صفحة 1 من 1

معوقات التنمية السياسية في الوطن العربي

مرسل: الاثنين يونيو 17, 2013 12:35 am
بواسطة رياض الغامدي
تناقش الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها لهذا العام 2005م، التي تعقد في شهر أيلول الحالي التقرير الذي أعدته لجان مختصة حول التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ويركز تقرير هذا العام بشكل خاص على التنمية السياسية في دول العالم الثالث، وتحديداً في منطقتنا، وبينما يشير إلى العوامل الخارجية بشكل مقتضب إلا أنه يسهب في وصف المعوقات الداخلية وشرحها التي تحول دون تحقيق التنمية السياسية، ويتجاهل هذا التقرير المحاولات العربية لخلق تنمية سياسية بينما الحقيقة هي أن غالبية الدول العربية قد شهدت حراكاً سياسياً من خلال حوارات في الشارع وقرارات تتخذها الحكومات لمواجهة تحد من بعدين، الأول حالة الجمود والعزلة التي تعيشها المجتمعات العربية، والثاني عواصف التغيير التي تهب من الخارج والتي تريد اقتحام المنطقة والمساهمة في تغييرها تحت شعار إدخال تعديلات وتبديلات منظومة القيم في بلداننا عبر الاستجابة لمنطق التحديث الذي يقوم على ترسيخ الديمقراطية وتحقيق المشاركة وإعلاء قيم العدل والمساواة واحترام حقوق الإنسان.

وكما هو معروف فإن المحاولات لم تتوقف لإحداث تنمية سياسية في العديد من أقطار الوطن العربي من خلال مجالس الشورى وإجراء انتخابات وتشجيع الديمقراطية.

والصدمة التي خلفتها كارثة 11 ايلول من العام 2001م فرضت إيقاعاً جديداً يستدعي العمل بجد وسرعة للبدء في عملية تحول لإحداث تغيير جدي يحقق التواصل والتفاعل مع الغرب الذي يرفع شعارات نشر الديمقراطية في العالم.

ولقد تابع الإنسان العربي عبر وسائل الإعلام مؤتمرات لأحزاب وقوى وحوارات واسعة بين كل مؤسسات المجتمع المدني ودعوات رسمية وشعبية للمضي في طريق التغيير من خلال تلمس الأسباب التي تفضي إلى تنمية سياسية لكن هذه المحاولات ظلت تصطدم بخصائص للأفراد والمجتمعات عبر تراكمات خلقت ثوابت جامدة، ومنها أننا عشنا عقوداً طويلة من الزمن كانت الأولية فيها للشأن القومي عند الأكثرية التي رأت أن تحقيق الوحدة العربية الذي هو أمل الجميع وهو ما يجب أن يتم التفرغ لإنجازه، كما أن تحرير فلسطين كان المثل الأعلى عند كل العرب والمسلمين وأي عمل سياسي يجب أن يعطي الأولية لرص الصفوف في سبيل التحرير فكانت قضية فلسطين هي القاسم المشترك لأي خطاب سياسي رسمي أو شعبي، ولكل الدول والأحزاب والنقابات والتنظيمات.

ولم يقتصر الأمر على حلم الوحدة العربية وتحرير فلسطين فقد تأثرنا في الوطن العربي كذلك بطروحات اليسار العالمي ودعوات ماركس ولينين لإقامة الأممية، ولم يفارق الإنسان العربي كذلك الاعتقاد بأن دولة الخلافة المثالية في فجرها الأول أيام أبوبكر وعمر ستتحقق يوماً، وكان ذلك عاملاً مهماً في تمدد الإسلام السياسي.

وقد تنبه الكثيرون من العلماء والفقهاء في بدايات هذا القرن إلى أن العرب لم يلتفتوا للتنمية السياسية مما يدفع اليوم إلى التنبه لضرورة التجسير بين قيم الإسلام العظيمة القائمة على التسامح والاعتدال والمساواة والعدالة وبين المعطيات الإيجابية في الحضارة الغربية ومنظومة القيم التي تدعو للديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية والكرامة الإنسانية، وهو ما يفرض الاهتمام بالعلوم السياسية وإدخالها في حياتنا وإذا كان هذا الأمر قد فاتنا في الماضي فإنه يجب ألا يفوتنا اليوم.

والحقيقة أن تشخيص الواقع والاعتراف بمدى تأثيرات العقيدة الدينية والفكر القومي واليساري وكذلك تأثيرات احتلال فلسطين قبل 55 عاماً وتفاعلات الأحداث وما تحمله من أخطار وشكوك من خلال الحروب والمخططات والتهديدات المتواصلة لبلدان المنطقة التي انفجرت بشكل عدائي بعد احداث 11 أيلول من العام 2001م وترتب عليها احتلال افغانستان والعراق.. إلخ. كل ذلك يشكل عوائق كبرى في طريق التنمية السياسية.

ولا يمكن إنكار حالة الجمود في المجتمعات العربية حيث يتكرس تأطير المجتمع عبر الانتماء العشائري والقبلي والعائلي والروابط والجمعيات على أسس جهوية أو بلدية التي يميل المواطن العربي للانضواء فيها مما يضعف مؤسسات المجتمع المدني الحديث الأخرى وفي مقدمتها الأحزاب السياسية التي لا تلقى قبولاً رغم تشجيع الحكومات أحياناً لهذه الأحزاب التي يفترض أن تكون الركيزة الأساس للتنمية السياسية