرط واقف النفاذ؟
التحكيم الدولي والداخلي
مفهوم التحكيم :
التحكيم لغة : يعرف التحكيم لغة بأنه التفويض في الحكم ومصدره حكم ( )، والتحكيم في الاصطلاح الفقهي هو : "تولي الخصمين حكماً يحكم بينهما".( )
التحكيم اصطلاحاً:
هو قيام شخص طبيعي أو أكثر تم اختياره من قبل أطراف النزاع بالفصل في النزاع المثار بينهم بدلاً عن القاضي.
ويرى جانب من الفقه أن التحكيم يقتضي وجود ثلاثة عناصر:
خصومة , ومحكم يزوَّد بسلطة الفصل بقرار ملزِم , واتفاق بين الخصوم على التحكيم , وإذا انعدم أحد هذه العناصر فالأمر لا يكون تحكيماً بالمعنى الفني , وإذا كان التحكيم يستهدف إقامة العدل بين طرفي الخصومة فإنه يستهدف كذلك وبالدرجة نفسها الحفاظ على السلام بينهما , ذلك أن الالتجاء إلى التحكيم يراد به حل النزاع مع الرغبة في المصالحة.
فالتحكيم هو الاتفاق على طرح النزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا فيه دون المحكمة , لأنه بمقتضى التحكيم ينزل الخصوم عن حقهم في الالتجاء إلى القضاء مع التزامهم بطرح النزاع على محكم أو أكثر ليفصلوا فيه بحكم ملزِم للخصوم.
كما عرفـت المادة (1790) من مجلة الأحكام العدلية: "التحكيم عبارة عن اتخاذ الخصمين حكماً برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما". ( )
والواقع أن تعريف التحكيم لدى فقهاء القانون لم يختلف كثيراً عن هذه التعريفات؛ حيث تم تعريف التحكيم بأنه طريق خاص للفصل في المنازعات بين الأفراد والجماعات، قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادي وما تستغله من ضمانات، ويعتمد أساساً على أن أطراف النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم هم الذين يختارون قضاتهم، بدلاً من الاعتماد على التنظيم القضائي للبلد الذي يقيمون فيها.( )
ومن خلال هذه التعريفات السابقة نجـد
أن نظام التحكيم يتم الالتجاء إليه بوصفه وسيلة من الوسائل السلمية لفض المنازعات بين الأفراد والجماعات بعيداً عن تدخل الدولة. ويسمى في بعض الأحيان بالقضاء الخاص مقارنة مع القضاء العام الذي يمثل الدولة.
لقـد مر التحكيم بعدة مراحل يمكن التطرق إليها باختصار وهي:
المرحلة الأولى : مرحلة ما قبل الإسلام. كان العرب قبل الإسلام عبارة عن مجموعات منتشرة من القبائل ولم تكن هناك أية سلطة مركزية معروفة يمكن الولاء إليها غير القبيلة ، وكانت القبائل تتقاتل لأسباب مختلفة ، ولم تكن هناك أية وسيلة لحفظ الأمن والنظام داخل هذا المجتمع لعـدم وجود أي سلطة تمتلك القدرة على السيطرة؛ حيث إن القبيلة ممثلة بشيخ القبيلة الذي كان كثيراً ما يقوم بدور المحكم بين أفراد قبيلته، وفي حال الخلاف بين قبيلتين مختلفتين كان يتم اللجوء إلى محكم خارجي يتم اختياره من قبل القبائل المختلفة، وهذا ما يعرف بالتحكيم الاختياري ، أما من حيث إجراءات تحفظية قبل إصدار قراره ، أي أن يضع الأطراف الشيء المتنازع عليه لدى شخص ثالث ليتسنى تنفيذ القرار عند صدوره بطريقة سهلة ، وهذا يعني أن الخصوم قد حددوا مسبقاً وسيلة التنفيذ.( )
أما إذا كان الشيء المتنازع عليه لا يمكن نقله فإنه يتم وضع كفيل عن كل طرف يكون معروفاً وموثوقاً لدى الطرفين، حتى يتسنى له في النهاية تنفيذ حكم التحكيم
المرحلة الثانية : التحكيم في الشريعة الإسلامية ، أقر الإسلام شريعة التحكيم ، حيث ورد ذكره في القرآن الكريم عدة مرات منها قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ[58: النساء].
وكذلك قوله : فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً[65: النساء].
نجد أن الآية الكريمة الأولى كانت بمثابة خطاب لجميع المسلمين تكريساً للمبدأ العام للتحكيم، في حين أن الآية الثانية جاءت تحدد بوضوح مجال التحكيم في حال المنازعات.
كما أقرت الشريعـة الإسلامية مبـدأ التحكيم في العديـد من الأمور بعضها ورد النص علي صراحة كما هو الحال في بعض المنازعات بين الزوجين؛ حيث جاءت الآية الكريمة: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا[35: النساء].
حيث يعد نظام التحكيم ونظام الصلح من أقدم الأنظمة المتبعة في حل المنازعات والطرق السليمة ، وكانتا معروفتين في جميع الشرائع القديمة.( )
المرحلة الثالثة : التحكيم الدولي والداخلي ، ومع تطور العصور أصبح هناك التحكيم الداخلي الذي يدور ضمن إقليم معين أو بين فئة معينة من الأشخاص ، وهذا النوع ليس على درجة كبيـرة من الانتشار مقارنة مع التحكيم الدولي الذي أصبح في مقدمة الوسائل التي يتم اللجوء إليها لفض المنازعات بين الدول أو أطراف القانون العام، حيث يعرف التحكيم الدولي بأنه وسيلة من وسائل التسوية السليمة للمنازعات التي تنشأ بين الدول، وقد أقرت المادة 37 من اتفاقية التسوية السلمية للمنازعات الدولية ، والتي توصل إليها مؤتمر السلام الدولي الثاني بلاهاي في عام 1907، تعريفاً سائداً للتحكيم الدولي.
ثانيا نبذة تاريخية عن التحكيم :
كان التحكيم معروفا لدى المجتمعات القديمة وكان عرفا وشريعة لدى العرب قبل الإسلام كما كان اللجوء إليه اختياريا وحكم المحكم كان ينفذ طواعية واختيارا الأمر الذى كان يؤدى في اغلب الأحوال الي تناحر الأفراد ونشوب القتال بين القبائل بعضها البعض .
عرف التحكيم في عهد الإغريق في المنازعات المدنية والتجارية وكان علي كل مواطن من مواطني أثينا ان يسجل اسمه في قوائم المحكمين للقيام بدوره في فض المنازعات لكثرة القضايا واذا اخفق المحكم في فض المنازعة اصدر قرارا مشفوعا بقسم مما يكون معه قابلا للاستئناف أمام المحاكم الشعبية والتى بدورها تحيله الي هيئة المحكمين .( )
وفي مجال العلاقات الخارجية عرف الإغريق ايضا نظام التحكيم وتم انشأ مجلس دائما للتحكيم تكون مهمته الفصل بين المدن اليونانية في المنازعات المدنية والتجارية او المنازعات المتعلقة بالحدود .
عند الرومان كان الأمر متروكا للتحكيم الخاص حيث تم انشأ وظيفة خاصة يتولاها حاكم يسمى البريتور والذ ى يقتصر دوره علي سماع ادعاءات الخصوم وتسجيلها ثم رفع النزاع الي المحكم الذى يختاره الخصوم ليفصل في نزاعهم وكانت قرارات تفتقر الي السلطة والقوة التنفيذية وفي حالة امتناع احد الخصوم عن تنفيذ قرار التحكيم توقع عليه غرامة او عقوبة مالية بموجب شرط في اتفاق التحكيم
وقد عرف العرب قبل الإسلام التحكيم فيما يثور بين الأفراد والقبائل من منازعات وكان يتولي مهمة التحكيم عادة شيخ القبيلة وكان يتولى التحكيم أفراد آخرين غير شيخ القبيلة ممن يتصفون بأصالة الرأي وسعة المدارك ورجاحة العقل ويقظة الضمير .
وقد ظهرت صور غير مألوفة للتحكيم عند العرب قبل الإسلام فقد احتكموا الي الكهنة اعتقادا منهم بان الكائن يعلم الغيب ومن ثم يعلم الظالم والمظلوم وصاحب الحق وغيره كما احتكم العرب ايضا الي النار اعتقادا ان النار تأكل الظالم وان البرئ لا تمسه النار بسوء فضلا عن احتكامهم الي الأزلام كوسيلة لفض المنازعات وقد حرم الله تعالي هذه الوسيلة . ( )
اهمية التحكيم عن غيره من اساليب فض النزاعات
أولاً : السرعة في فض المنازعات لأن المحكمين عادة ما يكونون متفرغين للفصل في خصومة واحدة وعموماً لا تتعدى اكثر من 6 اشهر.
ثانياً : الاقتصاد في المصروفات : حيث ان نفقات التحكيم اقل كثيراً من نفقات رسوم المحاكم وأتعاب المحاماة وإجراءات التنفيذ.
ثالثاً : السرية : حيث ان ملف الخصومة بين الطرفين يبقى تحت علم المحكمين حصراً في حين جلسات التقاضي في المحاكم علنية ولا ننسى ان المحكمين يقسمون اليمين في كل قضية يتولون التحكيم فيها للمحافظة على الحياد والسرية.
رابعاً : يمتاز التحكيم ببساطة اجراءاته والحرية المتاحة الى هيئة التحكيم بحسم الخلاف غير مقيدة الا بما ينفع حسم الموضوع.
خامساً : طريقة اختيار المحكمين برضا تام من الفرقاء المتنازعون بحيث يشعر كل منهم بكامل الاطمئنان لأنهم اختاروه بإرادتهم من يحكم بينهم.
سادساً : تلافي الحقد بين المتخاصمين اغلب الاحيان يأتي القرار اقرب ما يكون للتراضي لانه تم من محكمين حائزين على ثقة الجميع فيؤدي القرار الى وأد الخصومة والمشاحنات وبالتالي اطمئنان النفوس والرضا واعادة العلاقات الطيبة.
التحكيم الدولي :
يتسم التحكيم بأهميـة خاصة ، إذ إنه يساعد على فضّ المنازعات بطريقة ودية وسهلة تحافظ على بقاء العلاقة ومتانتها بين طرفي التحكيم ، وتظهر ماهية التحكيم وأهميته من خلال نشأة التحكيم وأنواعه وصوره.
يعد التحكيم واحداً من أهم وسائل تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية ، وقد كان لنجاح التحكيم في قضية الالبما سنة 1872 عاملاً مشجعاً للاتجاه نحو هذا الاسلوب في تسوية المنازعات.
والجدير بالذكر ان مؤتمري لاهاي لسنة (1899 و 1907) كانا قد أقرى مبدأ التحكيم الاجباري ووضعا قواعد وإجراءات التحكيم الا انهما فشلا في انشاء محكمة تنظر في منازعات الدول.
والواقع ان محكمة التحكيم الدائمة التي تم انشاؤها في سنة 1899 لم تكن الا مجرد قائمة بأسماء القضاة الذين يمكن اختيارهم كمحكمين متى اتفقت الدول أطراف النزاع على اللجوء اليها.
ولا بد من التذكير بان عقد متمري لاهاي (1899-1907) كان له دلالته الخاصة حيث عقد هذين المؤتمرين في فترات السلم ، على عكس ما كان سائداً في عقد المؤتمرات الدولية، حيث لم تكن هذه المؤتمرات تعقد الا في اعقاب الحروب لتسوية الاثار المترتبة عليها.
كما ضمّ هذين المؤتمرين دولاً أخرى غير اوروبية الامر الذي كان يعني اتساع قاعدة المساهمة في تلك المؤتمرات. ( )
مفهوم التحكيم الدولي :
التحكيم الدولي هو ذلك الإجراء أو تلك الوسيلة التي يمكن بواسطتها التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع الدولي من خلال حكم ملزم تصدره هيئة تحكيم خاصة يختارها أطراف النزاع ، وانطلاقا من مبدأ تطبيق القانون واحترام قواعده .
يتضح من تعريف التحكيم الدولي انه يرتكز علي مبدأ الرضائية ومبدأ إلزامية لحكم .
أولا الرضائية :
اللجوء الي التحكيم الدولي يقوم علي رضاء وتلاقي ارادة الأطراف المتنازعة وعرض النزاع الذى يتم بإرادة الأطراف في صورة اتفاق انما يكون عند نشء النزاع وبمناسبته .
ثانيا إلزامية الحكم :
القرار الصادر في التحكيم الدولي يصدر في شكل الحكم القضائي فهو ينطوى علي الحيثيات والمنطوق ويصدر بالأغلبية وعلي ذلك فهو قرار ملزم لأطراف النزاع طالما ان القرار لم يتجاوز او يخالف نصوص الاتفاق الذى يعطى ولاية الفصل وهذا الإلزام لا يتطلب قبولا من أطراف النزاع فضلا عن ان الحكم الصادر في التحكيم الدولي لا يتمتع الا بحجية نسبية فالآثار المترتبة عليه لا تتعدى أطراف النزاع او تجاوز حدود موضوع النزاع .
كما يتمتع الحكم الصادر في التحكيم الدولي بالنهائية فهو ينهي النزاع الصادر بشأنه بيد انه يكون قابلا للطعن فيه من قبل أطراف النزاع في حالات نادرة كالغموض الذى يشوب منطوق احكم او في حالة تجاوز هيئة التحكيم للحدود والسلطات الممنوحة لها بإرادة الأطراف وبموجب اتفاق الذى يتم بينها . ( )
تطور التحكيم الدولي :
عرف في العصر القديم ( دول الشرق ، بابل وآشور ) وانتشر في المدن اليونانية القديمة في المنازعات التجارية والدينية والحدودية كما عرفته القبائل العربية وفي الإسلام وفي العصر الحديث الاتفاقيات الدولية والمعاهدات الدولية .
