العلاقات الإيرانية الأمريكية
مرسل: الأحد مايو 05, 2013 8:02 pm
مقدمة
حظيت إيران منذ سنوات الحرب العالمية الثانية باهتمام أمريكي متزايد على نحو مستمر , بلغ إلى حد إقامة علاقات متينة في السبعينات , وكان أحد أسس هذه العلاقة سياسة " تقوية إيران ) التي انتهجتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتجعلها قادرة على القيام بدور الحليف القوي لها , لأنها تمثل من وجهة النظر الأمريكية إحدى الدعامات المهمة لإستراتيجيتها في الخليج العربي .
وتركزت السياسة الأمريكية تجاه إيران إبان الحقبة الواقعة بين سنتي 1941 و 1947م وهي الفترة التي شهدت بداية عملية صياغة سياسة أمريكية واضحة المعالم تجاه إيران , ابتعدت فيها الولايات المتحدة عن " العزلة " في سياستها الخارجية , وسعت إلى تعزيز نفوذها من خلال التدخل المباشر في شؤون إيران السياسية , ولا شك أن فهم السياسة الأمريكية في إيران عامة , يبقى فهماً قاصراً من غير دراسة هذه السياسة وإدارك مراميها خلال تلك الفترة , وإن سنة 1941 تمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ إيران المعاصر كان فاتحتها اجتياح القوات البريطانية والسوفيتية الأراضي الإيرانية , وسقوط حكم رضا شاه بهلوي , كما شهدت السنة ذاتها , دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب الحلفاء , وما ترتب على ذلك من تغير في سياستها تجاه إيران التي أصبحت طريقاً مهماً لنقل الإمدادات إلى الاتحاد السوفيتي , وكان من مظاهر هذا التغير تزايد الاهتمام الامريكي بإيران وبوضعها الداخلي , لما ذلك من علاقة وثيقة بعملية تزايد الاهتمام الأمريكي بإيران وبوضعها الداخلي , لما لذلك من علاقة وثيقة بعملية نقل تلك الإمدادات .
هل كانت الولايات المتحدة الامريكية لها علاقة بإيران بعد حرب العراق ؟
ما بعد انهيار الإتحاد السوفيتي
زاد انهيار الإتحاد السوفيتي من التوجس الأمريكي؛ حيث صارت إيران رمزًا "للأصولية الإسلامية" التي رشحتها أمريكا وقتها لتكون العدو الجديد.
وفي 1993 أعلنت الولايات المتحدة سياسة الاحتواء المزدوج، والتي لم تكن في الواقع تأتي بجديد في جوهر سياسة الولايات المتحدة التي طالما سعت تاريخيًا إلى جعل كل من إيران والعراق اقل قوة منها في المنطقة، كل ما في الأمر أن هذه السياسة انهارت بقيام الثورة الإيرانية، فركّزت أمريكا على دعم العراق بعد أن كانت تدعم إيران، ثم انتهت حرب الخليج الثانية ؛ فصار الجديد في تلك السياسة هو السعي لإضعاف الطرفين معًا. ( )
وفي أوج حملة انتخابية رئاسية وتشريعية في أمريكا، صدر قانون داماتو 1996 – والذي سبقه في الواقع أمر تنفيذي لا يقل خطورة في مداه - كان الرئيس كلينتون قد أصدره في عام 1995
فترة خاتمي
إختلفت سورة العلاقات الإيرانية الأمريكية في 1997 ؛ فقد فاز محمد خاتمي بأغلبية 70% في انتخابات حرة أحرجت الولايات المتحدة التي ظل خطابها الرسمي يستخدم مفردات تتهم إيران بكل الشرور، بل وتتناولها بدرجة عالية من الاستهانة والامتهان أيضًا، فقد كانت الولايات المتحدة تستخدم مثلا تعبير "السلوك" الإيراني Behavior والذي لا يستخدم في اللغة الإنجليزية إلا للإشارة إلى ما يبدر عن غير العاقلين والخارجين عن القانون والحيوانات.
ومن ثَمّ لم يعد من الممكن لأمريكا الرسمية أن تظل تستخدم مثل تلك المفردات، خصوصًا أن الجالية الإيرانية كانت قد بدأت تنظم نفسها بشكل أفضل، وتستقطب عددًا من رموز النخبة السياسية الأمريكية؛ سعيًا لإحداث انفراجة في السياسية الإيرانية. ( )
فبدأت بعض الأصوات الرشيدة تعلو داخل المجتمع الأمريكي نفسه، تطالب بإعادة النظر في مجمل السياسة الأمريكية تجاه إيران، خصوصًا بعد دعوة الرئيس خاتمي عبر شبكة سي إن إن للحوار الحضاري بين الشعبيين، وقد تبع ذلك تصريح لأولبرايت يحمل شبه اعتراف بدور أمريكا ضد حكومة مصدق، وإن لم يرق إلى الاعتذار الرسمي.
دور اللوبي اليهودي
وقد تزامن ذلك مع تصاعد نبرة التذمر لدى حلفاء أمريكا الأوروبيين إزاء العقوبات التي يفرضها قانون داماتو على الشركات الأوروبية، فضلا عن مطالبة منظمات رجال الأعمال الأمريكية برفع الحظر الذي أضر بمصالحها بالدرجة الأولى.
وقد ظلت كل هذه العوامل تتفاعل بين شد وجذب، خصوصًا مع الضغوط القوية التي مارسها اللوبي الصهيوني في واشنطن على إدارة كلينتون والكونجرس ؛ لوقف أية محاولة لتحسين العلاقات مع إيران.
ولعلها من الأمور بالغة الدلالة أن الرئيس كلينتون كان قد أصدر قرارين تنفيذيين يفرضان عقوبات على إيران، إلا أن الأهم من اتخاذ القرارين كان – في الواقع - حرصه على الإعلان عن كل منهما في اجتماع له مع إحدى المنظمات اليهودية الكبرى. ( )
مصالح القوى الأمريكية وصناعة القرار
تتمثل الإيجابية الرئيسية في بدء تحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية، في أن الساحة الأمريكية صارت تحفل بقوى مختلفة لها مصلحة في تحسين العلاقات مع إيران، بعد أن كان اللوبي اليهودي هو وحده المهيمن عند صناعة هذا القرار.
وقد تبدت نتائج ذلك التحول فعلاً في رفع الحظر على استيراد بعض السلع الإيرانية، مثل الفستق والسجاد، والذي تبعه قرار إيراني باستيراد الأدوية الأمريكية، فضلا عن إعفاء عدد من الشركات (ماليزية وفرنسية وروسية) من عقوبات قانون داماتو. وفي قمة الخلافات السياسية الظاهرية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن ملف إيران النووي في خلال 2008 اشترت مليون إيران طن قمح من الولايات المتحدة في العام نفسه.
ولاية جورج بوش
شكل وصول الرئيس الأمريكي بوس للسلطة نقطة تحول مهمة في إتجاه سياسة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإيران ؛ تنبع بالأساس من رؤية الإدارة الجديدة لدور أمريكا في العالم وأهدافها الإستراتيجية معًا.
