منتديات الحوار الجامعية السياسية

فليقل كل كلمته
By محمد العمار
#63236
ما بين عام 1882و عام 1968 سنوات مديدة وأحداث كبيرة ، وتطوَّرات متلاحقة عاشها ساطع الحصْري المكنّى بـ // أبو خلدون //

عمرٌ حافلٌ بالتنقلات وغنيٌّ بالتجارب والعطاء ومثيرٌ للتساؤلات .. فقد شهد الكثيرَ من الأحداث السياسية التي عصفت بالدولة العثمانية والأمة العربية . كسقوط الدولة العثمانية والحربين العالميتين الأولى والثانية ونكبة فلسطين ونكسة حزيران . إضافة للتغيُّرات الدولية والمعاهدات والاتفاقيات التي قسّمت الدول العربية كوعد بلفور واتفاقية سيكس بيكو ، وقبلها الصراع بين تياري الرابطة العثمانية والجامعة الإسلامية .. وتضاف إلى ذلك تنقُّلاتُه بين أضنة واستانبول وصنعاء وطرابلس الغرب مع والده الذي عمل في القضاء بعد دراسته في الأزهر .. وبعد هذا سفرُهُ إلى أوروبا وإقامته في إيطاليا عندما اصطحبه الأمير فيصل قبل أن يصبح ملكاً على العراق .. وفي أوروبا اطّلَعَ على الكثير من الآراء التربوية من جهة ونظريات تكوين الأمم من جهة أخرى وهذا ما دفعه للبحث والكتابة والحوارات والتأليف .

ولد فيلسوف القومية العربية في اليمن من والدٍ متعلِّمٍ درسَ في الأزهر ومارس القضاء في الباب ودير الزور وحماه ثم عيِّن رئيساً لمحكمة الاستئناف في اليمن . ومن أقرانه وزملائه في الدراسة الوطني (( إحسان الجابري والمناضل الوطني سعد الله الجابري )) وعاشا معه في بيتٍ واحدٍ وهما ابنا خاله …

عمل ساطع الحصري في بداياته معلِّماً وأنهى حياته معلّماً بمعهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية …

وبين بدايته في التعليم ونهايته مارس الكثيرَ من الوظائف المختلفة السياسية والتربوية . وتولى العديد من المناصب الوظيفية والحكومية حتى وصل إلى مرتبة وزير المعارف في فترة حكم فيصل 1918 – 1920 . في بداياته لم يلتحق بمدرسة ابتدائية معيّنة بسبب تنقل عمل والده . فقد تعلَّم من إخوته الكبار القراءة والكتابة باللغتين التركية والفرنسية، وقد أتقنهما إلى جانب اللغة العربية التي كان يتعثَّرُ بها ويتلكَّأ . وقد كان له ولع في الرياضيات وفي العلوم الإدارية والسياسية وكتبَ عدّة أبحاث ومقالات في هذه العلوم .

غادر اسطنبول وعمره تسع وثلاثون سنة . في دمشق انضمّ إلى دعاة القومية العربية ودعا إلى إصلاحات وتبنّى الأفكارَ التنويرية في المعاهد المخصّصة لإشاعة التفكير العصري . عانى كثيراً في مجال التعليم ، واصطدم بعراقيل كثيرة لأن العثمانيين اعتبروا المدارسَ مراكز للمعارضة الفكرية وهذا ما قاله (( هاشم باشا )) وزير المعارف في عهد السلطان عبد الحميد (( ما كان أحسنَ عملَ الوزارة لو لم تكن هناك مدارسُ أبدا )) أمضى خمس سنوات في التدريس حتَّى اقتنع بعقم جهوده التنويريّة . فقرَّرَ ترك سلك التدريس : وقد ألَّف في هذه الفترة عدَّة كتب مدرسية في المعلومات الزراعية ، ودروس الأحياء ، وعلم الحيوان ، وعلم النبات ، والتطبيقات الزراعية .. روَّج لنظريته التربوية على صفحاتِ مجلتين ترأَّس تحريرهما (( التدريسات الابتدائية )) و (( التربية )) ولم يتجاهلْ تأثُّره بأفكار العلماء الأوربيين أمثال (( لوتورتو ، سبنسر ، رينان ، .. ) ) وكان يحرص على انتقاء الأفضل والمتوافق مع الظروف المحيطة . في أوَّل الأمر سعى الحصْري لوضع أساس إيديولوجي للرابطة العثمانية . وركّز في محاضراته على تحديد مقوِّمات الوحدة العثمانية والرابطة المعنوية لها .

