- الثلاثاء مايو 07, 2013 7:50 am
#63155
نزعة لاحتقار الحركات الاحتجاجية الجماهيرية
وهذا الأمر هو الوجه الآخر من العملة من النقطة السابقة. وأحياناً يستخدم بعض هؤلاء عبارات تهكمية تقول مثلا إن لدى المصريين نزعة للاحتجاج والثورة لا تنتهي منذ ثورتهم. أو يقولون مثلا إننا لم نسمع أبداً عن تغييرات جوهرية تحدث عبر استخدام العصيان المدني. والمصريين يجب أن يتوقفوا عن الاحتجاج و يبدأوا في الاشتباك مع السياسة والتنظيم. ويتجاهل هؤلاء أن العلاقة بين السياسة الرسمية والسياسة الشعبية أو الاحتجاج ليست أما أو، لكنها علاقة متداخلة ومتشابكة. فأبسط الدروس المستفادة من ظهور الانتفاضات او الثورات الجماهيرية هو أنها تحدث بسبب انسداد طرق التغيير عبر الاساليب السياسية الرسمية. والفكرة الأساسية في بعض التعليقات والكتابات هنا هي أن التظاهر عمل غير مهم بالمقارنة باللجوء لاستخدام طريق السياسة الرسمية. لكن هذا الافتراض غير سليم وغير دقيق، لأن حالة الاشتباك بين استخدام الاحتجاج واستخدام السياسة الرسمية معقدة وتختلف من حالة لحالة ووقت لآخر وسياق لآخر. والصندوق والشارع ليسا متعارضين. كما أن هؤلاء يتجاهلون أن حالة الفوران الثوري ربما لم تنته بعد في مصر. وربما تكون هناك تفسيرات مختلفة لنزعة هؤلاء لاحتقار العمل الاحتجاجي. أولها هو أيضاً التمسك بنمطية لمفهوم فكرة الحركات الاحتجاجية، والنابع خاصة من الغرب. جوهر الفكرة أن الحركات الاجتماعية الكبرى مات وقتها ولا يمكن أن تكون هناك حركات اجتماعية إلا تلك المحلية وبأهداف صغيرة. وهذا التفكير أيضاً يتزامن مع فكرة سائدة بين بعض محللين الحركات الاجتماعية الذين يفصلون بينها وبين الثورات فصلا تاماً. وهنا يقول بعض الليبراليين الامبرياليين بما أن الثورة انتهت فلا مجال لطرح قضايا كبرى عن طريق الاحتجاج. والثورة هي عمل استثنائي لا يتكرر يتحقق بتوافر ظروف معينة، ومنها الخيال والرغبة في التغيير الجامحين! اليس من حق المصريين استمرار جموح خيالهم حتى الوصول الى التغيير الحقيقي المنشود! أما التفسير الثاني فهو الأساس الكولونيالي/العنصري لطريقة تفكير بعض هؤلاء المحللين الغربيين. فيتندر هؤلاء ـ مثلهم مثل بعض المحللين المصريين ـ بالاحتجاج السلمي الرائع للمصريين في الثماني عشرة يوماً الشهيرة. ينسى هؤلاء عنف الدولة أو خيانة العملية السياسية للناس، بينما يتحدثون عن المصريين غير العقلانيين الذين توقفوا عن الطريق السلمي وبدأوا في نهج طريق الاحتجاج العنيف الفاشل. ويرى هؤلاء أن الاحتجاج العنيف هو احتجاج غير المتحضرين! وهذا هو منطقهم ربما: الثورة المصرية (إذا وافقوا على هذا الوصف) كانت رائعة لأنها سلمية ومتحضرة ولم تؤد إلى انفلات مصر بعيداً عن الغرب. والاحتجاج غير المضمون العواقب هو اسلوب خطير يهدد اساس الاوضاع السائدة القائمة.
وكلام هؤلاء عن العنف بالغ الدلالة. ففي الفترة الاخيرة مثلاً تصاعد العنف منذ الإعلان الدستوري الديكتاتوري الذي أصدره الرئيس مرسي في نوفمبر الماضي. و لا يناقش هؤلاء كثيراً أسباب العنف والسياق السياسي والاجتماعي الذي حدث فيه. لكنهم يكتبون كثيراً عن الصورة السلمية الجميلة التي ماتت ومقارنتها بالمنظر الدموي البائس الحالي. ويستغرقون وقتاً طويلاً في الكتابة وبالبحث عن مواقف القوى السياسية والنظام من إدانة العنف. ويتكلمون كثيراً عن مسألة المعايير المزدوجة وكيف تدين المعارضة العنف ولا يدينها النظام أو بالعكس. وكأنها مباراة في الإدانة. تسيطر المواقف الأخلاقية الأحادية المجردة على تفكيرهم. والسخيف والطريف معاً أنهم يتحدثون عن عنف النظام وعنف المتظاهرين وكأنهم يتساوون، ويساوون بين إلقاء الطوب والقتل بالرصاص الحي!
