هل السعودية محصنة ؟
مرسل: الاثنين مايو 06, 2013 2:20 am
هل السعودية محصنة ؟
سأتناول من وقت لآخر تحت التصنيف “نقد لدراسة منشورة” بالعرض و التحليل أحد المقالات الجديرة “برأيي” لعرضها للقاريء العربي و السعودي و لتعميم الفائدة…
مقال اليوم كتبه ستيفان لاكروا، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في باريس و مؤلف كتاب “إحياء الإسلام: سياسات المعارضة الدينية في السعودية”… المقال بعنوان” هل السعودية محصّنة؟” و منشور في مجلة “ميوز” في العدد 22 رقم 2 السنة 2011…
أسئلة المقال
يحاول الكاتب الإجابة عن مجموعة من الأسئلة حول أبرز الحركات السياسية المعارضة في المملكة و ماهو رد فعل الحكومة في التعاطي مع حركات المعارضة؟ من هم رموز الحركات المعارضة و الإصلاحية المحلية؟ و أخيرا هل الإصلاح السياسي عملية مستحيلة في السعودية؟…أهمية المقال تعود لكونه يعرض تلخيصا عاما و شاملا لتيارات المعارضة السياسية في السعودية منذ خروج جهيمان العتيبي و حتى اليوم للوصول إلى إجابة لهذه الأسئلة…
تاريخ المعارضة السياسية
يعود الكاتب إلى الخمسينات وقت ظهور أول حركة معارضة سياسية للحكومة، و لكنه يعزو أهم حركة من ناحية التأثير العام في سياسات الحكومة إلى 1979 بعد احتلال الحرم من جهيمان العتيبي و بعض مئات من أتباع المهدي و حتى انتهاء الاحتلال بمقتل أكثر من مائتي شخص من المسلّحين و المدنيين و أفراد الأمن، كما يشير إلى حركة شبيهة في الوقت نفسه في المنظقة الشرقية قامت الحكومة في وقتها بالقضاء عليها بالقوة، و يأتي الكاتب بعدها إلى أهم حراك سياسي معارض-برأيه- وهو ظهور حركة الإصلاحيين الصحويين في بدايات التسعينات بالتزامن مع حرب الخليج الأولى، يعزو الكاتب أهمية الحركة إلى شعبيتها الكبيرة بين المجتمع السعودي المتديّن بالأصل و إلى مزجها بين الطابع السياسي للإخوان المسلمين و المحلي للسلفيين الوهابيين. كانت البداية بإصدار الحركة بيانات رسمية بشكل علني للمرة الأولى و تعرض مئات و ربما آلاف الأشخاص من المنتسبين لها للاعتقال مابين 1994-1995 و بهذا وضعت نهاية لما يسمى “بعودة الصحويين”. يذكر الكاتب أن نهاية التسعينات شهدت ظهور المعارضة المسلّحة “تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية” و الذي نفّذ عدة هجمات محلية منذ 2003-2006 حتى نجحت السلطات السعودية في القضاء عليهم.
الإصلاحيون الدستوريون
في مقابل المعارضة المسلّحة ظهرت حركة سلمية متنامية بقيادة رموز سابقين للصحوة من أمثال عبد الله الحامد و عبد العزيز القاسم، و تميّزت عن غيرها من الحركات المعارضة بانضمامها مع التيارات السياسية المختلفة كالليبراليين و الشيعة تحت مظلة مطالبة موحّدة وهي “الملكية الدستوريّة”…
كانت مطالب الملكية الدستورية التي تمت صياغتها بعبارات إسلامية حركة غير مسبوقة في السعودية، كما كان اتحاد الإسلاميين الصحويين و اللا إسلاميين في الحركة. و تعرض منذ العام 2003 رموز الحركة من الإصلاحيين الدستوريين للمضايقات من السلطة لإطلاقهم مجموعة بينات رسمية و عرائض للإصلاح و في فبراير 2007 اعتقل عشرة قيادات بارزة في الحركة لإصدارهم “معالم على طريق الملكية الدستورية” بتهم مساندة الإرهاب، كانت الشائعات تدور أن الرجال العشرة على وشك إعلان تأسيس حزب سياسي، و حتى الآن لا زال معظمهم بالسجن…
ينتقل الكاتب للحراك التالي و الذي نشأ برأيه كرد فعل من الناشطين على غياب تأييد شعبي لاعتقال الإصلاحيين الدستوريين، يقول أحد الإصلاحيين الجدد للكاتب “اوجدنا أن الحديث بلغة إسلامية كان كافيا لحشد الشعبية إلا أن حراكنا لن يكون فعّالا في مجتمع يفتقد للوعي السياسي” و من هنا نشأ الحراك السياسي و من بوابة حقوق الإنسان و خصوصا السجناء السياسيين و المقدّر عددهم في السعودية ما بين 10000 و 30000 سجين بلا محاكمة على خلفيات تهم تتعلق بالإرهاب، يذكر الكاتب أن النشطاء حاربوا الاعتقال التعسفي ليس فقط من باب مخالفته للمباديء الإسلامية و لكن لمخالفته للمعاهدات و الأنظمة الرسمية للحكومة… و في نهايات 2009 تم تأسيس أول حزب مستقل لمراقبة حقوق الإنسان في السعودية “جمعية الحقوق السياسية و المدنية السعودية“، و بالرغم من اعتقال بعض أعضائها بقيت الجمعية فعّالى في إصدار البيانات الرسمية و التعليقات على المخالفات عبر موقعها الذي قاوم محاولات الحجب المتتالية…
