انقلاب على رئيس منتخب وسط زفة!!
مرسل: السبت يوليو 06, 2013 3:33 pm
دقق جيدا في المحتفلين بالانقلاب العسكري في مصر الحبيبة، لن ترى غير أنظمة عربية تكره ربيع العرب، وتريد أن تدفنه في مهده، ولن ترى غير الكيان الصهيوني الذي يريد أنظمة تحميه، ولن ترى غير ثلة من السياسيين الفاسدين الذين يعرفون حجمهم في الشارع، ولن ترى غير طائفيين يكرهون الإسلام ولو بشرهم بالسمن والعسل.
دعك من حكاية الفشل والأخطاء، فهي مجرد ذرائع لا أكثر ولا أقل، فنوايا الانقلاب على الشرعية الشعبية كانت بادية منذ اليوم الأول، وهي التي أنتجت حملة إعلامية شرسة وشيطنة لم يعرف لها التاريخ مثيلا ضد رئيس منتخب، وهي التي جعلت مؤسسات الدولة جميعا تعمل ضده على نحو لا يمكن أن يدفعه إلى الأمام بأية حال.
لقد حصل توافق بين الجميع على أن مرسي مرحلة عابرة، فرفض الجميع التعاون معه، وعندما يقول صباحي لجريدة عربية إن الرئيس عرض عليه موقع النائب فرفض، فذلك مجرد دليل من أدلة كثيرة، وحين يصطف الإعلام كاملا ضد الرئيس فما ذلك إلا لمعرفته بأنه مرحلة عابرة، وبالطبع بعد أن تأكدوا أن الأمن والجيش والقضاء ضده، ومن يكون هؤلاء جميعا ضده لا يمكن أن ينجح بحال.
حين يتحرك رئيس وسط هذه الدائرة من الاستهداف، فمن الطبيعي أن يرتبك ويرتكب الكثير من الأخطاء التي لا بد من الاعتراف بها رغم ذلك، لكنها أخطاء لا صلة لها البتة بنوايا الدكتاتورية كما يزعم موتورون هنا وهناك، فمن يدعو الناس إلى الصناديق لا يمكن أن يكون دكتاتورا في ظل إعلام يشيطنه، وقضاء يعمل ضده، ومؤسسة أمنية وعسكرية تتواطأ ضده أيضا.
أيا يكن الموقف من الرجل وما فعله، فقد كان جادا كل الجدية في نقل البلد من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، لكن المتربصين لم يتركوا له مجالا أبدا، وأوقعوه في مسلسل من الأخطاء التي رتبوها على نحو ذكي وشيطاني. إنها معركة كان ميزان القوى فيها مختلا بالكامل ضد الرئيس، ومن تقف كل مؤسسات الدولة ضده لا يمكن أن ينجح بحال من الأحوال مهما بلغت حكمته، وفي ظني أن الخطأ الأكبر في مسيرة الرئيس هي الاعتقاد أن المؤسسة العسكرية كانت معه أو كانت محايدة، فيما هي غير ذلك، ولو كانت معه للجمت عملية الشيطنة التي كان يتعرض لها، والتي لم تكن ذات صلة بالحرية، بل بإرادة الإفشال، ولدفعت المؤسسة الأمنية للوقوف إلى جانبه ومساعدته، بدل مطاردته بشكل يومي.
لقد قلنا مرارا إن الجيش ليس مع الرئيس، لكنه والإخوان اعتمدوا على الهمس والتسريب، وليس على التحليل العميق للمشهد، فوقعوا في الأخطاء التي وقعوا فيها، وحين قدموا التنازل الأكبر ليلة الأحداث وقبلوا بحكومة ائتلافية وتعديل الدستور وإقالة النائب العام، كان قرار الانقلاب قد اتخذ، فكان أن قرر الخروج كريما، مصرا على البقاء في مصر، رافضا عروض مغادرتها، مع أنه كان بوسعه أن يقبل بانتخابات مبكرة ويربحها.
