مشاكل الحدود بين دول المغرب الكبير
مرسل: الاثنين مايو 06, 2013 12:24 pm
-
المنازعات المغربية الجزائرية حول الحدود الشرقية :
تعتبر مشكلة الحدود المغربية الجزائرية، من أكثر قضايا المغرب الكبير تعقيدا وحدة، ذلك لأنها خلقت نزاعا وصل إلى حد المواجهة المسلحة.لا يخفى على أي متتبع لهذه النزاعات أن خصوصية المستعمر في الجزائر كانت أقوى مما كانت عليه بالمغرب، فبديهي أن يلعب دورا فعالا في خلق مشاكل عديدة بين البلدين، سيما وأنه كان على دراية بل كان يؤمن بأن الحماية التي فرضها على المغرب ستنتهي يوما ما، في حين أن الجزائر فرض عليها استعمارا حاول من خلاله فرنسة هذا البلد، وجعله جزءا لا يتجزأ من ترابه الفرنسي، لذلك قام بضم عدة أراض مغربية إلى التراب الجزائري، وذلك منذ أن احتله سنة 1830، فقد وجدت الحكومة الفرنسية في المساعدة التي قدمها السلطان المولى عبد الرحمان إلى الأمير عبد القادر، فرصة للإخلال بوحدة التراب المغربي الشيء الذي أدى إلى اندلاع معركة إيسلي التي انهزم فيها المغاربة، وحول هذه المعركة يقول الاستاذ عبد الحميد الوالي : « إلا أن هذه الحرب كانت وبالا على المغرب، حيث شكلت الهزيمة التي مني بها في إيسلي قرب وجدة سنة 1844، منطلقا لعملية تفكيك الوحدة الترابية للمغرب، ففي أعقاب الحرب، فرضت فرنسا على المغرب في 18 مارس 1845 اتفاقية للامغنية الشهيرة التي تجسمت فيها بوادر المشروع المستقبلي للاستعمار الفرنسي في المغرب ».
عندما أحس المغرب بقرب حصول الجزائر على استقلالها، تقدم أمام الحكومة المؤقتة التي كان يتزعمها فرحات عباس بطلب لتسوية مشكلة الحدود بين البلدين، لكنها طالبت بإرجاء البت في تسوية هذا المشكل إلى ما بعد استقلالها. وفي 06 /07 /1961 عقدت محادثات ثانية، تضمنت إبرام اتفاق بين المغرب والحكومة الجزائرية المؤقتة لكن نشره لم يتم إلا سنة 1963. وقد تضمن ما يلي : «وفاء لروح مؤتمر طنجة المنعقد في شهر أبريل 1958، ونظرا لتعلقها المتين بميثاق الدارالبيضاء، والقرارات المتخذة من قبله، تقرر الحكومتان السعي لبناء المغرب العربي على أساس المشاركة الأخوية في المجال السياسي والاقتصادي، وتؤكد حكومـة صاحب الجلالة ملك المغـرب، مسـاندتها غير المشروطة للشعب الجزائري في كفاحه من أجل الاستقلال والوحدة الوطنية، وتعلن عن دعمها بدون تحفظ للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في مفاوضتها مع فرنسا على أساس احترام وحدة التراب الجزائري، وستعارض حكومة صاحب الجلالة، ملك المغرب، بكل الوسائل المحاولات الرامية إلى تقسيم أو تفويت التراب الجزائري، وتعترف الحكومة المؤقتة الجزائرية من جانبها، بأن المشكل الترابي الناشئ عن تخطيط الحدود المفروضة تعسفا فيما بين القطرين، سيجد حلا له في المفاوضات بين الحكومة المغربية، وحكومة الجزائر المستقلة، ولهذا الغرض، تقرر الحكومتان إنشاء لجنة جزائرية مغربية في أقرب أجل لبدء دراسة المشكل وحله ضمن روح الإخاء، والوحدة المغاربية .
وتبعا لذلك، فإن الحكومة المؤقتة للجمهورية، تؤكد أن الاتفاقيات التي يمكن أن تنتج عن المفاوضات الفرنسية الجزائرية، لا يمكن أن تنطبق على المغرب فيما يخص تخطيط الحدود بين الترابين الجزائري والمغربي » .
