صفحة 1 من 1

قرارات صعبة: العقد الثلاثة في سياسة مرسي مركز الجزيرة

مرسل: الاثنين مايو 06, 2013 10:53 am
بواسطة عبدالرحمن آل ثنيان33
في 6 مارس/آذار، أصدرت محكمة القضاء الإداري قرارًا بإيقاف الدعوة إلى الانتخابات النيابية وإحالة قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية، وذلك في قضية رفعها أحد المواطنين اعتراضًا على القانون. كان القانون الذي أعده مجلس الشورى المصري، الذي يقوم مقام المجلس التشريعي حتى الانتهاء من الانتخابات النيابية، قد أُرسل في نسخته الأولى للمحكمة الدستورية للنظر فيه (طبقًا لأحكام الدستور). أبدت المحكمة الدستورية اعتراضات على النسخة المرسلة، وقام مجلس الشورى بإجراء تعديلات، ولكنه لم يرسل الصيغة الجديدة للمحكمة الدستورية ثانية، بناءً على اجتهاد يقول بأن لا ضرورة لأن ترى المحكمة الدستورية رأيها مرة أخرى.

ولأن الرئيس محمد مرسي، وحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، أظهرا حرصًا بالغًا منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 2012، عندما اندلعت أزمة الإعلان الدستوري المكمل، على الانتهاء من المرحلة الانتقالية وإكمال بناء مؤسسات الدولة، اعتُبر قرار المحكمة الإدارية بإيقاف الانتخابات التشريعية نصرًا للمعارضة وهزيمة للرئيس ومؤيديه. من منظار شكلي بحت، يبدو القرار مناهضًا لسياسة الإسراع في الخروج من مرحلة فقدان اليقين المؤسساتي التي لم تزل تلف البلاد. من منظار سياسي واقعي، هذا القرار يحقق منافع لصالح الرئيس ومعسكره.

طبقًا للجدول الزمني السابق، كان يُفترض أن تجرى انتخابات مجلس النواب الجديد في مايو/أيار ويونيو/حزيران المقبلين 2013، على أن يعقد المجلس أولى جلساته في مطلع يوليو/تموز. ولكن استجابة مرسي وحكومته لقرار المحكمة الإدارية، على أن يعد مجلس الشورى صيغة جديدة من القانون، يرسلها بعد ذلك للمحكمة الدستورية لإبداء الرأي، يعني أن الانتخابات لن تُجرى قبل أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/تشرين الثاني. لكن موسم الامتحانات لطلاب الثانوية والجامعات، ومن ثم حلول شهر الصيام، يجعل من المستحيل إجراء الانتخابات خلال أشهر الصيف، هذا إن استطاع مجلس الشورى الخروج بصيغة القانون الجديد سريعًا ووافقت المحكمة الدستورية خلال مهلة الخمسة وأربعين يومًا التي يعطيها الدستور.

هذه الأشهر الخمسة أو الستة، التي وفرها قرار المحكمة الإدارية بإيقاف العملية الانتخابية لمرسي ومعسكره، هي أشهر ثمينة بلا شك. بعد أن أحدث الدستور تقاسمًا للحكم بين الرئيس ورئيس الحكومة، وأوكل تسمية الأخير إلى الأغلبية البرلمانية، يحتاج مرسي أغلبية مؤيدة له في مجلس النواب الجديد. وفي ظل الصعوبات الحالية التي يواجهها الرئيس في مختلف الجبهات، فإن تأجيل الانتخابات لعدة شهور أخرى قد يساعد الرئيس وحكومته على التعامل مع بعض هذه الصعوبات وتأمين الأغلبية البرلمانية المنشودة.

هذه قراءة في الملفات الثلاثة الرئيسة التي يحتاج مرسي إلى تحقيق نجاح ملموس في التعامل معها، قبل أن تذهب البلاد إلى انتخابات برلمانية.

أولاً: تحدي الاستقرار السياسي

لم تحشد القوى المنضوية في جبهة الانقاذ المعارضة للرئيس مرسي حشودا شعبية كبيرة؛ ولكن الجبهة تضم شخصيات بارزة في الساحة السياسية، وتلتف حولها قطاعات قاهرية من مختلف التوجهات. والأهم من ذلك، أن الإعلام المصري الخاص كله تقريبًا، مدعومًا بأموال هائلة، يدعم معارضة الجبهة للرئيس ومعسكره. طوال الشهور القليلة الماضية، وبغضّ النظر عن حجم الانقسام الشعبي، ولّدت حالة الاستقطاب بين الرئيس والمعارضة صورة حادة من الانقسام في البلاد، وانطباعًا بفقدان الاستقرار.

مرة بعد مرة، أخفقت دعوات الحوار الوطني التي دعا إليها الرئيس في إقناع قادة جبهة الإنقاذ بالالتحاق بالحوار. وبالرغم من تفاوت التصريحات، يتحدث قادة الجبهة عن عدد من الشروط التي لابد من توفرها لبدء حوار مع الرئاسة، مثل إقالة النائب العام الحالي، الذي اختاره الرئيس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة تحالف وطني؛ وتكوين لجنة وطنية لوضع قانون انتخابات مقبول من كافة الأطراف. في المقابل، تقول مصادر الرئاسة: إن موقف الجبهة، التي لا تمثل سوى أقلية، أقرب إلى الإملاءات منه إلى الرغبة في بدء حوار جاد. السؤال الآن هو كيف يمكن للرئيس التعامل مع هذا الملف؟

أحد الخيارات هو الاستجابة لشروط الجبهة، سيما أن أحدها، على الأقل، وهو المتعلق بالنائب العام يبدو وكأنه سيُحل بحكم قضائي.

الثاني: أن يتجاهل الرئيس المعارضة كلية، ويتابع خطواته باتجاه الانتخابات، مؤمّلاً أن تتراجع وتيرة الاستقطاب والحشد السياسي، كما تشير الدلائل الحالية.

الخيار الثالث: أن يحاول الرئيس ومعسكره إقناع قوى وشخصيات معينة بالخروج من الجبهة واتخاذ موقف معارض أقل تشددًا وأقرب للتوافق؛ تمامًا كما حدث مع أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، الذي ترك جبهة الإنقاذ من الأيام الأولى لتأسيسها والتحق بجلسات الحوار الوطني.

ليس ثمة ما يشير إلى أن الرئيس قرر الذهاب إلى خيار محدد للتعامل مع هذا الملف؛ فبالرغم من التقارير التي تفيد بوجود اتصالات ما بين حزب الحرية والعدالة وأطراف في جبهة الإنقاذ، وتقارير أخرى تفيد باستعداد الرئيس لإقالة الحكومة إن تبلور توافق وطني نهائي، فإن خطوة ملموسة لم تُتخذ بهذا الاتجاه أو ذاك. كما أن مواقف جبهة الإنقاذ، التي يبدو أن كلاً من عمرو موسى وحزب الوفد، قد جمّدا نشاطيهما فيها، لم تزل تأتي منها بعض الإشارات التي تُفسّر لدى معسكر المقابل بأنها مسعى إلى إسقاط الرئيس أكثر منها رغبة في التوصل إلى توافق وطني.