By عبدالرحمن آل ثنيان33 - الاثنين مايو 06, 2013 10:50 am
- الاثنين مايو 06, 2013 10:50 am
#63064
ليست المرة الأولى التي تقرع فيها كوريا الشمالية طبول الحرب وتطلق صرخات التهديد والوعيد، وترفع حالة التوتر والتصعيد في شبه الجزيرة الكورية وفي المنطقة بأسرها؛ فقد عُرف عن بيونغ يانغ إتقانها وبراعتها في سياسة اللعب على حافة الهاوية، لكن ومع ذلك فإنه من الممكن رصد بعض العوامل التي تجعل هذه المرة مختلفة عن الأزمات السابقة، وأبرز هذه العوامل:
عزت شحرور
إن درجة التوتر هذه المرة وصلت إلى مرحلة لم يشهدها شبه الجزيرة الكورية منذ انتهاء الحرب الكورية عام 1953.
إن لغة التهديد المستخدمة هذه المرة شملت التلويح باستخدام السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية بعيدة المدى. ولم تقتصر على كوريا الجنوبية أو القواعد العسكرية الأميركية فيها بل شملت أيضًا تهديدات مباشرة للولايات المتحدة واليابان.
إن التوتر جاء في فترة بروز قيادات جديدة في معظم أو في جميع الدول المعنية (الولايات المتحدة، كوريا الشمالية، الصين، كوريا الجنوبية، واليابان) وفي مرحلة تتميز بتنامي النزعات القومية واليمينية لديها، وبانعدام الثقة المتبادلة وكيمياء العلاقات الخاصة التي كانت سائدة بين بعضها. أضف إلى ذلك، حاجة معظم هذه القيادات إلى وجود أزمة يمكن الاستفادة منها في تحقيق مكاسب داخلية وإقليمية.
يأتي التوتر والمنطقة بأسرها تمر في مرحلة إعادة هيكلة جيواستراتيجية وصياغة معادلات جديدة للتحالفات والأولويات. كما يأتي والعلاقات بين بكين وبيونغ يانغ تمر في أسوأ مراحلها منذ ستين عامًا، وهو عامل لم يكن بارزًا أو واضحًا بهذا الشكل خلال الأزمات السابقة.
التوقعات والتداعيات المحتملة
إن احتمال نشوب حرب حقيقية واسعة النطاق في شبه الجزيرة الكورية أمر مستبعد ولا يصب في صالح أي من الأطراف المعنية، إلا أن احتمال اندلاع مناوشات أو احتكاكات محدودة سيبقى أمرًا قائمًا وغير مستبعد. حتى أن قيام كوريا الشمالية في هذه الظروف بإجراء تجربة نووية رابعة سيبقى احتمالأ ضعيفاَ، ولكن هذا لا يعني أنه ليس بإمكانها أن تقوم بإجراء تجربة صاروخية جديدة.
فبالرغم من حيازة بيونغ يانغ لترسانة كبيرة جدًا من أسلحة الدمار الشامل البيولوجية والكيماوية والنووية فإن خيار الحرب ليس من صالحها أو بالأحرى إن ظروفها اللوجستية الذاتية لا تسمح لها بخوض غمار حرب كهذه ستكون طويلة وواسعة النطاق حتمًا. وذلك ليس فقط بسبب احتمالات الرد القوية التي يمكن أن ترد بها سول وواشنطن على أي اعتداء بل لأن بيونغ يانغ معزولة دوليًا حتى من أقرب أصدقائها بكين وموسكو، ولأن اقتصادها منهار وشعبها جائع وجيشها منهك، ومعداتها قديمة تعود إلى الحقبة السوفيتية، وتعاني من شح شديد في مجال الطاقة وأوضاعها الداخلية مرتبكة، وعملية انتقال السلطة لم تُستكمل بعد، وزعيمها الشاب لم يعزز نفوذه خاصة بين جنرالات جيشه ولم يمسك بكل خيوط السلطة.