إن السؤال الذي يصفع كل المطبلين للانقلاب بوصفه استجابة للإرادة الشعبية هو: ما الذي تغير خلال أسابيع سبقت 30 يونيو، والتاريخ المذكور. فقبل أسابيع كانت المعارضة تعجز عن إخراج 10 آلاف إلى الشارع للاحتجاج ضد الرئيس، فكيف حدث أن أخرجت كل تلك الجموع؟ الإجابة واضحة. لقد اكتملت المؤامرة، وتم الاتفاق على ساعة الصفر بالاتفاق بين الفلول والأقباط والدولة العميقة، مع المعارضة التي تمنح الشرعية لذلك، ولو استثنينا الفلول والأقباط (هواجسهم طائفية) من الحشود لم تبق غير القلة، وتلك المجاملة المفرطة للأقباط عشية نجاح الانقلاب هي أكبر دليل، ومع ذلك فقد كانت حشود اليومين التاليين ليوم 30 يونيو (حشود المؤيدين) أكبر، لكن أحدا لم يلتفت إليها، ووصل الحال ببعض الفضائيات أن تبث مشاهد حشود التأييد على أنها حشود معارضة!!
لقد نجح المخطط الذي كان معدا منذ إعلان فوز مرسي بالرئاسة، والذي شمل قبل ذلك إلغاء مجلس الشعب بسبب الغالبية الإسلامية فيه، في قرار سياسي ألبس ثوب القضاء، وما بعد ذلك هي مجرد تفاصيل، بما في ذلك الحديث عن الأخطاء التي لا ينكرها أحد.
أما خريطة طريق الانقلاب الناعمة التي أعلن عنها، فهي مجرد ذر للرماد في العيون، فالانقلاب لم يكن ضد الإخوان (المعارضة فيه مجرد كومبارس)، بل ضد ثورة الشعب المصري، وضد الربيع العربي، وما سينتج عن الانقلاب لن يعدو أن يكون ديمقراطية ديكورا مبرمجة, كتلك التي كانت موجودة أيام المخلوع، لكن الشعب المصري سينتصر ويفرض إرادته من جديد ولو بعد حين.
أما الإخوان فسيخرجون من محنتهم (رغم ترجيح حل الجماعة بقرار قضائي)، كما خرجوا من قبل، وسيلتحمون مع شعبهم وما تبقى من قواه النظيفة في مسيرة بحث جديدة عن حرية وتعددية حقيقية لا يُعرف كم ستستغرق من الوقت. نقول ذلك لأن القوى المتجذرة فكريا واجتماعيا لا يمكن استئصالها بقرارات أمنية أو سياسية.
أ/ ياسر الزعاترة
دعك من حكاية الفشل والأخطاء، فهي مجرد ذرائع لا أكثر ولا أقل، فنوايا الانقلاب على الشرعية الشعبية كانت بادية منذ اليوم الأول، وهي التي أنتجت حملة إعلامية شرسة وشيطنة لم يعرف لها التاريخ مثيلا ضد رئيس منتخب، وهي التي جعلت مؤسسات الدولة جميعا تعمل ضده على نحو لا يمكن أن يدفعه إلى الأمام بأية حال.
لقد حصل توافق بين الجميع على أن مرسي مرحلة عابرة، فرفض الجميع التعاون معه، وعندما يقول صباحي لجريدة عربية إن الرئيس عرض عليه موقع النائب فرفض، فذلك مجرد دليل من أدلة كثيرة، وحين يصطف الإعلام كاملا ضد الرئيس فما ذلك إلا لمعرفته بأنه مرحلة عابرة، وبالطبع بعد أن تأكدوا أن الأمن والجيش والقضاء ضده، ومن يكون هؤلاء جميعا ضده لا يمكن أن ينجح بحال.
حين يتحرك رئيس وسط هذه الدائرة من الاستهداف، فمن الطبيعي أن يرتبك ويرتكب الكثير من الأخطاء التي لا بد من الاعتراف بها رغم ذلك، لكنها أخطاء لا صلة لها البتة بنوايا الدكتاتورية كما يزعم موتورون هنا وهناك، فمن يدعو الناس إلى الصناديق لا يمكن أن يكون دكتاتورا في ظل إعلام يشيطنه، وقضاء يعمل ضده، ومؤسسة أمنية وعسكرية تتواطأ ضده أيضا.
أيا يكن الموقف من الرجل وما فعله، فقد كان جادا كل الجدية في نقل البلد من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية، لكن المتربصين لم يتركوا له مجالا أبدا، وأوقعوه في مسلسل من الأخطاء التي رتبوها على نحو ذكي وشيطاني. إنها معركة كان ميزان القوى فيها مختلا بالكامل ضد الرئيس، ومن تقف كل مؤسسات الدولة ضده لا يمكن أن ينجح بحال من الأحوال مهما بلغت حكمته، وفي ظني أن الخطأ الأكبر في مسيرة الرئيس هي الاعتقاد أن المؤسسة العسكرية كانت معه أو كانت محايدة، فيما هي غير ذلك، ولو كانت معه للجمت عملية الشيطنة التي كان يتعرض لها، والتي لم تكن ذات صلة بالحرية، بل بإرادة الإفشال، ولدفعت المؤسسة الأمنية للوقوف إلى جانبه ومساعدته، بدل مطاردته بشكل يومي.
لقد قلنا مرارا إن الجيش ليس مع الرئيس، لكنه والإخوان اعتمدوا على الهمس والتسريب، وليس على التحليل العميق للمشهد، فوقعوا في الأخطاء التي وقعوا فيها، وحين قدموا التنازل الأكبر ليلة الأحداث وقبلوا بحكومة ائتلافية وتعديل الدستور وإقالة النائب العام، كان قرار الانقلاب قد اتخذ، فكان أن قرر الخروج كريما، مصرا على البقاء في مصر، رافضا عروض مغادرتها، مع أنه كان بوسعه أن يقبل بانتخابات مبكرة ويربحها.
إن السؤال الذي يصفع كل المطبلين للانقلاب بوصفه استجابة للإرادة الشعبية هو: ما الذي تغير خلال أسابيع سبقت 30 يونيو، والتاريخ المذكور. فقبل أسابيع كانت المعارضة تعجز عن إخراج 10 آلاف إلى الشارع للاحتجاج ضد الرئيس، فكيف حدث أن أخرجت كل تلك الجموع؟ الإجابة واضحة. لقد اكتملت المؤامرة، وتم الاتفاق على ساعة الصفر بالاتفاق بين الفلول والأقباط والدولة العميقة، مع المعارضة التي تمنح الشرعية لذلك، ولو استثنينا الفلول والأقباط (هواجسهم طائفية) من الحشود لم تبق غير القلة، وتلك المجاملة المفرطة للأقباط عشية نجاح الانقلاب هي أكبر دليل، ومع ذلك فقد كانت حشود اليومين التاليين ليوم 30 يونيو (حشود المؤيدين) أكبر، لكن أحدا لم يلتفت إليها، ووصل الحال ببعض الفضائيات أن تبث مشاهد حشود التأييد على أنها حشود معارضة!!
لقد نجح المخطط الذي كان معدا منذ إعلان فوز مرسي بالرئاسة، والذي شمل قبل ذلك إلغاء مجلس الشعب بسبب الغالبية الإسلامية فيه، في قرار سياسي ألبس ثوب القضاء، وما بعد ذلك هي مجرد تفاصيل، بما في ذلك الحديث عن الأخطاء التي لا ينكرها أحد.
أما خريطة طريق الانقلاب الناعمة التي أعلن عنها، فهي مجرد ذر للرماد في العيون، فالانقلاب لم يكن ضد الإخوان (المعارضة فيه مجرد كومبارس)، بل ضد ثورة الشعب المصري، وضد الربيع العربي، وما سينتج عن الانقلاب لن يعدو أن يكون ديمقراطية ديكورا مبرمجة, كتلك التي كانت موجودة أيام المخلوع، لكن الشعب المصري سينتصر ويفرض إرادته من جديد ولو بعد حين.
أما الإخوان فسيخرجون من محنتهم (رغم ترجيح حل الجماعة بقرار قضائي)، كما خرجوا من قبل، وسيلتحمون مع شعبهم وما تبقى من قواه النظيفة في مسيرة بحث جديدة عن حرية وتعددية حقيقية لا يُعرف كم ستستغرق من الوقت. نقول ذلك لأن القوى المتجذرة فكريا واجتماعيا لا يمكن استئصالها بقرارات أمنية أو سياسية.
أ/ ياسر الزعاترة