إنَّ إعدام الشهداء في السادس من أيار ومنهم صديقه (( عبد الكريم الخليل )) وكان مؤمناً بالدعوة العثمانية قد دفعه للتفكير القومي فغادر أرض تركيا بعد انتهاء الحرب وانضمَّ إلى الركب القومي وطرح شعاراً (( أنا عربيٌّ ولستُ عثمانياً )) وانضمَّ إلى العناصر القومية في دمشق وتحديداً في حزيران 1919 مع وجودِ تطوُّر في أفكاره القومية حيث اعتبر العروبة تيّاراً ليس دينيّاً ، وقويَ شأنه من خلال علاقته مع الأمير فيصل الذي عيّنَهُ مديراً عاماً للتعليم . وكان يسعى ويعمل على توجيه التعليم في المنحى القومي وهذا دفعه إلى قناعة صياغة نظرية قومية متكاملة .

آراؤه التربوية والقومية كانت تجد الصدى لدى الطلبة والدارسين المهتمين وتحديداً في دار المعلمين العليا ببغداد . وقد أسهم بشكل ملحوظٍ في تطوير الثقافة والتربية والتعليم في تركيا وسوريا والعراق ومصر …

قدَّم ساطع الحصري البراهينَ النظرية لإثبات وحدة الأمة العربية . وراجت نظريتُهُ وآراؤه في مرحلة حصول بلدان المنطقة على استقلالها السياسي . وتوافقت مع وعي المجتمع العربي لأنه يملك رؤية ، تلامس القوى الاجتماعية التي يتوجّه إليها ، ويعتبرها الركيزة الأساسية في توجُّهِهِ القومي . وإنَّ آراءَهُ في القضايا القومية والتربويَّة والثقافية أثَّرت على آراء الجيل اللاحق من المفكرين القوميين ، ولذلك يعتبر من كبار المفكرين والمصلحين العرب الذين أسَّسوا لهذا الفكر . كان ساطع الحصْري أوّل عربي يتولى أمر مديرية الآثار العراقية من تشرين الأول 1934 إلى آخر أيامه في العراق . وكرَّس أثناء إقامته في العراق العديد من المقالات والمسائل القومية التي تردُّ على معارضيه . وقد خرج من العراق مرغماً لأنَّهُ أغضب الإنكليز في العراق من جراء سياسته القومية . وفي الأردن عمل مستشاراً لوزارة المعارف . وعام 1944 دعته سوريا لوضع برنامج لإصلاح نظام التعليم ، فعمل مستشاراً فنيّاً لوزارة المعارف وقدّم / 16 / تقريراً عن حالة المعارف وسبل الإصلاح منها تعزيز التربوية القومية . وفي مصر وبعد الحرب العالمية الثانية كان منظراً للقومية العربية ، ودرّس في معهد التربية العالية ، وألقى محاضرات في التربية وعام 1948 عمل مستشاراً فنياً في الإدارة الثقافية التابعة لجامعة الدول العربية .

وأصدر (( حوليات الثقافة العربية )) في ستة مجلّدات وأصدر كتبه التي تردُّ على دعاة الإقليمية والنعرات الطائفية وتدافع عن القومية العربية .. وعاش في القاهرة في غرفة بسيطة في فندق (( لاقينواز )) ومن دخل كتبه الضئيل .

