صفحة 1 من 1

الشورى في الإسلام

مرسل: الأحد مايو 05, 2013 8:07 pm
بواسطة مشاري بن سعود
المقدمة
الحمد لله رب العالمين جعلنا على نهج نبينا  على شريعة متبعة هادية للتي هي أقوم، وأفضل الصلاة وأتم السلام على الرسول الصادق الأمين المبعوث رحمة للعالمين..
ثم أما بعد، فإن: الشورى هي نظام إسلامي شامل تقوم عليه السياسة الشرعية، علاوة على أنها منهاج للحياة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي، والعمل الثقافي .. وقد استندت حجية الشورى ، بهذا المفهوم الشامل، إلى الأصول المرجعية في القرآن الكريم، والسنة المطهرة ، والخلافة الراشدة.
ولابد لأي بحث حول الشورى أن يبسط وجوه الحكمة من مشروعية الشورى، وأن يعد الاجتهاد الفقهي الجماعي من صميم مبدأ الشورى، وأن يفرق منهجياً بين الشورى الجماعية وبين الاستشارة الخاصة، وأن يعرض تأصيلاً للنظام السياسي في ضوء مبادئ الشورى.
والشورى ليست نظاماً سياسياً فحسب، وليست شكلاً للحكم فحسب، وإنما الشورى في جوهرها ممارسة للحوار الجامع، يستهدف استخلاص الرأي الراجح أو الجامع..
والشورى في النظام الإسلامي لا تنتهي عند اختيار الحاكم ، وإنما تمتد لتكون ممارسة واسعة للمشاركة في اتخاذ القرار ، وللرقابة على تنفيذه ، وللمحاسبة على أدائه .. ذلك بأن الشورى هي نظام الحرية الذي يقابل فيه الحق الواجب – حق إبداء الرأي وواجب حسن الممارسة لإبداء الرأي .. وهو أوضح تعبير عن الحرية عندما تصاحبها المسؤولية.. وعلى ذلك فإن الشورى هي في صدارة حقوق الإنسان الأساسية التي تقابلها واجباته الضرورية.
وهناك مباحث حيوية منبثقة عن الشورى ، كالتوفيق بين حق الشورى وواجب الطاعة لأولي الأمر، وكإلزامية الشورى العامة عندما تكون تعاقداً سياسياً ودستورياً، وكاختيارية الاستشارة الخاصة في سبيل الحصول على رأي أهل الخبرة والاختصاص، وكالمساواة في الحقوق الشورية من غير تفريق بسبب اختلاف الدين في ظل عقد المواطنة، ثم الإجراءات والمؤسسات كضرورة لتنظيم الممارسة الشورية..
وهكذا لابد من إقامة الأسس النظرية والتطبيقية للنظام السياسي في الإسلام.
جعل الله اجتهادنا في جملة العلم النافع والعمل الصالح.

الشورى
تعريف الشورى :
الشورى لغة : الشورى في الأصل من شار العسل، إذا استخرجه واستصفى خلاصته، واجتناه من خلاياه ومواضعه. وهو أقرب المدلولات اللغوية إلى مرادنا من مفهوم الشورى حيث يقابل استصفاء الشهد استخلاص الرأي الراجح من الشورى..
وقد تضمن المدلول اللغوي للشورى:
(1) إبداء الشئ (الرأي) وعرضه.
(2) وإظهاره ، وهي مرحلة أعلى من الإبداء.
(3) واتصاف الرأي المعروض بالحسن والاستنارة.
الشورى اصطلاحاً :
اجتماع الناس على أمر ما لتدوال الرأي، واستخلاص الصواب في المسائل المعروضة لاستصدار القرار.
الشورى في القرآن الكريم
والمرجعية الأولى في استمداد مبادئ الشورى هي القرآن الكريم، لقوله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين ( ). يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه، وهو أمر للوجوب كما يدل السياق.. وقال تعالى في وصف المسلمين بأن جعل الشورى من صفاتهم: وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون( ). ولعظمة الأمر بالشورى جعلها الإسلام صفة من صفات المسلمين وقرنها بالصلاة الركن الثاني ، إذ قرنها بالإيمان والصلاة والزكاة .. كما أن المشاركة في المال شطر من المشاركة في الرأي ، وبذلك ارتبطت الشورى بالعدالة الاجتماعية ، مما جعلها مبدأً اجتماعياً شاملاً وليس مجرد مبدأ سياسي ، ولذلك لابدّ أن يتربى عليها الإنسان .
والأمر بالشورى عام يشمل كل الشؤون العامة في حياة الأفراد والجماعات والدول ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ..
الشورى في السنة النبوية
أما المرجعية الثانية في تأصيل الشورى فهي السنة النبوية ، فقد أسس النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم للشورى نظاماً ومنهجاً وسنة عملية.. وقد كان في ذلك موضع الأسوة والقدوة، حتى قال عنه أصحابه، على لسان أبي هريرة ،(ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من النبي صلى الله عليه وسلم)( ).. وعن ابن عباس قال : لما نزلت: ((وشاروهم)) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما أن الله ورسوله لغنيان عنها ، ولكن جعلها الله رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم رشداً ومن تركها لم يعدم غياً)( )..
وعن قتادة (أمر الله نبيه  أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء لأنه أطيب لأنفس القوم ، أو أن تكون سنة بعده لأمته)( )..
وقد ثبت أنه شاور أصحابه في شتى الشؤون ، فقد شاورهم في بدر، وفي أحد، وفي الخندق، وفي خيبر، وفي تبوك، كما شاورهم في الأسرى والسبي، وفي سن الأذان، وفي إقامة المنبر، وغير ذلك من الأمور..
ومن السنن العملية أن الشورى إذا كانت في الأمور التشريعية فالحجة لقوة الدليل، وإذا كانت في الأمور الفنية فالحجة لأهل الخبرة والاختصاص .. أما في طلب الرأي الذي يرشد إلى القيام بعمل من الأعمال كانتخاب رئيس أو والٍ أو إقرار مشروع فيرجح رأي الأكثرية .. وهنا يقول الآمدي ((إن الكثرة يحصل بها الترجيح))( ) .