التحكيم الدولي والعصر الحديث :
تعد البداية الحقيقية لنظام التحكيم الدولي اعتبارا من السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر وذلك بتوقيع اتفاقية الصداقة والتجارة والملاحة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في 19/11/1794م والتى تسمى معاهدة جاى والتى نصت صراحة الي اللجوء الي التحكيم في صورة لجان مشتركة لتسوية الخلافات التى نصت عليها .
وكان لهذه المعاهدة الأثر الكبير في تطور نظام التحكيم في إطار العلاقات الدولية حيث تم تشكيل 117 محكمة تحكيم أطلق عليها اسم لجان المطالبات المختلطة وقد تناولت هذه اللجان النظر في العديد من المنازعات الخاصة بمطالبات الأفراد وأخرى تتعلق بمسائل سياسية وأخرى بشأن النزاع علي الحدود .
ويعتبر تحكيم الألباما ابرز مثال علي التحكيم الدولي الحديث واصطباغه بالصبغة القضائية في سنة 1872م ويتلخص في اتهام الولايات المتحدة الأمريكية بريطانيا بانتهاك مبدأ الحياد خلال الحرب الأهلية الأمريكية حيث قامت بريطانيا ببناء سفن للولايات المتحدة الأمريكية الجنوبية وذلك مساعدة منها في الحرب ضد الولايات المتحدة الشمالية وحيث تم الاتفاق بين الدولتين بموجب معاهدة واشنطون عام 1871م علي قواعد معينة بشأن حقوق وواجبات الدول المحايدة فقد بادرت الدولتان الي تكوين محكمة تحكيم وأصدرت حكما في هذه القضية الشهيرة بإدانة بريطانيا في 14/9/1872م وبعد ذلك انتشرت حالات التحكيم وأصبحت المعاهدات والاتفاقيات تتضمن شرط التحكيم .
ثم حقق التحكيم الدولي خطوة مهمة من خلال اتفاقية لاهاي 1899م حيث سعت وفود الدول الي أنشاء محكمة دولية حقيقية وبالفعل وافق مؤتمر لاهاي في 29/10/1899م علي الاتفاقية الخاصة بفض المنازعات الدولية بالطرق السلمية بواسطة المساعي الحميدة والوساطة والتحكيم وتضمن الاتفاقية علي أنشاء محكمة دولية دائمة للتحكيم . ( )
التحكيم الدولي بعد الحرب العالمية الأولي :
بعد الحرب العالمية الأولي سعت الدول الي إنشاء تنظيم دولي بهدف تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية ونجحت الدول في إنشاء عصبة الأمم وجاء في هذا الاتفاق انه كلما ثار نزاع بين أعضاء العصبة يرون انه قابل للتسوية بطريق التحكيم او القضاء وكان هذا النزاع لا يمكن تسويته بدرجة مرضية بالطريق الدبلوماسي فأنهم يعرضون الموضوع برمته علي التحكيم او القضاء .
ونظرا لان فكرة التحكيم لاقت اعتراضا عند مناقشتها في مؤتمرات لاهاي فان واضعي عهد الأمم قد تعمدوا عدم الإشارة الي اللجوء الي التحكيم الاجبارى سواء كان ذلك صراحة او ضمناً .
وفي عام 1920م وضعت عصبة الأمم إطارا لنظام قضائي دولي وذلك بإنشاء محكمة عدل دولية دائمة .
وفي عام 1924م نجحت عصبة الأمم في التوصل الي الموافقة علي بروتوكول جنيف للمساعدة المتبادلة وعد الاعتداء والذى يقوم علي مبدأ مؤداه ( لا امن بدون تحكيم ) .
لم تتوقف مساعي عصبة الأمم في سبيل إرساء وتحقيق مبدأ اللجوء الي التحكيم الي ان توصلت في 26/9/1928م الي الموافقة علي ميثاق عام للتحكيم في صورة اتفاقية عامة للتسوية السلمية للمنازعات الدولية .
وفي 21/11/1947م قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكيل لجنة للقانون الدولي بهدف تقنين وتطوير وتوحيد القانون الدولي وكان موضوع التحكيم الدولي من الموضوعات التى حظيت بعناية واهتمام اللجنة الي ان انتهت في عام 1958م الي وضع نموذج لقواعد إجراءات التحكيم ليكون دليلا ومرشدا للدول عند التوقيع علي تعهدات باللجوء الي التحكيم .
الطبيعة القانونية للتحكيم الدولي : ( )
أولا النظرية العقدية :
اعتبر البعض التحكيم عقداً رضائيا ملزما للجانبين من عقود المعاوضة ويرى انصار هذا الاتجاه ان حكم التحكيم يعتبر جزءا لا يتجزأ من اتفاق التحكيم بل انه يندمج ويذوب فيه والمحكمون هم أفراد يعهد إليهم بمهمة تنفيذ الاتفاق ولا يرتقوا الي مرتبة القضاة .
وقد وجد هذا الاتجاه صدى لدى محكمة النقض الفرنسية حيث أيدت الطبيعة التعاقدية للتحكيم وانسحاب هذه الطبيعة الي كل من اتفاق التحكيم وحكم التحكيم وذلك في حكمها الصادر في 27/7/1937م والذى جاء فيه ان قرارات التحكيم الصادرة علي أسس مشارطة التحكيم تكون وحدة واحدة مع هذه المشارطة وتشاركها في صفتها التعاقدية .
ويميل القضاء المصري الي ترجيح هذه النظرية بقوله ان قوام التحكيم الخروج عن طرق التقاضي العادية .
ثانيا النظرية القضائية :
يرى أنصار هذه النظرية ان الطابع القضائي يغلب علي طبيعة التحكيم وذلك انه قضاء اجبارى ملزم للخصوم متى اتفقوا عليه وان المحكم لا يعمل بإرادة الخصوم وحدها وان عمله هو عمل قضائي شانه شأن العمل القضائي الصادر من السلطة القضائية للدولة .
ثالثا الطبيعة المختلطة :
أصحاب النظرية يرون ان للتحكيم طبيعة مختلطة فهو عقد بالنظر الي الوجوه التى تشتق من أصل التحكيم وهو العمل الإرادي للأطراف وهو قضاء بالنظر الي كون الحكم الصادر يلزم الأطراف بقوة غير القوة الملزمة للعقد . والواقع انه من الصعب النظر للتحكيم كعقد فالعقد في حد ذاته لا يحسم النزاع كما ان العقد ليس هو جوهر التحكيم بدليل عدم وجوده في التحكيم الاجبارى .
والواقع ايضا ان النظرية القضائية لا تتفق وطبيعة التحكيم لان القضاء سلطة عامة من سلطات الدولة لا يتولاها الا القاضي فالمحكم لا يتمتع بما يتمتع به القاضي من سلطة توقيع غرامات علي الخصوم او الشهود فضلا عن ان الإجراءات قد تختلف من نزاع الي اخر .
والقول الصائب ان التحكيم له طبيعته الخاصة وذاتيته المستقلة التى تميزه عن العقود وكذلك عن أحكام القضاء فالتحكيم أداة متميزة لحل المنازعات فيه اتفاق وفيه قضاء وفيه ما يميزه عنهما وليس هناك ما يدعو او يبرر لزج به في أحضانه أنظمة قانونية يتشابه معها في أمور يتخلف عنها في أمور أخرى .
أنواع التحكيم الدولي :
أولا التحكيم الاختياري والتحكيم الاجبارى :
قد يأخذ التحكيم الدولي إحدى صورتين صورة التحكيم الاختياري وهو الشائع في المعاملات التجارية والاقتصادية وصورة التحكيم الاجبارى مثل الاتفاقية المبرمة سنة 1961م والمتعلقة بنقل البضائع بالسكك الحديدية حيث أسندت الاتفاقية الى محكمة التحكيم سلطة الفصل في المنازعات المتعلقة بالسكك الحديدية بين رعايا الدول المتعاقدة وغير المتعاقدة .
والتحكيم الاجبارى يستفاد منه انعدام الإرادة وهي جوهر التحكيم حيث ان التحكيم مصدره الاتفاق وهذا النوع من التحكيم الاجبارى يعتبر منافيا للأصل والتحكيم لا يتولد الا عن الإرادة الحرة ولا يتصور إجراؤه تسلطا او كرها والواقع ان التحكيم الاجبارى لم يعد له مكانة تذكر خاصة بعد انهيار الانظمة الاشتراكية فقد انهار مجلس المعونة الاقتصادية المتبادلة المعروف باسم الكوميكون سنة 1991م وبالتالي اتفاقية موسكو سنة 1972م بشأن التحكيم الاجبارى بين المؤسسات الاقتصادية للدول الأعضاء في هذا المجلس . ( )
ثانيا التحكيم الخاص والتحكيم المؤسسي :
التحكيم الخاص :
هو ذلك التحكيم الذى يتولي الأطراف أقامته في نزاع معين ويكون لهم مطلق الحرية في اختيار المحكمين والإجراءات والقواعد التى تطبق بشأن هذا النزاع .
التحكيم المؤسسي :
فهو الذى تتولاه منظمة او مركز من هيئات او منظمات او مراكز التحكيم الدائمة والتى انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولي وفي هذا التحكيم النظامي يكون فض المنازعة وفقا لقواعد وإجراءات موضوعة سلفا لحكم عمل هذه الهيئات وبالنسبة لهذه الصورة الأخيرة فهي السائدة في منازعات التجارة الدولية وسبب الشيوع للسهولة واليسر فهذه المنظمات لديها قوائم بالمحكمين من كافة الخبرات مما ساعد أطراف النزاع علي اختيار المحكم المناسب كما ان لهذه المنظمات لوائح تنظم إجراءات التحكيم وهي إجراءات سهلة وغير مكلفة
ورغم الايجابيات التى يتسم بها التحكيم النظامي الا انه له بعض السلبيات وهى ان المنظمات والمراكز التى تتولي الاضطلاع بالتحكيم قد نشأت في كنف الدول الصناعية ومن ثم فكثيرا ما كانت نظم ولوائح هذه المنظمات تبغي رعاية مصالح الدول المتقدمة علي حساب الدول النامية . ( )
التمييز بين التحكيم الدولي والقضاء الدولي :
أولا أوجه التشابه :
يتفق كل من التحكيم الدولي والقضاء الدولي في الهدف حيث ان لكل منهما هدفه تسوية المنازعات بين الدول علي أساس من القانون او بعبارة أخرى ان كلاهما طريقة قانونية لحل المنازعات الدولية وكلاهما يستند الي القانون في حل تلك المنازعات .
ثانيا أوجه الاختلاف :
يعد التحكيم الدولي وسيلة مؤقتة ومتجددة في الوقت نفسه حيث ان تشكيل هيئة التحكيم يتم باتفاق أطراف النزاع وحسب ظروف كل نزاع ومن قضاة يتم اختيارهم بإرادة أطراف النزاع بينما نجد القضاء الدولي وسيلة دائمة تختص بالنظر في عدد غير محدد من النزاعات ووهي محكمة قائمة بالفعل قبل نشوب النزاع ولا دخل لإرادة أطراف النزاع في تشكليها .
دور التحكيم الدولي اقل بكثير من دور القضاء الدولي الذي يعمل علي إرساء مبادئ القانون الدولي ويسهم في إرساء الكثير من القواعد والسوابق القضائية الدولية .
ان القضاء الدولي يفوق التحكيم الدولي من حيث درجة عدم تسييسه فالتحكيم الدولي لا يعتبر إجراء فعالا من إجراءات تحقيق العدالة الدولية إنما يؤدى أيضا وظيفة سياسية .
ان التحكيم الدولي يتميز بالسهولة واليسر في الإجراءات بينما اللجوء إلي القضاء الدولي يقتضي إجراءات معقدة تتمثل في شروط يجب توافرها في التقاضي وانعقاد المحكمة والاختصاص .
التمييز بين التحكيم الدولي والوسائل الدبلوماسية :
التحكيم الدولي يعد وسيلة دبلوماسية لفض المنازعات بين الدول غير انه يختلف عن غيره من الوسائل الدبلوماسية الأخرى باعتباره وسيلة لتسوية النزاع بواسطة قضاة يتم اختيارهم من قبل أطراف النزاع كما انه تسوية تقوم علي أساس من احترام القانون والنية الحسنة فضلا عن ان الحكم الصادر فيه يعد ملزما للأطراف .
أولا المفاوضات :
المفاوضات هو الوسيلة التى يتم بموجبها تبادل وجهات النظر بين دولتين متنازعتان بقصد التوصل الي تسوية النزاع القائم بينهما وتبادل وجهات النظر يتم عن طريق الاتصال المباشر بين رؤساء الدول او وزراء الخارجية او ممثلي الدولتين المتنازعتين وتعد هذه الوسيلة ناجحة لتسوية المنازعات الدولية اذا ما توافرت النويا الحسنة لدى الأطراف المتنازعة خاصة
ثانيا التحقيق :
قد يكون جوهر النزاع خلافا علي وقائع معينة بحيث ان الفصل في صحة هذه الوقائع يؤدى الي التوصل الي تسوية النزاع ودياً ومن ثم تتفق الدولتان المتنازعتان علي إحالة هذه الوقائع الي لجنة تحقيق لفحص هذه الوقائع والتثبت من صحتها ويقتصر دور لجنة التحقيق علي تقصي الحقائق والملابسات الخاصة بالوقائع موضوع التحقيق ووضع ذلك في تقرير يرفع الي الدولتين المتنازعتين . ( )
ثالثا الوساطة :
وهو قيام دولة محايدة او منظمة دولية بنشاط لتقريب وجهات النظر والمصالح المتضاربة بين دولتين متنازعتين للتوصل الي تسوية النزاع القائم بينهما ويتم ذلك عن طريق الاشتراك في المفاوضات التى تتم بين الدولتين والوسيط عادة يكون من الشخصيات المرموقة كرؤساء الدول ووزراء الخارجية .