ترك ساطع الحصري الكثيرَ من المؤلفات والدراسات منها

1. 1. دراسات عن مقدمة ابن خلدون في جزأين

2. يوم ميسلون ، 3. صفحات من الماضي القريب ، 4. أصول التدريس ، 5. هوية الثقافة العربية ، 6. محاضرات نشوء الفكرة القومية ، 7. آراء وأحاديث في التربية والتعليم ، 8. آراء وأحاديث في الوطنية والقومية ، 9. آراء وأحاديث في العلم والأخلاق والثقافة ، 10. آراء في القومية العربية ، 11. العروبة أولاً ، 12. أبحاث مختارة في القومية العربية .

وأصدر في استنبول مجلة باسم (( أنوار العلوم )) ومجلة (( التدريسات الابتدائية )) ومجلة التربية .

هذه الكتب والدراسات وغيرها تبرز أهمية أبحاثِهِ وأفكاره التي سأعرضها بشكل موجز ومقتطف .

توفي في 24 / كانون الأول / 1968 وكرَّمته الأمة العربية بعد وفاته (( الاتحاد الاشتراكي العربي )) مصر )) وخصَّصت جامعة الدول العربية أسبوعاً لدراسة فكره تقديراً لدوره القومي والتربوي .

بعض أقواله وآرائه :

يقول (( إنَّ الدعوات الإقليمية الانعزالية تعوق رصّ الدول العربية في جبهة موحَّدة معادية للإمبريالية )) ويقول في مقدِّمة كتابه (( العروبة أوّلاً )) : (( إنّي أعتقد أنَّ أوَّلَ ما يجب عمله لتحقيق الوحدة العربية في الأحوال الحاضرة ، وهو إيقاظ الشعور بالقومية ، وبثّ الإيمان بوحدة هذه الأمة )) .

ويقول أيضاً : (( إنَّنا ثُرْنا على الإنكليز ، ثُرْنا على الفرنسيين ، ثرنا على الذين استولوا على بلادنا ، وحاولوا استعبادنا .. وقاسينا في هذا السبيل ألواناً من العذاب ، وتكبَّدْنا أنواعاً من الخسائر ، وضَحَّيْنا كثيراً من الأرواح .. ولكن عندما تحرَّرْنا من نير هؤلاء أخذنا نستقدس الحدود التي أقاموها في بلادنا بعد أن قطعوا أوصالها … ))

يُلمِحُّ في مقالاته على كشف نوايا الإمبريالية ودورها في التجزئة (( إنَّ الدول العربية القائمة الآن لم تتكوّن ، ولم تتعدَّد بمشيئتها ومشيئة أهلها ، ولا بمقتضيات طبيعتها ، إنّما تكوَّنَتْ وتعدَّدت من جراء الاتفاقات والمعاهدات المعقودة بين الدول التي تقاسمت البلاد العربية وسيطرت عليها …))

ويتعمَّق في طرحِ أفكارِه محلِّلاً ماهية الوحدة العربية : فيقول : (( ويخطئ من يظنُّ بأنَّ قضايا الوحدة العربية يمكنُ أنْ تدرَّس وتعالج بأعمال حسابية ، ولْنعلَمِ العلم اليقين بأنّ (( الاتحاد يولّد قوّة )) ليس عن طريق جمعِ القوى . فحسب . بل عن طريق إيجاد حياة جديدة ، وأوضاع جديدة تولّد قوى جديدة ، تفوق مجموع القوى المتفرِّقة بآلاف الدرجات …)) وحول علاقة الفكر القومي بالدين ، وما تعرَّض له من ردود ونقاشات يبيّن الحصْري وجهة نظره في فصل الدين وعدم اعتباره من مقوِّمات القومية . (( إن التفكير في بعض الأمورِ مستقلاً عن الدين ، لا يعني إنكار الدين ، إنَّما يعني اعتبار تلك الأمور مما لا يدخل في نطاق الأمور الدينية . وذلك لا يحول دون الرجوعِ إلى الدين في سائر الميادين . ولذلك كلِّه . قلت ولا أزال أقول : إنَّ نَعْتَ القومية باللادينية والقوميين باللادينيين . لا يتفق مع حقائق الأمور بوجه من الوجوه … ))