حزب الأمة الإسلامي
يذكر الكاتب محاولة عشرة أشخاص من رموز الحركة الإصلاحية الدستورية انتهاز فرصة الثورات العربية لإحياء المطالب الدستورية و إنشاء “حزب الأمة الإسلامي“، و يربط للقاريء الصلة بين الأعضاء المؤسسين و بين رموز إصلاحية أخرى في الخليج بنفس التوجه الأيديولوجي مثل حاكم المطيري، الكاتب الإسلامي الكويتي و محاولته تأسيس ديمقراطية مبنية على التشريع الإسلامي السلفي، حيث محاولة إعلان حزب الأمة السعودية هي امتداد لحزب الأمة الكويتي بقيادة المطيري و الذي ينادي بإعلاء حكومة “الحقّ” وهو مفهوم يتجاوز الملكية الدستورية و يشكّك في شرعية الملكية كنظام حكم من الأساس. و حتى اليوم يبقى 7 من الأعضاء المؤسسين للحزب السعودي معتقلين منذ الإعلان عن الحزب. لكن ذلك لم يثن جمعية الحقوق السياسية و المدنية عن زيادة الضغط الإعلامي على السلطات و خصوصا بعد سقوط نظام حسني مبارك في مصر و تلويحها للسلطات بضرورة الملكية الدستورية في السعودية كمخرج وحيد من التعرض لمصير مشابه…
التيارات الفاعلة خلف مطالب الإصلاح السعودية منذ بداية الثورات العربية
يقارن الكاتب بين عريضتين هامتين لمطالب الإصلاح صدرتا بالتزامن في فبراير 2011، و لكونهما استخدما الانترنت للوصول إلى أكبر عدد من الناس فقد تم حصد آلاف التواقيع على كل منهما، العريضة الأولى “بيان الملكية الدستورية” بواسطة أحد أهم رموز الليبرالية محمد سعيد طيب و نجيب الخنيزي الذي يصفه الكاتب بالشيوعي السابق، و ركزت على مفاهيم الملكية الدستورية. و العريضة الثانية “نحو دولة الحقوق و المؤسسات” الصادرة عن رموز الحركة الإسلامية كسلمان العودة و الذي كلفه نشاطه المتزايد بعد الثورات العربية برنامجه الأسبوعي “الحياة كلمة”. كان تركيز بيان الحقوق و المؤسسات على الإصلاح المؤسساتي بلا دعوة لملكية دستورية و لكن الدعوة إلى مجلس شورى منتخب بالكامل و حكومة يمكن مراقبة أداءها و مساءلتها. من أبرز الموقعين كان محمد الأحمري و الذي ظهر اسمه على البيانين معا، و الأحمري هو قيادة بارزة في التجمع الإسلامي لشمال أمريكا و الداعي إلى حراك إسلامي ديمقراطي، و هي ظاهرة جديرة بالتأمل في السعودية حيث انضم عدد كبير من المفكرين و المثقفين إلى البيانات بالرغم من انتماءاتهم المختلفة مما يفصح عن وحدة المطالب المذكورة في البيانات و أهميتها لمختلف التيارات الفكرية. لك فات على الكاتب أن يذكر أن البين الأول تراجع عنه عدد من واضعيه بسبب عدم علمهم بعلانيته أو رفضهم لبعض بنوده كما ورد في المواقع المختلفة…
كما أشار الكاتب أيضا إلى شباب السعودية النشط في المواقع الاجتماعية مثل تويتر و فيسبوك و أغلبهم من خريجي مدارس الصحوة الإسلامية سابقا و المرتدين عليها لعدم وضوح القيادات أو رؤيتهم السياسية للإصلاح. و يربط هنا بين نقطة التمرد على الجيل السابق الملحوظة في شباب السعودية و شباب الإخوان المسلمين في مصر: كلاهما مختلفان مع التقاليد الفكرية لمؤسسي الحركات القدامى و لكن يعملان على ردم الهوة بين المباديء الإسلامية القديمة و مباديء الليبرالية الحديثة. شباب الإخوان انضموا للثورة المصرية في نهايتها و لم يكونوا فاعلين سياسيا، و لذلك يعرّف الشباب عن فكره بعبارة “الشباب” فقط بلا أيديولوجية محددة. و هكذا قدّم 49 شخص من الشباب السعوديين أنفسهم في خطاب مفتوح في 23 فبراير للملك السعودي الثمانيني، و كانت أحد مطالبهم هو أن يكون متوسط عمر الوزراء و المسؤولين مابين 40-45 عاما بالتقريب. وهي نقطة جديرة بالاهتمام من الباحث و كانت تلك إحدى النقاط التي توقفت عندها في فبراير الماضي عندما وصلني خطاب الشباب للتوقيع عليه، شخصيا لا أعتقد أن العمر هو المحك و لكن الصلاحيات لأن بعض الوزراء في عمر صغير و لكن الصلاحيات تقيّد الكثير منهم، كما يذكر الكاتب أن الشباب من موقّعي الخطاب لم يحركهم فقط الجو العربي العام للثورات لعمل مطالب جماعية، فغالبيتهم كانوا نشطين على المواقع الاجتماعية منذ 2008 و نجحوا في تحريك حملات مدنية لإنقاذ مدينة جدة من الفيضانات مثلا، و يلفت الانتباه إلى الجانب الحقوقي البارز في اهتمامات الشباب كما في “المرصد السعودي لحقوق الإنسان” لمؤسسه وليد أبو الخير، وفؤاد الفرحان المدوّن الشهير المعتقل في 2007 لنشاطه الحقوقي، ومحمد البجادي عضو جمعية الحقوق المدنية و السياسية و المعتقل حتى الآن، و محمد العبد الكريم المعتقل سابقا على خلفية مقال سياسي يطالب بشرعية الحكم للأمة بدلا من الاعتماد على عائلة حاكمة متفرقة، إبراهيم النوفل مؤسس مجلة رؤية، و يذهب الباحث من هنا لاستعراض النشاط الالأكتروني المكثف للسعوديين بعد الثورات و الصفحات التي أنشئت لتجمع السعوديين الأحرار و ثورة يوم الغضب المشابهة لثورة مصر و تونس، و يذكر أن صفحات حزب الأمة الإسلامي كانت الأكثر علنية و تعريفا بأعضائها، و يرى أن حركة حنين كانت تكسب قبولا متسارعا في الشارع و خصوصا بعد خروج الشاب محمد الودعاني في تظاهرة أمام مسجد الراجحي و هو ينادي بسقوط الملكية، إلا أن اعتقاله أوقف نشاط الحركة …
الاضطرابات في شرق السعودية
يشير الكاتب هنا إلى النشاط السياسي النشط لشباب الشيعة على المواقع الاجتماعية و المدوّنات، و يلاحظ اختلاف الشباب عن الجيل السابق من الشيعة بشقّيه “الشيرازيين” و “نسل الإمام”، فعلى العكس من الجيل السابق الذي لجأ إلى التفاوض الخفي و الهاديء مع الحكومة يقف شباب الشيعة معارضين لهذا النهج الذي لم يرفع التمييز الاجتماعي و الاقتصادي و الديني الممارس ضدهم. يحدد الكاتب نشاط مجموعات الشيعة الالكترونية في جبهتين “إطلاق المساجين بلا محاكمة” منذ تفجيرات الخبر 1996 و التي أدت لمقتل 19 مدنيا أمريكيا و شخص سعودي، و “مناصرة ثورة البحرين” و هو مطلب دعمه بعض علماء الشيعة كالشيخ نمر النمر و الذي هدد في 2009 بانفصال المنطقة الشرقية في خطبة شهيرة، أشار الكاتب لمظاهرات شيعية مستمرة منذ ذلك الوقت بداية بالعوامية مدينة الشيخ النمر و حتى التسارع في الأحداث بعد مشاركة السعودية في كبح ثورات البحرين. و يتفق الكاتب مع طارق الحميّد الكاتب في جريدة الشرق الأوسط حول اختلاف وضع السعودية عن مصر و تونس ولكن لسبب آخر، فهو يرى أن امتلاك السعودية دخلا هائلا من النفط مكّنها حالياليس فقط من شراء ولاء و تحالف اللاعبين الأساسيين سياسيا بل أيضا امتلاك أفضل أدوات الضبط و الاستخبارات و الأمن للتحكم في الإعلام الدولي و المحلي. و يعزو الكاتب نجاح السياسي السعودي في احتواء الغضب إلى أمرين أساسيين: مرجعية السعودية الدينية العالية بسبب الحرمين و اعتمادها على تيار ديني أصولي يشرعن الولاء للسياسي وأيضا تقديم النظام السياسي السعودي كالنظام الوحيد القادر على توحيد الدولة و الضامن لتقدمها و رخاءها وسط تيارات محلية قبلية و دينية متأخرة و متصارعة. هذا السبب الأخير جمع حول الدولة مجموعة من المفكرين الليبراليين الذين أسماهم الكاتب في تشبيه لطيف “أصدقاء النظام” أو “ريجيم-فريندلي”، حيث قدمت القيادة السعودية مؤخرا حزمة من السياسات التقدمية في جانب مدني غير معتاد من الدولة…
و من ناحية أخرى يشير الكاتب إلى الاستخدام السياسي لرجال الدين حيث قام المفتي و 90 شيخ بنحريم المظاهرات و إصدار البيانات و شارك الإعلام المحلي في رفض يوم الغضب عبر تخوين المنظمين له و اتهامهم بتخريب وحدة البلاد، كما تفادت الدولة غضب الجبهات الأكثر عرضة للثورة من الفقراء و المعدمين كما في مصر و تونس بتقديم مجموعة مزايا مادية مفاجئة… و في الوقت نفسه ذهبت مجموعة من المكافآت و المزايا للهيئات الدينية بالتزامن مع قرار يمنع نقد كبار العلماء إعلاميا، الحل الأمني كان حاضرا بمحاولة ربط الثورات بالشيعة لتقليل شعبيتها و التحذير من إظهار اي اعتراض، و أعادت الحكومة أيضا إجراء الانتخابات البلدية و التي توقفت لعامين و منعت المرأة مؤقتا من المشاركة إرضاء للتيار الديني و حرصا على ولائه… يشبه هذا النظام السياسي الكائن الروماني و البيزنطي الأسطوري “الصقر” و الذي يرمز برأسيه الاثنتين إلى دولة تحكمها قوتين “الديني و المدني”…
المعارضة التي لم تتم
تحت هذا العنوان تساءل الكاتب عن أسباب عدم نجاح مطالب المارضة بالرغم من حشد الجهود للمرة الأولى، و يرى أن صمت التيار الصحوي عن مساندة بيانات الإصلاح لم يكن مفهوما و الأغرب أن غالبية أعضاءه عارضت البيانات مع تأكيدهم على مطالب العدالة الاجتماعية و الاقتصادية و لكن بعيدا عن أي تغيير سياسي، أما لماذا يركّز الكاتب على الصحويين فلأنه يرى أنهم الأكثر انتشارا و تنظيما في السعودية بدليل فوزهم بمعظم المقاعد الانتخابية في البلديات وهو يرى لذلك أن لا مستقبل ناجح لأي مطالب للمعارضة بلا دعم من الصحويين السعوديين أو الإخوانيين، و بالذات في ضوء نجاح النظام السياسي السعودي في احتواء السنّة و كسب تأييدهم و أيضا احتواء و كسب رموز الشيعة كالشيخ الصفّار و عبد الله الخنيزي و كلاهما أصدر بينات لشباب الشيعة بالتوقف عن المظاهرات و المعارضة…
محاور جديدة للحراك السياسي
تحت هذا العنوان يحلل الكاتب أهم محاور المعارضة الجديدة، و هو يؤكد أن فوات فرصة الإصلاح الشامل في مارس جعلت الإصلاحيين أكثر تصميما على العمل على محاور محددة، و أهمها مشكلة السجناء السياسيين و التي يفق على وجوب حلها كافة الفصائل السعودية على اختلافها بما فيهم شيوخ الصحوة حيث تظهر أسماء كثيرة من شباب الصحوة بين المعتقلين، وهو يشير إلى مطالبات إبراهيم السكران و يوسف الأحمد و مواجهتهم للسلطة بحل مشكلة السجناء، كما يشير إلى الاعتصامات المنظمة بشكل دوري بواسطة جمعية الحقوق المدنية و السياسية لأقارب المعتقلين و للنشطاء أمام وزارة الداخلية بالرياض و إصدار البيانات الموقعة من آلاف الأشخاص…
كما يشير الكاتب إلى نداءات المقاطعة الشبابية للانتخابات البلدية لعام 2011 عبر المواقع الاجتماعية و المنظمة عبر 67 مثقف معظمهم من الشباب، على خلفية تدني صلاحيات الأعضاء المنتخبين و تغييب دور النساء. و في المقابل ذكر مجموعة “شباب جدة للمجلس البلدي” و التي دعت للمشاركة في العملية الانتخابية على محدودية الصلاحيات.
و تحدث عن حملة منال الشريف لقيادة السيارة في يوم 17 يونيو و التي انتهت بقيادة 50 امرأة تقريبا في مختلف مدن المملكة، وهو يرى أن إحياء موضوع قيادة المرأة من جديد كان مرحّبا به من القيادة السياسية لتسليطه الضوء على المطالبات الاجتماعية بدلا من التغيير السياسي، و يرى الكاتب أن عقدين من الزمان شهدا تغييرا في مواقف رجال الصحوة من حقوق المرأة مثل محمد الأحمري و قيس المبارك من هيئة كبار العلماء، لذلك يرى الكاتب أن الخطوط الفاصلة بين التيارات قد أزاحها الحراك النسوي… على أني شخصيا لم أر تقدما يذكر على موضوع القيادة أو الحقوق الأساسية للنساء إلا أن زيادة الوعي بالحراك النسائي و فرضه كأجندة هامة سياسيا و اجتماعيا كان من أفضل المكاسب الحملات النسوية…
يلخّص الكاتب سياسة المملكة في مواجهة المعرضة بأنها مؤقتة و لن تصلح على المدى الطويل، فموارد الدولة المادية و الرمزية لها حدود و بالتالي فسياسة شراء الولاء و الصمت لن تصلح كحل دائم أو في حال تدني أسعار النفط مثلا، كما أن استحواذ سلطة التشريع الديني و خاصة مع منع الفتوى مؤخرا لا يمكن استكراره، و يشير إلى محاولات العلماء المستقلين تجاوز و تحدّي التشريعات الدينية الرسمية، كما أن نمو الناشطين الشباب العستخدمين للإعلام و التكونولوجيا لمكافحة الرقابة الرسمية يزداد… و يرى الكاتب أن أهم العوامل في المعارضة هو مشاركة رموز الصحوة كسلمان العودة في بيانات الإصلاح و على ألخص في مسألة السجناء السياسيين التي توحّد الجميع…
و يقرأ الكاتب مستقبل القيادة السياسية عند انتقالها إلى الجيل الثاني من الأمراء الأصغر سنا من الجيل الحالي، و الذي تتراوح أعمارهم ما بين 88 للملك و حتى 66 عاما للأمير مقرن رئيس الاستخبارات العامة، حيث يصعب الاستمرار الأفقي في انتقال القيادة السياسية بالرغم من هيئة البيعة التي أنشأها الملك مؤخرا، هناك مئات الأمراء من الجيل الثاني و من فروع مختلفة، و يرى الكاتب أن أحد هذه الفروع سينجح بالنهاية في فرض نفسه و سلالته على القيادة السياسية و تحويلها لنظام أبوي متوارث بدلا من النظام الأفقي، وهو ما سيجعل التنافس على المناصب السياسية أكثر حدة في العقود القادمة، و سيخلق فرصة للإصلاحيين النشطين حيث ستبحث هذه الفروع الملكية عن دعم الناشطين الأكثر تأثيرا لتثبيت مكانتها السياسية في هذا التنافس و لكي تصنع تحالفات جديدة، يفيد الكاتب أن هذا السيناريو اقترحه أحد الإصلاحين الشباب و انه سيكون الطريقة الأكثر انسيابية لحدوث التغيير السياسي، و يرى الناشط الشاب أنه في حال عدم حدوث ذلك فستدخل الدولة في 30 عاما أخرى من الديكتاتورية حتى يتفجر الوضع و يقول “ليكن الله في عوننا عندما يحدث ذلك”…