رابعا المساعي الحميدة :
وتعني قيام دولة بمحاولة التقريب بين دولتين متنازعتين وحثهما علي الدخول في مفاوضات لفض نزاع قائم بينهما دون ان تشترك هذه الدولة في تلك المفاوضات بطريقة مباشرة مثل المساعي الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط لتحقيق السلام .
خامسا التوفيق :
ويقصد به أحاله النزاع القائم بين دولتين الي لجان أطلق عليها اسم لجان التوفيق وهي لجان محايدة مهمتها التمهيد لحل هذا النزاع عن طريق فحص وحصر الوقائع موضوع النزاع واقتراح التسوية المناسبة .
سادسا المنظمات الدولية والإقليمية :
تضطلع منظمة الأمم المتحدة بدور فعال في تسوية المنازعات الدولية حي ثان ميثاقها أجاز للأعضاء الالتجاء الي مجلس الأمن في حالة قيام خلاف أو نزاع بينهم يهدد السلم والأمن الدولي كما ان لمجلس الأمن الحق في ان يتدخل اذا ما ارتأى ان الوضع قد يهدد السلم والأمن الدولي وذلك بناء علي قرار يصدره المجلس .
أشار ميثاق الأمم المتحدة الي المنظمات الإقليمية ودورها في حل المنازعات الدولية بالطرق الودية والسلمية أشارت المادة 52 من الميثاق الي انه يتعين علي الدول الأعضاء في المنظمات الإقليمية بذل جهودها لتدبير الحل السلمي لمنازعاتها المحلية عن طريق هذه المنظمات وذلك قبل عرضها علي مجلس الأمن وقد وضعت المنظمات الإقليمية كمنظمة الوحدة الإفريقية والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي أنظمتها القانونية والتي تضمنت نصوصا لحل ما يثور بين أعضائها من منازعات بالوسائل السلمية . ( )
مزايا التحكيم وعيوبه
أولاً: مزايا التحكيم:
يفضل كثير من الأفراد عرض النزاعات التي تنشأ بينهم مما يجوز فيها التحكيم إلى محكّم أو هيئة تحكيمية ، وأسباب اتجاههم إلى التحكيم ، وعدم عرض الأمر على القضاء نظراً للمزاياً التي يجدونها في التحكيم ، ومن أهمها ما يلي :
1- سرعة الفصل في النزاع :
عرض النزاع على التحكيم يجنب أطراف الخصومة بطء التقاضي ، واللدد في الخصومة القضائية ، لأن المُحكَّم لا يتقيد بإجراءات التقاضي ومواعيدها ،وبالتالي يتفادى البطء فيها ، كما أن المُحكَّم متفرغ للنزاع المطروح عليه على عكس القاضي الذي يعرض عليه قضايا كثيرة.
ولا شك أن سرعة الفصل في النزاع عن طريق التحكيم يجنب أطراف الخصومة ما قد يصيبهم من خسارة مادية أو معنوية بسبب تأخر الفصل في النزاع لدى المحاكم مما يجعل التحكيم أداة فعالة لحل النزاعات خاصة في المسائل التجارية. ( )
2- توفير الوقت للخصوم:
قد يكون الفصل في النزاع يحتاج إلى خبرة فنية معينة لا تتوفر لدى المحاكم ، وبالتالي يكون عرض النزاع على محكم يتمتع بهذا الخبرة يوفر الوقت للخصوم ؛ لأن المُحكَّمة إذا عرض عليها مثل هذا النزاع تحتاج إلى ندب خبير مما يطيل نظر النزاع ، والطابع الفني للتحكيم وتوافره في المُحكَّم ، يؤدي إلى أنه يتفهم طبيعة النزاع وموضوعه ، ويجد الوقت الكافي لحله.
3- السرية :
يحقق التحكيم مصلحة الأطراف في السرية إجراءاته ، وهذا من شأنه أن يحفظ لأطراف النزاع سمعتهم وأسرار معاملاتهم.
4- أن التحكيم أقدر على إزالة آثار الخصومة من نفوس أطراف النزاع ، لأن الخصم يشارك في اختيار المُحكَّم ، ويرضى به ، ويكون محل ثقته ، مما يكون له أثر في إزالة آثار الخصومة.
5- أن التحكيم معين لمرفق القضاء بالتخفيف عنه ، مما يجعل القضاة أكثر تهيؤاً لما يعرض عليهم من نزاعات كما يخفف من نفقات الدولة على القضاء.
6- يتميز التحكيم بالبساطة والسهولة ، فالرسمية والشكل الذي يتميز بها القضاء لا محل لها في التحكيم لأنه يتميز بإجراءاته البسيطة البعيدة عن الرسمية والتعقيد.
7- بدأ يظهر في الآونة الأخيرة إبرام العقود والصفقات عبر شبكات الإنترنت ، والتي تصل إلى مبالغ تقدر بالمليارات ، ولا شك أن أنسب وسيلة لحل المنازعات التي تنشأ عن هذه المعاملات هي التحكيم ، حيث يصعب تصور هذه المنازعات أمام القضاء لعدم وجود أوراق تثبت العقود المبرمة ، بل تتم على شاشة الحاسب الآلي.
ثانياً: عيوب التحكيم:
1- التكلفة المالية العالية التي يتحملها طرفا النزاع ، والتي تتمثل في أتعاب المحكمين والخبراء ، وبعكس مجانية القضاء الرسمي في كثير من الدول ، أو كونه برسم رمزي لا يرهق .
2- أن التحكيم قد لا تتوافر فيه رقابة كافية ، تتابع وتدقق أحكام المحكمين في مستوى المتاح في القضاء ، وهذا يؤدي إلى احتمال حدوث بعض الانحرافات التي ربما يصعب كشفها وترتيب الجزاء عليها ، وخاصة في بداية التحكيم قبل أن تترسخ معالمه في البلد ويفشو اللجوء إليه ، وتكون له الإدارات المستقلة والمراكز المهتمة بسلامة تنفيذه .
3- إن القاضي أكثر ممارسة للعمل القضائي من المحكم ، وبالتالي يخسر المتحاكمان هذه الخبرة الثمينة . وربما يقع بعض المحكمين في أخطاء إجرائية جسمية نتيجة قلة خبرتهم في ميدان القضاء والفصل في الخصومات ، والمتضرر من ذلك هم أطراف النزاع .
4- أن التحكيم لو طبق وفق نظامه الأصلي التام ، فهو حكم نهائي غير قابل للاستنائف ، وهذه رغم أنها قد تكون ميزة في بعض الأحوال لكنها تتضمن مخاطرة كبير في بعض القضايا المهمة ، ويفوت على المتحاكمين الاعتراض ، أو الاستئناف لتدارك بعض ما فات. ( )
الاتفاق علي التحكيم الدولي في منازعات المشروعات الدولية المشتركة :
الصور الخاصة بالاتفاق علي التحكيم كوسيلة لتسوية منازعات المشروعات الدولية المشتركة :
أولا شرط التحكيم : ويقصد به ذلك الشرط الذى يرد ضمن تنظيم علاقة قانونية معينة او يرد ضمن نصوص عقد معين وبمقتضي هذا الشرط يتفق أطراف العلاقة الأصلية قبل نشوب اى نزاع ان يتم تسوية اى نزاع عن طريق التحكيم .
مشارطة التحكيم قد يرد في صورة معاهدات تحكيم خاصة وهو ما يعرف بمعاهدات التحكيم الدائمة قبل نشوب النزاع أيضا .
شرط التحكيم في الاتفاقات المنشئة للمشروعات المشتركة :
أولا الطبيعة القانونية للشرط :
شرط التحكيم هو نص وارد ضمن نصوص عقد معين بموجبه يتم اللجوء الي التحكيم لفض ما قد يثور من منازعات مستقبلاً بين أطراف هذا العقد .
ثانيا مبدأ استقلال شرط ومشارطة التحكيم :
أقرت محكمة النقض الفرنسية استقلالية اتفاق التحكيم او سلطان اتفاق التحكيم بنوعيه ( شرط التحكيم ومشارطة التحكيم ) عن العقد الأصلي استقلالا قانونيا تاما .
والقضاء الفرنسي في تقريره لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي قد تأثر بالقضاء الهولندي الذى يعتبر أول من قرر صراحة هذا المبدأ فقد أصدرت المحكمة الهولندية حكماً في 27/12/1935م يقضي بأن ليس هناك ما يمنع المحكم من الفصل في النزاع رغم احتمال عدم صحة العقد الذي تضمنه شرط التحكيم ثم اصدر القضاء الألماني حكما في 14/5/1952م يقضي بأن شرط التحكيم ينفصل تماما عن العقد الذي يتضمنه . ( )
موقف القضاء الانجليزي :
اقر القضاء الانجليزي صراحة استقلالية اتفاق التحكيم وذهب الي انه اذا تم فسخ العقد او إنهائه لسبب من الأسباب فان ذلك لا يؤثر علي شرط التحكيم وإذا ما شاب العقد الأصلي بطلان نسبي أو خلاف حول أرادة الأطراف في تفسير العقد الأصلي فذلك لا يؤثر علي شرط التحكيم بينما يأخذ شرط التحكيم حكم العقد الأصلي اذا لم يبرم العقد الأصلي أصلا أو لم يكن له وجود قانوني بالفعل كما لو كان باطلا بطلانا مطلقاً .
موقف القضاء المصري :
حسم قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994م هذه المسألة حيث قرر هذا المبدأ وهو استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي فنصت المادة 23 بأنه يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب علي بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه .
ثالثا : أنواع شرط التحكيم التى يمكن تضمينه اتفاق المشروع المشترك :
1- شرط التحكيم من حي المجال :
ينقسم شرط التحكيم من حيث المجال الي شرط تحكيم عام وشرط تحكيم خاص .
أ- شرط التحكيم العام :
وهو النص الذى بموجبه تلتزم الأطراف المتعاقدة بإحالة اى نزاع يتعلق باى نقطة في العقد الأصلي الي التحكيم دون استثناء أو مع وجود استثناءات محدودة ومتفق عليها صراحة .
ب- شرط التحكيم الخاص :
وهو النص الوارد بالعقد الأصلي والذي تلتزم بموجبه الأطراف بإحالة أية خلافات تثور مستقبلا الي التحكيم بشأن مسألة معينة أو مسائل محددة علي سبيل الحصر .
2- شرط التحكيم من حيث ترتيبه وتنظيمه للتحكيم :
أ- التعهد التحضيرى :
هو ان ينص شرط التحكيم بإحالة ما قد يثور من منازعات مستقبلا بشأن العقد الأصلي الي التحكيم دون تنظيم او ترتيب وهذا يعنى انه بمجرد وقوع النزاع لابد من اتفاق ثان بين الأطراف لوضع اتفاق تحكيم خاص او بعبارة أخرى ان مجرد وقوع النزاع لابد من تنظيم للتحكيم متفق عليه .
ب- التعهد المنظم :
بمعنى ان شرط التحكيم لا ينص فقط علي مجرد اللجوء الي التحكيم عندما يثور النزاع مستقبلاً بل يتضمن شرط التحكيم أيضا نصوصاً منظمة للتحكيم بشأن تشكيل المحكمة وعدد المحكمين والعدد الذى يقوم كل طرف بتعيينه وكيفية اختيار رئيس المحكمة وجنسيته المحكمين والإجراءات الواجب إتباعها في حالة عدم اتفاق الأطراف علي تشكيل المحكمة .
التحكيم الداخلي في المملكة العربية السعودية :
في المملكة العربية السعودية يعد التحكيم اختيارياً ، وهذه هي القاعد العامة.
أولاً : التحكيم بالقضاء والتحكيم بالصلح:
التحكيم بالقضاء يتم إذا كانت مهمة المُحكَّم الفصل في النزاع ، فهو مثل القاضي يصدر حكمه وفقا لما يتضح له من وقائع الدعوى ووسائل الإثبات التي تقدم له ولا يأخذ في الاعتبار إرادة الخصوم في ما يصدره من حكم. ( )
أما التحكيم بالصلح فإن المُحكَّم يفوض من قبل الخصوم بإجراء الصلح في النزاع القائم بينهم. وتنحصر مهمته في تقريب وجهات النظر بين الخصوم بناء علي ما يقدم له من وثائق ومستندات وإذا تعذر دلك فله أن يصدر الحكم الذي يراه، والمُحكَّم في هذا النوع يبحث عن الحل الذي يراه أكثر ملائمة لمصالح الطرفين. ( )
وقد أقر نظام التحكيم السعودي التحكيم بالصلح ولم يفرق بينه وبين التحكيم بالقضاء إلا من حيث وجوب صدور الحكم بالصلح بالإجماع في حاله إذا كان النزاع تم الفصل فيه عن طريق هيئة تحكيمية ، في حين أن التحكيم بالقضاء يكفي صدور الحكم بالأغلبية. وفي ذلك تنص المادة السادسة عشرة من نظام التحكيم على أن " يصدر حكم المُحكَّمين بأغلبية الآراء وإذا كانوا مفوضين بالصلح وجب صدور الحكم بالإجماع .
ثانياً : التحكيم الوطني والتحكيم الدولي:
التحكيم الوطني : هو التحكيم الذي يتعلق بنزاع على إقليم الدولة وتكون جميع عناصره وطنيه.