ما بعد الحادي عشر من سبتمبر
مع وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. أظهرت بعض الأصوات الإيرانية قلقاً بالغاً من التصريحات الأمريكية التي وردت على لسان الرئيس بوش وعدد من أركان إدارته والتي عدت أن العالم قد غدا الآن منقسماً بين معسكرين: مع التحالف ضد الإرهاب، أو مع الإرهاب. وبعبارة أخرى من ليس مع أمريكا والتحالف فإنه مع الإرهاب. ومن هنا عمدت إيران إلى التعبير الواضح على أكثر من مستوى عن إدانتها للهجمات على الولايات المتحدة، ورفضها للإرهاب بكل صورة وأشكاله، ففي كلمة لمرشد الثورةخامنئي أمام أهالي أصفهان في 30 أكتوبر 2001 قال " إننا نشجب الإرهاب بكل أشكاله. ولعل الملاحظة التي لابد من ذكرها في هذا الصدد، أن الساحة السياسية الإيرانية لم تشهد انقساما في الرأي بين الإصلاحيين والمحافظين كالعادة حيث أدركت طهران أن الولايات المتحدة جادة في تهديداتها خاصة بالنظر إلى أنها تضع " إيران على قائمة الدول المتهمة برعاية الإرهاب الدولي. ( )
وفي حرب الولايات المتحدة في أفغانستان في إطار ما تسمية بحربها على الإرهاب، كانت واشنطن في حاجة إلى مساعدة إيران في المراحل الأولى في حربها في أفغانستان، ولذلك سعت إلى حوار معها بكل الطرق وخاصة على المستوى الأمني، ولقد لعبت بريطانيا دور الوسيط في ذلك من خلال زيارة وزير خارجيتها جاك سترو لطهران. من هنا وبالرغم من الإدانة الإيرانية للغزو الأمريكي لأفغانستان وذلك على لسان المرشد الأعلى خامنئي " أننا نشجب الإرهاب بكل أشكاله ونعارض الحملة الأمريكية على أفغانستان ونرفض الدخول في أي تحالف تقوده أمريكا" منتقداً أولئك الذين يدعون إلى محادثات معها قائلاً "وإن كانوا غير سيئي النية فإنهم غافلون عن أن هذه المحادثات تفي القبول بتحقيق المصالح الأمريكية" قامت إيران بتقديم الدعم الميداني للولايات المتحدة في حربها ضد طالبان ومنظمة القاعدة، حيث وافقت في أكتوبر 2001 المساهمة في إنقاذ أي قوات أمريكية تتعرض لمشاكل في المنطقة، كما سمحت للولايات المتحدة باستخدام أحد موانيها لشحن القمح إلى مناطق الحرب في أفغانستان، وشاركت في الدعم العسكري لقوات التحالف الشمالي حتى سيطرت على كابول. ( )
تباعد آخر
لكن هذا التقارب سرعان ما تلاشى، وذلك في ضوء كثرة الخلافات الأمريكية الإيرانية سواء ما هو متعلق باستمرار الحظر الاقتصادي الأمريكي الشامل أو الخلافات الإقليمية نتيجة تواجد القوات الأمريكية في الخليج وتواجدها الحالي في أفغانستان وبعض دول آسيا الوسطىإضافة إلى عداء إيران لإسرائيل ودعمها حركات المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي في مقابل الانحياز الأمريكي لإسرائيل من جهة أخرى. ومما عمق من هذه الخلافات، هو تصنيف جورج بوش في 29 يناير 2002 كل من إيران والعراق وكوريا الشمالية " دولاً إرهابية تهدد السلام العالمي " وأنها تسعي لامتلاك أسلحة دمار شامل وتشكل خطراً تزداد حدته " ووصف الدول الثلاث بأنها " محور للشر يسلح نفسه لتهديد سلام العالم" وفي الأول من فبراير قال بوش" أن تصريحاته المتشددة ضد كوريا الشمالية وإيران لا تعني الإشارة إلى التخلي عن الحوار السلمي مع البلدين ".
لكن قال إن كل الخيارات على المائدة في شأن كيفية جعل أمريكا وحلفائنا أكثر أمناً " وفي 5 فبراير 2002، أعلن وزير الخارجية الأمريكي " أن وصف دول بأنها تشكل " محور الشر " لا يعني أن الولايات المتحدة تنوي اجتياحها". وأوضح أمام لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ " أننا على استعداد لبدء حوار ونريد العمل مع أصدقائنا وحلفائنا في العالم للتعاطي مع هذا النوع من الأنظمة " وفرق باول بين إيران وكوريا الشمالية اللتين تريد واشنطن مواصلة السعي إلى الحوار معهما والعراق الذي تؤيد واشنطن مواصلة سياسة العقوبات حياله مع الأمم المتحدة. كما تعرضت إيران لضغوط من قبل الولايات المتحدة وذلك في قمع أعمال المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي حيث سلمت الإدارة الأمريكية، عبر الوسطاء لائحة بأسماء عدد من الشخصيات الإسلامية المعروفة بمقاومتها للاحتلال الإسرائيلي في لبنان وفلسطين، لكن إيران رفضت عبر أعلى سلطات القرار فيها تقديم أي مساعدة كما استمرت هذه الضغوط من خلال إدراج حزب الله اللبناني على لائحة الإرهاب الثالثة التي أصدرتها الإدارة الأمريكية نظراً للصلة الوثيقة المعروفة بين هذا الحزب وبين إيران ( )
الاحتجاجات الإيرانية 2011
بعد قيام الثورة التونسية والثورة المصرية 2011، قام متظاهرون إيرانيون في 15 فبراير 2011 بمسيرة مؤيدة للثورتين المصرية والتونسية ومناهضة للحكومة في طهران، دعت النظام الإيراني لتبني نظام سياسي منفتح. فقامت قوات الباسيج بقمع المحتجين
وصرحت وزير الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن الولايات المتحدة تؤيد مطالب المتظاهرين الإيرانيين الذين قاموا بمسيرة مناهضة للحكومة في طهران، ودعت في الوقت نفسه النظام الإيراني لتبني نظام سياسي منفتح. وفي لقاء مع قناة العربية قارنت كلينتون بين ما يجري في إيران وما جرى في مصر، مطالبة بإتاحة الفرصة للإيرانيين لفعل ما فعله المصريون، مؤكدة أن على المصريين "عدم السماح لأحد بخطف انتصارهم". وعلّقت كلينتون على الصدامات التي شهدتها إيران، واعتبرت وزيرة الخارجية الأمريكية أن هذه الاشتباكات تؤشر ل"نفاق إيران في تشجيع المصريين، وقمع شعبها". ( )
رفضت إيران كلينتون وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست للصحافيين في إشارة واضحة إلى كلينتون، أن التصريحات التي أدلى بها في الأيام الأخيرة مسؤولون أمركيون تنبع من خلط بسبب التغيرات التي تشهدها المنطقة. وأضاف أن هذه التغيرات سددت ضربة لمصالح قوى الهيمنة التي تدعم النظام الصهيوني وهم يحاولون من خلال هذه التعليقات تجاهل ما جرى".
أولاً : العلاقات الأمريكية الإيرانية حتى عام 1941م :
تمثلت الاتصالات الأمريكية الأولى مع إيران في البعثات التبشيرية التي وفدت إلى البلاد خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر , وكانت طليعتها البعثة التي وصلت عام 1830هـ للتبشير بين المسيحيين النساطرة في الشمال الغربي من البلاد , وأعقب ذلك وصول إرساليات جديدة تزايد عددها تدريجياً حتى بلغ عام 1884 أربعاً وعشرين إرسالية , تقوم بإدارة مراكز افتتحت لهذا الغرض في كل من أرومية ( الرضائية ) وطهران وهمدان وتبريز , ويتبعها عدد من الكنائس والمستشفيات والمدارس في بعض المدن الإيرانية , وقد أدت هذه الإرساليات وتوابعها دوراً في تمهيد الطريق للتغلغل الأمريكي في إيران . ( )
وشهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر اتصالات سرية بين الجانبين الأمريكي والإيراني جاءت نتيجة لسعي الحكومة الإيرانية إلى إيجاد حليف لها من بين القوى الغربية أملاً منها في تحقيق سياسة " القوة الثالثة" التي تستطع من خلالها إيجاد نوع من التوازن بين مصالحها من جهة , ومصالح كل من روسيا وبريطانيا من ناحية أخرى , وقد وجدت في الولايات المتحدة الامريكية خير من يقوم بمثل هذا الدور لا سيما أن الأمريكان لم تكن لديهم اهتمامات ظاهرة في الشرق , بسبب البعد الجغرافي الذي يفصل بين البلدين , مما جعل إيران تطمئن إلى الجانب الأمريكي أكثر من غيره .
