الكونفوشية
مرسل: الخميس يوليو 04, 2013 2:37 am
الكونفوشية: هي مجموعة من المعتقدات والمبادئ في الفلسفة الصينية، طُورت عن طريق تعاليم كونفيشيوس (孔夫子) وأتباعه، تتمحور في مجملها حول الأخلاق والآداب، طريقة إدارة الحكم والعلاقات الاجتماعية. أثرت الكونفشيوسية في منهج حياة الصينيين، حددت لهم أنماط الحياة وسُلم القِيم الاجتماعية، كما وفرت المبادئ الأساسية التي قامت عليها النظريات والمؤسسات السياسية في الصين. انطلاقا من الصين، انتشرت هذه المدرسة إلى كوريا، ثم إلى اليابان وفيتنام، أصبحت ركيزة ثابتة في ثقافة شعوب شرق آسيا. عندما تم ادخالها إلى المجتمعات الغربية، جلبت الكونفشيوسية انتباه العديد من الفلاسفة الغربيين.
مقدمة
رغم أن الكونفشيوسية أصبحت المذهب الرسمي للدولة الصينية، لم تشق هذه طريقها حتى تصبح ديانة بالمعنى المعروف، كان يعوزها وجود هياكل أساسية، وطبقة من الكهنوتية (رجال الدين). حظيَّ كونفيشيوس (孔夫子) بمكانة رفيعة لدى رجال أهل العلم في الصين، كانوا يطلقون عليه ألقاب الـ"معلِم" والـ"حكيم"، إلا أن تبجيلهم إياه لم يرقى أبدا إلى درجة التأليه (من الألوهية). يبدو أن بعض المؤرخين في الغرب أساء فهم هذا التصور، نظرا لملازمة مفهوم عبادة الأسلاف للديانة الصينية. لم يكن كونفيشيوس (孔夫子) نفسه يدعي أنه إله. عكس الديانات الأخرى، لم تكن المعابد التي شُيدت على شرف كونفيشيوس أماكن لتجميع طوائفَ من الأتباع المنتمين، ولكن مبانٍ عمومية مخصصة لمراسيم سنوية وبالأخص يوم عيد ميلاد كونفيشيوس. بسبب الطبيعية الأساسية الدُنيوية (لادينية) لهذه الفلسفة، فشلت كل المحاولات التي كانت تهدف لأن تجعل من الكونفيشيوسية عقيدة دينية.
الكتابات وتدوين التعاليم
دُونت مبادئ المدرسة الكونفشيوسية في تسع من الكتابات الصينية القديمية والتي تم توارثها عن كونفشيوس وأتباعه، تمت كتابتها أثناء فترة حكم سلالة "تشو" (周朝)، عرفت تلك الفترة نشاطا مكثفا للمدارس الفلسفية. يمكن تقسيم هذه الكتابت إلى قسمين رئيسين:
الكتابات الخمس التقليدية (وو-جينغ)؛
الكتابات الأربع (سيشو).
تم تَنَاقل تعاليم كونفشيوس بالطريقة الشفوية، لاحقا تم تدوين هذه التعاليم في مؤلَف الـ"لون-يو". يبدو المُعلِم (كونفشيوس) كما لو أنه يريد أن يُظهر نفسه بمظهر الأخلاقيّ (الذي يكتب في الأخلاقيات) المحافظ، في وقت عرفت فيه البلاد اضطرابات كبرى ميزها حالة الانفلات السياسية، والتحولات الاجتماعية التي تلت انحلال مملكة "تشو" إلى ممالك اقطاعية متحاربة. حملت حالة الهيجان التي عرفتها البلاد كونفشيوس ومفكريين آخرين، على تَدبُر الطريقة المثلى لاسترجاع وحدة المملكة، أصبحوا ورغما عنهم فلاسفة ومبدعين (من باب أنهم أوجدو أو سَنُوا أفكارا جديدة) في آن واحد.
