توزيع الدخل في العالم العربي
مرسل: الخميس يوليو 04, 2013 3:03 pm
عبد الله العلمي
قرأت بتمعن واهتمام الدراسة التي أصدرها ''مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام'' عن موضوع يهم كل مواطن عربي وهو دخل الفرد الذي يعكس مدى رفاهية الإنسان في حياته اليومية. سأركز في هذا المقال على الجوانب التي تعرضت لها الدراسة والتي تتعلق بدخل المواطن السعودي مقارنة بأقرانه في العالم العربي.
أهداف الدراسة هي رصد تطور متوسط نصيب الفرد من الدخل في الوطن العربي، وتوضيح حجم التفاوت في توزيع الدخل بين الدول العربية، وإبراز دور العامل المكاني في تباين توزيع الدخل في الدول العربية، وتحديد أهم العوامل المؤثرة في توزيع الدخل في الدول العربية، ورسم خريطة لرصد أوليات التخطيط والتصدي وتحديد الدول الأولى بالرعاية، وبالتالي رصد أهم البدائل المقترحة في إطار محاولة تحسين مستوى الدخل، وتقليل حجم التفاوت به.
بداية تؤكد الدراسة أن متوسط دخل الفرد هو أقرب مقياس للدلالة على مستوى معيشته ورفاهيته، كذلك يعد مؤشر نجاح خطط التنمية بأي مجتمع أو فشله، وأن التحدي الأكبر يكمن في عدالة توزيع هذا الدخل بين أفراد المجتمع. لا شك أن التحدي الرئيس يكمن في تفاقم حدة التفاوتات بين الدول، وحتى داخل كل دولة من منطقة لأخرى، وكذلك بين الأفراد داخل المنطقة الواحدة.
على مستوى العالم العربي، تؤكد الدراسة أن متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي شهد تطوراً إيجابياً في الفترة من 2002 إلى 2011، حيث ارتفع من 2312 دولارا أمريكيا في عام 2002 إلى 8554 عام 2011. إلا أن الدراسة تقترح أنه بالرغم من هذا التطور الإيجابي، إلا أن هذا المتوسط يعد متواضعا إذا قورن بالعالم كالولايات المتحدة، التي يبلغ متوسط دخل الفرد فيها 46350 دولارا، واليابان 34129 دولارا. أتفق تماماً مع معدي الدراسة أن عدة عوامل ''في الوطن العربي أدت إلى حدوث تدهور في مستوى الدخل وتباين فيما بين الدول، وحرمان شرائح عديدة من نيل حقوق متساوية في الدخل ومن هذه العوامل عدم العدالة الاجتماعية وعدم كفاية التنمية البشرية''.
على سبيل المثال كاشيرات مكة اللاتي خيرن بين الفصل دون تعويض أو العمل دون راتب؛ هذا بلا شك انتهاك لقوانين منظمة العمل الدولية ومبادئ العدالة الاجتماعية ويتنافى مع مبادئ التنمية البشرية.
علينا أن نعترف بأن دخل المواطن السعودي لم يتغير منذ الثمانينيات ولا بد من إيجاد حلول فعالة لتنمية دخول الأفراد. استمرار الدولة في دعم السلع الأساسية وبالأخص الغذائية جيد ولكنه لا يكفي، لا بد أن يشارك القطاع الخاص في عجلة التنمية بتوظيف المواطنين رجالاً ونساء في مختلف مجالات العمل والمهن التي يحتلها ملايين الوافدين من الدول العربية وغيرها.
تقدم الدراسة تحليلاً اقتصادياً وافياً عن تباين مستوى الدخل ما بين أعلى وأقل مستوى للدخل في العالم العربي. الدول التي حقق مواطنوها أعلى دخل هي تراتبياً قطر 107721 دولارا أمريكيا، الإمارات 59993، الكويت 47926، البحرين 28169، السعودية 23274، وعمان 22841. أما أقل مستوى سُجِّل فهي لمواطني دولة جزر القمر 1079 دولارا أمريكيا، وموريتانيا 1859، والسودان 1894، واليمن 2213.
من الجيد والإيجابي أن تحتل المملكة المرتبة الأولى عالميا في احتياطي البترول وإنتاجه وتصديره، وتحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث احتياطي الغاز وأن نكون أكبر منتج للبتروكيماويات في العالم العربي، وأن تُصَنَف المملكة كواحدة من أكبر 20 اقتصادا في العالم، والمركز 12 عالميا بين الدول التي تتمتع بسهولة أداء الأعمال، والمركز التاسع عالميا من حيث الاستقرار الاقتصادي، ولكن الأهم هو حل مشكلتي التضخم والبطالة. لعلي أذكر أن من ضمن أسباب تراجع السعودية في قائمة مستويات الدخل هو التضخم وغلاء المعيشة واللذين يشكلان اليوم أكبر تهديد لدخل المواطن السعودي. لا بد أن نطرح ونفعل الحلول العملية لارتفاع فاتورة المواد الغذائية ومواد البناء. كذلك ما زالت آثار انتكاسة سوق المال تؤثر في العديد من المواطنين الذين فقدوا مدخراتهم في التعاملات المالية. بالنسبة لأسعار المواد الغذائية فلا يمكن التحكم فيها مهما تنوعت وكثرت الجهات الرقابية لأن المملكة دولة مستوردة وتتأثر بما يحصل في الأسواق العالمية. كذلك لن يستقر معدل التضخم إلا عندما تدخل مشاريع الإسكان في السوق ونبدأ في حل مشكلة السكن في جميع مناطق المملكة. المأمول طبعاً أن إقرار أنظمة الرهن والتمويل العقاري أخيرا سيساعد على إنهاء أزمة السكن.