والتحكيم الدولي : هو التحكيم الذي ينصب علي علاقات تكون بين أشخاص منتمين لدول مختلفة أو ينصب علي منازعات بين الدول أو المنظمات أو الهيئات الدولية.
والتحكيم الذي يفصل في المنازعات التي تثور بصدد التجارة الدولية يسمي التحكيم الدولي الخاص. في حين أن التحكيم الذي يحسم المنازعات التي تثور بين الدول يسمي التحكيم الدولي العام.
ويري البعض أن التحكيم الداخلي هو الذي يتعلق بنزاع على إقليم الدولة وتكون جميع عناصره وطنية والتحكيم الدولي هو الذي يكون أحد عناصره أجنبية مثل موضوع النزاع أو جنسية الخصوم أو القانون الواجب التطبيق على النزاع أو المكان الذي يجري فيه التحكيم.
ولم يفرق النظام السعودي بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي فنصوص نظام التحكيم السعودي لم تفرق بين المنازعات الداخلية والمنازعات التي تأخذ الصفة الدولية كما أنها لم تمنع التحكيم الذي يتم خارج المملكة. ( )
وأخيراً نشير إلي أن التحكيم قد يتنوع حسب موضوعه فإذا كان موضوع النزاع تجارياً فإن التحكيم يسمى تحكيماً تجارياً وإذا كان الموضوع مدنياً يسمي تحكيماً مدنياً وهكذا.
مراحل تطور قواعد التحكيم في المملكة العربية السعودية
حظي التحكيم باهتمام المنظم السعودي لاعتبارات متعددة، يأتي في مقدمتها مشروعية التحكيم، وذلك ثابت بالكتاب والسنة والإجماع ، فضلاً عن ازدياد الحاجة للجوء إليه لفض المنازعات لاسيما في مجال المعاملات التجارية بصفة عامة، ومعاملات التجارة الدولية بصفة خاصة، وذلك لما يحققه التحكيم كقضاء خاص موازي لقضاء الدولة العام من مزايا كثيرة تكفل في مجموعها السرعة والسرية والمرونة في حسم المنازعات، سواء على الصعيد الداخلي أو الصعيد الدولي بموجب حكم قابل للتنفيذ. ( )
إن تطور التحكيم في المملكة العربية السعودية مر بمراحل عديدة يمكن إجمالها في الآتي:
1- نظام المحكمة التجارية عام 1350هـ:
لقد اهتمت المملكة العربية السعودية بالتحكيم منذ تأسيسها حيث جاء أول تنظيم للتحكيم في نظام المحكمة التجارية الصادر بالأمر العالي رقم 32 وتاريخ 15/1/1350هـ. لقد احتوى هذا النظام على مواد قليلة (المواد 493-497) تنظم العملية التحكيمية بين الأطراف محل النزاع الراغبين في تسوية نزاعهم عن طريق التحكيم.
لقد عالجت مواد التحكيم في هذا النظام بعض المسائل المتعلقة بالتحكيم من حيث شكل ومحتويات الاتفاقية التحكيمية، وتعيين المحكمين، ومدة التحكيم، وبعض الإجراءات المتعلقة بالعملية التحكيمية، وإمكانية الطعن في حكم التحكيم أمام المحكمة التجارية آنذاك، وضرورة إقرار حكم التحكيم من المحكمة التجارية قبل تنفيذه. ( )
2- نظام الغرفة التجارية الصناعية عام 1365هـ:
لقد أعطى هذا النظام التجار الحق في الاتفاق على تكليف الغرفة التجارية الصناعية لتكون حكماً في فض ما قد يقع بينهم من نزاعات وبذلك وضع هذا النظام أو تنظيم للتحكيم المؤسسي في المملكة العربية السعودية بجانب تحكيم الحالات الخاصة (ad hoc) الذي يلجأ إليه الأطراف والذي أقره نظام المحكمة التجارية.
3- نظام العمل والعمال عام 1389هـ:
أجاز نظام العمل والعمال لأصحاب العمل والعمال إحالة ما ينشأ بينهم من نزاعات إلى التحكيم بدلاً من حلها عن طريق اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية المختصة. وقد اشترط النظام أن يتم اعتماد اتفاقية التحكيم المبرمة بين المتنازعين من قبل اللجنة الابتدائية المختصة قبل بدء إجراءات التحكيم.
يعد الحكم الصادر من هيئة التحكيم قابلاً للطعن فيه بالاستئناف أمام اللجنة العليا لتسوية الخلافات العمالية ما لم يتفق أطراف النزاع مقدماً في اتفاقية التحكيم المبرمة بينهم على أنه نهائي، وفي جميع الأحوال يجب تسجيل هذا الحكم أمام اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية المختصة، وذلك خلال أسبوع من تاريخ صدوره. ( )
4- نظام الغرف التجارية الصناعية عام 1400 هـ
جعل نظام الغرف التجارية الصناعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6) وتاريخ 30 /4/1400 من اختصاصات الغرف التجارية الصناعية الفصل في النزاعات التجارية والصناعية عن طريق التحكيم إذا اتفق أطراف النزاع على إحالتها إليها، فقد نصت المادة الخامسة من هذا النظام على انه ( تختص الغرف التجارية الصناعية بالأمور التالية: (ح) فض المنازعات التجارية والصناعية بطريق التحكيم إذا اتفق أطراف النزاع على إحالتها إليها).كما تضمنت اللائحة التنفيذية لنظام الغرف التجارية الصناعية الصادرة بقرار وزير التجارة رقم (1871) وتاريخ 22/5/1401 هـ القواعد والإجراءات التي يجب إتباعها عند القيام بالتحكيم بين أطراف النزاع أمام الغرف التجارية الصناعية. ( )
5- نظام التحكيم عام 1403 هـ
في خطوة بالغة الأهمية ولتأكيد وظيفة التحكيم كطريق لتسوية النزاعات الناشئة بين الأطراف صدر نظام التحكيم بالمرسوم الملكي رقم(م/46) وتاريخ 12/7/1403 هـ، كما صدرت لائحته التنفيذية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم(7/2021) وتاريخ 8/9/1405 هـ.
لقد اشتمل هذا النظام ولائحته التنفيذية على احدث المبادئ التحكيمية السائدة في العالم حيث عالج هذا النظام معظم المسائل المتعلقة بالعملية التحكيمية كعدد المحكمين وطريقة تعيينهم والشروط الواجب توافرها فيهم وعزلهم وردهم وتقدير أتعابهم، والقانون الواجب التطبيق، وطريقة إصدار حكم التحكيم وتنفيذه وغيرها. ( )
إن من أهم ما ينفرد به هذا النظام ما يلي:
- إن هذا النظام لم يفرق بين النزاعات التجارية وغيرها من النزاعات الأخرى، كالنزاعات المدنية والعقارية.
- إقرار صحة الاتفاق بين الأطراف على إحالة ما قد ينشأ بينهم من خلافات مستقبلية إلى التحكيم( شرط التحكيم).
- منح القضاء السعودي المختص سلطة واسعة للإشراف على العملية التحكيمية حيث تبنى نظام التحكيم السعودي- لأول مرة - فكرة الدور المزدوج لقضاء الدولة فيما يتعلق بمسائل التحكيم وهو دور جديد طبق حديثاً ونجح في العديد من الدول منها فرنسا. ونعني بهذا الدور المزدوج أن يكون لقضاء الدولة مساعداً ومعاوناً للتحكيم بجانب دوره التقليدي المتمثل في الرقابة على التحكيم.
الخاتمة
إن ما استنتجه من هذا البحث أن التحكيم صورة من صور القضاء فأنه يحتاج إلى تنظيم دقيق لإجراءاته وتوفير المتمرسين لمباشرتها وتوفير ذوى الخبرة القانونية والمشهود لهم بالكفاءة والحيدة والنزاهة من المحكمين ، ومن ثم لزم وضع القواعد المنظمة لإجراءات التحكيم بصورة تفصيلية ومستقرة ومسبقا مع وجود قوائم بأسماء المحكمين ، ثم أخيرا وجود الجهاز الفنى الذى يتولى عن طرفى المنازعة متابعة تنفيذ هذه الإجراءات وحتى صدور قرار التحكيم وانتهاءا بتنفيذ الحكم بالقوة الجبرية ، وهو ما أستوجب وجود المؤسسات والمراكز المتخصصة فى التحكيم التجارى الدولى والمحلى لتأدية هذا الدور الحيوى والهام بمقراتها ومن خلال أنظمتها ولوائحها الداخلية وإمكانياتها المتعددة ، لتكتمل به منظومة التحكيم بما يحقق الهدف المرجو منه ، ومن ثم كان ( المركز الدولي للتحكيم ) من أوئل تلك المراكز الخاصة المتخصصة فى هذا المجال بجمهورية مصر العربية ، لتيسير وتنشيط وتفعيل أحكام قانون التحكيم المصرى
وقد ظهر على الساحات الدولية والمحلية مراكز التحكيم الدولى وذلك لتلبية ضروريات حيوية وهامه تقتضيها كافة الظروف والمتطلبات والمعايير الدولية والمحلية المعاصرة حتى لا نتخلف عن ركب التطور المذهل , ويهدف المركز الدولى للتحكيم لتوعية المحامين والمصرفيون والإداريين والكوادر الفنية والإدارية بالشركات و البنوك وغيرهم من كافة التخصصات الاخرى بقواعد التحكيم الدولى وأحكامه على المستويين المحلى والدولى للالتجاء للمحاكم المتخصصة ( المحاكم الاقتصادية) والتعريف بالمنتجات المالية والمشتقات المالية وأساليب التمويل البديله وخلافه من الاساليب والطرق المستحدثه على الساحة العالمية ومشكلاتها العملية والتطبيقية وكيفية تجنب الوقوع بها وطرق وأساليب حلها بطرق عملية ( استخدام ورش عمل للتدريب التطبيقى ومحاكاة الواقع ) والشرح والتحليل من خلال ندوات ومؤتمرات ودورات تدريبية وذلك بهدف تخريج جيل جديد من الكوادر المهنية عالية الحرفية فى مجالات الهندسية والمقاولات والمعاملات المصرفية والاوراق المالية والتجارية والاستثمار والعقود ( عقود البترول – عقود التى تبرامها الدول –ومعاملات التجارة الالكترونية – وعقود نقل التكنولوجيا – والتمويل – والصناعة ) وغيرها من المعاملات الاخرى
المراجع
1. أبو الوفا، أحمد .(1988) , التحكيم الاختياري والإجباري، الطبعة الخامسة، منشأة المعارف، الإسكندرية .
2. الأحدب، عبد الحميد .(1990) , التحكيم، أحكامه ومصادره، (جزآن)، مؤسسة نوفل، بيروت .
3. البجاد، محمد ناصر .(1999) , التحكيم في المملكة العربية السعودية، مركز البحوث والدراسات الإدارية، معهد الإدارة العامة، الرياض .
4. التحيوي، محمود السيد .(2003م) , الطبيعة القانونية لنظام التحكيم، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية .
5. الحقباني، فهد حمود .(1426) , التحكيم التجاري (دراسة بحثية مقارنة)، الطبعة الأولى .
6. الدوري، قحطان عبد الرحمن .(2002) , عقد التحكيم في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى.
7. رفعت، ولاء .(1419هـ) , التحكيم التجاري الوطني والدولي في المملكة العربية السعودية، الغرفة التجارية الصناعية، جدة .
8. عبد الرحمن، هدى .(1997) , دور المحكم في خصومة التحكيم وحدود سلطاته، دار النهضة العربية، القاهرة .
9. المهيدب، مهيدب إبراهيم .(1423هـ) , تطور أنظمة التحكيم في عهد خادم الحرمين الشريفين، النشر العلمي والمطابع، جامعة الملك سعود .
10. يونس، محمود مصطفى .(2005) , قوة أحكام المحكمين وقيمتها أمام قضاء الدولة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة.
رسائل ماجستير حول التحكيم:
1) آل رشود، عبد الله بن علي .(2008) , الدعوى التحكيمية في النظام السعودي والقانون المصري، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض .
2) آل فريان، عبد العزيز عبد الرحمن .(2006) , تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية والأجنبية في المملكة العربية السعودية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض
يعد التحكيم أقدم وسيلة لجأ إليها الإنسان لفض ما ينشأ بينه وبين أقرانه من نزاعات، فهو معروف منذ بدء الحضارة الإنسانية فكان اللجوء إلى الاحتكام من خلال القبائل والعشائر والأفراد طريقاً معروفاً لدى العرب في الجاهلية حيث كانوا يلجئون إلى شيخ القبيلة، وعندما جاء النظام الإسلامي أقره في القران الكريم في الآية 35 من سورة البقرة " إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها ان يريد إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيرا".
وبعد أن الأمر أصبح يتغير تدريجياً ففي الوقت الحاضر أصبح التحكيم أهم وسيلة يرغب المتعاملون في التجارة الدولية اللجوء إليها لحسم منازعاتهم ، ويعود هذا التطور الهائل في نشاطات التحكيم هي رغبة المتعاملين في الأسواق الدولية في التحرر من القيود التي توجد في النظم القانونية لمختلف الدول والحرص على أن يتم حل المنازعات بأقل قدر ممكن من العلانية والنشر وإضفاء السرية عليها بحيث تتم هذه الإجراءات في أضيف نطاق والحاجة إلى التأكد من توافر تكوين مهني لدى الأشخاص الذي يناط بهم حل تلك المنازعات ذات الطابع الدولي ولهذه الأسباب لا يكاد أن يخلو عقد من عقود التجارة الدولية من شرط يصار بموجبه إتباع التحكيم عند حدوث نزاع وعمل على تنشيط التجارة الدولية.