نادى كونفوشبوس بمبدأ سيادة الشعب. فهو يقول أم الأمة هي صاحبة السيادة ومصدر السلطة. وعلى الرغم من اعتناقه للمذهب التيوقراطي واعترافه بالحق الالهي للأباطرة. لم يرتب على هذه الفكرو نتائجها الطبيعية اذ حارب السلطان المطلق للأباطرة. وعدّ سلطة الملك غير مشروعه مالم تقترن برضى الشعب حتى انه حبذ الثورة على الحاكم الذي يستبد بالسلطة او يسيء استخدامها.
و تميزت فلسفته باتجاهات اشتراكيه واضحه. وجعل من أهداف الحكومه التي يسميها "الهيئة العادله المستقيمه" العنايه بالإنتاج القومي حتى توفر للشعب الحاجات الضروريه. كما دعى إلى اقامة عداله اجتماعية واعانة المرضى والعاجزين عن العمل.
كما دعا إلى اتحاد شعوب العالم جميعا في "جمهورية عالمية واحده"
مفهوم الـ"لي"
يرى كونفشيوس أن النظامين السياسي والاجتماعي يشكلان وحدة متكاملة. الفضائل والمناقب الشخصية للحكام ورجال البلاط (الأرسطقراطيين) وحدهما كفيلان بأن يضمنا عافية الدولة. يتم استتباب النظام عن طريق نشر شعائر الـ"لي" (禮) والموسيقى، كانت الموسيقى الصينية المعاصرة للفترة من أهم العناصر في الشعائر والممارسات الدينية. أقرَ "كونفشيوس" بتفوق الموسيقى، عند استعمالها بوظيفتها الروحانية وسلطانها على أفئدة الناس. كان كونفشيوس يستحب القصائد الصينية القديمة، والتي كانت تنظم عادة في صيغة موسيقية، كان يشيد بقيمتها الحضارية. كان يرى أن الدولة التي تمتلك موسيقى وشعائر خاصة بها، يتم اختيارهم من بين الأعراف والتقاليد الموجودة، يمكن أن تنتج مواطنين سعداء ويتمتعون بقدر كاف من الفضيلة، يجعل الدولة في غنى عن تشريع القوانين حتى تضمن حسن انضباطهم. سيعم البلاد الأمان وتصبح القوانين بلا فائدة. جاب كونفشيوس بلاد الصين بحثا عن الحاكم المثالي الذي يريد (ويستطيع) تبني هذه التعاليم، ولكن عبثا كان يحاول.
مفهوم الـ"رن"
تتمحور الفكرة العامة للأخلاقيات الكونفشيوسية في مفهوم الـ"رِن" (仁)، والتي يمكن ترجمتها بـ"إنسانية" أو"طِيبَةُ القَلْب". "رن" هي الفضيلة السامية والتي تمثل أفضل ما في النفس البشرية. في عصر كونفشيوس كان مفهوم الـ"رن" مقرونا برجال الطبقة الحاكمة، مع الزمن تحول مدلوله وأصبح يعني طبقة "النبلاء"، على أن هذا المفهوم أصبح أشمل فيما بعد. في العلاقات الإنسانية على غرار تلك التي تجمع بين شخصين، يتجلى الـ"رن" (仁) عبر عدد من المفاهيم الأخرى:
الـ"تشونغ" (忠)، أو الإخلاص تجاه الذات وتجاه الآخرين،
الـ"شياو" (孝)، أو "الإيثار" (إيثار الغير على النفس)، والذي يعبر عنه كونفشيوس في قاعدته الذهبية :"لا تفعل بالآخرين مالاتحب أن يفعله الآخرون بك".
الـ"جونتسه" (君子)، يمكن ترجمتها بالرجل الشريف (بفضائله وليس بنسبه)، ويطلق على الشخص الذي تجتمع فيه عدة فضائل، على غرار الاستقامة، اللباقة، التأدب، النزاهة بالإضافة إلى التقوى والورع.
سياسيا كان كونفشيوس يدعو إلى حكومة أَبَوية (تسلطية) يقودها حاكم يحظى بالاحترام ومطاع بين رعيته. يجب على الحاكم أن ينمي أخلاقه لتبلغ الكمال، حتى يكون مثالا يحتذي به شعبه. في الميدان التربوي كانت لـ"كونفشيوس" آراء تقدمية، كان يدعو إلى تعميم التعليم بين كل أبناء الشعب بغض النظر عن انتماءاتهم الطبقية
مقدمة
رغم أن الكونفشيوسية أصبحت المذهب الرسمي للدولة الصينية، لم تشق هذه طريقها حتى تصبح ديانة بالمعنى المعروف، كان يعوزها وجود هياكل أساسية، وطبقة من الكهنوتية (رجال الدين). حظيَّ كونفيشيوس (孔夫子) بمكانة رفيعة لدى رجال أهل العلم في الصين، كانوا يطلقون عليه ألقاب الـ"معلِم" والـ"حكيم"، إلا أن تبجيلهم إياه لم يرقى أبدا إلى درجة التأليه (من الألوهية). يبدو أن بعض المؤرخين في الغرب أساء فهم هذا التصور، نظرا لملازمة مفهوم عبادة الأسلاف للديانة الصينية. لم يكن كونفيشيوس (孔夫子) نفسه يدعي أنه إله. عكس الديانات الأخرى، لم تكن المعابد التي شُيدت على شرف كونفيشيوس أماكن لتجميع طوائفَ من الأتباع المنتمين، ولكن مبانٍ عمومية مخصصة لمراسيم سنوية وبالأخص يوم عيد ميلاد كونفيشيوس. بسبب الطبيعية الأساسية الدُنيوية (لادينية) لهذه الفلسفة، فشلت كل المحاولات التي كانت تهدف لأن تجعل من الكونفيشيوسية عقيدة دينية.
الكتابات وتدوين التعاليم
دُونت مبادئ المدرسة الكونفشيوسية في تسع من الكتابات الصينية القديمية والتي تم توارثها عن كونفشيوس وأتباعه، تمت كتابتها أثناء فترة حكم سلالة "تشو" (周朝)، عرفت تلك الفترة نشاطا مكثفا للمدارس الفلسفية. يمكن تقسيم هذه الكتابت إلى قسمين رئيسين:
الكتابات الخمس التقليدية (وو-جينغ)؛
الكتابات الأربع (سيشو).
تم تَنَاقل تعاليم كونفشيوس بالطريقة الشفوية، لاحقا تم تدوين هذه التعاليم في مؤلَف الـ"لون-يو". يبدو المُعلِم (كونفشيوس) كما لو أنه يريد أن يُظهر نفسه بمظهر الأخلاقيّ (الذي يكتب في الأخلاقيات) المحافظ، في وقت عرفت فيه البلاد اضطرابات كبرى ميزها حالة الانفلات السياسية، والتحولات الاجتماعية التي تلت انحلال مملكة "تشو" إلى ممالك اقطاعية متحاربة. حملت حالة الهيجان التي عرفتها البلاد كونفشيوس ومفكريين آخرين، على تَدبُر الطريقة المثلى لاسترجاع وحدة المملكة، أصبحوا ورغما عنهم فلاسفة ومبدعين (من باب أنهم أوجدو أو سَنُوا أفكارا جديدة) في آن واحد.
نادى كونفوشبوس بمبدأ سيادة الشعب. فهو يقول أم الأمة هي صاحبة السيادة ومصدر السلطة. وعلى الرغم من اعتناقه للمذهب التيوقراطي واعترافه بالحق الالهي للأباطرة. لم يرتب على هذه الفكرو نتائجها الطبيعية اذ حارب السلطان المطلق للأباطرة. وعدّ سلطة الملك غير مشروعه مالم تقترن برضى الشعب حتى انه حبذ الثورة على الحاكم الذي يستبد بالسلطة او يسيء استخدامها.