ثم تؤكد الدراسة أن ''البطالة هي أحد المعوقات التي تؤثر في مستوى الدخل؛ ما يجب معه العمل على الحد من هذه الظاهرة السلبية التي تعانيها جميع الدول العربية بدرجات متفاوتة، خاصة في دول جيبوتي، وموريتانيا، وفلسطين، والسودان، وليبيا، واليمن. ''كنت آمل أن تتضمن الدراسة تحليلاً اقتصادياً وافياً لأسباب البطالة لهذه الدول مع الأخذ في الاعتبار أن السعودية قد نالها أيضاً نصيب لا بأس به من البطالة في الآونة الأخيرة باعتراف تقارير وزارة العمل. الخطة التنموية التاسعة الحالية رصدت 731 مليار ريال لتنمية الموارد البشرية ويشمل ذلك التعليم العام والتعليم العالي والتدريب الفني والمهني والعلوم والتقنية والابتكارات. ما زلنا نأمل أن نتمكن بهذه الامكانات الضخمة لتوفير قوة عاملة ذات محتوى معرفي عالٍ وكفاءة إنتاجية ومهنية مرموقة.
كذلك أكدت الدراسة أن مكافحة الفقر تعد إحدى الآليات التي تساعد على العدالة في توزيع الدخل والارتقاء بمستواه، وفي سبيل الوصول إلى العدالة في توزيع هذه الدخول، على الرغم من اختلافاتها؛ ينبغي العمل على تنمية الموارد البشرية، ودعم السلع الغذائية الأساسية وتوفير الأمن الغذائي، ودعم الفقراء، ودعم صناديق التنمية الاجتماعية والسياسات السكانية، وتحقيق الحكم الرشيد.
قرأت بتمعن واهتمام الدراسة التي أصدرها ''مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام'' عن موضوع يهم كل مواطن عربي وهو دخل الفرد الذي يعكس مدى رفاهية الإنسان في حياته اليومية. سأركز في هذا المقال على الجوانب التي تعرضت لها الدراسة والتي تتعلق بدخل المواطن السعودي مقارنة بأقرانه في العالم العربي.
أهداف الدراسة هي رصد تطور متوسط نصيب الفرد من الدخل في الوطن العربي، وتوضيح حجم التفاوت في توزيع الدخل بين الدول العربية، وإبراز دور العامل المكاني في تباين توزيع الدخل في الدول العربية، وتحديد أهم العوامل المؤثرة في توزيع الدخل في الدول العربية، ورسم خريطة لرصد أوليات التخطيط والتصدي وتحديد الدول الأولى بالرعاية، وبالتالي رصد أهم البدائل المقترحة في إطار محاولة تحسين مستوى الدخل، وتقليل حجم التفاوت به.
بداية تؤكد الدراسة أن متوسط دخل الفرد هو أقرب مقياس للدلالة على مستوى معيشته ورفاهيته، كذلك يعد مؤشر نجاح خطط التنمية بأي مجتمع أو فشله، وأن التحدي الأكبر يكمن في عدالة توزيع هذا الدخل بين أفراد المجتمع. لا شك أن التحدي الرئيس يكمن في تفاقم حدة التفاوتات بين الدول، وحتى داخل كل دولة من منطقة لأخرى، وكذلك بين الأفراد داخل المنطقة الواحدة.
على مستوى العالم العربي، تؤكد الدراسة أن متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي شهد تطوراً إيجابياً في الفترة من 2002 إلى 2011، حيث ارتفع من 2312 دولارا أمريكيا في عام 2002 إلى 8554 عام 2011. إلا أن الدراسة تقترح أنه بالرغم من هذا التطور الإيجابي، إلا أن هذا المتوسط يعد متواضعا إذا قورن بالعالم كالولايات المتحدة، التي يبلغ متوسط دخل الفرد فيها 46350 دولارا، واليابان 34129 دولارا. أتفق تماماً مع معدي الدراسة أن عدة عوامل ''في الوطن العربي أدت إلى حدوث تدهور في مستوى الدخل وتباين فيما بين الدول، وحرمان شرائح عديدة من نيل حقوق متساوية في الدخل ومن هذه العوامل عدم العدالة الاجتماعية وعدم كفاية التنمية البشرية''.