وخلال العقد الأول من القرن العشرين حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على تمسكها بخطوط سياسة عدم التدخل تجاه إيران , ويمكن تلمس ذلك من خلال رفض الحكومة الأمريكية لعرض تقدم به مظفر الدين شاه 1896-1907 يقضي منح الولايات المتحدة بعض المكاسب التجارية مقابل الحصول على دعم سياسي أمريكي يعين بلاده على تعزيز موقعها بوجه الأطماع البريطانية – الروسية , وكذلك خلال تحذيرها لدبلوماسييها في إيران من مغبة التدخل في الأحداث الداخلية للبلاد .
قدم مهدي خان , وزير إيران المفوض في واشنطن , مذكرة إلى وزير الخارجية الأمريكي في 17 كانون الأول 1917 ضمنها مطالب حكومته في مؤتمر الصلح , وتتلخص في ضمان مشاركة بلاده في هذا المؤتمر , وتأكيد استقلال إيران وسيادتها , وجلاء القوات الأجنبية عن الأراضي الإيرانية , وتعويض البلاد عما لحق بها من خسائر جراء الحرب , وتعديل معاهدة تركمان جاي لعام 1828 , والتي جاءت على أثر الهزيمة التي لحقت بإيران في حربها مع روسيا , وإبطال كل الاتفاقيات والتسويات الأخرى التي كانت قد فرضت على إيران بالقوة .
وقد استجابت الحكومة الإيرانية لبعض المطالب الإيرانية تلك , وافتتحت بذلك عهداً جديداً في العلاقات الأمريكية الإيرانية في مرحلة ما بين الحربين متبعة سياسة أكثر انفتاحاً مع إيران , ومما يعزز هذا الرأي قيام الحكومة الأمريكية في 21 كانون الثاني 1918 بإشعار حليفتها بريطانية بأنها تساند مطالب الحكومة الإيرانية في الاستقلال والسيادة , وجلاء القوات الأجنبية من أراضيها , وعبرت عن قلقها من أن ينحاز الإيرانيون إلى " المعسكر الألماني – العثماني " في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم . ( )
وبعد الاحتلال البريطاني السوفيتي لإيران والتطورات التي رافقته دخلت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران مرحلة جديدة شهدت تطوراً واتساعاً أكثر من ذي قبل .
ثانياً : دوافع الاهتمام الأمريكي بإيران منذ 1941-1945
أولاً : المصالح الإسترايجية : حازت إيران بسبب موقعها الإستراتيجي اهتمام الأطراف المتحاربة في الحرب العالمية الثانية , مما دفع كلاً من بريطانيا والاتحاد السوفيتي إلى احتلالها للأهمية التي تشكلها فيما يتصل بالمجهود الحربي للحلفاء بغية إحراز النصر على دول المحور . ( )
الولايات المتحدة الأمريكية كانت تشارك كلاً من بريطانيا والاتحاد السوفيتي اهتمامها بالوضع الداخلي في إيران إذ أنها لا تزال تعتمد من أجل حماية مصالحها على سياستها القائمة على مبدأ عدم التدخل بصورة مباشرة , وتقديم الدعم مادياً للأطراف التي تشاركها خوفها من نجاح ألمانيا في فرض هيمنتها من خلال قانون الإعارة والتأجير الذي وضع لهذا الغرض , ولما كان الاحتلال البريطاني السوفيتي لإيران قد هيأها لأن تكون طريقاً آمناً لمرور مثل هذه الإمدادات إلى الاتحاد السوفيتي أكثر من غيره من الطرق الأخرى , كان لابد للولايات المتحدة أن تشارك حلفائها البريطانيين والسوفيت اهتمامهم بإيران وبوضعها الداخلي , الذي يؤثر قلقه واضطرابه سلبياً في مرور الإمدادات , فجاء نتيجة لهذا الاهتمام تشكيل البعثة العسكرية الإيرانية تحت قيادة ريموند ويلر بقرار من وزارة الحربية الأمريكية للاضطلاع بمهمة إصلاح النقل والمواصلات في المنطقة الممتدة من بغداد إلى أكر في الهند , ومن ميناء أم قصر إلى طهران لنقل الإمدادات إلى الاتحاد السوفيتي , كما رفضت الحكومة الأميركية الالتزام بمعاهدة التحالف الثلاثية الموقعة في 29 كانون الثاني 1942 على الرغم من محاولات التي كانت تبذلها الحكومة الإيرانية بهذا الصدد منذ بداية المفاوضات في أواخر أيلول 1941 بهدف الحصول على الدعم الأمريكي .
ثانياً: المصالح النفطية:
تميزت الحرب العالمية الثانية بسيادة العنصر الآلي , مما زاد في أهمية النفط زيادة واضحة و فهي كما وصفها هارولد أكس وزير الداخلية آنذاك , حرب آلات وسف وطائرات يحركها الزيت , وباختصار نقول إن هذه حرب زيت .
وهكذا عاد النفط ليؤدي من جديد دوراً فعالاً في دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاهتمام بإيران جزءاً من اهتمامها بمنطقة الخليج العربي , وتماشياً مع التوجه الجديد لسياستها في تشجيع شركاتها ودعمها للحصول على امتيازات نفطية جديدة في إيران التي كانت تمتلك حوالي 12 % من احتياجات النفط في العالم , لاسيما إذا أدركنا أنه ليس هناك إلا امتيازان اثنان للنفط , تقوم شركة النفط الانكلو – إيرانية بتنفيذ الامتياز الأول منها في جنوب غرب |إيران , هذا فضلاً عن ما كشفته ( )مجريات الحرب العالمية الثانية من أهمية النفط الإيراني لقوات الحلفاء ولاسيما بعد تطور الوضع العسكري لصالح دول المحور في ربيع 1942 وما نجم عن ذلك من توقف وصول إمدادات النفط من منطقة الشرق الأقصى نتيجة لتوالي انتصارات اليابانيين هناك , وانقطاع المواصلات مع الولايات المتحدة عبر بحر الشمال بسبب سيطرة الأسطول الياباني , وعدم قدرة بريطانيا على إرسال شحنات النفط عن طريق البحر المتوسط أثر دخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا مما أهل إيران لان تكون الممون الوحيد لقوات الحلفاء في الشرق .
