- الثلاثاء مايو 07, 2013 7:27 am
#63150
في هذه السطور بعض الخواطر العامة حول ما أسميه تيار الليبراليين الامبرياليين وكيفية تعاطيهم مع الثورة المصرية. وأقصد بهذا مجموعة من الأكاديميين والمحللين الغربيين في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وخصوصا ًفي الولايات المتحدة. يمثّل هؤلاء إلى حد كبير الخطاب السائد في الأكاديميا والإعلام الغربي حول الثورة المصرية. لكن بعض ممثلي هذا التيار في عالمنا العربي أيضاً. ولذلك ليس المقصود هنا على الاطلاق أن هذا المفهوم ينطبق فقط على الغربيين. ولكن بعض المصريين والعرب في الحقيقة يتبنون هذه الافكار. وهذه الخواطر تعتمد على ملاحظات من قراءاتي ومتابعاتي للكثير من الكتابات. وأقصد بالليبراليون الإمبرياليين هؤلاء الذين يتشدقون بالكلام بمفاهيم مجردة عن الليبرالية وخصوصاً الحرية الفردية، لكنهم بخطابهم عن عالمنا العربي والثورة المصرية يرسخون مفهوماً معرفياً كولونيالياً، أو يدافعون ويرسخون مبادئ أو يدافعون عن مصالح الامبريالية الامريكية أو الأنظمة التابعة لها أو المستفيدة منها في المنطقة، سواء بقصد أو بدونه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن استخدامي لتعبير ”التيار“ لا يعني وجود مجموعة متجانسة من الكتاب أو أن ما سأبديه من ملاحظات ينطبق جميعه وفي وقت واحد على مجموعة واحدة من الناس. لكنها ملاحظات تتفاوت في وجودها ودرجاتها، والبحث التفصيلي هنا يحتاج لدراسة تفصيلية ومعمقة لأصحاب هذا الاتجاه. وللاختصار لم آت باقتباسات محددة من كتابات هؤلاء الكتاب في هذا المقال. ويمكن أن اتناول ذلك في دراسة تفصيلية مستقبلاً. وباختصار، هذه خمس ملاحظات لي حول خطاب هذا التيار. وهي: 1) نزعته لقولبة الثورة المصرية؛ 2- الهوس بالسياسة الرسمية وتبني مفهوم مؤسسي رسمي/شكلي للديمقراطية؛ 3- احتقار العمل الجماهيري القاعدي؛ 4- تبني مفاهيم مبسطة للاسلام السياسي؛ وأخيراً 5- نزعة لاستبعاد الإمبريالية وأهمية العامل الجيوبولتيكي الدولي في الثورة المصرية.
أولاً: قولبة الثورة المصرية
هذه النزعة تتمثل في الرغبة الشديدة في قولبة الثورة المصرية. والمقصود بالقولبة وضعها في إطار جاهز يماثل ثورات أو هبات جماهيرية سابقة في العالم، وخصوصاً العالم الغربي. وقد بدأت الإرهاصات الاولي لهذا الاتجاه منذ الأيام الاولي من فبراير2011. فلم تكن الامور واضحة بعد، ولكن بسرعة ظهرت الكثير من التحليلات التي تقول إن ثورة يناير هي ليست ثورة أو أن المصريين يسمونها كذلك لكنها لا تستحق هذا الاسم أو انها هبة شعبية طالبت ببعض الإصلاحات تزامنت مع انقلاب عسكري. ربما يكون تعريف الثورات من أكثر التعريفات صعوبة في العلوم السياسية والاجتماعية. وربما تكون الثورة المصرية قد مرت فعلاً بمسار غريب متعرج ودموي. وربما تكون ثورة مغدورة أو تم اختطافها. لكن من الانصاف أيضاً القول إن كثير من هذه التحليلات بنيت على افتراض خاطئ وفهم غير سليم تاريخياً. والافتراض هو أن الثورة أو الانتفاضة هي ذلك الحدث الاستثنائي المغلق الذي حدث خلال ثمانية عشر يوماً. والفهم غير التاريخي هو افتراض أن الحدث كانت له بداية ونهاية وانتهى، وأنه لا يمكن له أن يتطور بصورة أخرى. وهذه الاستنتاجات السريعة تجاهلت تعقيدات الحالة التاريخية في مصر وتشابك التناقضات الداخلية والإقليمية المستمر والمتعلق بمطالب الثورة واستمرار الاحتجاجات، فضلاً عن أنها تحمل موقفاً استعلائياً نظرياً قيمياً. وللإنصاف فإن الجدل حول تعريف الثورات هو جدل كبير ومعقد. وهناك نقاش سائد بين علماء الإجتماع السياسي الباحثين في الثورات عن فكرة الثورات الناجحة وتلك الفاشلة. ولكن أحد المعايير الشائعة هي سيطرة الثوار على الدولة ووصولهم للحكم. وهذا معيار ناقص. ولكن هناك اتفاق كبير على أهمية حدوث تغييرات اجتماعية واقتصادية جذرية في المجتمع للقول بأن ثورة ما قد نجحت. لكن الاكتفاء بالثماني عشر يوماً كأساس وحيد للبحث ليس تفكيراً تاريخياً سليماً. لم يصل الثوار للحكم. لكن تجاهل الآثار النفسية لحدث كبير شارك فيه أكثر من ربع الشعب في الميادين ولا زالوا، وخاصة كسر حاجز الخوف ودرجة التسييس غير المسبوقين، كل هذا يدعونا لإعادة التفكير في المعايير الأكاديمية السائدة للبحث في الثورات. الفهم التاريخي السليم يقول إن الثورات ليست ناجحة أو فاشلة، مغدورة أو مختطفة فقط، ولكن يمكن أن تكون غير مكتملة أيضاً. وفي هذا السياق يمكن وصف ما حدث في يناير 2011 كانتفاضة عظيمة تمثل بداية ثورة لم تحدث أو تكتمل بعد مثلاً. ومن الأقوال المنتشرة لبعض الباحثين والمحللين هنا أيضاً هو أنه لا يمكن دراسة هذه الثورة بدون مقارنتها مع ثورة أخرى عالمية. ويفضل أن تكون ثورة كلاسيكية أوروبية. والمقارنات هامة جداً ومفيدة في البحث العلمي. ولا اقول هنا إن كل من يقول بمثل هذه المقارنة ولكن المشكلة هنا هو افتراض أن الفهم السليم يرتبط بنموذج معرفي وقوالب فكرية جاهزة تتعلق بثورات سابقة اوروبية فحسب. أقل ما يمكن أن نسمي هذا هو أنه عنف إبستيمولوجي. والمقصود هنا افتراض عدم إمكانية فهم ظاهرة بعينها إلا من خلال نماذج معرفية بعينها، وهي في الغالب النماذج السابقة المعروفة في الغرب.