و تميزت فلسفته باتجاهات اشتراكيه واضحه. وجعل من أهداف الحكومه التي يسميها "الهيئة العادله المستقيمه" العنايه بالإنتاج القومي حتى توفر للشعب الحاجات الضروريه. كما دعى إلى اقامة عداله اجتماعية واعانة المرضى والعاجزين عن العمل.
كما دعا إلى اتحاد شعوب العالم جميعا في "جمهورية عالمية واحده"
مفهوم الـ"لي"
يرى كونفشيوس أن النظامين السياسي والاجتماعي يشكلان وحدة متكاملة. الفضائل والمناقب الشخصية للحكام ورجال البلاط (الأرسطقراطيين) وحدهما كفيلان بأن يضمنا عافية الدولة. يتم استتباب النظام عن طريق نشر شعائر الـ"لي" (禮) والموسيقى، كانت الموسيقى الصينية المعاصرة للفترة من أهم العناصر في الشعائر والممارسات الدينية. أقرَ "كونفشيوس" بتفوق الموسيقى، عند استعمالها بوظيفتها الروحانية وسلطانها على أفئدة الناس. كان كونفشيوس يستحب القصائد الصينية القديمة، والتي كانت تنظم عادة في صيغة موسيقية، كان يشيد بقيمتها الحضارية. كان يرى أن الدولة التي تمتلك موسيقى وشعائر خاصة بها، يتم اختيارهم من بين الأعراف والتقاليد الموجودة، يمكن أن تنتج مواطنين سعداء ويتمتعون بقدر كاف من الفضيلة، يجعل الدولة في غنى عن تشريع القوانين حتى تضمن حسن انضباطهم. سيعم البلاد الأمان وتصبح القوانين بلا فائدة. جاب كونفشيوس بلاد الصين بحثا عن الحاكم المثالي الذي يريد (ويستطيع) تبني هذه التعاليم، ولكن عبثا كان يحاول.
مفهوم الـ"رن"
تتمحور الفكرة العامة للأخلاقيات الكونفشيوسية في مفهوم الـ"رِن" (仁)، والتي يمكن ترجمتها بـ"إنسانية" أو"طِيبَةُ القَلْب". "رن" هي الفضيلة السامية والتي تمثل أفضل ما في النفس البشرية. في عصر كونفشيوس كان مفهوم الـ"رن" مقرونا برجال الطبقة الحاكمة، مع الزمن تحول مدلوله وأصبح يعني طبقة "النبلاء"، على أن هذا المفهوم أصبح أشمل فيما بعد. في العلاقات الإنسانية على غرار تلك التي تجمع بين شخصين، يتجلى الـ"رن" (仁) عبر عدد من المفاهيم الأخرى:
الـ"تشونغ" (忠)، أو الإخلاص تجاه الذات وتجاه الآخرين،
الـ"شياو" (孝)، أو "الإيثار" (إيثار الغير على النفس)، والذي يعبر عنه كونفشيوس في قاعدته الذهبية :"لا تفعل بالآخرين مالاتحب أن يفعله الآخرون بك".
الـ"جونتسه" (君子)، يمكن ترجمتها بالرجل الشريف (بفضائله وليس بنسبه)، ويطلق على الشخص الذي تجتمع فيه عدة فضائل، على غرار الاستقامة، اللباقة، التأدب، النزاهة بالإضافة إلى التقوى والورع.
سياسيا كان كونفشيوس يدعو إلى حكومة أَبَوية (تسلطية) يقودها حاكم يحظى بالاحترام ومطاع بين رعيته. يجب على الحاكم أن ينمي أخلاقه لتبلغ الكمال، حتى يكون مثالا يحتذي به شعبه. في الميدان التربوي كانت لـ"كونفشيوس" آراء تقدمية، كان يدعو إلى تعميم التعليم بين كل أبناء الشعب بغض النظر عن انتماءاتهم الطبقية