ثالثاَ : المصالح التجارية : أبدت الحكومة الأمريكية اهتماماً واضحاً بالمقترح الإيراني بعقد الاتفاقية التجارية , وأعلمت نظيرتها الإيرانية أنها تعتقد أن عقد مثل هذه الاتفاقية سيكون ذا منفعة مشتركة للبلدين , لكنها على الرغم من ذلك حاولت إطالة أمد المفاوضات من أجل الحصول على تعهدات من جانب إيران تقضي بتخفيض الرسوم والضرائب على البضائع الأمريكية قبل التوقيع على الاتفاقية , ولما كانت الحكومة الإيرانية متلهفة لعقد الاتفاقية بهدف تعزيز استقلال إيران السياسي عن طريق الدعم الأمريكي لم تجد أبداً من الموافقة على إعطاء مثل هذه الضمانات , فتم أخيراً التوقيع على الاتفاقية في 1943م . ( )
مظاهر تزايد الاهتمام الأمريكي بإيران ( 1942-1945 )
تعد السنوات 1942-1945 مرحلة تحول في السياسة الأمريكية تجاه إيران , تجاوزت الإدارة الأمريكية خلالها حدود أهدافها التقليدية في ذلك البلد القائمة على التزام مبدأ عدم التدخل المباشر , وكان العنصر المحرك لذلك التحول بروز أهمية إيران المستقرة لضمان المصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي عامة , ويمكن تحديد مظاهر هذه السياسة بما يأتي :
أولاً : الولايات المتحدة ومشكلات إيران الاقتصادية :
أدى اندلاع الحرب العالمية الثانية وما نتج عنها من احتلال القوات البريطانية والسوفيتية لإيران , ودخول القوات الأمريكية الأراضي الإيرانية , واستمرار وجود قوات هذه الدول الثلاث إلى ما بعد انتهاء الحرب , إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد , ومما زاد من تردي الأوضاع الاقتصادية تعطل التجارة الداخلية بسبب استخدام سكك الحديد الإيرانية لنقل الإمدادات العسكرية تجاه الاتحاد السوفيتي , والحصاد السيئ لعام 1942 , وتحول سوء حالة إيران الاقتصادية وانتشار الفقر والجوع في أغلب المناطق الفقيرة من البلاد إلى احد العوامل المهمة التي أسهمت بشكل كبير في انتشار الفوضى وغياب الأمن والاستقرار إلى الحد الذي بدأ يهدد عملية نقل الامدادات إلى الاتحاد السوفيتي مما دعا الولايات المتحدة إلى الاهتمام بمعالجة أسباب تردي الاقتصاد الإيراني لفسح المجال أمام الحكومة الإيرانية لفرض سيطرتها على البلاد وحفظ الأمن والنظام . ( )
أقدمت حكومة الولايات المتحدة على مساعدة إيران اقتصادياً عن طريق شمولها بمساعدات الإعارة والتأجير بقرار أصدره لهذا الغرض , الرئيس الأمريكي روزفلت لأنه وجد على حد قوله " إن الدفاع عن إيران هو أمر حيوي للدفاع عن الولايات المتحدة " وقامت الولايات المتحدة بتوجيه وزيرها المفوض في طهران لإعلام رئيس الوزراء الإيراني بأن هذا القرار جاء لمساعدة إيران وإن العمل جار لإرسال 20 ألف طن من القمح على شكل شحنات بواقع ألفي طن لكل شحنة تعبيراً عن الاهتمام بالأزمة الاقتصادية التي تمر لها إيران .
مناورات سياسية :
مع تشكيل الحكومة العسكرية بدأ العمل السياسي في إيران يسير في خمسة اتجاهات متوازية وبعيده عن بعضها البعض .
الاتجاه الأول : يديره رئيس الوزراء الجنرال أزهري وهدفه إيجاد حل مناسب لمشكلة الإضرابات وخاصة بعد أن أصابت صناعة النفط وشلت العمل في حقول الانتاج وإعادة الأمن إلى نصابه والإعداد للانتخابات ( البرلمانية ) تمهيداً لتأليف حكومة ديمقراطية مسؤلة أمام البرلمان .
الاتجاه الثاني : بإشراف وتوجيه الشاه نفسه ويهدف إلى التوصل إلى تسوية سياسية بينه وبين القوى المعارضة لنظامه , استخدم الشاه لهذا الغرض عدداً من قدامى السياسيين لاعتقاده أن صلاتهم القديمة بقادة المعارضة تسمح لهم وتمكنهم من التأثير عليهم .
الاتجاه الثالث : يديره ويشرف عليه أزدشير زاهدي سفير إيران في واشنطن ويتحرك داخل حكومة الولايات المتحدة عبر مستشار الرئيس كارتر لشئون الأمن القومي , الغرض من هذه الحركة هو أن يحشد زاهدي قوى الفئات المؤيدة للشاه وتوجيهها للحيلولة دون فرض أي حل وسط لتسوية سياسية وإقناع المعارضة بعدم جدوى محاولة القيام بثورة ناجحة . ( )
الاتجاه الرابع : وهو الذي حظى بأكبر قدر من اهتمام الشعب الإيراني هو النشاط الذي تقوم به المعارضة والذي كان يديره ويوجهه آية الله الخميني من منفاه في باريس ويتعاون معه مجموعة من السياسيين المرموقين مثل إبراهيم يزدي الذي انتقل من الولايات المتحدة إلى باريس ليتعاون مع الخميني .
الاتجاه الخامس والأخير : يتعلق بما كان يجري من نشاط في سفارتنا وما يجب ويمكن عمله من أجل صيانة المصالح القومية للولايات المتحدة في إيران الغارقة في تيارات عاتية من الاضطرابات السياسية ومستقبلها المجهول . ( )
الخاتمة
لم تكن للولايات المتحدة الأمريكية سياسة واضحة في إيران خلال المراحل التي سبقت نشوب الحرب العالمية الثانية , وحتى أواخر عام 1941م , ولم تحتل إيران أحد المواقع الأولى في الدبلوماسية الأمريكية , ويعود ذلك إلى تفضيل الولايات المتحدة لسياسة العزلة التي أوجبت عليها عدم التدخل مباشرة في شؤون إيران الداخلية , وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية , وما رافقها من تهديدات محتملة للمصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي , وما أدت إليه من دخول الولايات المتحدة على جانب الحلفاء , وازدياد أهمية إيران الإستراتيجية بالنسبة إلى مستقبل المجهود الحربي للحلفاء , وإلى جانب ذلك ازدادت اهمية النفط الإيراني لأه الممون الرئيس لقوات الحلفاء في الشرق , إثر توقف وصول إمدادات النفط من الولايات المتحدة عبر الشمال , بسبب هيمنة الأسطول الألماني , ومن الشرق الأوسط عبر البحر المتوسط لدخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا , وبرزت رغبة الولايات المتحدة في الحصول على امتيازات تجارية , تكون الأساس في تطوير علاقاتها الاقتصادية مع إيران , وهذه عوامل جعلت من الإمدادات , والنفط والمصالح التجارية أجزاء لقضية متكاملة , أسهمت في دفع الإدارة الأمريكية إلى تبني سياسة جديدة تجاوزت خلالها مبدأ العزلة الذي ما عاد يتلائم مع أهمية إيران المتصلة بالمصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي عامة , بعد تحول مجرى الحرب إلى صالح الحلفاء في أوائل عام 1943 م .
إن الولايات المتحدة التي تبنت خلال سنوات الحرب العالمية الثانية سياسة مكنتها من توسيع نفوذها في إيران , أصبحت في أعقاب الحرب تسعى دوماً إلى تعزيز ذلك النفوذ في إيران خاصة , ومن ثم الخليج العربي وما جاوره عامة .
المراجع
1. البرازي , تمام . (1987م) , يوميات الفضيحة الإيرانية الصهيونية الأمريكية , دار الفكر للنشر والتوسع , عمان, ص 163-167
2. رمضاني ,روح الله , (1984) , سياسة إيران الخارجية 1941-1973 , مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة , ص 95
3. ساليفان ,وليام . (1991) , أمريكا وإيران , دار الملتقى للنشر , لمياسول, ص 175
4. الماني , عبد المجيد عبد الحميد علي . (2011) , سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران , الطبعة الأولى , دار دجلة , عمان , ص 198
5. المجالي , عصام نايل . (2012) , تأثير التسليح الإيراني على الأمن الخليجي, ص 132
6. مطر , علاء . (2006) , "أثر المتغيرات السياسية على العلاقات الأمريكية الإيرانية"، ص 103
حظيت إيران منذ سنوات الحرب العالمية الثانية باهتمام أمريكي متزايد على نحو مستمر , بلغ إلى حد إقامة علاقات متينة في السبعينات , وكان أحد أسس هذه العلاقة سياسة " تقوية إيران ) التي انتهجتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتجعلها قادرة على القيام بدور الحليف القوي لها , لأنها تمثل من وجهة النظر الأمريكية إحدى الدعامات المهمة لإستراتيجيتها في الخليج العربي .