وهذا الأمر هو الوجه الآخر من العملة من النقطة السابقة. وأحياناً يستخدم بعض هؤلاء عبارات تهكمية تقول مثلا إن لدى المصريين نزعة للاحتجاج والثورة لا تنتهي منذ ثورتهم. أو يقولون مثلا إننا لم نسمع أبداً عن تغييرات جوهرية تحدث عبر استخدام العصيان المدني. والمصريين يجب أن يتوقفوا عن الاحتجاج و يبدأوا في الاشتباك مع السياسة والتنظيم. ويتجاهل هؤلاء أن العلاقة بين السياسة الرسمية والسياسة الشعبية أو الاحتجاج ليست أما أو، لكنها علاقة متداخلة ومتشابكة. فأبسط الدروس المستفادة من ظهور الانتفاضات او الثورات الجماهيرية هو أنها تحدث بسبب انسداد طرق التغيير عبر الاساليب السياسية الرسمية. والفكرة الأساسية في بعض التعليقات والكتابات هنا هي أن التظاهر عمل غير مهم بالمقارنة باللجوء لاستخدام طريق السياسة الرسمية. لكن هذا الافتراض غير سليم وغير دقيق، لأن حالة الاشتباك بين استخدام الاحتجاج واستخدام السياسة الرسمية معقدة وتختلف من حالة لحالة ووقت لآخر وسياق لآخر. والصندوق والشارع ليسا متعارضين. كما أن هؤلاء يتجاهلون أن حالة الفوران الثوري ربما لم تنته بعد في مصر. وربما تكون هناك تفسيرات مختلفة لنزعة هؤلاء لاحتقار العمل الاحتجاجي. أولها هو أيضاً التمسك بنمطية لمفهوم فكرة الحركات الاحتجاجية، والنابع خاصة من الغرب. جوهر الفكرة أن الحركات الاجتماعية الكبرى مات وقتها ولا يمكن أن تكون هناك حركات اجتماعية إلا تلك المحلية وبأهداف صغيرة. وهذا التفكير أيضاً يتزامن مع فكرة سائدة بين بعض محللين الحركات الاجتماعية الذين يفصلون بينها وبين الثورات فصلا تاماً. وهنا يقول بعض الليبراليين الامبرياليين بما أن الثورة انتهت فلا مجال لطرح قضايا كبرى عن طريق الاحتجاج. والثورة هي عمل استثنائي لا يتكرر يتحقق بتوافر ظروف معينة، ومنها الخيال والرغبة في التغيير الجامحين! اليس من حق المصريين استمرار جموح خيالهم حتى الوصول الى التغيير الحقيقي المنشود! أما التفسير الثاني فهو الأساس الكولونيالي/العنصري لطريقة تفكير بعض هؤلاء المحللين الغربيين. فيتندر هؤلاء ـ مثلهم مثل بعض المحللين المصريين ـ بالاحتجاج السلمي الرائع للمصريين في الثماني عشرة يوماً الشهيرة. ينسى هؤلاء عنف الدولة أو خيانة العملية السياسية للناس، بينما يتحدثون عن المصريين غير العقلانيين الذين توقفوا عن الطريق السلمي وبدأوا في نهج طريق الاحتجاج العنيف الفاشل. ويرى هؤلاء أن الاحتجاج العنيف هو احتجاج غير المتحضرين! وهذا هو منطقهم ربما: الثورة المصرية (إذا وافقوا على هذا الوصف) كانت رائعة لأنها سلمية ومتحضرة ولم تؤد إلى انفلات مصر بعيداً عن الغرب. والاحتجاج غير المضمون العواقب هو اسلوب خطير يهدد اساس الاوضاع السائدة القائمة.
وكلام هؤلاء عن العنف بالغ الدلالة. ففي الفترة الاخيرة مثلاً تصاعد العنف منذ الإعلان الدستوري الديكتاتوري الذي أصدره الرئيس مرسي في نوفمبر الماضي. و لا يناقش هؤلاء كثيراً أسباب العنف والسياق السياسي والاجتماعي الذي حدث فيه. لكنهم يكتبون كثيراً عن الصورة السلمية الجميلة التي ماتت ومقارنتها بالمنظر الدموي البائس الحالي. ويستغرقون وقتاً طويلاً في الكتابة وبالبحث عن مواقف القوى السياسية والنظام من إدانة العنف. ويتكلمون كثيراً عن مسألة المعايير المزدوجة وكيف تدين المعارضة العنف ولا يدينها النظام أو بالعكس. وكأنها مباراة في الإدانة. تسيطر المواقف الأخلاقية الأحادية المجردة على تفكيرهم. والسخيف والطريف معاً أنهم يتحدثون عن عنف النظام وعنف المتظاهرين وكأنهم يتساوون، ويساوون بين إلقاء الطوب والقتل بالرصاص الحي!