هذه الآراء والأفكار وضعته في مواجهة فكرية مع أنصار الرابطة الإسلامية .. فتصدى لهم عن طريق الحوار فنفى كون الدين عاملاً من عوامل تكوين الأمة العربية ، وأنكر دوره في تشكّل الفكرة القومية العربية . وحذَّر من اعتبار الدين عاملاً أساسياً رغم أنه يراعي تأثير الإسلام على الجماهير العربية العريضة . ويؤكّد الحصري أن الموقف الذي يقفه دعاة الرابطة الإسلامية حيال الوحدة العربية يجعلهم في مواقع العداء لمصالح الأمة العربية . فهم بنفيهم العصبة الجنسية وبتأييدهم للعصبة الدينية يسهمون في تعميق النـزاع بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم من الطوائف فيقول : (( كيف يمكن لأحد أن يأمل بتكوين وحدة من البلاد الإسلامية التي تتكّلم بلغات مختلفة . دون تكوين وحدة من البلاد التي تتكلّم بلغة واحدة ، ولا سيما التي تتكلم بلغة القرآن .. ) )

إنَّ اهتمام الحصْري بالقضايا المصيرية كان يدفعه إلى الحوارات والكتابة والإدلاء بآرائه . وقد تناثرت آراؤه القيمة في كتبه ومساجلاته ومحاضراته وهي ذات قيمة. فاعتبر الجامعة العربية خطوة بالغة الأهمية ،وهي سبيل إلى التلاحم القومي وبعث الوعي القومي الذي اعتبره سبيلاً إلى التلاحم في حال توفر الأسس الموضوعية لها . ويخرج بنا إلى آراء تحتاج إلى وقفة متأنية فيقول : (( إن الجامعة قد ألحقت الضرر بالقومية العربية بدلاً من أن تعمل لخيرها . قوبلت في البداية بحماسة شديدة ، لكن الوقائع خيَّبت آمال الكثيرين ويرى أيضاً : من الخطأ المطابقة بين جامعة الدول العربية وبين المسيرة الوحدوية القومية . ويؤكد على كونها جامعة للدول العربية لا جامعة عربية والأخيرة لا تزال بمثابة المثل الأعلى الذي تصبو إليه النفوس المدركةُ معنى العروبة ))

وللحصْري آراءٌ في التاريخ واللغة والتراث والثقافة وهي آراء في معرض دفاعه ودعوته للوحدة . فلم يشتغل بالقضايا التاريخية كعالم متخصِّص أو محترف فما اهتمامه بهذه القضايا إلا من مناحي البرهان على نظريته في الأمة العربية .. فقد آمن بأولوية توحيد كافة فئات المجتمع العربي وقواه السياسية من أجل بلوغ الأهداف القومية العامة . وأكّد على حياده إزاء الأحزاب السياسية وظلَّ يقترب ويؤيِّدُ ولكنه لا ينتمي وعبَّرَ عن ذلك بقوله : (( واجب المنوّر والمربي في رأيه (( خدمة وجهة السياسة العليا )) وأكَّد على هذه الفكرة في أكثر من مكان منها (( مجلة التربية والتعليم البغدادية )) .

ويقدِّم الحصْري وحدة اللغة على سائر عوامل الرابطة القومية . ويرى أنَّ الثقافة القائمة على اللغة تؤكد تشابه التكوين النفسي ويعتبره أساس الأمة . فيقول لطه حسين : (( اضمنوا لي وحدة الثقافة وأنا أضمن لكم كلَّ ما بقي من ضروب الوحدة )) وفرَّق بين الثقافة التي اعتبرها قومية وبين الحضارة التي اعتبرها أمميَّة . وتكلَّم عمَّا يدعى ويسمى (( العبودية الثقافية )) (( السيطرة الثقافية )) التي تمارسها بلدان الغرب الإمبريالية .ويراها تشكل خطراً على الثقافة القومية والوجود القومي العربي . ويحذِّر من مخلَّفات السيطرة الاستعمارية الغربية التي تروِّج للتيارات والنـزعات الإقليمية .. وبالمقابل يؤكد الحصْري على شعبية الثقافة . ويعتبرها الأساس في تكوين نفوس الشعب ولا يقصد بذلك التقليد بل البعث والنهوض . وهذا ما دعاه إلى رسم سياسة لغوية صحيحة في معركة النضال من أجل الوحدة العربية ، فأبرز أهمية إصلاح اللغة والتعمّق في معرفة الفصحى في مدارس البلدان العربية .