اعتبر المغرب هذا الاتفاق بمثابة إقرار جزائري بالحقوق المغربية في الأراضي المتاخمة في منطقة تندوف، لكن بعد حصول الجزائر على استقلالها، حصل ما لم يكن في الحسبان، فالجارة تنكرت للوعود السابقة، على اعتبار أن الاتفاق السابق باطل و غير صحيح لأن الحكومة المؤقتة ينحصر دورها في قيادة الصراع، لا في التوقيع على الاتفاقيات التي هي من اختصاص المجلس الوطني الجزائري باعتباره أعلى سلطة في البلاد . ولكن هذا المبرر مغلوط من أساسه، فالسبب الحقيقي الذي دفع الجزائر إلى التنكر لوعودها وجحودها، هو أهمية المنطقة المتنازع عليها من الناحية الاقتصادية، سيما بعد أن تأكد وجود الحديد الخام بها من طرف إحدى الشركات الفرنسية التي كلفت بدراسة استغلال الحديد في هذه المنطقة . ومع منتصف سنة 1963 قدمت هذه الشركة تقريرا نهائيا، جاء فيه أن نسبة خام الحديد بها يبلغ حوالي 75 %، وأن هذا الإنتاج إذا أضيف إلى إنتاج موريتانيا، سيمثل نسبة 50 % من احتياجات السوق الأوربية المشتركة .كما أوصت في تقريرها بضرورة استخراج هذه المادة ثم نقلها إلى ميناء أكادير، لكن الحكومة الجزائرية أصرت على نقله من أراضيها عبر ميناء وهران، أمام هذا الموقف المتعنت ولا مسؤول للجزائريين، دخل الطرفان في مواجهة مسلحة في أكتوبر 1963، استطاع من خلالها الجيش المغربي أن يتوغل في منطقة تنجوب وحاسي بيضة، ورغم محاولة جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية، التدخل لتسوية هذا المشكل، إلا أن الطرفين معا رفضا هذه الوساطة. وفي 29 /10 /1963، انعقد مؤتمر ضم المغرب، وإثيوبيا، ومالي، والجزائر تم بمقتضاه إبرام اتفاقية باماكو التي أسفرت عن القرارات التالية :
ــ إيقاف القتال في منتصف ليلة 02 /11 /1963.
ــ تحديد منطقة منزوعة السلاح بواسطة لجنة رباعية من ممثلين للدول الأربع المشاركة في المؤتمر.
ــ تعيين مراقبين من الدولتين لضمان حياد وسلام هذه المنطقة.
تشكيل لجنة تحكيم، يتولى وزراء خارجية دول المنطقة اختيارها، وتكون مهمتها، تحديد المسؤولية عن بدء العمليات الحربية بين البلدين، ودراسة مشكلة الحدود بينهما، وتقديم مقترحات إيجابية للطرفين، ووفق الحملات الدعائية بين البلدين » .
ترتب عن هذه القرارات أن بعض الدول اعتبرت التدخل الإفريقي، لم يلتزم الحياد بل قراراته كانت لصالح المغرب على اعتبار أن اجتماع باماكو، أقر بأن النزاع بين الطرفين يدخل في إطار المنازعات حول الحدود .
غير أنه على امتداد الدورات المنعقدة ما بين 1963 و1967، لم تتمكن منظمة الوحدة الإفريقية من إيجاد حل مناسب لفض هذا النزاع وللحسم فيه بصفة نهائية، لأن المنظمة نفسها اعتمدت مبدأ المحافظة على الحدود الموروثة عن المستعمر الذي خدم مصلحة الجزائر، لم يكن هذا الأمر غريبا على دول المنظمة بل طبيعيا لأن أغلبها ورث حدودا تجاوزت أراضيه الحقيقية والمرسومة قبل دخول المستعمر إليها .
كما حاول مؤتمر القمة العربي المنعقد بالقاهرة سنة 1964 إيجاد حل مناسب لهذه المعضلة وإنهاء هذا النزاع لكنه لم يفلح في ذلك، رغم دعوته إلى :
ـ إقامة منطقة مجردة من السلاح.
ـ انسحاب القوات المسلحة على مسافة 7 كيلومترات من قبل الطرفين .
ـ التواجد خارج مركز الاصطدام ( حاسي بيضة وأم العشار) .