وللشورى من حيث إلزاميتها واختياريتها ضروب لا تخرج في جوهرها عن حكمة مشروعيتها ، وإن تعددت هذه الضروب بتعدد الأقضية .. فهناك الشورى الجماعية ذات الإلزام ، والشورى الاختيارية التي تطلب من أهل الاختصاص ، علاوة على الفتوى الفقهية الاستشارية ..
وتعد الفتوى والاجتهاد الشرعي باباً من أبواب الشورى.. فكل ما هو خاضع للاجتهاد خاضع للشورى، إذ الشورى اجتهاد جماعي، يصل به الباحثون المستشارون إلى معرفة الحكم في المسائل التي لا يتوافر عنها نص صريح أو إجماع بيِّن.. وفي المسائل الفقهية إنما يسأل أهل العلم بالأحكام الشرعية والفقه فيها..
ومتغيرات العصر ومستجدات الحياة تواجه المسلمين بأقضية جديدة تحتاج لاجتهاد جماعي ، علاوة على أنهم في تجديدهم لأمر الدين يحتاجون إلى تأصيل سائر مناهج الحياة وأنساق القوانين والنظم ، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ، سواءً في نشاط الدولة أو حركة المجتمع ، وذلك ، بردهما جميعاً إلى أصول الدين وأحكام الشريعة .. وهذا يقتضي تنظيم الاجتهاد الجماعي بتأسيس المجالس وعقد المجامع ، وهي تضم العلماء والخبراء ، والذين يهتدون بمنهاج الاجتهاد ، وفقه المقاصد ، وفقه المصالح ..
الشورى عند الخلفاء الراشدين
أما المرجعية الثالثة لمشروعية الشورى فهي سنة الخلفاء الراشدين في اتباعهم للكتاب والسنة، (فقد كان الأئمة بعد رسول الله - يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها فإذا وضح الكتاب والسنة لم يتعدوهما إلى غيرهما اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم ))( ) ، وقد سار الخلفاء الراشدون سيرة السنة في ممارسة الشورى والحض عليها والقبول بها ..
حكمة مشروعية الشورى
أما الحكمة من تشريع الشورى فذات وجوه عدة أبرزها:
1- الوصول إلى وجه الصواب .
2- منع الاستبداد بالرأي .
3- إرشاد الحكام ولاة الأمر .
4- إعزاز كرامة العقول .
5- تأليف القلوب وتطييبها.
6- ضمان النجاح في تنفيذ القرارات .
7- الإفادة من المعرفة والخبرة .
8- الكشف عن الكفايات والقدرات .
9- إقامة الحجة على المخالفين الرأي .
10- تمييز الناصحين الخالصين .
والشورى لا تقف عند اختيار الحكام ، وإنما تمتد إلى سائر ضروب النشاط الإنساني ، ووجوه الحياة العامة .. كما أنها أوسع نطاقاً من مجرد الوصول إلى رأي الأغلبية ، وإنما المعول عليه الوصول إلى هذا الرأي عن طريق الحوار الناصح والمجادلة الحسنة .. بل هي واجب مفروض ، طاعةً لله واتباعاً للسنة في أداء النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
والشورى بهذا وذاك من أكبر حقوق الإنسان بل إنها تتجاوزها لتكون من أكبر واجبات الإنسان ، حيث الحق يقابله الواجب - حق الإنسان في الشورى ، وواجبه في حسن أدائها ..
الشورى ومؤسساتها وإجراءاتها في العصر الحديث
ومن الاجتهادات المشروعة في إعمال أحكام الشورى تكوين مجلس الشورى ، وصلاحياته ، ووظائفه ، ونظام عمله .
فقد طلب رسول الله  من أهل بيعة العقبة الثانية أن يختاروا وكلاء عنهم فقال (أخرجوا إلىّ منكم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم بمن فيهم)، فكان مجلس شورى لأنصار المدينة ثم لحق بهم المهاجرون .
أما صلاحيات مجلس الشورى فهي في عمومها الرقابة على شرعية (دستورية) النظم والقوانين والقرارات ، علاوة على الرقابة على أداء الدولة وفق هذه المرجعيات ..
ومن أطر الشورى الاستفتاء العام لاختيار الحاكم (الرئاسة) والبيعة له ، علاوة على الدوائر والكليات الانتخابية لاختيار عضوية مجالس الشورى والقيادات العليا .
ويحق أن يكون في عضوية مجالس الشورى كل وكيل عن الناس في إبداء الرأي ، حيث أن أعضاء هذه المجالس محكومون في أنفسهم بالمرجعيات الشرعية من دستور وقانون خاصة إذا كان الدستور ينص على الحاكمية لله والسيادة للشعب يمارسها عبادة وطاعة لله.
الشورى والمؤسسات التشريعية الحديثة
ولإدخال الشورى بمبادئها وقيمها في المؤسسات التشريعية الحديثة يمكن الأخذ بتحديث الوسائل والنظم طالما أنها تخدم هذه المبادئ والقيم، دون تفريط في جوهرها ومقصدها من إشاعة المناصحة والمراقبة والمحاسبة.. وذلك على النحو التالي:
[1] الفصل في الشورى:
وإذا جرت الشورى فلم تحقق إجماعاً، لجأ النّاس إلى الفصل في الأمر برأي الأكثرية الراجح .
يرى الماوردي أنّه : (إذا اختلف النّاس على إمام للمسجد في المساجد غير السلطانية ، فإنّ الإمام من يختاره الأكثرية)( ).
ونُقل عن الإمام الشافعي أنه إنْ لم يكن على القول دلالة من كتاب ولا سنة؛ كان قول الخلفاء الراشدين أحب إليه من قول غيرهم ، فإنْ اختلفوا صار إلى القول الذي عليه دلالة ، وقلما نجد اختلافهم من ذلك، وإنْ اختلفوا بالأدلة نظر إلى الأكثر، فإنْ تكافأوا نظر أحسن أقاويلهم مخرجاً( ).
واختيار الإمام رأياً غالباً ما يحسم الخلاف : (فالقول ما حكم به الحاكم –رئيس الدولة- على الأوضاع الشرعية) .