سأتناول من وقت لآخر تحت التصنيف “نقد لدراسة منشورة” بالعرض و التحليل أحد المقالات الجديرة “برأيي” لعرضها للقاريء العربي و السعودي و لتعميم الفائدة…
مقال اليوم كتبه ستيفان لاكروا، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية في باريس و مؤلف كتاب “إحياء الإسلام: سياسات المعارضة الدينية في السعودية”… المقال بعنوان” هل السعودية محصّنة؟” و منشور في مجلة “ميوز” في العدد 22 رقم 2 السنة 2011…
أسئلة المقال
يحاول الكاتب الإجابة عن مجموعة من الأسئلة حول أبرز الحركات السياسية المعارضة في المملكة و ماهو رد فعل الحكومة في التعاطي مع حركات المعارضة؟ من هم رموز الحركات المعارضة و الإصلاحية المحلية؟ و أخيرا هل الإصلاح السياسي عملية مستحيلة في السعودية؟…أهمية المقال تعود لكونه يعرض تلخيصا عاما و شاملا لتيارات المعارضة السياسية في السعودية منذ خروج جهيمان العتيبي و حتى اليوم للوصول إلى إجابة لهذه الأسئلة…
تاريخ المعارضة السياسية
يعود الكاتب إلى الخمسينات وقت ظهور أول حركة معارضة سياسية للحكومة، و لكنه يعزو أهم حركة من ناحية التأثير العام في سياسات الحكومة إلى 1979 بعد احتلال الحرم من جهيمان العتيبي و بعض مئات من أتباع المهدي و حتى انتهاء الاحتلال بمقتل أكثر من مائتي شخص من المسلّحين و المدنيين و أفراد الأمن، كما يشير إلى حركة شبيهة في الوقت نفسه في المنظقة الشرقية قامت الحكومة في وقتها بالقضاء عليها بالقوة، و يأتي الكاتب بعدها إلى أهم حراك سياسي معارض-برأيه- وهو ظهور حركة الإصلاحيين الصحويين في بدايات التسعينات بالتزامن مع حرب الخليج الأولى، يعزو الكاتب أهمية الحركة إلى شعبيتها الكبيرة بين المجتمع السعودي المتديّن بالأصل و إلى مزجها بين الطابع السياسي للإخوان المسلمين و المحلي للسلفيين الوهابيين. كانت البداية بإصدار الحركة بيانات رسمية بشكل علني للمرة الأولى و تعرض مئات و ربما آلاف الأشخاص من المنتسبين لها للاعتقال مابين 1994-1995 و بهذا وضعت نهاية لما يسمى “بعودة الصحويين”. يذكر الكاتب أن نهاية التسعينات شهدت ظهور المعارضة المسلّحة “تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية” و الذي نفّذ عدة هجمات محلية منذ 2003-2006 حتى نجحت السلطات السعودية في القضاء عليهم.
الإصلاحيون الدستوريون
في مقابل المعارضة المسلّحة ظهرت حركة سلمية متنامية بقيادة رموز سابقين للصحوة من أمثال عبد الله الحامد و عبد العزيز القاسم، و تميّزت عن غيرها من الحركات المعارضة بانضمامها مع التيارات السياسية المختلفة كالليبراليين و الشيعة تحت مظلة مطالبة موحّدة وهي “الملكية الدستوريّة”…
كانت مطالب الملكية الدستورية التي تمت صياغتها بعبارات إسلامية حركة غير مسبوقة في السعودية، كما كان اتحاد الإسلاميين الصحويين و اللا إسلاميين في الحركة. و تعرض منذ العام 2003 رموز الحركة من الإصلاحيين الدستوريين للمضايقات من السلطة لإطلاقهم مجموعة بينات رسمية و عرائض للإصلاح و في فبراير 2007 اعتقل عشرة قيادات بارزة في الحركة لإصدارهم “معالم على طريق الملكية الدستورية” بتهم مساندة الإرهاب، كانت الشائعات تدور أن الرجال العشرة على وشك إعلان تأسيس حزب سياسي، و حتى الآن لا زال معظمهم بالسجن…
ينتقل الكاتب للحراك التالي و الذي نشأ برأيه كرد فعل من الناشطين على غياب تأييد شعبي لاعتقال الإصلاحيين الدستوريين، يقول أحد الإصلاحيين الجدد للكاتب “اوجدنا أن الحديث بلغة إسلامية كان كافيا لحشد الشعبية إلا أن حراكنا لن يكون فعّالا في مجتمع يفتقد للوعي السياسي” و من هنا نشأ الحراك السياسي و من بوابة حقوق الإنسان و خصوصا السجناء السياسيين و المقدّر عددهم في السعودية ما بين 10000 و 30000 سجين بلا محاكمة على خلفيات تهم تتعلق بالإرهاب، يذكر الكاتب أن النشطاء حاربوا الاعتقال التعسفي ليس فقط من باب مخالفته للمباديء الإسلامية و لكن لمخالفته للمعاهدات و الأنظمة الرسمية للحكومة… و في نهايات 2009 تم تأسيس أول حزب مستقل لمراقبة حقوق الإنسان في السعودية “جمعية الحقوق السياسية و المدنية السعودية“، و بالرغم من اعتقال بعض أعضائها بقيت الجمعية فعّالى في إصدار البيانات الرسمية و التعليقات على المخالفات عبر موقعها الذي قاوم محاولات الحجب المتتالية…
حزب الأمة الإسلامي
يذكر الكاتب محاولة عشرة أشخاص من رموز الحركة الإصلاحية الدستورية انتهاز فرصة الثورات العربية لإحياء المطالب الدستورية و إنشاء “حزب الأمة الإسلامي“، و يربط للقاريء الصلة بين الأعضاء المؤسسين و بين رموز إصلاحية أخرى في الخليج بنفس التوجه الأيديولوجي مثل حاكم المطيري، الكاتب الإسلامي الكويتي و محاولته تأسيس ديمقراطية مبنية على التشريع الإسلامي السلفي، حيث محاولة إعلان حزب الأمة السعودية هي امتداد لحزب الأمة الكويتي بقيادة المطيري و الذي ينادي بإعلاء حكومة “الحقّ” وهو مفهوم يتجاوز الملكية الدستورية و يشكّك في شرعية الملكية كنظام حكم من الأساس. و حتى اليوم يبقى 7 من الأعضاء المؤسسين للحزب السعودي معتقلين منذ الإعلان عن الحزب. لكن ذلك لم يثن جمعية الحقوق السياسية و المدنية عن زيادة الضغط الإعلامي على السلطات و خصوصا بعد سقوط نظام حسني مبارك في مصر و تلويحها للسلطات بضرورة الملكية الدستورية في السعودية كمخرج وحيد من التعرض لمصير مشابه…
التيارات الفاعلة خلف مطالب الإصلاح السعودية منذ بداية الثورات العربية
يقارن الكاتب بين عريضتين هامتين لمطالب الإصلاح صدرتا بالتزامن في فبراير 2011، و لكونهما استخدما الانترنت للوصول إلى أكبر عدد من الناس فقد تم حصد آلاف التواقيع على كل منهما، العريضة الأولى “بيان الملكية الدستورية” بواسطة أحد أهم رموز الليبرالية محمد سعيد طيب و نجيب الخنيزي الذي يصفه الكاتب بالشيوعي السابق، و ركزت على مفاهيم الملكية الدستورية. و العريضة الثانية “نحو دولة الحقوق و المؤسسات” الصادرة عن رموز الحركة الإسلامية كسلمان العودة و الذي كلفه نشاطه المتزايد بعد الثورات العربية برنامجه الأسبوعي “الحياة كلمة”. كان تركيز بيان الحقوق و المؤسسات على الإصلاح المؤسساتي بلا دعوة لملكية دستورية و لكن الدعوة إلى مجلس شورى منتخب بالكامل و حكومة يمكن مراقبة أداءها و مساءلتها. من أبرز الموقعين كان محمد الأحمري و الذي ظهر اسمه على البيانين معا، و الأحمري هو قيادة بارزة في التجمع الإسلامي لشمال أمريكا و الداعي إلى حراك إسلامي ديمقراطي، و هي ظاهرة جديرة بالتأمل في السعودية حيث انضم عدد كبير من المفكرين و المثقفين إلى البيانات بالرغم من انتماءاتهم المختلفة مما يفصح عن وحدة المطالب المذكورة في البيانات و أهميتها لمختلف التيارات الفكرية. لك فات على الكاتب أن يذكر أن البين الأول تراجع عنه عدد من واضعيه بسبب عدم علمهم بعلانيته أو رفضهم لبعض بنوده كما ورد في المواقع المختلفة…
كما أشار الكاتب أيضا إلى شباب السعودية النشط في المواقع الاجتماعية مثل تويتر و فيسبوك و أغلبهم من خريجي مدارس الصحوة الإسلامية سابقا و المرتدين عليها لعدم وضوح القيادات أو رؤيتهم السياسية للإصلاح. و يربط هنا بين نقطة التمرد على الجيل السابق الملحوظة في شباب السعودية و شباب الإخوان المسلمين في مصر: كلاهما مختلفان مع التقاليد الفكرية لمؤسسي الحركات القدامى و لكن يعملان على ردم الهوة بين المباديء الإسلامية القديمة و مباديء الليبرالية الحديثة. شباب الإخوان انضموا للثورة المصرية في نهايتها و لم يكونوا فاعلين سياسيا، و لذلك يعرّف الشباب عن فكره بعبارة “الشباب” فقط بلا أيديولوجية محددة. و هكذا قدّم 49 شخص من الشباب السعوديين أنفسهم في خطاب مفتوح في 23 فبراير للملك السعودي الثمانيني، و كانت أحد مطالبهم هو أن يكون متوسط عمر الوزراء و المسؤولين مابين 40-45 عاما بالتقريب. وهي نقطة جديرة بالاهتمام من الباحث و كانت تلك إحدى النقاط التي توقفت عندها في فبراير الماضي عندما وصلني خطاب الشباب للتوقيع عليه، شخصيا لا أعتقد أن العمر هو المحك و لكن الصلاحيات لأن بعض الوزراء في عمر صغير و لكن الصلاحيات تقيّد الكثير منهم، كما يذكر الكاتب أن الشباب من موقّعي الخطاب لم يحركهم فقط الجو العربي العام للثورات لعمل مطالب جماعية، فغالبيتهم كانوا نشطين على المواقع الاجتماعية منذ 2008 و نجحوا في تحريك حملات مدنية لإنقاذ مدينة جدة من الفيضانات مثلا، و يلفت الانتباه إلى الجانب الحقوقي البارز في اهتمامات الشباب كما في “المرصد السعودي لحقوق الإنسان” لمؤسسه وليد أبو الخير، وفؤاد الفرحان المدوّن الشهير المعتقل في 2007 لنشاطه الحقوقي، ومحمد البجادي عضو جمعية الحقوق المدنية و السياسية و المعتقل حتى الآن، و محمد العبد الكريم المعتقل سابقا على خلفية مقال سياسي يطالب بشرعية الحكم للأمة بدلا من الاعتماد على عائلة حاكمة متفرقة، إبراهيم النوفل مؤسس مجلة رؤية، و يذهب الباحث من هنا لاستعراض النشاط الالأكتروني المكثف للسعوديين بعد الثورات و الصفحات التي أنشئت لتجمع السعوديين الأحرار و ثورة يوم الغضب المشابهة لثورة مصر و تونس، و يذكر أن صفحات حزب الأمة الإسلامي كانت الأكثر علنية و تعريفا بأعضائها، و يرى أن حركة حنين كانت تكسب قبولا متسارعا في الشارع و خصوصا بعد خروج الشاب محمد الودعاني في تظاهرة أمام مسجد الراجحي و هو ينادي بسقوط الملكية، إلا أن اعتقاله أوقف نشاط الحركة …
الاضطرابات في شرق السعودية
يشير الكاتب هنا إلى النشاط السياسي النشط لشباب الشيعة على المواقع الاجتماعية و المدوّنات، و يلاحظ اختلاف الشباب عن الجيل السابق من الشيعة بشقّيه “الشيرازيين” و “نسل الإمام”، فعلى العكس من الجيل السابق الذي لجأ إلى التفاوض الخفي و الهاديء مع الحكومة يقف شباب الشيعة معارضين لهذا النهج الذي لم يرفع التمييز الاجتماعي و الاقتصادي و الديني الممارس ضدهم. يحدد الكاتب نشاط مجموعات الشيعة الالكترونية في جبهتين “إطلاق المساجين بلا محاكمة” منذ تفجيرات الخبر 1996 و التي أدت لمقتل 19 مدنيا أمريكيا و شخص سعودي، و “مناصرة ثورة البحرين” و هو مطلب دعمه بعض علماء الشيعة كالشيخ نمر النمر و الذي هدد في 2009 بانفصال المنطقة الشرقية في خطبة شهيرة، أشار الكاتب لمظاهرات شيعية مستمرة منذ ذلك الوقت بداية بالعوامية مدينة الشيخ النمر و حتى التسارع في الأحداث بعد مشاركة السعودية في كبح ثورات البحرين. و يتفق الكاتب مع طارق الحميّد الكاتب في جريدة الشرق الأوسط حول اختلاف وضع السعودية عن مصر و تونس ولكن لسبب آخر، فهو يرى أن امتلاك السعودية دخلا هائلا من النفط مكّنها حالياليس فقط من شراء ولاء و تحالف اللاعبين الأساسيين سياسيا بل أيضا امتلاك أفضل أدوات الضبط و الاستخبارات و الأمن للتحكم في الإعلام الدولي و المحلي. و يعزو الكاتب نجاح السياسي السعودي في احتواء الغضب إلى أمرين أساسيين: مرجعية السعودية الدينية العالية بسبب الحرمين و اعتمادها على تيار ديني أصولي يشرعن الولاء للسياسي وأيضا تقديم النظام السياسي السعودي كالنظام الوحيد القادر على توحيد الدولة و الضامن لتقدمها و رخاءها وسط تيارات محلية قبلية و دينية متأخرة و متصارعة. هذا السبب الأخير جمع حول الدولة مجموعة من المفكرين الليبراليين الذين أسماهم الكاتب في تشبيه لطيف “أصدقاء النظام” أو “ريجيم-فريندلي”، حيث قدمت القيادة السعودية مؤخرا حزمة من السياسات التقدمية في جانب مدني غير معتاد من الدولة…
و من ناحية أخرى يشير الكاتب إلى الاستخدام السياسي لرجال الدين حيث قام المفتي و 90 شيخ بنحريم المظاهرات و إصدار البيانات و شارك الإعلام المحلي في رفض يوم الغضب عبر تخوين المنظمين له و اتهامهم بتخريب وحدة البلاد، كما تفادت الدولة غضب الجبهات الأكثر عرضة للثورة من الفقراء و المعدمين كما في مصر و تونس بتقديم مجموعة مزايا مادية مفاجئة… و في الوقت نفسه ذهبت مجموعة من المكافآت و المزايا للهيئات الدينية بالتزامن مع قرار يمنع نقد كبار العلماء إعلاميا، الحل الأمني كان حاضرا بمحاولة ربط الثورات بالشيعة لتقليل شعبيتها و التحذير من إظهار اي اعتراض، و أعادت الحكومة أيضا إجراء الانتخابات البلدية و التي توقفت لعامين و منعت المرأة مؤقتا من المشاركة إرضاء للتيار الديني و حرصا على ولائه… يشبه هذا النظام السياسي الكائن الروماني و البيزنطي الأسطوري “الصقر” و الذي يرمز برأسيه الاثنتين إلى دولة تحكمها قوتين “الديني و المدني”…
المعارضة التي لم تتم
تحت هذا العنوان تساءل الكاتب عن أسباب عدم نجاح مطالب المارضة بالرغم من حشد الجهود للمرة الأولى، و يرى أن صمت التيار الصحوي عن مساندة بيانات الإصلاح لم يكن مفهوما و الأغرب أن غالبية أعضاءه عارضت البيانات مع تأكيدهم على مطالب العدالة الاجتماعية و الاقتصادية و لكن بعيدا عن أي تغيير سياسي، أما لماذا يركّز الكاتب على الصحويين فلأنه يرى أنهم الأكثر انتشارا و تنظيما في السعودية بدليل فوزهم بمعظم المقاعد الانتخابية في البلديات وهو يرى لذلك أن لا مستقبل ناجح لأي مطالب للمعارضة بلا دعم من الصحويين السعوديين أو الإخوانيين، و بالذات في ضوء نجاح النظام السياسي السعودي في احتواء السنّة و كسب تأييدهم و أيضا احتواء و كسب رموز الشيعة كالشيخ الصفّار و عبد الله الخنيزي و كلاهما أصدر بينات لشباب الشيعة بالتوقف عن المظاهرات و المعارضة…
محاور جديدة للحراك السياسي
تحت هذا العنوان يحلل الكاتب أهم محاور المعارضة الجديدة، و هو يؤكد أن فوات فرصة الإصلاح الشامل في مارس جعلت الإصلاحيين أكثر تصميما على العمل على محاور محددة، و أهمها مشكلة السجناء السياسيين و التي يفق على وجوب حلها كافة الفصائل السعودية على اختلافها بما فيهم شيوخ الصحوة حيث تظهر أسماء كثيرة من شباب الصحوة بين المعتقلين، وهو يشير إلى مطالبات إبراهيم السكران و يوسف الأحمد و مواجهتهم للسلطة بحل مشكلة السجناء، كما يشير إلى الاعتصامات المنظمة بشكل دوري بواسطة جمعية الحقوق المدنية و السياسية لأقارب المعتقلين و للنشطاء أمام وزارة الداخلية بالرياض و إصدار البيانات الموقعة من آلاف الأشخاص…
كما يشير الكاتب إلى نداءات المقاطعة الشبابية للانتخابات البلدية لعام 2011 عبر المواقع الاجتماعية و المنظمة عبر 67 مثقف معظمهم من الشباب، على خلفية تدني صلاحيات الأعضاء المنتخبين و تغييب دور النساء. و في المقابل ذكر مجموعة “شباب جدة للمجلس البلدي” و التي دعت للمشاركة في العملية الانتخابية على محدودية الصلاحيات.
و تحدث عن حملة منال الشريف لقيادة السيارة في يوم 17 يونيو و التي انتهت بقيادة 50 امرأة تقريبا في مختلف مدن المملكة، وهو يرى أن إحياء موضوع قيادة المرأة من جديد كان مرحّبا به من القيادة السياسية لتسليطه الضوء على المطالبات الاجتماعية بدلا من التغيير السياسي، و يرى الكاتب أن عقدين من الزمان شهدا تغييرا في مواقف رجال الصحوة من حقوق المرأة مثل محمد الأحمري و قيس المبارك من هيئة كبار العلماء، لذلك يرى الكاتب أن الخطوط الفاصلة بين التيارات قد أزاحها الحراك النسوي… على أني شخصيا لم أر تقدما يذكر على موضوع القيادة أو الحقوق الأساسية للنساء إلا أن زيادة الوعي بالحراك النسائي و فرضه كأجندة هامة سياسيا و اجتماعيا كان من أفضل المكاسب الحملات النسوية…
يلخّص الكاتب سياسة المملكة في مواجهة المعرضة بأنها مؤقتة و لن تصلح على المدى الطويل، فموارد الدولة المادية و الرمزية لها حدود و بالتالي فسياسة شراء الولاء و الصمت لن تصلح كحل دائم أو في حال تدني أسعار النفط مثلا، كما أن استحواذ سلطة التشريع الديني و خاصة مع منع الفتوى مؤخرا لا يمكن استكراره، و يشير إلى محاولات العلماء المستقلين تجاوز و تحدّي التشريعات الدينية الرسمية، كما أن نمو الناشطين الشباب العستخدمين للإعلام و التكونولوجيا لمكافحة الرقابة الرسمية يزداد… و يرى الكاتب أن أهم العوامل في المعارضة هو مشاركة رموز الصحوة كسلمان العودة في بيانات الإصلاح و على ألخص في مسألة السجناء السياسيين التي توحّد الجميع…
و يقرأ الكاتب مستقبل القيادة السياسية عند انتقالها إلى الجيل الثاني من الأمراء الأصغر سنا من الجيل الحالي، و الذي تتراوح أعمارهم ما بين 88 للملك و حتى 66 عاما للأمير مقرن رئيس الاستخبارات العامة، حيث يصعب الاستمرار الأفقي في انتقال القيادة السياسية بالرغم من هيئة البيعة التي أنشأها الملك مؤخرا، هناك مئات الأمراء من الجيل الثاني و من فروع مختلفة، و يرى الكاتب أن أحد هذه الفروع سينجح بالنهاية في فرض نفسه و سلالته على القيادة السياسية و تحويلها لنظام أبوي متوارث بدلا من النظام الأفقي، وهو ما سيجعل التنافس على المناصب السياسية أكثر حدة في العقود القادمة، و سيخلق فرصة للإصلاحيين النشطين حيث ستبحث هذه الفروع الملكية عن دعم الناشطين الأكثر تأثيرا لتثبيت مكانتها السياسية في هذا التنافس و لكي تصنع تحالفات جديدة، يفيد الكاتب أن هذا السيناريو اقترحه أحد الإصلاحين الشباب و انه سيكون الطريقة الأكثر انسيابية لحدوث التغيير السياسي، و يرى الناشط الشاب أنه في حال عدم حدوث ذلك فستدخل الدولة في 30 عاما أخرى من الديكتاتورية حتى يتفجر الوضع و يقول “ليكن الله في عوننا عندما يحدث ذلك”…