فقد اشتد الصراع بين البلدين خاصة بعد دخول الجزائر في 19 /06/ 1965 تجربة بن بلة الذي قام بعملية تأميم ثروات الصحراء الشرقية سنة 1966. و قد نبه المغرب الأمين العام للأمم المتحدة بخطورة هذا الوضع وخطورة النزاع على مستقبل المغرب الكبير.ولخلق توازن بين قوى الطرفين معا فقد لجأ المغرب للولايات المتحدة من أجل الحصول على معدات حربية حديثة في الوقت الذي لجأت فيه الجزائر للاتحاد السوفياتي لتزويدها بأسلحة متطورة .
وأظن أن الطرفين توصلا إلى أن لا جدوى من المواجهة المسلحة بينهما وأن متطلبات العصر تفرض عليهما التقارب وإيجاد حل سلمي، ولعل هذا ما يفسر الزيارة التي قام بها هواري بومدين الرئيس الجزائري للمغرب في 11 /01 /1969، والتي كان شعارها « الانفراج والوفاق والتعاون بين المغرب والجزائر»، حيث تم التوقيع على معاهدة إفران للأخوة وحسن الجوار والتعاون المشترك .
من هنا نستشف أن الاتفاق بين الطرفين المتعاقدين قد تم على احترام سيادة البلدين ووحدتهما الترابية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم استعمال العنف في المنازعات واللجوء إلى الحلول السلمية وهذا ما نصت عليه المادة الرابعة من نص الاتفاقية .
عقد بعد هذه المعاهدة اجتماع بتلمسان بتاريخ 27 /05 /1970، اتضح فيه أن مواقف البلدين متباعدة وكذلك أهدافهما، ولم تتمكن المعاهدتان معا من إيجاد حل مناسب لهذا النزاع ولا أن ترضي الطرفين، لكن عقب انعقاد القمة التاسعة لمنظمة الوحدة الإفريقية بالرباط سنة 1972، وقع الطرفان على اتفاقية الحدود بينهما، وقد صادقت الحكومة الجزائرية على هذا الاتفاق في ماي 1973، في حين أن المغرب لم يصادق عليه إلا في يونيو 1992 .
المنازعات المغربية الجزائرية حول الحدود الشرقية :
تعتبر مشكلة الحدود المغربية الجزائرية، من أكثر قضايا المغرب الكبير تعقيدا وحدة، ذلك لأنها خلقت نزاعا وصل إلى حد المواجهة المسلحة.لا يخفى على أي متتبع لهذه النزاعات أن خصوصية المستعمر في الجزائر كانت أقوى مما كانت عليه بالمغرب، فبديهي أن يلعب دورا فعالا في خلق مشاكل عديدة بين البلدين، سيما وأنه كان على دراية بل كان يؤمن بأن الحماية التي فرضها على المغرب ستنتهي يوما ما، في حين أن الجزائر فرض عليها استعمارا حاول من خلاله فرنسة هذا البلد، وجعله جزءا لا يتجزأ من ترابه الفرنسي، لذلك قام بضم عدة أراض مغربية إلى التراب الجزائري، وذلك منذ أن احتله سنة 1830، فقد وجدت الحكومة الفرنسية في المساعدة التي قدمها السلطان المولى عبد الرحمان إلى الأمير عبد القادر، فرصة للإخلال بوحدة التراب المغربي الشيء الذي أدى إلى اندلاع معركة إيسلي التي انهزم فيها المغاربة، وحول هذه المعركة يقول الاستاذ عبد الحميد الوالي : « إلا أن هذه الحرب كانت وبالا على المغرب، حيث شكلت الهزيمة التي مني بها في إيسلي قرب وجدة سنة 1844، منطلقا لعملية تفكيك الوحدة الترابية للمغرب، ففي أعقاب الحرب، فرضت فرنسا على المغرب في 18 مارس 1845 اتفاقية للامغنية الشهيرة التي تجسمت فيها بوادر المشروع المستقبلي للاستعمار الفرنسي في المغرب ».
