صفحة 1 من 1

إصلاح الأمم المتحدة(499)

مرسل: الخميس مايو 23, 2013 12:41 am
بواسطة براهيما سانغاري81
إصلاح منظومة الأمم المتحدة
شهد هذا العام وحتى الآن تطورات حافلة وبالغة الأهمية بالنسبة إلى منظمة الأغذية والزراعة. فمؤتمر القمة العالمي للأمم المتحدة عام 2005 شحذ التركيز بقدر أكبر على الإجراءات اللازمة لبلوغ الأهداف المتفق عليها دولياً، لاسيما الهدف الإنمائي الشامل للألفية رقم 1 الذي يعترف صراحة بالعلاقة الكامنة بين الجوع والفقر وبوجوب الحد منهما. وكانت هذه الرسالة في صلب مؤتمري القمة العالميين اللذين عقدتهما منظمة الأغذية والزراعة: فالاعتراف في السياق الأوسع بالأهداف الإنمائية العالمية هذه إنما يدعّم مؤازرة المنظمة لمن يعانون انعدام الأمن الغذائي. لكن وإن كان تحديد الأهداف خطوة حاسمة، غير أنها لم تتحقق بعد ويجدر بمنظمات الأمم المتحدة أن تؤدي دوراً مهما لمساعدة البلدان على بلوغ تلك الأهداف.
وتطلعات الأعضاء في الأمم المتحدة هي أنه لا بد للمنظومة من إصلاح نفسها كي تتمكّن من تلبية هذا التحدي الجديد. وفي قسم مهم من وثيقة حصيلة مؤتمر القمة العالمي عام 2005، تعهّد رؤساء الدول والحكومات بأن يكفلوا "لمنظومة الأمم المتحدة مزيدا من الأهمية والفعالية والكفاءة وإمكانية المساءلة والمصداقية". ويجدر بالمنظمة، باعتبارها إحدى أقدم الوكالات المتخصصة، أن تفكّر جدياً في الوضع الذي تجد نفسها فيه الآن منظومة الأمم المتحدة بأسرها في مواجهة دعوات متكررة إلى الإصلاح للحدّ من تداخل الاختصاصات والازدواجية بينها ولضمان قدر أكبر من الاتساق والفعالية على مستوى المنظومة ككلّ. ذلك أن بعضاً من الدافع إلى التغيير نابع من مفاهيم الشراكة والتنسيق والتوحيد التي تبرز في إعلان باريس عن كفاءة المعونة: الملكية والتوحيد والنتائج والمساءلة المتبادلة، والذي أقرّه منتدى باريس رفيع المستوى في مارس/آذار 2005. ويتوقّع أن تضع منظمات الأمم المتحدة في الحسبان التغيرات التي طرأت على النهج المعتمدة في أبرز مؤسسات التمويل الدولية والجهات المانحة الثنائية، من أجل تشجيع الملكية الوطنية الكاملة للاستراتيجيات والبرامج الإنمائية والمساءلة الوطنية بشأن النتائج التي تحققت.
وقد بدأت عملية إصلاح الأمم المتحدة قبل سنوات من الآن. غير أنّ التركيز كان في مرحلة أولى على تحقيق قدر أكبر من الاتساق بين الأموال والبرامج في الأمم المتحدة، على المستويين المركزي والقطري. لكن من المتوقع أن يتحوّل التركيز في المستقبل إلى الوكالات المتخصصة, ويجدر بالمنظمة في هذا السياق بالذات أن تكون لها استجابة استباقية. وتفيد آخر الدراسات التي أجرتها الجهات المانحة أنّ الوكالات، ومنها المنظمة، تكيّفت ببطء مع التغييرات في البيئة الموسعة للتعاون الإنمائي. وهذه الوكالات التي لكلّ منها اختصاصات قطاعية عالمية شديدة التباين من حيث طبيعتها عن الأموال والبرامج في الأمم المتحدة أو مؤسسات التمويل الدولية أو المنظمات المانحة. وأنيطت بها مسؤوليات مهمة لوضع المعايير وإنتاج منافع عامة عالمية في مجالات اختصاصها؛ أما بالنسبة إلى مساندة الجهود القطرية، فإن ميزتها النسبية الأساسية كما يراها البعض تتبدى في مجالات الترويج والمشورة الفنية والسياسات وبناء القدرات. ويرى البعض الآخر أنها تتمثل في وضع مشروعات رائدة باعتبارها أساسا للتوسع على الصعيد القطري وتنسيق البرامج الإقليمية والدولية.
وتواجه الوكالات بوجه عام نفس التحديات للمحافظة على التوازن المناسب بين عملها العالمي والحاجة إلى توفير خدمات لكل من البلدان الأعضاء. غير أنّها مؤتمنة على المعرفة ومودعة لها كل في مجال اختصاصها وتعتبر استثماراً هاماً من جانب الأعضاء فيها، على مر السنين، لتكوين قاعدة وافرة من المعلومات والتجارب والخبرات الفنية والقدرات التحليلية، الأمر الذي يجعلها في مركز يخوّلها إسداء مشورة مرتكزة إلى القرائن بالنسبة إلى الخيارات المتصلة بالسياسات وبالتقانة, وتيسير بناء القدرات ونقل المعرفة. لذا، لا بد من أن تشارك الوكالات المتخصصة مسبقاً في المرحلة المقبلة من الإصلاح في الأمم المتحدة والتي من المتوقع أن تتوصل إلى سبل للاستفادة من مجموعة المعارف والتجارب المتاحة في المنظومة بغية دعم التنمية في البلدان الأعضاء.