على سبيل المثال كاشيرات مكة اللاتي خيرن بين الفصل دون تعويض أو العمل دون راتب؛ هذا بلا شك انتهاك لقوانين منظمة العمل الدولية ومبادئ العدالة الاجتماعية ويتنافى مع مبادئ التنمية البشرية.
علينا أن نعترف بأن دخل المواطن السعودي لم يتغير منذ الثمانينيات ولا بد من إيجاد حلول فعالة لتنمية دخول الأفراد. استمرار الدولة في دعم السلع الأساسية وبالأخص الغذائية جيد ولكنه لا يكفي، لا بد أن يشارك القطاع الخاص في عجلة التنمية بتوظيف المواطنين رجالاً ونساء في مختلف مجالات العمل والمهن التي يحتلها ملايين الوافدين من الدول العربية وغيرها.
تقدم الدراسة تحليلاً اقتصادياً وافياً عن تباين مستوى الدخل ما بين أعلى وأقل مستوى للدخل في العالم العربي. الدول التي حقق مواطنوها أعلى دخل هي تراتبياً قطر 107721 دولارا أمريكيا، الإمارات 59993، الكويت 47926، البحرين 28169، السعودية 23274، وعمان 22841. أما أقل مستوى سُجِّل فهي لمواطني دولة جزر القمر 1079 دولارا أمريكيا، وموريتانيا 1859، والسودان 1894، واليمن 2213.
من الجيد والإيجابي أن تحتل المملكة المرتبة الأولى عالميا في احتياطي البترول وإنتاجه وتصديره، وتحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث احتياطي الغاز وأن نكون أكبر منتج للبتروكيماويات في العالم العربي، وأن تُصَنَف المملكة كواحدة من أكبر 20 اقتصادا في العالم، والمركز 12 عالميا بين الدول التي تتمتع بسهولة أداء الأعمال، والمركز التاسع عالميا من حيث الاستقرار الاقتصادي، ولكن الأهم هو حل مشكلتي التضخم والبطالة. لعلي أذكر أن من ضمن أسباب تراجع السعودية في قائمة مستويات الدخل هو التضخم وغلاء المعيشة واللذين يشكلان اليوم أكبر تهديد لدخل المواطن السعودي. لا بد أن نطرح ونفعل الحلول العملية لارتفاع فاتورة المواد الغذائية ومواد البناء. كذلك ما زالت آثار انتكاسة سوق المال تؤثر في العديد من المواطنين الذين فقدوا مدخراتهم في التعاملات المالية. بالنسبة لأسعار المواد الغذائية فلا يمكن التحكم فيها مهما تنوعت وكثرت الجهات الرقابية لأن المملكة دولة مستوردة وتتأثر بما يحصل في الأسواق العالمية. كذلك لن يستقر معدل التضخم إلا عندما تدخل مشاريع الإسكان في السوق ونبدأ في حل مشكلة السكن في جميع مناطق المملكة. المأمول طبعاً أن إقرار أنظمة الرهن والتمويل العقاري أخيرا سيساعد على إنهاء أزمة السكن.
ثم تؤكد الدراسة أن ''البطالة هي أحد المعوقات التي تؤثر في مستوى الدخل؛ ما يجب معه العمل على الحد من هذه الظاهرة السلبية التي تعانيها جميع الدول العربية بدرجات متفاوتة، خاصة في دول جيبوتي، وموريتانيا، وفلسطين، والسودان، وليبيا، واليمن. ''كنت آمل أن تتضمن الدراسة تحليلاً اقتصادياً وافياً لأسباب البطالة لهذه الدول مع الأخذ في الاعتبار أن السعودية قد نالها أيضاً نصيب لا بأس به من البطالة في الآونة الأخيرة باعتراف تقارير وزارة العمل. الخطة التنموية التاسعة الحالية رصدت 731 مليار ريال لتنمية الموارد البشرية ويشمل ذلك التعليم العام والتعليم العالي والتدريب الفني والمهني والعلوم والتقنية والابتكارات. ما زلنا نأمل أن نتمكن بهذه الامكانات الضخمة لتوفير قوة عاملة ذات محتوى معرفي عالٍ وكفاءة إنتاجية ومهنية مرموقة.
كذلك أكدت الدراسة أن مكافحة الفقر تعد إحدى الآليات التي تساعد على العدالة في توزيع الدخل والارتقاء بمستواه، وفي سبيل الوصول إلى العدالة في توزيع هذه الدخول، على الرغم من اختلافاتها؛ ينبغي العمل على تنمية الموارد البشرية، ودعم السلع الغذائية الأساسية وتوفير الأمن الغذائي، ودعم الفقراء، ودعم صناديق التنمية الاجتماعية والسياسات السكانية، وتحقيق الحكم الرشيد.