ودافع عن قومية الأدب أمام المنادين بإقليمية الأدب فخاطب أحمد ضيف : (( إنَّ الأدب العربي لم يكن أدباً واحداً . وإنما هو مجموعة آداب ، نشأت في بيئات مختلفة ، (( ويستشهد بالمتنبي الذي ولد في الكوفه ونشأ في البادية وعاش في بغداد وحلب . وسافر إلى القاهرة .، . ومع ذلك حافظ على أصالته وصفته الموحّدة . وإنَّ الأدب حافظ على صفته الموحَّدة والموحِّدة حتى في أسوأ عصور تفكك الدول العربية وتفتُّت شعوبها . …… فيرى الحصري : (( التنوّع والأصالة شيء وإقليمية الأدب شيء آخر . فلا يوجد أدب مصري وأدب عراقي أو شامي أو تونسيٌّ …… وإنما يوجد أدباء مصريون ، عراقيون ، شاميون ، وكلُّهم يسعون لتطوير الأدب وإبراز أصالته .. ))

وفي سبيل تكوين ثقافة عربية معاصرة يجدُ الحصْري التنوير أنجعَ أداة . و لا يقتصر التنوير عنده على التعليم المدرسي والتحصيل الجامعي بل يتعدّاه إلى تأثير المفكرين والإيديولوجيين من حملة الأفكار القومية والوطنية النيّرة . وهذا ما جعله يعتبر وحدة الثقافة مقدِّمة هامة وأساسيّة للوحدة السياسية . وهذا يستدعي إصلاح وتوحيد أنظمة التربية والتعليم في البلدان العربية وقد ساهم واهتمَّ بهذا الدور التنويريِّ الهام . فاعتبرَ المدرسةَ مهمَّتُها إعدادُ الجمهور لتقبُّلِ الأفكار الجديدة وجعل الجيل الجديد عاملاً في إعداد مجتمع راق ، ولذلك دعا إلى الإبداع الخلاق وزرعه في نفوس الناشئة دون إلغاء الأصالة ….

لم يقض الحصْري عمرَه المديد وراء المكاتب وفي برجه بل كان مثالاً للباحث والمجرِّب والدارس الملتزم . يحاضر ويناقش ويطوِّر آراءه ونظراته ،ولم يغلق نوافذ ثقافته وتفكيره على ثقافة دون ثقافة بل أقاد كثيراً من نظريات تكوين الأمم تحديداً النظرية الألمانية والفرنسية فقال الدكتور محمد أحمد خلف الله : (( لقد كان ساطع الحصري يصدر عن العقيدة القومية في كلِّ أعمالِهِ التعليمية . كما دفعه ذلك إلى أن يسلك وسيلة خاصة مع المدارس التي ينشئها غيرُ العرب في العراق . فكان ينشئ إلى جانب كلِّ مدرسة إيرانية مدرسة عربية ))

ويشيد المؤرِّخ المصري محمد عبد الرحمن برج بدور الحصْري فقال عنه في كتابه (( ساطع الحصري )) : (( كان ساطع على رأس الرعيل الأول الذي دعا إلى القومية العربية وإلى تجسيد هذه القومية في وقت كانت فيه شخصيةُ الأمة العربية قد ذابت في شخصيات أخرى . واتجّه أبناؤها اتجاهات شتىّ .. ))

ويقول : (( الباحثون الغربيون ركزوا على الجذور الفلسفية لأفكار الحصْري ، ويعتبرونها نقلاً مباشراً لما كان رائجاً في أوروبا بالقرن التاسع عشر . ويتجاهلون عداءَه للإمبريالية وهي سمة من سمات مؤلفاته .. ))

وبعد هذا أدلي بالسؤال الذي يخطر على البال : لماذا الحديث عن ساطع الحصْري ؟ ولماذا الاقترابُ من كتبه وأفكاره في هذا العصر بالذات ؟؟؟