- الثلاثاء يوليو 02, 2013 4:15 pm
#63599
في اعتصام لقوى المعارضة أمام وزارة الدفاع، كان الهتاف الأهم هو «يا سيسي يا سيسي .. أنا عايزك تبقى رئيسي». والسيسي هو وزير الدفاع في الحكومة الحالية وقائد الجيش.
لا شيء يلخص معركة 30 يونيو المقبلة أكثر من هذا الشعار البسيط، فما سيجري ليس مظاهرات سلمية تطالب الرئيس المنتخب الذي أكمل للتو عامه الأول بانتخابات رئاسية مبكرة، بل فوضى تعم البلاد وعنف بلا حدود يدفع الجيش إلى إقصاء الرئيس وتسلم السلطة، على أمل أن يقوم بعد ذلك بإجراء انتخابات جديدة من أجل إعادة الحكم إلى سلطة مدنية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ويتجاهله أولئك الذين يعميهم الحقد والحسد والحساسيات الحزبية والأيديولوجية، فضلا عن الفلول ووكلاء الخارج (عربيا على وجه التحديد)؛ السؤال الذي يتجاهله كل أولئك هو: ما الذي سيدفع الجيش إلى إعادة السلطة إلى المدنيين في ظل سأم الناس من هذه اللعبة؟ ولماذا لا تبادر الدول التي تتبنى نهج الانقلاب في مصر كرها في ربيع العرب وسعيا لوقف تمدده نحوها، لماذا لا تبادر إلى دعم السلطة الجديدة ومن ثم دفعها إلى ترتيب انتخابات شكلية على غرار ما كان يحدث أيام مبارك، بحيث تبقى هي الآمر الناهي إلى ما شاء الله؟!
ثمة سؤال آخر في المقابل -ولندع مقولة فشل مرسي العبثية لأن ساحرا لن يصلح أوضاع مصر في عام واحد- وهو: لماذا لا يصبر أولئك على مرسي وهو يدعوهم إلى انتخاب برلمان جديد يفرز حكومة تعبر عن الشعب، فيما سيخوض هو نفسه انتخابات رئاسية بعد 3 سنوات سيكون بوسع الناس إن رأوه فاشلا أن يقصوه من خلالها؟!
إنه العمى السياسي لا غير. وإذا قيل: لماذا لا يقبل مرسي بانتخابات مبكرة؟ فإن الجواب هو أن فوزه من جديد لن يدفع بالضرورة هؤلاء إلى الكف عن اجتراح العنف والفوضى من أجل إقصائه من جديد، فضلا عن أن مسيرة البلد لا يمكن أن تبقى رهنا بإرادة قلة عدتها في المعركة وسائل إعلام أكثرها مشبوه التمويل.
طوال الشهور الماضية عجزت قوى المعارضة عن إخراج مسيرة كبيرة واحدة، ولذلك لم تجد غير حكاية تمرد المتمثلة في جمع توقيعات من الناس لا يدري أحد كيف تمت (الشاعر الشعبي أحمد فؤاد نجم قال أمام الكاميرا إنه وقع الاستمارة 16 مرة!)، وهي حكاية بائسة لو اعتبرت وسيلة لإقصاء الرؤساء المنتخبين لما أكمل رئيس دورته أبدا.
أما الشق الثاني من اللعبة فيتمثل في عجم المعارضة لعيدانها في يوم واحد لن يكون من الصعب حشد مئات الآلاف فيه ما دام الأقباط قد أجمعوا بسبب موقف الكنيسة على المشاركة في ذلك اليوم، مع أنه حتى مليون شخص لا يمكن أن يكونوا حكاما على البقية، لاسيما أنهم في القاهرة التي تزدحم فيها المعارضة، بينما يبدو المشهد في المناطق الأخرى مختلفا.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل جوهر الثورة هو المغالبة بالحشود؟ وماذا إذا تمكن الإسلاميون وداعمو الرئيس من حشد أعداد أكبر، وقد فعلوا الجمعة الماضية على نحو لن تدانيه على الأرجح حشود 30 يونيو؟
أليس جوهر الثورة هو الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، فما هو مبرر أولئك القوم في رفض الاحتكام إليها، ومن ثم القبول بنتائجها، مع أنهم لو قبلوا بانتخابات لمجلس الشعب، وحصلوا على أغلبية، فسيكون من المنطقي أن يطالبوا بعد ذلك بانتخابات مبكرة للرئيس، على اعتبار أن استفتاء مجلس الشعب يعد استفتاء عليه بهذا الشكل أو ذاك؟
أما رفض الاحتكام للصندوق من أجل انتخاب ممثلي الشعب، والاكتفاء بانتخابات مبكرة للرئيس فلا يمكن أن يكون مقبولا، مع ثقتنا بأن ذلك لو حصل فسيفوز مرسي، لكن أحدا لا يقبل بمنطق الإملاء والإذلال الذي تمارسه المعارضة، والمصيبة هنا أن من يخشى من التزوير في الحالة الراهنة هو معسكر الرئيس وليس المعسكر الآخر الذي ينحاز إليه معظم القضاء والأمن، مع موقف غامض من قبل مؤسسة الجيش.