إن اعتبارات العملية تدعو دائماً الاتفاق على التحكيم والذي يجنب أطرافه سلبيات القضاء العادي من بطء في إجراءات الدعوى وإطالة أمد التقاضي وتجنب علانية الجلسات القضاء فضلاً عن تجنب مشاكل تنازع القوانين والاقتصاد في النفقات والوقت والجهد لذا فهو يعد الوسيلة المثلى لفض ما ينشأ من منازعات.
والتحكيم باعتباره نظام لتسوية المنازعات بين الأطراف مشروع في النظام الإسلامي ومشروع كذلك في الأنظمة المعاصرة والاتفاقيات الدولية وهي تعترف بحق الأفراد في اللجوء إليه بدلاً عن قضائها العام. وفي حقيقة الأمر أن اتفاق التحكيم يشكل القاعدة التي يرتكز عليها قضاء التحكيم وأن دراسة هذا الكيان القانوني لشرط التحكيم هو مسألة أساسية تظهر جوهرة عملية التحكيم من حيث أهميته وتمييزه عن المشارطة التحكيم وتكيفه وطبيعته ومدى استقلاله عن العقد الأصلي ويعود إلى التساؤل حول إمكانية إعتبار شرط التحكيم عقد كامل قادر بذاته على تحريك إجراءات التحكيم أو حول مصير العقد الذي علق على شرط واقف النفاذ؟
التحكيم الدولي والداخلي
مفهوم التحكيم :
التحكيم لغة : يعرف التحكيم لغة بأنه التفويض في الحكم ومصدره حكم ( )، والتحكيم في الاصطلاح الفقهي هو : "تولي الخصمين حكماً يحكم بينهما".( )
التحكيم اصطلاحاً:
هو قيام شخص طبيعي أو أكثر تم اختياره من قبل أطراف النزاع بالفصل في النزاع المثار بينهم بدلاً عن القاضي.
ويرى جانب من الفقه أن التحكيم يقتضي وجود ثلاثة عناصر:
خصومة , ومحكم يزوَّد بسلطة الفصل بقرار ملزِم , واتفاق بين الخصوم على التحكيم , وإذا انعدم أحد هذه العناصر فالأمر لا يكون تحكيماً بالمعنى الفني , وإذا كان التحكيم يستهدف إقامة العدل بين طرفي الخصومة فإنه يستهدف كذلك وبالدرجة نفسها الحفاظ على السلام بينهما , ذلك أن الالتجاء إلى التحكيم يراد به حل النزاع مع الرغبة في المصالحة.
فالتحكيم هو الاتفاق على طرح النزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا فيه دون المحكمة , لأنه بمقتضى التحكيم ينزل الخصوم عن حقهم في الالتجاء إلى القضاء مع التزامهم بطرح النزاع على محكم أو أكثر ليفصلوا فيه بحكم ملزِم للخصوم.
كما عرفـت المادة (1790) من مجلة الأحكام العدلية: "التحكيم عبارة عن اتخاذ الخصمين حكماً برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما". ( )
والواقع أن تعريف التحكيم لدى فقهاء القانون لم يختلف كثيراً عن هذه التعريفات؛ حيث تم تعريف التحكيم بأنه طريق خاص للفصل في المنازعات بين الأفراد والجماعات، قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادي وما تستغله من ضمانات، ويعتمد أساساً على أن أطراف النزاع موضوع الاتفاق على التحكيم هم الذين يختارون قضاتهم، بدلاً من الاعتماد على التنظيم القضائي للبلد الذي يقيمون فيها.( )
ومن خلال هذه التعريفات السابقة نجـد
أن نظام التحكيم يتم الالتجاء إليه بوصفه وسيلة من الوسائل السلمية لفض المنازعات بين الأفراد والجماعات بعيداً عن تدخل الدولة. ويسمى في بعض الأحيان بالقضاء الخاص مقارنة مع القضاء العام الذي يمثل الدولة.
لقـد مر التحكيم بعدة مراحل يمكن التطرق إليها باختصار وهي:
المرحلة الأولى : مرحلة ما قبل الإسلام. كان العرب قبل الإسلام عبارة عن مجموعات منتشرة من القبائل ولم تكن هناك أية سلطة مركزية معروفة يمكن الولاء إليها غير القبيلة ، وكانت القبائل تتقاتل لأسباب مختلفة ، ولم تكن هناك أية وسيلة لحفظ الأمن والنظام داخل هذا المجتمع لعـدم وجود أي سلطة تمتلك القدرة على السيطرة؛ حيث إن القبيلة ممثلة بشيخ القبيلة الذي كان كثيراً ما يقوم بدور المحكم بين أفراد قبيلته، وفي حال الخلاف بين قبيلتين مختلفتين كان يتم اللجوء إلى محكم خارجي يتم اختياره من قبل القبائل المختلفة، وهذا ما يعرف بالتحكيم الاختياري ، أما من حيث إجراءات تحفظية قبل إصدار قراره ، أي أن يضع الأطراف الشيء المتنازع عليه لدى شخص ثالث ليتسنى تنفيذ القرار عند صدوره بطريقة سهلة ، وهذا يعني أن الخصوم قد حددوا مسبقاً وسيلة التنفيذ.( )
أما إذا كان الشيء المتنازع عليه لا يمكن نقله فإنه يتم وضع كفيل عن كل طرف يكون معروفاً وموثوقاً لدى الطرفين، حتى يتسنى له في النهاية تنفيذ حكم التحكيم
المرحلة الثانية : التحكيم في الشريعة الإسلامية ، أقر الإسلام شريعة التحكيم ، حيث ورد ذكره في القرآن الكريم عدة مرات منها قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ[58: النساء].
وكذلك قوله : فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً[65: النساء].
نجد أن الآية الكريمة الأولى كانت بمثابة خطاب لجميع المسلمين تكريساً للمبدأ العام للتحكيم، في حين أن الآية الثانية جاءت تحدد بوضوح مجال التحكيم في حال المنازعات.
كما أقرت الشريعـة الإسلامية مبـدأ التحكيم في العديـد من الأمور بعضها ورد النص علي صراحة كما هو الحال في بعض المنازعات بين الزوجين؛ حيث جاءت الآية الكريمة: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا[35: النساء].
حيث يعد نظام التحكيم ونظام الصلح من أقدم الأنظمة المتبعة في حل المنازعات والطرق السليمة ، وكانتا معروفتين في جميع الشرائع القديمة.( )
المرحلة الثالثة : التحكيم الدولي والداخلي ، ومع تطور العصور أصبح هناك التحكيم الداخلي الذي يدور ضمن إقليم معين أو بين فئة معينة من الأشخاص ، وهذا النوع ليس على درجة كبيـرة من الانتشار مقارنة مع التحكيم الدولي الذي أصبح في مقدمة الوسائل التي يتم اللجوء إليها لفض المنازعات بين الدول أو أطراف القانون العام، حيث يعرف التحكيم الدولي بأنه وسيلة من وسائل التسوية السليمة للمنازعات التي تنشأ بين الدول، وقد أقرت المادة 37 من اتفاقية التسوية السلمية للمنازعات الدولية ، والتي توصل إليها مؤتمر السلام الدولي الثاني بلاهاي في عام 1907، تعريفاً سائداً للتحكيم الدولي.
ثانيا نبذة تاريخية عن التحكيم :
كان التحكيم معروفا لدى المجتمعات القديمة وكان عرفا وشريعة لدى العرب قبل الإسلام كما كان اللجوء إليه اختياريا وحكم المحكم كان ينفذ طواعية واختيارا الأمر الذى كان يؤدى في اغلب الأحوال الي تناحر الأفراد ونشوب القتال بين القبائل بعضها البعض .
عرف التحكيم في عهد الإغريق في المنازعات المدنية والتجارية وكان علي كل مواطن من مواطني أثينا ان يسجل اسمه في قوائم المحكمين للقيام بدوره في فض المنازعات لكثرة القضايا واذا اخفق المحكم في فض المنازعة اصدر قرارا مشفوعا بقسم مما يكون معه قابلا للاستئناف أمام المحاكم الشعبية والتى بدورها تحيله الي هيئة المحكمين .( )
وفي مجال العلاقات الخارجية عرف الإغريق ايضا نظام التحكيم وتم انشأ مجلس دائما للتحكيم تكون مهمته الفصل بين المدن اليونانية في المنازعات المدنية والتجارية او المنازعات المتعلقة بالحدود .
عند الرومان كان الأمر متروكا للتحكيم الخاص حيث تم انشأ وظيفة خاصة يتولاها حاكم يسمى البريتور والذ ى يقتصر دوره علي سماع ادعاءات الخصوم وتسجيلها ثم رفع النزاع الي المحكم الذى يختاره الخصوم ليفصل في نزاعهم وكانت قرارات تفتقر الي السلطة والقوة التنفيذية وفي حالة امتناع احد الخصوم عن تنفيذ قرار التحكيم توقع عليه غرامة او عقوبة مالية بموجب شرط في اتفاق التحكيم
وقد عرف العرب قبل الإسلام التحكيم فيما يثور بين الأفراد والقبائل من منازعات وكان يتولي مهمة التحكيم عادة شيخ القبيلة وكان يتولى التحكيم أفراد آخرين غير شيخ القبيلة ممن يتصفون بأصالة الرأي وسعة المدارك ورجاحة العقل ويقظة الضمير .
وقد ظهرت صور غير مألوفة للتحكيم عند العرب قبل الإسلام فقد احتكموا الي الكهنة اعتقادا منهم بان الكائن يعلم الغيب ومن ثم يعلم الظالم والمظلوم وصاحب الحق وغيره كما احتكم العرب ايضا الي النار اعتقادا ان النار تأكل الظالم وان البرئ لا تمسه النار بسوء فضلا عن احتكامهم الي الأزلام كوسيلة لفض المنازعات وقد حرم الله تعالي هذه الوسيلة . ( )
اهمية التحكيم عن غيره من اساليب فض النزاعات
أولاً : السرعة في فض المنازعات لأن المحكمين عادة ما يكونون متفرغين للفصل في خصومة واحدة وعموماً لا تتعدى اكثر من 6 اشهر.
ثانياً : الاقتصاد في المصروفات : حيث ان نفقات التحكيم اقل كثيراً من نفقات رسوم المحاكم وأتعاب المحاماة وإجراءات التنفيذ.
ثالثاً : السرية : حيث ان ملف الخصومة بين الطرفين يبقى تحت علم المحكمين حصراً في حين جلسات التقاضي في المحاكم علنية ولا ننسى ان المحكمين يقسمون اليمين في كل قضية يتولون التحكيم فيها للمحافظة على الحياد والسرية.
رابعاً : يمتاز التحكيم ببساطة اجراءاته والحرية المتاحة الى هيئة التحكيم بحسم الخلاف غير مقيدة الا بما ينفع حسم الموضوع.
خامساً : طريقة اختيار المحكمين برضا تام من الفرقاء المتنازعون بحيث يشعر كل منهم بكامل الاطمئنان لأنهم اختاروه بإرادتهم من يحكم بينهم.
سادساً : تلافي الحقد بين المتخاصمين اغلب الاحيان يأتي القرار اقرب ما يكون للتراضي لانه تم من محكمين حائزين على ثقة الجميع فيؤدي القرار الى وأد الخصومة والمشاحنات وبالتالي اطمئنان النفوس والرضا واعادة العلاقات الطيبة.
التحكيم الدولي :
يتسم التحكيم بأهميـة خاصة ، إذ إنه يساعد على فضّ المنازعات بطريقة ودية وسهلة تحافظ على بقاء العلاقة ومتانتها بين طرفي التحكيم ، وتظهر ماهية التحكيم وأهميته من خلال نشأة التحكيم وأنواعه وصوره.
يعد التحكيم واحداً من أهم وسائل تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية ، وقد كان لنجاح التحكيم في قضية الالبما سنة 1872 عاملاً مشجعاً للاتجاه نحو هذا الاسلوب في تسوية المنازعات.
والجدير بالذكر ان مؤتمري لاهاي لسنة (1899 و 1907) كانا قد أقرى مبدأ التحكيم الاجباري ووضعا قواعد وإجراءات التحكيم الا انهما فشلا في انشاء محكمة تنظر في منازعات الدول.
والواقع ان محكمة التحكيم الدائمة التي تم انشاؤها في سنة 1899 لم تكن الا مجرد قائمة بأسماء القضاة الذين يمكن اختيارهم كمحكمين متى اتفقت الدول أطراف النزاع على اللجوء اليها.
ولا بد من التذكير بان عقد متمري لاهاي (1899-1907) كان له دلالته الخاصة حيث عقد هذين المؤتمرين في فترات السلم ، على عكس ما كان سائداً في عقد المؤتمرات الدولية، حيث لم تكن هذه المؤتمرات تعقد الا في اعقاب الحروب لتسوية الاثار المترتبة عليها.
كما ضمّ هذين المؤتمرين دولاً أخرى غير اوروبية الامر الذي كان يعني اتساع قاعدة المساهمة في تلك المؤتمرات. ( )
مفهوم التحكيم الدولي :
التحكيم الدولي هو ذلك الإجراء أو تلك الوسيلة التي يمكن بواسطتها التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع الدولي من خلال حكم ملزم تصدره هيئة تحكيم خاصة يختارها أطراف النزاع ، وانطلاقا من مبدأ تطبيق القانون واحترام قواعده .
يتضح من تعريف التحكيم الدولي انه يرتكز علي مبدأ الرضائية ومبدأ إلزامية لحكم .
أولا الرضائية :
اللجوء الي التحكيم الدولي يقوم علي رضاء وتلاقي ارادة الأطراف المتنازعة وعرض النزاع الذى يتم بإرادة الأطراف في صورة اتفاق انما يكون عند نشء النزاع وبمناسبته .