[2] مشاركة المرأة في الشورى:
ومـما يدل على جواز مشاركة المرأة في الشأن العام قوله تـعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة : 71] وهذا يعني مشاركتها في أمر الشورى … وفيما يلي دلالات هذه المشاركة.
[1] يـجوز اشتراك المرأة في مجالس الشورى، حيث لا مانع شرعاً، والواقع أنّه لا أثر لشيء من الذكورة أو الأنوثة في مسألة الشورى والفتوى والتعليم ، إذ كل المطلوب هو: العلم والأمانة والرأي السديد ، وربما كانت المرأة أكثر علماً كما يدل على ذلك حديث أبي بردة بن أبي موسى الأشعري  أنّه قال: (ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علماً).
[2] ودلالة حديث أم هانئ: (قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ). أنّ المرأة لها حق الإجارة، فهي مسؤولة كالرجل في تكافؤ الدماء والسعي بالذمة: (كما في حديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ..)( ).
[3] وفي تاريخ الطبري : ما أشارت به نائلة بنت الفرافصة الكلبية لزوجها عثمان : (تتقي الله وحده ، وتتبع سنة صاحبيك من قبلك)
[4] عن ابن سيرين قال : (كان عمر  يستشير في الأمر، حتى إنّه كان يستشير المرأة، فربما أبصر في قولها الشيء فيستحسنه فيأخذ به)
[3] أهلية الشورى:
أهلية الشورى في المسائل العامة لا تقتصر على الذكورة أو الأنوثة أو الخبرة أو التخصص أو السن، بل كل فئات المجتمع الإسلامي يمكن أنْ يُستشاروا حتى الأطفال والصبيان:
[1] كان أبو بكر الصديق  إذا ورد عليه حكم، نظر في كتاب الله تعالى، فإذا وجد ما يقضي به قضى به، وإنْ لم يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله، فإنْ علمها قضى بها ، فإنْ أعياه ذلك جزع فسأل النّاس: (هل علمتم أنّ رسول الله  قضى فيه بقضاء ؟ فربما قام إليه القوم فيقولون : قضى فيه رسول الله بكذا. فيأخذ بقضاء رسول الله ويقول عند ذلك : "الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا" ، فإن لم يجد سنّة سنّها النبي  جمع رؤساء النّاس فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به( )، وهذا من استشارة العلماء والعامة.
[2] فقد كَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا
[3] وعن يوسف بن الماجشون قال : قال لي ابن شهاب ولأخ لي وابن عم لي ونحن صبيان :(لا تستحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم ، فإنّ عمر بن الخطاب  كان إذا أعياه الأمر المعضل دعا الأحداث فاستشارهم لحدة عقولهم)( ).
[4] المؤسسات الشورية المعاصرة:
أما الأطر المؤسسية التي تقتضي ممارسة الشورى فهي :
[ أ ] المجلس التشريعي الرقابي القومي مهما كان اسمه، ثم مجالس الولايات، وهذه هي المحالّ الأساسية للشورى في الشأن العام .
[ ب ] والمجالس التنفيذية من حيث التداول والنظر وتبادل الآراء يجب أنْ تكون محكومة بأدب الشورى ومنهجها.
[ ج ] مجالس الخبراء التي تجتمع - أو يجب أنْ يكون الشأن جمعها - للتداول حول أمر من أمور السياسات العامة صفته التخصص، ولكن آراء الخبراء وأهل الدراية فيه مختلفة، وهذه شورى علماء لا تلجأ إلى عدّ الأصوات ، ولكنها تؤدي إلى التمهيد لتبني سياسة عامة في الدولة أو المجتمع.
[ د ] المؤتمرات التي تُدْعى لشؤون التخطيط والسياسة .
[ هـ ] الجمعيات، سياسية كانت أو اجتماعية ، أحزاباً أو مؤسسات للنفع العام ، أو تجمعات مفتوحة للراغبين من أهل فن معين ، أو همّ مشترك .
ومما سبق؛ يتضح أنّ هناك أطراً للشورى على الدولة إنشاؤها ، وإعمارها بالعضوية بشكل منتظم ، وإلزامها بالتشاور وأنْ يلتزم أولو الأمر من بعد بنشرها.
كما أنّ هناك مجالس للشورى لا تكوِّنها الدولة ، ولكنها تأذن لها بالعمل ، فلا بد أنْ يرتبط هذا الأذن باشتراط ممارسة الشورى فيها جهد المستطاع .
[5] النظم الإجرائية لعملية الشورى:
هناك نظم إجرائية تجعل عملية الشورى ميسورة وفاعلة ، منها ما يلي :
 إتاحة الفرصة كاملة لرأي الأقليّة ليجد حظه من النظر والنقاش .
 جعل الإجراءات في خدمة الرأي ، تمهد له العرض السليم والنقاش المفيد ، لا سيّدة عليه تمنعه إذا شاءت أو تتحايل على حجبه متى شاءت .
 إبطال هيمنة القيد الزمني على حق إبداء الرأي ، وذلك بإتاحة الفرصة كاملة للأعضاء للتعرف على المعروض عليهم من قضايا ، يُهيأ لها قبل وقت كافٍ من لحظة اتخاذ القرار.
 ترشيد المؤسسات الممهدّة للشورى، وأهمها الصحافة حتى تكون عوناً للأداء الشورى السليم ، بأدائها للدور التمهيدي المنوط بها من تعريف بالآراء والقضايا، بدون تزييف أو تضليل ، أو إخفاء وإبداء حسب المصلحة .
 الابتعاد فيما يوضع من لوائح من أية بنود أو مواد لإعلاء كفة الرؤساء وأهل النفوذ المؤسسي على سائر الأعضاء إلا بالصوت المرجح وإلا بالفرصة الأرحب في العرض .
 إتاحة ما من شأنه أنْ يعين العضو على الجهر برأيه الخاص ويجنبه التسليم برأي العصبية، من شاكلة سرية التصويت أو علنيته وعدم إفضاء أية محاسبة أو عقوبة تترتب على محض إبداء الرأي.