ما يجري في مصر يجسد مشهدا عبثيا لا يمكن أن يكون بريئا بحال من الأحوال، حتى لو وجد بين الصفوف أناس لهم مطالبهم المشروعة، فهنا ثمة فلول للنظام السابق مدعومون من الخارج، وثمة إعلام فاسد ودولة عميقة لا زالت تفعل فعلها، وبين هؤلاء وهؤلاء أناس تعميهم الحزبية عن دعم جوهر الثورة الذي يدعمه الرئيس عبر إصراره على انتخاب مجلس شعب يعبر عن الناس ويشكل الحكومة.
لا ندري كيف سينجلي مشهد 30 يونيو، لا سيما أن بيان الجيش الجديد يبدو غامضا يحتمل الانحياز لهذا الطرف وذاك في الآن نفسه، وهو أقرب إلى مطالبة الرئيس بالتراجع، بدل مطالبة الآخرين بالتزام السلمية، ما يجعل الخوف مشروعا إلى حد كبير، ومن سيُسأل عن العنف والفوضى والدماء المترتبة عليه هم أركان المعارضة الذين وضعوا أنفسهم في خدمة الفلول وأعداء الثورة في الداخل والخارج.
إنها معركة على مصر ونهوضها ودورها، مصر التي يعتبر تماسكها ونهوضها وقيادتها للأمة خطا أحمر بالنسبة للقوى الإمبريالية وأذنابها، أيا كان الحاكم فيها، فقد استهدف محمد علي العلماني، وعبد الناصر القومي، واليوم مرسي الإسلامي، لكن المستهدف في الحقيقة هي مصر الكبيرة والقائدة وليس شيئا آخر.
أ/ ياسر الزعاترة
لا شيء يلخص معركة 30 يونيو المقبلة أكثر من هذا الشعار البسيط، فما سيجري ليس مظاهرات سلمية تطالب الرئيس المنتخب الذي أكمل للتو عامه الأول بانتخابات رئاسية مبكرة، بل فوضى تعم البلاد وعنف بلا حدود يدفع الجيش إلى إقصاء الرئيس وتسلم السلطة، على أمل أن يقوم بعد ذلك بإجراء انتخابات جديدة من أجل إعادة الحكم إلى سلطة مدنية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، ويتجاهله أولئك الذين يعميهم الحقد والحسد والحساسيات الحزبية والأيديولوجية، فضلا عن الفلول ووكلاء الخارج (عربيا على وجه التحديد)؛ السؤال الذي يتجاهله كل أولئك هو: ما الذي سيدفع الجيش إلى إعادة السلطة إلى المدنيين في ظل سأم الناس من هذه اللعبة؟ ولماذا لا تبادر الدول التي تتبنى نهج الانقلاب في مصر كرها في ربيع العرب وسعيا لوقف تمدده نحوها، لماذا لا تبادر إلى دعم السلطة الجديدة ومن ثم دفعها إلى ترتيب انتخابات شكلية على غرار ما كان يحدث أيام مبارك، بحيث تبقى هي الآمر الناهي إلى ما شاء الله؟!
ثمة سؤال آخر في المقابل -ولندع مقولة فشل مرسي العبثية لأن ساحرا لن يصلح أوضاع مصر في عام واحد- وهو: لماذا لا يصبر أولئك على مرسي وهو يدعوهم إلى انتخاب برلمان جديد يفرز حكومة تعبر عن الشعب، فيما سيخوض هو نفسه انتخابات رئاسية بعد 3 سنوات سيكون بوسع الناس إن رأوه فاشلا أن يقصوه من خلالها؟!
إنه العمى السياسي لا غير. وإذا قيل: لماذا لا يقبل مرسي بانتخابات مبكرة؟ فإن الجواب هو أن فوزه من جديد لن يدفع بالضرورة هؤلاء إلى الكف عن اجتراح العنف والفوضى من أجل إقصائه من جديد، فضلا عن أن مسيرة البلد لا يمكن أن تبقى رهنا بإرادة قلة عدتها في المعركة وسائل إعلام أكثرها مشبوه التمويل.
طوال الشهور الماضية عجزت قوى المعارضة عن إخراج مسيرة كبيرة واحدة، ولذلك لم تجد غير حكاية تمرد المتمثلة في جمع توقيعات من الناس لا يدري أحد كيف تمت (الشاعر الشعبي أحمد فؤاد نجم قال أمام الكاميرا إنه وقع الاستمارة 16 مرة!)، وهي حكاية بائسة لو اعتبرت وسيلة لإقصاء الرؤساء المنتخبين لما أكمل رئيس دورته أبدا.
أما الشق الثاني من اللعبة فيتمثل في عجم المعارضة لعيدانها في يوم واحد لن يكون من الصعب حشد مئات الآلاف فيه ما دام الأقباط قد أجمعوا بسبب موقف الكنيسة على المشاركة في ذلك اليوم، مع أنه حتى مليون شخص لا يمكن أن يكونوا حكاما على البقية، لاسيما أنهم في القاهرة التي تزدحم فيها المعارضة، بينما يبدو المشهد في المناطق الأخرى مختلفا.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل جوهر الثورة هو المغالبة بالحشود؟ وماذا إذا تمكن الإسلاميون وداعمو الرئيس من حشد أعداد أكبر، وقد فعلوا الجمعة الماضية على نحو لن تدانيه على الأرجح حشود 30 يونيو؟
أليس جوهر الثورة هو الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، فما هو مبرر أولئك القوم في رفض الاحتكام إليها، ومن ثم القبول بنتائجها، مع أنهم لو قبلوا بانتخابات لمجلس الشعب، وحصلوا على أغلبية، فسيكون من المنطقي أن يطالبوا بعد ذلك بانتخابات مبكرة للرئيس، على اعتبار أن استفتاء مجلس الشعب يعد استفتاء عليه بهذا الشكل أو ذاك؟
أما رفض الاحتكام للصندوق من أجل انتخاب ممثلي الشعب، والاكتفاء بانتخابات مبكرة للرئيس فلا يمكن أن يكون مقبولا، مع ثقتنا بأن ذلك لو حصل فسيفوز مرسي، لكن أحدا لا يقبل بمنطق الإملاء والإذلال الذي تمارسه المعارضة، والمصيبة هنا أن من يخشى من التزوير في الحالة الراهنة هو معسكر الرئيس وليس المعسكر الآخر الذي ينحاز إليه معظم القضاء والأمن، مع موقف غامض من قبل مؤسسة الجيش.
ما يجري في مصر يجسد مشهدا عبثيا لا يمكن أن يكون بريئا بحال من الأحوال، حتى لو وجد بين الصفوف أناس لهم مطالبهم المشروعة، فهنا ثمة فلول للنظام السابق مدعومون من الخارج، وثمة إعلام فاسد ودولة عميقة لا زالت تفعل فعلها، وبين هؤلاء وهؤلاء أناس تعميهم الحزبية عن دعم جوهر الثورة الذي يدعمه الرئيس عبر إصراره على انتخاب مجلس شعب يعبر عن الناس ويشكل الحكومة.
لا ندري كيف سينجلي مشهد 30 يونيو، لا سيما أن بيان الجيش الجديد يبدو غامضا يحتمل الانحياز لهذا الطرف وذاك في الآن نفسه، وهو أقرب إلى مطالبة الرئيس بالتراجع، بدل مطالبة الآخرين بالتزام السلمية، ما يجعل الخوف مشروعا إلى حد كبير، ومن سيُسأل عن العنف والفوضى والدماء المترتبة عليه هم أركان المعارضة الذين وضعوا أنفسهم في خدمة الفلول وأعداء الثورة في الداخل والخارج.
إنها معركة على مصر ونهوضها ودورها، مصر التي يعتبر تماسكها ونهوضها وقيادتها للأمة خطا أحمر بالنسبة للقوى الإمبريالية وأذنابها، أيا كان الحاكم فيها، فقد استهدف محمد علي العلماني، وعبد الناصر القومي، واليوم مرسي الإسلامي، لكن المستهدف في الحقيقة هي مصر الكبيرة والقائدة وليس شيئا آخر.
أ/ ياسر الزعاترة