وتركزت السياسة الأمريكية تجاه إيران إبان الحقبة الواقعة بين سنتي 1941 و 1947م وهي الفترة التي شهدت بداية عملية صياغة سياسة أمريكية واضحة المعالم تجاه إيران , ابتعدت فيها الولايات المتحدة عن " العزلة " في سياستها الخارجية , وسعت إلى تعزيز نفوذها من خلال التدخل المباشر في شؤون إيران السياسية , ولا شك أن فهم السياسة الأمريكية في إيران عامة , يبقى فهماً قاصراً من غير دراسة هذه السياسة وإدارك مراميها خلال تلك الفترة , وإن سنة 1941 تمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ إيران المعاصر كان فاتحتها اجتياح القوات البريطانية والسوفيتية الأراضي الإيرانية , وسقوط حكم رضا شاه بهلوي , كما شهدت السنة ذاتها , دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب إلى جانب الحلفاء , وما ترتب على ذلك من تغير في سياستها تجاه إيران التي أصبحت طريقاً مهماً لنقل الإمدادات إلى الاتحاد السوفيتي , وكان من مظاهر هذا التغير تزايد الاهتمام الامريكي بإيران وبوضعها الداخلي , لما ذلك من علاقة وثيقة بعملية تزايد الاهتمام الأمريكي بإيران وبوضعها الداخلي , لما لذلك من علاقة وثيقة بعملية نقل تلك الإمدادات .
هل كانت الولايات المتحدة الامريكية لها علاقة بإيران بعد حرب العراق ؟
ما بعد انهيار الإتحاد السوفيتي
زاد انهيار الإتحاد السوفيتي من التوجس الأمريكي؛ حيث صارت إيران رمزًا "للأصولية الإسلامية" التي رشحتها أمريكا وقتها لتكون العدو الجديد.
وفي 1993 أعلنت الولايات المتحدة سياسة الاحتواء المزدوج، والتي لم تكن في الواقع تأتي بجديد في جوهر سياسة الولايات المتحدة التي طالما سعت تاريخيًا إلى جعل كل من إيران والعراق اقل قوة منها في المنطقة، كل ما في الأمر أن هذه السياسة انهارت بقيام الثورة الإيرانية، فركّزت أمريكا على دعم العراق بعد أن كانت تدعم إيران، ثم انتهت حرب الخليج الثانية ؛ فصار الجديد في تلك السياسة هو السعي لإضعاف الطرفين معًا. ( )
وفي أوج حملة انتخابية رئاسية وتشريعية في أمريكا، صدر قانون داماتو 1996 – والذي سبقه في الواقع أمر تنفيذي لا يقل خطورة في مداه - كان الرئيس كلينتون قد أصدره في عام 1995
فترة خاتمي
إختلفت سورة العلاقات الإيرانية الأمريكية في 1997 ؛ فقد فاز محمد خاتمي بأغلبية 70% في انتخابات حرة أحرجت الولايات المتحدة التي ظل خطابها الرسمي يستخدم مفردات تتهم إيران بكل الشرور، بل وتتناولها بدرجة عالية من الاستهانة والامتهان أيضًا، فقد كانت الولايات المتحدة تستخدم مثلا تعبير "السلوك" الإيراني Behavior والذي لا يستخدم في اللغة الإنجليزية إلا للإشارة إلى ما يبدر عن غير العاقلين والخارجين عن القانون والحيوانات.
ومن ثَمّ لم يعد من الممكن لأمريكا الرسمية أن تظل تستخدم مثل تلك المفردات، خصوصًا أن الجالية الإيرانية كانت قد بدأت تنظم نفسها بشكل أفضل، وتستقطب عددًا من رموز النخبة السياسية الأمريكية؛ سعيًا لإحداث انفراجة في السياسية الإيرانية. ( )
فبدأت بعض الأصوات الرشيدة تعلو داخل المجتمع الأمريكي نفسه، تطالب بإعادة النظر في مجمل السياسة الأمريكية تجاه إيران، خصوصًا بعد دعوة الرئيس خاتمي عبر شبكة سي إن إن للحوار الحضاري بين الشعبيين، وقد تبع ذلك تصريح لأولبرايت يحمل شبه اعتراف بدور أمريكا ضد حكومة مصدق، وإن لم يرق إلى الاعتذار الرسمي.
دور اللوبي اليهودي
وقد تزامن ذلك مع تصاعد نبرة التذمر لدى حلفاء أمريكا الأوروبيين إزاء العقوبات التي يفرضها قانون داماتو على الشركات الأوروبية، فضلا عن مطالبة منظمات رجال الأعمال الأمريكية برفع الحظر الذي أضر بمصالحها بالدرجة الأولى.
وقد ظلت كل هذه العوامل تتفاعل بين شد وجذب، خصوصًا مع الضغوط القوية التي مارسها اللوبي الصهيوني في واشنطن على إدارة كلينتون والكونجرس ؛ لوقف أية محاولة لتحسين العلاقات مع إيران.
ولعلها من الأمور بالغة الدلالة أن الرئيس كلينتون كان قد أصدر قرارين تنفيذيين يفرضان عقوبات على إيران، إلا أن الأهم من اتخاذ القرارين كان – في الواقع - حرصه على الإعلان عن كل منهما في اجتماع له مع إحدى المنظمات اليهودية الكبرى. ( )
مصالح القوى الأمريكية وصناعة القرار
تتمثل الإيجابية الرئيسية في بدء تحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية، في أن الساحة الأمريكية صارت تحفل بقوى مختلفة لها مصلحة في تحسين العلاقات مع إيران، بعد أن كان اللوبي اليهودي هو وحده المهيمن عند صناعة هذا القرار.
وقد تبدت نتائج ذلك التحول فعلاً في رفع الحظر على استيراد بعض السلع الإيرانية، مثل الفستق والسجاد، والذي تبعه قرار إيراني باستيراد الأدوية الأمريكية، فضلا عن إعفاء عدد من الشركات (ماليزية وفرنسية وروسية) من عقوبات قانون داماتو. وفي قمة الخلافات السياسية الظاهرية بين الولايات المتحدة وإيران بشأن ملف إيران النووي في خلال 2008 اشترت مليون إيران طن قمح من الولايات المتحدة في العام نفسه.
ولاية جورج بوش
شكل وصول الرئيس الأمريكي بوس للسلطة نقطة تحول مهمة في إتجاه سياسة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإيران ؛ تنبع بالأساس من رؤية الإدارة الجديدة لدور أمريكا في العالم وأهدافها الإستراتيجية معًا.