 إقامة دوائر الشورى الممهدة للتداول الشُّوري القويم .

[6] الشورى مؤسسياً:
والشورى تستوجب وضع القواعد المنظَّمة لممارستها ، وكذلك تبرز الحاجة إلى الأطر المؤسسية والإجرائية، التي تواكب متغيرات العصر وتحافظ على مقتضيات الأصل، وهي مما يدخل في دائرة الاجتهادات المشروعة التي تتصل بتطوير الوسائل نحو بلوغ الغايات.
ولا بُدّ من عناية بها. لأنّ تنظيم شكل ممارسة الشورى يضمن لها الفاعلية، وغياب هذا التنظيم قد يحولها إما إلى شورى صورية لا حقيقة لها، وإما إلى فوضى في الرأي لا غناء لها.
= والتنظيم المقصود للشورى يرتكز على أنّ الإقرار بحقّ الفرد في الشورى يجب أنْ يقابله الالتزام بواجب الفرد في الالتزام أولاًَ بممارستها في محلها، وأخيراً بما تسفر عنه من رأي إنْ كان مخالفاً لما هو عليه من رأي .
= الدرس الشوري المستفاد من العمل برأي الأكثرية أنْ تتحمّل نتائج تبعة العمل واتخاذ القرار ولحسم التردد بعد اتخاذ القرار .
= ويجيء الأمر بالتزام الشورى كمنهج مهما كانت النتائج .. والمراد تربية الأمة على الشورى.
وهكذا لا بد للشورى - في كل عصر ومصر أو بحسب الظروف المكانية والزمانية - من مؤسسات وإجراءات تناسبها من حيث هي مناهج لتحقيق المقاصد، مع احتفاظ الشورى بجوهرها في كونها ممارسة حرة لإبداء الرأي وتبادله بغية الوصول لإجماع أو ما يقاربه. وهذه الوسائل من الاجتهادات المشروعة في إعمال أحكام الشورى على متغيرات العصر . ويمكن استخلاص الاجتهاد في استحداث مجالس الشورى التشريعية والرقابية من الآية الكريمة : وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [الشورى : 38] ، وذلك على النحو التالي:
[أ] يؤخذ من لفظ وَأَمْرُهُمْ، أي: الأمر الموكول إلى الناس ، وليس أمر الله الذي نزل به الوحي الثابت النص والدلالة ، اللهم إلا ما كان من الشورى حول وسائل تنفيذ هذا الأمر الإلهي .
[ب] كما يؤخذ من لفظ بَيْنَهُمْ، أي: بين العامة والخاصة. وذلك حول اختيار إمام المسلمين من خلال البيعة الخاصة ثم البيعة العامة ، وربما كان كما أسلفنا يمثلها في هذا العصر الانتخابات الرئاسية علاوة على الشورى في الأمور العامة بين ممثلي الأمة ، مما يقتضي اختيار مجالس الشورى بالانتخاب العام ، وهي مجالس للتشريع والرقابة تحول دون استبداد الحكم الفردي .
[ج] ويمكن أنْ يُتوخى في الانتخابات الرئاسية والتشريعية الإجماع ، وإلا فالرأي العام الغالب والراجح . وكذلك الأمر في مجالس الشورى التشريعية والتنفيذية لقوله: (عَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ)( ).
مشروعية مجلس الشورى
ويمكن التأصيل لمجالس الشورى من السيرة النبوية، حيث طلب رسول الله  من أهل بيعة العقبة الثانية أنْ يختاروا وكلاء عنهم فقال : (أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيباً، يكونون على قومهم بما فيهم).
والنقيب: كبير القوم المعني بشؤونهم ، فكان مجلس شورى لأنصار المدينة ، ثم لحق بهم المهاجرون .
صلاحيات مجلس الشورى:
 الرقابة على شرعية النظم والأحكام، ودستورية القوانين وشرعيتها، وهي مهمة العلماء وأهل الاختصاص  المحاسبة وأداء واجب النصيحة وفقاً للمشروعية وممارسة حق الرقابة.
 إظهار عدم الرضا عن المعاونين والولاة .
 حق حصر المرشحين للرئاسة وغيرها من المناصب .
وظائف الشورى:
كما يستفاد من العرض السابق كله فإنّ للشورى وظائف أساسية نستطيع إجمالها فيما يلي :
[1] اختيار من يلي أمور البلاد والعباد ولاية كبرى (الرئاسة) ، ومن يقوم مقامه في مستويات أدنى (الولاة)
[2] اختيار مجلس التشريع والرقابة العامة على كل المستويات (المستوى القومي ، المستوى الولائي ، المستوى المحلي) .
[3] إقرار أو تعديل عقد الحكم العام (الدستور) .
[4] التوصل إلى قرار في القضايا المصيرية للبلاد .
"وهذه الأمور الأربعة تفرض للشورى العامة"
[5] الوصول إلى قرار داخل جميع الأجهزة .
حسم الخلاف عند تعدُّد الآراء:
والخلاف عند تعدد الآراء يجري حسمه إما بالرجوع إلى الأصول الحاكمة، وإما باستخلاص الرأي الجامع، قال : (لا تجتمع أمتي على ضلالة)( ).
وروى أحمد في كتاب السنة عن ابن مسعود : (ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن)
 الشورى هي المعرض العام للرأي حتى ولو لم يترتب عليه قرار .
 استجماع الإرادة السياسية للأمة ينفي صفة الاستبداد عند إصدار القرارات الصعبة.
 توبيخ المخالفين بمنحهم الحق والفرصة في إبداء رأيهم ونزع رغبات التطرف من صدورهم.
 إدارة المناظرة العامة في المجتمع ، تنويراً لـه ، وتعويداً على الأناة والتروي والتماس الرأي الحسن عند الغير.
 التقرب إلى الله، والتزام الأمر، والتماس بركة الطاعة وعزها.
عضوية مجلس الشورى
يحق أنْ يكون في عضوية مجلس الشورى كل وكيل عن النّاس في إبداء الرأي ، حيث إنّ أعضاء مجلس الشورى محكومون في أنفسهم بالدستور وأصل الأصول في أنْ يكون الاحتكام إلى شرع الله تعالى ، خاصة والدستور السُّـوداني ينص على أنّ الحاكمية لله تعالى ، وأنّ السيادة يمارسها الشعب عبادة لله وطاعة .
عن علي  قال:قلتُ: يا رسول الله إنْ نزل بنا أمر ليس فيه بيان أمر ولا نهي فما تأمرنا؟ قال: (شاوروا فيه الفقهاء والعابدين ولا تمضوا فيه برأي خاصة)( ).
حقوق غير المسلمين في المجتمع التعددي
وهـو الـذي تـعايـش فيه الجماعة المسلمة أقلية غير مسلمة على قاعدة (لهم ما لنا وعليهم ما علينا) في حـقوق المواطنة التي أرست قواعدها صحيـفـة الـمديـنة الـمنوّرة، وهـي أول دستـور لتـنظيم مجتمع تعـددي في التـاريـخ على قواعد العدل والإحسان. وعليه فإنّ قيمة الشورى تتسع لسائر المواطنين ، في كل شأن عام يمس المصلحة العامة ، فلا يتدخل المواطنون المسلمون فيما يجريه المواطنون غير المسلمين من شورى في شؤون عقيدتهم ، ولا يتدخل المواطنون غير المسلمين فيما يمارسه المسلمون من شورى في شؤون عقيدتهم ، اللهم إلا ما كان أدخل في القواعد المشتركة بينهما من قيم إنسانية، وقواعد أخلاقية، وشؤون فنية وإدارية.
لهذا يحق لغير المسلم أنْ يبدي رأيه في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عليه ، وفيما يلحق به من ظلم الحكام . وهذا ما ذهب إليه بعض الفقهاء المعاصرين، حيث يقول د. عبد الكريم زيدان:
(أمّا انتخاب ممثليهم في مجلس الأمة وترشيح أنفسهم لعضويته فنرى جواز ذلك أيضاً، لأنّ العضوية في مجلس الأمة تفيد إبداء الرأي وتقديم النصح للحكومة وعرض مشاكل الناخبين ونحو ذلك ، وهذه الأمور لا مانع من قيام الذميين بها ومساهمتهم فيها)( ).
ودولة الإسلام حصن حصين للأقليات التي تعيش في كنفها وبين مواطنيها، لا سيما حين تكون هذه الأقليات أهل كتاب أو أهل ذمة كما يسميهم الإسلام. وأهل الذمة من غير المسلمين هم من كانت حقوقهم مصانة في ذمة المسلمين . والمسلمون مأمورون بحماية الحرية الدينية والدفاع عنها لأنفسهم ولغيرهم . وهو أمر منصوص عليه فيما يقرءونه في كتاب الله تعالى من سياق آيات مشروعية الجهاد {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج : 39-40] .
ومن ذلك العهد للنصارى كما يلي: للسيد الحارث بن كعب، ولأهل ملته، ولجميع من ينتحل دعوة النصرانية في شرق الأرض وغربها. أعطيهم عهد الله وميثاقه أنْ أحفظ أقاصيهم، وأحمي جانبهم، وأذب عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ، وأنْ أدخلهم في ذمتي وأماني، ولا يهدم بيت من بيوت بيعهم ، ولا يدخل شيء من بنائهم في شيء من أبنية المساجد ولا منازل المسلمين، فمن فعل ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله"( ).
ومن قواعد الشورى المؤسسية:
[1] التزام الأقلية برأي الأغلبية في التخطيط والتنفيذ اتباعاً للسُنّة النبوية وسُنّة الخلافة الراشدة (الشورى في واقعة أُحُد ، والشورى في حروب الردة) .
[2] ثم إنّ الحاكم مسؤول عن أخطائه يحاسب عليها .
وقد استقرّت هذه القواعد في تجربتنا السودانية دستوراً وممارسةً وتطبيقاً وقانوناً ونظاماً ولوائح، حتى أنّ نصّ البيعة يتضمن التزام الرئيس بالشورى ، وهكذا أداء القَسَم للرئيس ومن يليه من كل ذي ولاية ومسؤولية.
[7] الشورى والبيعة:
تُعَدّ البيعة من مباحث الشورى ، من حيث يجري اختيار الحاكم وفق الشورى سواء في البيعة الخاصة من أهل الحل والعقد، وهذه تقتضي الشورى الخاصة بينهم ، أو في البيعة العامة وهي تعبير عن الشورى العامة.
والمعوّل عليه هو أنْ تكون الشورى مقدمة للبيعة ، حتى يكون اختيار الحاكم عن رضا وقبول من الخاصة والكافة . وفي عقد البيعة نفسه ما يحد من استبداد الحكم الفردي ، حيث يلتزم الحاكم بطاعة الله تعالى وذلك بطاعة أمره في الشرع، قرآناً وسُنّة وإجماعاً ، كما يلتزم المحكومون بطاعة ولي الأمر ما دام هو طائعاً لله تعالى.
وقد عَبَّرَ الخليفة الأول أبو بكر الصديق  عن عقد البيعة بقوله من خطبته الأولى عقيب مبايعته: [أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإنْ عصيته فلا طاعة لي عليكم]( ).
وهو عقد من أرفع مبادئ الحكم الصالح ، حيث الحاكم والمحكوم كلاهما محتكمان لمرجعية (دستورية) واحدة ، هي مناط العدل والإحسان.
والمراد بالبيعة في هذا المقام؛ أنها عقد وميثاق وعهد بالقول (وربما مع المصافحة، أو الكتابة) على التزام الطاعة واجتناب المعصية.
والناظر في السيرة النبوية يجد فيها أنّ البيعة تقع بثلاث صور:
الأولى: بيعة المقالة، وتكون بالقول، وهي الأصل والغالب في البيعات، وقد تكون معها مصافحة، أو معاهدة برفع الأيدي.
والثانية: بيعة الوكالة، ولها أمثلة كبيعة العقبة، وبيعة ضماد  عن قومه، فقد جاء إلى النبي  فقال له: (هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الإِسْلامِ، قَالَ: فَبَايَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : وَعَلَى قَوْمِكَ؟ قَالَ: وَعَلَى قَوْمِي)( ).
والثالثة: بيعة الكتابة، كبيعة عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - لعبد الملك بن مروان حيث كتب إليه يعلن لـه ببيعته وبيعة أبنائه، فقال في كتابه: "إِنِّي أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ"( ).
ثم إنّ هذه البيعة يمكن تكرارها وتجديد العهد بها بين الناس من وقت لآخر ومكان لآخر، على أنّ انعقاد البيعة العامة بصيغها المعروفة واجتماع الناس عليها لا يمنع من تأكيدها وتجديدها باستخدام كل وسائل قياس الرأي، والانتخاب، والاختيار، والاستفتاء، وخاصة إذا كان ذلك مما التزمه الناس أو اعتادوه أو استحسنوه.
والبيعة على تعدد صيغها ومناسباتها محكومة كلها ببيعة الإمام ذي السلطان والشوكة والقوة، الحارس للثغور، المطبق لأحكام الشريعة الإسلامية، المقيم لحدود الله، وهو الذي تجب طاعته في المنشط والمكره، وطاعته حينئذ من طاعة الله تعالى وطاعة رسوله .
وتُعَدُّ البيعة لجماعة إسلامية من أجل رَدّ الأمة إلى أصولها وتحكيم شرع الله من باب البيعة الصغرى.
وعليه: فمتى قامت الدولة، وبُويع إمامها، لزم الجماعة نفسها وقيادتها، بالغاً ما بلغ جهدهم في قيام هذه الدولة، لزمهم جميعاً الدخول في هذه البيعة الكبرى والتزام أحكامها ومقتضياتها، لكونها حاكمة على البيعة الصغرى وما اتصل بها من العهود والمواثيق.
ويجب على المسلم الوفاء بالعهد، ولا يجوز لمن بايع أنْ ينقض عهدهوَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء: 34]. ويَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة: 1]. ويَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [النساء: 59].
ومتى استنفر الإمام قوماً وجب أنْ يلبوا دعوته ويستجيبوا لأمره دون مراجعة أو استئذان من الوالدين أو غيرهما ، لقوله  : (لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا)( ).
وكما أنّ هذه البيعة العامة ملزمة وحاكمة للعامة فإنها كذلك تفرض على الإمام المبايع واجباً هو أعظم التزاماً من التزام الناس نحوه، وهو أنْ يقوم بواجب البيعة تحكيماً لها وحدها لا لمصالح حزبه الذي يتقوى به أو جاء به إلى موقع المسؤولية، فإنها مسؤولية عامة، وأمانة هو مسؤول عنها عن الأمة كلها، وذلك مقتضى العدل بين الناس كلهم، وأداء الأمانات لأصحابها كما يأمرنا الله تعالىإِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء: 58].
ولا يجوز بعد المبايعة أنْ يُنَازع الإمام في ولايته بل يكون له السمع والطاعة ما أطاع الله تعالى ورسوله لقوله  فيما يرويه عنه عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ  عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي عُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَمَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كَانَ لا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ)( ).
وعند تنازع اثنين في البيعة بأنْ يُبايع للأول ثم يقوم آخر فيطلبها لنفسه أو يدعيها؛ فإنّ الحسم والحزم يقتضيان ما قضت به السنة النبوية كما في حديث النبي  فيما رواه أبو سعيد الخدري : (إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا)( ). فيدفع الآخر بالتي هي أحسن: وذلك يكون بالتذكير بالله واليوم الآخر، والزجر، والإعراض، وصرف الناس عنه.. وبكل ما تندفع به غوائل الفتنة ونذر الشر، وذلك مما يقتله معنوياً.. ولعل هذا هو مقصود الشارع بما ورد في الأمر بذلك..
ثم يكون آخر الدواء الكي.
وعليه: فليس المراد بالأمر بالقتل في الحديث البدء بالقتل الحسي أو جعله غاية قبل استنفاد الوسائل الأخرى.
وهذا ما ذهب إليه الأئمة المحدثون وشراح الحديث كالإمام النووي حيث قال: "هذا - أي الأمر بالقتل - محمول على ما إذا لم يندفع إلاّ بقتله"( ).
فمعنى كلامه: بذل الوسائل الأخرى قبل الوصول إلى ذلك ، وعدم الوصول إلى ذلك إلاّ بعد استنفاد كل الوسائل.
وقال الإمام ابن حجر العسقلاني: "وإنْ كان بعضهم قد أَوَّله - أي: الأمر بالقتل - بالخلع والإعراض عنه فيصير كمن قتل، وكذا قال الخطابي في قول عمر في حق سعد: اقتلوه، أي: اجعلوه كمن قتل"( ). فجعل الخطابي القتل معنوياً.
والحق إنما تقاتل الجماعة الخارجة إذا خرجت عن الطاعة، وأعلنت العصيان، وحملت السلاح.
ومع جواز مناصحة من ولاه الله الأمر العام بل وجوب أداء النصيحة له، إلا أنه لا يجوز الخروج على إمام مبايع إلا أنْ يرى المسلمون كفراً بواحاً، أي: ظاهراً صريحاً، عندهم عليه من الله برهان، أي: نصّ آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليه ما دام فعله يحتمل التأويل،كما في حديث عبادة بن الصامت  لمن عاده مريضاً من إخوانه، فَعَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ، قُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ  قَالَ: دَعَانَا النَّبِيُّ  فَبَايَعْنَاهُ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةً عَلَيْنَا، وَأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ"( ).
وعن عوف بن مالك الاشجعي  قال: سمعت رسول الله  يقول : (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟ فَقَالَ: لا مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاةَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ، وَلا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ"( ). فالبيعة إذن التزام قائم وعقد موثق وعهد واجب الوفاء بين طرفين على طاعة الله تعالى واتباع رسول الله .
وإنها بيعة على قول الحق، وهو معروف، واتباع الحق والدعوة إليه من أعظم المعروف، والأقربون أَوْلَى الناس بالمعروف، ولهذا فليُبْذل لهم النصح الخالص، وليقبلوه، وإنْ كان اتباع الحق عليهم مُرّاً.
وعليه: فلا ينبغي أنْ يسكت المخلصون عن قول الحق أو يتركوه لمن لا يحسنون أداءه أو ممن أكبر همهم أنْ يعلو شأنهم وينازعوا به أولي الأمر إتّباعاً للأهواء. والذي يقول الحق يملك من الشجاعة ما يسمع به أيضاً قولة الحق ويطيعه ويحتمله ولو على نفسه. ولهذا فهو لا يخاف في الله لومة لائم شأنه في ذلك شأن الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا [الأحزاب : 39].
[8] البيعة ومؤسسات الشورى الحديثة:
وهناك بيعتان للإمام (رأس الدولة):
[أ] بيعة خاصة من أهل الخبرة والاختصاص (الحل والعقد).
[ب] وبيعة عامة من عامة المسلمين.
وقد كان الخلفاء الراشدون يتلقون البيعتين ، فقد تمت الخلافة لأبي بكر بالبيعة من بعض المسلمين يوم السقيفة ومن بقيتهم في اليوم الثاني، ثم توالت البيعة من الأنحاء. صحيح أنّ عمر بن الخطاب هو الذي بدأ بالبيعة وصمم عليها. ولكن ذلك لا يعني أنها كانت بيعة فرد بل كانت بيعة أمة. بيعة المهاجرين والأنصار الذين كانوا قد بايعوا الرسول من قبل وآزروه ونصروه.
يقول ابن تيمية في كتابه "منهاج السنة" ولو قُدّر أنّ عمر وطائفة معه بايعوا أبا بكر وامتنع سائر الصحابة عن البيعة لم يصر أبو بكر إماماً بذلك، وإنما صار إماماً بمبايعة جمهور الصحابة الذين هم أهل القدرة والشوكة.
وأمير المؤمنين عمر نفسه يدرك ذلك ويحض الأمة على أنْ تحتفظ بحقها في الاختيار، وفي الخطبة الشهيرة التي ألقاها عقب عودته من موسم الحج قال: "فمن بايع رجلاً غير مشورة المسلمين، فإنه لا بيعة له هو ولا الذي بايعه"
يقول ابن تيمية: "إنّ عثمان لم يصر إماماً باختيار بعضهم، بل بمبايعة الناس له. وجميع المسلمين بايعوا عثمان بن عفان ولم يتخلف عن بيعته أحد. قال الإمام أحمد: ما كان في القوم من بيعة عثمان كانت بإجماعهم، وإلاّ لو قدر أنّ عبد الرحمن بن عوف بايعه ثم لم يبايعه علي ولا غيره من الصحابة أهل الشوكة لم يصر إماماً. ثم إنّ ابن عوف حلف أنه أقام ثلاثاً لم يغتمض فيها بنوم يشاور السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان ويشاور أمراء الأنصار فأشار عليه المسلمون بولاية عثمان. وقدموا عثمان وبايعوه لا عن رغبة أعطاهم إياها ولا عن رهبة أخافهم بها"
والاجتهاد الذي يقيس الأوضاع الراهنة بتلك الظروف التاريخية والأصول الشرعية ، يعطي النتائج التالية :
[1] بيعة الإمامة من أهل (الحل والعقد)، أي: (البيعة الخاصة) تشابه ترشيح رئيس الجمهورية مثلاً ، من تنظيمه السياسي الذي يبايعه على مبادئ الترشيح ، على اعتبار أنّ النظام الرئاسي هو أقرب النظم السياسية الحديثة إلى نظام الخلافة .
[2] أما بيعة الإمامة العامة فتشابه انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام من عامة الناخبين في الدولة .
[3] أما تحديد مدة الرئاسة فمن المسائل الاجتهادية التي اقتضاها حكم الوقت ، وتعد إعادة انتخاب الرئيس بمثابة تجديد.
تنظيم الشورى وممارستها في الوقت الحاضر:-
الشورى من المبادئ العامة في الشريعة الإسلامية، ومن مزايا مبادئ الشريعة وقواعدها العامة أنها تتصف بالمرونة (وقد جاء هذا المبدأ بدرجة كافية من العموم والمرونة بحيث يتسع لكل تنظيم صحيح يوضع لتطبيق هذا المبدأ...)
وبالتالي لم تحدد الشريعة أسلوباً معيناً للشورى يجب اتباعه والأخذ به في التطبيق، وإنما اكتفت بتقرير المبدأ العام دون وضع التفصيلات التي يقتضيها تنفيذ هذا المبدأ. وهذا المسلك يقتضيه سمو الشريعة وصلاحيتها لكي تجابه كافة التطورات التي تقتضيها ظروف الزمان والمكان بما يلائمها، حتى يكون الناس في سعة من أمرهم ويختاروا في تطبيق المبدأ ما يحقق مصالحهم كما تحددها ظروف البيئة، فلو نهجت الشريعة منهج التفصيل لأسلوب التطبيق لقصرت عن مواجهة ما يحدث للمجتمع من تطور، وحاشا أن تكون كذلك فهي شريعة الكمال التي أمرنا الله باتباعها ، وحيث لم تنص الشريعة الإسلامية على كيفية خاصة لتحقيق مبدأ الشورى، وفي ذلك أنها تركت تنظيم الشورى للأمة الإسلامية على النحو الذي يلائم ظروفها وأحوالها، ويحقق مقصود الشورى، ومعرفة رأي الأمة، وهذا في الحقيقة من حسنات الشريعة...)
فلو حددت الشريعة أسلوباً معيناً للشورى ما كان لأحد أن يحيد عنه، وقد يلحق الناس ضيق وحرج في تطبيقه لاختلاف الأعصر وتغير الأحوال، وتطور المعارف، فمن كمال الشريعة ورحمتها أن تركت لأهل كل عصر وضع الإطار الذي تتم به الشورى بحسب الظروف والأحوال. وأما بالنسبة إلى ممارسة الشورى فينبغي أن تمارس وفق الضوابط الشرعية، فإبداء الرأي له حدوده وضابطه منها:
1- أن يكون قصد صاحب الرأي بذل محض نصيحته لولاة الأمر، ولأئمة المسلمين وعامتهم كما دل على ذلك الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم أن النبي  قال: (الدين النصيحة. قلنا لمن؟ قال: لله وكتابه ولرسوله ولأئمة المسملين وعامتهم) ، فلا يجوز للفرد أن يقصد في بيانه رأيه التشهير بالحكام أو انتقاضهم أو تجرئ الناس عليهم، أو نحو ذلك من المقاصد الباطلة التي لا يراد بها وجه الله ولا الخير للمنصوح ولا المصلحة العامة.
2- النصيحة ليست تأنيباً لذلك يجب مراعاة التلطف فيه يقول ابن الأزرق (النصيحة إحسان صادر عن رحمة وشفقة مراد به وجه الله تعالى... وهو بخلاف التأنيب المقصود به التعبير والذم المفروغ في قالب النصيحة)( ). ويقول (ويجب مراعاة التلطف في النصح والتعريف بالعيب الذي يعلمه المنصوح من نفسه وهو يضمره، وذلك بالتعريض مرة، والتصريح أخرى إلى حد لا يؤدي إلى الإيحاش).
وكذلك نبه إلى ذلك ابن حجر فقرر ضرورة نصح الأئمة بالتي هي أحسن، قال: (ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن)
3- أن يكون بيان الرأي في تصرفات الحكام على أساس من العلم والفقه بحسب الآداب الشرعية التي يجب مراعاتها عند مناصحة ولاة الأمر، فلا يجوز أن ينكر عليهم أو ينتقصهم في الأمور الاجتهادية، لأن رأيه ليس أولى من رأيهم مادام الأمر اجتهادياً
4- لا يجوز للأفراد إحداث الفتنة ومقاتلة المخالفين لهم في الرأي إذا لم يأخذوا برأيهم مادام الأمر يحتمل رأيهم ورأي غيرهم فلا يجوز مثلاً التشهير، والطعن، والسباب، وفاحش الكلام والافتراء، والتضليل بحجة إبداء الرأي، فليس من حق أحد أن يشيع الفساد بحجة إبداء الرأي. فضلاً عن القتال والإيذاء البدني فهذا ما لا تقبله الشريعة، ولا العقول السليمة، ولا الفطر المستقيمة، (فالشورى في الإسلام عفة لسان، وصدق بيان، وحرص دائم على صون كرامة من نحاوره وتقديم حسن الظن بالنية والقصد)( ).

الخاتمة:-
في نهاية هذا البحث أود الإشارة إلى أهم النتائج التي توصلت إليها من خلالها وهي:
- أنّ الشورى، أو أخذ الرأي في الإسلام، قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام العظام، وسمة من سمات الحكم الإسلامي، ويستدل على ذلك بالكتاب والسنة والإجماع.
- الشورى تمثل ركناً أساسياً من سلطان الأمة الإسلامية، فالحاكم في الإسلام وكيل عن الأمة في مباشرة السلطان والسيادة، وفي هذا عصمة له من الانحراف والطغيان والميل عن جادة الحق.
- عدم تحديد وتعيين الموضوعات التي تعرض للشورى تحديداً قاطعاً هو الأليق بمنهج الإسلام في التشريع، فالشورى في كل الأمور والأحوال ما لم يصطدم ذلك بنص.
- من خلال هدي النبوة والسوابق التاريخية في الحكم والشورى فإن من اختصاصات مجلس الشورى اختيار خليفة المسلمين ومساندته في إدارة شئون البلاد، وكذلك محاسبته وعزله إذا أخل بواجباته.
- يتصف مبدأ الشورى في الإسلام بالمرونة، حيث جاء هذا المبدأ بدرجة كافية من العموم ليتسع لكل تنظيم بحسب الحاجة إليه، فلم تحدد الشريعة أسلوباً معيناً لممارسة الشورى، بل قررت المبدأ العام، وتركت كيفية التطبيق والتفصيلات وفق حاجاتنا ومقتضيات الظروف والأحوال.
- إن ممارسة الشورى وإبداء الرأي ينبغي أن يكون وفق الضوابط الشرعية، فيكون بيان الرأي في تصرفات الحكام على أساس من العلم والفقه والتلطف في النصح فالشورى في الإسلام عفة لسان وصدق بيان، وصون لكرامة من نحاوره.
التوصيات:-
يحسن بنا بعد الدراسة والنظر أن نوصي بما يلي:
- توجيه النظر إلى مبدأ الشورى من خلال تدريسه في مراحل التعليم المختلفة، وتكوين مجالس شورية مصغرة لتدريب الناشئة على هذا المبدأ الإسلامي الأصيل، فالممارسة العملية للمبادئ أجدى وأجدر رسوخاً، وثباتاً واستمراراً.
- الاهتمام بتطبيق الشورى في كل مجال من مجالات الحياة، وفيما هو مباح ولم يرد فيه نص، فهي السبيل الأقرب إلى صواب الرأي والبعد عن الخطأ.



المراجع

1. الباز: داود الباز، الشورى والديمقراطية النيابية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2004م.
2. ابن الأزرق، بدائع السلك، جـ1 ص324.
3. محمد الخطيب، الشورى في الإسلام، دار التوزيع والنشر الإسلامية، مصر، 1419هـ. ص43.
4. الماوردي: الأحكام السلطانية الولايات الدينية، ص102.
5. ابن قيم الجوزية : أعلام الموقعين عن رب العالمين ، دار الجيل للنشر والطباعة ، 4/122.
6. كشف الخفاء : العجلوني ، 2/488 حديث رقم 2999 ، وفي مسند الإمام أحمد، مسند القبائل، برقم 25966
7. محمد حميد الله: مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة، دار النفائس، ط/4، 1403هـ - 1983م، ص 175-176.
8. عبد العزيز الثعالبي: خلافة الصديق والفاروق - رضي الله عنهما -، تحقيق الدكتور صالح الخرفي ، دار ابن كثير دمشق - بيروت، الطبعة الأولى 1418هـ – 1998م ، ص62 .