أولاً: قولبة الثورة المصرية
هذه النزعة تتمثل في الرغبة الشديدة في قولبة الثورة المصرية. والمقصود بالقولبة وضعها في إطار جاهز يماثل ثورات أو هبات جماهيرية سابقة في العالم، وخصوصاً العالم الغربي. وقد بدأت الإرهاصات الاولي لهذا الاتجاه منذ الأيام الاولي من فبراير2011. فلم تكن الامور واضحة بعد، ولكن بسرعة ظهرت الكثير من التحليلات التي تقول إن ثورة يناير هي ليست ثورة أو أن المصريين يسمونها كذلك لكنها لا تستحق هذا الاسم أو انها هبة شعبية طالبت ببعض الإصلاحات تزامنت مع انقلاب عسكري. ربما يكون تعريف الثورات من أكثر التعريفات صعوبة في العلوم السياسية والاجتماعية. وربما تكون الثورة المصرية قد مرت فعلاً بمسار غريب متعرج ودموي. وربما تكون ثورة مغدورة أو تم اختطافها. لكن من الانصاف أيضاً القول إن كثير من هذه التحليلات بنيت على افتراض خاطئ وفهم غير سليم تاريخياً. والافتراض هو أن الثورة أو الانتفاضة هي ذلك الحدث الاستثنائي المغلق الذي حدث خلال ثمانية عشر يوماً. والفهم غير التاريخي هو افتراض أن الحدث كانت له بداية ونهاية وانتهى، وأنه لا يمكن له أن يتطور بصورة أخرى. وهذه الاستنتاجات السريعة تجاهلت تعقيدات الحالة التاريخية في مصر وتشابك التناقضات الداخلية والإقليمية المستمر والمتعلق بمطالب الثورة واستمرار الاحتجاجات، فضلاً عن أنها تحمل موقفاً استعلائياً نظرياً قيمياً. وللإنصاف فإن الجدل حول تعريف الثورات هو جدل كبير ومعقد. وهناك نقاش سائد بين علماء الإجتماع السياسي الباحثين في الثورات عن فكرة الثورات الناجحة وتلك الفاشلة. ولكن أحد المعايير الشائعة هي سيطرة الثوار على الدولة ووصولهم للحكم. وهذا معيار ناقص. ولكن هناك اتفاق كبير على أهمية حدوث تغييرات اجتماعية واقتصادية جذرية في المجتمع للقول بأن ثورة ما قد نجحت. لكن الاكتفاء بالثماني عشر يوماً كأساس وحيد للبحث ليس تفكيراً تاريخياً سليماً. لم يصل الثوار للحكم. لكن تجاهل الآثار النفسية لحدث كبير شارك فيه أكثر من ربع الشعب في الميادين ولا زالوا، وخاصة كسر حاجز الخوف ودرجة التسييس غير المسبوقين، كل هذا يدعونا لإعادة التفكير في المعايير الأكاديمية السائدة للبحث في الثورات. الفهم التاريخي السليم يقول إن الثورات ليست ناجحة أو فاشلة، مغدورة أو مختطفة فقط، ولكن يمكن أن تكون غير مكتملة أيضاً. وفي هذا السياق يمكن وصف ما حدث في يناير 2011 كانتفاضة عظيمة تمثل بداية ثورة لم تحدث أو تكتمل بعد مثلاً. ومن الأقوال المنتشرة لبعض الباحثين والمحللين هنا أيضاً هو أنه لا يمكن دراسة هذه الثورة بدون مقارنتها مع ثورة أخرى عالمية. ويفضل أن تكون ثورة كلاسيكية أوروبية. والمقارنات هامة جداً ومفيدة في البحث العلمي. ولا اقول هنا إن كل من يقول بمثل هذه المقارنة ولكن المشكلة هنا هو افتراض أن الفهم السليم يرتبط بنموذج معرفي وقوالب فكرية جاهزة تتعلق بثورات سابقة اوروبية فحسب. أقل ما يمكن أن نسمي هذا هو أنه عنف إبستيمولوجي. والمقصود هنا افتراض عدم إمكانية فهم ظاهرة بعينها إلا من خلال نماذج معرفية بعينها، وهي في الغالب النماذج السابقة المعروفة في الغرب.