ثانيا إلزامية الحكم :
القرار الصادر في التحكيم الدولي يصدر في شكل الحكم القضائي فهو ينطوى علي الحيثيات والمنطوق ويصدر بالأغلبية وعلي ذلك فهو قرار ملزم لأطراف النزاع طالما ان القرار لم يتجاوز او يخالف نصوص الاتفاق الذى يعطى ولاية الفصل وهذا الإلزام لا يتطلب قبولا من أطراف النزاع فضلا عن ان الحكم الصادر في التحكيم الدولي لا يتمتع الا بحجية نسبية فالآثار المترتبة عليه لا تتعدى أطراف النزاع او تجاوز حدود موضوع النزاع .
كما يتمتع الحكم الصادر في التحكيم الدولي بالنهائية فهو ينهي النزاع الصادر بشأنه بيد انه يكون قابلا للطعن فيه من قبل أطراف النزاع في حالات نادرة كالغموض الذى يشوب منطوق احكم او في حالة تجاوز هيئة التحكيم للحدود والسلطات الممنوحة لها بإرادة الأطراف وبموجب اتفاق الذى يتم بينها . ( )
تطور التحكيم الدولي :
عرف في العصر القديم ( دول الشرق ، بابل وآشور ) وانتشر في المدن اليونانية القديمة في المنازعات التجارية والدينية والحدودية كما عرفته القبائل العربية وفي الإسلام وفي العصر الحديث الاتفاقيات الدولية والمعاهدات الدولية .
التحكيم الدولي والعصر الحديث :
تعد البداية الحقيقية لنظام التحكيم الدولي اعتبارا من السنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر وذلك بتوقيع اتفاقية الصداقة والتجارة والملاحة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في 19/11/1794م والتى تسمى معاهدة جاى والتى نصت صراحة الي اللجوء الي التحكيم في صورة لجان مشتركة لتسوية الخلافات التى نصت عليها .
وكان لهذه المعاهدة الأثر الكبير في تطور نظام التحكيم في إطار العلاقات الدولية حيث تم تشكيل 117 محكمة تحكيم أطلق عليها اسم لجان المطالبات المختلطة وقد تناولت هذه اللجان النظر في العديد من المنازعات الخاصة بمطالبات الأفراد وأخرى تتعلق بمسائل سياسية وأخرى بشأن النزاع علي الحدود .
ويعتبر تحكيم الألباما ابرز مثال علي التحكيم الدولي الحديث واصطباغه بالصبغة القضائية في سنة 1872م ويتلخص في اتهام الولايات المتحدة الأمريكية بريطانيا بانتهاك مبدأ الحياد خلال الحرب الأهلية الأمريكية حيث قامت بريطانيا ببناء سفن للولايات المتحدة الأمريكية الجنوبية وذلك مساعدة منها في الحرب ضد الولايات المتحدة الشمالية وحيث تم الاتفاق بين الدولتين بموجب معاهدة واشنطون عام 1871م علي قواعد معينة بشأن حقوق وواجبات الدول المحايدة فقد بادرت الدولتان الي تكوين محكمة تحكيم وأصدرت حكما في هذه القضية الشهيرة بإدانة بريطانيا في 14/9/1872م وبعد ذلك انتشرت حالات التحكيم وأصبحت المعاهدات والاتفاقيات تتضمن شرط التحكيم .
ثم حقق التحكيم الدولي خطوة مهمة من خلال اتفاقية لاهاي 1899م حيث سعت وفود الدول الي أنشاء محكمة دولية حقيقية وبالفعل وافق مؤتمر لاهاي في 29/10/1899م علي الاتفاقية الخاصة بفض المنازعات الدولية بالطرق السلمية بواسطة المساعي الحميدة والوساطة والتحكيم وتضمن الاتفاقية علي أنشاء محكمة دولية دائمة للتحكيم . ( )
التحكيم الدولي بعد الحرب العالمية الأولي :
بعد الحرب العالمية الأولي سعت الدول الي إنشاء تنظيم دولي بهدف تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية ونجحت الدول في إنشاء عصبة الأمم وجاء في هذا الاتفاق انه كلما ثار نزاع بين أعضاء العصبة يرون انه قابل للتسوية بطريق التحكيم او القضاء وكان هذا النزاع لا يمكن تسويته بدرجة مرضية بالطريق الدبلوماسي فأنهم يعرضون الموضوع برمته علي التحكيم او القضاء .
ونظرا لان فكرة التحكيم لاقت اعتراضا عند مناقشتها في مؤتمرات لاهاي فان واضعي عهد الأمم قد تعمدوا عدم الإشارة الي اللجوء الي التحكيم الاجبارى سواء كان ذلك صراحة او ضمناً .
وفي عام 1920م وضعت عصبة الأمم إطارا لنظام قضائي دولي وذلك بإنشاء محكمة عدل دولية دائمة .
وفي عام 1924م نجحت عصبة الأمم في التوصل الي الموافقة علي بروتوكول جنيف للمساعدة المتبادلة وعد الاعتداء والذى يقوم علي مبدأ مؤداه ( لا امن بدون تحكيم ) .
لم تتوقف مساعي عصبة الأمم في سبيل إرساء وتحقيق مبدأ اللجوء الي التحكيم الي ان توصلت في 26/9/1928م الي الموافقة علي ميثاق عام للتحكيم في صورة اتفاقية عامة للتسوية السلمية للمنازعات الدولية .
وفي 21/11/1947م قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكيل لجنة للقانون الدولي بهدف تقنين وتطوير وتوحيد القانون الدولي وكان موضوع التحكيم الدولي من الموضوعات التى حظيت بعناية واهتمام اللجنة الي ان انتهت في عام 1958م الي وضع نموذج لقواعد إجراءات التحكيم ليكون دليلا ومرشدا للدول عند التوقيع علي تعهدات باللجوء الي التحكيم .
الطبيعة القانونية للتحكيم الدولي : ( )
أولا النظرية العقدية :
اعتبر البعض التحكيم عقداً رضائيا ملزما للجانبين من عقود المعاوضة ويرى انصار هذا الاتجاه ان حكم التحكيم يعتبر جزءا لا يتجزأ من اتفاق التحكيم بل انه يندمج ويذوب فيه والمحكمون هم أفراد يعهد إليهم بمهمة تنفيذ الاتفاق ولا يرتقوا الي مرتبة القضاة .
وقد وجد هذا الاتجاه صدى لدى محكمة النقض الفرنسية حيث أيدت الطبيعة التعاقدية للتحكيم وانسحاب هذه الطبيعة الي كل من اتفاق التحكيم وحكم التحكيم وذلك في حكمها الصادر في 27/7/1937م والذى جاء فيه ان قرارات التحكيم الصادرة علي أسس مشارطة التحكيم تكون وحدة واحدة مع هذه المشارطة وتشاركها في صفتها التعاقدية .
ويميل القضاء المصري الي ترجيح هذه النظرية بقوله ان قوام التحكيم الخروج عن طرق التقاضي العادية .
ثانيا النظرية القضائية :
يرى أنصار هذه النظرية ان الطابع القضائي يغلب علي طبيعة التحكيم وذلك انه قضاء اجبارى ملزم للخصوم متى اتفقوا عليه وان المحكم لا يعمل بإرادة الخصوم وحدها وان عمله هو عمل قضائي شانه شأن العمل القضائي الصادر من السلطة القضائية للدولة .
ثالثا الطبيعة المختلطة :
أصحاب النظرية يرون ان للتحكيم طبيعة مختلطة فهو عقد بالنظر الي الوجوه التى تشتق من أصل التحكيم وهو العمل الإرادي للأطراف وهو قضاء بالنظر الي كون الحكم الصادر يلزم الأطراف بقوة غير القوة الملزمة للعقد . والواقع انه من الصعب النظر للتحكيم كعقد فالعقد في حد ذاته لا يحسم النزاع كما ان العقد ليس هو جوهر التحكيم بدليل عدم وجوده في التحكيم الاجبارى .
والواقع ايضا ان النظرية القضائية لا تتفق وطبيعة التحكيم لان القضاء سلطة عامة من سلطات الدولة لا يتولاها الا القاضي فالمحكم لا يتمتع بما يتمتع به القاضي من سلطة توقيع غرامات علي الخصوم او الشهود فضلا عن ان الإجراءات قد تختلف من نزاع الي اخر .
والقول الصائب ان التحكيم له طبيعته الخاصة وذاتيته المستقلة التى تميزه عن العقود وكذلك عن أحكام القضاء فالتحكيم أداة متميزة لحل المنازعات فيه اتفاق وفيه قضاء وفيه ما يميزه عنهما وليس هناك ما يدعو او يبرر لزج به في أحضانه أنظمة قانونية يتشابه معها في أمور يتخلف عنها في أمور أخرى .
أنواع التحكيم الدولي :
أولا التحكيم الاختياري والتحكيم الاجبارى :
قد يأخذ التحكيم الدولي إحدى صورتين صورة التحكيم الاختياري وهو الشائع في المعاملات التجارية والاقتصادية وصورة التحكيم الاجبارى مثل الاتفاقية المبرمة سنة 1961م والمتعلقة بنقل البضائع بالسكك الحديدية حيث أسندت الاتفاقية الى محكمة التحكيم سلطة الفصل في المنازعات المتعلقة بالسكك الحديدية بين رعايا الدول المتعاقدة وغير المتعاقدة .
والتحكيم الاجبارى يستفاد منه انعدام الإرادة وهي جوهر التحكيم حيث ان التحكيم مصدره الاتفاق وهذا النوع من التحكيم الاجبارى يعتبر منافيا للأصل والتحكيم لا يتولد الا عن الإرادة الحرة ولا يتصور إجراؤه تسلطا او كرها والواقع ان التحكيم الاجبارى لم يعد له مكانة تذكر خاصة بعد انهيار الانظمة الاشتراكية فقد انهار مجلس المعونة الاقتصادية المتبادلة المعروف باسم الكوميكون سنة 1991م وبالتالي اتفاقية موسكو سنة 1972م بشأن التحكيم الاجبارى بين المؤسسات الاقتصادية للدول الأعضاء في هذا المجلس . ( )
ثانيا التحكيم الخاص والتحكيم المؤسسي :
التحكيم الخاص :
هو ذلك التحكيم الذى يتولي الأطراف أقامته في نزاع معين ويكون لهم مطلق الحرية في اختيار المحكمين والإجراءات والقواعد التى تطبق بشأن هذا النزاع .
التحكيم المؤسسي :
فهو الذى تتولاه منظمة او مركز من هيئات او منظمات او مراكز التحكيم الدائمة والتى انتشرت في أعقاب الحرب العالمية الأولي وفي هذا التحكيم النظامي يكون فض المنازعة وفقا لقواعد وإجراءات موضوعة سلفا لحكم عمل هذه الهيئات وبالنسبة لهذه الصورة الأخيرة فهي السائدة في منازعات التجارة الدولية وسبب الشيوع للسهولة واليسر فهذه المنظمات لديها قوائم بالمحكمين من كافة الخبرات مما ساعد أطراف النزاع علي اختيار المحكم المناسب كما ان لهذه المنظمات لوائح تنظم إجراءات التحكيم وهي إجراءات سهلة وغير مكلفة
ورغم الايجابيات التى يتسم بها التحكيم النظامي الا انه له بعض السلبيات وهى ان المنظمات والمراكز التى تتولي الاضطلاع بالتحكيم قد نشأت في كنف الدول الصناعية ومن ثم فكثيرا ما كانت نظم ولوائح هذه المنظمات تبغي رعاية مصالح الدول المتقدمة علي حساب الدول النامية . ( )
التمييز بين التحكيم الدولي والقضاء الدولي :
أولا أوجه التشابه :
يتفق كل من التحكيم الدولي والقضاء الدولي في الهدف حيث ان لكل منهما هدفه تسوية المنازعات بين الدول علي أساس من القانون او بعبارة أخرى ان كلاهما طريقة قانونية لحل المنازعات الدولية وكلاهما يستند الي القانون في حل تلك المنازعات .
ثانيا أوجه الاختلاف :
يعد التحكيم الدولي وسيلة مؤقتة ومتجددة في الوقت نفسه حيث ان تشكيل هيئة التحكيم يتم باتفاق أطراف النزاع وحسب ظروف كل نزاع ومن قضاة يتم اختيارهم بإرادة أطراف النزاع بينما نجد القضاء الدولي وسيلة دائمة تختص بالنظر في عدد غير محدد من النزاعات ووهي محكمة قائمة بالفعل قبل نشوب النزاع ولا دخل لإرادة أطراف النزاع في تشكليها .
دور التحكيم الدولي اقل بكثير من دور القضاء الدولي الذي يعمل علي إرساء مبادئ القانون الدولي ويسهم في إرساء الكثير من القواعد والسوابق القضائية الدولية .
ان القضاء الدولي يفوق التحكيم الدولي من حيث درجة عدم تسييسه فالتحكيم الدولي لا يعتبر إجراء فعالا من إجراءات تحقيق العدالة الدولية إنما يؤدى أيضا وظيفة سياسية .
ان التحكيم الدولي يتميز بالسهولة واليسر في الإجراءات بينما اللجوء إلي القضاء الدولي يقتضي إجراءات معقدة تتمثل في شروط يجب توافرها في التقاضي وانعقاد المحكمة والاختصاص .