فالمنطقة ليست على شفا حرب نووية مدمرة، وهي ليست كذلك قاب قوسين أو أدنى من الاستقرار وتحقيق السلام والرخاء، وستبقى في حالة تفاعل مستمر وشد وجذب بين مختلف القوى الإقليمية والدولية المعنية إلى حين صياغة معادلة جديدة من التحالفات والعداوات والمصالح المتشابكة والمعقدة. وفي هذه الأثناء وإلى أن يحين ترتيب الطاولة لجلوس الأطراف المعنية عليها ستبرز أولويات جديدة وسيجري إقفال ملفات وفتح أخرى. فقد باتت بيونغ يانغ تمتلك أوراقًا جديدة للتفاوض وأصبحت في وضع يسمح لها بالتفاوض ليس على التخلي عن برنامجها النووي برمته بل على خفض تدريجي لهذا السلاح وليس في شبه الجزيرة الكورية فحسب، بل إنها باتت تستطيع أن تجهر وتطالب بتخفيض تدريجي لهذا السلاح ليشمل جميع دول المنطقة أو الدول المعنية بالمحادثات بما فيها الصين، وسيحظى هذا الموقف بالتأكيد على تأييد من سول وطوكيو وربما من واشنطن أو ربما قد تستدعي بيونغ يانغ مواضيع بعيدة عنها وتضع على الطاولة أوراقًا جديدة لم تستخدمها من قبل، ولا تؤثر عليها بشكل مباشر لكنها تمنحها هامشًا جيدًا من المناورة؛ كأن يخاطب المفاوض الكوري الشمالي -الذي أثبت طوال السنوات الماضية براعة في خلط الأوراق والحصول على أكثر من ثمن مقابل كل ورقة يرميها- نظيره الأميركي بالقول: ما رأيكم بأن نبيعكم إيران ونوقف كافة أشكال التعاون العسكري والصاروخي والنووي معها. وربما تذهب كوريا الشمالية أبعد من ذلك وتسعى إلى إحياء مفاوضات كانت قد بدأتها مع إسرائيل في تسعينيات القرن الماضي لنفس السبب وانتهت إلى طريق مسدود، وكانت المفاوضات تقضي بأن تقوم بيونغ يانغ بتطبيع علاقاتها مع تل أبيب مقابل وقف تعاونها العسكري مع طهران وأن تتولى تل أبيب مسؤولية مد الجسور بين بيونغ يانغ وواشنطن.
إنها بعض السيناريوهات التي لن تكون مفاجأة عندما تتم، وإن السؤال الذي يجب أن يُطرح الآن ليس: هل ستتفاوض واشنطن مع بيونغ يانغ؟ ولا حتى معتى ستتفاوضان؟ فهما تتفاوضان سرًا وعلانية. السؤال هو: على ماذا ستتفاوضان؟ وإن طهران وتل أبيب لا تبعدان كثيرًا عن بيونغ يانغ.
عزت شحرور
إن درجة التوتر هذه المرة وصلت إلى مرحلة لم يشهدها شبه الجزيرة الكورية منذ انتهاء الحرب الكورية عام 1953.
إن لغة التهديد المستخدمة هذه المرة شملت التلويح باستخدام السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية بعيدة المدى. ولم تقتصر على كوريا الجنوبية أو القواعد العسكرية الأميركية فيها بل شملت أيضًا تهديدات مباشرة للولايات المتحدة واليابان.
إن التوتر جاء في فترة بروز قيادات جديدة في معظم أو في جميع الدول المعنية (الولايات المتحدة، كوريا الشمالية، الصين، كوريا الجنوبية، واليابان) وفي مرحلة تتميز بتنامي النزعات القومية واليمينية لديها، وبانعدام الثقة المتبادلة وكيمياء العلاقات الخاصة التي كانت سائدة بين بعضها. أضف إلى ذلك، حاجة معظم هذه القيادات إلى وجود أزمة يمكن الاستفادة منها في تحقيق مكاسب داخلية وإقليمية.
يأتي التوتر والمنطقة بأسرها تمر في مرحلة إعادة هيكلة جيواستراتيجية وصياغة معادلات جديدة للتحالفات والأولويات. كما يأتي والعلاقات بين بكين وبيونغ يانغ تمر في أسوأ مراحلها منذ ستين عامًا، وهو عامل لم يكن بارزًا أو واضحًا بهذا الشكل خلال الأزمات السابقة.
التوقعات والتداعيات المحتملة
إن احتمال نشوب حرب حقيقية واسعة النطاق في شبه الجزيرة الكورية أمر مستبعد ولا يصب في صالح أي من الأطراف المعنية، إلا أن احتمال اندلاع مناوشات أو احتكاكات محدودة سيبقى أمرًا قائمًا وغير مستبعد. حتى أن قيام كوريا الشمالية في هذه الظروف بإجراء تجربة نووية رابعة سيبقى احتمالأ ضعيفاَ، ولكن هذا لا يعني أنه ليس بإمكانها أن تقوم بإجراء تجربة صاروخية جديدة.
فبالرغم من حيازة بيونغ يانغ لترسانة كبيرة جدًا من أسلحة الدمار الشامل البيولوجية والكيماوية والنووية فإن خيار الحرب ليس من صالحها أو بالأحرى إن ظروفها اللوجستية الذاتية لا تسمح لها بخوض غمار حرب كهذه ستكون طويلة وواسعة النطاق حتمًا. وذلك ليس فقط بسبب احتمالات الرد القوية التي يمكن أن ترد بها سول وواشنطن على أي اعتداء بل لأن بيونغ يانغ معزولة دوليًا حتى من أقرب أصدقائها بكين وموسكو، ولأن اقتصادها منهار وشعبها جائع وجيشها منهك، ومعداتها قديمة تعود إلى الحقبة السوفيتية، وتعاني من شح شديد في مجال الطاقة وأوضاعها الداخلية مرتبكة، وعملية انتقال السلطة لم تُستكمل بعد، وزعيمها الشاب لم يعزز نفوذه خاصة بين جنرالات جيشه ولم يمسك بكل خيوط السلطة.
فالمنطقة ليست على شفا حرب نووية مدمرة، وهي ليست كذلك قاب قوسين أو أدنى من الاستقرار وتحقيق السلام والرخاء، وستبقى في حالة تفاعل مستمر وشد وجذب بين مختلف القوى الإقليمية والدولية المعنية إلى حين صياغة معادلة جديدة من التحالفات والعداوات والمصالح المتشابكة والمعقدة. وفي هذه الأثناء وإلى أن يحين ترتيب الطاولة لجلوس الأطراف المعنية عليها ستبرز أولويات جديدة وسيجري إقفال ملفات وفتح أخرى. فقد باتت بيونغ يانغ تمتلك أوراقًا جديدة للتفاوض وأصبحت في وضع يسمح لها بالتفاوض ليس على التخلي عن برنامجها النووي برمته بل على خفض تدريجي لهذا السلاح وليس في شبه الجزيرة الكورية فحسب، بل إنها باتت تستطيع أن تجهر وتطالب بتخفيض تدريجي لهذا السلاح ليشمل جميع دول المنطقة أو الدول المعنية بالمحادثات بما فيها الصين، وسيحظى هذا الموقف بالتأكيد على تأييد من سول وطوكيو وربما من واشنطن أو ربما قد تستدعي بيونغ يانغ مواضيع بعيدة عنها وتضع على الطاولة أوراقًا جديدة لم تستخدمها من قبل، ولا تؤثر عليها بشكل مباشر لكنها تمنحها هامشًا جيدًا من المناورة؛ كأن يخاطب المفاوض الكوري الشمالي -الذي أثبت طوال السنوات الماضية براعة في خلط الأوراق والحصول على أكثر من ثمن مقابل كل ورقة يرميها- نظيره الأميركي بالقول: ما رأيكم بأن نبيعكم إيران ونوقف كافة أشكال التعاون العسكري والصاروخي والنووي معها. وربما تذهب كوريا الشمالية أبعد من ذلك وتسعى إلى إحياء مفاوضات كانت قد بدأتها مع إسرائيل في تسعينيات القرن الماضي لنفس السبب وانتهت إلى طريق مسدود، وكانت المفاوضات تقضي بأن تقوم بيونغ يانغ بتطبيع علاقاتها مع تل أبيب مقابل وقف تعاونها العسكري مع طهران وأن تتولى تل أبيب مسؤولية مد الجسور بين بيونغ يانغ وواشنطن.
إنها بعض السيناريوهات التي لن تكون مفاجأة عندما تتم، وإن السؤال الذي يجب أن يُطرح الآن ليس: هل ستتفاوض واشنطن مع بيونغ يانغ؟ ولا حتى معتى ستتفاوضان؟ فهما تتفاوضان سرًا وعلانية. السؤال هو: على ماذا ستتفاوضان؟ وإن طهران وتل أبيب لا تبعدان كثيرًا عن بيونغ يانغ.