عندما أحس المغرب بقرب حصول الجزائر على استقلالها، تقدم أمام الحكومة المؤقتة التي كان يتزعمها فرحات عباس بطلب لتسوية مشكلة الحدود بين البلدين، لكنها طالبت بإرجاء البت في تسوية هذا المشكل إلى ما بعد استقلالها. وفي 06 /07 /1961 عقدت محادثات ثانية، تضمنت إبرام اتفاق بين المغرب والحكومة الجزائرية المؤقتة لكن نشره لم يتم إلا سنة 1963. وقد تضمن ما يلي : «وفاء لروح مؤتمر طنجة المنعقد في شهر أبريل 1958، ونظرا لتعلقها المتين بميثاق الدارالبيضاء، والقرارات المتخذة من قبله، تقرر الحكومتان السعي لبناء المغرب العربي على أساس المشاركة الأخوية في المجال السياسي والاقتصادي، وتؤكد حكومـة صاحب الجلالة ملك المغـرب، مسـاندتها غير المشروطة للشعب الجزائري في كفاحه من أجل الاستقلال والوحدة الوطنية، وتعلن عن دعمها بدون تحفظ للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في مفاوضتها مع فرنسا على أساس احترام وحدة التراب الجزائري، وستعارض حكومة صاحب الجلالة، ملك المغرب، بكل الوسائل المحاولات الرامية إلى تقسيم أو تفويت التراب الجزائري، وتعترف الحكومة المؤقتة الجزائرية من جانبها، بأن المشكل الترابي الناشئ عن تخطيط الحدود المفروضة تعسفا فيما بين القطرين، سيجد حلا له في المفاوضات بين الحكومة المغربية، وحكومة الجزائر المستقلة، ولهذا الغرض، تقرر الحكومتان إنشاء لجنة جزائرية مغربية في أقرب أجل لبدء دراسة المشكل وحله ضمن روح الإخاء، والوحدة المغاربية .
وتبعا لذلك، فإن الحكومة المؤقتة للجمهورية، تؤكد أن الاتفاقيات التي يمكن أن تنتج عن المفاوضات الفرنسية الجزائرية، لا يمكن أن تنطبق على المغرب فيما يخص تخطيط الحدود بين الترابين الجزائري والمغربي » .
اعتبر المغرب هذا الاتفاق بمثابة إقرار جزائري بالحقوق المغربية في الأراضي المتاخمة في منطقة تندوف، لكن بعد حصول الجزائر على استقلالها، حصل ما لم يكن في الحسبان، فالجارة تنكرت للوعود السابقة، على اعتبار أن الاتفاق السابق باطل و غير صحيح لأن الحكومة المؤقتة ينحصر دورها في قيادة الصراع، لا في التوقيع على الاتفاقيات التي هي من اختصاص المجلس الوطني الجزائري باعتباره أعلى سلطة في البلاد . ولكن هذا المبرر مغلوط من أساسه، فالسبب الحقيقي الذي دفع الجزائر إلى التنكر لوعودها وجحودها، هو أهمية المنطقة المتنازع عليها من الناحية الاقتصادية، سيما بعد أن تأكد وجود الحديد الخام بها من طرف إحدى الشركات الفرنسية التي كلفت بدراسة استغلال الحديد في هذه المنطقة . ومع منتصف سنة 1963 قدمت هذه الشركة تقريرا نهائيا، جاء فيه أن نسبة خام الحديد بها يبلغ حوالي 75 %، وأن هذا الإنتاج إذا أضيف إلى إنتاج موريتانيا، سيمثل نسبة 50 % من احتياجات السوق الأوربية المشتركة .كما أوصت في تقريرها بضرورة استخراج هذه المادة ثم نقلها إلى ميناء أكادير، لكن الحكومة الجزائرية أصرت على نقله من أراضيها عبر ميناء وهران، أمام هذا الموقف المتعنت ولا مسؤول للجزائريين، دخل الطرفان في مواجهة مسلحة في أكتوبر 1963، استطاع من خلالها الجيش المغربي أن يتوغل في منطقة تنجوب وحاسي بيضة، ورغم محاولة جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية، التدخل لتسوية هذا المشكل، إلا أن الطرفين معا رفضا هذه الوساطة. وفي 29 /10 /1963، انعقد مؤتمر ضم المغرب، وإثيوبيا، ومالي، والجزائر تم بمقتضاه إبرام اتفاقية باماكو التي أسفرت عن القرارات التالية :
ــ إيقاف القتال في منتصف ليلة 02 /11 /1963.
