صفحة 1 من 1

انهيار قوة الردع الاسرائيلية

مرسل: الاثنين مايو 06, 2013 1:13 am
بواسطة فهاد آل حشان 3
أسباب انهيار قوة الردع الإسرائيلية

الثلاثاء, 27 تشرين2/نوفمبر 2012 17:19


لا يمكن تحديد هوية الطرف الذي حقق إنجازات أكبر في أعقاب الحرب الأخيرة على غزة قبل النظر للأهداف التي أعلنتها إسرائيل قبل شروعها في الحرب على القطاع، والتي عبر عنها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في اليوم الأول للحرب، وبُعَيدَ اغتيال القائد أحمد الجعبري -الذي نحسَبه شهيدًا- نائب القائد العام لـ "كتائب عز الدين القسام"، الذراع المسلح لحركة حماس، فقد أكد باراك أن هذه الحملة تهدف إلى:

- ترميم قوة الردع الإسرائيلية في مواجهة حركات المقاومة في قطاع غزة.

- ضرب إمكانيات المقاومة المادية وبناها التحتية.

- منع حركة حماس من تغيير قواعد المواجهة السابقة.

- قتل أكبر عدد من قيادات وعناصر "كتائب القسام"، والأذرع المسلحة لحركات المقاومة الأخرى.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار: ماذا حققت إسرائيل على أرض الواقع من هذه الأهداف؟

لقد تبين أن إسرائيل ليس فقط لم تحقق الأهداف التي وضعتها لنفسها، بل إنَّ هامش المناورة لقياداتها السياسية قد تآكل إلى حد كبير في أعقاب هذه المواجهة، ويمكن رصد مظاهر التراجع الإسرائيلي بعد المواجهة على النحو التالي:

1- حدوث مزيد من التآكل على قوة الردع الإسرائيلي، بدلاً من ترميمها؛ فقد اعتقدت إسرائيل أن اغتيال الجعبري وضرب مخزون حركة حماس من الصواريخ سيولد قوة ضغط نفسية تدفع الحركة للإسراع لطلب التهدئة. وقد عبر عن ذلك موشيه يعلون، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي قال في بداية الحملة: "لن نوقف الهجوم حتى تركع حماس على ركبتيها وتطلب التهدئة"، لكن ما حدث أنَّ رد حماس قد تجاوز التوقعات، بحيث إن صواريخ المقاومة لم تصل تل أبيب فقط، بل وصلت القدس المحتلة، بل وتجاوزتها لتضرب مدينة "هرتسليا". ولقد شكل هذا ضربة هائلة للروح المعنوية للجمهور الإسرائيلي، حيث إن حوالي أربعة ملايين إسرائيلي أصبحوا مضطرين للاحتماء بالملاجئ. وحتى نتعرف على ما حدث، نجد أن مدينة "تل أبيب"، التي يطلق عليها الإسرائيليون عادة "مدينة بدون توقف" -في إشارة إلى قوة الحركة الجماهيرية فيها- قد تحولت إلى مدينة أشباح.

2- شكَّل رد حماس دليلًا على ما بات يطلِق عليه المعلقون الإسرائيليون "عمى استخباري" إسرائيلي، حيث إن باراك أشار عند بَدء الحملة إلى أن إسرائيل قد تمكنت بالفعل من القضاء على مخزون الحركة من صواريخ "فجر"، التي قال: إنه قد تم تهريبها من إيران، لكن فيما بعد تبين أن الصواريخ التي وصلت تل أبيب والقدس، والتي أحدثت الضرر الكبير في "ريشون ليتسيون"، هي صواريخ محلية الصنع، أطلقت عليها حماس اسم "إم 75"، وهذا شكَّل صدمة لصناع القرار في تل أبيب، وأحرج الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية.

3- لقد ثبَّتت نتائج الحملة قواعد المواجهة التي خططت لها حركة حماس، والمتمثلة في منع إسرائيل من مواصلة عمليات الاغتيال، ووضع نهاية لهامش الحرية المطلق الذي كان متاحًا لإسرائيل في قطاع غزة على صعيد العمل العسكري، حيث إن إسرائيل التزمت في التفاهمات بوقف عمليات الاغتيال، وهذا إنجاز كبير وهام جدًّا لحماس.

4- أثَّرت الصورة التي انتهت إليها الحملة على مصداقية القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب أمام الرأي العام الإسرائيلي؛ فقد أمر نتنياهو بتجنيد 75 ألف جندي من أجل شن حملة برية على القطاع؛ صحيح أن الهدف الرئيس من هذا التحرك كان ممارسة ضغوط نفسية على قيادة حماس من أجل دب الرعب فيها وإجبارها على وقف إطلاق النار بدون قيد أو شرط؛ لكنها في المقابل أظهرت نتنياهو والقيادة السياسية أمام الرأي العام الإسرائيلي كقيادة غير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة ومهمة في لحظة الحقيقة. ولعل الحدث الذي يبرز ذلك بشكل واضح هو صفحة الفيسبوك التي دشَّنها جنود الاحتياط الذين جُندوا لشن الحملة البرية، فقد اتهمت نتنياهو بالجبن وأنه "قمامة"، حيث أصبحت هذه الصفحة أكثر المواد تداولًا على الإنترنت بالنسبة للإسرائيليين.

5- لقد اتضح من خلال إعلانات نتنياهو وباراك وليبرمان في مطلع الحملة أن أقصى ما يمكن أن توافق عليه إسرائيل لإنهاء الحرب هو أن يتم وقف إطلاق نار ثنائي دون أي شروط، لكن ما حدث في الواقع أن المقاومة قد استغلت المواجهة في إملاء شروطها، والمتمثلة في:

أ. رفع الحصار وفتح المعابر الحدودية مع إسرائيل ومعبر رفح.

ب. السماح لصيادي السمك بالعمل في الأعماق التي يسمح بها اتفاق أوسلو، مع العلم أن إسرائيل كانت لا تسمح للصادين بالصيد في عمق أكثر من كيلومتر.

ج. وضع حد لوجود الحزام الأمني الذي كانت تقيمه إسرائيل في عمق قطاع غزة، والذي يمتد لمسافة 300-1000 متر.

لقد كان الرهان على المقاومة في مكانه، وهذا ما أصاب الرأي العام والنخب في الكيان الصهيوني بحالة إحباط غير مسبوقة جعلت الكثيرين يصبون جام غضبهم على نتنياهو وحكومته ويطرحون التساؤلات المقلقة حول الوزن الحقيقي لقوة إسرائيل العسكرية.