الترسانة النووية الاسرائيلية
مرسل: الأحد مايو 05, 2013 11:56 pm
الترسانة النووية الإسرائيلية خارج الرقابة الدولية
د. صالح بكر الطيار - رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي
فشلت الدول العربية في إلزام إسرائيل بالانضمام إلى وكالة الطاقة الذرية رغم الاتصالات الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها على أكثر من صعيد حيث صوتت 51 دولة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب رفض إسرائيل الانضمام مقابل 46 دولة مؤيدة، فيما امتنعت 23 دولة عن التصويت وذلك خلال اجتماع الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية بتاريخ 24/9/2010 والتي تضم 151 دولة. وكانت المساعي العربية تهدف إلى ضم إسرائيل باعتبارها الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي لم تنضم بعد، كما أنها الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية رغم أنها لم تصرح عن ذلك علانية حيث تذهب تقديرات الخبراء المختصين إلى أن إسرائيل تمتلك نحو 200 رأس نووي على الأقل عملت على إنتاجها في مفاعل ديمونة الخارج عن أي رقابة دولية وغير الخاضع لأي تفتيش من خبراء الوكالة الدولية المختصة. وأعتبر العرب أن خطوة التحرك لدفع إسرائيل للانضمام إلى وكالة الطاقة الدولية تأتي في سياق ما تم الاتفاق بشأنه دوليًا لجهة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، ولكن الرفض الأمريكي حال دون نجاح هذه المساعي الأمر الذي دفع ببعض الدول إلى تعديل مواقفها بعد أن كانت موافقة فيما تعرضت دول أخرى لضغوطات من واشنطن وعواصم أوروبية أخرى. والذريعة الأمريكية هي أن أي ضغط على إسرائيل الآن لضمها إلى وكالة الطاقة الدولية من شأنه أن يؤثر سلبًا على مفاوضات السلام الجارية الآن ، ويعيق تحقيق أي تقدم علمًا أن المفاوضات أساسًا بدأت وفق منطلقات خاطئة بسبب عدم وجود أي مرجعية لها وبسبب التعنت الإسرائيلي بمواصلة الاستيطان وعدم الخضوع لكل ما صدر عن المجتمع الدولي من استنكار وتنديد . وبذلك يتبين أن إسرائيل لا تزال بدعم غربي خارج أي مساءلة، كما أن الانحياز الأمريكي شكل إحراجًا كبيرًا للجانب العربي للأسباب التالية:
1 – تخوض الولايات المتحدة الأمريكية حربًا إعلامية ضروسة ضد إيران على خلفية مشروعها النووي وتطالب الدول العربية بمساندتها فيما ترفض واشنطن حتى وضع المنشآت النووية الإسرائيلية تحت إشراف خبراء الطاقة الدولية. وهنا بدأ الشارع العربي يطرح أسئلة عن مدى إمعان الولايات المتحدة بالكيل بمكيالين متناقضين ويمسان نفس الموضوع في نفس المنطقة خاصة وإن هذا الشارع مؤيد لإخلاء منطقته من أي سلاح نووي وعدم السماح لأي دولة بإنتاجه أو امتلاكه تحت أي ذريعة كانت.
2 – تتحضر مصر لاستضافة مؤتمر دولي عام 2012 من أجل جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. والسؤال هو كيف سينجح هذا المؤتمر لطالما أن الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة الدار الشامل غير خاضعة لأي مراقبة دولية؟ والسؤال الآخر هو بأي صفة سيتم دعوة إسرائيل للمشاركة في المؤتمر لطالما تعتبر نفسها غير معنية بأي قرار أو توصية تدعوها إلى إزالة ترسانتها النووية.
3 – إذا كانت أمريكا تريد فعلاً جر إسرائيل إلى مفاوضات سلمية ناجحة فيجب أن تبدأ بالضغط عليها عبر التهديد بوقف دعمها في الملفات التي تهمها وليس عبر مساندتها والوقوف إلى جانبها رغم عدم مشروعية ذلك.
4 – استمرار إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل وبعدم إخضاع منشآتها النووية لأي مراقبة سيدفع بالكثير من الدول الشرق أوسطية إلى السعي لامتلاك قدرة ردع مماثلة، وإلى التملص من أي رقابة مما يعني أن كل المؤتمرات الرامية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل ستصبح مضيعة للوقت.
ولكن ومقابل هذه الأجواء التشاؤمية ترى بعض الدول العربية أن ما حصل هو نجاح وليس فشلاً لأن الفارق في التصويت ما بين المؤيدين والمعارضين كان طفيفًا مما يعني أن محاولات أخرى في المستقبل القريب ستتكلل بالنجاح خاصة وأن الطرف العربي بات يعرف الآن الكثير من التفاصيل التي قد تساعده في إعادة بعض الدول الممانعة إلى دائرة الدول الموافقة وعندها ستجد إسرائيل نفسها مرغمة على الخضوع للشرعية الدولية . فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.
د. صالح بكر الطيار - رئيس مركز الدراسات العربي الأوروبي
فشلت الدول العربية في إلزام إسرائيل بالانضمام إلى وكالة الطاقة الذرية رغم الاتصالات الدبلوماسية المكثفة التي قامت بها على أكثر من صعيد حيث صوتت 51 دولة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب رفض إسرائيل الانضمام مقابل 46 دولة مؤيدة، فيما امتنعت 23 دولة عن التصويت وذلك خلال اجتماع الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية بتاريخ 24/9/2010 والتي تضم 151 دولة. وكانت المساعي العربية تهدف إلى ضم إسرائيل باعتبارها الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي لم تنضم بعد، كما أنها الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية رغم أنها لم تصرح عن ذلك علانية حيث تذهب تقديرات الخبراء المختصين إلى أن إسرائيل تمتلك نحو 200 رأس نووي على الأقل عملت على إنتاجها في مفاعل ديمونة الخارج عن أي رقابة دولية وغير الخاضع لأي تفتيش من خبراء الوكالة الدولية المختصة. وأعتبر العرب أن خطوة التحرك لدفع إسرائيل للانضمام إلى وكالة الطاقة الدولية تأتي في سياق ما تم الاتفاق بشأنه دوليًا لجهة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، ولكن الرفض الأمريكي حال دون نجاح هذه المساعي الأمر الذي دفع ببعض الدول إلى تعديل مواقفها بعد أن كانت موافقة فيما تعرضت دول أخرى لضغوطات من واشنطن وعواصم أوروبية أخرى. والذريعة الأمريكية هي أن أي ضغط على إسرائيل الآن لضمها إلى وكالة الطاقة الدولية من شأنه أن يؤثر سلبًا على مفاوضات السلام الجارية الآن ، ويعيق تحقيق أي تقدم علمًا أن المفاوضات أساسًا بدأت وفق منطلقات خاطئة بسبب عدم وجود أي مرجعية لها وبسبب التعنت الإسرائيلي بمواصلة الاستيطان وعدم الخضوع لكل ما صدر عن المجتمع الدولي من استنكار وتنديد . وبذلك يتبين أن إسرائيل لا تزال بدعم غربي خارج أي مساءلة، كما أن الانحياز الأمريكي شكل إحراجًا كبيرًا للجانب العربي للأسباب التالية:
1 – تخوض الولايات المتحدة الأمريكية حربًا إعلامية ضروسة ضد إيران على خلفية مشروعها النووي وتطالب الدول العربية بمساندتها فيما ترفض واشنطن حتى وضع المنشآت النووية الإسرائيلية تحت إشراف خبراء الطاقة الدولية. وهنا بدأ الشارع العربي يطرح أسئلة عن مدى إمعان الولايات المتحدة بالكيل بمكيالين متناقضين ويمسان نفس الموضوع في نفس المنطقة خاصة وإن هذا الشارع مؤيد لإخلاء منطقته من أي سلاح نووي وعدم السماح لأي دولة بإنتاجه أو امتلاكه تحت أي ذريعة كانت.
2 – تتحضر مصر لاستضافة مؤتمر دولي عام 2012 من أجل جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل. والسؤال هو كيف سينجح هذا المؤتمر لطالما أن الدولة الوحيدة التي تمتلك أسلحة الدار الشامل غير خاضعة لأي مراقبة دولية؟ والسؤال الآخر هو بأي صفة سيتم دعوة إسرائيل للمشاركة في المؤتمر لطالما تعتبر نفسها غير معنية بأي قرار أو توصية تدعوها إلى إزالة ترسانتها النووية.
3 – إذا كانت أمريكا تريد فعلاً جر إسرائيل إلى مفاوضات سلمية ناجحة فيجب أن تبدأ بالضغط عليها عبر التهديد بوقف دعمها في الملفات التي تهمها وليس عبر مساندتها والوقوف إلى جانبها رغم عدم مشروعية ذلك.
4 – استمرار إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل وبعدم إخضاع منشآتها النووية لأي مراقبة سيدفع بالكثير من الدول الشرق أوسطية إلى السعي لامتلاك قدرة ردع مماثلة، وإلى التملص من أي رقابة مما يعني أن كل المؤتمرات الرامية إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل ستصبح مضيعة للوقت.
ولكن ومقابل هذه الأجواء التشاؤمية ترى بعض الدول العربية أن ما حصل هو نجاح وليس فشلاً لأن الفارق في التصويت ما بين المؤيدين والمعارضين كان طفيفًا مما يعني أن محاولات أخرى في المستقبل القريب ستتكلل بالنجاح خاصة وأن الطرف العربي بات يعرف الآن الكثير من التفاصيل التي قد تساعده في إعادة بعض الدول الممانعة إلى دائرة الدول الموافقة وعندها ستجد إسرائيل نفسها مرغمة على الخضوع للشرعية الدولية . فرحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.