ــ تحديد منطقة منزوعة السلاح بواسطة لجنة رباعية من ممثلين للدول الأربع المشاركة في المؤتمر.
ــ تعيين مراقبين من الدولتين لضمان حياد وسلام هذه المنطقة.
تشكيل لجنة تحكيم، يتولى وزراء خارجية دول المنطقة اختيارها، وتكون مهمتها، تحديد المسؤولية عن بدء العمليات الحربية بين البلدين، ودراسة مشكلة الحدود بينهما، وتقديم مقترحات إيجابية للطرفين، ووفق الحملات الدعائية بين البلدين » .
ترتب عن هذه القرارات أن بعض الدول اعتبرت التدخل الإفريقي، لم يلتزم الحياد بل قراراته كانت لصالح المغرب على اعتبار أن اجتماع باماكو، أقر بأن النزاع بين الطرفين يدخل في إطار المنازعات حول الحدود .
غير أنه على امتداد الدورات المنعقدة ما بين 1963 و1967، لم تتمكن منظمة الوحدة الإفريقية من إيجاد حل مناسب لفض هذا النزاع وللحسم فيه بصفة نهائية، لأن المنظمة نفسها اعتمدت مبدأ المحافظة على الحدود الموروثة عن المستعمر الذي خدم مصلحة الجزائر، لم يكن هذا الأمر غريبا على دول المنظمة بل طبيعيا لأن أغلبها ورث حدودا تجاوزت أراضيه الحقيقية والمرسومة قبل دخول المستعمر إليها .
كما حاول مؤتمر القمة العربي المنعقد بالقاهرة سنة 1964 إيجاد حل مناسب لهذه المعضلة وإنهاء هذا النزاع لكنه لم يفلح في ذلك، رغم دعوته إلى :
ـ إقامة منطقة مجردة من السلاح.
ـ انسحاب القوات المسلحة على مسافة 7 كيلومترات من قبل الطرفين .
ـ التواجد خارج مركز الاصطدام ( حاسي بيضة وأم العشار) .
فقد اشتد الصراع بين البلدين خاصة بعد دخول الجزائر في 19 /06/ 1965 تجربة بن بلة الذي قام بعملية تأميم ثروات الصحراء الشرقية سنة 1966. و قد نبه المغرب الأمين العام للأمم المتحدة بخطورة هذا الوضع وخطورة النزاع على مستقبل المغرب الكبير.ولخلق توازن بين قوى الطرفين معا فقد لجأ المغرب للولايات المتحدة من أجل الحصول على معدات حربية حديثة في الوقت الذي لجأت فيه الجزائر للاتحاد السوفياتي لتزويدها بأسلحة متطورة .
وأظن أن الطرفين توصلا إلى أن لا جدوى من المواجهة المسلحة بينهما وأن متطلبات العصر تفرض عليهما التقارب وإيجاد حل سلمي، ولعل هذا ما يفسر الزيارة التي قام بها هواري بومدين الرئيس الجزائري للمغرب في 11 /01 /1969، والتي كان شعارها « الانفراج والوفاق والتعاون بين المغرب والجزائر»، حيث تم التوقيع على معاهدة إفران للأخوة وحسن الجوار والتعاون المشترك .
من هنا نستشف أن الاتفاق بين الطرفين المتعاقدين قد تم على احترام سيادة البلدين ووحدتهما الترابية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم استعمال العنف في المنازعات واللجوء إلى الحلول السلمية وهذا ما نصت عليه المادة الرابعة من نص الاتفاقية .
عقد بعد هذه المعاهدة اجتماع بتلمسان بتاريخ 27 /05 /1970، اتضح فيه أن مواقف البلدين متباعدة وكذلك أهدافهما، ولم تتمكن المعاهدتان معا من إيجاد حل مناسب لهذا النزاع ولا أن ترضي الطرفين، لكن عقب انعقاد القمة التاسعة لمنظمة الوحدة الإفريقية بالرباط سنة 1972، وقع الطرفان على اتفاقية الحدود بينهما، وقد صادقت الحكومة الجزائرية على هذا الاتفاق في ماي 1973، في حين أن المغرب لم يصادق عليه إلا في يونيو 1992 .