ما بعد الحادي عشر من سبتمبر
مع وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. أظهرت بعض الأصوات الإيرانية قلقاً بالغاً من التصريحات الأمريكية التي وردت على لسان الرئيس بوش وعدد من أركان إدارته والتي عدت أن العالم قد غدا الآن منقسماً بين معسكرين: مع التحالف ضد الإرهاب، أو مع الإرهاب. وبعبارة أخرى من ليس مع أمريكا والتحالف فإنه مع الإرهاب. ومن هنا عمدت إيران إلى التعبير الواضح على أكثر من مستوى عن إدانتها للهجمات على الولايات المتحدة، ورفضها للإرهاب بكل صورة وأشكاله، ففي كلمة لمرشد الثورةخامنئي أمام أهالي أصفهان في 30 أكتوبر 2001 قال " إننا نشجب الإرهاب بكل أشكاله. ولعل الملاحظة التي لابد من ذكرها في هذا الصدد، أن الساحة السياسية الإيرانية لم تشهد انقساما في الرأي بين الإصلاحيين والمحافظين كالعادة حيث أدركت طهران أن الولايات المتحدة جادة في تهديداتها خاصة بالنظر إلى أنها تضع " إيران على قائمة الدول المتهمة برعاية الإرهاب الدولي. ( )
وفي حرب الولايات المتحدة في أفغانستان في إطار ما تسمية بحربها على الإرهاب، كانت واشنطن في حاجة إلى مساعدة إيران في المراحل الأولى في حربها في أفغانستان، ولذلك سعت إلى حوار معها بكل الطرق وخاصة على المستوى الأمني، ولقد لعبت بريطانيا دور الوسيط في ذلك من خلال زيارة وزير خارجيتها جاك سترو لطهران. من هنا وبالرغم من الإدانة الإيرانية للغزو الأمريكي لأفغانستان وذلك على لسان المرشد الأعلى خامنئي " أننا نشجب الإرهاب بكل أشكاله ونعارض الحملة الأمريكية على أفغانستان ونرفض الدخول في أي تحالف تقوده أمريكا" منتقداً أولئك الذين يدعون إلى محادثات معها قائلاً "وإن كانوا غير سيئي النية فإنهم غافلون عن أن هذه المحادثات تفي القبول بتحقيق المصالح الأمريكية" قامت إيران بتقديم الدعم الميداني للولايات المتحدة في حربها ضد طالبان ومنظمة القاعدة، حيث وافقت في أكتوبر 2001 المساهمة في إنقاذ أي قوات أمريكية تتعرض لمشاكل في المنطقة، كما سمحت للولايات المتحدة باستخدام أحد موانيها لشحن القمح إلى مناطق الحرب في أفغانستان، وشاركت في الدعم العسكري لقوات التحالف الشمالي حتى سيطرت على كابول. ( )
تباعد آخر
لكن هذا التقارب سرعان ما تلاشى، وذلك في ضوء كثرة الخلافات الأمريكية الإيرانية سواء ما هو متعلق باستمرار الحظر الاقتصادي الأمريكي الشامل أو الخلافات الإقليمية نتيجة تواجد القوات الأمريكية في الخليج وتواجدها الحالي في أفغانستان وبعض دول آسيا الوسطىإضافة إلى عداء إيران لإسرائيل ودعمها حركات المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي في مقابل الانحياز الأمريكي لإسرائيل من جهة أخرى. ومما عمق من هذه الخلافات، هو تصنيف جورج بوش في 29 يناير 2002 كل من إيران والعراق وكوريا الشمالية " دولاً إرهابية تهدد السلام العالمي " وأنها تسعي لامتلاك أسلحة دمار شامل وتشكل خطراً تزداد حدته " ووصف الدول الثلاث بأنها " محور للشر يسلح نفسه لتهديد سلام العالم" وفي الأول من فبراير قال بوش" أن تصريحاته المتشددة ضد كوريا الشمالية وإيران لا تعني الإشارة إلى التخلي عن الحوار السلمي مع البلدين ".
لكن قال إن كل الخيارات على المائدة في شأن كيفية جعل أمريكا وحلفائنا أكثر أمناً " وفي 5 فبراير 2002، أعلن وزير الخارجية الأمريكي " أن وصف دول بأنها تشكل " محور الشر " لا يعني أن الولايات المتحدة تنوي اجتياحها". وأوضح أمام لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ " أننا على استعداد لبدء حوار ونريد العمل مع أصدقائنا وحلفائنا في العالم للتعاطي مع هذا النوع من الأنظمة " وفرق باول بين إيران وكوريا الشمالية اللتين تريد واشنطن مواصلة السعي إلى الحوار معهما والعراق الذي تؤيد واشنطن مواصلة سياسة العقوبات حياله مع الأمم المتحدة. كما تعرضت إيران لضغوط من قبل الولايات المتحدة وذلك في قمع أعمال المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي حيث سلمت الإدارة الأمريكية، عبر الوسطاء لائحة بأسماء عدد من الشخصيات الإسلامية المعروفة بمقاومتها للاحتلال الإسرائيلي في لبنان وفلسطين، لكن إيران رفضت عبر أعلى سلطات القرار فيها تقديم أي مساعدة كما استمرت هذه الضغوط من خلال إدراج حزب الله اللبناني على لائحة الإرهاب الثالثة التي أصدرتها الإدارة الأمريكية نظراً للصلة الوثيقة المعروفة بين هذا الحزب وبين إيران ( )
الاحتجاجات الإيرانية 2011
بعد قيام الثورة التونسية والثورة المصرية 2011، قام متظاهرون إيرانيون في 15 فبراير 2011 بمسيرة مؤيدة للثورتين المصرية والتونسية ومناهضة للحكومة في طهران، دعت النظام الإيراني لتبني نظام سياسي منفتح. فقامت قوات الباسيج بقمع المحتجين
وصرحت وزير الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن الولايات المتحدة تؤيد مطالب المتظاهرين الإيرانيين الذين قاموا بمسيرة مناهضة للحكومة في طهران، ودعت في الوقت نفسه النظام الإيراني لتبني نظام سياسي منفتح. وفي لقاء مع قناة العربية قارنت كلينتون بين ما يجري في إيران وما جرى في مصر، مطالبة بإتاحة الفرصة للإيرانيين لفعل ما فعله المصريون، مؤكدة أن على المصريين "عدم السماح لأحد بخطف انتصارهم". وعلّقت كلينتون على الصدامات التي شهدتها إيران، واعتبرت وزيرة الخارجية الأمريكية أن هذه الاشتباكات تؤشر ل"نفاق إيران في تشجيع المصريين، وقمع شعبها". ( )
رفضت إيران كلينتون وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست للصحافيين في إشارة واضحة إلى كلينتون، أن التصريحات التي أدلى بها في الأيام الأخيرة مسؤولون أمركيون تنبع من خلط بسبب التغيرات التي تشهدها المنطقة. وأضاف أن هذه التغيرات سددت ضربة لمصالح قوى الهيمنة التي تدعم النظام الصهيوني وهم يحاولون من خلال هذه التعليقات تجاهل ما جرى".
أولاً : العلاقات الأمريكية الإيرانية حتى عام 1941م :
تمثلت الاتصالات الأمريكية الأولى مع إيران في البعثات التبشيرية التي وفدت إلى البلاد خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر , وكانت طليعتها البعثة التي وصلت عام 1830هـ للتبشير بين المسيحيين النساطرة في الشمال الغربي من البلاد , وأعقب ذلك وصول إرساليات جديدة تزايد عددها تدريجياً حتى بلغ عام 1884 أربعاً وعشرين إرسالية , تقوم بإدارة مراكز افتتحت لهذا الغرض في كل من أرومية ( الرضائية ) وطهران وهمدان وتبريز , ويتبعها عدد من الكنائس والمستشفيات والمدارس في بعض المدن الإيرانية , وقد أدت هذه الإرساليات وتوابعها دوراً في تمهيد الطريق للتغلغل الأمريكي في إيران . ( )
وشهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر اتصالات سرية بين الجانبين الأمريكي والإيراني جاءت نتيجة لسعي الحكومة الإيرانية إلى إيجاد حليف لها من بين القوى الغربية أملاً منها في تحقيق سياسة " القوة الثالثة" التي تستطع من خلالها إيجاد نوع من التوازن بين مصالحها من جهة , ومصالح كل من روسيا وبريطانيا من ناحية أخرى , وقد وجدت في الولايات المتحدة الامريكية خير من يقوم بمثل هذا الدور لا سيما أن الأمريكان لم تكن لديهم اهتمامات ظاهرة في الشرق , بسبب البعد الجغرافي الذي يفصل بين البلدين , مما جعل إيران تطمئن إلى الجانب الأمريكي أكثر من غيره .
وخلال العقد الأول من القرن العشرين حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على تمسكها بخطوط سياسة عدم التدخل تجاه إيران , ويمكن تلمس ذلك من خلال رفض الحكومة الأمريكية لعرض تقدم به مظفر الدين شاه 1896-1907 يقضي منح الولايات المتحدة بعض المكاسب التجارية مقابل الحصول على دعم سياسي أمريكي يعين بلاده على تعزيز موقعها بوجه الأطماع البريطانية – الروسية , وكذلك خلال تحذيرها لدبلوماسييها في إيران من مغبة التدخل في الأحداث الداخلية للبلاد .
قدم مهدي خان , وزير إيران المفوض في واشنطن , مذكرة إلى وزير الخارجية الأمريكي في 17 كانون الأول 1917 ضمنها مطالب حكومته في مؤتمر الصلح , وتتلخص في ضمان مشاركة بلاده في هذا المؤتمر , وتأكيد استقلال إيران وسيادتها , وجلاء القوات الأجنبية عن الأراضي الإيرانية , وتعويض البلاد عما لحق بها من خسائر جراء الحرب , وتعديل معاهدة تركمان جاي لعام 1828 , والتي جاءت على أثر الهزيمة التي لحقت بإيران في حربها مع روسيا , وإبطال كل الاتفاقيات والتسويات الأخرى التي كانت قد فرضت على إيران بالقوة .
وقد استجابت الحكومة الإيرانية لبعض المطالب الإيرانية تلك , وافتتحت بذلك عهداً جديداً في العلاقات الأمريكية الإيرانية في مرحلة ما بين الحربين متبعة سياسة أكثر انفتاحاً مع إيران , ومما يعزز هذا الرأي قيام الحكومة الأمريكية في 21 كانون الثاني 1918 بإشعار حليفتها بريطانية بأنها تساند مطالب الحكومة الإيرانية في الاستقلال والسيادة , وجلاء القوات الأجنبية من أراضيها , وعبرت عن قلقها من أن ينحاز الإيرانيون إلى " المعسكر الألماني – العثماني " في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم . ( )
وبعد الاحتلال البريطاني السوفيتي لإيران والتطورات التي رافقته دخلت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران مرحلة جديدة شهدت تطوراً واتساعاً أكثر من ذي قبل .
ثانياً : دوافع الاهتمام الأمريكي بإيران منذ 1941-1945
أولاً : المصالح الإسترايجية : حازت إيران بسبب موقعها الإستراتيجي اهتمام الأطراف المتحاربة في الحرب العالمية الثانية , مما دفع كلاً من بريطانيا والاتحاد السوفيتي إلى احتلالها للأهمية التي تشكلها فيما يتصل بالمجهود الحربي للحلفاء بغية إحراز النصر على دول المحور . ( )
الولايات المتحدة الأمريكية كانت تشارك كلاً من بريطانيا والاتحاد السوفيتي اهتمامها بالوضع الداخلي في إيران إذ أنها لا تزال تعتمد من أجل حماية مصالحها على سياستها القائمة على مبدأ عدم التدخل بصورة مباشرة , وتقديم الدعم مادياً للأطراف التي تشاركها خوفها من نجاح ألمانيا في فرض هيمنتها من خلال قانون الإعارة والتأجير الذي وضع لهذا الغرض , ولما كان الاحتلال البريطاني السوفيتي لإيران قد هيأها لأن تكون طريقاً آمناً لمرور مثل هذه الإمدادات إلى الاتحاد السوفيتي أكثر من غيره من الطرق الأخرى , كان لابد للولايات المتحدة أن تشارك حلفائها البريطانيين والسوفيت اهتمامهم بإيران وبوضعها الداخلي , الذي يؤثر قلقه واضطرابه سلبياً في مرور الإمدادات , فجاء نتيجة لهذا الاهتمام تشكيل البعثة العسكرية الإيرانية تحت قيادة ريموند ويلر بقرار من وزارة الحربية الأمريكية للاضطلاع بمهمة إصلاح النقل والمواصلات في المنطقة الممتدة من بغداد إلى أكر في الهند , ومن ميناء أم قصر إلى طهران لنقل الإمدادات إلى الاتحاد السوفيتي , كما رفضت الحكومة الأميركية الالتزام بمعاهدة التحالف الثلاثية الموقعة في 29 كانون الثاني 1942 على الرغم من محاولات التي كانت تبذلها الحكومة الإيرانية بهذا الصدد منذ بداية المفاوضات في أواخر أيلول 1941 بهدف الحصول على الدعم الأمريكي .
ثانياً: المصالح النفطية:
تميزت الحرب العالمية الثانية بسيادة العنصر الآلي , مما زاد في أهمية النفط زيادة واضحة و فهي كما وصفها هارولد أكس وزير الداخلية آنذاك , حرب آلات وسف وطائرات يحركها الزيت , وباختصار نقول إن هذه حرب زيت .
وهكذا عاد النفط ليؤدي من جديد دوراً فعالاً في دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاهتمام بإيران جزءاً من اهتمامها بمنطقة الخليج العربي , وتماشياً مع التوجه الجديد لسياستها في تشجيع شركاتها ودعمها للحصول على امتيازات نفطية جديدة في إيران التي كانت تمتلك حوالي 12 % من احتياجات النفط في العالم , لاسيما إذا أدركنا أنه ليس هناك إلا امتيازان اثنان للنفط , تقوم شركة النفط الانكلو – إيرانية بتنفيذ الامتياز الأول منها في جنوب غرب |إيران , هذا فضلاً عن ما كشفته ( )مجريات الحرب العالمية الثانية من أهمية النفط الإيراني لقوات الحلفاء ولاسيما بعد تطور الوضع العسكري لصالح دول المحور في ربيع 1942 وما نجم عن ذلك من توقف وصول إمدادات النفط من منطقة الشرق الأقصى نتيجة لتوالي انتصارات اليابانيين هناك , وانقطاع المواصلات مع الولايات المتحدة عبر بحر الشمال بسبب سيطرة الأسطول الياباني , وعدم قدرة بريطانيا على إرسال شحنات النفط عن طريق البحر المتوسط أثر دخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا مما أهل إيران لان تكون الممون الوحيد لقوات الحلفاء في الشرق .
ثالثاَ : المصالح التجارية : أبدت الحكومة الأمريكية اهتماماً واضحاً بالمقترح الإيراني بعقد الاتفاقية التجارية , وأعلمت نظيرتها الإيرانية أنها تعتقد أن عقد مثل هذه الاتفاقية سيكون ذا منفعة مشتركة للبلدين , لكنها على الرغم من ذلك حاولت إطالة أمد المفاوضات من أجل الحصول على تعهدات من جانب إيران تقضي بتخفيض الرسوم والضرائب على البضائع الأمريكية قبل التوقيع على الاتفاقية , ولما كانت الحكومة الإيرانية متلهفة لعقد الاتفاقية بهدف تعزيز استقلال إيران السياسي عن طريق الدعم الأمريكي لم تجد أبداً من الموافقة على إعطاء مثل هذه الضمانات , فتم أخيراً التوقيع على الاتفاقية في 1943م . ( )
مظاهر تزايد الاهتمام الأمريكي بإيران ( 1942-1945 )
تعد السنوات 1942-1945 مرحلة تحول في السياسة الأمريكية تجاه إيران , تجاوزت الإدارة الأمريكية خلالها حدود أهدافها التقليدية في ذلك البلد القائمة على التزام مبدأ عدم التدخل المباشر , وكان العنصر المحرك لذلك التحول بروز أهمية إيران المستقرة لضمان المصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي عامة , ويمكن تحديد مظاهر هذه السياسة بما يأتي :
أولاً : الولايات المتحدة ومشكلات إيران الاقتصادية :
أدى اندلاع الحرب العالمية الثانية وما نتج عنها من احتلال القوات البريطانية والسوفيتية لإيران , ودخول القوات الأمريكية الأراضي الإيرانية , واستمرار وجود قوات هذه الدول الثلاث إلى ما بعد انتهاء الحرب , إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد , ومما زاد من تردي الأوضاع الاقتصادية تعطل التجارة الداخلية بسبب استخدام سكك الحديد الإيرانية لنقل الإمدادات العسكرية تجاه الاتحاد السوفيتي , والحصاد السيئ لعام 1942 , وتحول سوء حالة إيران الاقتصادية وانتشار الفقر والجوع في أغلب المناطق الفقيرة من البلاد إلى احد العوامل المهمة التي أسهمت بشكل كبير في انتشار الفوضى وغياب الأمن والاستقرار إلى الحد الذي بدأ يهدد عملية نقل الامدادات إلى الاتحاد السوفيتي مما دعا الولايات المتحدة إلى الاهتمام بمعالجة أسباب تردي الاقتصاد الإيراني لفسح المجال أمام الحكومة الإيرانية لفرض سيطرتها على البلاد وحفظ الأمن والنظام . ( )
أقدمت حكومة الولايات المتحدة على مساعدة إيران اقتصادياً عن طريق شمولها بمساعدات الإعارة والتأجير بقرار أصدره لهذا الغرض , الرئيس الأمريكي روزفلت لأنه وجد على حد قوله " إن الدفاع عن إيران هو أمر حيوي للدفاع عن الولايات المتحدة " وقامت الولايات المتحدة بتوجيه وزيرها المفوض في طهران لإعلام رئيس الوزراء الإيراني بأن هذا القرار جاء لمساعدة إيران وإن العمل جار لإرسال 20 ألف طن من القمح على شكل شحنات بواقع ألفي طن لكل شحنة تعبيراً عن الاهتمام بالأزمة الاقتصادية التي تمر لها إيران .
مناورات سياسية :
مع تشكيل الحكومة العسكرية بدأ العمل السياسي في إيران يسير في خمسة اتجاهات متوازية وبعيده عن بعضها البعض .
الاتجاه الأول : يديره رئيس الوزراء الجنرال أزهري وهدفه إيجاد حل مناسب لمشكلة الإضرابات وخاصة بعد أن أصابت صناعة النفط وشلت العمل في حقول الانتاج وإعادة الأمن إلى نصابه والإعداد للانتخابات ( البرلمانية ) تمهيداً لتأليف حكومة ديمقراطية مسؤلة أمام البرلمان .
الاتجاه الثاني : بإشراف وتوجيه الشاه نفسه ويهدف إلى التوصل إلى تسوية سياسية بينه وبين القوى المعارضة لنظامه , استخدم الشاه لهذا الغرض عدداً من قدامى السياسيين لاعتقاده أن صلاتهم القديمة بقادة المعارضة تسمح لهم وتمكنهم من التأثير عليهم .
الاتجاه الثالث : يديره ويشرف عليه أزدشير زاهدي سفير إيران في واشنطن ويتحرك داخل حكومة الولايات المتحدة عبر مستشار الرئيس كارتر لشئون الأمن القومي , الغرض من هذه الحركة هو أن يحشد زاهدي قوى الفئات المؤيدة للشاه وتوجيهها للحيلولة دون فرض أي حل وسط لتسوية سياسية وإقناع المعارضة بعدم جدوى محاولة القيام بثورة ناجحة . ( )
الاتجاه الرابع : وهو الذي حظى بأكبر قدر من اهتمام الشعب الإيراني هو النشاط الذي تقوم به المعارضة والذي كان يديره ويوجهه آية الله الخميني من منفاه في باريس ويتعاون معه مجموعة من السياسيين المرموقين مثل إبراهيم يزدي الذي انتقل من الولايات المتحدة إلى باريس ليتعاون مع الخميني .
الاتجاه الخامس والأخير : يتعلق بما كان يجري من نشاط في سفارتنا وما يجب ويمكن عمله من أجل صيانة المصالح القومية للولايات المتحدة في إيران الغارقة في تيارات عاتية من الاضطرابات السياسية ومستقبلها المجهول . ( )
الخاتمة
لم تكن للولايات المتحدة الأمريكية سياسة واضحة في إيران خلال المراحل التي سبقت نشوب الحرب العالمية الثانية , وحتى أواخر عام 1941م , ولم تحتل إيران أحد المواقع الأولى في الدبلوماسية الأمريكية , ويعود ذلك إلى تفضيل الولايات المتحدة لسياسة العزلة التي أوجبت عليها عدم التدخل مباشرة في شؤون إيران الداخلية , وبعد اندلاع الحرب العالمية الثانية , وما رافقها من تهديدات محتملة للمصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي , وما أدت إليه من دخول الولايات المتحدة على جانب الحلفاء , وازدياد أهمية إيران الإستراتيجية بالنسبة إلى مستقبل المجهود الحربي للحلفاء , وإلى جانب ذلك ازدادت اهمية النفط الإيراني لأه الممون الرئيس لقوات الحلفاء في الشرق , إثر توقف وصول إمدادات النفط من الولايات المتحدة عبر الشمال , بسبب هيمنة الأسطول الألماني , ومن الشرق الأوسط عبر البحر المتوسط لدخول إيطاليا الحرب إلى جانب ألمانيا , وبرزت رغبة الولايات المتحدة في الحصول على امتيازات تجارية , تكون الأساس في تطوير علاقاتها الاقتصادية مع إيران , وهذه عوامل جعلت من الإمدادات , والنفط والمصالح التجارية أجزاء لقضية متكاملة , أسهمت في دفع الإدارة الأمريكية إلى تبني سياسة جديدة تجاوزت خلالها مبدأ العزلة الذي ما عاد يتلائم مع أهمية إيران المتصلة بالمصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي عامة , بعد تحول مجرى الحرب إلى صالح الحلفاء في أوائل عام 1943 م .
إن الولايات المتحدة التي تبنت خلال سنوات الحرب العالمية الثانية سياسة مكنتها من توسيع نفوذها في إيران , أصبحت في أعقاب الحرب تسعى دوماً إلى تعزيز ذلك النفوذ في إيران خاصة , ومن ثم الخليج العربي وما جاوره عامة .
المراجع
1. البرازي , تمام . (1987م) , يوميات الفضيحة الإيرانية الصهيونية الأمريكية , دار الفكر للنشر والتوسع , عمان, ص 163-167
2. رمضاني ,روح الله , (1984) , سياسة إيران الخارجية 1941-1973 , مركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرة , ص 95
3. ساليفان ,وليام . (1991) , أمريكا وإيران , دار الملتقى للنشر , لمياسول, ص 175
4. الماني , عبد المجيد عبد الحميد علي . (2011) , سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران , الطبعة الأولى , دار دجلة , عمان , ص 198
5. المجالي , عصام نايل . (2012) , تأثير التسليح الإيراني على الأمن الخليجي, ص 132
6. مطر , علاء . (2006) , "أثر المتغيرات السياسية على العلاقات الأمريكية الإيرانية"، ص 103