التمييز بين التحكيم الدولي والوسائل الدبلوماسية :
التحكيم الدولي يعد وسيلة دبلوماسية لفض المنازعات بين الدول غير انه يختلف عن غيره من الوسائل الدبلوماسية الأخرى باعتباره وسيلة لتسوية النزاع بواسطة قضاة يتم اختيارهم من قبل أطراف النزاع كما انه تسوية تقوم علي أساس من احترام القانون والنية الحسنة فضلا عن ان الحكم الصادر فيه يعد ملزما للأطراف .
أولا المفاوضات :
المفاوضات هو الوسيلة التى يتم بموجبها تبادل وجهات النظر بين دولتين متنازعتان بقصد التوصل الي تسوية النزاع القائم بينهما وتبادل وجهات النظر يتم عن طريق الاتصال المباشر بين رؤساء الدول او وزراء الخارجية او ممثلي الدولتين المتنازعتين وتعد هذه الوسيلة ناجحة لتسوية المنازعات الدولية اذا ما توافرت النويا الحسنة لدى الأطراف المتنازعة خاصة
ثانيا التحقيق :
قد يكون جوهر النزاع خلافا علي وقائع معينة بحيث ان الفصل في صحة هذه الوقائع يؤدى الي التوصل الي تسوية النزاع ودياً ومن ثم تتفق الدولتان المتنازعتان علي إحالة هذه الوقائع الي لجنة تحقيق لفحص هذه الوقائع والتثبت من صحتها ويقتصر دور لجنة التحقيق علي تقصي الحقائق والملابسات الخاصة بالوقائع موضوع التحقيق ووضع ذلك في تقرير يرفع الي الدولتين المتنازعتين . ( )
ثالثا الوساطة :
وهو قيام دولة محايدة او منظمة دولية بنشاط لتقريب وجهات النظر والمصالح المتضاربة بين دولتين متنازعتين للتوصل الي تسوية النزاع القائم بينهما ويتم ذلك عن طريق الاشتراك في المفاوضات التى تتم بين الدولتين والوسيط عادة يكون من الشخصيات المرموقة كرؤساء الدول ووزراء الخارجية .
رابعا المساعي الحميدة :
وتعني قيام دولة بمحاولة التقريب بين دولتين متنازعتين وحثهما علي الدخول في مفاوضات لفض نزاع قائم بينهما دون ان تشترك هذه الدولة في تلك المفاوضات بطريقة مباشرة مثل المساعي الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط لتحقيق السلام .
خامسا التوفيق :
ويقصد به أحاله النزاع القائم بين دولتين الي لجان أطلق عليها اسم لجان التوفيق وهي لجان محايدة مهمتها التمهيد لحل هذا النزاع عن طريق فحص وحصر الوقائع موضوع النزاع واقتراح التسوية المناسبة .
سادسا المنظمات الدولية والإقليمية :
تضطلع منظمة الأمم المتحدة بدور فعال في تسوية المنازعات الدولية حي ثان ميثاقها أجاز للأعضاء الالتجاء الي مجلس الأمن في حالة قيام خلاف أو نزاع بينهم يهدد السلم والأمن الدولي كما ان لمجلس الأمن الحق في ان يتدخل اذا ما ارتأى ان الوضع قد يهدد السلم والأمن الدولي وذلك بناء علي قرار يصدره المجلس .
أشار ميثاق الأمم المتحدة الي المنظمات الإقليمية ودورها في حل المنازعات الدولية بالطرق الودية والسلمية أشارت المادة 52 من الميثاق الي انه يتعين علي الدول الأعضاء في المنظمات الإقليمية بذل جهودها لتدبير الحل السلمي لمنازعاتها المحلية عن طريق هذه المنظمات وذلك قبل عرضها علي مجلس الأمن وقد وضعت المنظمات الإقليمية كمنظمة الوحدة الإفريقية والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي أنظمتها القانونية والتي تضمنت نصوصا لحل ما يثور بين أعضائها من منازعات بالوسائل السلمية . ( )
مزايا التحكيم وعيوبه
أولاً: مزايا التحكيم:
يفضل كثير من الأفراد عرض النزاعات التي تنشأ بينهم مما يجوز فيها التحكيم إلى محكّم أو هيئة تحكيمية ، وأسباب اتجاههم إلى التحكيم ، وعدم عرض الأمر على القضاء نظراً للمزاياً التي يجدونها في التحكيم ، ومن أهمها ما يلي :
1- سرعة الفصل في النزاع :
عرض النزاع على التحكيم يجنب أطراف الخصومة بطء التقاضي ، واللدد في الخصومة القضائية ، لأن المُحكَّم لا يتقيد بإجراءات التقاضي ومواعيدها ،وبالتالي يتفادى البطء فيها ، كما أن المُحكَّم متفرغ للنزاع المطروح عليه على عكس القاضي الذي يعرض عليه قضايا كثيرة.
ولا شك أن سرعة الفصل في النزاع عن طريق التحكيم يجنب أطراف الخصومة ما قد يصيبهم من خسارة مادية أو معنوية بسبب تأخر الفصل في النزاع لدى المحاكم مما يجعل التحكيم أداة فعالة لحل النزاعات خاصة في المسائل التجارية. ( )
2- توفير الوقت للخصوم:
قد يكون الفصل في النزاع يحتاج إلى خبرة فنية معينة لا تتوفر لدى المحاكم ، وبالتالي يكون عرض النزاع على محكم يتمتع بهذا الخبرة يوفر الوقت للخصوم ؛ لأن المُحكَّمة إذا عرض عليها مثل هذا النزاع تحتاج إلى ندب خبير مما يطيل نظر النزاع ، والطابع الفني للتحكيم وتوافره في المُحكَّم ، يؤدي إلى أنه يتفهم طبيعة النزاع وموضوعه ، ويجد الوقت الكافي لحله.
3- السرية :
يحقق التحكيم مصلحة الأطراف في السرية إجراءاته ، وهذا من شأنه أن يحفظ لأطراف النزاع سمعتهم وأسرار معاملاتهم.
4- أن التحكيم أقدر على إزالة آثار الخصومة من نفوس أطراف النزاع ، لأن الخصم يشارك في اختيار المُحكَّم ، ويرضى به ، ويكون محل ثقته ، مما يكون له أثر في إزالة آثار الخصومة.
5- أن التحكيم معين لمرفق القضاء بالتخفيف عنه ، مما يجعل القضاة أكثر تهيؤاً لما يعرض عليهم من نزاعات كما يخفف من نفقات الدولة على القضاء.
6- يتميز التحكيم بالبساطة والسهولة ، فالرسمية والشكل الذي يتميز بها القضاء لا محل لها في التحكيم لأنه يتميز بإجراءاته البسيطة البعيدة عن الرسمية والتعقيد.
7- بدأ يظهر في الآونة الأخيرة إبرام العقود والصفقات عبر شبكات الإنترنت ، والتي تصل إلى مبالغ تقدر بالمليارات ، ولا شك أن أنسب وسيلة لحل المنازعات التي تنشأ عن هذه المعاملات هي التحكيم ، حيث يصعب تصور هذه المنازعات أمام القضاء لعدم وجود أوراق تثبت العقود المبرمة ، بل تتم على شاشة الحاسب الآلي.
ثانياً: عيوب التحكيم:
1- التكلفة المالية العالية التي يتحملها طرفا النزاع ، والتي تتمثل في أتعاب المحكمين والخبراء ، وبعكس مجانية القضاء الرسمي في كثير من الدول ، أو كونه برسم رمزي لا يرهق .
2- أن التحكيم قد لا تتوافر فيه رقابة كافية ، تتابع وتدقق أحكام المحكمين في مستوى المتاح في القضاء ، وهذا يؤدي إلى احتمال حدوث بعض الانحرافات التي ربما يصعب كشفها وترتيب الجزاء عليها ، وخاصة في بداية التحكيم قبل أن تترسخ معالمه في البلد ويفشو اللجوء إليه ، وتكون له الإدارات المستقلة والمراكز المهتمة بسلامة تنفيذه .
3- إن القاضي أكثر ممارسة للعمل القضائي من المحكم ، وبالتالي يخسر المتحاكمان هذه الخبرة الثمينة . وربما يقع بعض المحكمين في أخطاء إجرائية جسمية نتيجة قلة خبرتهم في ميدان القضاء والفصل في الخصومات ، والمتضرر من ذلك هم أطراف النزاع .
4- أن التحكيم لو طبق وفق نظامه الأصلي التام ، فهو حكم نهائي غير قابل للاستنائف ، وهذه رغم أنها قد تكون ميزة في بعض الأحوال لكنها تتضمن مخاطرة كبير في بعض القضايا المهمة ، ويفوت على المتحاكمين الاعتراض ، أو الاستئناف لتدارك بعض ما فات. ( )
الاتفاق علي التحكيم الدولي في منازعات المشروعات الدولية المشتركة :
الصور الخاصة بالاتفاق علي التحكيم كوسيلة لتسوية منازعات المشروعات الدولية المشتركة :
أولا شرط التحكيم : ويقصد به ذلك الشرط الذى يرد ضمن تنظيم علاقة قانونية معينة او يرد ضمن نصوص عقد معين وبمقتضي هذا الشرط يتفق أطراف العلاقة الأصلية قبل نشوب اى نزاع ان يتم تسوية اى نزاع عن طريق التحكيم .
مشارطة التحكيم قد يرد في صورة معاهدات تحكيم خاصة وهو ما يعرف بمعاهدات التحكيم الدائمة قبل نشوب النزاع أيضا .
شرط التحكيم في الاتفاقات المنشئة للمشروعات المشتركة :
أولا الطبيعة القانونية للشرط :
شرط التحكيم هو نص وارد ضمن نصوص عقد معين بموجبه يتم اللجوء الي التحكيم لفض ما قد يثور من منازعات مستقبلاً بين أطراف هذا العقد .
ثانيا مبدأ استقلال شرط ومشارطة التحكيم :
أقرت محكمة النقض الفرنسية استقلالية اتفاق التحكيم او سلطان اتفاق التحكيم بنوعيه ( شرط التحكيم ومشارطة التحكيم ) عن العقد الأصلي استقلالا قانونيا تاما .
والقضاء الفرنسي في تقريره لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي قد تأثر بالقضاء الهولندي الذى يعتبر أول من قرر صراحة هذا المبدأ فقد أصدرت المحكمة الهولندية حكماً في 27/12/1935م يقضي بأن ليس هناك ما يمنع المحكم من الفصل في النزاع رغم احتمال عدم صحة العقد الذي تضمنه شرط التحكيم ثم اصدر القضاء الألماني حكما في 14/5/1952م يقضي بأن شرط التحكيم ينفصل تماما عن العقد الذي يتضمنه . ( )
موقف القضاء الانجليزي :
اقر القضاء الانجليزي صراحة استقلالية اتفاق التحكيم وذهب الي انه اذا تم فسخ العقد او إنهائه لسبب من الأسباب فان ذلك لا يؤثر علي شرط التحكيم وإذا ما شاب العقد الأصلي بطلان نسبي أو خلاف حول أرادة الأطراف في تفسير العقد الأصلي فذلك لا يؤثر علي شرط التحكيم بينما يأخذ شرط التحكيم حكم العقد الأصلي اذا لم يبرم العقد الأصلي أصلا أو لم يكن له وجود قانوني بالفعل كما لو كان باطلا بطلانا مطلقاً .
موقف القضاء المصري :
حسم قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994م هذه المسألة حيث قرر هذا المبدأ وهو استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي فنصت المادة 23 بأنه يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب علي بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه .
ثالثا : أنواع شرط التحكيم التى يمكن تضمينه اتفاق المشروع المشترك :
1- شرط التحكيم من حي المجال :
ينقسم شرط التحكيم من حيث المجال الي شرط تحكيم عام وشرط تحكيم خاص .
أ- شرط التحكيم العام :
وهو النص الذى بموجبه تلتزم الأطراف المتعاقدة بإحالة اى نزاع يتعلق باى نقطة في العقد الأصلي الي التحكيم دون استثناء أو مع وجود استثناءات محدودة ومتفق عليها صراحة .
ب- شرط التحكيم الخاص :
وهو النص الوارد بالعقد الأصلي والذي تلتزم بموجبه الأطراف بإحالة أية خلافات تثور مستقبلا الي التحكيم بشأن مسألة معينة أو مسائل محددة علي سبيل الحصر .
2- شرط التحكيم من حيث ترتيبه وتنظيمه للتحكيم :
أ- التعهد التحضيرى :
هو ان ينص شرط التحكيم بإحالة ما قد يثور من منازعات مستقبلا بشأن العقد الأصلي الي التحكيم دون تنظيم او ترتيب وهذا يعنى انه بمجرد وقوع النزاع لابد من اتفاق ثان بين الأطراف لوضع اتفاق تحكيم خاص او بعبارة أخرى ان مجرد وقوع النزاع لابد من تنظيم للتحكيم متفق عليه .
ب- التعهد المنظم :
بمعنى ان شرط التحكيم لا ينص فقط علي مجرد اللجوء الي التحكيم عندما يثور النزاع مستقبلاً بل يتضمن شرط التحكيم أيضا نصوصاً منظمة للتحكيم بشأن تشكيل المحكمة وعدد المحكمين والعدد الذى يقوم كل طرف بتعيينه وكيفية اختيار رئيس المحكمة وجنسيته المحكمين والإجراءات الواجب إتباعها في حالة عدم اتفاق الأطراف علي تشكيل المحكمة .
التحكيم الداخلي في المملكة العربية السعودية :
في المملكة العربية السعودية يعد التحكيم اختيارياً ، وهذه هي القاعد العامة.
أولاً : التحكيم بالقضاء والتحكيم بالصلح:
التحكيم بالقضاء يتم إذا كانت مهمة المُحكَّم الفصل في النزاع ، فهو مثل القاضي يصدر حكمه وفقا لما يتضح له من وقائع الدعوى ووسائل الإثبات التي تقدم له ولا يأخذ في الاعتبار إرادة الخصوم في ما يصدره من حكم. ( )
أما التحكيم بالصلح فإن المُحكَّم يفوض من قبل الخصوم بإجراء الصلح في النزاع القائم بينهم. وتنحصر مهمته في تقريب وجهات النظر بين الخصوم بناء علي ما يقدم له من وثائق ومستندات وإذا تعذر دلك فله أن يصدر الحكم الذي يراه، والمُحكَّم في هذا النوع يبحث عن الحل الذي يراه أكثر ملائمة لمصالح الطرفين. ( )
وقد أقر نظام التحكيم السعودي التحكيم بالصلح ولم يفرق بينه وبين التحكيم بالقضاء إلا من حيث وجوب صدور الحكم بالصلح بالإجماع في حاله إذا كان النزاع تم الفصل فيه عن طريق هيئة تحكيمية ، في حين أن التحكيم بالقضاء يكفي صدور الحكم بالأغلبية. وفي ذلك تنص المادة السادسة عشرة من نظام التحكيم على أن " يصدر حكم المُحكَّمين بأغلبية الآراء وإذا كانوا مفوضين بالصلح وجب صدور الحكم بالإجماع .
ثانياً : التحكيم الوطني والتحكيم الدولي:
التحكيم الوطني : هو التحكيم الذي يتعلق بنزاع على إقليم الدولة وتكون جميع عناصره وطنيه.
والتحكيم الدولي : هو التحكيم الذي ينصب علي علاقات تكون بين أشخاص منتمين لدول مختلفة أو ينصب علي منازعات بين الدول أو المنظمات أو الهيئات الدولية.
والتحكيم الذي يفصل في المنازعات التي تثور بصدد التجارة الدولية يسمي التحكيم الدولي الخاص. في حين أن التحكيم الذي يحسم المنازعات التي تثور بين الدول يسمي التحكيم الدولي العام.
ويري البعض أن التحكيم الداخلي هو الذي يتعلق بنزاع على إقليم الدولة وتكون جميع عناصره وطنية والتحكيم الدولي هو الذي يكون أحد عناصره أجنبية مثل موضوع النزاع أو جنسية الخصوم أو القانون الواجب التطبيق على النزاع أو المكان الذي يجري فيه التحكيم.
ولم يفرق النظام السعودي بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي فنصوص نظام التحكيم السعودي لم تفرق بين المنازعات الداخلية والمنازعات التي تأخذ الصفة الدولية كما أنها لم تمنع التحكيم الذي يتم خارج المملكة. ( )
وأخيراً نشير إلي أن التحكيم قد يتنوع حسب موضوعه فإذا كان موضوع النزاع تجارياً فإن التحكيم يسمى تحكيماً تجارياً وإذا كان الموضوع مدنياً يسمي تحكيماً مدنياً وهكذا.
مراحل تطور قواعد التحكيم في المملكة العربية السعودية
حظي التحكيم باهتمام المنظم السعودي لاعتبارات متعددة، يأتي في مقدمتها مشروعية التحكيم، وذلك ثابت بالكتاب والسنة والإجماع ، فضلاً عن ازدياد الحاجة للجوء إليه لفض المنازعات لاسيما في مجال المعاملات التجارية بصفة عامة، ومعاملات التجارة الدولية بصفة خاصة، وذلك لما يحققه التحكيم كقضاء خاص موازي لقضاء الدولة العام من مزايا كثيرة تكفل في مجموعها السرعة والسرية والمرونة في حسم المنازعات، سواء على الصعيد الداخلي أو الصعيد الدولي بموجب حكم قابل للتنفيذ. ( )
إن تطور التحكيم في المملكة العربية السعودية مر بمراحل عديدة يمكن إجمالها في الآتي:
1- نظام المحكمة التجارية عام 1350هـ:
لقد اهتمت المملكة العربية السعودية بالتحكيم منذ تأسيسها حيث جاء أول تنظيم للتحكيم في نظام المحكمة التجارية الصادر بالأمر العالي رقم 32 وتاريخ 15/1/1350هـ. لقد احتوى هذا النظام على مواد قليلة (المواد 493-497) تنظم العملية التحكيمية بين الأطراف محل النزاع الراغبين في تسوية نزاعهم عن طريق التحكيم.
لقد عالجت مواد التحكيم في هذا النظام بعض المسائل المتعلقة بالتحكيم من حيث شكل ومحتويات الاتفاقية التحكيمية، وتعيين المحكمين، ومدة التحكيم، وبعض الإجراءات المتعلقة بالعملية التحكيمية، وإمكانية الطعن في حكم التحكيم أمام المحكمة التجارية آنذاك، وضرورة إقرار حكم التحكيم من المحكمة التجارية قبل تنفيذه. ( )
2- نظام الغرفة التجارية الصناعية عام 1365هـ:
لقد أعطى هذا النظام التجار الحق في الاتفاق على تكليف الغرفة التجارية الصناعية لتكون حكماً في فض ما قد يقع بينهم من نزاعات وبذلك وضع هذا النظام أو تنظيم للتحكيم المؤسسي في المملكة العربية السعودية بجانب تحكيم الحالات الخاصة (ad hoc) الذي يلجأ إليه الأطراف والذي أقره نظام المحكمة التجارية.
3- نظام العمل والعمال عام 1389هـ:
أجاز نظام العمل والعمال لأصحاب العمل والعمال إحالة ما ينشأ بينهم من نزاعات إلى التحكيم بدلاً من حلها عن طريق اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية المختصة. وقد اشترط النظام أن يتم اعتماد اتفاقية التحكيم المبرمة بين المتنازعين من قبل اللجنة الابتدائية المختصة قبل بدء إجراءات التحكيم.
يعد الحكم الصادر من هيئة التحكيم قابلاً للطعن فيه بالاستئناف أمام اللجنة العليا لتسوية الخلافات العمالية ما لم يتفق أطراف النزاع مقدماً في اتفاقية التحكيم المبرمة بينهم على أنه نهائي، وفي جميع الأحوال يجب تسجيل هذا الحكم أمام اللجنة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية المختصة، وذلك خلال أسبوع من تاريخ صدوره. ( )
4- نظام الغرف التجارية الصناعية عام 1400 هـ
جعل نظام الغرف التجارية الصناعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6) وتاريخ 30 /4/1400 من اختصاصات الغرف التجارية الصناعية الفصل في النزاعات التجارية والصناعية عن طريق التحكيم إذا اتفق أطراف النزاع على إحالتها إليها، فقد نصت المادة الخامسة من هذا النظام على انه ( تختص الغرف التجارية الصناعية بالأمور التالية: (ح) فض المنازعات التجارية والصناعية بطريق التحكيم إذا اتفق أطراف النزاع على إحالتها إليها).كما تضمنت اللائحة التنفيذية لنظام الغرف التجارية الصناعية الصادرة بقرار وزير التجارة رقم (1871) وتاريخ 22/5/1401 هـ القواعد والإجراءات التي يجب إتباعها عند القيام بالتحكيم بين أطراف النزاع أمام الغرف التجارية الصناعية. ( )
5- نظام التحكيم عام 1403 هـ
في خطوة بالغة الأهمية ولتأكيد وظيفة التحكيم كطريق لتسوية النزاعات الناشئة بين الأطراف صدر نظام التحكيم بالمرسوم الملكي رقم(م/46) وتاريخ 12/7/1403 هـ، كما صدرت لائحته التنفيذية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم(7/2021) وتاريخ 8/9/1405 هـ.
لقد اشتمل هذا النظام ولائحته التنفيذية على احدث المبادئ التحكيمية السائدة في العالم حيث عالج هذا النظام معظم المسائل المتعلقة بالعملية التحكيمية كعدد المحكمين وطريقة تعيينهم والشروط الواجب توافرها فيهم وعزلهم وردهم وتقدير أتعابهم، والقانون الواجب التطبيق، وطريقة إصدار حكم التحكيم وتنفيذه وغيرها. ( )
إن من أهم ما ينفرد به هذا النظام ما يلي:
- إن هذا النظام لم يفرق بين النزاعات التجارية وغيرها من النزاعات الأخرى، كالنزاعات المدنية والعقارية.
- إقرار صحة الاتفاق بين الأطراف على إحالة ما قد ينشأ بينهم من خلافات مستقبلية إلى التحكيم( شرط التحكيم).
- منح القضاء السعودي المختص سلطة واسعة للإشراف على العملية التحكيمية حيث تبنى نظام التحكيم السعودي- لأول مرة - فكرة الدور المزدوج لقضاء الدولة فيما يتعلق بمسائل التحكيم وهو دور جديد طبق حديثاً ونجح في العديد من الدول منها فرنسا. ونعني بهذا الدور المزدوج أن يكون لقضاء الدولة مساعداً ومعاوناً للتحكيم بجانب دوره التقليدي المتمثل في الرقابة على التحكيم.
الخاتمة
إن ما استنتجه من هذا البحث أن التحكيم صورة من صور القضاء فأنه يحتاج إلى تنظيم دقيق لإجراءاته وتوفير المتمرسين لمباشرتها وتوفير ذوى الخبرة القانونية والمشهود لهم بالكفاءة والحيدة والنزاهة من المحكمين ، ومن ثم لزم وضع القواعد المنظمة لإجراءات التحكيم بصورة تفصيلية ومستقرة ومسبقا مع وجود قوائم بأسماء المحكمين ، ثم أخيرا وجود الجهاز الفنى الذى يتولى عن طرفى المنازعة متابعة تنفيذ هذه الإجراءات وحتى صدور قرار التحكيم وانتهاءا بتنفيذ الحكم بالقوة الجبرية ، وهو ما أستوجب وجود المؤسسات والمراكز المتخصصة فى التحكيم التجارى الدولى والمحلى لتأدية هذا الدور الحيوى والهام بمقراتها ومن خلال أنظمتها ولوائحها الداخلية وإمكانياتها المتعددة ، لتكتمل به منظومة التحكيم بما يحقق الهدف المرجو منه ، ومن ثم كان ( المركز الدولي للتحكيم ) من أوئل تلك المراكز الخاصة المتخصصة فى هذا المجال بجمهورية مصر العربية ، لتيسير وتنشيط وتفعيل أحكام قانون التحكيم المصرى
وقد ظهر على الساحات الدولية والمحلية مراكز التحكيم الدولى وذلك لتلبية ضروريات حيوية وهامه تقتضيها كافة الظروف والمتطلبات والمعايير الدولية والمحلية المعاصرة حتى لا نتخلف عن ركب التطور المذهل , ويهدف المركز الدولى للتحكيم لتوعية المحامين والمصرفيون والإداريين والكوادر الفنية والإدارية بالشركات و البنوك وغيرهم من كافة التخصصات الاخرى بقواعد التحكيم الدولى وأحكامه على المستويين المحلى والدولى للالتجاء للمحاكم المتخصصة ( المحاكم الاقتصادية) والتعريف بالمنتجات المالية والمشتقات المالية وأساليب التمويل البديله وخلافه من الاساليب والطرق المستحدثه على الساحة العالمية ومشكلاتها العملية والتطبيقية وكيفية تجنب الوقوع بها وطرق وأساليب حلها بطرق عملية ( استخدام ورش عمل للتدريب التطبيقى ومحاكاة الواقع ) والشرح والتحليل من خلال ندوات ومؤتمرات ودورات تدريبية وذلك بهدف تخريج جيل جديد من الكوادر المهنية عالية الحرفية فى مجالات الهندسية والمقاولات والمعاملات المصرفية والاوراق المالية والتجارية والاستثمار والعقود ( عقود البترول – عقود التى تبرامها الدول –ومعاملات التجارة الالكترونية – وعقود نقل التكنولوجيا – والتمويل – والصناعة ) وغيرها من المعاملات الاخرى
المراجع
1. أبو الوفا، أحمد .(1988) , التحكيم الاختياري والإجباري، الطبعة الخامسة، منشأة المعارف، الإسكندرية .
2. الأحدب، عبد الحميد .(1990) , التحكيم، أحكامه ومصادره، (جزآن)، مؤسسة نوفل، بيروت .
3. البجاد، محمد ناصر .(1999) , التحكيم في المملكة العربية السعودية، مركز البحوث والدراسات الإدارية، معهد الإدارة العامة، الرياض .
4. التحيوي، محمود السيد .(2003م) , الطبيعة القانونية لنظام التحكيم، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية .
5. الحقباني، فهد حمود .(1426) , التحكيم التجاري (دراسة بحثية مقارنة)، الطبعة الأولى .
6. الدوري، قحطان عبد الرحمن .(2002) , عقد التحكيم في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى.
7. رفعت، ولاء .(1419هـ) , التحكيم التجاري الوطني والدولي في المملكة العربية السعودية، الغرفة التجارية الصناعية، جدة .
8. عبد الرحمن، هدى .(1997) , دور المحكم في خصومة التحكيم وحدود سلطاته، دار النهضة العربية، القاهرة .
9. المهيدب، مهيدب إبراهيم .(1423هـ) , تطور أنظمة التحكيم في عهد خادم الحرمين الشريفين، النشر العلمي والمطابع، جامعة الملك سعود .
10. يونس، محمود مصطفى .(2005) , قوة أحكام المحكمين وقيمتها أمام قضاء الدولة، الطبعة الأولى، دار النهضة العربية، القاهرة.
رسائل ماجستير حول التحكيم:
1) آل رشود، عبد الله بن علي .(2008) , الدعوى التحكيمية في النظام السعودي والقانون المصري، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض .
2) آل فريان، عبد العزيز عبد الرحمن .(2006) , تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية والأجنبية في المملكة العربية السعودية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض