- الاثنين مايو 06, 2013 12:01 am
#62893
هل الشعوب الأكثر تدينًا أكثر انحرافًا..؟؟
طرح الكاتب المصري علاء الأسواني هذا العنوان على شكل تساؤل في مقالة له بعنوان "أخلاق بلا تدين أفضل من تدين بلا أخلاق" وهذا التساؤل الذي يطرحه الكاتب الأسواني تجد له الكثير من التجليات والحقائق على أرض الواقع، ودلالة واضحة أن تلك المجتمعات تعاني من حالة مرضية عميقة في طريقها للتحول إلى حالة مزمنة ودائمة ،وهذه الحالة تجد تجلياتها في عدم الموائمة بين التدين والسلوك والأخلاٌق، حيث يحصر البعض إن لم يكن الكثيرين التدين في الجوانب الإجرائية والفروض ويعزلها عن الجانب السلوكي،والديانة الإسلامية ليست حدها التي تدعو للفضيلة والتمسك بالأخلاق والقيم الايجابية، بل كل الديانات السماوية من مسيحية ويهودية بالإضافة إلى كل الفلسفات والمذاهب الوضعية نهجت وسلكت نفس النهج من حيث الدعوة للفضيلة والمحبة والتسامح والأخلاق الحميدة....الخ وربما من الأسباب الجوهرية لذلك التخلف الاجتماعي والموروث الاجتماعي والجهل والعلاقات الإنتاجية المتخلفة وغياب الوعي وإحلال سلطة القائد والزعيم والسلطة محل سلطة المجتمع والجماهير، وما تفرضه الأنظمة المستبدة على شعوبها من قمع وبطش وإبقاءها في حالة من الفقر والعوز الدائم،وهذه الحالة في ظل غياب قوى تغيير جدية وحقيقية،تمتلك برامج ورؤى تعبر عن هموم وتطلعات الجماهير وتقودها لتغير الوضع والواقع القائمين، يدفع بهذه الشعوب نحو الذل والاستكانة والتوجه إلى الشعوذة والدروشة وهذا بدوره يولد حالة واسعة من الفساد والعلاقات القائمة على الدجل والنفاق والكذب والخداع والتزوير والغش وغيرها من مظاهر السقوط والانهيار الاجتماعي والأخلاقي والقيمي، وهنا تتحلل وتفككك المجتمعات وتتعزز العشائرية والقبلية والجهوية والطائفية على حساب الانتماء الوطني والقومي،كما ان المؤسسة الحاكمة توظف المؤسسة الدينية لخدمة أغراضها وأهدافها،بحيث تصبح كل تصرفاتها وأفعالها ضد شعبها وأمتها مبررة ومشرعة تحت حجج وذرائع أن الحكام هم أولي الأمر وواجب طاعتهم والامتثال لأوامرهم، ونحن نجد ذلك في البيت والمدرسة والجامعة والعمل والشارع والوزارة والبرلمان...، حيث ترى حالة من الانفصام والانفصال شبه الكلي بين ما تبدو عليه المجتمعات المتخلفة وما يترجم على أرض الواقع، فما تبدو عليه تلك المجتمعات من محافظة وتدين وورع وتماسك وتعاضد اجتماعي..الخ،يخفي في العمق أزمات عميقة جداً،ولعل تناول أمثلة حسية يعزز هذه الرؤيا،فأغلب الدول العربية والإسلامية على درجة عالية من التدين، ولكن في نفس الوقت تجد تلك الدول تحتل مواقع متقدمة جدًا من حيث انتشار الفساد والرشوة والغش والتزوير والنفاق والدجل، فأكثر من 90 % من شعوب تلك الدول يدركون جيدًا أنه لا مجال للمواطن أن ينجز معاملاته في الدوائر الحكومية بدون رشوة وفساد وواسطة، وكذلك الحال في الحصول على وظيفة أو ترقية اجتماعية أو رتبة أو مرتبة فهو مطلوب منه تقديم بدل وتنازلات لقاء تلك الخدمة سواء على شكل مادي أو عيني وحتى جسدي،ففي الكثير من الاستطلاعات تشير إلى انتشار ظاهرة الغش في امتحانات التوجيهية العامة بين الطلبة على نحو كبير وواسع،وكذلك تجد أن عمليات التحرش الجنسي بالإناث لم تعد فردية وهي لا تطال الفتيات الصغيرات في العمر،بل تطال المرأة كأنثى وبغض النظر عن سنها ومظهرها وسفورها وتحجبها وبشكل جماعي وفي الساحات العامة،وأبعد من ذلك بعض الدول العربية تحتل مواقع متقدمة جداً في تجارة الذهب الأبيض،وربما تستغرب أو لا تجد تفسيراً مقنعاً لكون الكثيرين ممن يقومون بهذه الأفعال أو الأعمال يؤدون الشعائر والفروض الدينية من صوم وصلاة وغيرها، ولكن لا تجد لذلك انعكاساً في سلوكهم،وبما يؤكد أن الفروض هي إجرائية وليس لها علاقة بالسلوك،فمثلاً أين السلوك من أن يقوم الذاهب المسجد الأقصى بوضع سيارته في الطريق أو الشارع العام بحجة الذهاب للصلاة؟، وأين الأخلاق والسلوك من أن تتكدس شباب في الشوارع العامة بشكل يثير التقزز والاشمئزاز لكي تندح بالعبارات والألفاظ غير اللائقة والخادشة للحياء ضد بنات شعبهم؟، وأين الذمة والضمير عند الكثير من الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم ومخصصاتهم من مؤسساتهم،ولا يقدمون لها وللوطن 5% من الطاقة الإنتاجية؟، وأين الأخلاق والدين ممن ينهبون ويهدرون المال العام، أو من يقومون بسرقة التيار الكهربائي والماء؟، وأين الأخلاق وشرف المهنة عند من يسمحون للطلبة في امتحان التوجيهية بالغش والنجاح بالزور...الخ، وأين هو الكاتب أو الأديب أو المثقف العربي الذي يرفض جائزة بقيمة مليون جنيه من قادة أنظمة القمع والفساد العربية،كما فعل الكاتب الاسباني الكبير خوان غويتيسولو البالغ 78 عاماً، عندما رفض جائزة باسم القذافي لحقوق الإنسان، حيث أكد في رفضه لها أنه لا يستطيع أخلاقيا، أن يتسلم جائزة لحقوق الإنسان من نظام القذافي الذي استولى على الحكم في بلاده بانقلاب عسكري ونكل، اعتقالاً وتعذيبًا، بالآلاف من معارضيه.؟ فالكثير من كتابنا وأدباءنا ومثقفينا لا يرفضون جائزة من قادة أنظمة القمع والفساد، ليس بمليون جنيه، بل ربما مائة جنيه.
وعلى حالة الانفصال تلك حدثني صديق التقيته في شارع صلاح الدين في القدس، بأن أحد شيوخ "العطاوي والجاهات" والمعروف عنه أنه له باع في الغش وعدم قول الحق والسمسرة وقبول الرشوة، كان الكثير من تجار المدينة يدعونه لشرب القهوة ودخول محلاتهم، ولما سأل أحدهم عن معرفته به قال، أعرف أنه له في النصب والرشوة والفساد ولكن أنت تعرف واقع المجتمع؟، وأيضًا حدثني صديق آخر قضى زهرة شبابه في السجن سبعة عشر عاما، بالقول ذهبت إلى مجلس عائلي وكان المتحدث فيه عليه الكثير من علامات الاستفهام في الجوانب المادية والسمعة الوطنية وكل الناس كانت تصغي له باهتمام شديد، أما أنا فجلست قريبًا من الباب دون أن يعرني أحد أي اهتمام، فإني لا أملك المال ولا الجاه ؟.
وأيضًا في المظاهرات والمسيرات الأسبوعية ضد جدار الفصل العنصري في بلعين ونعلين والمعصرة وغيرها تجد عشرات وربما مئات الجانب،يأتون للتضامن مع شعبنا الفلسطيني، وربما يكون عددهم أكثر من أبناء شعبنا المشاركين في تلك التظاهرات، أليس هذا بالعيب أو الغريب، على شعوب ترفع شعار قدسية الأرض وأنه لا مجال للتفريط بها أو بالعرض؟، وما الذي يدفع مثل هؤلاء الأجانب للقدوم والتضامن معنا رغم أنهم ليسوا متدينين، أليس ذلك له علاقة بالأخلاق والقيم؟، ودلوني على مكان واحد في العالم عانى من الاضطهاد أو أصابته كارثة وذهب إليه الشباب العربي للمساعدة أو التضامن.؟ أليس ما يقوله علاء الأسواني من أن الأخلاق بدون تدين أفضل من تدين بلا أخلاق؟، ورغم أن الجوانب الإجرائية مهمة في الدين، ولكن تبقي الجوانب السلوكية والتطبيقية هي الأهم، ورغم أن ذلك لا ينفي وجود حالة من التدين الشعبي الصادق، ولكن صوتها يغيب فيما تظهر عليه تلك المجتمعات، من مظاهر الغش والفساد والرشوة والدجل والنفاق الاجتماعي والنصب والتزوير وغيرها، وأيضًا لا ننفي وجود قادة فكر ورأي وكتاب وأدباء وإعلاميين يناضلون ضد كل أشكال القمع والظلم والفساد والاضطهاد في مجتمعاتهم على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال.
طرح الكاتب المصري علاء الأسواني هذا العنوان على شكل تساؤل في مقالة له بعنوان "أخلاق بلا تدين أفضل من تدين بلا أخلاق" وهذا التساؤل الذي يطرحه الكاتب الأسواني تجد له الكثير من التجليات والحقائق على أرض الواقع، ودلالة واضحة أن تلك المجتمعات تعاني من حالة مرضية عميقة في طريقها للتحول إلى حالة مزمنة ودائمة ،وهذه الحالة تجد تجلياتها في عدم الموائمة بين التدين والسلوك والأخلاٌق، حيث يحصر البعض إن لم يكن الكثيرين التدين في الجوانب الإجرائية والفروض ويعزلها عن الجانب السلوكي،والديانة الإسلامية ليست حدها التي تدعو للفضيلة والتمسك بالأخلاق والقيم الايجابية، بل كل الديانات السماوية من مسيحية ويهودية بالإضافة إلى كل الفلسفات والمذاهب الوضعية نهجت وسلكت نفس النهج من حيث الدعوة للفضيلة والمحبة والتسامح والأخلاق الحميدة....الخ وربما من الأسباب الجوهرية لذلك التخلف الاجتماعي والموروث الاجتماعي والجهل والعلاقات الإنتاجية المتخلفة وغياب الوعي وإحلال سلطة القائد والزعيم والسلطة محل سلطة المجتمع والجماهير، وما تفرضه الأنظمة المستبدة على شعوبها من قمع وبطش وإبقاءها في حالة من الفقر والعوز الدائم،وهذه الحالة في ظل غياب قوى تغيير جدية وحقيقية،تمتلك برامج ورؤى تعبر عن هموم وتطلعات الجماهير وتقودها لتغير الوضع والواقع القائمين، يدفع بهذه الشعوب نحو الذل والاستكانة والتوجه إلى الشعوذة والدروشة وهذا بدوره يولد حالة واسعة من الفساد والعلاقات القائمة على الدجل والنفاق والكذب والخداع والتزوير والغش وغيرها من مظاهر السقوط والانهيار الاجتماعي والأخلاقي والقيمي، وهنا تتحلل وتفككك المجتمعات وتتعزز العشائرية والقبلية والجهوية والطائفية على حساب الانتماء الوطني والقومي،كما ان المؤسسة الحاكمة توظف المؤسسة الدينية لخدمة أغراضها وأهدافها،بحيث تصبح كل تصرفاتها وأفعالها ضد شعبها وأمتها مبررة ومشرعة تحت حجج وذرائع أن الحكام هم أولي الأمر وواجب طاعتهم والامتثال لأوامرهم، ونحن نجد ذلك في البيت والمدرسة والجامعة والعمل والشارع والوزارة والبرلمان...، حيث ترى حالة من الانفصام والانفصال شبه الكلي بين ما تبدو عليه المجتمعات المتخلفة وما يترجم على أرض الواقع، فما تبدو عليه تلك المجتمعات من محافظة وتدين وورع وتماسك وتعاضد اجتماعي..الخ،يخفي في العمق أزمات عميقة جداً،ولعل تناول أمثلة حسية يعزز هذه الرؤيا،فأغلب الدول العربية والإسلامية على درجة عالية من التدين، ولكن في نفس الوقت تجد تلك الدول تحتل مواقع متقدمة جدًا من حيث انتشار الفساد والرشوة والغش والتزوير والنفاق والدجل، فأكثر من 90 % من شعوب تلك الدول يدركون جيدًا أنه لا مجال للمواطن أن ينجز معاملاته في الدوائر الحكومية بدون رشوة وفساد وواسطة، وكذلك الحال في الحصول على وظيفة أو ترقية اجتماعية أو رتبة أو مرتبة فهو مطلوب منه تقديم بدل وتنازلات لقاء تلك الخدمة سواء على شكل مادي أو عيني وحتى جسدي،ففي الكثير من الاستطلاعات تشير إلى انتشار ظاهرة الغش في امتحانات التوجيهية العامة بين الطلبة على نحو كبير وواسع،وكذلك تجد أن عمليات التحرش الجنسي بالإناث لم تعد فردية وهي لا تطال الفتيات الصغيرات في العمر،بل تطال المرأة كأنثى وبغض النظر عن سنها ومظهرها وسفورها وتحجبها وبشكل جماعي وفي الساحات العامة،وأبعد من ذلك بعض الدول العربية تحتل مواقع متقدمة جداً في تجارة الذهب الأبيض،وربما تستغرب أو لا تجد تفسيراً مقنعاً لكون الكثيرين ممن يقومون بهذه الأفعال أو الأعمال يؤدون الشعائر والفروض الدينية من صوم وصلاة وغيرها، ولكن لا تجد لذلك انعكاساً في سلوكهم،وبما يؤكد أن الفروض هي إجرائية وليس لها علاقة بالسلوك،فمثلاً أين السلوك من أن يقوم الذاهب المسجد الأقصى بوضع سيارته في الطريق أو الشارع العام بحجة الذهاب للصلاة؟، وأين الأخلاق والسلوك من أن تتكدس شباب في الشوارع العامة بشكل يثير التقزز والاشمئزاز لكي تندح بالعبارات والألفاظ غير اللائقة والخادشة للحياء ضد بنات شعبهم؟، وأين الذمة والضمير عند الكثير من الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم ومخصصاتهم من مؤسساتهم،ولا يقدمون لها وللوطن 5% من الطاقة الإنتاجية؟، وأين الأخلاق والدين ممن ينهبون ويهدرون المال العام، أو من يقومون بسرقة التيار الكهربائي والماء؟، وأين الأخلاق وشرف المهنة عند من يسمحون للطلبة في امتحان التوجيهية بالغش والنجاح بالزور...الخ، وأين هو الكاتب أو الأديب أو المثقف العربي الذي يرفض جائزة بقيمة مليون جنيه من قادة أنظمة القمع والفساد العربية،كما فعل الكاتب الاسباني الكبير خوان غويتيسولو البالغ 78 عاماً، عندما رفض جائزة باسم القذافي لحقوق الإنسان، حيث أكد في رفضه لها أنه لا يستطيع أخلاقيا، أن يتسلم جائزة لحقوق الإنسان من نظام القذافي الذي استولى على الحكم في بلاده بانقلاب عسكري ونكل، اعتقالاً وتعذيبًا، بالآلاف من معارضيه.؟ فالكثير من كتابنا وأدباءنا ومثقفينا لا يرفضون جائزة من قادة أنظمة القمع والفساد، ليس بمليون جنيه، بل ربما مائة جنيه.
وعلى حالة الانفصال تلك حدثني صديق التقيته في شارع صلاح الدين في القدس، بأن أحد شيوخ "العطاوي والجاهات" والمعروف عنه أنه له باع في الغش وعدم قول الحق والسمسرة وقبول الرشوة، كان الكثير من تجار المدينة يدعونه لشرب القهوة ودخول محلاتهم، ولما سأل أحدهم عن معرفته به قال، أعرف أنه له في النصب والرشوة والفساد ولكن أنت تعرف واقع المجتمع؟، وأيضًا حدثني صديق آخر قضى زهرة شبابه في السجن سبعة عشر عاما، بالقول ذهبت إلى مجلس عائلي وكان المتحدث فيه عليه الكثير من علامات الاستفهام في الجوانب المادية والسمعة الوطنية وكل الناس كانت تصغي له باهتمام شديد، أما أنا فجلست قريبًا من الباب دون أن يعرني أحد أي اهتمام، فإني لا أملك المال ولا الجاه ؟.
وأيضًا في المظاهرات والمسيرات الأسبوعية ضد جدار الفصل العنصري في بلعين ونعلين والمعصرة وغيرها تجد عشرات وربما مئات الجانب،يأتون للتضامن مع شعبنا الفلسطيني، وربما يكون عددهم أكثر من أبناء شعبنا المشاركين في تلك التظاهرات، أليس هذا بالعيب أو الغريب، على شعوب ترفع شعار قدسية الأرض وأنه لا مجال للتفريط بها أو بالعرض؟، وما الذي يدفع مثل هؤلاء الأجانب للقدوم والتضامن معنا رغم أنهم ليسوا متدينين، أليس ذلك له علاقة بالأخلاق والقيم؟، ودلوني على مكان واحد في العالم عانى من الاضطهاد أو أصابته كارثة وذهب إليه الشباب العربي للمساعدة أو التضامن.؟ أليس ما يقوله علاء الأسواني من أن الأخلاق بدون تدين أفضل من تدين بلا أخلاق؟، ورغم أن الجوانب الإجرائية مهمة في الدين، ولكن تبقي الجوانب السلوكية والتطبيقية هي الأهم، ورغم أن ذلك لا ينفي وجود حالة من التدين الشعبي الصادق، ولكن صوتها يغيب فيما تظهر عليه تلك المجتمعات، من مظاهر الغش والفساد والرشوة والدجل والنفاق الاجتماعي والنصب والتزوير وغيرها، وأيضًا لا ننفي وجود قادة فكر ورأي وكتاب وأدباء وإعلاميين يناضلون ضد كل أشكال القمع والظلم والفساد والاضطهاد في مجتمعاتهم على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال.